الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على كل حال من نفى عدم رواية مالك لهذا الحديث فبناءً على أنه لا يوجد في الروايات المشهورة، لا سيما رواية يحيى بن يحيى التي اعتمدها الأئمة، وعليها جميع الشروح، ومن أثبته قال: إنه ما دام ثبت في رواية محمد من طريق مالك يكفي أن يقال: أورده الإمام مالك في الموطأ.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لشيخنا والحاضرين والسامعين برحمتك يا أرحم الراحمين.
قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في نفقة المطلقة
حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة، وهو غائب بالشام، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال:((ليس لك عليه نفقة)) وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك، ثم قال:((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند عبد الله بن أم مكتوم، فإنه رجل أعمى تضعين ثيابك عنده، فإذا حللت فآذنيني)) قالت: فلما حللت ذكرت له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه، وأما معاوية فصعلوك لا مال له، انكحي أسامة بن زيد)) قالت: فكرهته، ثم قال:((انكحي أسامة بن زيد)) فنكحته
…
فنَكَحَتْه.
فنكَحته فجعل الله في ذلك خيراً، واغتبطت به.
وحدثني عن مالك أنه سمع ابن شهاب يقول: المبتوتة لا تخرج من بيتها حتى تحل، وليست لها نفقة إلا أن تكون حاملاً، فينفق عليها حتى تضع حملها.
قال مالك رحمه الله: وهذا الأمر عندنا.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: ما جاء في نفقة المطلقة
أما بالنسبة للمطلقة الرجعية فهي زوجة، لها النفقة والسكنى كسائر الزوجات، أما بالنسبة للمبتوتة البائن فهذه ليس لها نفقة ولا سكنى.
يقول: "حدثني يحيى عن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها ألبتة" يعني آخر الثلاث تطليقات "طلقها ألبتة وهو غائب بالشام، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته" نفقة، شعير والشعير دون، ليس مثل البر "فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال: ((ليس لك عليه نفقة)) " البائن ليست بزوجة، خلاص انقطعت العلائق، وبرئت عهدته منها، فلا نفقة لها عليه " ((ليس لك عليه نفقة)) وأمرها أن تعتد في بيت أم شريك" دل أيضاً على أنه ليس عليه سكنى.
"اعتدي في بيت أم شريك" أم شريك هذه امرأة صالحة يزورها الصحابة، يزورونها، وكانت كثيرة -على ما يقال- البذل تتصدق وتنفق، وفيها خير وصلاح، يزورها المحتاج، ويزورها تزار في الله من غير خلوة، ومع أمن الفتنة؛ لأنها كبيرة في السن وبدون خلوة، وهذا لا إشكال فيه، وليس في هذا أدنى مستمسك من أن المرأة التي ليس عندها محرم تزار من قبل الواحد من الرجال، أو ما أشبه ذلك، ولا يفرقون بين وقت فتنة ولا غيره، ولا في وقت يكثر فيه مرضى القلوب وفي وقت يقل فيه ذلك، فلا شك أن هذه الظروف لها أثرها في الحكم، يعني إذا أمنت الفتنة وامتنعت الخلوة، والمرأة أيضاً امرأة صالحة، وكبيرة في السن، وكل هذا يجعل أن هذا الأمر يعني أمره ميسور وسهل، وأما إذا كانت امرأة شابة، لو افترضنا أن هذه المرأة شابة، وكان يزورها الناس، والفتنة موجودة، ولا مبرر لزيارتها، ليس امرأة مشهورة بصلاح بحيث يطلب منها دعاء، وما أشبه ذلك، أو تزار في الله، مع أن هذا الباب يجب حسمه، لا سيما في الوقت الذي يطمع فيه مرضى القلوب في مثل هذا، وعلى كل حال الخلوة ممنوعة مطلقاً، سواءً كانت كبيرة السن لا تشتهى أو شابة تشتهى، فالخلوة ما خلا رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما، أما إذا انتفت الخلوة فينظر أيضاً في الظروف والقرائن الأخرى، هل تتعلق بها رغبات الرجال؟ هل يمكن أن يطمع فيها من في قلبه مرض؟ هذا يحسم الباب، ولذا نهي عن الخضوع بالقول، ولو كان من وراء حجاب {فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ} [(32) سورة الأحزاب].
((تلك امرأة يغشاها أصحابي، اعتدي عند عبد الله بن أم مكتوم)) عبد الله بن أم مكتوم ((فإنه رجل أعمى)) في بيته وعنده أهله، فلا تتصور خلوة بهذا الرجل الأعمى ((تضعين ثيابك عنده)) يعني لا تحتجبينه مثل حجابك عند المبصرين، وليس معنى هذا أنها تخلع ثيابها بالكلية، لا، وقد جاء النهي عن أن تخلع ثيابها في غير بيتها، إلا أنها إذا سكنت في بيت ولو لم يكن لها صار في حكم بيتها، لاستحالة أن تستمر طول المدة في ثوب واحد.
((تضعين ثيابك عنده، فإذا حللت فآذنيني)) يدل على أن المرأة لا تحتجب عن الأعمى، وهذا الحديث في الصحيحين.
وأما حديث لما جاء ابن أم مكتوم وعنده من عنده؟ عائشة ومن؟ وحفصة، فلم يحتجبا منه، فقال لهما النبي عليه الصلاة والسلام في ذلك، فقالتا: إنه رجل أعمى، فقال:((أفعمياوان أنتما؟ )) هذا مضعف عند جمع من أهل العلم بهذا الحديث، مضعف لمخالفته ما هو أصح منه، ويمكن حمله على وجه يصح أنه أن النهي عن النظر إليه، وتحديد النظر إلى شخصه، وأما كونها تنظر إليه من غير اتفاق، ومن غير تحديد، يعني نظر عابر أو نظر إلى مجموعة من الناس من غير تحديد في أشخاصهم فإن هذا لا شيء فيه؛ لأن المرأة تصلي في المسجد، وترى الرجال من بعيد، لكن يحرم عليها أن تحدد بشخص واحد {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ} [(31) سورة النور] ويستوي في هذا النظر إلى الرجل إلى شخصه الحقيقي أو إلى صورته، لا يجوز للمرأة أن تحدد النظر إلى، أو تكرر النظر إلى رجل سواءً كان بشخصه حقيقة أو بصورته، كما أن الرجل كذلك لا يجوز له النظر إلى النساء.
((فإذا حللت فآذنيني)) يعني إذا انتهت العدة فأخبريني "فلما حللت ذكرت" ذلك له ذكرت "له أن معاوية بن أبي سفيان وأبا جهم بن هشام خطباني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أما أبو جهم فلا يضع عصاه عن عاتقه)) " يعني أنه كثير الأسفار، المسافر يأخذ معه عصا في الغالب، كثير الأسفار يضر بك، أو أنه يضرب النساء، جاء في بعض الروايات: أنه ضراب للنساء " ((وأما معاوية فصعلوك لا مال له)) " وهذا ليس بقادح شرعي، لكن في مثل حاله وظرفه وهو صعلوك وعنده زوجة أخرى، فالتعدد لمثله إذا كان لا يستطيع النفقة على زوجتين لا شك أنه من مصلحته ألا يشار به؛ لأن هذا أمر يرهقه " ((انكحي أسامة بن زيد)) قالت: فكرهته" مولى ابن مولى "ثم قال: ((انكحي أسامة بن زيد)) فنكحتْه" أو فنكحتُه، قبلت "فجعل الله في ذلك خيراً، واغتبطت به" يعني أنها قرت به عينها، ووجدت ما يسعدها عنده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .