المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما لا يجوز في القراض - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٢١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما لا يجوز في القراض

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ -‌

‌ كتاب البيوع (18)

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين:

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما لا يجوز في القراض

قال مالك رحمه الله: إذا كان لرجل على رجل دين فسأله أن يقره عنده قراضاً إن ذلك يكره حتى يقبض ماله ثم يقارضه بعد أو يمسك، وإنما ذلك مخافة أن يكون أعسر بماله، فهو يريد أن يؤخر ذلك على أن يزيده فيه.

قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فهلك بعضه قبل أن يعمل فيه، ثم عمل فيه فربح، فأراد أن يجعل رأس المال بقية المال بعد الذي هلك منه قبل أن يعمل فيه، قال مالك: لا يقبل قوله، ويجبر رأس المال من ربحه، ثم يقتسمان ما بقي بعد رأس المال على شرطهما من القراض.

قال مالك: لا يصلح القراض إلا بالعين من الذهب أو الورق، ولا يكون في شيءٍ من العروض والسلع ومن البيوع ما يجوز إذا تفاوت أمره، وتفاحش رده، فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبداً، ولا يجوز منه قليل ولا كثير، ولا يجوز فيه ما يجوز في غيره؛ لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه:{وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [(279) سورة البقرة].

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: ما لا يجوز في القراض

يعني في المضاربة

ص: 1

"قال مالك: إذا كان لرجل على رجل دين فسأله أن يقره عنده قراضاً إن ذلك يكره حتى يقبض ماله" يعني لزيد على عمرو دين مائة ألف ريال، فحل هذا الدين، أو قبل حلوله قال صاحب المال للمدين: اجعله قراضاً، اجعله مضاربة، والعامة يسمونه بضاعة، بضعه وأبضعه إذا دفع له مالاً يتجر فيه على أن يكون الربح بينهما، هذه موجودة عند العامة، لكن لا يسمونها مضاربة ولا قراض، المقصود أنه إذا كان في ذمته دين وأراد الدائن أن يجعله قراضاً، قال مالك رحمه الله:"إن ذلك يكره حتى يقبض ماله، ثم يقارضه بعد أو يمسك" لماذا؟ بين ذلك الإمام رحمه الله: "وإنما ذلك مخافة أن يكون أعسر بالمال" يكون المدين ما عنده مال، ويرضى بهذا على أن يدفع أكثر منه، يكون كأنه أقرضه إياه، ثم يدفع أكثر منه بربحه فيما بعد، يعني فيما إذا حصله واتجر فيه وربح يكون هذا القرض جر له نفعاً، يقول:"وإنما ذلك مخافة أن يكون أعسر بماله فهو يريد أن يؤخر ذلك على أن يزيده فيه" فيكون من باب القرض الذي جر نفعاً "إن ذلك يكره حتى يقبض ماله" والكراهة مرت مراراً في كلام الإمام مالك يراد بها التحريم "ثم يقارضه بعدُ" مبني على الضم لحذف المضاف إليه مع نيته؛ لأن بعد وقبل والجهات الست إما أن تضاف فتعرب، أو تقطع عن الإضافة، فإن نوي المضاف إليه بنيت على الضم، وإن لم ينو المضاف إليه أعربت مع التنوين {لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ} [(4) سورة الروم] يعني قبل ذلك وبعده "ثم يقارضه بعد" يعني بعد ذلك "أو يمسك" أي يمسك ماله له، يعني الدائن.

"قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فهلك بعضه قبل أن يعمل فيه" فهلك البعض بيد العامل "قبل أن يعمل فيه، ثم عمل فيه فربح" أعطاه مائة ألف مضاربة، ذهب منه عشرون ألفاً قبل العمل من العامل هذا لا يخلو من حالين، إن كان مفرطاً ضمن، إن كان مفرطاً يضمن، وإن لم يفرط فهو أمين لا ضمان عليه.

يقول الإمام "في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فهلك بعضه قبل أن يعمل فيه، ثم عمل فيه فربح" الآن أعطاه مائة ألف هلك عشرون ألفاً وبقيت ثمانون، اشتغل بالثمانين بعد سنة صارت مائة وعشرين كم للعامل؟ وكم لصاحب المال؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

ص: 2

طالب:. . . . . . . . .

هذا على التفصيل السابق، إن كان فرط فليس له إلا عشرة؛ لأنه يضمن المائة كاملة، وإن لم يفرط فرأس المال الثمانون، فيكون الربح عشرين عشرين، لا بد من هذا التفصيل، وإن كان فرّط فرأس المال مضمون المائة، وليس له من الربح إلا النصف العشرة "فربح فيه، فأراد أن يجعل رأس المال بقية المال" الثمانين، العامل قال: رأس المال الثمانين "بعد الذي هلك منه قبل أن يعمل فيه، قال مالك: لا يقبل قوله، ويجبر رأس المال من الربح" يعني الثمانين تجبر مائة من الربح من الأربعين "ثم يقتسمان ما بقي، وهي العشرون بعد رأس المال على شرطهما من القراض" هذا إذا اشترطا أن يكون لصاحب المال النصف، وللعامل النصف لكل واحد عشرة، إذا اشترطوا الثلث والثلثين كل بنسبته الربع وثلاثة الأرباع على ما اتفقا عليه.

ص: 3

قال مالك: "لا يصلح القراض إلا في العين من الذهب أو الورق، ولا يكون في شيءٍ من العروض والسلع ومن البيوع، ويجوز إذا تفاوت أمره" إيش؟ المقصود أنه يقول: لا يصلح القراض إلا في العين من الذهب أو الورق، ما يصلح إلا في النقود، في الأموال، في الأثمان، أما العروض لا تصلح، لو أعطاه مائة ثوب وقال: الربح بيننا، إيش يصير هذا؟ أجرة، لكن لا بد أن تكون الأجرة محددة، إذا قال: إذا بعته فلك نصف الربح هذا جُعل، أما إذا قال له .. ، آجره على أن يكون له النصف، فالأجرة لا بد أن تكون محددة، فإن حددت وإلا فليس له إلا أجرة المثل؛ لأن الجعل عقد جائز، والأجرة عقد لازم، لا بد أن تكون كالبيع معلومة المقدار، ولا يكون في شيء من العروض والسلع ومن البيوع ما يجوز إذا تفاوت أمره، وتفاحش رده، فأما الربا، يعني يجوز من البيوع إذا تفاوت أمره، يعني يغتفر فيه بعض الصور من الغرر ونحوه، ويجوز فيه ما يصطلحان عليه ويرضيان به، لو حصل في السلعة عيب، ورضي المشتري جاز، ولو كان العيب فاحشاً هذا في البيوع، اشتريت سيارة من زيد ثم لما استعملتها وجدت بها خللاً كبيراً، ينقص ثلث قيمتها أو أكثر، يعني لك أن تردها بخيار العيب، لكن إذا رضيت؟ يجوز في البيوع إذا تفاوت أمره، وتفاحش رده، يعني مع الرضا، وإلا فخيار العيب ثابت "فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبداً" الربا ليس كغيره من البيوع التي يحلها الرضا، لكن الربا لا يحله رضا "فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبداً، ولا يجوز منه قليل ولا كثير" يعني لو عقد صفقة ربا، وقال: يا أخي أنا مشترٍ، قابل أن يزيد علي عشرة بالمائة عشرين بالمائة أنا باذل ما عندي مشكلة، نقول: لا، ولا واحد بالمائة، ولا يحله الرضا "فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبداً" ولذلك في التمر الذي بيع منه الصاع بالصاعين النبي عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم قال:((ردوه)) "فأما الربا فإنه لا يكون فيه إلا الرد أبداً، ولا يجوز منه قليل ولا كثير" خلافا ًلمن يقول: إن القليل يعفى عنه كالنجاسة.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 4

لأنه قد يتطرق إلى بعض أنواع القراض شيء من الربا، أو شيء من العيوب، أو شيء من هذا.

بعض الناس يقول: يسير الربا يعفى عنه، أبداً، ولا قليله ولا كثيره، ويقيسون ذلك على النجاسة، أولاً: النجاسة منها المخففة، ومنها المغلظة، وأنواع الغرر منه المعفو عنه، ومنه ما لا يعفى عنه، لكن الربا ليس منه ما يعفى عنه؛ لأنه حرب لله ورسوله، يقيسون على النجاسة ويقولون: الشيء اليسير يعفى عنه، ومعلوم عند الحنابلة والشافعية أن ما لا يدركه الطرف من البول لا يعفى عنه، فرؤوس الإبر يمثلون بهذا، يقول: لا يعفى عنه، فكيف نقيس على أصل مختلف فيه؟ الأمر الثاني: أن الإقدام على المحرم حرام، يعني هل يجوز لشخص أن يقول: ضع على ثوبي نقطة بول يسيرة ما تشكل، أو نقطة دم حتى من دم مسفوح أخف من البول؟ هل يعقل أن يأتي الشرع بمثل هذا؟ يجيز مثل هذا؟ أو إذا وقع من غير قصد منه ما يعفى عنه ومنه ما لا يعفى عنه؟ أما الإقدام على المحرم حرام، لا من النجاسات، وأكثر عذاب القبر من النجاسات ((كان لا يستنزه من بوله)) هل معنى هذا أنه يبول على رجليه بحيث يصل إلى أقدامه؟ أو يتطرق إليه شيء يسير من البول فلا يستنزه منه، وعذاب القبر عامته من هذا ومن النميمة.

ص: 5

"ولا يجوز فيه ما يجوز في غيره" يعني الربا "لأن الله تبارك وتعالى قال في كتابه: {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ} [(279) سورة البقرة] " والخلاف معروف في رأس المال هل هو وقت الدخول في التجارة أو وقت التوبة؟ هل المراد به وقت الدخول في التجارة أو وقت التوبة؟ كلام مهم، ويحتاجه الناس كلهم الآن؛ لأن الجمهور يقولون: له رأس ماله وقت الدخول في التجارة، يعني شخص جاء من بلد ما بمائة ريال، واشتغل في هذه المائة ربا، صار مؤسس يعني قبل سبعين سنة، يكون مؤسس إذا دفع مائة أو ألف مؤسس في بنك، معروف شخص جاء بعشرين ريال، ودخل مؤسس في بنك، واشتغل بالربا إلى أن تاب عن ما أدري مائة مليار، فإذا طولب على قول الجمهور ما لك إلا عشرين ريال، إيش يبي يقول؟ إيش يبي يصير؟ وإذا قيل له: لك رأس مالك وقت التوبة، الذي فيه ذمم الناس لا تستوفيه، لكن الذي قبضته لك، التوبة تهدم ما كان قبلها، ولا شك أن هذا من باب الإعانة على التوبة، والآية تحتمل هذا الفهم، {وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ} [(279) سورة البقرة] هذا اختيار جمع من أهل العلم، لكن قول الجمهور غيره.

هذا الذي تاب عن مائة مليار، ورأس ماله عشرين ريال يوم يدخل التجارة، ماذا يكون وضعه لو قيل له: ما لك إلا ها العشرين الريال؟ يعني أسلوب يستخدمه شيخ الإسلام في مسائل كثيرة، إحنا استعملناه في هذه المسألة، الله -جل وعلا- يحب التوابين، ويفرح بتوبة عبده، وأمر بالتوبة، يعني نجيب أسلوب شيخ الإسلام في مسائل كثيرة، ومن المحال في العقل والدين أن الله يحب التوبة والتوابين، ويحث عليها، ثم يصد الناس عنها؛ لأن هذا صد، تصور شخص يملك هذه المليارات ويبي يتوب؟ وش الذي يغلب على الظن؟ أنه لا يتوب، بعد أن كان يحسن على الناس، ويتصدق ومعروف، اقترن اسمه بالمحسن، ثم بعد ذلك يتكفف الناس؟ واخرج من بيوتك وقصورك وأموالك، فهذا لا شك أنه مرجح للقول الثاني، والآية تحتملهما على حدٍ سواء.

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 6