المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: الدين في القراض - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٢٢

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: الدين في القراض

عرفنا أنه إذا اقتضى المال السفر من بلد إلى بلد فإن للمضارب ما يحتاجه من نفقة وكسوة وسكنى، قد يقول قائل: عنده ثيابه اللي تكفيه، لكن هذا البلد الذي ذهب بالمال إليه بارد، ويحتاج إلى زيادة ثياب، أراد أن يشتري بشت وإلا كوت وإلا فروة وإلا شيء هذا من المال، إذا كان لا يضر بالمال، وإلا فالأصل الغالب أن الثياب معه.

"قال يحيى: قال مالك في رجل معه مال قراض فهو يستنفق منه ويكتسي: إنه لا يهب منه شيئاً، ولا يتصدق منه بشيء" لا يعطي ولا يتصدق منه، فافترض أنه ساكن في فندق وجاءه سائل، أو جاءه ضيف، وبدلاً من أن تكون الوجبة عليه بعشرة، بعشرين صار هو وضيفه يحتاجون إلى خمسين، ومعلوم أن الإنسان إذا كان عنده ضيف يتكلف له أكثر، فإذا كان أكله بعشرة بيطلب بخمسين، أو جاءه ممن يتولى بعض المشاريع الخيرية، وقال: إن الجماعة -جماعة التحفيظ- بحاجة، فلو أعطيتنا، وأنت رجل وسع الله عليك، لا يتبرع من المال أبداً.

"إنه لا يهب منه شيئاً، ولا يعطي منه سائلاً ولا غيره، ولا يكافئ فيه أحداً" يعطي مكافئة، سواء كانت في أمور الدين، أو في أمور الدنيا، لا يكافئ منه أحداً؛ لأنه لا يجوز له أن يتصرف فيه "فأما إن اجتمع هو وقوم وجاءوا بطعام وجاء هو بطعام فأرجو أن يكون ذلك واسعاً" خمسة مضاربين سكنوا في فندق واحد وقالوا: بدلاً من أن يأكل كل واحد في غرفته، نجتمع على الغداء، ويصير بيننا، فبدلاً من أن يطلب كل واحد منهم بعشرة أو عشرين يطلبون أكل بمائة، لا يقال: إن هذا أكل بعشرة، وهذا أكل بثلاثين وهذا كذا، هذا يتسامح فيه، يقول:"فإما إن اجتمع وهو وقوم وجاءوا بطعام وجاء هو بطعام فأرجو أن يكون ذلك واسعاً" هذه طريقة النهد، إذا اجتمع قوم وقالوا .. ، قطة، يسمونها قطة، كل واحد يدفع مبلغاً، ومعلوم أنه في التطبيق في الأكل بعضهم يأكل بقدر اثنين، فما يقال: أنت أكلت بقدر اثنين ادفع الضعف، هذا يتسامح فيه.

طالب:. . . . . . . . .

فينظر إلى طلبه، ما لم يكن طلبه متضمن للمخادعة؛ لأن بعض الناس قد يتصرف بعض التصرفات التي يخادع فيها أرباب الشركات، وهذا موجود، والله المستعان، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب: الدين في القراض

ص: 14

قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، فاشترى به سلعة، ثم باع السلعة بدين، فربح في المال ثم هلك الذي أخذ المال قبل أن يقبض المال، قال: إن أراد ورثته أن يقبضوا ذلك المال وهم على شرط أبيهم من الربح فذلك لهم، إذا كانوا أمناء على ذلك المال، وإن كره أن يقتضوه وخلوا بين صاحب المال وبينه لم يكلفوا أن يقتضوه، ولا شيء عليهم، ولا شيء لهم إذا أسلموه إلى رب المال، فإن اقتضوه فلهم فيه من الشرط والنفقة مثل ما كان لأبيهم في ذلك هم فيه بمنزلة أبيهم فإن لم يكونوا أمناء على ذلك فإن لهم أن يأتوا بأمينٍ ثقة فيقتضي ذلك المال، فإذا اقتضى جميع المال وجميع الربح كانوا في ذلك بمنزلة أبيهم.

قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً على أنه يعمل فيه، فما باع به من دين فهو ضامن له، إن ذلك لازم له، إن باع بدين فقد ضمنه.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: الدين في القراض

"قال يحيى: قال مالك: الأمر المجتمع عليه عندنا في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً فاشترى به سلعة" ولا بد أن يكون متفقاً على كيفية التعامل، هل هو بالنقد أو بالدين بين المضارب وصاحب المال؟ لأن الدين يعرضه للضياع، وعلى هذا لا بد أن يكون متفقاً عليه، فإذا أقرّه قال: أنا بضارب بالمال، لكن بعضه أبيعه بالنقد، وبعضه نسيئة، فرضي صاحب المال، جاز قراضاً، فاشترى به سلعة.

"الأمر المجتمع عليه عندنا في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، فاشترى به سلعة، ثم باع السلعة بدين فربح في المال" يعني السلعة بدلاً من أن تباع بمائة باعها إلى أجل مدة سنة بمائة وعشرين مثلاً "فربح في المال، ثم هلك الذي أخذ المال" المضارب "قبل أن يقبض المال، قال: إن أراد ورثته أن يقبضوا ذلك المال، وهم على شرط أبيهم من الربح" يعني لهم النصف.

طالب: تكون مضاربة.

ص: 15

النصف الذي اتفقوا عليه بينهم وبين صاحب المال، الذي اتفق عليه أبوهم مع صاحب المال "وهم على شرط أبيهم من الربح، فذلك لهم، إذا كانوا أمناء على ذلك" يعني على مستوى الأب في الأمانة؛ لأن التاجر إذا دفع المال إلى هذا المضارب باعتبار تحقق شرط الأمانة، فإن كان أولاده على مستواه، وقالوا: ندخل مدخال أبينا مثلما دخل أبونا من النسبة ندخل مكانه "إذا كانوا أمناء على ذلك، فإن كرهوا أن يقتضوه، وخلوا بين صاحب المال وبينهم" قالوا: والله ما عندنا استعداد نطالب ولا نراجع، لكن مالك عند فلان وهذا السند، تابعه أنت "وخلوا بين صاحب المال وبينه لم يكلفوا أن يقتضوه" لأن العقد ليس معهم، والعقد على أبيهم لا يلزمهم "لم يكلفوا أن يقتضوه، ولا شيء عليهم، ولا شيء لهم" لأنهم لم يعملوا في المال، لكن ماذا عن جهد أبيهم؟ يذهب هدراً، اشترى البضاعة وديّن البضاعة، وقبل أن يحل الأجل مات، هل يستحق على تعبه هذا شيء أو لا يستحق؟ يستحق، ولا شك أن مثل هذا التصرف متعب، ويحتاج إلى نصيبه من الربح، فالاقتضاء يكون على المضارب، أجرة الاقتضاء إذا مات وقال أولاده: ما عندنا استعداد، فيحضر من يقتضي هذا الدين ويخصم من نصيب العامل؛ لأن الأصل أن الاقتضاء عليه.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟ للمضارب؟

طالب:. . . . . . . . .

لا هو الأصل العقد، وش الذي أبطله؟

طالب:. . . . . . . . .

كيف؟

طالب:. . . . . . . . .

لأنه يستحق ما اتفقوا عليه.

طالب:. . . . . . . . .

وين؟

طالب:. . . . . . . . .

ص: 16

لكن الآن ما هو يستحق النصف؟ وما بقي على نهاية الشركة إلا اقتضاء المال، وقالوا: نأتي بمن يقتضي هذا المال ونصفيه لك، أنت ما لك إلا ولد يقرأ، مالك عندك، وتبقى الشركة على ما هي عليه، فأجرة الاقتضاء على ورثة الميت، إذا أرادوا الاستمرار، وإن أرادوا أن يحلوا الشركة انحلت "فإن كرهوا أن يقتضوه وخلوا بين صاحب المال وبينه، لم يكلفوا أن يقتضوه، ولا شيء عليهم، ولا شيء لهم إذا أسلموه إلى رب المال، فإن اقتضوه فلهم فيه من الشرط والنفقة مثل ما كان لأبيهم في ذلك" هم بمنزلة أبيهم "فإن لم يكونوا أمناء على ذلك، فإن لهم أن يأتوا بأمينٍ ثقة يقتضي ذلك المال، فإذا اقتضى جميع المال وجميع الربح كانوا في ذلك بمنزلة أبيهم" لأن العقد قد تمّ، والآثار المترتبة عليه كلها حصلت.

"قال مالك في رجل دفع إلى رجلٍ مالاً قراضاً على أنه يعمل فيه فباع به من دين فهو ضامن" فما باع به من دين فهو ضامن "إن ذلك لازم له" يعني يقول: ادفع لي مائة ألف أشتغل بها، وإذا ديّنت أحد أضمنه عندي لن يضيع المال، فهذا لازم له "إن ذلك لازم له إن باع بدين فقد ضمنه" لأنه صرح بضمانه له.

طالب:. . . . . . . . .

نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

في إيش؟

طالب:. . . . . . . . .

أنه لا يضمنه، هو لما باع عليه بالدين والأصل أنه في وقت انحلال الشركة -شركة المضاربة- أن يرجع المال إلى صاحبه، وما دام تصرف بالدين، وعرض المال للخطر فلا أقل من الضمان، مثلما يتصرف كثير من التصرفات التي هي في الأصل أمانات، أُعطيت صدقات، ثم قلت: أتاجر بها، فأنت ضامن لها بلا شك، تتحول من كونها أمانة إلى قرضٍ مضمون.

طالب:. . . . . . . . .

إيه، لكن أنت افترض أن هذا المدين لا يعرف عنه صاحب المال شيئاً، ما يعرف عنه شيء، ولو جاء إليه ليبيعه بالدين ما باع عليه، وهذا يعرفه، فالضمان متجه.

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد

ص: 17