المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: البضاعة في القراض - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ١٢٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: البضاعة في القراض

بسم الله الرحمن الرحيم

شرح: الموطأ -‌

‌ كتاب البيوع (20)

الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

يقول: هذا رجل أخذ من رجل خمسة آلاف جنيه كي يتاجر بها في مجال الدواجن على أن يعطيه خمسمائة جنيه شهرياً أو أقل، يعني بنسبة عشرة في المائة، دون أن يعرف صاحب المال ما نسبة الرجل الآخر، هل هذه المعاملة جائزة؟

عرفنا أن هذا -فيما تقدم أنه- الربح المضمون وهذا لا يجوز، يعني إن كان مضاربة فهذا لا يجوز؛ لأنه يعرض المضارب للتعب الضائع، وإن كان إجارة فهي إجارة مجهولة النسبة فلا تصح أيضاً.

سم.

أحسن الله إليك.

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى أله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لشيخنا، واجزه عنا خير الجزاء، واغفر للسامعين يا حي يا قيوم.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: البضاعة في القراض

قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، واستسلف من صاحب المال سلفاً، أو استسلف منه صاحب المال سلفاً، أو أبضع معه صاحب المال بضاعة يبيعها له، أو بدنانير يشتري له بها سلعة، قال مالك: إن كان صاحب المال إنما أبضع معه، وهو يعلم أنه لو لم يكن ماله عنده ثم سأله مثل ذلك فعله لإخاء بينهما، أو ليسارة مؤونة ذلك عليه، ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه، أو كان العامل إنما استسلف من صاحب المال، أو حمل له بضاعته، وهو يعلم أنه لو لم يكن ماله عنده فعل له مثل ذلك، وله أبى ذلك عليه لم يردد عليه ماله، فإذا صح ذلك منهما جميعاً، وكان ذلك منهما على وجه المعروف، ولم يكن شرطاً في أصل القراض فذلك جائز لا بأس به، وإن دخل ذلك شرط، أو خيف أن يكون إنما صنع ذلك العامل لصاحب المال ليقر ماله في يديه، أو إنما صنع ذلك صاحب المال لأن يمسك العامل ماله، ولا يرده عليه، فإن ذلك لا يجوز في القراض، وهو مما ينهى عنه أهل العلم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب: البضاعة في القراض

ص: 1

الأصل في القراض المضاربة، نوع من أنواع الشركة، يدفع صاحب المال إلى رجل يعمل به، والربح بينهما، فإن دخل على هذا العقد شيء آخر، بأن كلف صاحب المال المضارب أن يعمل له عملاً آخر واشترط ذلك عليه فلا تصح، وإن عرض عليه من غير شرط ولا أثر له في العقد الأول، إن شاء المضارب قال: نعم، وإن شاء قال: لا، ولا أثر لسحب المال منه فإنه حينئذٍ يكون من التعامل بالمعروف، ولا شيء فيه، وقل العكس في مثل ذلك، إذا كان العامل يطلب من صاحب المال خدمة معينة فإن اشترطت هذه الخدمة فلا، وإن لم تشترط طلبها العامل من صاحب المال وصاحب المال بالخيار إن شاء نفذ، وإن شاء لا، فالأمر فيه سعة، كما قيل في الصورة الأولى، ولذا يقول:

"قال يحيى: قال مالك في رجل دفع إلى رجل مالاً قراضاً، واستسلف من صاحب المال سلفاً، أو استسلف منه صاحب المال سلفاً" أعطاه مائة ألف وقال: هذه مضاربة، اشتغل بها، والربح بيننا، فقال صاحب المال: على طريقك وأنت ذاهب لتشتري بضاعة إلى البلد الفلاني أنا محتاج إلى هذه السلعة، وأنت ذاهب إلى هناك ولا كلفة عليك، فمن معروفك وإحسانك تقضي لي هذه الحاجة، لا دخل لها في المضاربة، فإن قبل بطيب نفس منه، لا على سبيل الاشتراط، ولو رفض لا يؤثر على عقد المضاربة جاز ذلك.

ص: 2

"أو استسلف منه صاحب المال سلفاً، أو أبضع معه صاحب المال بضاعةً يبيعها له" قال: أنت ذاهب إلى البلد الفلاني، وسيارتي هذه كسدت في بلدنا، وأهل البلد الفلاني يرغبون فيها، فما رأيك أن تذهب بها معك لتبيعها معك؟ فأخذها وباعها، لا شيء في ذلك، إذا لم يكن على طريق أو على سبيل الاشتراط بينهما، وله أثر في عقد القراض "أو بدنانير يشتري له بها سلعة" قال: أنت ذاهب إلى الإمارات تشتري بضاعة، أو قطر، أو البحرين، أو مصر، أو الشام، أو العراق، وهذه السلعة أريد أن تشتريها لي هذه قيمتها "قال مالك: إن كان صاحب المال إنما أبضع معه وهو يعلم أنه لو لم يكن ماله عنده ثم سأله مثل ذلك فعله لإخاء بينهما" يعني ما ودّه يمكن يقضي له هذه الحاجة ولو لم يكن هناك قراض "لإخاء بينهما أو ليسارة مؤونة ذلك عليه" يعني ما يكلفه شيء "لا يكلفه شيئاً" قال: اشتر لي هذه البضاعة في المحل الذي تشتري منه بضاعة القراض، من نفس المحل، يعني هذا المحل عنده أكثر من بضاعة، وقال: اشتر لي هذه البضاعة من نفس المحل وبمجرد ما تشتري البضاعة أعطني صاحب المحل أكلمه وأحول عليه الفلوس، ليسارة مؤونة، يعني هذا ما يكلفه شيء إطلاقاً "أو ليسارة مؤونة ذلك عليه، ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه" يعني لو قال له: أنا والله ماني مستعد أخدمك، ما عندي استعداد أخدمك، أنا عاجز عن البضاعة، يا الله أقوم بها، إن كان هذا له أثر في العقد، قال: ما دام ما تستطيع تخدمني هات المال، نقول: هذا لا يجوز، وإن قال: الأمر إليك، هذا معروف إن بذلته فأنت أهل له، وإن لم تبذله فالأمر إليك، هذا لا أثر له في العقد "ولو أبى ذلك عليه لم ينزع ماله منه، أو كان العامل إنما استسلف من صاحب المال أو حمل له بضاعته، وهو يعلم أنه لو لم يكن عنده ماله فعل له مثل ذلك" هذا العامل الذي أخذ المائة ألف ليضارب بها قال: أنا الآن ما عندي سيارة، وأريد سيارة، فلو أقرضتني مبلغاً أشتري به سيارة مناسبة، عشرة آلاف، عشرين ألف، وهو يستطيع أن يقول هذا الكلام من غير مضاربة، يعني قبل عقد المضاربة يستطيع بكل راحة أن يطلب منه هذا الطلب، ويلبي له ذلك الطلب من غير نظر إلى هذا العقد الطارئ كذلك لا أثر له في عقد

ص: 3