المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٠

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌ باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة:

الموطأ -‌

‌ كتاب العيدين

(1)

الشيخ/ عبد الكريم الخضير

كتاب العيدين:‌

‌ باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة:

حدثني يحيى عن مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم يقول: لم يكن في عيد الفطر، ولا في الأضحى نداء ولا إقامة منذ زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، قال مالك: وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا.

وحدثني عن مالك عن نافع: أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: كتاب العيدين: العيدين: تثنية عيد، والعيد مشتقٌ من العود، سمي بذلك لتكرره في كل عام، أو عود السرور بعوده، أو لكثرة عوائد الله -جل وعلا- على عباده فيه، وجمعه: أعياد، العيد: أصله من العود، فهو واوي، أصله الواو، وجمعه: أعياد، والأصل أنه واوي، فيجمع على أعواد، فالتزمت الياء للزومها في المفرد، ومنهم من يقول: أنه جمع على أعياده للفرق بينه وبين أعواد الخشب.

باب العمل في غسل العيدين، والنداء فيهما، والإقامة: باب العمل في غسل العيدين، والنداء اللي هو الأذان والإقامة فيهما.

يقول: حدثني يحيى عن مالك أنه سمع غير واحد من علمائهم، الإمام مالك رحمه الله لم يسند الخبر إلى معين؛ لكنه أسنده إلى جمع، ووصفهم بالعلماء، وهذا عنده أقوى من الإسناد إلى الواحد؛ لأنه حتى لو أسنده إلى جمع من غير توثيق، أسند الخبر إلى جمعٍ من المجاهيل من غير توثيق ولا تسمية، هؤلاء جمع يشد بعضهم بعض، فكيف إذا كان الإسناد من مالك وهو من أهل التحري والتثبت، ووصفهم بكونهم علماء، ولذا مثل هذا الأٍسلوب عند الإمام مالك أقوى من مجرد الإسناد إلى واحد، قاله الباجي في شرحه.

يقول: لم يكن في عيد الفطر ولا في الأضحى نداء في الأذان ولا إقامة، منذ زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليوم، بل مجرد ما يدخل الإمام يكبر من غير تقدم أذان ولا إقامة.

ص: 1

في البخاري عن ابن عباس وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم قالا: "لم يكن يؤذن يوم الفطر ولا يوم الأضحى" ما فيهما أذان، وعند مسلم من حديث جابر:"فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة" وعنده أيضاً عن جابر قال: "لا أذان للصلاة يوم العيد ولا إقامة ولا شيء" وبهذا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظٍ كان، سواءٌ قيل: الله أكبر الله أكبر الأذان المعروف، أو ببعض جمله أو الصلاة جامعة، أو صلاة العيد، كل هذا من المبتدعات من المحدثات؛ لكن إذا احتمل أن هناك من يرقد عن هذه الصلاة، ولا يسمع تكبير الإمام فنبه من غير موقع المؤذن، ولا من قبل المؤذن، نبه الناس بعضهم بعضاً، الأمر فيه سعة؛ لكن من محل الأذان المرتب المشروع ينادى لصلاة العيد أو لصلاة الجنازة هذه من المحدثات.

الشيخ ابن باز رحمه الله في تعليقه على فتح الباري لما ذكر البخاري الأحاديث التي تدل على أنه ليس لها أذان ولا إقامة، قال: وبهذا يعلم أن النداء للعيد بدعة بأي لفظٍ كان.

الإمام الشافعي -رحمه الله تعالى- يقول: "أحب أن يقول: الصلاة فقط، أو الصلاة جامعة، فإن قال: "هلموا إلى الصلاة لم أكرهه"، فإن قال: حي على الصلاة أو غيرها من ألفاظ الأذان كرهتُ له ذلك"، يعني لا ينادي لها بألفاظ الأذان المعروف.

يقول الإمام مالك -رحمه الله تعالى-: "وتلك السنة التي لا اختلاف فيها عندنا -يعني في المدينة-، قال الباجي: ولا خلاف فيه بين خلفاء الأمصار، أن صلاة العيد ليس لها نداء.

واختلف في أول من أحدث الأذان للعيد، فروى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن سعيد بن المسيب أنه معاوية، وقيل: الحجاج، وقيل: زياد بالبصرة، وقيل: مروان، وقيل: ابن الزبير، وعلى كل حال إذا لم يثبت مثله عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا عن خلفائه الراشدين المهديين فإنه بدعة ممن جاء به، ولو عمله الصحابي إذا لم يوافق عليه.

ص: 2

قال: وحدثني عن مالك عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، تابع مالك على روايته عن نافع موسى بن عقبة، وروى أيوب عن نافع: ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، هنا يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى، روى أيوب عن نافع: ما رأيتُ ابن عمر -كلاهما عن نافع- ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، كان يبيت بالمسجد ليلةَ الفطر، ثم يغدو منه إذا أصبح إلى المصلى، يعني من معتكفه إلى المصلى، بثياب اعتكافه، وهذا يختاره بعض الفقهاء، الحنابلة يختارون مثل هذا، أن الإنسان يبيت ليلة العيد، والفقهاء أيضاً يستحبون إحياء ليلة العيد بخبرٍ ضعيف ورد في ذلك، فإذا أحيا ليلة العيد ومكث في الليلة، وخرج من معتكفه إلى المصلى لا يغتسل، بل يصلي العيد بثياب اعتكافه، هذا عندهم.

ما رأيتُ ابن عمر اغتسل للعيد قط، كان يبيت في المسجد ليلة الفطر، ثم يغدو منه إذا أصبح إلى المصلى، يمكن حمل هذا على ما إذا اعتكف، ورواية مالك محمولة على إذا لم يعتكف، إن اعكتف بات ليلة العيد في المسجد وخرج إلى المسجد من غير اغتسال بثياب اعتكافه، وإذا لم يعتكف وبات في بيته اغتسل ولبس أحسن ثيابه، وتنظف وتطيب، وخرج إلى المصلى، وهذه هي السنة، وهذا مطلوبٌ للجمعة، والاجتماع للعيد أكبر من الاجتماع للجمعة.

باب الأمر بالصلاة قبل الخطبة في العيدين:

حدثني يحيى عن مالك عن بن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي يوم الفطر ويوم الأضحى قبل الخطبة.

وحدثني عن مالك أنه بلغه: أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا يفعلان ذلك.

ص: 3