المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب زكاة الميراث: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٥١

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب زكاة الميراث:

‌باب زكاة الميراث:

حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا هلك ولم يؤدِ زكاة ماله إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله، ولا يجاوز بها الثلث، وتبدّى على الوصايا، وأراها بمنزلة الدين عليه، فلذلك رأيت أن تبدى على الوصايا قال: وذلك إذا أوصى بها الميت، قال: فإن لم يوصِ بذلك الميت ففعل ذلك أهله فذلك حسن، وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم ذلك.

قال: والسنة عندنا التي لا اختلاف فيها أنه لا يجب على وارث زكاة في مال ورثه في دين، ولا عرض، ولا دار، ولا عبد، ولا وليدة حتى يحول على ثمن ما باع من ذلك، أو اقتضى الحول من يوم باعه وقبضه.

وقال مالك رحمه الله: السنة عندنا أنه لا تجب على وارث في مال ورثه الزكاة حتى يحول عليه الحول.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب زكاة الميراث:

ص: 14

"حدثني يحيى عن مالك أنه قال: إن الرجل إذا هلك" وهلك في الأصل تعني مات من غير زيادة {حَتَّى إِذَا هَلَكَ} [(34) سورة غافر] هذا قيل بإزاء نبي، نعم، لكن العرف، العرف عند أهل العلم لا يطلقون هلك في غير المواريث، يعني في مسائل الميراث كلها هلك هالك، لكن في غير المواريث إذا ترجموا لأحد أو أعلنوا خبر إنما يقولون: هلك في حق من لا ترضى سيرته، هذا عُرف، وإن كان أصل الكلمة بإزاء من مات من غير زيادة "إذا هلك ولم يؤدِ زكاة ماله، إني أرى أن يؤخذ ذلك من ثلث ماله، ولا يجاوز بها الثلث" والسبب في ذلك يقولون: لأنه متهم أن يقر على نفسه بالزكاة؛ ليحرم وارثه، فلا يشاء أحد أن يمنع وارثه إلا منعه، لكن متى يتهم؟ يتهم إذا ادعى زكاة تجحف بماله، إذا قال صاحب المال: أنا والله من عشرين سنة ما زكيت، تحسب هذه السنين، فلا يبقى للوارث شيء يذكر، أما زكاة سنة واحدة، يعني زكاته تجب أو تحل في رجب، ثم توفي في رمضان مثلاً، وعند وفاته قال: ترى يا أولادي أنا ما طلعت الزكاة، والزكاة اثنين ونصف بالمائة، لا شك أنها دين في ذمته، ودين الله أحق بالوفاء، فتخرج من رأس المال، لكن لو قال: إنها من عشرين سنة ما زكيت، والآن أنا تائب، هنا يتهم أنه يريد حرمان الورثة، وإلا ويش اللي ترك المدة متطاولة وهو ما زكى؟ فإذا قبضه الوارث قبل أن تخلى الزكاة ما عليه شيء، حتى يستقبل به حولاً جديداً.

وفرق بين أن يقر بنسبة لا تؤثر بالمال، زكاة سنة واحدة، هذا يقبل إقراره، وتخرج من أصل المال، لكن إن أقر بشيء يجحف في المال، ويضر بالورثة، من زكاة سنين متتابعة هنا يقال: لا يلزم؛ لأنه حينئذٍ يتهم.

مالك يرى أنه مطلقاً الزكاة تؤخذ من الثلث كالوصية.

ص: 15

يقول: "تبدّى على الوصايا" يعني تقدم على الوصايا "وأراها بمنزلة الدين عليه" لكن الدين من رأس المال، لماذا فرق بين الدين؟ على رأي مالك حتى عند مالك الدين من رأس المال وليس من الثلث؛ لأن للدين من يثبته، البينات، أما الزكاة فهي بمجرد إقرار الميت، بمجرد إقراره، ففرق بينهما من هذه الحيثية، ما دام الدين له من يثبته بالبينات، فإذا ثبت فهو من أصل، لا يتصور فيه حرمان وارث، افترض أن الميت أقر على نفسه بأنه مدين لفلان، وفلان ما عنده بينات، يكون حينئذٍ بمنزلة الإرث الذي ذكره مالك، يكون من الثلث فقط، بمنزلة الزكاة التي أشار إليها.

يقول: "وأراها بمنزلة الدين عليه" هي دين، ولذا في الحقوق المتعلقة بالتركة خمسة: مؤونة التجهيز، وهذا لا يقدم عليها شيء؛ لأنه يترتب عليها دفن الميت، الثاني: الديون المتعلقة بعين التركة كالديون التي فيها رهن، هذه مقدمة، الثالثة: الديون المطلقة، والخلاف بين أهل العلم في تقديم ديون الله لقوله عليه الصلاة والسلام:((دين الله أحق)) أو تقديم ديون الآدميين باعتبار أن حقوقهم مبنية على المشاحة، هذه المسألة معروفة الخلاف فيها بين أهل العلم، الرابع: الوصايا، والخامس: الإرث.

فالزكاة إذا أقر بها، وأنه لم يزكِ زكاة سنة واحدة، وهذه النسبة لا يمكن أن يتصور أنه يريد أن يضر الورثة بهذه النسبة، ولن يتضرر الورثة بمثل هذا، فيخرج من أصل المال، إذا أقر بزكاة تضر بالورثة سنين متطاولة متتابعة، تأتي على المال أو على أكثره، فحينئذٍ لا يعتبر إقراره، لا سيما إذا كان إقراره في مرض الموت.

قال مالك: "وذلك إذا أوصى بها الميت، فإن لم يوص بذلك الميت ففعل ذلك أهله فذلك حسن" يعني تبرعوا من أنفسهم إبراء لذمة أبيهم هذا حسن "وإن لم يفعل ذلك أهله لم يلزمهم ذلك" انتقل المال إلى الورثة، لهم الغنم وعليه الغرم، يعني لو الإنسان مخلط في كسب الأموال، يجمع الأموال بكل شراهة، من حل ومن غير حل، من حلال ومن حرام، ثم انتقل إلى الورثة حلال بالنسبة للوارث، لكن الحساب على من جمعه.

طالب:. . . . . . . . .

ص: 16