المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب قضاء الاعتكاف: - شرح الموطأ - عبد الكريم الخضير - جـ ٦٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب قضاء الاعتكاف:

"حدثني زياد عن مالك: أنه رأى بعض أهل العلم إذا اعتكفوا العشر الأواخر من رمضان لا يرجعون إلى أهاليهم حتى يشهدوا الفطر مع الناس، قال زياد: قال مالك: وبلغني ذلك عن أهل الفضل الذين مضوا وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك" نعم، يقول:"حدثني زياد عن مالك: أنه رأى بعض أهل العلم إذا اعتكفوا العشر الأواخر من رمضان لا يرجعون إلى أهاليهم حتى يشهدوا الفطر مع الناس" تحصيلاً للمستحب، ليصل اعتكاف بصلاة العيد، هذا على جهة الاستحباب وإلا فمن أراد أن يعتكف العشر، العشر تنتهي بغروب الشمس ليلة العيد، بغروب الشمس ليلة العيد، لكن إذا أراد أن يصل عملاً مستحباً بعمل آخر يستحبها أيضاً الحنابلة وغيرهم، يستحبون أن لا يخرج إلا إلى صلاة العيد بثياب الاعتكاف أيضاً، وكأنهم يستروحون إلى أن يبقى ليلة العيد في المسجد، ويحي تلك الليلة عملاً بالحديث الضعيف ((من أحيا ليليتي العيدين لم يمت قلبه يوم تموت القلوب)) لكنه ضعيف لا يعمل به، وعلى هذا الاعتكاف ينتهي بغروب الشمس.

"قال زياد: قال مالك: وبلغني ذلك عن أهل الفضل الذين مضوا" وقال النخعي: وكانوا يستحبون ذلك، يقول:"وهذا أحب ما سمعت إلي في ذلك" يدل على أنه سمع غير هذا القول، وقال الشافعي وأبو حنيفة: يخرج إذا غربت الشمس من آخر أيامه، واستحب الحنابلة البقاء إلى صلاة العيد، نعم.

أحسن الله إليك.

‌باب قضاء الاعتكاف:

حدثني زياد عن مالك عن ابن شهاب عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتكف، فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه وجد أخبية، خباء عائشة، وخباء حفصة، وخباء زينب، فلما رآها سأل عنها، فقيل له: هذا خباء عائشة وحفصة وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آلبر تقولون بهن؟ )) ثم انصرف فلم يعتكف حتى اعتكف عشراً من شوال.

ص: 17

وسئل مالك عن رجل دخل المسجد لعكوف في العشر الأواخر من رمضان، فأقام يوماً أو يومين، ثم مرض فخرج من المسجد، أيجب عليه أن يعتكف ما بقي من العشر إذا صح أم لا يجب ذلك عليه؟ وفي أي شهر يعتكف إن وجب عليه ذلك؟ فقال مالك رحمه الله: يقضي ما وجب عليه من عكوف إذا صح في رمضان أو غيره، وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد العكوف في رمضان ثم رجع فلم يعتكف، حتى إذا ذهب رمضان اعتكف عشراً من شوال، والمتطوع في الاعتكاف في رمضان، والذي عليه الاعتكاف أمرهما واحد فيما يحل لهما ويحرم عليهما، ولم يبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اعتكافه إلا تطوعاً.

قال مالك رحمه الله في المرأة: إنها إذا اعتكفت ثم حاضت في اعتكافها إنها ترجع إلى بيتها، فإذا طهرت رجعت إلى المسجد أية ساعة طهرت، ثم تبني على ما مضى من اعتكافها، ومثل ذلك المرأة يجب عليها صيام شهرين متتابعين، فتحيض ثم تطهر فتبني على ما مضى من صيامها، ولا تؤخر ذلك.

وحدثني زياد عن مالك عن ابن شهاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذهب لحاجة الإنسان في البيوت.

قال مالك رحمه الله: لا يخرج المعتكف مع جنازة أبويه ولا مع غيرها.

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

باب قضاء الاعتكاف:

الإمام مالك رحمه الله يرى أنه إذا شرع في العبادة لزمه إتمامها، وحرم عليه قطعها، والخروج منها إلا لعذر من مرض أو حيض أو نحوهما، فالعبادة تلزم عنده في الشروع، ويستوي في ذلك الصلاة والصيام والنسك والاعتكاف وغيرها.

"حدثني زياد عن مالك عن ابن شهاب" يقول ابن عبد البر: هذا خطأ، ولا يعرف الحديث عن ابن شهاب، وإنما هو عن يحيى بن سعيد كما في البخاري وغيره، وتردد ابن عبد البر في منشأ الخطأ، هل هو من يحيى أو من زياد؟ لأن مالك يرويه على الصواب في البخاري، مالك عن يحيى بن سعيد.

ص: 18

"عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يعتكف، فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه" المكان الذي خصص لاعتكافه "وجد أخبية" الخباء مثل الخيمة، "خباء عائشة، وخباء حفصة" عائشة بنت أبي بكر، وحفصة بنت عمر "وخباء زينب بنت جحش" أمهات المؤمنين "فلما رآها سأل عنها فقيل له: هذا خباء عائشة وحفصة وزينب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((آلبر تقولون بهن؟ )) " بهمزة ممدودة، تقولون، تظنون، والقول يطلق على الظن ((آلبر تظنون بهن)) يعني بهؤلاء النسوة اللاتي اتخذن أخبية من أجل الاعتكاف، مفهومه أن المفسدة راجحة، فلا بر في مثل هذا؛ لظرف معين؛ لأنهن تتابعن على ضرب الأخبية اقتداءً من بعضهن ببعض، وبعض الشراح يقول: هذا من باب الغيرة بين النساء، اتخذت عائشة خباء، فتبتعها حفصة، ثم تبعتها زينب، هذا من باب الغيرة، والغيرة في مثل هذا مذمومة، ولا يطلب بواسطتها البر، ولذا قال عليه الصلاة والسلام:((آلبر تقولون بهن؟ )) ثم انصرف فلم يعتكف، حتى اعتكف عشراً من شوال.

يعني يظن به إذا انصرف عن الاعتكاف يبقى هؤلاء النسوة؟ ينصرفن معه، فاعتكف عشر من شوال، ففيه قضاء الاعتكاف الذي ترجم به المؤلف، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

قطعاً. . . . . . . . .

طالب:. . . . . . . . .

إيه لكن هو يستدل بالقضاء، حتى اعتكف عشراً من شوال.

طالب:. . . . . . . . .

لا يجب إتمامه عند مالك، لكن النبي عليه الصلاة والسلام قطعه لمصلحة راجحة، وأولئك لم يردن البر؛ لأن ضرب الأقبية تنافس.

طالب:. . . . . . . . .

عمل يتطوع به، ويتبرر به، ويقصد ثوابه، وحكم النبي عليه الصلاة والسلام أنه لا بر فيه إيش يصير له؟

طالب:. . . . . . . . .

لا، هو نزع منزع آخر، أن هذا ما هو باعتكاف شرعي، ما دام الغيرة ليس باعتكاف شرعي، نعم، واستدل بقضاء النبي عليه الصلاة والسلام على أنه يلزمه القضاء.

ص: 19

وفيه صحة اعتكاف النساء، وكرهه الشافعي لهن في المسجد التي تصلى فيه الجماعة، واشترط الحنفية لصحة اعتكافها أن تكون في مسجد بيتها، في رواية لهم أن لها الاعتكاف في المسجد مع زوجها، يعني ليحفظها ويحوطها، نعم على كل حال إذا أمنت الفتنة فللمرأة أن تعتكف في المسجد، وفعله أزواج النبي عليه الصلاة والسلام بعده، أما ما حصل في هذا الحديث فلما سمعنا، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

ما قضين الاعتكاف؛ لأن هذا ليس باعتكاف شرعي، حملهن على ذلك الغيرة، قد يقول قائل مثلاً: الذي حمل الثانية والثالثة، لكن ما الذي حمل الأولى؟ المقصود أن في قوله عليه الصلاة والسلام:((آلبر تقولون بهن؟ )) يعني تظنون بهن البر، وهو أعرف بحالهن لأنهن بشر.

"وسئل مالك عن رجل دخل المسجد لعكوف في العشر الأواخر من رمضان، فأقام يوماً أو يومين ثم مرض مرضاً يشق عليه معه البقاء في المسجد، فخرج من المسجد أيجب عليه أن يعتكف ما بقي من العشر إذا صح أم لا يجب عليه ذلك؟ وفي أي شهر يعتكف إن وجب عليه ذلك؟ "

مالك يرى أنه يجب عليه، فقال:"يقضي ما وجب عليه من عكوف" سواءً كان بنذر أو بمجرد الدخول فيه، إذا صح في رمضان أو غيره "وقد بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد العكوف في رمضان ثم رجع فلم يعتكف، حتى إذا ذهب رمضان اعتكف عشراً من شوال" يعني كما في الحديث السابق المسند، "والمتطوع في الاعتكاف في رمضان، والذي عليه الاعتكاف أمرهما واحد" المتطوع في الاعتكاف المتبرر به، المقتدي بالنبي عليه الصلاة والسلام ولو لم يجب عليه، ومن وجب عليه الاعتكاف بنذر أو شروع أمرهما واحد "فيما يحل لهما ويحرم عليهما" ما يقول: والله هذا اعتكاف نذر، أبا أتوسع، وأزاول ما كنت .. ، وبركة يجلس في المسجد، يعني ما يلزمه إلا إذا كان واجب، والواجب على العين والرأس، نبي يجتنب ما يجتنبه المعتكف، لكن المتطوع أمير نفسه، ليش أمنع مما كنت أزاوله من الوناسة مع الإخوان، والسمر مع الأحباب؟ لكن يكفيه أنه في المسجد.

طالب:. . . . . . . . .

لا، لا ما دام هذه العبادة شرعت لحكمة لا بد من تحقق الهدف منها.

ص: 20