المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وفى عبد الخالق بن سلمة الوجهان ومنه سليمان كله بالياء - شرح النووي على مسلم - جـ ١

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌‌‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل

- ‌فصل)

- ‌فصل فى بيان جملة من الكتب المخرجة على صحيح مسلم)

- ‌فصل)

- ‌فصل في ألفاظ يتداولها أهل الحديث)

- ‌فصل اذا قال الصحابى كنا نقول أونفعل أو يقولون أو

- ‌فصل اذا قال الصحابى قولا أو فعل فعلا فقد قدمنا

- ‌فصل فى الاسناد المعنعن)

- ‌فصل)

- ‌فصل فى حكم المختلط)

- ‌فصل فى أحرف مختصرة فى بيان الناسخ والمنسوخ وحكم

- ‌فصل)

- ‌فصل

- ‌‌‌فصل)

- ‌فصل)

- ‌فصل

- ‌فصل)

- ‌(بَاب تَغْلِيظِ الْكَذِبِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌(بَابُ النَّهْيِ عَنِ الْحَدِيثِ بِكُلِّ مَا سَمِعَ)

- ‌(بَاب النَّهْيِ عَنْ الرِّوَايَةِ عَنْ الضُّعَفَاءِ وَالِاحْتِيَاطِ فِي

- ‌(بَابُ بَيَانِ أَنَّ الْإِسْنَادَ مِنَ الدِّينِ وَأَنَّ الرِّوَايَةَ لَا تَكُونُ

- ‌(فَرْعٌ فِي جُمْلَةِ الْمَسَائِلِ وَالْقَوَاعِدِ الَّتِي تَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ)

- ‌(بَابُ صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِالْحَدِيثِ الْمُعَنْعَنِ إِذَا أَمْكَنَ لِقَاءُ

- ‌كتاب الايمان

- ‌(بَابُ بَيَانِ الْإِيمَانِ وَالْإِسْلَامِ وَالْإِحْسَانِ وَوُجُوبِ الْإِيمَانِ

- ‌(بَاب بَيَانِ الصَّلَوَاتِ الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فِيهِ

- ‌(باب السُّؤَالِ عَنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ فِيهِ حَدِيثُ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ

- ‌(باب بيان الإيمان الذي يدخل به الجنة (وَأَنَّ مَنْ تَمَسَّكَ

- ‌(باب بَيَانِ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ وَدَعَائِمِهِ الْعِظَامِ قَالَ مُسْلِمٌ

- ‌(بَابُ الْأَمْرِ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(باب الدُّعَاءِ إِلَى الشَّهَادَتَيْنِ وَشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فِيهِ بَعْثِ

- ‌(باب الأمر بقتال النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ

- ‌(وَكَانَ هَؤُلَاءِ الْمُتَمَسِّكُونَ بِدِينِهِمْ مِنَ الْأَزْدِ مَحْصُورِينَ

- ‌(أَرَادَ مُدَّةَ عِقَالٍ فَنَصَبَهُ عَلَى الظَّرْفِ وَعَمْرٌو هَذَا السَّاعِي هُوَ

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى صِحَّةِ إِسْلَامِ مَنْ حَضَرَهُ الْمَوْتُ (ما لم يشرع

- ‌(باب الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ عَلَى التَّوْحِيدِ دَخَلَ الْجَنَّةَ

الفصل: وفى عبد الخالق بن سلمة الوجهان ومنه سليمان كله بالياء

وفى عبد الخالق بن سلمة الوجهان ومنه سليمان كله بالياء الا سلمان الفارسى وبن عامر والاغر وعبد الرحمن بن سلمان فبحذفها ومنه سلام كله بالتشديد الا عبد الله بن سلام الصحابى ومحمد بن سلام شيخ البخارى وشدد جماعة شيخ البخارى ونقله صاحب المطالع عن الأكثرين والمختار الذى قاله المحققون التخفيف ومنه سليم كله بضم السين الا سليم بن حيان فبفتحها ومنه شيبان كله بالشين المعجمة وبعدها ياء ثم باء ويقاربه سنان بن أبى سنان وسنان بن ربيعة وسنان بن سلمة وأحمد بن سنان وأبو سنان ضرار وأم سنان وكلهم بالمهملة بعدها نون ومنه عباد كله بالفتح وبالتشديد الا قيس بن عباد فبالضم والتخفيف ومنه عبادة كله بالضم الا محمد بن عبادة شيخ البخارى فبالفتح ومنه عبدة كله باسكان الباء الا عامر بن عبدة وبجالة بن عبدة ففيهما الفتح والاسكان وافتح أشهر ومنه عبيد كله بضم العين ومنه عبيدة كله بالضم الا السلمانى وبن سفيان وبن حميد وعامر بن عبيدة فبالفتح ومنه عقيل كله بفتح العين الا عقيل بن خالد ويأتى كثيرا عن الزهري غير منسوب والا يحيى بن عقيل وبنى عقيل فبالضم ومنه عمارة كله بضم العين ومنه واقد كله بالقاف وأما الانساب فمنها الأيلى كله بفتح الهمزة واسكان المثناة ولا يرد علينا شيبان بن فروخ الابلى بضم الهمزة وبالموحدة شيخ مسلم فانه لم يقع فى صحيح مسلم منسوبا ومنها البصرى كله بالموحدة مفتوحة ومكسورة نسبة إلى البصرة الا مالك بن أوس بن الحدثان النصرى وعبد الواحد النصرى وسالما مولى النصريين فبالنون ومنها الثورى كله بالمثلثة الا أبا يعلى محمد بن الصلت التوزى فبالمثناة فوق وتشديد الواو المفتوحة وبالزاى ومنها الجريرى كله بضم الجيم وفتح الراء الا يحيى بن بشر شيخهما فالبحاء المفتوحة ومنها الحارثى بالمهملة والمثلثة ويقاربه سعيد الجارى بالجيم وبعد الراء ياء مشددة ومنها الحزامى كله بالزاى وقوله فى صحيح مسلم فى حديث أبى اليسر كان لى على فلان الحازمى قيل بالزاى وقيل بالراء وقيل الجذامى بالجيم والذال المعجمة ومنها السلمى فى الانصار بفتح السين وفى بنى سليم بضمها ومنها الهمدانى كله باسكان الميم وبالدال المهملة فهذه ألفاظ نافعة فى المؤتلف والمختلف وأما المفردات فلا تنحصر وستأتى فى أبوابها ان شاء الله تعالى مبينة وكذلك نذكر هذا المؤتلف فى مواضعه ان شاء الله تعالى مختصرا احتياطا وتسهيلا

(

‌فصل)

تكرر فى صحيح مسلم قوله حدثنا فلان وفلان كليهما عن فلان هكذا يقع

ص: 41

فى مواضع كثيرة فى أكثر الأصول كليهما بالياء وهو مما يستشكل من جهة العربية وحقه أن يقال كلاهما بالالف ولكن استعماله بالياء صحيح وله وجهان أحدهما أن يكون مرفوعا تأكيدا للمرفوع قبله ولكنه كتب بالياء لأجل الامالة ويقرأ بالالف كما كتبوا الربا والربى بالالف والياء ويقرأ بالالف لا غير والوجه الثانى أن يكون كليهما منصوبا ويقرأ بالياء ويكون تقديره! أعز كليهما وهذا ما يسره الله تعالى من الفصول ونشرع الآن فى المقصود والله الموفق

ص: 42

بسم الله الرحمن الرحيم (قَالَ الْإِمَامُ أَبُو الْحُسَيْنِ مُسْلِمُ بْنُ الْحَجَّاجِ رحمه الله تعالى الحمد لله رب العالمين) انما بدأ بالحمد لله لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قال كل أمر ذى بال لا يبدأ بالحمد لله فهو أقطع وفي رواية بحمد الله وفي رواية بالحمد فهو أقطع وفي رواية أجذم وفي رواية لا يبدأ فيه بذكر الله وفي رواية ببسم الله الرحمن الرحيم روينا كل هذه في كتاب الأربعين للحافظ عبد القادر الرهاوى سماعا من صاحبه الشيخ ابي محمد عبد الرحمن بن سالم الانبارى عنه وروينا فيه أيضا من رواية كعب بن مالك الصحابى رضى الله عنه والمشهور رواية أبي هريرة وهذا الحديث حسن رواه أبو داود وبن ماجه في سننهما ورواه النسائى في كتابه عمل اليوم والليلة روى موصولا ومرسلا ورواية الموصول اسنادها جيد ومعنى أقطع قليل البركة وكذلك أجذم بالجيم والذال المعجمة ويقال منه جذم بكسر الذال يجذم بفتحها والله أعلم والمختار عند الجماهير من أصحاب التفسير والأصول وغيرهم أن العالم اسم للمخلوقات كلها والله أعلم قال رحمه الله (وصلى الله على محمد خاتم النبيين وعلى جميع الأنبياء والمرسلين) هذا الذى فعله من ذكره الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الحمدلة هو عادة العلماء رضي الله عنهم وروينا باسنادنا

ص: 43

الصحيح المشهور من رسالة الشافعى عن الشافعى عن بن عيينة عن بن أبى نجيح عن مجاهد رحمه الله في قول الله تعالى ورفعنا لك ذكرك قال لا أذكر الا ذكرت أشهد أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ محمدا رسول الله وروينا هذا التفسير مرفوعا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عن جبريل عن رب العالمين ثم أنه ينكر على مسلم رحمه الله كونه اقتصر على الصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دون التسليم وقد أمرنا الله تعالى بهما جميعا فقال تعالى صلوا عليه وسلموا تسليما فكان ينبغى أن يقول وصلى الله وسلم على محمد فان قيل فقد جاءت الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم غير مقرونة بالتسليم وذلك في آخر التشهد في الصلوات فالجواب أن السلام تقدم قبل الصلاة في كلمات التشهد وهو قوله سلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته ولهذا قالت الصحابة رضى الله عنهم يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف نصلى عليك الحديث وقد نص العلماء رضى الله عنهم على كراهة الاقتصار على الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم من غير تسليم والله اعلم وقد ينكر على مسلم رحمه الله في هذا الكلام شيء آخر وهو قوله وعلى جميع الأنبياء والمرسلين فيقال اذا ذكر الأنبياء لا يبقى لذكر المرسلين وجه لدخولهم في الأنبياء فان الرسول نبى وزيادة ولكن هذا الانكار ضعيف ويجاب عنه بجوابين أحدهما أن هذا سائغ وهو أن يذكر العام ثم الخاص بنويها! بشأنه وتعظيما لأمره وتفخيما لحاله وقد جاء فى القرآن العزيز آيات كريمات كثيرات من هذا مثل قوله تعالى من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال وقوله تَعَالَى وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى وغير ذلك من الايات الكريمات وقد جاء أيضا عكس هذا وهو ذكر العام بعد الخاص قال الله تعالى حكاية عن نوح صلى الله عليه وسلم رب اغفر لي ولوالدي ولمن دخل بيتى مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات فان ادعى متكلف أنه عنى بالمؤمنين غير من تقدم ذكره فلا يلتفت إليه الجواب الثاني أن قوله والمرسلين أعم من جهة أخرى وهو أنه يتناول جميع رسل الله سبحانه وتعالى من الآدميين والملائكة قال الله تعالى الله يصطفى من الملائكة رسلا ومن الناس ولا يسم الملك نبيا فحصل بقوله والمرسلين فائدة لم تكن حاصلة بقوله النبيين والله أعلم وسمى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم محمدا لكثرة خصاله المحمودة كذا قاله بن فارس وغيره من أهل اللغة قالوا ويقال لكل كثير الخصال الجميلة محمد ومحمود والله أعلم

ص: 44

قال رحمه الله (ذكرت أنك هممت بالفحص عن تعرف جملة الأخبار المأثورة عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في سنن الدين وأحكامه) قال الليث وغيره من أهل اللغة الفحص شدة الطلب والبحث عن الشيء يقال فحصت عن الشيء وتفحصت وافتحصت بمعنى واحد وقوله المأثورة أى المنقولة المذكورة يقال أثرت الحديث اذا نقلته عن غيرك والله أعلم وقوله في سنن الدين وأحكامه هو من قبيل ما قدمناه من ذكر العام بعد الخاص فان السنن من أحكام الدين والله أعلم قال رحمه الله (فأردت أرشدك الله أن توقف على جملتها مؤلفة محصاة وسألتنى أن ألخصها لك في التأليف فان ذلك زعمت مما يشغلك) قوله توقف ضبطناه بفتح الواو وتشديد القاف ولو قرئ باسكان الواو وتخفيف القاف لكان صحيحا وقوله مؤلفة أى مجموعة وقوله محصاة أى مجتمعة كلها وقوله ألخصها أى أبينها وقوله فان ذلك زعمت أى قلت وقد كثر الزعم بمعنى القول وفي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم زعم جبريل وفي حديث ضمام بن ثعلبة رضى الله عنه زعم رسولك وقد أكثر سيبويه في كتابه المشهور من قوله زعم الخليل كذا في أشياء يرتضيها سيبويه فمعنى زعم في كل هذا قال وقوله يشغلك هو بفتح الياء هذه اللغة الفصيحة المشهورة التي جاء بها القرآن العزيز قال الله تعالى سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وفيه لغة رديئة حكاها الجوهرى وهي أشغله يشغله بضم الياء

ص: 45

قال رحمه الله (وللذي سألت أكرمك الله إلى قوله عاقبة محمودة) فبقوله للذي هو بكسر اللام وهو خبر عاقبة وانما ضبطه وان كان ظاهرا لأنه مما يغلط فيه ويصحف وقد رأيت ذلك غير مرة قال رحمه الله (وظننت حين سألتنى تجشم ذلك أن لو عزم لى عليه وقضى لى تمامه كان أول من يصيبه نفع ذلك اياى) قوله تجشم ذلك أى تكلفه والتزام مشقته وقوله عزم هو بضم العين وهذا اللفظ مما أعتنى بشرحه من حيث أنه لا يجوز أن يراد بالعزم هنا حقيقته المتبادرة إلى الافهام وهو حصول خاطر في الذهن لم يكن فان هذا محال في حق الله تعالى واختلف في المراد به هنا فقيل معناه لو سهل لى سبيل العزم أو خلق في قدرة عليه وقيل العزم هنا بمعنى الارداة فان القصد والعزم والارادة والنية متقاربات فيقام بعضها مقام بعض فعلى هذا معناه لو أراد الله ذلك لي وقد نقل الازهرى وجماعة غيره أن العرب تقول نواك الله بحفظه قالوا وتفسيره قصدك الله بحفظه وقيل معناه لو ألزمت ذلك فان العزيمة بمعنى اللزوم ومنه قول ام عطية رضى الله عنه نُهِينَا عَنِ اتِّبَاعِ الْجَنَائِزِ وَلَمْ يُعْزَمْ عَلَيْنَا أى لم نلزم الترك وفي الحديث الآخر يرغبنا في قيام رمضان من غير عزيمة أى من غير الزام ومثله قول الفقهاء ترك الصلاة في زمن الحيض عزيمة أى واجب على المرأة لازم لها والله اعلم وقوله كان أول هو برفع أول على أنه اسم كان قال رحمه الله (الا بأن يوقفه على التمييز غيره) قوله يوقفه بتشديد القاف ولا يصح أن يقرأ هنا بتخفيف القاف بخلاف ما قدمناه في قوله توقف على جملتها لان اللغة الفصيحة المشهورة وقفت فلانا على كذا فلو كان مخففا لكان حقه أن يقال بأن يقفه على التمييز والله أعلم قال رحمه الله (جملة ذلك أن ضبط القليل من هذا الشان واتقانه أيسر على المرء

ص: 46

من معالجة الكثير) ثم قال بعد هذا (وانما يرجى بعض المنفعة في الاستكثار من هذا الشأن وجمع المكررات لخاصة من الناس ممن رزق فيه بعض التيقظ والمعرفة بأسبابه وعلله فذلك هو ان شاء الله يهجم بما أوتى على الفائدة) قوله يهجم هو بفتح الياء وكسر الجيم هكذا ضبطناه وهكذا هو في نسخ بلادنا وأصولها وذكر القاضي عياض رحمه الله أنه روى كذا وروى يهجم بنون بعد الياء قاله ومعنى يهجم يقع عليها ويبلغ اليها وينال بغيته منها قال بن دريد انهجم الخباء اذا وقع والله أعلم وحاصل هذا الكلام الذى ذكره مسلم رحمه الله أن المراد من علم الحديث تحقيق معانى المتون وتحقيق علم الاسناد والمعلل والعلة عبارة عن معنى في الحديث خفى يقتضى ضعف الحديث مع أن ظاهرة السلامة منها وتكون العلة تارة في المتن وتارة في الاسناد وليس المراد من هذا العلم مجرد السماع ولا الاسماع ولا الكتابة بل الاعتناء بتحقيقه والبحث عن خفى معانى المتون والاسانيد والفكر في ذلك ودوام الاعتناء به ومراجعة أهل المعرفة به ومطالعة كتب أهل التحقيق فيه وتقييد ما حصل من نفائسه وغيرها فيحفظها الطالب بقلبه ويقيدها بالكتابة ثم يديم مطالعة ما كتبه ويتحرى التحقيق فيما يكتبه ويتثبت فيه فانه فيما بعد ذلك يصير معتمدا عليه ويذاكر بمحفوظاته من ذلك من يشتغل بهذا الفن سواء كان مثله في المرتبة أو فوقه أو تحته فان بالمذاكرة يثبت المحفوظ ويتحرر ويتأكد ويتقرر ويزداد بحسب

ص: 47

كثرة المذاكرة ومذاكرة حاذق في الفن ساعة أنفع من المطالعة والحفظ ساعات بل أياما وليكن في مذاكراته متحريا الانصاف قاصدا الاستفادة أو الافادة غير مترفع على صاحبه بقلبه ولا بكلامه ولا بغير ذلك من حاله مخاطبا له بالعبارة الجميلة اللينة فبهذا ينمو علمه وتزكو محفوظاته والله أعلم قال رحمه الله (وقد عجزوا عن معرفة القليل) يقال عجز بفتح الجيم يعجز بكسرها هذه هي اللغة الفصيحة المشهورة وبها جاء القرآن العظيم في قوله تعالى يا ويلتى أعجزت ويقال عجز يعجز بكسرها في الماضى وفتحها في المضارع حكاها الاصمعى وغيره والعجز في كلام العرب أن لا تقدر على ما تريد وأنا عاجز وعجز قوله (على شريطة) يعنى شرطا قال أهل اللغة الشرط والشريطة لغتان بمعنى واحد وجمع الشرط شروط وجمع الشريطة شرائط وقد شرط عليه كذا يشرطه ويشرطه بكسرالراء وضمها لغتان وكذلك اشترط عليه والله أعلم قوله (نعمد إلى جملة ما أسند من الاخبار عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فنقسمها على ثلاثة اقسام وثلاث طبقات) قوله جملة ما أسند يعنى جملة غالبة ظاهرة وليس المراد جميع الاخبار المسندة فقد علمنا أنه لم يذكر الجميع ولا النصف وقد قال ليس كل حديث صحيح وضعته ها هنا وقوله على ثلاث طبقات الطبقة هم القوم المتشابهون من أهل العصر وقد قدمنا في الفصول الخلاف في مراده بثلاثة أقسام وهل ذكرها كلها أم لا وقوله على غير تكرار الا أن يأتى موضع لا يستغنى فيه عن ترداد حديث فيه زيادة معنى أو اسناد يقع إلى جنب اسناد لعلة تكون هناك لان معنى الزائد في الحديث المحتاج إليه يقوم مقام حديث تام فلا بد من اعادة الحديث الذي فيه ما وصفنا من الزيادة أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث على اختصاره اذا أمكن قوله أو اسناد يقع هو مرفوع معطوف على قوله

ص: 48

موضع وقوله المحتاج إليه وهو بنصب المحتاج صفة للمعنى وأما الاختصار فهو ايجاد اللفظ مع استيفاء المعنى وقيل رد الكلام الكثير إلى قليل فيه معنى الكثير وسمى اختصارا لاجتماعه ومنه المخصرة وخصر الانسان واما قوله (أو أن يفصل ذلك المعنى من جملة الحديث) فهذه مسألة اختلف العلماء فيها وهي رواية بعض الحديث فمنهم من منعه مطلقا بناء على منع الرواية بالمعنى ومنعه بعضهم وان جازت الرواية بالمعنى اذا لم يكن رواه هو او غيره بتمامه قبل هذا وجوزه جماعة مطلقا ونسبة القاضي عياض إلى مسلم والصحيح الذي ذهب إليه الجماهير والمحققون من أصحاب الحديث والفقه والاصول التفصيل وجواز ذلك من العارف اذا كان ما تركه غير متعلق بما رواه بحيث لا يختل البيان ولا تختلف الدلالة بتركه سواء جوزنا الرواية بالمعنى أم لا وسواء رواه قبل تاما أم لا هذا ان ارتفعت منزلته عن التهمة فأما من رواه تاما ثم خاف ان رواه ثانيا ناقصا أن يتهم بزيادة أولا أو نسيان لغفلة وقلة ضبط ثانيا فلا يجوز له النقصان ثانيا ولا ابتداء ان كان قد تعين عليه اداؤه وأما تقطيع المصنفين الحديث الواحد في الابواب فهو بالجواز أولى بل يبعد طرد الخلاف فيه وقد استمر عليه عمل الأئمة الحفاظ الجلة من المحدثين وغيرهم من أصناف العلماء وهذا معنى قول مسلم رحمه الله أو أن يفصل ذلك المعنى إلى آخره وقوله (اذا أمكن) يعنى اذا وجد الشرط الذي ذكرناه على مذهب الجمهور من التفصيل وقوله (ولكن تفصيله ربما عسر من جملته فاعادته بهيئة اذا ضاق ذلك أسلم) معناه ما ذكرنا أنه لا يفصل الا ما ليس مرتبطا بالباقى وقد يعسر هذا بعض الأحاديث فيكون كله مرتبطا بالباقى او يشك في ارتباطه ففي هذه الحالة يتعين ذكره بتمامه وهيئته ليكون أسلم مخافة من الخطأ والزلل والله أعلم قال رحمه الله

ص: 49

(فأما القسم الأول فانا نتوخى أن نقدم الأخبار التى هي أسلم من العيوب من غيرها وأنقى من أن يكون ناقلوها أهل استقامة في الحديث واتقان لما نقلوا لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش كما قد عثر فيه على كثير من المحدثين وبان ذلك في حديثهم) أما قوله نتوخى فمعناه نقصد يقال توخى وتأخى وتحرى وقصد بمعنى واحد وأما قوله وأنقى فهو بالنون والقاف وهو معطوف على قوله أسلم وهنا تم الكلام ثم ابتدأ بيان كونها أسلم وأنقى فقال من أن يكون ناقلوها أهل استقامة والظاهر أن لفظة من هنا للتعليل فقد قال الامام أبوالقاسم عبد الواحد بن على بن عمر الاسدى في كتابه شرح اللمع في باب المفعول له اعلم أن الباء تقوم مقام اللام قال الله تعالى فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم وكذلك من قال الله تعالى من أجل ذلك كتبنا على بنى اسرائيل وقال أبو البقاء في قوله تعالى وتثبيتا من أنفسهم يجوز أن يكون للتعليل والله أعلم وأما قوله لم يوجد في روايتهم اختلاف شديد ولا تخليط فاحش فتصريح منه بما قال الأئمة من أهل الحديث والفقه والأصول ان ضبط الراوى يعرف بأن تكون روايته غالبا كما روى الثقات لا تخالفهم الا نادرا فان كانت مخالفته نادرة لم يخل ذلك بضبطه بل يحتج به لأن ذلك لا يمكن الاحتراز منه وان كثرت مخالفته اختل ضبطه ولم يحتج برواياته وكذلك التخليط في روايته واضطرابها ان ندر لم يضر وان كثر ردت روايته وقوله كما قد عثر هو بضم العين وكسر المثلثة أى اطلع من قول الله تعالى فإن عثر على أنهما استحقا أثما والله أعلم قال رحمه الله (فاذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف من الناس أتبعناها أخبارا يقع

ص: 50

في أسانيدها بعض من ليس بالموصوف بالحفظ والاتقان كالصنف المقدم قبلهم على أنهم وإن كانوا فيما وصفنا دونهم فان اسم الستر والصدق وتعاطى الاخبار يشملهم كعطاء بن السائب ويزيد بن ابى زياد وليث بن أبى سليم وأضرابهم من حمال الآثار ونقال الأخبار) قوله تقصينا هو بالقاف ومعناه أتينا بها كلها يقال اقتص الحديث وقصه وقص الرؤيا أتى بذلك الشيء بكماله وأما قوله فإذا نحن تقصينا أخبار هذا الصنف أتبعناها إلى آخره فقد قدمنا فى الفصول بيان الاختلاف فى معناه وانه هل وفى به فى هذا الكتاب أم اخترمته المنية دون تمامه والراجح أنه وفى به والله أعلم وقوله فان اسم الستر هو بفتح السين مصدر سترت الشيء أستره سترا ويوجد فى أكثر الروايات والاصول مضبوطا بكسر السين ويمكن تصحيح هذا على أن الستر يكون بمعنى المستور كالذبح بمعنى المذبوح ونظائره وقوله يشملهم أى يعمهم وهو بفتح الميم على اللغة الفصيحة ويجوز ضمها فى لغة يقال شملهم الأمر بكسر الميم يشملهم بفتحها هذه اللغة المشهورة وحكى أبو عمر والزاهد عن بن الاعرابى أيضا شملهم بالفتح يشملهم بالضم والله أعلم أما عطاء بن السائب فيكنى أبا السائب ويقال أبو يزيد ويقال أبو محمد ويقال أبو زيد الثقفى الكوفى التابعى وهو ثقة لكنه اختلط فى آخر عمره قال أئمة هذا الفن اختلط فى آخر عمره فمن سمع منه قديما فهو صحيح السماع ومن سمع منه متأخرا فهو مضطرب الحديث فمن السامعين أولا سفيان الثورى وشعبة ومن السامعين آخرا جرير وخالد بن عبد الله واسماعيل وعلى بن عاصم هكذا قال أحمد بن حنبل وقال يحيى بن معين جميع ما روى عن عطاء روى عنه فى الاختلاط الا شعبة وسفيان وفى رواية عن يحيى قال وسمع أبو عوانة من عطاء فى الصحة والاختلاط جميعا فلا يحتج بحديثه قلت وقد تقدم حكم التخليط والمخلط فى الفصول وأما يزيد بن أبى زياد فيقال فيه أيضا يزيد بن زياد وهو قرشى دمشقى قال الحافظ هو ضعيف وقال بن نمير ويحيى بن معين ليس هو بشيء وقال أبو حاتم ضعيف وقال

ص: 51

النسائى متروك الحديث وقال الترمذى ضعيف فى الحديث وأما ليث بن أبى سليم فضعفه الجماهير قالوا واختلط واضطربت أحاديثه قالوا وهو ممن يكتب حديثه قال أحمد بن حنبل هو مضطرب الحديث ولكن حدث الناس عنه وقال الدارقطنى وبن عدى يكتب حديثه وقال كثيرون لا يكتب حديثه وامتنع كثيرون من السلف من كتابة حديثه واسم أبى سليم أيمن وقيل أنس والله أعلم وأما قوله وأضرابهم فمعناه أشباههم وهو جمع ضرب قال أهل اللغة الضريب على وزن الكريم والضرب بفتح الضاد واسكان الراء وهما عبارة عن الشكل والمثل وجمع الضرب أضراب وجمع الضريب ضربا ككريم وكرما وأما انكار القاضي عياض على مسلم قوله وأضرابهم وقوله ان صوابه ضربائهم فليس بصحيح فانه حمل قول مسلم وأضرابهم على أنه جمع ضريب بالياء وليس ذلك جمع ضريب بل جمع ضرب بحذفها كما ذكرته فاعرفه وقوله ونقال الاخبار هو باللام والله أعلم قال رحمه الله (ألا ترى أنك اذا وازنت هؤلاء الثلاثة الذين سميناهم عطاء ويزيد وليثا بمنصور بن المعتمر وسليمان الاعمش واسمعيل بن أبى خالد إلى آخر كلامه) فقوله وازنت هو بالنون ومعناه قابلت قال القاضي عياض ويروى وازيت بالياء أيضا وهو بمعنى وازنت ثم هذا كله قد ينكر على مسلم فيه ويقال عادة أهل العلم اذا ذكروا جماعة فى مثل هذا السياق قدموا أجلهم مرتبة فيقدمون الصحابى على التابعى والتابعى على تابعه والفاضل على من دونه فاذا تقرر هذا فاسماعيل بن أبى خالد تابعى مشهور رأى أنس بن مالك وسلمة بن الاكوع وسمع عبد الله بن أبى أوفى وعمرو بن حريث وقيس بن عائد أبا كاهل وأبا

ص: 52

جحيفة وهؤلاء كلهم صحابة رضى الله عنهم واسم أبى خالد هرمز وقيل سعد وقيل كثير وأما الاعمش فرأى أنس بن مالك فحسب وأما منصور بن المعتمر فليس بتابعى وانما هو من أتباع التابعين فكان ينبغى أن يقول اذا وازنتهم باسماعيل والاعمش ومنصور وجوابه أنه ليس المراد هنا التنبيه على مراتبهم فلا حجر فى عدم ترتيبهم ويحتمل أن مسلما قدم منصورا لرجحانه فى ديانته وعبادته فقد كان أرجحهم فى ذلك وان كان الثلاثة راجحين على غيرهم مع كمال حفظ لمنصور واتقان وتثبت قال على بن المديني اذا حدثك ثقة عن منصور فقد ملأت يديك لا تزيد غيره وقال عبد الرحمن بن المهدى منصور أثبت أهل الكوفة وقال سفيان كنت لا أحدث الاعمش عن أحد من أهل الكوفة الا رده فاذا قلت عن منصور سكت وقال أحمد بن حنبل منصور أثبت من إسماعيل بن أبى خالد وقال يحيى بن معين اذا اجتمع الاعمش ومنصور فقدم منصورا وقال أبو حاتم منصور أتقن من الاعمش لا يختلط ولا يدلس وقال الثورى ما خلفت بالكوفة آمن على الحديث من منصور وقال أبو زرعة سمعت ابراهيم بن موسى يقول أثبت أهل الكوفة منصور ثم مسعر وقال أحمد بن عبد الله منصور أثبت أهل الكوفة وكان مثل القدح لا يختلف فيه أحد وصام ستين سنة وقامها وأما عبادته وزهده وورعه وامتناعه من القضاء حين أكره عليه فأكثر من أن يحصر وأشهر من أن يذكر رحمه الله والله أعلم وهذا أول موضوع فى الكتاب جرى فيه ذكر أصحاب الألقاب فنتكلم فيه بقاعدة مختصرة قال العلماء من أصحاب الحديث والفقه وغيرهم يجوز ذكر الراوى بلقبه وصفته ونسبه الذى يكرههه اذا كان المراد تعريفه لا تنقيصه وجوز هذا للحاجة كما جوز جرحهم للحاجة مثال ذلك الاعمش والأعرج والأحول والأعمى والأصم والأشل والأثرم والزمن والمفلوح وبن علية وغير ذلك وقد صنفت فيه كتب معروفة

ص: 53

قال رحمه الله (كابن عون وأيوب السختيانى مع عوف بن أبى جميلة وأشعث الحمرانى) أما بن عون فهو عبد الله بن عون بن ارطبان وأما السختيانى فبفتح السين وكسر التاء المثناة قَالَ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ كان أيوب يبيع الجلود بالبصرة فلهذا قيل له السختيانى وأما عوف بن أبى جميلة فيعرف بعوف الاعرابى ولم يكن اعرابيا واسم أبى جميلة بندويه ويقال زريبة قال أحمد بن حنبل عوف ثقة صالح الحديث وقال يحيى بن معين ومحمد بن سعد هو ثقة كنيته أبو سهل وأما أشعث فهو بن عبد الملك أبو هانئ البصرى قال أبو بكر البرقانى قلت للدارقطنى أشعث عن الحسن قال هم ثلاثة يحدثون عن الحسن جميعا أحدهم الحمرانى منسوب إلى حمران مولى عثمان ثقة وأشعث بن عبد الله الحدانى بصرى يروى عن أنس بن مالك والحسن يعتبر به وأشعث بن سوار الكوفى يعتبر به وهو أضعفهم والله أعلم قوله (الا أن البون بينهما بعيد) البون بفتح الباء الموحدة معناه الفرق أى هما متباعدان كما قال وجدتهم متباينين وقوله (ليكون تمثيلهم سمة يصدر عن فهمها من غبى عليه طريق أهل العلم) أما السمة بكسر السين وتخفيف الميم فهي العلامة وقوله يصدر أى يرجع يقال صدر عن الماء والبلاد والحج اذا انصرف عنه بعد قضاء وطره فمعنى يصدر عن فهمها ينصرف عنها بعد فهمها وقضاء حاجته منها وقوله غبى

ص: 54

بفتح الغين وكسر الباء أى خفى قال رحمه الله (وقد ذكر عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أن ننزل الناس منازلهم) هذا الحديث قد تقدم بيانه فى فصل التعليق من الفصول المتقدمة واضحا ومن فوائده تفاضل الناس فى الحقوق على حسب منازلهم ومراتبهم وهذا فى بعض الأحكام أو أكثرها وقد سوى الشرع بينهم فى الحدود وأشباهها مما هو معروف والله أعلم قال رحمه الله (فأما ما كان منها عن قوم هم عند أهل الحديث متهمون أو عند الأكثر منهم فلسنا نتشاغل بتخريج حديثهم كعبد الله بن مسور أبى جعفر المداينى وعمرو بن خالد وعبد القدوس الشامى ومحمد بن سعيد المصلوب وغياث بن ابراهيم وسليمان بن عمرو أبى داود النخعى وأشباههم ممن اتهم بوضع الأحاديث وتوليد الأخبار) هؤلاء الجماعة المذكورون كلهم متهمون متروكون لا يتشاغل بأحد منهم لشدة ضعفهم وشهرتهم بوضع الأحاديث ومسور بكسر الميم وعبد القدوس الشامى بالشين المعجمة نسبة إلى الشام هذا هو الصواب فيه وحكى القاضي عياض أن بعض الشيوخ من رواة مسلم ضبطه بالسين المهملة قال وهو خطأ وهو خطأ كما قال وهذا لاخلاف فيه وهو عبد القدوس بن حبيب الكلاعى الشامى أبو سعيد روى عن عكرمة وعطاء وغيرهما قال بن أبى حاتم قال عمرو بن

ص: 55

على الفلاس أجمع أهل العلم على ترك حديثه فهذا هو عبد القدوس الذى عناه مسلم هنا ولهم آخر اسمه عبد القدوس ثقة وهو عبد القدوس بن الحجاج أبو المغيرة الخولانى الشامى الحمصى سمع صفوان بن عمرو والأوزاعى وغيرهما روى أحمد بن حنبل ويحيى بن معين ومحمد بن يحيى الذهلى وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمى وآخرون من كبار الأئمة والحفاظ قال أحمد بن عبد الله العجلى والدارقطنى وغيرهما هو ثقة وقد روى له البخارى ومسلم فى صحيحهما وأما محمد بن سعيد المصلوب فهو الدمشقى كنيته أبو عبد الرحمن ويقال أبو عبد الله ويقال أبو قيس وفى نسبه واسمه اختلاف كثير جدا لانعلم أحدا اختلف فيه كمثله وقد حكى الحافظ عبد الغنى المقدسى عن بعض أصحاب الحديث أنه يغلب اسمه على نحو مائة قال أبو حاتم الرازى متروك الحديث قتل وصلب فى الزندقة وقال أحمد بن حنبل قتله أبو جعفر فى الزندقة حديثه موضوع وقال خالد بن يزيد سمعته يقول اذا كان كلام حسن لم أر بأسا أن أجعل له اسنادا وأما غياث بن ابراهيم فبالغين المعجمة وهو كوفى كنيته أبو عبد الرحمن قال البخارى فى تاريخه تركوه وأما قوله وسليمان بن عمرو أبى داود فهو عمرو بفتح العين وبواو فى الخط وأبى دواد كنية سليمان هذا والله سبحانه أعلم وأما الحديث الموضوع فهو المختلق المصنوع وربما أخذ الواضع كلاما لغيره فوضعه وجعله حديثا وربما وضع كلاما من عند نفسه وكثير من الموضوعات أو أكثرها يشهد بوضعها ركاكة لفظها واعلم أن تعمد وضع الحديث حرام بِإِجْمَاعِ الْمُسْلِمِينَ الَّذِينَ يُعْتَدُّ بِهِمْ فِي الْإِجْمَاعِ وشذت الكرامية الفرقة المبتدعة فجوزت وضعه فى الترغيب والترهيب والزهد وقد سلك مسلكهم بعض الجهلة المتسمين بسمة الزهاد ترغيبا فى الخير فى زعمهم الباطل وهذه غباوة ظاهرة وجهالة متناهية ويكفى فى الرد عليهم قَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ وسنزيد هذا قريبا شرحا فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَأَمَّا قوله وتوليد الأخبار فمعناه انشاؤها وزيادتها قال رحمه الله (وعلامة المنكر فى الحديث

ص: 56

المحدث اذا ما عرضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضى خالفت روايته روايتهم أو لم تكد توافقها) هذا الذى ذكر رحمه الله هو المعنى المنكر عند المحدثين يعنى به المنكر المردود فانهم قد يطلقون المنكر على انفراد الثقة بحديث وهذا ليس بمنكر مردود اذا كان الثقة ضابطا متقنا وقوله أو لم تكد توافقها معناه لا توافقها الا فى قليل قال أهل اللغة كاد موضوعة للمقاربة فان لم يتقدمها نفى كانت لمقاربة الفعل ولم يفعل كقوله تعالى يكاد البرق يخطف أبصارهم وان تقدمها نفى كانت للفعل بعد بطء وان شئت قلت لمقاربة عدم الفعل كقوله تعالى فذبحوها وما كادوا يفعلون قال رحمه الله (فمن هذا الضرب من المحدثين عبد الله بن محرر ويحيى بن ابى أنيسة والجراح بن المنهال أبو العطوف وعباد بن كثير وحسين بن عبد الله بن ضميرة وعمر بن صهبان) أما عبد الله بن محرر فهو بفتح الحاء المهملة وبرائين مهملتين الاولى مفتوحة مشددة هكذا هو وفى روايتنا وف أصول أهل بلادنا وهذا هو الصواب وكذا ذكره البخارى فى تاريخه وأبو نصر بن ماكولا وأبو على الغسانى الجيانى وآخرون من الحفاظ وذكر القاضي عياض أن جماعة شيوخهم رووه محرزا باسكان الحاء وكسر الراء وآخره زاى قال وهو غلط والصواب الاول وعبد الله بن محرر عامرى جزرى رقى ولاه أبو جعفر قضاء الرقة وهو من تابعى التابعين روى عن الحسن وقتادة والزهرى ونافع مولى بن عمر وآخرين من التابعين وروى عنه الثورى وجماعات واتفق الحفاظ والمتقدمون على تركه قال أحمد بن حنبل ترك الناس حديثه وقال الآخرون مثله ونحوه وأما أبو أنيسة والد يحيى فاسمه زيد وأما أبو العطوف فبفتح العين وضم الطاء المهملتين والجراح بن منهال هذا جزرى يروى عن التابعين

ص: 57

سمع الحكم بن عتيبة والزهرى يروى عنه يزيد بن هارون قال البخارى وغيره هو منكر الحديث وأما صهبان فهو بضم الصاد المهملة واسكان الهاء وعمر بن صهبان هذا أسلمى مدنى ويقال فيه عمر بن محمد بن صهبان متفق على تركه قال رحمه الله كلاما مختصرا ان زيادة الثقة الضابط مقبولة ورواية الشاذ والمنكر مردودة وهذا الذى قاله الصحيح الذى عليه الجماهير من أصحاب الحديث والفقه والأصول وقد تقدم ايضاح هذه المسألة وبيان الخلاف فيها وما يتعلق بها فى الفصول السابقة والله أعلم قوله (قد نقل أصحابهما عنهما حديثهما على الاتفاق) هو هكذا فى معظم الأصول الاتفاق بالفاء أولا والقاف آخرا وفى بعضها الاتقان بالقاف أولا والنون آخرا والأول أجود وهو الصواب قوله (فيروى عنهما أو عن أحدهما العدد من الحديث) العدد منصوب يروى قوله (وقد شرحنا من مذهب الحديث وأهله بعض ما يتوجه به من أراد سبيل القوم ووفق لها) معنى يتوجه به يقصد طريقهم ويسلك مذهبهم

ص: 58

والسبيل الطريق وهما يؤنثان ويذكران والتوفيق خلق قدرة الطاعة قال رحمه الله (وسنزيد ان شاء الله تعالى شرحا وايضاحا في مواضع من الكتاب عند ذكر الأخبار المعللة اذا أتينا عليها في الأماكن التي يليق بها الشرح والايضاح ان شاء الله تعالى) هذا الذي ذكره مسلم مما اختلف فيه فقيل اخترمته المنية قبل جمعه وقيل بل ذكره في أبوابه من هذا الكتاب الموجود وقد تقدم بيان هذا واضحا في الفصول والله اعلم قوله (مما يقذفون به إلى الاغبياء) أي يلقونه اليهم والأغبياء بالغين المعجمة والباء الموحدة هم الغفلة والجهال والذين لا فطنة لهم قوله (سفيان بن عيينه) هذا أول موضع جاء ذكره رضى الله عنه والمشهور فيه ضم السين والعين وذكر بن السكيت في سفيان ثلاث لغات للعرب ضم السين وفتحها وكسرها وذكر أبو حاتم السختياني وغيره ضم العين وكسرها وهما وجهان لأهل العربية معروفان قال رحمه الله

ص: 59

(اعلم وفقك الله تعالى أن الواجب على كل احد عرف التمييز بين صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين أن لا يروى منها الا ما عرف صحة مخارجه والستارة في ناقليه وأن يتقى منها ما كان عن أهل التهم والمعاندين من أهل البدع) الستارة بكسر السين وهي ما يستتر به وكذلك السترة وهي هنا اشارة إلى الصيانة وقوله وأن يتقى منها ضبطناه بالتاء المثناة فوق بعد المثناة تحت وبالقاف من الاتقاء وهو الاجتناب وفي بعض الأصول وأن ينفى بالنون والفاء وهو صحيح أيضا وهو بمعنى الأول وقوله صحيح الروايات وسقيمها وثقات الناقلين لها من المتهمين ليس هو من باب التكرار للتأكيد بل له معنى غير ذلك فقد تصح الروايات لمتن ويكون الناقلون لبعض أسانيده متهمين فلا يشتغل بذلك الاسناد وأما قوله انه يجب أن يتقى ما كان منها عن المعاندين من أهل البدع فهذا مذهبه قال العلماء من المحدثين والفقهاء وأصحاب الأصول المبتدع الذي يكفر ببدعته لا تقبل روايته بالاتفاق وأما الذي لا يكفر بها فاختلفوا في روايته فمنهم من ردها مطلقا لفسقه ولا ينفعه التأويل ومنهم من قبلها مطلقا اذا لم يكن ممن يستحل الكذب في نصرة مذهبه أو لأهل مذهبه سواء كان داعية إلى بدعته أو غير داعية وهذا محكى عن امامنا الشافعى رحمه الله لقوله اقبل شهادة أهل الاهواء لا الخطابية من الرافضة لكونهم يرون الشهادة بالزور لموافقيهم ومنهم من قال تقبل اذا لم يكن داعية إلى بدعته ولا تقبل اذا كان داعية وهذا مذهب كثيرين أو الأكثر من العلماء وهو الأعدل الصحيح وقال بعض أصحاب الشافعى رحمه الله اختلف أصحاب الشافعى في غير الداعية واتفقوا على عدم قبول الداعية وقال أبو حاتم بن حيان بكسر الحاء لا يجوز الاحتجاج بالداعية عند أئمتنا قاطبة

ص: 60

لا خلاف بينهم في ذلك وأما المذهب الأول فضعيف جدا ففى الصحيحين وغيرهما من كتب أئمة الحديث الاحتجاج بكثيرين من المبتدعة غير الدعاة ولم يزل السلف والخلف على قبول الرواية منهم والاحتجاج بها والسماع منهم واسماعهم من غير انكار منهم والله اعلم قال رحمه الله (والخبر وان فارق معناه معنى الشهادة في بعض الوجوه فقد يجتمعان في معظم معانيهما) هذا من الدلائل الصريحة على عظم قدر مسلم وكثرة فقهه اعلم أن الخبر والشهادة يشتركان في أوصاف ويفترقان في أوصاف فيشتركان في اشتراط الاسلام والعقل والبلوغ والعدالة والمرؤة وضبط الخبر والمشهود به عند التحمل والأداء ويفترقان في الحرية والذكورية والعدد والتهمة وقبول الفرع مع وجود الأصل فيقبل خبر العبد والمرأة والواحد ورواية الفرع مع حضور الاصل الذى هو شيخه ولا تقبل شهادتهم الا في المرأة في بعض المواضع مع غيرها وترد الشهادة بالتهمة كشهادته على عدوه وبما يدفع به عن نفسه ضررا أو يجر به اليها نفعا ولولده ووالده واختلفوا في شهادة الأعمى فمنعها الشافعى وطائفة وأجازها مالك وطائفة واتفقوا على قبول خبره وانما فرق الشرع بين الشهادة والخبر في هذه الأوصاف لأن الشهادة تخص فيظهر فيها التهمة والخبر يعمه وغيره من الناس أجمعين فتنتفى التهمة وهذه الجملة قول العلماء الذين يعتد بهم وقد شذ عنهم جماعة في أفراد بعض هذه الجملة فمن ذلك شرط بعض أصحاب الأصول أن يكون تحمله الرواية في حال البلوغ والاجماع يرد عليه وانما يعتبر البلوغ حال الرواية لا حال السماع وجوز بعض أصحاب الشافعى رواية الصبى وقبولها منه في حال الصبا

ص: 61

والمعروف من مذاهب العلماء مطلقا ما قدمناه وشرط الجبائى المعتزلى وبعض القدرية العدد في الرواية فقال الجبائى لا بد من اثنين عن اثنين كالشهادة وقال القائل من القدرية لا بد من أربعة عن أربعة في كل خبر وكل هذه الأقوال ضعيفة ومنكرة مطرحة وقد تظاهرت دلائل النصوص الشرعية والحجج العقلية على وجوب العمل بخبر الواحد وقد قرر العلماء في كتب الفقه والأصول ذلك بدلائله وأوضحوه أبلغ ايضاح وصنف جماعات من أهل الحديث وغيرهم مصنفات مستكثرات مستقلات فى خبر الواحد ووجوب العمل به والله أعلم ثم ان قولنا تشترط العدالة والمروءة يدخل فيه مسائل كثيرة معروفة فى كتب الفقه يطول الكلام بتفصيلها قال رحمه الله (وهو الْأَثَرُ الْمَشْهُورُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ حَدَّثَ عَنِّي بِحَدِيثٍ يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فهو أحد الكاذبين حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ حَدَّثَنَا وكيع عن شعبة عَنِ الْحَكَمِ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي ليلى عن سمرة بن جندب ح وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ أيضا حدثنا وكيع عن شعبة وسفيان عن حبيب عن ميمون بن أبى شبيب عن المغيرة

ص: 62

بن شعبة قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذلك) أما قَوْلُهُ الْأَثَرُ الْمَشْهُورُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ جَارٍ عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ الَّذِي قَالَهُ الْمُحَدِّثُونَ وَغَيْرُهُمْ وَاصْطَلَحَ عَلَيْهِ السلف وجماهير الخلف وهو أن الْأَثَرُ يُطْلَقُ عَلَى الْمَرْوِيِّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَوْ عَنْ صَحَابِيٍّ وَقَالَ الْفُقَهَاءُ الْخُرَاسَانِيُّونَ الْأَثَرُ هُوَ مَا يُضَافُ إِلَى الصَّحَابِيِّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا الْمُغِيرَةُ فَبِضَمِّ الْمِيمِ عَلَى المشهور وذكر بن السكيت وبن قُتَيْبَةَ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ يُقَالُ بِكَسْرِهَا أَيْضًا وَكَانَ الْمُغِيرَةُ بْنُ شُعْبَةَ رضي الله عنه أَحَدُ دهاة العرب كنيته أبوعيسى وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَأَبُو مُحَمَّدٍ مَاتَ سَنَةَ خَمْسِينَ وَقِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَخَمْسِينَ أَسْلَمَ عَامَ الْخَنْدَقِ وَمِنْ طُرَفِ أَخْبَارِهِ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْهُ أَنَّهُ أَحْصَنَ فِي الْإِسْلَامِ ثَلَاثَمِائَةِ امْرَأَةٍ وَقِيلَ أَلْفَ امْرَأَةٍ وَأَمَّا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ فَبِضَمِّ الدَّالِ وَفَتْحِهَا وَهُوَ سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبِ بْنِ هِلَالٍ الْفَزَارِيُّ كُنْيَتُهُ أَبُو سَعِيدٍ وَيُقَالُ أبو عبد الله وَيُقَالُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَيُقَالُ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ أَبُو سُلَيْمَانَ مَاتَ بِالْكُوفَةِ فِي آخِرِ خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ رحمهم الله وَأَمَّا سُفْيَانُ الْمَذْكُورُ هُنَا فَهُوَ الثَّوْرِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ السِّينَ مِنْ سُفْيَانَ مَضْمُومَةٌ وَتُفْتَحُ وتكسر وأما الحكم فهو بن عُتَيْبَةَ بِالْمُثَنَّاةِ مِنْ فَوْقُ وَآخِرَهُ بَاءٌ مُوَحَّدَةٌ ثُمَّ هَاءٌ وَهُوَ مِنْ أَفْقَهِ التَّابِعِينَ وَعُبَّادِهِمْ رضى الله عنه وأما حبيب فهو بن أَبِي ثَابِتٍ قَيْسٍ التَّابِعِيُّ الْجَلِيلُ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ كَانَ بِالْكُوفَةِ ثَلَاثَةٌ لَيْسَ لَهُمْ رَابِعٌ حَبِيبُ بْنُ أَبِي ثَابِتٍ وَالْحَكَمُ وَحَمَّادٌ وَكَانُوا أَصْحَابَ الْفُتْيَا وَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ إِلَّا ذَلَّ لِحَبِيبٍ وَفِي هَذَيْنِ الْإِسْنَادَيْنِ لَطِيفَتَانِ مِنْ عِلْمِ الْإِسْنَادِ إِحْدَاهُمَا أَنَّهُمَا إِسْنَادَانِ رُوَاتُهُمَا كُلُّهُمْ كُوفِيُّونَ الصَّحَابِيَّانِ وَشَيْخَا مُسْلِمٍ وَمَنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا شُعْبَةَ فَإِنَّهُ وَاسِطِيٌّ ثُمَّ بَصْرِيٌّ وَفِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ مِنْ هَذَا النَّوْعِ كَثِيرٌ جِدًّا سَتَرَاهُ فِي مَوَاضِعِهِ حَيْثُ نُنَبِّهُ عَلَيْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَاللَّطِيفَةُ الثَّانِيَةُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنَ الْإِسْنَادَيْنِ فِيهِ تَابِعِيٌّ رَوَى عَنْ تَابِعِيٍّ وَهَذَا كَثِيرٌ وَقَدْ يَرْوِي ثَلَاثَةٌ تَابِعِيُّونَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ أَيْضًا كَثِيرٌ لَكِنَّهُ دُونَ الْأَوَّلِ وَسَنُنَبِّهُ عَلَى كَثِيرٍ مِنْ هَذَا في مواضعه وقد يروى أربعة تابعيون بعضهم عَنْ بَعْضٍ وَهَذَا قَلِيلٌ جِدًّا وَكَذَلِكَ وَقَعَ مِثْلُ هَذَا كُلِّهِ فِي الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم صَحَابِيٌّ عَنْ صَحَابِيٍّ كَثِيرٌ وَثَلَاثَةٌ صَحَابَةٌ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَأَرْبَعَةٌ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ وَهُوَ قَلِيلٌ جِدًّا وَقَدْ جَمَعْتُ أَنَا الرُّبَاعِيَّاتِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ فِي أَوَّلِ شَرْحِ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ بِأَسَانِيدِهَا وَجُمَلٍ مِنْ طُرُقِهَا وَأَمَّا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى فَإِنَّهُ مِنْ أَجَلِّ التَّابِعِينَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَارِثِ مَا شَعُرَتُ أَنَّ النِّسَاءَ وَلَدَتْ مِثْلَهُ وَقَالَ

ص: 63

عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ عُمَيْرٍ رَأَيْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي لَيْلَى فِي حَلْقَةٍ فِيهَا نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَسْتَمِعُونَ لِحَدِيثِهِ وَيُنْصِتُونَ لَهُ فِيهِمُ الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ مَاتَ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَثَمَانِينَ وَاسْمُ أَبِي لَيْلَى يَسَارٌ وَقِيلَ بِلَالٌ وَقِيلَ بُلَيْلٌ بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَبَيْنَ اللَّامَيْنِ مُثَنَّاةٌ مِنْ تَحْتٍ وَقِيلَ دَاوُدُ وَقِيلَ لَا يُحْفَظُ اسْمُهُ وَأَبُو لَيْلَى صَحَابِيٌّ قُتِلَ مَعَ عَلِيٍّ رضي الله عنهما بصفين وأما بن أَبِي لَيْلَى الْفَقِيهُ الْمُتَكَرِّرُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَالَّذِي لَهُ مَذْهَبٌ مَعْرُوفٌ فَاسْمُهُ مُحَمَّدٌ وَهُوَ بن عَبْدِ الرَّحْمَنِ هَذَا وَهُوَ ضَعِيفٌ عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ والله أعلم وأما أبو بكر بن أبى شَيْبَةَ فَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ وَقَدْ أَكْثَرَ مُسْلِمٌ مِنَ الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَعَنْ أَخِيهِ عُثْمَانَ وَلَكِنْ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَكْثَرُ وَهُمَا أَيْضًا شَيْخَا الْبُخَارِيِّ وَهُمَا مَنْسُوبَانِ إِلَى جَدِّهِمَا وَاسْمُ أَبِيهِمَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُوَاسْتِيٍّ بِخَاءٍ مُعْجَمَةٍ مَضْمُومَةٍ ثُمَّ وَاوٍ مُخَفَّفَةٍ ثُمَّ أَلِفٍ ثُمَّ سِينٍ مُهْمَلَةٍ سَاكِنَةٍ ثُمَّ تَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ فَوْقُ ثُمَّ يَاءٍ مُثَنَّاةٍ مِنْ تَحْتٍ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُثْمَانَ ابْنَيْ أَبِي شَيْبَةَ أَخٌ ثَالِثٌ اسْمُهُ الْقَاسِمُ وَلَا رِوَايَةَ لَهُ فِي الصَّحِيحِ كَانَ ضَعِيفًا وَأَبُو شَيْبَةَ هُوَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُثْمَانَ وَكَانَ قَاضِيَ وَاسِطٍ وَهُوَ ضَعِيفٌ مُتَّفَقٌ عَلَى ضَعْفِهِ وَأَمَّا ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَالِدُ بَنِي أَبِي شَيْبَةَ فَكَانَ عَلَى قَضَاءِ فَارِسَ وَكَانَ ثِقَةٌ قَالَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُ وَيُقَالُ لِأَبِي شَيْبَةَ وَابْنِهِ وَبَنِي ابْنِهِ عَبْسِيُّونَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَأَمَّا أَبُو بَكْرٍ وَعُثْمَانُ فَحَافِظَانِ جَلِيلَانِ وَاجْتَمَعَ فِي مَجْلِسِ أَبِي بَكْرٍ نَحْوُ ثَلَاثِينَ أَلْفَ رَجُلٍ وَكَانَ أَجَلَّ مِنْ عُثْمَانَ وَأَحْفَظَ وَكَانَ عُثْمَانُ أَكْبَرَ مِنْهُ سِنًّا وَتَأَخَّرَتْ وَفَاةُ عُثْمَانَ فَمَاتَ سَنَةَ تِسْعٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَتَيْنِ وَمَاتَ أَبُو بَكْرٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِنْ طُرَفِ مَا يَتَعَلَّقُ بِأَبِي بَكْرٍ مَا ذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ الْخَطِيبُ الْبَغْدَادِيُّ قَالَ حَدَّثَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ كَاتِبِ الْوَاقِدِيِّ وَيُوسُفَ بْنِ يَعْقُوبَ أَبُو عَمْرٍو والنيسابورى وبين وفاتيهما مِائَةٌ وَثَمَانٍ أَوْ سَبْعُ سِنِينَ وَاللَّهُ أَعْلَمُ وَأَمَّا ذِكْرُ مُسْلِمٍ رحمه الله مَتْنَ الْحَدِيثِ ثُمَّ قَوْلُهُ حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ وَذَكَرَ إِسْنَادَيْهِ إِلَى الصَّحَابِيَّيْنِ ثُمَّ قَالَ قَالَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ذَلِكَ فَهُوَ جَائِزٌ بِلَا شَكٍّ وَقَدْ قَدَّمْنَا بَيَانَهُ فِي الْفُصُولِ السَّابِقَةِ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ فَهَذَا مُخْتَصَرُ مَا يَتَعَلَّقُ بِإِسْنَادِ هَذَا الْحَدِيثِ وَيُحْتَمَلُ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ حَالِ بَعْضِ رُوَاتِهِ وَإِنْ كَانَ لَيْسَ هُوَ غَرَضُنَا لَكِنَّهُ أَوَّلُ مَوْضِعٍ جَرَى ذِكْرُهُمْ فَأَشَرْنَا إِلَيْهِ رَمْزًا وَأَمَّا مَتْنُهُ فَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم يُرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ ضَبَطْنَاهُ يُرَى بِضَمِّ الْيَاءِ وَالْكَاذِبِينَ بِكَسْرِ الْبَاءِ وَفَتْحِ النُّونِ عَلَى الْجَمْعِ وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي اللَّفْظَتَيْنِ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ الرِّوَايَةُ فِيهِ عِنْدنَا الْكَاذِبِينَ عَلَى الْجَمْعِ وَرَوَاهُ أَبُو نُعَيْمٍ الْأَصْبَهَانِيُّ فِي كتابه المستخرج على صحيح

ص: 64