المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب جهنم أعاذنا الله منها[2842]قوله (حدثنا عمر بن حفص - شرح النووي على مسلم - جـ ١٧

[النووي]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار)

- ‌(باب الحث على ذكر الله تعالى[2675]قَوْلُهُ عز وجل (أَنَا عِنْدَ

- ‌(باب فى اسماء الله تعالى وفضل من أحصاها[2677]قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌(باب العزم فى الدعاء وَلَا يَقُلْ إِنْ شِئْتَ[2678]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(باب فضل الذكر والدعاء والتقرب إلى الله تعالى وحسن

- ‌(بَاب فَضْلِ مَجَالِسِ الذَّكَرِ[2689]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إِنَّ

- ‌(بَاب فَضْلِ الدعاء باللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي

- ‌(بَاب فَضْلِ الِاجْتِمَاعِ عَلَى تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَعَلَى الذِّكْرِ[2699]فيهِ

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ الِاسْتِغْفَارِ وَالِاسْتِكْثَارِ مِنْهُ[2702]قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌(باب التوبة قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم يَا أَيُّهَا النَّاسُ

- ‌(بَاب اسْتِحْبَابِ خَفْضِ الصَّوْتِ بالذكر إلافى المواضع التى

- ‌(باب فى الأدعية[2716]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم اللَّهُمَّ إِنِّي

- ‌(باب التسبيح أول النهار وعند النوم[2726]قَوْلُهُ (وَهِيَ فِي

- ‌(باب استحباب الدعاء عند صياح الديك[2729]قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ

- ‌(بَاب دعاء الكرب[2730]فيه حديث بن عَبَّاسٍ وَهُوَ حَدِيثٌ جَلِيلٌ

- ‌(قَوْلُهُ (كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ) هُوَ بِحَاءٍ مُهْمَلَةٍ ثُمَّ زَايٍ

- ‌(بَاب فَضْلِ سُبْحَانَ اللَّهِ وَبِحَمْدِهِ[2731]قَوْلُهُ (عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ

- ‌(بَاب فَضْلِ الدُّعَاءِ لِلْمُسْلِمِينَ بِظَهْرِ الْغَيْبِ)

- ‌(باب استحباب حمدالله تَعَالَى بَعْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ)

- ‌(بَاب بَيَانِ أَنَّهُ يُسْتَجَابُ لِلدَّاعِي مَا لَمْ يَعْجَلْ (فَيَقُولُ دَعَوْتُ

- ‌كتاب الرقاق)

- ‌(بَاب قِصَّةِ أَصْحَابِ الْغَارِ الثَّلَاثَةِ وَالتَّوَسُّلِ بِصَالِحِ الْأَعْمَالِ

- ‌كتاب التوبة)

- ‌(باب سقوط الذنوب بالا ستغفار تَوْبَةً[2748]قَوْلُهُ (عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ

- ‌(باب فضل دوام الذكر والفكر فى أمور الآخرة

- ‌(باب سعة رحمة الله تعالى وأنها تغلب غضبه))

- ‌(بَاب قَبُولِ التَّوْبَةِ مِنْ الذُّنُوبِ وَإِنْ تَكَرَّرَتْ الذُّنُوبُ

- ‌(بَاب غَيْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ[2760]قَدْ سبق تفسير

- ‌(بَاب قَوْله تَعَالَى إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ[2763]قَوْلُهُ فِي

- ‌(باب قبول توبة القاتل وان كثرهم قَتْلُهُ)

- ‌(باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه)

- ‌(بَاب فِي حَدِيثِ الْإِفْكِ وَقَبُولِ تَوْبَةِ الْقَاذِفِ)

- ‌(بَاب بَرَاءَةِ حَرَمِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ الرِّيبَةِ

- ‌(كِتَاب صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ وَأَحْكَامِهِمْ)

- ‌(كِتَاب صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ)

- ‌(باب ابتداء الخلق وخلق آدم عليه السلام[2789]قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌(بَاب فِي الْبَعْثِ وَالنُّشُورِ وَصِفَةِ الْأَرْضِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ[2790]قَوْلُهُ

- ‌(باب نزل أهل الجنة[2792]قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تَكُونُ

- ‌(بَاب سُؤَالِ الْيَهُودِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الرُّوحِ

- ‌(باب قوله تعالى إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى

- ‌(بَاب الدُّخَانِ[2798]قَوْلُهُ (إِنَّ قَاصًّا عِنْدَ أَبْوَابِ كنودة) هُوَ بَابٌ

- ‌(بَابُ انْشِقَاقِ الْقَمَرِ[2800]قَالَ الْقَاضِي انْشِقَاقُ الْقَمَرِ مِنْ أُمَّهَاتِ

- ‌(باب فى الكفار[2804]قال صلى الله عليه وسلم (لاأحد أَصْبَرَ

- ‌(باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا[2805]قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌(بَاب جَزَاءِ الْمُؤْمِنِ بِحَسَنَاتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَتَعْجِيلِ

- ‌(باب مثل المؤمن كالزرع والمنافق والكافر كالأرزة)

- ‌(باب مثل المؤمن مثل النخلة)

- ‌(بَاب تَحْرِيشِ الشَّيْطَانِ وَبَعْثِهِ سَرَايَاهُ لِفِتْنَةِ النَّاسِ وَأَنَّ مَعَ

- ‌(بَاب لَنْ يَدْخُلَ أَحَدٌ الْجَنَّةَ بِعَمَلِهِ بَلْ بِرَحْمَةِ اللَّهُ تَعَالَى)

- ‌(باب إكثارالأعمال والاجتهاد فى العبادة[2819]قوله (ان صلى

- ‌(باب الاقتصاد فى الموعظة[2821]قوله (ما يمنعنى أن أخرج

- ‌كتاب الجنة وصفة نعيمها واهلها)

- ‌قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ وَحُفَّتِ

- ‌(بَاب جهنم أعاذنا الله منها[2842]قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ

- ‌(باب فناء الدنيا وبيان الحشر يَوْمَ الْقِيَامَةِ[2858]قَوْلُهُ صَلَّى

- ‌(بَاب فِي صِفَةِ يوم القيامة أعاننا الله على أهواله)

- ‌(باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل

- ‌(بَاب عَرْضِ مَقْعَدِ الْمَيِّتِ مِنْ الْجَنَّةِ أَوْ النَّارِ عَلَيْهِ وَإِثْبَاتِ

- ‌(باب الأمر بحسن الظن بالله تعالى عند الموت[2877]قوله

الفصل: ‌(باب جهنم أعاذنا الله منها[2842]قوله (حدثنا عمر بن حفص

بِوَصْلِهِ عَلَى الْمَذْهَبِ الصَّحِيحِ لِأَنَّ مَعَ الْوَاصِلِ زِيَادَةٌ عُلِمَ حِفْظُهَا وَلَمْ يَحْفَظْهَا مَنْ أَرْسَلَهُ وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[2841]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ عَلَى صُورَتِهِ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا) هَذَا الْحَدِيثُ سَبَقَ شَرْحُهُ وَبَيَانُ تَأْوِيلِهِ وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ ظَاهِرَةٌ فِي أَنَّ الضَّمِيرَ فِي صورته عائد إلى آدم وأن المرادأنه خُلِقَ فِي أَوَّلِ نَشْأَتِهِ عَلَى صُورَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا فِي الْأَرْضِ وَتُوُفِّيَ عَلَيْهَا وَهِيَ طُولُهُ سِتُّونَ ذِرَاعًا وَلَمْ يَنْتَقِلْ أَطْوَارًا كَذُرِّيَّتِهِ وَكَانَتْ صُورَتُهُ فِي الْجَنَّةِ هِيَ صُورَتُهُ فِي الْأَرْضِ لَمْ تَتَغَيَّرْ قَوْلُهُ (قَالَ اذْهَبْ فَسَلِّمْ عَلَى أُولَئِكَ النَّفَرِ وَهُمْ نَفَرٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ جُلُوسٌ فَاسْتَمِعْ مَا يُحَيُّونَكَ فَإِنَّهَا تَحِيَّتُكَ وَتَحِيَّةُ ذُرِّيَّتِكَ فَذَهَبَ فَقَالَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ فَقَالُوا السَّلَامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ) فِيهِ أَنَّ الْوَارِدَ عَلَى جُلُوسٍ يُسَلِّمُ عَلَيْهِمْ وَأَنَّ الْأَفْضَلَ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ بِالْأَلِفِ وَاللَّامِ وَلَوْ قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ كَفَاهُ وَأَنَّ رَدَّ السَّلَامِ يُسْتَحَبُّ أَنْ يَكُونَ زِيَادَةً عَلَى الِابْتِدَاءِ وَأَنَّهُ يَجُوزُ فِي الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ وَعَلَيْكُمُ السَّلَامُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ

‌(بَاب جهنم أعاذنا الله منها

[2842]

قَوْلُهُ (حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ حَفْصٍ

حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ الْعَلَاءِ بْنِ خَالِدٍ الْكَاهِلِيِّ عَنْ شَقِيقِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ الْحَدِيثَ) هَذَا الْحَدِيثُ مِمَّا اسْتَدْرَكَهُ الدَّارَقُطْنِيُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَقَالَ رَفْعُهُ وَهَمٌ رواه الثورى ومروان وغيرهما عن)

ص: 178

العلاءابن خالد مؤقوفا قُلْتُ وَحَفْصٌ ثِقَةٌ حَافِظٌ إِمَامٌ فَزِيَادَتُهُ الرَّفْعَ مَقْبُولَةٌ كَمَا سَبَقَ نَقْلُهُ عَنِ الْأَكْثَرِينَ وَالْمُحَقِّقِينَ

[2844]

قَوْلُهُ (سَمِعَ وَجْبَةً) هِيَ بِفَتْحِ الْوَاوِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَهِيَ السَّقْطَةُ قَوْلُهُ (فِي حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبَّادٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ وَقَالَ هَذَا وَقَعَ فِي أَسْفَلِهَا فَسَمِعْتُمْ وَجْبَتَهَا) هَكَذَا هُوَ فِي النُّسَخِ وَهُوَ صَحِيحٌ فِيهِ مَحْذُوفٌ دَلَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ أَيْ هَذَا حَجَرٌ وَقَعَ أَوْ هَذَا حِينُ

ص: 179

وَنَحْوِ ذَلِكَ

[2845]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ يَعْنِي النَّارُ إِلَى حُجْزَتِهِ) هِيَ بِضَمِّ الْحَاءِ وَإِسْكَانِ الْجِيمِ وَهِيَ مَعْقِدُ الازار والسراويل وَمِنْهُمْ مَنْ تَأْخُذُهُ إِلَى تَرْقُوتِهِ هِيَ بِفَتْحِ التَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ وَهِيَ الْعَظْمُ الَّذِي بَيْنَ ثَغْرَةِ النَّحْرِ وَالْعَاتِقِ وَفِي رِوَايَةٍ حَقْوَيْهِ بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَهُمَا

ص: 180

معقد الازار والمراد هنا ما يخاذى ذَلِكَ الْمَوْضِعَ مِنْ جَنْبَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (تَحَاجَّتِ النَّارُ وَالْجَنَّةُ) إِلَى آخِرِهِ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى ظَاهِرِهِ وَأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَلَ فِي النَّارِ وَالْجَنَّةِ تَمْيِيزًا تُدْرَكَانِ بِهِ فتحاجتا ولايلزم مِنْ هَذَا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّمْيِيزُ فِيهِمَا دَائِمًا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَقَالَتِ الْجَنَّةُ فَمَا لِي لَا يَدْخُلُنِي إِلَّا ضُعَفَاءُ النَّاسِ وَسَقَطُهُمْ وَعَجَزُهُمْ) أَمَّا سَقَطُهُمْ فَبِفَتْحِ السِّينِ والقاف أى ضعفاؤهم والمتحقرون منهم وأما عجزهم فبفتح الْعَيْنِ وَالْجِيمِ جَمْعُ عَاجِزٍ أَيْ الْعَاجِزُونَ عَنْ طَلَبِ الدُّنْيَا وَالتَّمَكُّنِ فِيهَا وَالثَّرْوَةِ وَالشَّوْكَةِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ فَفِيهَا لَا يدخلنى الاضعاف النَّاسِ وَغِرَّتُهُمْ فَرُوِيَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ حَكَاهَا الْقَاضِي وَهِيَ مَوْجُودَةٌ فِي النُّسَخِ إِحْدَاهَا غَرَثُهُمْ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَثَاءٍ مُثَلَّثَةٍ قَالَ الْقَاضِي هَذِهِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ مِنْ شُيُوخِنَا وَمَعْنَاهَا أَهْلُ الْحَاجَةِ وَالْفَاقَةِ وَالْجُوعِ وَالْغَرَثُ الْجُوعُ وَالثَّانِي عَجَزَتُهُمْ بِعَيْنٍ مُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَجِيمٍ وَزَايٍ وَتَاءٍ جَمْعُ عَاجِزٍ كَمَا سَبَقَ وَالثَّالِثُ غِرَّتُهُمْ بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ مَكْسُورَةٍ وَرَاءٍ مُشَدَّدَةٍ وَتَاءٍ مُثَنَّاةٍ فَوْقُ وَهَكَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا أَيْ الْبُلْهُ الْغَافِلُونَ الَّذِينَ لَيْسَ بِهِمْ فَتْكٌ وَحِذْقٌ فِي أُمُورِ الدُّنْيَا وَهُوَ نَحْوُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْبُلْهُ قَالَ الْقَاضِي مَعْنَاهُ سَوَادُ الناس وعامتهم من أهل الايمان الذين لايفطنون لِلسُّنَّةِ فَيَدْخُلُ عَلَيْهِمِ الْفِتْنَةُ أَوْ يُدْخِلُهُمْ فِي البدعة أو غيرها فهم ثابتوا الايمان وصحيحوا الْعَقَائِدِ وَهُمْ أَكْثَرُ الْمُؤْمِنِينَ وَهُمْ أَكْثَرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَمَّا الْعَارِفُونَ وَالْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ وَالصَّالِحُونَ الْمُتَعَبِّدُونَ فَهُمْ قَلِيلُونَ وَهُمْ أَصْحَابُ الدَّرَجَاتِ قَالَ وَقِيلَ مَعْنَى الضُّعَفَاءِ هُنَا وَفِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ أَهْلُ الْجَنَّةُ كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ أَنَّهُ الْخَاضِعُ لِلَّهِ تَعَالَى الْمُذِلُّ نَفْسَهُ لَهُ سبحانه وتعالى ضِدُّ المتجبر المستكبر

ص: 181

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَتَقُولُ قَطْ قط فهنالك تمتلىء وَيُزْوَى بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ) مَعْنَى يُزْوَى يُضَمُّ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فَتَجْتَمِعُ وَتَلْتَقِي عَلَى مَنْ فِيهَا وَمَعْنَى قَطْ حَسْبِي أَيْ يَكْفِينِي هَذَا وَفِيهِ ثَلَاثُ لُغَاتٍ قَطْ قَطْ بِإِسْكَانِ الطَّاءِ فِيهِمَا وَبِكَسْرِهَا مُنَوَّنَةٌ وَغَيْرُ مُنَوَّنَةٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فأما النار فلا تمتلىء حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ تبارك وتعالى رِجْلَهُ) وَفِي الرواية التى بعدها لاتزال جَهَنَّمُ تَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ حَتَّى يَضَعَ فِيهَا رَبُّ الْعِزَّةِ تبارك وتعالى قَدَمَهُ فَتَقُولُ قَطْ قَطْ وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى فَيَضَعُ قَدَمَهُ عَلَيْهَا هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ مَشَاهِيرِ أَحَادِيثِ الصِّفَاتِ وَقَدْ سَبَقَ مَرَّاتٍ بَيَانُ اخْتِلَافِ الْعُلَمَاءِ فِيهَا عَلَى مَذْهَبَيْنِ أَحَدُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ السَّلَفِ وطائفة من المتكلمين أنه لايتكلم فِي تَأْوِيلِهَا بَلْ نُؤْمِنُ أَنَّهَا حَقٌّ عَلَى مَا أَرَادَ اللَّهُ وَلَهَا مَعْنَى يَلِيقُ بِهَا وَظَاهِرُهَا غَيْرُ مُرَادٍ وَالثَّانِي

ص: 182

وَهُوَ قَوْلُ جُمْهُورِ الْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهَا تُتَأَوَّلُ بِحَسَبِ مَا يَلِيقُ بِهَا فَعَلَى هَذَا اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ هَذَا الْحَدِيثِ فَقِيلَ الْمُرَادُ بِالْقَدَمِ هُنَا الْمُتَقَدِّمُ وَهُوَ شَائِعٌ فِي اللُّغَةِ وَمَعْنَاهُ حَتَّى يَضَعَ اللَّهُ تَعَالَى فِيهَا مَنْ قَدَّمَهُ لَهَا مِنْ أَهْلِ الْعَذَابِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَالْقَاضِي هَذَا تأويل النضر بن شميل ونحوه عن بن الْأَعْرَابِيِّ الثَّانِي أَنَّ الْمُرَادَ قَدَمُ بَعْضِ الْمَخْلُوقِينِ فَيَعُودُ الضَّمِيرُ فِي قَدَمِهِ إِلَى ذَلِكِ الْمَخْلُوقِ الْمَعْلُومِ الثَّالِثُ أَنَّهُ يُحْتَمَلُ أَنَّ فِي الْمَخْلُوقَاتِ مَا يُسَمَّى بِهَذِهِ التَّسْمِيَةِ وَأَمَّا الرِّوَايَةُ الَّتِي فِيهَا يَضَعُ اللَّهُ فِيهَا رِجْلَهُ فَقَدْ زَعَمَ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرِ بْنِ فَوْرَكَ أَنَّهَا غَيْرُ ثَابِتَةٍ عِنْدَ أَهْلِ النَّقْلِ وَلَكِنْ قَدْ رَوَاهَا مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ فَهِيَ صَحِيحَةٌ وَتَأْوِيلُهَا كَمَا سَبَقَ فِي الْقَدَمِ وَيَجُوزُ أَيْضًا أَنْ يُرَادَ بِالرِّجْلِ الْجَمَاعَةُ مِنَ النَّاسِ كَمَا يُقَالُ رِجْلٌ مِنْ جَرَادٍ أَيْ قِطْعَةٌ مِنْهُ قَالَ الْقَاضِي أَظْهَرُ التَّأْوِيلَاتِ أَنَّهُمْ قَوْمٌ اسْتَحَقُّوهَا وَخُلِقُوا لَهَا قَالُوا ولابد مِنْ صَرْفِهِ عَنْ ظَاهِرِهِ لِقِيَامِ الدَّلِيلِ الْقَطْعِيِّ الْعَقْلِيِّ عَلَى اسْتِحَالَةِ الْجَارِحَةِ عَلَى اللَّهُ تَعَالَى قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (ولايظلم اللَّهُ مِنْ خَلْقِهِ أَحَدًا) قَدْ سَبَقَ مَرَّاتٍ بَيَانُ أَنَّ الظُّلْمَ مُسْتَحِيلٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تعالى فمن عذبه بذنب أو بلاذنب فَذَلِكَ عَدْلٌ مِنْهُ سبحانه وتعالى قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَأَمَّا الْجَنَّةُ فَإِنَّ اللَّهَ ينشىء لَهَا خَلْقًا) هَذَا دَلِيلٌ لِأَهْلِ السُّنَّةِ أَنَّ الثَّوَابَ لَيْسَ مُتَوَقِّفًا عَلَى الْأَعْمَالِ فَإِنَّ هَؤُلَاءِ يُخْلَقُونَ حِينَئِذٍ وَيُعْطَوْنَ فِي الْجَنَّةِ مَا يُعْطَوْنَ بِغَيْرِ عَمَلٍ وَمِثْلُهُ أَمْرُ الْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينَ الَّذِينَ لَمْ يَعْمَلُوا طَاعَةً قَطُّ فَكُلُّهُمْ فِي الْجَنَّةِ بِرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَفَضْلِهِ وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ

ص: 183

دَلِيلٌ عَلَى عِظَمِ سَعَةِ الْجَنَّةِ فَقَدْ جَاءَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ لِلْوَاحِدِ فِيهَا مِثْلُ الدُّنْيَا وَعَشْرَةِ أَمْثَالِهَا ثُمَّ يَبْقَى فِيهَا شَيْءٌ لِخَلْقٍ يُنْشِئُهُمُ اللَّهُ تَعَالَى

[2849]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ فَيُذْبَحُ ثُمَّ يُقَالُ خلود فلاموت) قَالَ الْمَازِرِيُّ الْمَوْتُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ عَرَضٌ يُضَادُّ الْحَيَاةِ وَقَالَ بَعْضُ الْمُعْتَزِلَةِ لَيْسَ بِعَرَضٍ بَلْ مَعْنَاهُ عَدَمُ الْحَيَاةِ وَهَذَا خَطَأ لِقَوْلِهِ تعالى خلق الموت

ص: 184

والحياة فَأَثْبَتَ الْمَوْتَ مَخْلُوقًا وَعَلَى الْمَذْهَبَيْنِ لَيْسَ الْمَوْتُ بِجِسْمٍ فِي صُورَةِ كَبْشٍ أَوْ غَيْرِهِ فَيُتَأَوَّلُ الْحَدِيثُ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يَخْلُقُ هَذَا الْجِسْمَ ثم يذبح مثالا لأن الموت لايطرأ عَلَى أَهْلِ الْآخِرَةِ وَالْكَبْشُ الْأَمْلَحُ قِيلَ هُوَ الأبيض الخالص قاله بن الْأَعْرَابِيُّ وَقَالَ الْكِسَائِيُّ هُوَ الَّذِي فِيهِ بَيَاضٌ وَسَوَادٌ وَبَيَاضُهُ أَكْثَرُ وَسَبَقَ بَيَانُهُ فِي الضَّحَايَا قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَيَشْرَئِبُّونَ) بِالْهَمْزِ أى يرفعون رؤسهم إلى المنادى

ص: 185

[2851]

[2852]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (ضِرْسُ الْكَافِرِ مِثْلُ أُحُدٍ وَغِلَظِ جِلْدِهِ مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ وَمَا بَيْنَ مَنْكِبَيْهِ) مَسِيرَةُ ثَلَاثٍ هَذَا كُلُّهُ لِكَوْنِهِ أَبْلَغَ فِي إِيلَامِهِ وَكُلُّ هَذَا مَقْدُورٌ لِلَّهِ تَعَالَى يَجِبُ الْإِيمَانِ بِهِ لِإِخْبَارِ الصَّادِقِ بِهِ

[2853]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ الْجَنَّةِ (كُلُّ ضَعِيفٍ مُتَضَعَّفٍ) ضَبَطُوا قَوْلَهُ مُتَضَعَّفٍ

ص: 186

بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِهَا الْمَشْهُورُ الْفَتْحُ وَلَمْ يَذْكُرِ الأكثرون غيره ومعناه يستضعفه الناس ويحتقرو وَيَتَجَبَّرُونَ عَلَيْهِ لِضَعْفِ حَالِهِ فِي الدُّنْيَا يُقَالُ تَضَعَّفَهُ وَاسْتَضْعَفَهُ وَأَمَّا رِوَايَةُ الْكَسْرِ فَمَعْنَاهَا مُتَوَاضِعٌ مُتَذَلِّلٌ خَامِلٌ وَاضِعٌ مِنْ نَفْسِهِ قَالَ الْقَاضِي وَقَدْ يَكُونُ الضَّعْفُ هُنَا رِقَّةُ الْقُلُوبِ وَلِينُهَا وَإِخْبَاتُهَا لِلْإِيمَانِ وَالْمُرَادُ أَنَّ أَغْلَبَ أَهْلِ الْجَنَّةِ هَؤُلَاءِ كَمَا أَنَّ مُعْظَمَ أَهْلِ النَّارِ الْقِسْمُ الْآخَرُ وَلَيْسَ الْمُرَادُ الِاسْتِيعَابَ فِي الطَّرَفَيْنِ وَمَعْنَى الْأَشْعَثِ مُتَلَبِّدُ الشَّعْرِ مُغَبَّرُهُ الَّذِي لَا يَدْهُنُهُ وَلَا يُكْثِرُ غَسْلَهُ وَمَعْنَى مَدْفُوعٍ بِالْأَبْوَابِ أَنَّهُ لايؤذن لَهُ بَلْ يُحْجَبُ وَيُطْرَدُ لِحَقَارَتِهِ عِنْدَ النَّاسِ قوله صلى الله عليه وسلم (لوأقسم عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ) مَعْنَاهُ لَوْ حَلَفَ يَمِينًا طَمَعًا فِي كَرَمِ اللَّهِ تَعَالَى بِإِبْرَارِهِ لَأَبَرَّهُ وَقِيلَ لَوْ دَعَاهُ لَأَجَابَهُ يُقَالُ أَبْرَرْتُ قَسَمَهُ وَبَرَرْتُهُ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي أَهْلِ النَّارِ (كُلُّ عُتُلٍّ جَوَّاظٍ مُسْتَكْبِرٍ) وَفِي رِوَايَةٍ كُلُّ جَوَّاظٍ زَنِيمٍ متكبرا أَمَّا الْعُتُلُّ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَالتَّاءِ

ص: 187

فَهُوَ الْجَافِي الشَّدِيدُ الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ وَقِيلَ الْجَافِي الْفَظُّ الْغَلِيظُ وَأَمَّا الْجَوَّاظُ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ وَبِالظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ فَهُوَ الْجَمُوعُ الْمَنُوعُ وَقِيلَ كَثِيرُ اللَّحْمِ الْمُخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ وَقِيلَ الْقَصِيرُ الْبَطِينِ وَقِيلَ الْفَاخِرُ بِالْخَاءِ وَأَمَّا الزَّنِيمُ فَهُوَ الدَّعِيُّ فِي النَّسَبِ الْمُلْصَقِ بِالْقَوْمِ وَلَيْسَ مِنْهُمْ شُبِّهَ بِزَنَمَةِ الشَّاةِ وَأَمَّا الْمُتَكَبِّرُ وَالْمُسْتَكْبِرُ فَهُوَ صَاحِبُ الْكِبْرِ وَهُوَ بَطَرُ الْحَقِّ وَغَمْطُ النَّاسِ

[2855]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي الَّذِي عَقَرَ النَّاقَةَ (عَزِيزٌ عَارِمٌ) الْعَارِمُ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالرَّاءِ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ هُوَ الشِّرِّيرُ الْمُفْسِدُ الخبيث وقيل القوى الشرس وقد عرم بضم الراء وفتحها وكسرها عرامة بفتح العين وعراما بضمها فهو عارم وعرم وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ النَّهْيُ عَنْ ضَرْبِ النِّسَاءِ لِغَيْرِ ضَرُورَةِ التَّأْدِيبِ وَفِيهِ النَّهْيُ عَنِ الضَّحِكِ مِنَ الضَّرْطَةِ يَسْمَعُهَا مِنْ غَيْرِهِ بَلْ يَنْبَغِي أَنْ يَتَغَافَلَ عَنْهَا وَيَسْتَمِرَّ عَلَى حَدِيثِهِ وَاشْتِغَالِهِ بِمَا كَانَ فِيهِ مِنْ غَيْرِ الْتِفَاتٍ وَلَا غَيْرِهِ وَيُظْهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَسْمَعْ وَفِيهِ حُسْنُ الْأَدَبِ وَالْمُعَاشَرَةِ

[2856]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ لُحَيِّ بْنِ قَمْعَةَ بْنِ خِنْدِفَ أَبَا بَنِي كَعْبٍ هَؤُلَاءِ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ) وَفِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى رَأَيْتُ عَمْرَو بْنَ عَامِرٍ الْخُزَاعِيِّ يَجُرُّ قُصْبَهُ فِي النَّارِ وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ

ص: 188

أَمَّا قَمْعَةُ ضَبَطُوهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ أَشْهَرُهَا قِمَّعَةُ بِكَسْرِ الْقَافِ وَفَتْحِ الْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ وَالثَّانِي كَسْرُ الْقَافِ وَالْمِيمِ الْمُشَدَّدَةِ حَكَاهُ الْقَاضِي عَنْ رواية الباجي عن بن مَاهَانَ وَالثَّالِثُ فَتْحُ الْقَافِ مَعَ إِسْكَانِ الْمِيمِ وَالرَّابِعُ فَتْحُ الْقَافِ وَالْمِيمِ جَمِيعًا وَتَخْفِيفُ الْمِيمِ قَالَ الْقَاضِي وَهَذِهِ رِوَايَةُ الْأَكْثَرِينَ وَأَمَّا خِنْدِفُ فَبِكَسْرِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَالدَّالِ هَذَا هُوَ الْأَشْهَرُ وَحَكَى الْقَاضِي فِي الْمَشَارِقِ فِيهِ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا هَذَا وَالثَّانِي كَسْرُ الْخَاءِ وَفَتْحِ الدَّالِ وَآخِرُهَا فَاءٌ وَهِيَ اسْمُ الْقَبِيلَةِ فَلَا تَنْصَرِفُ وَاسْمُهَا لَيْلَى بِنْتُ عِمْرَانَ بْنِ الْجَافِّ بْنِ قُضَاعَةَ وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (أَبَا بَنِي كَعْبٍ) كَذَا ضَبَطْنَاهُ أَبَا بِالْبَاءِ وَكَذَا هُوَ فِي كَثِيرِ مِنْ نُسَخِ بِلَادِنَا وَفِي بَعْضِهَا أَخَا بِالْخَاءِ وَنَقَلَ الْقَاضِي هَذَا عَنْ أَكْثَرِ رواة الجلودي قال والأول رواية بن مَاهَانَ وَبَعْضُ رُوَاةِ الْجُلُودِيِّ قَالَ وَهُوَ الصَّوَابُ قال وكذا ذكر الحديث بن أَبِي خَيْثَمَةَ وَمُصْعَبُ الزُّبَيْرِيُّ وَغَيْرُهُمَا لِأَنَّ كَعْبًا هُوَ أَحَدُ بُطُونِ خُزَاعَةَ وَابْنَهُ وَأَمَّا لُحَيُّ فَبِضَمِّ اللَّامِ وَفَتْحِ الْحَاءِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَأَمَّا قُصْبَهُ فَبِضَمِّ الْقَافِ وَإِسْكَانِ الصَّادِ قَالَ الْأَكْثَرُونَ يَعْنِي أَمْعَاءَهُ وَقَالَ أَبُو عَبِيدٍ الْأَمْعَاءُ وَاحِدُهَا قَصَبٌ أَمَّا قَوْلُهُ فِي الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ عَمْرُو بْنُ عَامِرٍ فَقَالَ الْقَاضِي الْمَعْرُوفُ فِي نَسَبِ بن خُزَاعَةَ عَمْرُو بْنُ لُحَيِّ بْنِ قَمْعَةَ كَمَا قَالَ فِي الرِّوَايَةِ الْأُولَى وَهُوَ قَمْعَةُ بْنُ إِلْيَاسَ بْنِ مُضَرَ وَإِنَّمَا عَامِرٌ عَمُّ أَبِيهِ أَبِي قَمْعَةَ وَهُوَ مُدْرِكَةُ بْنُ إِلْيَاسَ هَذَا قَوْلُ نُسَّابِ الْحِجَازِيِّينَ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ إِنَّهُمْ مِنَ الْيَمَنِ مِنْ وَلَدِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ وَأَنَّهُ عَمْرُو بْنُ لُحَيٍّ وَاسْمُهُ رَبِيعَةُ بْنُ حَارِثَةَ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَامِرٍ وَقَدْ

ص: 189

يَحْتَجُّ قَائِلٌ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الثَّانِيَةِ هَذَا آخِرُ كَلَامِ الْقَاضِي وَاللَّهُ أَعْلَمُ

[2128]

قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (صِنْفَانِ مِنْ أَهْلِ النَّارِ لَمْ أَرَهُمَا قَوْمٌ مَعَهُمْ سِيَاطٌ كَأَذْنَابِ الْبَقَرِ يَضْرِبُونَ بِهَا النَّاسَ وَنِسَاءٌ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة لايدخلن الْجَنَّةَ وَلَا يَجِدْنَ رِيحَهَا وَإِنَّ رِيحَهَا لَتُوجَدُ من مسيرة كذاوكذا) هَذَا الْحَدِيثُ مِنْ مُعْجِزَاتِ النُّبُوَّةِ فَقَدْ وَقَعَ مَا أَخْبَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَّا أَصْحَابُ السِّيَاطِ فَهُمْ غِلْمَانُ وَالِي الشُّرْطَةِ أَمَّا الْكَاسِيَاتُ فَفِيهِ أَوْجُهٌ أَحَدُهَا مَعْنَاهُ كَاسِيَاتٌ مِنْ نِعْمَةِ اللَّهِ عَارِيَاتٌ مِنْ شُكْرِهَا وَالثَّانِي كَاسِيَاتٌ مِنَ الثِّيَابِ عَارِيَاتٌ مِنْ فِعْلِ الْخَيْرِ

ص: 190

وَالِاهْتِمَامِ لِآخِرَتِهِنَّ وَالِاعْتِنَاءِ بِالطَّاعَاتِ وَالثَّالِثُ تَكْشِفُ شَيْئًا مِنْ بَدَنِهَا إِظْهَارًا لِجَمَالِهَا فَهُنَّ كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ وَالرَّابِعُ يَلْبَسْنَ ثِيَابًا رِقَاقًا تَصِفُ مَا تَحْتَهَا كَاسِيَاتٌ عَارِيَاتٌ فِي الْمَعْنَى وَأَمَّا مَائِلَاتٌ مُمِيلَاتٌ فَقِيلَ زَائِغَاتٌ عَنْ طَاعَةِ اللَّهِ تَعَالَى وَمَا يَلْزَمُهُنَّ مِنْ حِفْظِ الْفُرُوجِ وَغَيْرِهَا وَمُمِيلَاتٌ يُعَلِّمْنَ غَيْرَهُنَّ مِثْلَ فِعْلِهِنَّ وَقِيلَ مَائِلَاتٌ مُتَبَخْتِرَاتٌ فِي مِشْيَتِهِنَّ مُمِيلَاتٌ أَكْتَافُهُنَّ وَقِيلَ مَائِلَاتٌ يَتَمَشَّطْنَ الْمِشْطَةَ الْمَيْلَاءِ وَهِيَ مِشْطَةُ الْبَغَايَا مَعْرُوفَةٌ لَهُنَّ مُمِيلَاتٌ يُمَشِّطْنَ غَيْرَهُنَّ تِلْكَ الْمِشْطَةِ وَقِيلَ مَائِلَاتٌ إِلَى الرِّجَالِ مُمِيلَاتٌ لَهُمْ بِمَا يُبْدِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وغيرها وأما رؤوسهن كأسنمة البخت فمعناه يعظمن رؤوسهن بِالْخُمُرِ وَالْعَمَائِمِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يُلَفُّ عَلَى الرَّأْسِ حَتَّى تُشْبِهُ أَسْنِمَةَ الْإِبِلِ الْبُخْتِ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي تَفْسِيرِهِ قَالَ الْمَازِرِيُّ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ يَطْمَحْنَ إِلَى الرِّجَالِ وَلَا يَغْضُضْنَ عنهم ولا ينكسن رؤوسهن وَاخْتَارَ الْقَاضِي أَنَّ الْمَائِلَاتِ تُمَشِّطْنَ الْمِشْطَةَ الْمَيْلَاءِ قَالَ وَهِيَ ضَفْرُ الْغَدَائِرِ وَشَدُّهَا إِلَى فَوْقُ وَجَمْعُهَا فِي وَسَطِ الرَّأْسِ فَتَصِيرُ كَأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ قَالَ وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالتَّشْبِيهِ بِأَسْنِمَةِ الْبُخْتِ إِنَّمَا هُوَ لِارْتِفَاعِ الْغَدَائِرِ فَوْقَ رؤوسهن وَجَمْعُ عَقَائِصِهَا هُنَاكَ وَتُكْثِرُهَا بِمَا يُضَفِّرْنَهُ حَتَّى تَمِيلَ إِلَى نَاحِيَةٍ مِنْ جَوَانِبِ الرَّأْسِ كَمَا يميل السنام قال بن دُرَيْدٍ يُقَالُ نَاقَةٌ مَيْلَاءُ إِذَا كَانَ سَنَامُهَا يَمِيلُ إِلَى أَحَدِ شِقَّيْهَا وَاللَّهُ أَعْلَمُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (لايدخلن الْجَنَّةَ) يُتَأَوَّلُ التَّأْوِيلَيْنِ السَّابِقَيْنِ فِي نَظَائِرِهِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ اسْتَحَلَّتْ حَرَامًا مِنْ ذَلِكَ مَعَ عِلْمِهَا بِتَحْرِيمِهِ فَتَكُونُ كَافِرَةٌ مُخَلَّدَةٌ فى النار لاتدخل الجنة أبدا والثانى يحمل على أنها لاتدخلها أَوَّلَ الْأَمْرِ مَعَ الْفَائِزِينَ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

ص: 191