الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(باب الصفات التى يعرف بها فى الدنيا أهل الجنة وأهل
النَّارِ)
[2865]
قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (إِنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُعَلِّمَكُمْ مَا جَهِلْتُمْ مِمَّا عَلَّمَنِي يَوْمِي هَذَا كُلُّ مَالٍ نَحَلْتُهُ عَبْدًا حَلَالٌ) مَعْنَى نَحَلْتُهُ أَعْطَيْتُهُ وَفِي الْكَلَامِ حَذْفٌ أَيْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى كُلُّ مَالٍ أَعْطَيْتُهُ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ وَالْمُرَادُ إِنْكَارُ مَا حَرَّمُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ مِنَ السَّائِبَةِ وَالْوَصِيلَةِ وَالْبَحِيرَةِ وَالْحَامِي وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَنَّهَا لَمْ تصرحوا حَرَامًا بِتَحْرِيمِهِمْ وَكُلُّ مَالٍ مَلَكَهُ الْعَبْدُ فَهُوَ لَهُ حَلَالٌ حَتَّى يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي حُنَفَاءَ كُلَّهُمْ) أَيْ مُسْلِمِينَ وَقِيلَ طَاهِرِينَ مِنَ الْمَعَاصِي وَقِيلَ مُسْتَقِيمِينَ مُنِيبِينَ لِقَبُولِ الْهِدَايَةِ وَقِيلَ الْمُرَادُ حِينَ أَخَذَ عَلَيْهِمُ الْعَهْدَ فِي الذَّرِّ وَقَالَ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالوا بلى قَوْلُهُ تَعَالَى (وَإِنَّهُمْ أَتَتْهُمُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُمْ عَنْ دِينِهِمْ) هَكَذَا هُوَ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا فَاجْتَالَتْهُمْ بِالْجِيمِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْقَاضِي عَنْ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وعن رواية الحافظ أبى على الغسانى فاجتالتهم بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ وَأَوْضَحُ أَيْ اسْتَخَفُّوهُمْ فَذَهَبُوا بِهِمْ وَأَزَالُوهُمْ عَمَّا كَانُوا عَلَيْهِ وَجَالُوا مَعَهُمْ فِي الْبَاطِلِ كَذَا فَسَّرَهُ الْهَرَوِيُّ وَآخَرُونَ وَقَالَ شَمِرُ اجْتَالَ الرَّجُلُ الشَّيْءَ ذَهَبَ بِهِ وَاجْتَالَ أَمْوَالَهُمْ سَاقَهَا وَذَهَبَ بِهَا قَالَ الْقَاضِي وَمَعْنَى فَاخْتَالُوهُمْ بِالْخَاءِ عَلَى رِوَايَةِ مَنْ رَوَاهُ أَيْ يَحْبِسُونَهُمْ عَنْ دِينِهِمْ وَيَصُدُّونَهُمْ عَنْهُ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى نَظَرَ إِلَى أَهْلِ الْأَرْضِ فَمَقَتَهُمْ عَرَبَهُمْ وعجمهم الابقايا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ) الْمَقْتُ أَشَدُّ الْبُغْضِ وَالْمُرَادُ بِهَذَا الْمَقْتِ وَالنَّظَرِ مَا قَبْلَ بَعْثَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُرَادُ بِبَقَايَا أَهْلِ الْكِتَابِ الْبَاقُونَ عَلَى التَّمَسُّكِ بِدِينِهِمُ الْحَقِّ مِنْ غَيْرِ تَبْدِيلٍ قَوْلُهُ سبحانه وتعالى (إِنَّمَا بَعَثْتُكَ لِأَبْتَلِيَكَ وَأَبْتَلِي بِكَ) مَعْنَاهُ لِأَمْتَحِنَكَ بِمَا يَظْهَرُ مِنْكَ مِنْ قِيَامِكَ بِمَا أَمَرْتُكَ بِهِ مِنْ تَبْلِيغِ الرِّسَالَةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْجِهَادِ فِي اللَّهِ حَقِّ جِهَادِهِ وَالصَّبْرِ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَغَيْرِ ذَلِكَ وَأَبْتَلِي بِكَ مَنْ أَرْسَلْتُكَ إِلَيْهِمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يُظْهِرُ إِيمَانَهُ وَيُخْلِصُ فِي طَاعَاتِهِ وَمَنْ يَتَخَلَّفُ وَيَتَأَبَّدُ بِالْعَدَاوَةِ وَالْكُفْرِ وَمَنْ يُنَافِقُ وَالْمُرَادُ أَنْ يَمْتَحِنَهُ لِيَصِيرَ ذَلِكَ وَاقِعًا بَارِزًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى إِنَّمَا يُعَاقِبُ الْعِبَادَ عَلَى مَا وَقَعَ منهم لاعلى مَا يَعْلَمُهُ قَبْلَ وُقُوعِهِ وَإِلَّا فَهُوَ سُبْحَانَهُ عَالِمٌ بِجَمِيعِ الْأَشْيَاءِ قَبْلَ وُقُوعِهَا وَهَذَا نَحْوُ قَوْلِهِ ولَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ أَيْ نَعْلَمُهُمْ فَاعِلِينَ ذَلِكَ مُتَّصِفِينَ بِهِ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَأَنْزَلْتُ عَلَيْكَ كِتَابًا لَا يَغْسِلُهُ الْمَاءُ تقرأه نائما ويقظان) أما قوله تعالى لايغسله الماء فمعناه محفوظ فى الصدور لايتطرق إِلَيْهِ الذَّهَابُ بَلْ يَبْقَى عَلَى مَرِّ الْأَزْمَانِ وأما قوله تعالى تقرأه نَائِمًا وَيَقْظَانَ فَقَالَ الْعُلَمَاءُ مَعْنَاهُ يَكُونُ مَحْفُوظًا لك فى حالتى النوم واليقظة وقيل تقرأه فِي يُسْرٍ وَسُهُولَةٍ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (فَقُلْتُ رَبِّ إِذًا يَثْلَغُوا رَأْسِي فَيَدَعُوهُ خُبْزَةً) هِيَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ أَيْ يَشْدَخُوهُ وَيَشُجُّوهُ كَمَا يُشْدَخُ الْخُبْزُ أَيْ يُكْسَرُ قَوْلُهُ تَعَالَى (وَاغْزُهُمْ نُغْزِكَ) بِضَمِّ النُّونِ أَيْ نُعِينُكَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَأَهْلُ الْجَنَّةِ ثَلَاثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٍ مُتَصَدِّقٍ مُوَفَّقٍ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى وَمُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ) فَقَوْلُهُ وَمُسْلِمٍ مَجْرُورٌ مَعْطُوفٌ عَلَى ذِي قُرْبَى وَقَوْلُهُ مُقْسِطٍ أَيْ عَادِلٍ قَوْلُهُ صَلَّى الله عليه وسلم
(الضعيف الذى لازبر له الذين هم فيكم تبعا لايبتغون أَهْلًا وَلَا مَالًا) فَقَوْلُهُ زَبْرَ بِفَتْحِ الزَّايِ وَإِسْكَانِ الْمُوَحَّدَةِ أَيْ لَا عَقْلَ لَهُ يَزْبُرُهُ ويمنعه مما لاينبغى وقيل هو الذى لامال لَهُ وَقِيلَ الَّذِي لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يَعْتَمِدُهُ وقوله لايتبعون بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ مُخَفَّفٌ وَمُشَدَّدٌ مِنَ الِاتِّبَاعِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ يَبْتَغُونَ بِالْمُوَحَّدَةِ وَالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ لايطلبون قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم (وَالْخَائِنُ الَّذِي لايخفى له طمع وإن دق الاخانة) معنى لا يخفى لايظهر قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ يُقَالُ خَفَيْتَ الشَّيْءَ إِذَا أَظْهَرْتَهُ وَأَخْفَيْتَهُ إِذَا سَتَرْتَهُ وَكَتَمْتَهُ هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ هُمَا لُغَتَانِ فِيهِمَا جَمِيعًا قَوْلُهُ (وَذَكَرَ الْبُخْلَ وَالْكَذِبَ) هِيَ فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ أَوِ الْكَذِبِ بِأَوْ وَفِي بَعْضِهَا وَالْكَذِبَ بِالْوَاوِ وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي نُسَخِ بِلَادِنَا وَقَالَ القاضي روايتنا عن جميع شيوخنا بالواو والا بن أَبِي جَعْفَرِ عَنِ الطَّبَرِيِّ فَبِأَوْ وَقَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ وَلَعَلَّهُ الصَّوَابُ وَبِهِ تَكُونُ الْمَذْكُورَاتُ خَمْسَةً وَأَمَّا الشِّنْظِيرُ فَبِكَسْرِ الشِّينِ وَالظَّاءِ الْمُعْجَمَتَيْنِ