الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ اسْتِخْلَافِ أَبِي الْحَسَنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ هَاشِمٍ رضي الله عنه
أَخْبَرَنَا أَبُو عَلِيٍّ الرُّوذْبَارِيُّ ، ثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ دَاسَةَ ، ثنا أَبُو دَاوُدَ ، ثنا سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، ثنا عَبْدُ الْوَارِثِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُمْهَانَ ، عَنْ سَفِينَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: خِلَافَةُ النُّبُوَةِ ثلَاثُونَ سَنَةً ثُمَّ يُؤْتِي اللَّهُ الْمُلْكَ مَنْ يَشَاءُ، ثُمَّ ذَكَرَ سَفِينَةُ خِلَافَةَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ، وَقَالَ سَعِيدٌ: قُلْتُ لِسفينَةَ: إِنَّ هَؤُلَاءِ يَزْعُمونَ أَنَّ عَلِيًّا لَمْ يَكُنْ خَلِيفَةً، قَالَ: كَذَبَتْ أَسْتَاهُ بَنِي الزَّرْقَاءِ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ ، ثنا الْحَجَّاجُ بْنُ أَبِي مَنِيعٍ ، ثنا جَدِّي ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، قَالَ: لَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ بَرَزَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ لِلنَّاسِ وَدَعَاهُمْ إِلَى الْبَيْعَةِ فَبَايَعَهُ النَّاسُ وَلَمْ يَعْدِلوا بِهِ طَلْحَةَ وَلَا غَيْرَهُ وَهَذَا لِأَنَّ سَائِرَ مِنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الشُّورَى كَانُوا قَدْ تَرَكُوا حُقوقَهُمْ عِنْدَ بَيْعَةِ عُثْمَانَ كَمَا مَضَى ذِكْرُهُ فَلَمْ يَبْقَ أَحَدٌ مِنْهُمْ لَمْ يَتْرُكَ حَقَّهُ إِلَّا عَلِيٌّ وَكَانَ قَدْ وَفَّى بِعَهْدِ عُثْمَانَ حَتَّى قُتِلَ وَكَانَ أَفْضَلَ مِنْ بَقِيَ مِنَ الصَّحَابَةِ فَلَمْ يَكُنْ أَحَدٌ أَحَقَّ بِالْخِلَافَةِ مِنْهُ، ثُمَّ لَمْ يَسْتَبِدَّ بِهَا مَعَ كَوْنِهِ أَحَقَّ النَّاسِ بِهَا حَتَّى جَرَتْ لَهُ
⦗ص: 371⦘
بَيْعَةٌ وَبَايَعَهُ مع سَائِرُ النَّاسِ مِنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ الشُّورَى
ثنا الْإِمَامُ أَبُو الطَّيِّبِ سَهْلُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ إِمْلَاءً، أنا أَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الدَّقَّاقُ ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدِينِيُّ ، ثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْحَنْظَلِيُّ، فِي مُسنَدِهِ، ثنا عَبْدَةُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثنا سَالِمٌ الْمُرَادِيُّ أَبُو الْعَلَاءِ، قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ، يَقُولُ: لَمَّا قَدِمَ عَلِيٌّ الْبَصْرَةَ فِي إِثْرِ طَلْحَةَ وَأَصحَابِهِ قَامَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْكَوَّا، وَابْنُ عَبَّادٍ فَقَالَا لَهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَخْبِرْنَا عَنْ مَسِيرِكَ هَذَا أَوَصِيَّةٌ أَوْصَاكَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمْ عَهْدٌ عَهِدَهُ إِلَيْكَ أَمْ رَأْيٌ رَأَيْتُهُ حِينَ تَفَرَّقَتِ الْأُمَّةُ وَاخْتَلَفَتْ كَلِمَتُهَا؟ فَقَالَ: مَا أَكونُ أَوَّلَ كَاذِبٍ عَلَيْهِ وَاللَّهِ مَا مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْتَ فَجْأَةٍ وَلَا قُتِلَ قَتْلًا وَلقَدْ مَكَثَ فِي مَرَضِهِ كُلَّ ذَلِكَ يَأْتِيهِ الْمُؤَذِّنُ فُيُؤَذِّنُ بِالصَّلَاةِ فَيَقُولُ: مُرُوا أَبَا بَكْرٍ لِيُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، وَلقَدْ تَرَكَنِي وَهُوَ يَرَى مَكَانِي، وَلَوْ عَهِدَ إِلَيَّ شَيْئًا لَقُمْتُ بِهِ حَتَّى عَرَّضَتْ فِي ذَلِكَ امْرَأَةٌ مِنْ نِسَائِهِ فَقَالَتْ: إِنَّ أَبَا بَكْرٍ رَجُلٌ رَقِيقٌ إِذْ قَامَ مَقَامَكَ لَا يُسْمِعُ النَّاسَ فَلَوْ أَمَرْتَ عُمَرَ أَنْ يُصَلِّيَ بِالنَّاسِ، قَالَ لَهَا: إِنَّكُنَّ صَوَاحِبُ يُوسُفَ، فَلَمَّا قُبِضَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم نَظَرَ الْمُسْلِمُونَ فِي أَمْرِهِمْ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ وَلَّى أَبَا بَكْرٍ أَمْرَ دِينِهِمْ فَوَلُّوهُ أَمْرَ دُنيَاهِمْ فَبَايَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَبَايَعَتْهُ مَعَهُمْ فَكُنْتُ أَغْزُو إِذَا أَغْزَانِي وَآخُذُ إِذَا أَعْطَانِي وَكُنْتُ سَوْطًا بَيْنَ يَدَيْهِ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ فَلَوْ كَانَتْ مُحَابَاةً عِنْدَ حُضُورِ مَوْتِهِ لِجَعَلَهَا لِوَلَدِهِ فَأَشَارَ بعُمَرَ وَلَمْ يَأْلُ فَبَايَعَهُ الْمُسْلِمُونَ وَبَايَعْتُهُ مَعَهُمْ فَكُنْتُ أَغْزُو إِذَا أَغْزَانِي وَآخُذُ إِذَا أَعْطَانِي وَكُنْتُ سَوْطًا بَيْنَ يَدَيْهُ فِي إِقَامَةِ الْحُدُودِ، فَلَوْ كَانَتْ مُحَابَاةً عِنْدَ حُضُورِ مَوْتِهِ لِجَعَلَهَا لِوَلَدِهِ وَكَرِهَ أَنْ يَنْتَخِبَ مِنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ رَجُلًا فَيُوَلَّيِهِ أَمْرَ الْأُمَّةِ فَلَا يَكُونُ فِيهِ إِسَاءَةٌ لِمَنْ بَعْدَهُ إِلَّا لَحِقَتْ عُمَرَ فِي قَبْرِهِ فَاخْتَارَ مِنَّا سِتَّةً أَنَا فِيهِمْ لِنَخْتَارَ لِلْأُمَّةِ رَجُلًا مِنَّا فَلَمَّا اجْتَمَعْنَا وَثَبَ
⦗ص: 372⦘
عَبْدُ الرَّحْمَنِ فَوَهَبَ لَنَا نَصِيبَهُ مِنْهَا عَلَى أَنْ نُعْطِيَهُ مَوَاثِيقَنَا عَلَى أَنْ يَخْتَارَ مِنَ الْخَمْسَةِ رَجُلًا فُيُوَلِّيهِ أَمْرَ الْأُمَّةِ فَأَعْطَيْنَاهُ مَوَاثِيقَنَا فَأَخَذَ بِيَدِ عُثْمَانَ فَبَايَعَهُ وَلقَدْ عَرَضَ فِي نَفْسِي عِنْدَ ذَلِكَ فَلَمَّا نَظَرْتُ فِي أَمْرِي فَإِذَا عَهْدِي قَدْ سَبَقَ بَيْعَتِي فَبَايَعْتُ وَسَلَّمْتُ، فَكُنْتُ أَغْزُو إِذَا أَغْزَانِي وَآخُذُ إِذَا أَعْطَانِي فَلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانُ نَظَرْتُ فِي أَمْرِي فَإِذَا الرِّبْقَةُ الَّتِي كَانَتْ لِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فِي عُنُقِي قَدِ انْحَلَّتْ وَإِذَا الْعَهْدُ لِعُثْمَانَ قَدْ وَفَيْتُ بِهِ، وَإِذَا أَنَا برَجُلٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لِأَحَدٍ عندي دَعْوَى وَلَا طَلَبٌ فَوَثَبَ فِيهَا مِنْ لَيْسَ مِثْلي - يَعْنِي مُعَاوِيَةَ - لَا قَرَابَتُهُ كَقَرَابَتِي وَلَا عِلْمُهُ كَعِلْمِي وَلَا سَابِقَتُهُ كَسَابِقَتِي، وَكُنْتُ أَحَقَّ بِهَا مِنْهُ، قَالِا: صَدَقْتَ، فَأَخْبِرْنَا، عَنْ قِتَالَكَ هَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ - يَعْنِيَانِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ - صَاحِبَاكَ فِي الْهِجْرَةِ وَصَاحبَاكَ فِي بَيْعَةِ الرِّضْوَانِ وَصَاحبَاكَ فِي الْمَشُورَةِ، قَالَ: بَايَعَانِي بِالْمَدِينَةِ وَخَالَفَانِي بِالْبَصْرَةِ وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ بَايَعَ أَبَا بَكْرٍ خَلَعَهُ لَقَاتَلْنَاهُ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا مِمَّنْ بَايَعَ عُمَرَ خَلَعَهُ لَقَاتَلْنَاهُ. سَمِعْتُ الشَّيْخَ الْإِمَامَ أَبَا الطَّيِّبِ سَهْلَ بْنَ مُحَمَّدٍ الصُّعْلُوكِيَّ وَهُوَ يَذْكُرُ مَا يَجْمَعُ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ فَضَائِلِ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَمَنَاقِبِهِ وَمَزَايَاهُ وَمَحَاسِنِهِ وَدلَالِاتِ صِدْقِهِ وَقوَّةِ دِينِهِ وَصِحَّةِ بَيْعَتِهِ، قَالَ: وَمِنْ كِبَارِهَا أَنَّهُ لَمْ يَدَعْ ذِكْرَ مَا عَرَضَ لَهُ فِيمَا أَجْرَى إِلَيْهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَإِنْ كَانَ يسيرًا حَتَّى قَالَ: وَلقَدْ عَرَضَ فِي نَفْسِي عِنْدَ ذَلِكَ، وَفِي ذَلِكَ مَا يُوَضِّحُ أَنَّهُ لَوْ عَرَضَ لَهُ فِي أَمْرِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ شَيْءٌ، وَاخْتَلَفَ لَهُ فِيهِ سِرٌّ وَعَلَنٌ لَبَيَّنَهُ بِصَرِيحٍ أَوْ نَبَّهُ عَلَيْهِ بِتَعْرِيضٍ كَمَا فَعَلَ فِيمَا عَرَضَ لَهُ عِنْدَ فِعْلِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ مَا فَعَلَ قَالَ الشَّيْخُ: وَكَانَ السَّبَبُ فِي قِتَالِ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرِ عَلِيًّا أَنَّ بَعْضَ النَّاسِ صَوَّرَ لَهُمَا أَنَّ عَلِيًّا كَانَ رَاضِيًا بِقَتْلِ عُثْمَانَ فَذَهَبَا إِلَى عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَحَمَلَاهَا عَلَى الْخُرُوجِ فِي طَلَبِ دَمِ عُثْمَانَ وَالْإِصْلَاحِ بَيْنَ النَّاسِ
⦗ص: 373⦘
بِتَخْليَةِ عَلِيٍّ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَنْ قَدِمَ الْمَدِينَةَ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ فَجَرَى الشَّيْطَانُ بَيْنَ الْفرِيقَيْنِ حَتَّى اقْتَتَلوا ثُمَّ نَدِمُوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَتَابَ أَكْثَرُهُمْ فَكَانَتْ عَائِشَةُ تقَوْلُ: وَدَدْتُ أَنِّي كُنْتُ ثَكَلْتُ عَشَرَةً مِثْلَ وَلَدِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ وَأَنِّي لَمْ أَسْرِ مَسِيرِي الَّذِي سِرْتُ، وَرُوِيَ أَنَّهَا مَا ذَكَرَتْ مَسِيرَهَا قَطُّ إِلَّا بَكَتْ حَتَّى تَبِلَّ خِمَارَهَا وَتقَوْلُ: يَا لِيتَنِي كُنْتُ نَسْيًا مَنْسِيًّا. وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ يَوْمَ الْجَمَلِ فَأَتَاهُ فَقَالَ: نَشَدْتُكَ اللَّهَ، هَلْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ:«مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ اللَّهُمْ وَالِ مَنْ وَالِاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ» ، قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِمَ تُقَاتِلُنِي؟ قَالَ لَمْ أَذْكُرْ، قَالَ: فَانْصَرَفَ طَلْحَةُ، ثُمَّ رُوِيَ أَنَّهُ حِينَ رُمِيَ بَايَعَ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ عَلِيٍّ ثُمَّ قَضَى نَحْبَهُ فَأُخْبِرَ عَلِيٌّ بِذَلِكَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ صَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ، أَبَى اللَّهُ أَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا وَبَيْعَتِي فِي عُنُقِهِ، وَرُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا بَلَغَهُ رُجوعُ الزُّبَيْرِ بْنِ الْعَوَّامِ فَقَالَ: أَمَا وَاللَّهِ مَا رَجَعَ جُبْنًا وَلَكِنَّهُ رَجَعَ تَائِبًا وَحِينَ جَاءَ ابْنُ جَرْمُوزٍ قَاتِلُ الزُّبَيْرِ قَالَ: لِيَدْخُلْ قَاتِلُ ابْنِ صَفِيَّةَ النَّارَ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: لَكلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيٌّ وَحَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ
وَأَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ ، أنا أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ذَكَرَ سُفْيَانُ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قَالَ عَلِيٌّ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكونَ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عز وجل {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا
⦗ص: 374⦘
عَلَى سُرِرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47] وَكَانَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بَرِيئًا مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ وَكَانَ يَقُولُ: وَاللَّهِ مَا قَتَلْتُ وَلَا أَمَرْتُ وَلَا رَضِيتُ وَلَا شَارَكْتُ فِي قَتْلِ عُثْمَانَ، وَلَكِنْ غُلِبْتُ، وَكَانَ يَقُولُ: إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا وَعُثْمَانُ مِنَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ عز وجل {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرِرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47]
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ الْمُقْرِئُ، أنا الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، ثنا يُوسُفُ بْنُ يَعْقُوبَ الْقَاضِي ، ثنا عَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ سَمِعَ الشَّعْبِيَّ، يَقُولُ: أَدْرَكْتُ خَمْسَمِائَةٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْ أَكْثَرَ كُلُّهُمْ يَقُولُ: عُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ وَالزُّبَيْرُ فِي الْجَنَّةِ. وَأَمَّا خُرُوجُ مَنْ خَرَجَ عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ رضي الله عنه مَعَ أَهْلِ الشَّامِ فِي طَلَبِ دَمِ عُثْمَانَ ثُمَّ مُنَازَعَتُهُ إِيَّاهُ فِي الْإِمَارَةِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُصِيبٍ فِيمَا فَعَلَ، وَاسْتَدْلَلْنَا بِبَرَاءَةِ عَلِيٍّ مِنْ قَتْلِ عُثْمَانَ بِمَا جَرَى لَهُ مِنَ الْبَيْعَةِ ثُمَّ بِمَا كَانَ لَهُ مِنَ السَّابِقَةِ فِي الْإِسْلَامِ وَالْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْفَضَائِلِ الْكَثِيرَةِ وَالْمنَاقِبِ الْجَمَّةِ الَّتِي هِيَ مَعْلُومَةٌ عِنْدَ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ إِنَّ الَّذِي خَرَجَ عَلَيْهِ وَنَازَعَهُ كَانَ بَاغِيًا عَلَيْهِ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَخْبَرَ عَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ بِأَنَّ الْفِئَةَ الْبَاغِيَةَ تَقْتُلُهُ فَقَتَلَهُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ خَرَجُوا عَلَى أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي حَرْبِ صِفِّينَ
أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّبْعِيُّ النَّيْسَابُورِيُّ، ثنا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ عَبْدِ الْوَارِثِ ، ثنا شُعْبَةُ ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، عَنْ أُمِّهِ ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِعَمَّارٍ: تَقْتُلكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ
قَالَ الْأَصَمُّ: وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، ثنا أَبُو دَاوُدَ، ثنا شُعْبَةُ، عَنْ خَالِدٍ الْحَذَّاءِ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ، عَنْ أُمِّهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم
⦗ص: 375⦘
قَالَ لِعَمَّارٍ: تَقْتُلُكَ الْفِئَةُ الْبَاغِيَةُ
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ جَعْفَرٍ الْمُزَكِّي وَأَبَا الطَّيِّبِ مُحَمَّدَ بْنَ أَحْمَدَ الْكَرَابِيسِيَّ وَأَبَا أَحْمَدَ بْنَ أَبِي الْحَسَنِ الدَّارِميَّ يَقُولونَ: سَمِعْنَا أَبَا بَكْرٍ مُحَمَّدَ بْنَ إِسْحَاقَ يَقُولُ وَهُوَ - ابْنُ خُزَيْمَةَ رحمه الله: خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَوْلَاهُمْ بِالْخِلَافَةِ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ ثُمَّ عُمَرُ الْفَارُوقُ ثُمَّ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ ثُمَّ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رَحْمَةُ اللَّهُ وَرِضْوَانُهُ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. قَالَ: وَكُلُّ مَنْ نَازَعَ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ فِي إِمَارَتِهِ فَهُوَ بَاغٍ، عَلَى هَذَا عَهِدْتُ مشَايِخَنَا وَبهُ قَالَ ابْنُ إِدْرِيسَ يَعْنِي الشَّافِعِيَّ رحمه الله. قَالَ الشَّيْخُ: ثُمَّ لَمْ يَخْرُجْ مَنْ خَرَجَ عَلَيْهِ بِبَغْيِهِ، عَنِ الْإِسْلَامِ، فَقَدْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَقْتَتِلَ فِئَتَانِ عَظِيمَتَانِ تَكُونُ بَيْنَهُمَا مَقْتَلَةٌ عَظِيمَةٌ وَدَعْوَاهُمَا وَاحِدَةٌ أَخْبَرَنَا أَبُو طَاهِرٍ الْفَقِيهُ، أنا أَبُو بَكْرٍ الْقَطَّانُ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُوسُفَ السُّلَمِيُّ، ثنا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أنا مَعْمَرٌ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ قَالَ: هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَهُ. قَالَ الشَّيْخُ: وَيَعْنِي بِقِيَامِ السَّاعَةِ انْقِرَاضَ ذَلِكَ الْعَصْرِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ، وَصَحِيحٌ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَاتَلَهُمْ قِتَالَ أَهْلِ الْعَدْلِ مَعَ أَهْلِ الْبَغْيِ فَكَانَ أَصْحَابُهُ لَا يُجِيزُونَ عَلَى جَرِيحٍ وَلَا يَقْتُلونَ مُوَلِّيًا وَلَا يَسْلُبونَ قَتِيلًا
أَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظُ، ثنا عَلِيُّ بْنُ حَمْشَاذٍ، ثنا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ أَنَّ كَثِيرَ بْنَ هِشَامٍ حَدَّثَهُمْ، ثنا جَعْفَرُ بْنُ بُرْقَانَ، ثنا مَيْمُونُ بْنُ
⦗ص: 376⦘
مِهْرَانَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: شَهِدْتُ صِفِّينَ فَكَانُوا لَا يُجْهِزونَ عَلَى جَرِيحٍ وَلَا يَقْتُلُونَ مُوَلِّيًا وَلَا يَسْلُبونَ قَتِيلًا، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَخْبَرَ بِفُرْقَةٍ تَكُونُ بَيْنَ طَائِفَتَيْنِ مِنْ أُمَّتِهِ فَتَخْرُجُ مِنْ بَيْنِهِمَا مَارِقَةٌ يَقْتُلهَا أُولَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ، فَكَانَتْ هَذِهِ الْفُرْقَةُ بَيْنَ عَلِيٍّ وَمَنْ نَازَعَهُ وَقَدْ جَعَلَهُمَا جَمِيعًا مِنْ أُمَّتِهِ ثُمَّ خَرَجَتْ هَذِهِ الْمَارِقَةُ وَهِيَ أَهْلُ النَّهْرَوَانِ قَتَلَهُمْ عَلِيٌّ وَأَصْحَابُهُ وَهُمْ أُولَى الطَّائِفَتَيْنِ بِالْحَقِّ، وَكَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وَصَفَ الْمَارِقَةَ الْخَارِجَةَ وَأَخْبَرَ بِالْمُخْدجِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِمْ فَوَجَدوا بِالصِّفَةِ الَّتِي وُصِفَ وَوُجِدَ الْمُخَدَّجُ بِالنَّعْتِ الَّذِي نَعَتَ وَذَلِكَ بَيِّنٌ فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَغَيْرِهِ، وَكَانَ إِخْبَارُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِذَلِكَ وَوجُودُ تَصْدِيقهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مِنْ دَلَائِلِ النُّبُوَةِ وَمِمَّا يُؤْثَرُ فِي فَضَائِلِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيٍّ رضي الله عنه فِي كَوْنِهِ مُحِقًّا فِي قِتَالَهُمْ مُصِيبًا فِي قَتْلِ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ وَحِينَ وُجِدَ الْمُخَدَّجُ سَجَدَ عَلِيٌّ رضي الله عنه شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى مَا وُفِّقَ لَهُ مِنْ قِتَالِهِمْ، وَقَدْ ذَكَرْنَا هَذِهِ الْأَحَادِيثَ فِي الْفَضَائِلِ وَهَذَا الْكِتَابُ لَا يَحْتَمِلُ أَكْثَرَ مِنْ هَذَا
وَقَدْ أَخْبَرَنَا أَبُو الْحُسَيْنِ بْنُ الْفَضْلِ الْقَطَّانُ، أنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ، حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، ثنا سُفْيَانُ، ثنا إِسْرَائِيلُ
⦗ص: 377⦘
أَبُو مُوسَى قَالَ: سَمِعْتُ الْحَسَنَ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا بَكْرَةَ يَقُولُ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْمِنْبَرِ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِيٍّ مَعَهُ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَلْتَفِتُ إِلَى النَّاسِ مَرَّةً وَإِلَيْهِ مَرَّةً وَيَقُولُ: إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ وَلَعَلَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ. قَالَ سُفْيَانُ: قَوْلُهُ «فِئَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» يُعْجِبُنَا جِدًّا، قَالَ الشَّيْخُ: وَإِنَّمَا أَعْجَبَهُمْ لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سَمَّاهُمَا جَمِيعًا مُسْلِمِينَ، وَهَذَا خَبَرٌ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِمَا كَانَ مِنَ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ بَعْدَ وَفَاةِ عَلِيٍّ فِي تَسْلِيمِهِ الْأَمْرَ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ، وَقَالَ فِي خُطْبَتِهِ: أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ اللَّهَ هَدَاكُمْ بأَوَّلِنَا وَحَقَنَ دِمَاءَكُمْ بآخِرِنَا، وَإِنَّ هَذَا الْأَمْرَ الَّذِي اخْتَلَفْتُ فِيهِ أَنَا وَمُعَاوِيَةُ مَا هُوَ حَقٌّ لَامْرِئٍ كَانَ أَحَقَّ بِهِ مِنِّي بَلْ حَقٌّ لِي تَرَكْتُهُ لِمُعَاوِيَةَ إِرَادَةَ إِصْلَاحِ الْمُسْلِمِينَ وَحَقْنِ دمَائِهِمْ بَلْ وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةً لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ. قَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ رضي الله عنه: هَذَا الَّذِي أَوْدَعْنَاهُ الْكِتَابَ اعْتِقَادُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ وَأَقوَالُهُمْ وَقَدْ أَفْرَدْنَا كُلَّ بَابٍ مِنْهَا بِكِتَابٍ يَشْتمِلُ عَلَى شَرْحِهِ مُنَوَّرًا بدَلَائِلِهِ وَحُجُجِهِ، وَاقْتَصَرْنَا فِي هَذَا الْكِتَابِ عَلَى ذِكْرِ أُصُولِهِ وَالْإِشَارَةِ إِلَى أَطْرَافِ أَدِلَّتِهِ إِرَادَةَ انْتِفَاعِ مَنْ نَظَرَ فِيهِ بِهِ وَاللَّهُ يُوَفِّقُنَا لِمُتَابَعَةِ السُّنَّةِ وَاجْتِنَابِ الْبِدْعَةِ وَيَجْعَلُ عَاقِبَةَ أُمُورِنَا إِلَى رُشْدٍ وَسَعَادَةٍ بِفَضْلِهِ وَسَعَةِ رَحْمَتِهِ إِنَّهُ الْحَنَّانُ الْمَنَّانُ الْوَاسِعُ الْغُفْرَانِ