المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌نجاح الرسالات السماوية في تربية الأمم - شرح بلوغ المرام لعطية سالم - جـ ٢٧

[عطية سالم]

فهرس الكتاب

- ‌كتاب الطهارة - باب قضاء الحاجة [2]

- ‌حديث المغيرة بن شعبة في قضاء النبي صلى الله عليه وسلم حاجته في غزوة تبوك

- ‌الألفاظ الواردة في حديث المغيرة لم يذكرها المصنف

- ‌بعض الآداب والأحكام الواردة في حديث المغيرة

- ‌الإبعاد عند قضاء الحاجة

- ‌أيهما أفضل الاستنجاء بالحجارة أم بالماء

- ‌حكم العمل اليسير أثناء الوضوء

- ‌لبس الثياب الضيقة الأكمام والواسعة

- ‌استحباب خدمة أهل الفضل

- ‌لبس الخفين لا يكون إلا بعد طهارة كاملة

- ‌تعارض العاطفة مع العقل وأيهما يقدم

- ‌فضل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه

- ‌مراعاة اختيار أفضل الموجودين للإمامة

- ‌صحة صلاة الفاضل خلف المفضول

- ‌استحسان فعل المحسن والثناء عليه

- ‌نجاح الرسالات السماوية في تربية الأمم

- ‌حديث أبي هريرة في النهي عن التخلي في الملاعن الثلاثة

- ‌حكم لعن المعين

- ‌حكمة إسناد اللعن إلى الموطن المتخلى فيه

- ‌ما يلحق بالمواطن الثلاثة من المرافق العامة والأسواق

- ‌حديث أبي ذر في النهي عن البراز في الموارد

- ‌النهي عن كشف العورة للآخر والتحدث معه في الغائط

الفصل: ‌نجاح الرسالات السماوية في تربية الأمم

‌نجاح الرسالات السماوية في تربية الأمم

ثم بعد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم تطييباً أو إخباراً بأمر مستقر جديد: (ما قبض الله روح نبي إلا وقد صلى خلف رجل من أمته) .

هذا اللفظ على وجازته واختصاره يعطينا معنى عظيماً جداً، وذلك: أن أي نبي بعث في أمة إنما بعث فيها وهي على جهالة، وجاءهم الله بما أوحى به إليه ليخرجهم من تلك الجهالة إلى المعرفة، ولينشئهم ويربيهم ويعلمهم إلى أن يصلحوا في أنفسهم، ويكونوا صالحين لإصلاح غيرهم.

وهكذا هنا: بعث النبي صلى الله عليه وسلم إلى أمة أمية، وكلنا يعلم ما كانوا فيه من عبادة الأوثان، وجاهلية جهلاء، كما ذكر جعفر رضي الله تعالى عنه للنجاشي: كنا يأكل قوينا ضعيفنا، ونأكل الميتة، وكنا نخفر الذمم وكنا.

وكنا.

إلخ، فبعث الله لنا رجلاً منا نعرف نسبه ونشأته، فأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وحقوق الجوار، وصلة الرحم، وأن نعبد الله وحده لا نشرك به.

إلخ.

فهنا كان العرب على تلك الحالة التي يعرفها الجميع، وجاءت الرسالة المحمدية بما يعرفه أيضاً الجميع، وأخرج الله به الأمة من الجهالة إلى المعرفة، ومن الضلال إلى الهداية، فكأنه يشير إلى أن الرسالة قد أدت مفعولها وأثمر غرسها، وأصبحت الأمة الأمية والأعراب في البادية قادة في أنفسهم، وصالحين لأن يؤم بعضهم بعضاً، وبالتالي كل واحد منهم أصبح صالحاً لأن يكون إماماً لغيرهم من الأمم والجماعات، وهذا بعد الهجرة بتسع سنوات؛ لأن تبوك كانت في السنة التاسعة، معناه أن الإسلام قد أعطى ثماراً، وأن الأمة التي تبعت الإسلام ودانت به أصبحت مستكملة ثقافياً وفكرياً وقيادياً، وأنها قد توفر فيها كل ما تتطلبه الأمة من عناصر الحضارة والتقدم.

ويدل على ذلك أن الواحد منهم بعد أن كان يعبد الصنم، ويفعل القبائح، أصبح الآن صالحاً لأن يؤم العالم وقد أمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزل بعدها بسنة واحدة وهي السنة العاشرة في حجة الوداع:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة:3] فقوله صلى الله عليه وسلم: (ما قبض الله روح نبي إلا وقد صلى خلف رجل من أمته) دليل على أن الرسالات السماوية ناجحة في تربية الأمم، سواء كثر الأتباع أو قلوا؛ فإن نظام الوحي ومنهجه هو أن يوجد الإنسان الكامل الفاضل الذي يصلح لإمامة الدنيا بأسرها.

والله تعالى أعلم.

ص: 16