المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(مسألة): من (1) حدها كما قال العلامة عز الدين بن جماعة - البحر الذي زخر في شرح ألفية الأثر - قسم ١ - ت الأندونوسي - جـ ٣

[الجلال السيوطي]

الفصل: ‌ ‌(مسألة): من (1) حدها كما قال العلامة عز الدين بن جماعة

(مسألة):

من (1) حدها كما قال العلامة عز الدين بن جماعة مطلوب يبرهن (2) عنه في العلم.

(1) سقط من (د).

(2)

وفي (د): مبرهن.

ص: 1207

مسألة

98 -

والحُكْمُ (1) بِالصِّحَّة والحُسْن عَلَى

مَتْنٍ رَواهُ (2) التِّرْمِذِي وَاسْتُشْكِلا

99 -

فَقِيْلَ (3) يَعْنِي اللغَوي وَيَلْزَمُ

وَصْفُ الضَّعِيْف، وَهْوَ نُكْرٌ لَهُمُ

100 -

وَقيْلَ بِاعْتبَارِ تَعْدَادِ السَّنَدْ

وَفِيه شَيْءٌ حَيْثُ وَصْفُ ما انفَرَدْ

101 -

وَقيْلَ مَا تَلقَاهُ (4) يحْوِي العُلْيَا

فذَاكَ حَاوٍ أَبَدًا لِلدُّنْيَا

102 -

كُلُّ صَحِيْحٍ حَسْنٌ لا يَنْعكِسْ

وَقِيلَ هَذَا حَيْثُ رَأيٌ يلْتَبِسْ

103 -

وَصَاحِبُ النُّخْبَةِ ذَا إنِ انفَرَدْ

إسَنادُهُ وَالثَانِي حَيْثُ ذُو عَدَدْ

104 -

وَقَدْ بَدا لِي فِيْه مَعْنَيَانِ

لَمْ يُوْجَدَا لأَهْلِ هَذَا (5) الشانِ

105 -

أَيْ حَسَنٌ لِذاتِهِ صَحِيْحُ

لِغَيرِه لَمَّا بَدَا التَرْجِيْحُ

106 -

أَوْ حَسَنٌ عَلَى الذي بِهِ يُحَدّ

وَهُوَ أصَحُّ مَا هُنَاكَ قَدْ وَرَدْ

(1) وفي جميع النسخ من الألفية: الحكم، بغير واو.

(2)

وفي (د) من الألفية: رآه.

(3)

وفي (س) من الألفية: وقيل.

(4)

وفي (ب): ما يلقاه، وفي (س)، (ت): ما يلفاه.

(5)

من هذا البيت (104) إلى البيت رقم (106) سيشرحها السيوطي رحمه الله شرحًا إجماليًا. ولم يشرحها شرحًا تفصيليًا، ولذلك رأيت شرحها.

104 -

(و) عاطفة، على ما مرّ من أقوال العلماء.

(قد) للتحقيق.

(بدا لي) فعل ماضٍ، بمعنى ظهر لي. =

ص: 1208

(ش)(1) قال ابن الصلاح: "في قول الترمذي وغيره: هذا حديث حسن صحيح إشكال (2)! ! لأن الحسن قاصر عن الصحيح كما سبق إيضاحه، ففي الجمع بينهما في حديث واحد جمع بين نفي ذاك (3) القصور وإثباته، قال: وجوابه: أنّ ذلك راجع إلى الإسناد، فإذا روي الحديث الواحد بإسنادين -أحدهما إسناد حسن والآخر إسناد صحيح- استقام أن يقال فيه: إنه حديث حسن صحيح أي:

= (في) أي في الإشكال الحاصل من الجمع بن الحسن والصحة (معنيان) فاعل بدا، أي: أمران.

(لم) نافية.

(يوجدا) مضارع، مجزوم بلم.

(لأهل هذا الشأن) من الحفاظ المتقدمين على السيوطي.

105 -

(أي) حرف تفسير، وما بعدها عطف بيان على ما قبلها أو بدل (حسن لذاته) باعتبار انقسام الحسن إلى قسمين: لذاته ولغيره وهو في نفس الوقت.

(صحيح لغيره) كذلك.

(لما بدا الترجيح)

106 -

(أو) حرف عطف للإباحة.

(حسن) إسناده.

(على الذي به يحد) على اختلاف التعريفات في حدِّه.

(وهو) أي: ذلك الحديث الحسن.

(أصح ما هناك قد ورد) أصح الأحاديث في ذلك الباب.

انظر: استقصاء الأثر (ق 53 - ق 56)، ومنهج ذوي النظر (ص 37، ص 38)، وشرح محمد محي الدين (ص 51 - ص 54)

(1)

سقطت من (د)، وبياض في (ب).

(2)

وفي (م): استشكال.

(3)

وفي الأصل (ص 113): ذلك.

ص: 1209

أنه حسن بالنسبة إلى [إسناد](1)، صحيح بالنسبة إلى إسناد آخر. على أنه غير مستنكر أن يكون بعض من قال ذلك أراد بالحسن معناه البغوي وهو ما تميل إليه النفس ولا يأباه القلب، دون المعنى الاصطلاحي الذي نحن بصدده" (2) انتهى.

قال الحافظ أبو الفضل العراقي: "وقد تعقبه الشيخ تقي الدين ابن دقيق العيد في الاقتراح (3) بأنّ الجواب الأول ترد عليه [الأحاديث] (4) التي قيل فيها: حسن صحيح مع أنه ليس لها إلا مخرج واحد، قال: وفي كلام الترمذي في مواضع يقول: "هذا حديث صحيح، لا نعرفه إلا من هذا الوجه".

قال العراقي: "وقد أجاب بعض المتأخرين (5) عن ابن الصلاح بأنّ الترمذي حيث قال هذا. . .

(1) من الأصل (ص 114)، وفي النسخ: إسناده

(2)

مقدمة ابن الصلاح (ص 113، ص 114).

(3)

الاقتراح (ص 173).

(4)

من (د).

(5)

ربما قصد الحافظ العراقي البلقينيَّ لأنه هو الذي صرَّح في محاسن الاصطلاح بأنَّ مراد الترمذي من قوله ". . . لا نعرفه إلا من هذا الوجه. . " التفرد النسبي لا المطلق قال: لأنا نقول أراد الترمذي بذلك انفراد أحد رواته، لا أن المتن منفرد به، ويدل لهذا أنه يقول في بعض الأحاديث: غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث فلان كقوله في حديث خالد. . وذكر الحديث الذي ذكره العراقي.

انظر محاسن الاصطلاح (ص 114).

ص: 1210

يريد (1) تفرد أحد الرواة عن (2) الآخر (3) لا التفرد المطلق، قال (4): ويوضح ذلك ما ذكره في الفتن من حديث خالد الحذاء (5) عن ابن سيرين عن أبي هريرة (رضي اللَّه تعالى عنه)(6) يرفعه: "مَنْ أَشَارَ عَلَى (7) أَخِيْهِ بِحَدِيْدَةٍ". . . الحديث (8)، قال: هذا حديث

(1) وفي الأصل (ص 59): يريد به.

(2)

وفي الأصل (ص 59): به عن.

(3)

وهو ما يسمى عند المحدثين بالتفرد النسبي وهو أحد قسمي التفرد، وهو التفرد المقيد بثقة أو ببلد ونحو ذلك. فيقال لم يروه ثقة إلا فلان وهكذا قال السيوطي:

وَمِنهُ نِسْبِىٌ بِقَيْدٍ يُعْتَمَدْ

بِثَقةٍ أوْ عَنْ فُلانٍ أوْ بَلَدْ

وأما التفرد المطلق: فهو أن ينفرد راو بحديث لا يروى عن غيره ولو تعددت الطرق إليه، قال السيوطي:

الفَرْدُ إمَّا مُطْلَقٌ مَا انفَردا

رَاو بِهِ فإنْ لضَبْطٍ بَعُدًا

مقدمة ابن الصلاح (ص 192)، وفتح المغيث (ص 215)، وألفية السيوطي (ص 65) مع منهج ذوي النظر.

(4)

سقطت من (ب).

(5)

(ع) أبو المنازل -بفتح الميم وقيل بضمها وكسر الزاي- خالد بن مهران الحذّاء بفتح المهملة وتشديد الذال المعجمة. . ثقة يرسل، من الخامسة، وقد أشار حماد بن زيد إلى أنَّ حفظه تغيَّر لما قدم من الشام. . توفي سنة (141 هـ) وقيل غير ذلك. التقريب (ص 90) بتصرف. وطبقات ابن سعد (7/ 259)، وتاريخ خليفة (ص 420)، والمعرفة والتاريخ (1/ 124)، وتهذيب التهذيب (3/ 120).

(6)

سقطت من (د)، وفي (م): رضي الله عنه، وليست في الأصل.

(7)

وفي (د): إليه، في الأصل (ص 59): إلى.

(8)

الحديث أخرجه مسلم في صحيحه (كتاب البر - باب النهي عن الإشارة بالسلاح =

ص: 1211

حسن صحيح غريب من هذا الوجه، فاستغربه من حديث خالد لا مطلقًا (1).

قال العراقي: "وهذا الجواب لا يمشي في المواضع التي يقول فيها: لا نعرفه إلا من هذا الوجه، كحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إِذا بَقيَ نِصْفُ شَعْبَانَ (2) فَلَا تَصُوْمُوا (3) " قال فيه الترمذي (4): حسن صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه (5). . . . .

= إلى مسلم - 4/ 2020)، والترمذي (كتاب الفتن - باب ما جاء في إشارة المسلم إلى أخيه بالسلاح 4/ 463)،

ونص ما قاله: قال: وهذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، يستغرب من حديث خالد الحذاء.

وأحمد (2/ 256)، فأما مسلم وأحمد فأخرجاه من حديث ابن عون عن ابن سيرين عن أبي هريرة بنحوه.

(1)

لأن خالدًا توبع، تابعه أيوب وابن عون (كما تقدم عند مسلم وأحمد).

(2)

وفي الأصل (ص 59): من شعبان.

(3)

سقطت من (ب)، وفي الأصل (ص 59): فلا يصوموا.

(4)

تقدم تخريجه (2/ 665).

(5)

وقد أجاب الصنعاني تبعًا لابن الوزير على إيراد ابن دقيق هذا بثلاثة أجوبة أخرى:

1 -

أنّ الترمذي أراد من قوله: "لا نعرفه إلا من هذا الوجه" أنه لا يعرف الحديث: بذلك اللفظ، كما قيد به في هذا المثال، وأراد أنه قد ورد معناه، بإسناد آخر، أخذًا من مفهوم قوله: على هذا اللفظ. =

ص: 1212

على هذا اللفظ (1).

وقال الزركشي: "قد رد ابن أبي الدم (2) الجواب الأول لأنه يمكن أن يكون الحديث صحيح الإسناد، ولا يكون المتن صحيحًا، لكونه شاذًا أو معللًا (3)، فوصف الإسناد بالصحة أو الحسن غير وصف الحديث نفسه بالصحيح (4) أو الحسن، فلا يحسن أن يقال: إنَّ مراده بقوله حديث حسن صحيح -بعد التصريح بوصف الحديث بهما- أنه راجع إلى وصف إسناده، فإنَّ الحديث شيء وإسناد الحديث شيء آخر، وإنما [لا] (5) يبعد أن يكون المراد بقوله: هذا حديث حسن صحيح أنَّ الصحيح هو الذي نقله العدل (عن العدل (6)

= 2 - أو يريد بقوله: لا نعرفه إلا من هذا الوجه. . أي لا نعرفه حسنًا صحيحًا إلا من هذا الوجه، ونعرفه من وجه آخر بغير تلك الصفة. .

3 -

أو يريد أنه لا يعرف الحديث عن ذلك الصحابي الذي رواه عنه إلا بذلك الإسناد، فقوله: لا يعرف إلا من هذا الوجه أي عن ذلك الصحابي.

انتهى باختصار وتصرف من توضيح الأفكار (1/ 237، 238).

(1)

التقييد والإيضاح (ص 59، ص 60).

(2)

إبراهيم بن عبد اللَّه بن عبد المنعم الهَمْدَاني الحموي الشافعي المعروف بابن أبي الدم، قاضي حماة، توفي سنة:(642 هـ) الوافي بالوفيات (6/ 33) وطبقات الشافعية للسبكي (5/ 47)، وشذرات الذهب (5/ 213) له كتاب في المصطلح اسمه "تدقيق العناية" نسخته الخطية الفريدة موجودة في المكتبة الوطنية بالجزائر. إفادة الطالب النجيب مصطفى إيتيم الجزائري.

(3)

سقطت من (ب)

(4)

هكذا في الأصل (ق 55/ أ).

(5)

من (د).

(6)

سقطت من (ب).

ص: 1213

بشرط الضبط كما تقدم، والحسن هو الحديث الوارد فيه بشرى للمكلف وتسهيل عليه وتشير مأخوذ مما تميل إليه النفس، وهو الذي أشار إليه ابن الصلاح في الجواب الثاني (1)، قال: وأما اعتراض ابن دقيق العيد (2) بأنه ينتقض (3) بقول الترمذي ذلك في الأحاديث التي ليس لها إلا مخرج واحد فيجاب عنه بأنّ الصورة التي ذكرها ابن الصلاح مطلقة ليست مقيدة بهذا القيد، وكلامه محمول على (4) الإطلاق، ويكون (5) المراد هو الاعم الأغلب فإنَّ هذا القيد الذي ذكره الترمذي

(1) ويقرب من هذا الرأي ما ذكره محمد بن إبراهيم الوزير (ت 840 هـ) في كتابه "تنقيح الأنظار" قال: ". . . وعدي جواب آخر، وهو أن يريد الترمذي أن الحديث صحيح في إسناده ومتنه، حسن في الاحتجاج به على ما قصد الاحتجاج به فيه، ويكون هذا الحسن هو الحسن اللغوي دون الاصطلاحي" أ. هـ.

وتعقبه الصنعاني فقال: ". . . ليس من مدلولها -أي كلمة- حسن الاحتجاج به. . . فهذا معنى للحسن آخر ليس لغويًا، ولا هو الاصطلاحي المعروف. . . وكذلك يرد عليه أنه إذا كان الحديث صحيح الإسناد والمتن فالاحتجاح به معلوم لا يفتقر إلى ذكره، ولأنه لم يأت لى اصطلاحهم وصف الحديث بالحسن مرادًا به حسن الاحتجاج به، ولا يحمل كلامهم إلا على اصطلاحهم. . . ثم إنه كان الأولى على تقدير إرادة ما ذكره المصنف أن يقال: صحيح حسن، لا حسن صحيح، لأنَّ حسن الاحتجاح فرع عن صحته" أ. هـ ص توضيح الأفكار (1/ 242، 243).

(2)

انظر: الاقتراح (ص 173).

(3)

وفي (د): ينقض.

(4)

وفي الأصل (ق 55/ ب) عند.

(5)

وفي (ب): فيكون.

ص: 1214

قليل بالنسبة إلى مطلقه" (1) انتهى.

ثم قال العراقي: "ورد ابن دقيق العيد الجواب الثاني بأنه يلزم عليه أن يطلق على الحديث الموضوع إذا كان حسن اللفظ أنه حسن، وذلك لا [يقوله] (2) أحد من المحدثين إذا جروا على اصطلاحهم".

قال العراقي: "قد أطلقوا على الحديث الضعيف أنه حسن، وأرادوا حسن اللفظ لا المعنى الاصطلاحي فروى ابن عبد البر في كتاب بيان آداب العلم (3) حديث معاذ بن جبل (رضي اللَّه تعالى عنه) (4) مرفوعًا: تَعَلَّموُا العِلْمَ، فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّه خَشْيَة، وطَلَبَهُ عِبَادَةْ، وَمُذَاكَرَتهُ تَسْبِيْحٌ، وَالبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعَلِيمَهُ لِمَنْ لَا يْعلَمهُ صَدَقةٌ وَبَذْلَهُ لأهْلِهِ قُرْبَةٌ، لأَنَّه مَعالِمُ الحَلَالِ وَالْحَرَام، وَمَنَارُ سُبُلِ أَهْلِ الجَنَّة، وَهُوَ الأُنسُ [في](5) الوَحْشَةِ، وَالصَّاحِبُ في الغُرْبَةِ، والمُحَدّثُ في الخَلْوةِ، والدَّليْلُ عَلَى السَرَّاءِ والضَرَّاء، والسِلَاحُ عَلَى الأَعْداء، والزينُ عْنِدَ الأَخِلَّاء، يَرْفَعُ اللَّه تَعَالى بِهِ أُقَوَامًا فَيَجْعلَهُم في

(1) نكت الزركشي (ق 55/ ب).

(2)

من الأصل (ص 60)، وفي النسخ: لا يقول.

(3)

جامع بيان العلم وفضله (1/ 65).

(4)

سقطت من (د).

(5)

من (د)، ومن الأصل (1/ 65)، وفي النسخ: من.

ص: 1215

الخَيْرِ قَادَةً وَأَئمَّةً تُقْتَصُّ (1) آثَارُهُمْ (2)، وَيُقْتَدَى تَبَعًا لَهُمْ، وَيُنْتَهَى إلَى رأْيِهِمْ، تَرْغَبُ المَلائكةُ في خُلَّتهِمْ، بأَجْنحِتِهَا تَمْسَحَهُمْ، يَسْتغْفِرُ لَهُمْ كُلُ رَطْبٍ وَيَابِسٍ وَحِيتانُ البَحْرِ، وهَوَامُه، وسِبَاعُ البَرّ، وأَنْعَامُهْ، لأِنَّ العِلْمِ حَيَاةُ القُلُوبْ مِنَ الجَهْلِ، وَمَصابِيْحُ الأَبْصَار مِنَ الظُلَم، يَبْلُغُ العَبْدُ بِالْعلِم مَنَازلَ الأَخْيار والدَرَجَات العُلَى (3) في الدُنْيَا والآخِرَة، والتَفَكُرُ فِيه يَعْدلُ الصِيَامَ، وَمُدَارَسَتُهُ تَعدِلُ القِيامَ، بِهِ تُوْصَلُ الأَرْحَامُ، وبِهِ يُعْرفُ الحَلَال وَالْحرَامُ (4)، هُوَ إِمَامُ العَمَلِ وَالعَمَلُ تَابِعُهُ، يُلْهَمُهُ السُعَدَاءُ، وَيُحْرَمُهُ الأَشقِياءُ".

قال ابن عبد البر: "وهو حديث حسن جدًا ولكن ليس له إسناد قوي (5) " فأراد بالحسن حسن اللفظ قطعًا، . . . . .

(1) وفي (م) يقتص، وفي (د): تقص.

(2)

اقتص وتقصص: أي تتبع الأثر.

(3)

وفي (د): العليا.

(4)

وفي الأصل (1/ 65): الحلال من الحرام.

(5)

ورواه أيضًا مرفوعًا أبو نعيم في معجم شيوخه (كما في إتحاف السادة 1/ 121)

قال الزبيدي: "ولا يثبت وحسبه أن يصل إلى معاذ".

قلت: وثبوته عن معاذ موقوفًا فيه نظر أيضًا، فقد رواه موقوفًا عليه سليم الرازي في "الترغيب والترهيب"، وفيه كنانة بن جبلة وهو ضعيف، وأبو نعيم في الحلية (1/ 239)، وابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله (1/ 65) وفيهما أبو عصمة وهو كذاب كما في التقريب (ص 360)، وأبو الشيخ، وابن حبان في كتاب =

ص: 1216

فإنه (1) من رواية موسى بن محمد البلقاوي عن عبد الرحيم بن زيد العمي، والبلقاوي هذا (2) كذاب كذبه أبو زرعة (3)، وأبو حاتم (4)، ونسبه العقيلي (5) وابن (6) حبان (7) إلى وضع الحديث (8)، والظاهر أنَّ هذا الحديث (9) مما صنعت يداه (10) وعبد الرحيم العمي متروك (11). . .

= الثواب، والمرهبي في العلم من حديث أنس، وفيه يزيد الرقاشي وهو ضعيف، والخطيب في الفقيه والمتفقه (1/ 25) من حديث أبي هريرة، وإسناده ضعيف والمظفر بن الحسين الغزنوي في كتاب "فضائل القرآن" من حديث أبى هريرة، وهو منكر جدًا.

المغني للعراقي (1/ 20)، وإتحاف السادة المتقين للزبيدي (1/ 121 - 123)

(1)

من (د)، وفي بقة النسخ:"وأنه".

(2)

سقطت من (ب).

(3)

ضعفاء أبي زرعة (2/ 496).

(4)

الجرح والتعديل (8/ 161).

(5)

ضعفاء العقيلي (169/ 4)

(6)

المجروحين (2/ 242).

(7)

وفي (د): ابن حبان والعقيلي.

(8)

الكشف الحثيث للحلبي (ص 435) وقال عنه: أحد التلفى.

(9)

سقطت من (ب).

(10)

هذا التعبير كناية عن الوضع، وقد استعمل شبهه ابن حبان حيث قال في شأن "أيوب بن خوط أبو أمية البصري" وروايته لحديث دخوط الذباب النار، قال:"كأنه مما عملت يداه".

الموضوعات (3/ 266)، والكشف الحثيث (ص 107)، والوضع، د/ فلاتة (1/ 114).

(11)

حكم عليه بالترك: البخاري، وأبو حاتم، والذهبي، وكذبه يحيى بن معين =

ص: 1217

أيضًا" (1) انتهى.

قال التبريزي في الكافي بعد إيراد تعقب ابن دقيق العيد: "هذا لا يرد على ابن الصلاح لأنه ذكر هذا التأويل للحسن الذي يقال مع (2) الصحيح لا للحسن المطلق، فالحديث الموضوع لا يقال إنه صحيح (3) ولئن سلم أن المراد الحسن المطلق، لكن لا نسلم أنه لا يقول أحد إنَّ (4) الحديث (5) الموضوع حسن اللفظ إذا كان كذلك. وذكر مثله البلقيني في محاسن الاصطلاح، فقال: "وأما الموضوع فلا يرد، لأنَّ الكلام فيما (جمع فيه)(6) ببن الصحة والحسن، وهو غير داخل (7). وقد اعتمد هذا الحافظ ابن حجر فقال عقب كلام ابن دقيق العيد: "هذا الإلزام عجيب، لأنَّ ابن الصلاح إنما فرض

= التاريخ الصغير (ص 206)، والجرح والتعديل (5/ 339)، والكاشف (2/ 193)، وميزان الاعتدال (2/ 605).

(1)

التقييد والإيضاح (ص 60).

(2)

وفي (م): موضع.

(3)

وقد أيد كلام التبريزي السخاوي حيث قال:

"لكن أجاب بمنع وروده بعد الحكم عليه بالصحة الذي هو فرض المسألة وهو حسن" انظر فتح المغيث (ص 90).

(4)

وفي النسخ: أنّ.

(5)

وفي (د): للحديث.

(6)

ليست في الأصل (ص 114).

(7)

محاسن الاصطلاح (ص 114).

ص: 1218

المسألة حيث يقول [القائل](1): حسن صحيح، فحكمه عليه بالصحة ممتنع (2) معه أن يكون موضوعًا (3).

قال: وأما قول شيخنا إنَّ ابن عبد البر أطلق الحسن، وأراد به معناه اللغوي دون الاصطلاحي فعجيب لأنَّ ابن دقيق العيد قد قيد كلامه بقوله: إذا جروا على اصطلاحهم، وهنا لم يجر ابن عبد البر على اصطلاح المحدثين باعترافه بعدم قوة إسناده، فكيف يحسن التعقيب (4) بذلك على ابن دقيق العيد (5).

(1) من (د).

(2)

وفي الأصل (1/ 475): يمتنع.

(3)

وعلى كل فإنَّ ما ردّ به التبريزي، والبلقيني، وابن حجر على ابن دقيق العيد فيما يتعلق بأنّ مراده من (الحسن) الناحية الإسنادية لا اللغوية كما تقدم.

قال السخاوي: "ولكن لا يأتي هذا إذا مشينا على أنَّ تعريفه إنما هو لما يقول فيه حسن فقط".

ورد الشيخ السماحي أيضًا على ابن الصلاح، والتبريزي، والبلقيني، وابن حجر فقال:". . . حمل كلام ابن الصلاح على حسن اللفظ ليس بجيد إذ لا شأن له بالقوة في القبول وعدمه، والأقرب أن يحمل على حسن الإسناد، إذ الحسن في كل شيء بحسبه، ألا ترى قول ابن طاهر في شرط الصحيح: فإن كان له راويان فحسن، وإلا فصحيح فقط. . . فلو أراد الترمذي غير المعنى المصطلح عليه فيما إذا اجتمع الحسن مع غيره لبيَّنة، كما بيّن الأول -أي الحسن إذا انفرد- فإرادته للحسن اللغوي بعيد".

فتح المغيث (ص 90)، وشروط الأئمة لابن طاهر (ص 12) والمنهج الحديث/ قسم المطلح (ص 117، ص 118).

(4)

في بعض نسخ النكت: التعقب (1/ 475).

(5)

نكت ابن حجر بتصرف (1/ 475).

ص: 1219

وقال الزركشي: "قد اعترض على ابن الصلاح بأمر آخر وهو أنّ الترمذي يقول ذلك في أحاديث مروية في صفة جهنم والحدود والقصاص ونحو ذلك مما لا يوافق القلب، إلا أن يقال: "إنه حسن باعتبار ما فيه من الزجر عن القبيح" (1).

وذكر البلقيني في محاسن الاصطلاح نحوه فقال: "وأما (2) ما ذكر (3) آخرًا ففيه نظر [لقول] (4) الترمذي ذلك في أحاديث مروية في صفة جهنم، والحدود والقصاص، ونحو ذلك، وأيضًا فالأحاديث الموضوعة فيها ترقيقات (5) ولا يحل إطلاق الحسن عليها والانفصال عنه أن يقال: ولو كان في الأحاديث (6) المذكورة كان حسنًا باعتبار ما فيه من الوعيد والزجر بالأساليب البديعة" انتهى.

وعبارة ابن الملقن في المقنع: "ولك أن تقول: لا يرد على الشيخ (7) ما ألزمه به لأنه ذكر هذا التأويل للحسن الذي يقال مع الصحيح لا الحسن (8) المطلق، والموضوع لا يقال إنه صحيح،

(1) نكت الزركشي (ق 56/ أ).

(2)

سقطت من (ب) الواو.

(3)

وفي (م): ذكره.

(4)

من (د)، وفي بقية النسخ: بقول.

(5)

وفي (د): ترقيعات.

(6)

وفي (د): الأمور.

(7)

وفي (د): شيخ.

(8)

وفي (د): للحسن.

ص: 1220

[ووهاه](1) بعضهم أيضًا بأنَّ أحاديث الوعيد لا توافق القلب بل يجد منها كربًا وألما من الخوف، وهي من الأحاديث الحسان" انتهى.

وقال ابن دقيق العيد: "الذي أقوله في جواب هذا السؤال أنه لا يشترط في الحسن قيد القصور عن: [الصحيح](2)، وإنما يجيئه (3) القصور، [ويفهم] (4) ذلك فيه إذا اقتصر على قوله: حسن، فالقصور يأتيه من حيث (5) الاقتصار، لا من حيث حقيقته وذاته، (فإذا جمع بينهما فلا قصور حينئذ)(6)، وبيان ذلك أنَّ هاهنا صفات للرواة [تقتضي](7) قبول روايتهم (8) وتلك (9) الصفات متفاوت بعضها (10) فوق بعض، كالتيقظ والحفظ والإتقان مثلًا، ودونها الصدق، وعدم التهمة بالكذب [فوجود](11) الدرجة [الدنيا](12) كالصدق مثلًا لا ينافيه وجود

(1) وفي (م): ورواه.

(2)

من (د)، وفي بقية النسخ: التصحيح.

(3)

من الأصل (ص 175)، وفي (د): مجيئه.

(4)

من الأصل (ص 175)، وفي (ب)، (ع): مفهم، وفي بقية النسخ: ومعهم.

(5)

وفي الأصل (ص 175): قيد.

(6)

ليست في الأصل.

(7)

من الأصل (ص 176)، وفي النسخ: يقتضي.

(8)

وفي الأصل (ص 176): الرواية.

(9)

وفي (د): ولكن، وفي الأصل (ص 176): ولتلك.

(10)

ونص العبارة في الأصل (ص 176): ولتلك الصفات درجات بعضها فوق بعض.

(11)

من (د)، وفي بقية النسخ: موجود.

(12)

من (د).

ص: 1221

ما هو أعلى منه كالحفظ والإتقان، فإذا (1) وجدت الدرجة العليا لم يناف ذلك وجود الدنيا كالصدق، فيصح أن يقال في هذا: إنه حسن باعتبار وجود الصفة الدنيا وهي الصدق مثلًا، صحيح باعتبار الصفة العليا وهي الحفظ والإتقان، ويلزم على هذا أن يكون كل صحيح حسنًا، [ويلتزم] (2) ذلك ويؤيده (3) ورود قول المتقدمين: هذا حديث حسن في الأحاديث الصحيحة" (4) انتهى.

قال العراقي: "وقد سبقه إلى [نحو] (5) ذلك الحافظ أبو عبد اللَّه ابن المواق فقال في كتابه بغية النقاد: "لم يخص الترمذي الحسن بصفة تميزه عن الصحيح، فلا يكون صحيحا إلا وهو غير شاذ، ولا يكون صحيحًا حتى يكون (6) رواته غير متهمين بل [ثقات، قال: فظهر من هذا أنَّ الحسن عند الترمذي صفة لا تخص (7) هذا القسم بل](8) قد يشركه فيها الصحيح، قال:"فكل صحيح عنده حسن، وليس كل حسن صحيحًا".

(1) من (د)، وفي بقية النسخ: إذا.

(2)

من (د)، ومن الأصل (ص 176)، وفي النسخ: ويلزم.

(3)

سقطت من (ب).

(4)

ونص العبارة في الأصل (ص 176): ". . ويلتزم ذلك ويؤيده ورود قولهم: هذا حديث حسن في الأحاديث: الصحيحة، وهذا موجود في كلام المتقدمين".

(5)

من (د)، وسقطت من بقية النسخ.

(6)

سقطت من (د).

(7)

من الأصل (ص 60)، وفي النسخ: لأخص.

(8)

من (د).

ص: 1222

قال العراقي: "وقد اعترض على ابن المواق في هذا الحافظ (1) أبو الفتح اليعمري فقال في شرح الترمذي: بقي عليه أنه اشترط في الحسن أن يُروى من وجه آخر، ولم يشترط ذلك في الصحيح (قال: وجواب ما اعترض به: أنّ الترمذي إنما يشترط في الحسن مجيئه من وجه آخر إذا لم يبلغ رتبة الصحيح، فإن بلغها لم يشترط ذلك بدليل قوله في مواضع: هذا حديث حسن صحيح غريب، فلما ارتفع إلى درجة الصحة أثبت له الغرابة بإعتبار فرديته) (2)، وقد ذكر نحو ذلك اليعمري نفسه عند حديث عائشة:

"كَانَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم إِذَا خَرَجَ مِنَ الخَلَاءِ قَالَ: غُفْرَانَكْ"

فإنَّ الترمذي قال: هذا حديث [حسن](3) غريب لا نعرفه إلا من حديث إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة (4). . . . .

(1) سقطت من (د).

(2)

لا يوجد هذا الكلام في التقييد والإيضاح في طبعتي السلفية والطباخ.

(3)

من (د).

(4)

(بخ د ت سي ق) يوسف بن أبي بردة بن أبي موسى الاشعري، وثقة ابن حبان، والعجلي، والذهبي.

وقال ابن حجر: مقبول.

الثقات لابن حبان (7/ 638)، وترتيب ثقات العجلي للهيثمي (ص 485)، والتاريخ الكبير (8/ 386)، والتقريب (ص 388). =

ص: 1223

ولا يعرف (1) في هذا الباب إلا حديث عائشة (2) فأجاب اليعمري عن هذا الحديث بأن الذي يحتاج إلى مجيئه من غير وجه ما كان راويه في درجة المستور (3)، ومن لم تثبت (4) عدالته".

وقال: "وأكثر ما في الباب أن الترمذي عرَّف بنوع منه لا بكل أنواعه"(5).

وقال الزركشي عقب كلام ابن دقيق العيد: "حاصله أنّ الصحيح يرجع إلى زيادة الحفظ والإتقان، والحسن يرجع إلى

(1) وفي (ب): ولا نعرف وفي الأصل (ص 61) السلفية، وفي نسخة الطباخ من التقييد (ص 46) كما هو مثبت هنا.

(2)

الحديث أخرجه الترمذي في (كتاب الطهارة/ باب ما يقول إذا خرج من الخلاء 1/ 12).

وأخرجه أيضًا ابن خزيمة (1/ 48)، وابن حبان (2/ 510)، وأبو داود (كتاب الطهارة - باب ما يقول الرجل إذا خرج من الخلاء 1/ 30)، وابن ماجه (كتاب الطهارة وسننها، باب ما يقول إذا خرج من الخلاء 1/ 110)، والدارمي (1/ 139)، وأحمد (6/ 155)، وابن الجارود (ص 25)، والنسائي في عمل اليوم والليلة (ص 172)، والحاكم (1/ 158) وصححه ووافقه الذهبي.

كلهم من طريق إسرائيل عن يوسف بن أبي بردة عن أبيه عن عائشة بمثله والحديث صحيح.

(3)

سقطت من (ب).

(4)

وفي (ب) يثبت.

(5)

التقييد والإيضاح (ص 61).

ص: 1224

الصدق ومطلق الحفظ، وقد يجتمعان، ويشكل عليه ما تقدم من إطلاق الصحيح عند شهرة الراوي بالصدق مع [قصور](1) ضبطه، وأورد عليه ما لو كان السند قد اتفق على عدالة رواته، ويجاب (2) بندرة ذلك! ! نعم ما ادعاه من أنَّ كل صحيح حسن ممنوع، فإنَّ الصحيح الذي ليس له إلا راو [واحد](3) ليس بحسن لأنّ شرط الحسن أن يروى من غير وجه كما تقدم، نعم لو (4) قيل بينهما عموم وخصوص من وجه [لكان](5) متجهًا، إذ بعض الحسن ليس بصحيح أيضًا، لكون رجاله ليسوا في الضبط والإتقان والهرة بذلك (6)، وإن كان معروف المخرج، وروي من غير وجه، فحيث عرف مخرجه، واشتهر رجاله، وهم بمكان من الضبط والإتقان، وروي من غير وجه فحسن وصحيح، (وحيث روي من وجه واحد فحسن)(7) وحيث روي من وجه واحد (8) وليس له إلا راو واحد في كل درجة وضابط متقن عدل ثقة فصحيح وليس بحسن، وحيث له مخرج مشتهر وأخرج من غير

(1) من (د)، ومن الأصل، وفي النسخ: حصول.

(2)

وفي الأصل (ق 56/ أ): وجوابه.

(3)

من (د).

(4)

وفي (د): لو قد.

(5)

وفي (د): فكان.

(6)

وفي (د): بذاك.

(7)

سقطت من (د)، ومن الأصل.

(8)

وفي الأصل (ق 56/ ب): آخر.

ص: 1225

وجه فحسن" (1) انتهى.

وبعضه مأخوذ من كلام التبريزي، (فإنه قال في الكافي) (2) متعقبًا على ابن دقيق العيد:"قد اشترط الترمذي في الحسن أن يروى من غير وجه، فعلى هذا لا نسلم أنَّ كل صحيح حسن، فإنَّ الصحيح الذي لم يروه إلا واحد كأفراد الصحيحين صحيح وليس حسنًا بالتفسير المذكور، نعم لو قيل بينهما عموم وخصوص من وجه لكان أنسب إذ بعض الصحيح حسن دون بعض (وبعض الحسن صحح دون بعض) (3) وإذا اجتمعا في مادة، وافترقا يكون بينهما عموم وخصوص من وجه" انتهى.

وقال الحافظ ابن حجر: "تعقب اليعمري على ابن المواق وارد، ورده وأضح على زاعم التداخل بين النوعين، وكان ابن المواق فهم التداخل من قول الترمذي: "وأن لا يكون راويه متهمًا بالكذب"، [وذلك ليس بلازم للتداخل فإنّ الصحيح لا يشترط فيه أن لا يكون متهما بالكذب] (4) فقط بل بانضمام أمر آخر وهو ثبوت العدالة والضبط بخلاف قسم الحسن الذي عرف به الترمذي فبان التباين بينهما"(5) انتهى.

(1) نكت الزركشي (ق 56/ ب).

(2)

سقطت من (ب).

(3)

سقطت (ب).

(4)

من الأصل (1/ 476)، وقد سقطت من النسخ.

(5)

نكت ابن حجر (1/ 476).

ص: 1226

وعبارة ابن النفيس في مختصره: (وقيل الحسن)(1) نوع من الصحيح فعلى هذا يصح أن يقال في الحديث الواحد إنه حسن صحيح، ولا يقال ذلك بالمعنى الأول إلا باعتبار إسنادين يكون ذلك الحديث بأحدهما حسنًا وبالآخر صحيحًا، وتبعه على ذلك الزركشي في الضوابط السنية فقال: وقيل الحسن نوع من الصحيح لا قسيمه، ولذلك يقال للحديث الواحد إنه حسن صحيح (2) وعلى الأول فيقال ذلك باعتبار إسنادين غالبًا.

وقال في النكت: "قال شيخنا عماد الدين بن كثير: أصل هذا السؤال غير متجه لأن الجمع بين الحسن والصحة رتبة متوسطة، فالصحيح أعلاها، ويليه (3) المشوب من كل منهما وهو الصحة والحسن، ويليه الحسن وما كان فيه شبه من شيئين اختص باسم وصار كالمستقل (4) كقولهم: هذا حلو حامض أي مز.

(1) سقطت من (ب).

(2)

بالنسبة لجوابي ابن النفيس، والزركشي من أنَّ الحسن نوع من الصحيح، يلزم من هذا أن يفسر الحسن والصحيح بالتعارف عليه عند المحدثين وهو أن الصحيح صحيح الإسناد والمتن حسنهما، وأن الحسن يدخل تحت الصحيح دخول النوع تحت الجنس كالإنسان تحت الحيوان، وقد ردّ الصنعاني على هذا بقوله:

(. . . فهو أي الحسن -قسيم له- أي للصحيح- لا أنه هو، ولا قسم منه.)

انظر إسبال المطر على قصب السكر (ص 50).

(3)

من الأصل (ق 56/ ب)، وفي النسخ: وبينة.

(4)

وفي (ب)، (ع)، كالمسقبل.

ص: 1227

قال الزركشي: "ويلزم على هذا أن لا يكون في كتاب الترمذي صحيح إلا قليل لقلّة اقتصاره على قوله هذا صحيح، مع أنَّ الذي يعبر عنه (1) بالصحة والحسن (2) أكثره موجود في الصحيحين، ثم هو يقضي إثبات (3) قسم آخر، وهو خرق لإجماعهم"(4) وعبارة البلقيني في محاسن الاصطلاح: "وقيل الجمع بين الصحة والحسن (5) رتبة متوسطة بين الحسن المجرَّد والصحيح المجرَّد، فأعلاها ما [تمحض] (6) فيه وصف الصحة، وأدناها ما تمحض فيه (7) [وصف] (8) الحسن، وأوسطها ما جمع بينهما وفيه نظر"(9).

وقال العراقي في النكت: "أجاب الحافظ عماد الدين بن كثير في مختصره لعلوم الحديث عن أصل الإشكال بما حاصله أنّ

(1) وفي (د): فيها.

(2)

وفي (ب): فالحسن.

(3)

وفي (ب): اتيان.

(4)

نكت الزركشي (ق 56/ ب).

(5)

وفي (د): بين الحسن والصحة، وكذلك في الأصل (ص 115).

(6)

من (د)، ومن الأصل (ص 115)، وفي (ب): يمحص، وفي بقية النسخ يمحض.

(7)

من (ب)، (د)، ومن الأصل (ص 115) وفي بقية النسخ: يمحض.

(8)

من الأصل (ص 115).

(9)

محاسن الاصطلاح (ص 114، ص 115).

ص: 1228

الجمع في حديث واحد بين الصحة والحسن درجة متوسطة بين الصحيح والحسن، قال: والذي يظهر أنه يشرب الحكم بالصحة على [الحديث](1) بالحسن (2) كما [يشرب](3) الحسن بالصحة فعلى هذا يكون ما (4) يقول فيه حسن صحيح أعلى رتبة عده من الحسن ودون الصحيح، ويكون حكمه على الحديث بالصحة المحضة أقوى من حكمه عليه بالصحة مع الحسن (5) ".

قال العراقي: "وهذا الذى ظهر له تحكم لا دليل عليه، وهو بعيد من فهم معنى كلام الترمذي"(6) وقال الحافظ ابن حجر: "قول شيخنا في جواب ابن كثير [يتبين](7) أنه تحكم لا دليل عليه، قد استدل هو عليه فيما وجدته عنه بما حاصله: أنّ [الجمع](8) بين (الصحة والحسن)(9) رتبة (10) متوسطة. فالقبول ثلاث مرات،

(1) سقطت من (م).

(2)

وفي (م): الحسن بالحسن.

(3)

من (د)، وفي بقية النسخ: يشوب.

(4)

من الأصل (ص 62)، وفي النسخ: كما.

(5)

اختصار علوم الحديث (ص 43، ص 44) بتصرف.

(6)

التقييد والإيضاح (ص 61، ص 62).

(7)

من (د).

(8)

من الأصل (1/ 476)، وفي النسخ: الجامع.

(9)

وفي (د): بين الحسن والصحة.

(10)

من (د)، ومن الأصل (1/ 476)، وفي النسخ: الجامع.

ص: 1229

الصحيح أعلاها والحسن أدناها، والثالثة ما يتشرب من كل منهما، فإنَّ كل ما كان فيه شبه من شيئين، ولم يتمحض (1) لأحدهما اختص برتبة مفردة كقولهم للمُز (2) وهو ما فيه حلاوة وحموضة: هذا حلو حامض.

قال الحافظ ابن حجر: لكن هذا يقتضي إثبات قسم ثالث ولا قائل به، ثم إنه يلزم عليه أن لا يكون في كتاب (3) الترمذي حديث صحيح إلا النادر لأنه قل ما يعبر إلا بقوله: حسن صحيح، وإذا أردت تحقيق ذلك فانظر إلى ما حكم به على الأحاديث المخرجة من الصحيحين كيف يقول فيه: حسن صحيح غالبًا (4)، وقد جزم ابن [الجزري] (5) في الهداية بجواب ابن كثير فقال: والذي قال: (حسن صحيح)(6) فالترمذي يعني يثاب صحة وحسنًا، فهو إذن دون الصحيح معنى.

وقال الزركشي: "فإن قلت فما عندك في رفع (7) هذا

(1) وفي (ب)، (ع)، يتمحص.

(2)

وفي (ب): للمر. والمز (بضم الميم) بين الحامض والحلو.

لسان العرب (5/ 409)، وتاج العروس (4/ 81).

(3)

سقطت من (د).

(4)

نكت ابن حجر (1/ 477).

(5)

من (د)، وفي بقية النسخ: الجوزي.

(6)

وفي (د): صحيح حسن.

(7)

وفي الأصل (ق 56/ ب): دفع (بالدال).

ص: 1230

[الإشكال](1) قلت: يحتمل أن يريد بقوله: حسن صحيح في هذه الصورة الخاصة الترادف، واستعمال هذا قليلًا دليل على جوازه كما استعمله بعضهم حيث وصف الحسن بالصحة على قول من أدرج الحسن في قسم الصحيح، ويجوز أن يريد حقيقتهما في إسناد واحد باعمار حالين، فيجوز أن يكون سمع هذا الحديث من رجل مرة في حال كونه مستورًا أو مشهورًا بالصدق والأمانة، ثم ترقى ذلك الرجل المسمع وارتفع حاله إلى درجة العدالة فسمعه منه الترمذي أو غيره (2) مرة أخرى، فأخبر بالوصفين، وقد روي عن غير واحد أنه سمع الحديث الواحد على الشيخ الواحد غير مرة، وهو قليل، قال: وهذا الاحتمال وان كان بعيدًا فهو أشبه ما يقال، وهو راجع لما ذكره ابن دقيق العيد قال: ويحتمل أن يكون الترمذي أدى اجتهاده إلى حسنه، (وأدى اجتهاد غيره إلى صحته)(3)، أو بالعكس أو أنَّ الحديث في أعلى درجات الحسن وأول درجات الصحيح فجمع له باعتبار مذهبين كحديث جابر (رضي اللَّه تعالى عنه)(4) في السلام (5) سكت

(1) وفي (م): الاشتمال.

(2)

وفي الأصل (ت 56/ ب): وغيره (بالواو).

(3)

هكذا نقلها السيوطي، ولا توجد في نسخة الأصل (ق 57/ أ).

(4)

سقطت من (د).

(5)

حديث جابر هو:

"أَنَّ رجلًا سَلَّم عَلَى رَسُوْلِ اللَّه صلى الله عليه وسلم وَهُوَ يَبُوْلُ، فَلَمْ يَرُدّ عَلَيْهِ، فَلَمّا فَرَغَ قال: إذَا =

ص: 1231

عنه عبد الحق سكوت مصحح. . . . .

= رَأَيْتَني عَلَى مِثْلِ هَذِه الحَالِ فَلَا تُسَلّم عليَّ فإنِّي لَا أَرُدّ عَلَيْكَ".

الحديث لم يخرجه الترمذي في جامعه من حديث (جابر)، وإنما خرجه من حديث ابن عمر في موضعين:

"الأول" في (كتاب الطهارة - باب في كراهة رد السلام غير متوضيئ - 1/ 150)

من طريق شيخيه نصر بن علي ومحمد بن بشار.

"والثاني" في كتاب الاستئذان - باب ما جاء في كراهية التسليم على من يبول - 5/ 71) في كلا الموضعين من طريق أبي أحمد محمد بن عبد اللَّه الزبيري عن سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر، وفي كلا الموضعين قال:(هذا حديث حسن).

ومن حديث ابن عمر رواه أيضًا مسلم (كتاب الحيض - باب التيمم - 1/ 281) وأبو داود (كتاب الطهارة - باب أيرد السلام وهو يبول - 1/ 22)، والنسائي (الطهارة - باب السلام على من يبول - 1/ 36) وابن ماجه (كتاب الطهارة - باب الرجل يسلم عليه وهو يبول - 1/ 127) وابن الجارود (ص 23) عنده سند حسن. ومن حديث (جابر) كما أشار في المتن، وحديثه رواه ابن ماجه (كتاب الطهارة - باب الرجل يسلم عليه، وهو يبول - 1/ 126) وفيه سويد بن سعيد الحدثاني.

قال الحافظ: "صدوق في نفسه، إلا أنه عمي فصار بتلقن ما ليس من حديثه".

(تقريب 140)، ومن حديث (المهاجر بن قنفذ) رواه أحمد (4/ 345)، وأبو داود (كتاب الطهارة - باب رد السلام وهو يبول - 1/ 23)، والنسائي (كتاب الطهارة - باب رد السلام بعد الوضوء 1/ 37)، وابن ماجه (كتاب الطهارة - باب الرجل يسلم عليه وهو يبول - 1/ 126) والدارمي (كتاب الاستئذان - باب إذا سلم على الرجل وهو يبول - 2/ 190) والحديث مروي أيضًا من طريق عبد اللَّه بن حنظلة، وعلقمة ابن الفَغوَاء بفتح الفاء وإسكان الغين المعجمة، والبراء وهو صحيح من غير طريق جابر.

ص: 1232

له (1)، وحسنه ابن القطان للاختلاف في رواية عبد اللَّه بن محمد بن عقيل فيقال: أشار بقوله: حسن صحيح إلى (2) عدم الاعتداد به، ويقوي هذا قول الترمذي في حديث عائشة رضي الله عنها (3) في "الغُسْلِ بِمُجَاوَزةِ (4) الخِتَانْ" حسن صحيح (5) مع نقله عن البخاري في كتاب العلل (6): إنّ إسناده خطأ، وأنت إذا تأملت تصرف الترمذي لعلك تسكن إلى قصده هذا" (7) انتهى كلام الزركشي،

(1) ذكره عبد الحق في كتاب الطهارة من الأحكام الكبرى (ص 21).

(2)

وفي الأصل (ق 57/ أ): على.

(3)

سقطت من (د).

(4)

سقطت من (و).

(5)

أخرجه الترمذي في (كتاب الطهارة - باب ما جاء إذا التقى الختانان وجب الغسل - 1/ 180).

عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل".

وقال: حديث عائشة حديث حسن صحيح.

والحديث أخرجه: البخاري في (كتاب الغسل - باب إذا التقى الختانان (1/ 395) من حديث أبي هريرة بنحوه، ومسلم (كتاب الحيض - باب نسخ الماء من الماء، ووجوب الغسل بالتقاء الختانين 1/ 271)، وأبو داود (كتاب الطهارة باب في الإكسال 1/ 146) من حديث أبي هريرة بنحوه، وابن ماجه (كتاب الطهارة - باب ما جاء في وجوب الغسل إذا التقى الختانان - 1/ 199) وأحمد (6/ 47) وغيرهم.

(6)

العلل الكبير (ق 10/ ب).

(7)

نكت الزركشي (ق 56/ ب، ق 57/ أ).

ص: 1233

وبعضه مأخوذ من الجعبري حيث قال في مختصره (1) وحيث (2) قال البخاري: حسن صحيح باعتبار سندين أو مذهبين.

وقال الحافظ ابن حجر في النكت: "قد أجاب بعض المتأخرين عن أصل الإشكال بأنه باعتبار صدق الوصفين على الحديث بالنسبة إلى أحوال رواته عند أئمة الحديث، فإذا كان فيهم من يكون حديثه صحيحًا عبد قوم وحسنًا (3) عند قوم يقال (4) فيه ذلك، قال: ويتعقب هذا (5) بأنه لو أراد ذلك لأتى بالواو التي للجمع، فيقول حسن وصحيح، أو أتى بأو التي هي للتخيير أو التردد فقال: حسن أو صحيح، قال: ثم إنَّ الذي يتبادر إلى الفهم أنَّ الترمذي إنما [يحكم](6) على الحديث بالنسبة إلى ما عنده [لا](7) بالنسبة إلى غيره، فهذا يقدح في الجواب ويتوقف أيضًا على اعتبار الأحاديث التي (8)

(1) رسوم التحديث (ق 4/ ب).

(2)

وفي (د): وقول.

(3)

وفي (م): حسن.

(4)

وفي (ب): ويقال.

(5)

سقطت من (ب).

(6)

وفي (م): حكم.

(7)

من الأصل (ص/477)، وقد سقط من النسخ.

(8)

وفي (م): الذي.

ص: 1234

جمع الترمذي فيها بين الوصفين، فإن كان في بعضها ما لا اختلاف فيه عند جميعهم في صحته قدح (1) في الجواب أيضًا لكن (2) لو سلم هذا الجواب لكان أقرب إلى المراد من غيره، قال (3): وإني لأميل إليه وأرتضيه، والجواب عن (4) ما يرد عليه ممكن، قال: وقيل يجوز أن يكون مراده أنَّ ذلك باعتبار وصفين مختلفين وهما الإسناد والحكم فيجوز أن يكون قوله: حسن أي باعتبار إسناده، صحيح أي باعتبار حكمه، لأنه من قبيل المقبول، فكل مقبول يجوز أن يطلق عليه [اسم](5) الصحة، وهذا يمشي على قول من لا يفرد الحسن من الصحيح، بل يسمي الكل صحيحًا، لكن يرد عليه ما أوردناه أولًا من أنَّ الترمذي أكثر من الحكم بذلك على الأحاديث الصحيحة (6) الإسناد، قال: وأجاب بعض المتأخرين بأنه أراد حسن على طريقة من يفرق بين [النوعين](7) لقصور (8) رتبة راويه عن درجة الصحة

(1) وفي الأصل (1/ 477): فيقدح.

(2)

وفي (ب): ولكن.

(3)

سقطت من (ب).

(4)

وفي (ب) زيادة: والجواب أيضًا.

(5)

من الأصل (1/ 478)، وفي النسخ: رسمه.

(6)

من (د).

(7)

وفي (م): الفرعين.

(8)

وفي (ب)، (ع): لتصور.

ص: 1235

المصطلحة، صحيح على طريقة من لا يفرق.

قال: ويرد عليه ما أوردناه فيما سبق) (1)، قال واختار بعض من [أدركنا](2) أنّ اللفظين عده مترادفان ويكون (3) إتيانه باللفظ الثاني بعد الأول على سبيل التأكيد له (4) كما يقال صحيح ثابت، أو جيد قوي أو غير ذلك.

قال (5): وهذا قد يقدح (6) فيه القاعدة [بأنَّ](7) الحمل على التأسيس غير من الحمل على التأكيد لأنَّ الأصل عدم التأكيد، لكن قد يندفع القدح (8) بوجود القرينة الدالة على ذلك، وقد وجدنا في عبارة غير واحد كالدارقطني: هذا حديث صحيح ثابت.

قال: "وفي الجملة أقوى الأجوبة ما أجاب به ابن دقيق العيد"(9)

(1) هذا الكلام بين القوسين متقدم في الأصل عن هذا الموضع وهو تصرف من السيوطي رحمه الله.

(2)

من (د).

(3)

وفي (ب) ويجوز.

(4)

سقطت من (ب).

(5)

سقطت من (ب).

(6)

وفي (ع): تقدح.

(7)

من الأصل (1/ 478)، وفي النسخ: فانّ.

(8)

سقطت (ب).

(9)

نكت ابن حجر (1/ 477، 478) بتصرف.

ص: 1236

انتهى ما أورده الحافظ في النكت.

وقال: [البرشنسي](1) في شرح الألفية (2): "الحكم للفظة حسن إنما هو إذا انفردت فيفيد (3) حينئذ معناها الاصطلاحي ماذا جاءت للصحيح فالحكم للصحيح وليس ذلك بالمعنى الاصطلاحي مرادًا منها، ولا منافاة حينئذ كما لو قلت حديث معروف صحيح أو مشهور صحيح لم تحط تلك [الزيادة] (4) الحديث عن رتبته وإن كانت قاصرةً عن الصحة إذا انفردت" انتهى.

(قلت) ويكون التأكيد بذلك (من باب الترقي)(5) من الأدنى إلى الأعلى، كما يقال: عالم نحرير، وشجاع باسل، ولم يرد في كلام الترمذي، ولا غيره أن يقال: صحيح حسن بتأخير (6) الأدنى، وهذا يفيد أن [المقول](7) فيه حسن صحيح أعلى رتبة من [المقول](8) فيه صحيح فقط.

(1) من أصول الترجمة وفي (م) الترسيسي، في بفة النسخ: البرشيسي.

(2)

وفي (ب): وفي النكت في شرح الألفية، وفي (د): في شرح ألفيته.

(3)

وفي (د): فتفيد.

(4)

وفي (م): الزيادات.

(5)

سقطت من (ب).

(6)

وفي (م): تأخير.

(7)

وفي (م): القول.

(8)

وفي (م): القول.

ص: 1237

وقال الحافظ ابن حجر في شرح النخبة: "إذا جُمع الصحيح والحسن في (1) وصف واحد (2) فللتردد (3) الحاصل من المجتهد في الناقل هل اجتمعت فيه شروط الصحة أو قصر عنها، وهذا حيث (4) يحصل منه التفرد (5) بتلك الرواية، وعرف بهذا جواب مش استشكل الجمع بين الوصفين فقال: الحسن قاصر عن الصحيح ففي الجمع بين الوصفين إثبات القصور ونفيه، قال:[ومحصل](6) الجواب أن تردد أئمة الحديث في حال ناقليه (7) اقتضى للمجتهد أن لا يصفه بأحد الوصفين فيقال فيه حسن باعتبار وصفه عند قوم، صحيح باعتبار وصفه عند قوم، وغاية ما فيه أنه حذف منه حرف التردد لأنَّ حقه أن يقول: حسن أو صحيح، وهذا كما حذف حرف العطف من الذي بعده، وعلى هذا:[فما](8) قيل فيه حسن صحيح، دون ما قيل فيه صحيح

(1) وفي (ب): من.

(2)

سقطت من (ب).

(3)

وفي (د): فلتردده.

(4)

وكذا في (د).

(5)

وفي (د): التعدد.

(6)

من الأصل (ص 33)، وفي النسخ: ويحصل.

(7)

وفي الأصل (ص 33): ناقله.

(8)

من (د)، وفي بقية النسخ: إنما.

ص: 1238

لأنّ الجزم أقوى من التردد، وهذا حيث (1) التفرد، وإلا إذا لم يحصل التفرد فإطلاق الوصفين معًا، على الحديث يكون باعتبار إسنادين: أحدهما صحيح والآخر حسن، وعلى هذا فما قيل فيه حسن صحيح (2) فوق ما قيل فه صحيح فقط إذا كان فردًا [لأن](3) كثرة الطرق (4) تقوي (5)، فإن قيل: قد صرح الترمذي بأنَّ شرط الحسن أن [يروى](6) من غير وجه، فكيف يقول في بعض الأحاديث: حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، فالجواب أنّ الترمذي لم يعرف الحسن مطلقًا، وإنما عرف (7) بنوع خاص منه وقع في كتابه، وهو ما يقول فيه حسن من غير صفة أخرى، وذلك أنه يقول في بعض الأحاديث حسن، وفي بعضها صحيح، وفي بعضها غريب، وفي بعضها حسن صحيح، وفي بعضها صحيح غريب، وفي بعضها حسن غريب، وفي بعضها حسن صحيح غريب، وتعريفه إنما

(1) وفي الأصل (ص 33): من حيث.

(2)

وفي (د): حسن أو صحيح.

(3)

من الأصل (ص 33)، وفي النسخ: الآن، وهو خطأ.

(4)

من (ب)، (د)، وفي (م)، (ع): التطرق.

(5)

من الأصل (ص 33)، وفي النسخ: قوي.

(6)

من (ب)، ومن الأصل (ص 33)، وفي النسخ: يروي.

(7)

في الأصل (ص 33): عرفه.

ص: 1239

وقع على (1) الأول فقط، وعبارته ترشد إلى ذلك حيث قال في آواخر كتابه (2): وما قلنا في كتابنا: حديث حسن [فإنما](3) أردنا به حسن إسناده عندنا [إذا](4) كل حديث يروى (5)[لا يكون](6) راويه متهمًا [بكذب](7)، ويروى من غير [وجه](8) نحو ذلك، ولا يكون شاذًا فهو عندنا حديث حسن، فعرف بهذا أنه إنما عرف الذي يقول فيه حسن فقط، أما ما (9) يقول فيه حسن صحيح أو حسن غريب أو حسن صحيح غريب فلم يعرج على تعريفه، كما لم يعرج على تعريف ما يقول في (صحيح فقط، أو غريب فقط)(10) وكأنه ترك ذلك استغناء

(1) وفي (د) عليه.

(2)

جامع الترمذي - (كتاب العلل - 5/ 758).

(3)

من (د)، ومن الأصل (ص 34)، وفي بقية النسخ: إنما.

(4)

من الأصل (ص 34)، وقد سقطت من النسخ، وليست في الجامع.

(5)

وفي (م)، (د): يروي.

(6)

من (د)، ومن الأصل (ص 34)، وفي النسخ: ما.

(7)

من الأصل (ص 34)، وفي النسخ: بكذبه.

(8)

من الأصل (ص 34)، وفي النسخ: وجهه.

(9)

وفي (م): وأما.

(10)

من (د)، ومن الأصل (ص 34)، وفي النسخ تكررت العبارة التي قبلها.

ص: 1240

بشهرته (1) عبد أهل الفن، واقتصر على تعريف ما يقول فيه في كتابه حسن فقط إما لغموضه [وإما](2) لأنه اصطلاح جديد (3) ولذلك قيده بقوله عندنا، ولم ينسبه إلى أهل الحديث كما فعل الخطابي، وبهذا التقرير يدفع كثير من الإيرادات التي طال البحث فيها، ولم يفسر (4) وجه توجيهها فلله الحمد على ما ألهم وعلم" (5) انتهى ما أورده في شرح النخبة، وهذا مجموع ما وقفت [عليه](6) من كلام الأئمة في هذه المسألة (7).

أقول: وظهر لي توجيهان آخران: أحدهما: أنّ المراد حسن

(1) من الأصل (ص 34)، وفي النسخ:"لشهرته".

(2)

من (د)، ومن الأصل (ص 34)، وفي النسخ: أو

(3)

تقدم ما يدل على أن الحسن ليس اصطلاحًا جديدًا، بل سبق الترمذي إلى ذلك، وسيأتي مزيد كلام على ذلك.

(4)

وفي الأصل (ص 34): ولم يسفر.

(5)

نزهة النظر (ص 33، ص 34).

(6)

من (د)، وفي بقية النسخ: عنه.

(7)

وقد وقفت على أقوال وترجيحات أخرى لبعض المحدثين المتأخرين والمعاصرين.

قال الشيخ (محمد عبد الرازق حمزة):

"أوقعهم في الحيرة جعلهم الحسن قسيم الصحيح فورد عليهم وصف الترمذي لحديث واحد بأنه حسن صحيح فأجاب كل بما ظهر له، والذي يظهر: أنَّ الحسن في نظر الترمذي أعم من الصحيح، فيجامعه وينفرد عنه، وأنه في معنى المقبول المعمول به، الذي يقول مالك في مثله: "وعليه العمل ببلدنا". . وكأنَّ =

ص: 1241

لذاته صحيح لغيره (1)، والآخر: أن المراد (2) حسن باعتبار إسناده، صحيح أي أنه أصح شيء ورد في الباب، فإنه يقال: أصح ما ورد

= غرض الترمذي أن يجمع في كتابه بين الأحاديث وما أيدها من عمل القرون الفاضلة من الصحابة ومن بعدهم، فيسمي هذه الأحاديث المزيدة بالعمل حسانًا، سواء صحت أو نزلت عن درجة الصحة، وما لم تتأيد بعمل لا يصفها بالحسن وإن صحت". أ. هـ من حاشية الباعث باختصار (ص 44).

وقال (أحد شاكر): "الذي أراه أن كل هذه الأجوبة عن قول الترمذي" حسن صحيح" عقب أحاديث كثيرة في سننه فيها تكلف ظاهر، وتقييد له باصطلاح لعله لم يتقيد به، وما أظنه يريد بهذا إلا تأكيد صحة الحديث بالترقي من الحسن إلى الصحة".

انظر شرحه على الألفية (ص 19).

ورجَّح الدكتور نور الدين عتر عند رأي ابن الصلاح الأول القائل بتعدد السند وأيد قوله بأمرين:

1 -

أن الترمذي نشر الحسن بتعدد الإسناد، وبين وصف رواة الحسن بصفات دون الصحيح، فإذا قال:"حسن صحيح" كانت كلمة صحيح بمثابة قيد تبين أن نزول الرتبة قد زال، وارتفع الحديث إلى الصحة، وبقي وصف التعدد سالمًا من التقييد.

2 -

أنَّ الترمذي كثيرًا ما ينبه على تعدد الإسناد في هذه الأحاديث، خاصة إذا كان إسناده الذي أخرج به الحديث ينحط عن الصحيح، فهذا بظاهره يدل لما قلنا.

ثم ردَّ على الاعترافات الواردة على هذا الرأي:

انظر كتابه: الإمام الترمذي (ص 191، 192).

(1)

وقد رجحه الشيخ عبد الحق الدهلوي في مقدمة شرحه للمشكاة.

انظر مقدمة تحفة الأحوذي (ص 405).

(2)

وفي (ب)، (ع): أنه.

ص: 1242

كذا وإن كان حسنًا أو ضعيفًا، والمراد أرجحه أو أقله ضعفًا (1).

(فائدة):

لم ينفرد الترمذي بهذا المصطلح بل [سبقه](2) إليه شيخه البخاري.

قال الزركشي في نكته: "قال المصنف -يعني ابن الصلاح-: (3) وجدت في أصل الحافظ أبي حازم العبدري (4) بكتاب الترمذي (5) في حديث معاذ (رضي اللَّه تعالى عنه) (6): "فِيمَ يَخْتَصِمُ المَلأُ

(1) وقد رجح في التدريب (1/ 64) كلام ابن حجر في النخبة وشرحها فقال:

"وجواب سادس وهو الذي أرتضيه ولا غبار عليه وهو الذي مشى عليه -أي ابن حجر في النخة وشرحها-: أن الحديث إن تعدد إسناده فالوصف راجع إليه باعتبار الإسنادين أو الأسانيد. . .، وإلا -أي: إذا لم يتعدد إسناده- فبحسب اختلاف النقاد في راويه. . .

ومن هنا تبين أنّ الأمرين اللذين ظهرا للسيوطي هنا في البحر ظهرا له بعد أن رجح ما قاله الحافظ كما في التدريب، لأنه ألف البحر بعد التدريب بيقين.

(2)

من (د)، وفي بقية النسخ: سبق.

(3)

هذا من أمالي ابن الصلاح، وجد على هامش مقدمته انظر المقدمة (ص 113).

(4)

لم أقف في كتب التراجم التي بين يدي من يحمل هذه الكنية بهذه النسبة، وإنما هناك: أبو حازم العبدوي عمر بن أحمد بن إبراهيم المسعودي العبدوي النيسابوري الأعرج، محدث نيسابور، إمام حافظ توفي سنة (417 هـ) فلعله هو، وربما تصحفت النسبة في الأصل. تذكرة الحفاظ (1/ 1072)، والأنساب (9/ 189).

(5)

جامع الترمذي (كتاب تفسير القرآن - باب ومن سورة (ص) - 5/ 369).

(6)

ليست في الأصل (ق 55/ أ).

ص: 1243

الأَعْلى (1)" فقال (2): سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث فقال: هذا حديث حسن صحيح"(3).

وقال الحافظ ابن حجر: "قول ابن الصلاح: "الترمذي وغيره" عنَى بالغير البخاري، وقد وقع ذلك في كلامه"(4).

فائدة:

قال الزركشي: "اعلم أنّ هذا السؤال يرد بعينه في قول الترمذي: هذا حديث حسن غريب، لأنَّ من شرط الحسن أن يكون معروفًا من غير وجه، والغريب ما انفرد به أحد رواته

(1) الحديث أخرجه الدارمي (2/ 51)، وأحمد (1/ 368)، واللالكائي في شرح اعتقاد أهل السنة (3/ 513، 514)، وابن خزيمة في كتاب التوحيد (ص 125)، وعبد اللَّه بن أحمد في السنة (ص 179/ رقم 952)، وابن أبي عاصم في السنة (1/ 188) في لفظ "الرؤية" فقط عند الأخيرين، والآجري في الشريعة (ص 497) من حديث عبد الرحمن بن عايش، ومعاذ بن جبل، وابن عباس والحديث صحيح.

وللحافظ ابن رجب الحنبلي كتاب مستقل في هذا الحديث سماه (اختيار الأولى في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى) ذكر طرق الحديث واختلاف ألفاظه وشرحه بشرح نفيس. وقد طبع بتحقيق طه يوسف.

(2)

وفي (د): قال

(3)

نكت الزركشي (ق 55/ أ).

(4)

نكت ابن حجر (1/ 475).

ص: 1244

وبينهما تناف، قال: وجوابه أنَّ الغريب يطلق على أقسام: غريب من جهة المتن، وغريب من جهة الإسناد والمراد الثاني دون الأول، لأنَّ هذا الغريب معروف عن جماعة من الصحابة لكن تفرد بعضهم بروايته عن صحابي، فبحسب (1) المتن حسن، فإنه (2) عرف مخرجه واشتهر فوجد شرط الحسن، وبحسب الإسناد غريب لأنه لم يروه من تلك الجماعة إلا واحد، ولا منافاة بين الغريب بهذا المعنى وبين الحسن، بخلاف سائر الغرائب فإنها تنافي الحسن".

وقال الإمام الحافظ أبو العباس أحمد بن عبد المحسن العراقي (3) في كتابه معتمد التنبيه: "قول أبي عيسى: هذا حديث صحيح غريب، وهذا حديث حسن غريب، إنما يريد به ضيق المخرج أنه لم يخرج إلا من جهة واحدة، ولم يتعدد خروجه من طرق، إلا أنّ الراوي ثقة فلا يضر ذلك فيستغربه هو لقلة التابعة، وهؤلاء الأئمة شروطهم عجيبة، وقد يخرج الشيخان أحاديث تقع (4) [إلى أبي عيسى:

(1) وفي الأصل (ق 57/ أ): يحسب.

(2)

وفي الأصل (ق 57/ أ) لأنه.

(3)

لم أقف له على ترجمة! !

(4)

من الأصل (ق 57/ أ)، وفي (ب): يقول.

ص: 1245

فيقول]: (1) هذا حديث حسن غريب كما قال في حديث أبي بكر (رضي اللَّه تعالى)(2) عنه قلت: "يَا رسُوْلَ اللَّه عَلِّمْنِي دُعَاءً أَدْعُو بِهِ في صَلاتِي" الحديث (3)، هذا حديث حسن [غريب](4) مع أنه متفق عليه (5).

فائدة:

قال ابن الملقن في المقنع: "اعلم أن العدالة والضبط إما أن ينتفيا (في الراوي)(6) أو يجتمعا أو يوجد واحد مهما فقط. فإن انتفيا فيه لم يقبل حديثه أصلًا، وان اجتمعا فيه قبل وهو الصحيح المعتبر (7)،

(1) من الأصل (ق 57/ ب)، وفي الشيخ: يقول الترمذي أبو عيسى.

(2)

سقطت من (د)، وليست في الأمل.

(3)

أخرجه في جامعه (كتاب الدعوات - باب 97 - 5/ 543)، والحديث أخرجه البخاري:(كتاب الأذان - باب الدعاء في السلام - 2/ 317)، ومسلم (كتاب الذكر والدعاء - باب استحباب خفض الصوت بالذكر - 4/ 2078)، والنسائي في الكبرى (كما في تحفة الأشراف - 5/ 297)، وابن ماجه (كتاب الدعاء - باب دعاء رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم 2/ 1261).

(4)

من الجامع (5/ 543).

(5)

نكت الزركشي (ق 57/ أ، ب).

(6)

سقطت من (ب).

(7)

وفي (ب): وهو الصحيح والمعتبر.

ص: 1246

وإن وجدت العدالة وحدها دون الضبط قبل حديثه لعدالته، وتوقف فيه لعدم ضبطه على شاهد منفصل يجبر ما فات من صفة الضبط، وإن وجد فيه الضبط دون العدالة لم يقبل حديثه لأنَّ العدالة هي الركن الأكبر في الرواية، ثم كل واحد من الضبط له مراتب عليا ووسطى ودنيا، ويحصل بتركب (1) بعضها مع بعض مراتب الحديث في القوة فتنبه لذلك" (2).

ص: 1247

مسألة (1)

107 -

وَالحُكمُ باِلصِّحَّةِ لِلإسْنَادِ

وَالحُسْنِ دُوْنَ المَتْنِ للنُّقَّادِ

108 -

(لِعِلَّةٍ أَوْ لِشُذُوْذٍ) فَاحكُم (2)

لِلمَتْنِ إنْ أَطْلَقَ ذُوْ حِفْظٍ نُمِيْ (3)

قال ابن الصلاح: "قولهم هذا حديث صحيح الإسناد أو حسن الإسناد دون قولهم: هذا حديث صحيح، أو حديث حسن، لأنه قد يقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولا يصح لكونه شاذًا أو معللًا، غير أن المصنف المعتمد منهم إذا اقتصر على قوله إنه صحيح الإسناد، ولم يذكر له علة، ولم يقدح فيه فالظاهر منه الحكم له بأنه صحيح في نفسه لأنّ عدم العلة والقادح هو الأصل (4) والظاهر"(5).

وعبارة العراقي في شرح الألفية: "الحكم للإسناد بالصحة كقولهم: هذا حديث إسناده صحيح، دون قولهم هذا حديث صحيح، وكذلك حكمهم على الإسناد بالحسن، كقولهم: إسناده

(1) من نسخة (ش) من الألفية، وليست موجودة في نسخ البحر.

(2)

وفي (ش)، و (ق) من الاستقصاء: واحكم.

(3)

بياض في (د).

(4)

وفي (ب): والأول.

(5)

مقدمة ابن الصلاح (ص 113).

ص: 1248

حسن (1) دون قولهم حديث حسن لأنه قد يصح (2) الإسناد لثقة رجاله، ولا يصح الحديث لشذوذ [أو علة](3) ".

قال ابن الصلاح: "غير أن المصّنف المعتمد منهم إذا اقتصر على قوله: إنه صحيح الإسناد، ولم يذكر له علة، ولم يقدح فيه، فالظاهر منه الحكم له بأنه صحيح في نفسه لأنَّ عدم العلة والقادح هو الأصل وهو الظاهر"(4).

قال العراقي: "وكذلك إن اقتصر على قوله: حسن الإسناد ولم يعقبه بضعف فهو أيضًا محكوم له بالحسن".

قال التاج التبريزي: "ولقائل أن يقول: لا نسلم أنَّ قولهم: هذا حديث (صحيح)(5) الإسناد يحتمل كونه شاذًا أو معلًا مردودًا ليكون دون قولهم هذا حديث صحيح (6)، فإنَّ صحة الإسناد مستلزمة (لصحة

(1) قال السخاوي: "ويلتحق بذلك الحكم للإسناد بالضعف، إذ قد يضعف لسوء حفظ، وانقطاع ونحوها، وللمتن طريق آخر صحيح أو حسن. . . لكن المحدث المعتمد لو لم يفحص عن انتقاء المتابعات والشواهد ما أطلق". انظر: فتح المغيث (ص 89).

(2)

وفي (م): يصحح.

(3)

ومن (د)، ومن الأصل (1/ 107)، وفي بقية النسخ: لقلة.

(4)

مقدمة ابن الصلاح (ص 113)، وقد تقدمت هذه العبارة قريبًا.

(5)

شرح التبصرة والتذكرة (1/ 107).

(6)

سقطت من (ب).

ص: 1249

المتن دون العكس، والحكم بصحة الإسناد) مع احتمال عدم صحته بعيد جدًا".

وقال الزركشي بعد إيراده كلام التبريزي هذا: "فيه نظر، قال: وقد تقدم أنهم إذا قالوا: هذا حديث صحيح فمرادهم اتصال سنده لا أنه مقطوع به في نفس الأمر".

قال: "وقد تكرر (1) في كلام المزي (2) والذهبي وغيرهما من المتأخرين (3): إسناده صالح والمتن منكر"(4).

وقال الحافظ ابن حجر: "قوله: إن الأصل عدم العلة غير مسلم (5)، إذ لو كان هو الأصل ما اشترط عدمه في شرط الصحيح، فإذا كان قولهم: صحيح الإسناد يحتمل أن يكون مع وجود علة، ولم [يتحقق](6) عدم العلة، فكيف يحكم له بالصحة (7)؟ ؟

(1) وفي (ب): تقدم.

(2)

فتح المغيث (ص 89).

(3)

وكذا الداراقطني، والحاتم من المتقدمين. فتح المغيث (ص 89)، وتوضيح الأفكار (1/ 234).

(4)

نكت الزركشي (ق 55/ أ).

(5)

وفي الأصل (1/ 474): لا نسلم أن عدم العلة هو الأصل.

(6)

من (ب)، ومن الأصل (1/ 474) وليس فيه الواو قبل لم، وفي بقية النسخ: تتحقق.

(7)

نعم هذا هو الأصل في الصحيح، أنه لابد من خلوه من العلة والشذوذ، ولكن العلة هنا يقصد بها العلة القادحة. =

ص: 1250

قال: وقوله "إنَّ المصنف المعتمد إذا اقتصر. . . إلى آخره، يوهم أنَّ التفرقة التي [فرقها] (1) أولا تختص (2) بغير المعتمد (3)، وهو كلام [ينبو عنه] (4) السمع، لأن المعتمد هو (5) قول المعتمد وغير المعتمد لا يعتمد، قال: "والذي [يظهر](6) لي أنّ [الصواب](7) التفرقة بين من [يفرق](8) في وصفه للحديث (9) بالصحة بين التقييد والإطلاق، وبين من لا يفرق، فمن عرف من حاله بالاستقراء التفرقة يحكم له بمقتضى ذلك، ويحمل إطلاقه على الإسناد والمتن معًا، وتقييده على الإسناد

= قال الصنعاني: ". . . لا يشترط فقد العلة عند الفقهاء إلا إذا كانت قادحة. . . ثم القبول له لا يلزم منه أنه صحيح فإنهم يقبلون الحسن". انظر: توضيح الأفكار (1/ 235).

(1)

من الأصل (1/ 474)، وفي النسخ:"فوقها".

(2)

وفي الأصل (1/ 474): مختصة.

(3)

قال السخاوي: ". . . لم يرد ابن الصلاح التفرقة بين المعتمد وغيره، إذ غير المعتمد لا يعتمد، اللهم إلا أن يقال الكل معتدون غير أن بعضهم أشد اعتمادا. . . " فتح المغيث (ص 88).

قلت: ويلاحظ أن بعض عبارات السخاوي مقتبسة من شيخه ابن حجر دون أن يعزو إليه! ! .

(4)

من (د)، وفي بقية النسخ: متبوعه.

(5)

سقطت من (ب).

(6)

من (د)، ومن الأصل (1/ 474)، وفي بقية النسخ: ظهر.

(7)

من الأصل (1/ 474)، وقد سقطت من النسخ.

(8)

من (د)، وفي بقية النسخ: تفرق.

(9)

وفي الأصل (1/ 474): الحديث.

ص: 1251

فقط، ومن عرف من حاله أنه لا يصف الحديث دائمًا أو (1) غالبًا إلا بالتقييد فيحتمل أن يقال في حقه ما قال الصنف (2) آخرًا" (3) انتهى (4).

(قلت): ومن أمثلة ذلك ما أخرجه الحاكم (5) في المستدرك من طريق عبيد بن غنائم (6) النخعي عن علي بن حكيم عن شريك عن عطاء بن السائب عن أبي الضحى (7) عن ابن عباس (رضي اللَّه تعالى

(1) وفي الأصل (1/ 474): وغالبًا.

(2)

سقطت من (ب).

(3)

نكت ابن حجر (1/ 474).

(4)

وهناك من عبارات الحفاظ التي يكثرون من إطلاقها، وهي من باب الحكم بصحة السند قولهم في الحديث:(رجاله ثقات) أو (رجاله رجال الصحيح)، وممن يكثر منها جدًا الحافظ الهيثمي في كتابه العظيم:"مجمع الزوائد".

قال الدكتور نور الدين عتر: ". . . ينبغي أن تكون -أي إحدى العبارتين المتقدمتي الذكر- دون قولهم: صحيح الإسناد لأنها تزيد على عدم ذكر السلامة من الشذوذ والعلة، فقد الحكم باتصال السند انتهى". من منهج النقد (ص 255). قلت: ولو قال: على احتمال عدم السلامة لكان أولى لأنه لو تأكد الحافظ من طريان الشذوذ أو العلة القادحة في سند الحديث لما صحح سنده.

(5)

لم تعرض المصنف لذكر أمثلة من المستدرك في التدريب (1/ 161)، وإنما أجمل القول هناك فقال:"وكثيرًا ما يستعمل ذلك الحاكم في مستدركه"، وأما هنا فسيذكر المثال الآتي.

(6)

وفي (د): غنام.

(7)

(ع) أبو الضحي مسلم بن صُبيح -بالتصغير- الهَمْداني الكوفي العطار، مشهور بكنيتة، ثقة فاضل، مات سنة مائة. =

ص: 1252

عنه) (1) قال: "فيْ كُلّ أَرْضٍ نبِيّ كَنَبيِّكُمْ، وآدَمُ كَآدمِكُم، وَنُوْحٌ كنُوحِكُمْ (2)، وَإِبَراهِيم كَإبراهيَم وعِيسَى كَعِيْسَى".

قال الحاكم: صحيح الإسناد (3)، وقال البيهقي: إسناد صحيح ولكنه شاذ (وغيره)(4).

= التقريب (ص 335)، وطبقات ابن سعد (6/ 288)، وتاريخ الثقات للعجلي (ص 428)، وتهذيب التهذيب (10/ 132).

(1)

سقطت من (د).

(2)

وفي (د): وآدم كآدم، ونوح كنوح.

(3)

المستدرك (2/ 493) وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقال الذهبي: صحيح.

(4)

هكذا في النسخ.

ص: 1253

109 -

وَلِلقَبْولِ يُطلُقِونَ جَيِّدا

وَالثَابِتَ الصَّالِحَ وَالمُجَوَّدَا

- وَهَذهِ بَينَ الصَّحِيْحِ وَالْحَسَنْ

وقَرَّبُوْا مُشَبَّهَاتٍ (1) مِنْ حَسَنْ

110 -

وَهَلْ يُخَصُّ بِالصَّحِيْحِ الثَّابِتُ

أَوْ يَشمَلُ الحُسْنَ (2) نِزَاعٌ ثَابِتُ (3)

قال الحافظ ابن حجر في نكته: "قد وجدنا [في](4) عبارة جماعة من أهل الحديث ألفاظًا يوردونها في مقام القبول، ينبغي الكلام عليها وهي الثابت والجيد والقوي والمقبول والصالح، قال: وسنستوفي الكلام على هذه الأنوع في آخر هذا الكتاب] (5) يعني النكت ولم يقدر بتمامه (6)، ولا بكلامه على هذه الأنواع.

وقال في نكته الكبرى في الكلام على أصح الأسانيد لما حكى ابن الصلاح (7) عن أحمد بن حنبل (8) أن أصحها الزهري عن سالم عن

(1) وفي (ب)، (ع): مشتبهات.

(2)

من (ش)، وفي (ق)، (ت): الحَسَنَ.

(3)

بياض في (د).

(4)

من (ب)، (د).

(5)

نكت ابن حجر (1/ 490). والكلام بين المربعين لا يوجد في نسخة (م)، وأول المربعين في نهاية (ص 1249).

(6)

وقد وصل فيه إلى نهاية النوع الثاني والعشرين وهو: المقلوب.

(7)

مقدمة ابن الصلاح (ص 84).

(8)

ووافقه على الرأي في أصح الأسانيد إسحاق بن راهوية، فتح المغيث (ص 18، ص 19).

ص: 1254

أبيه، عبارة أحمد: أجود الأسانيد كذا، أخرجه عنه الحاكم.

قال: "وهذا يدل على أنَّ ابن الصلاح يرى التسوية بين الجيد والصحيح (1).

وكذا قال البلقيني في محاسن الاصطلاح بعد أن نقل ذلك: "ومن ذلك يعلم أنَّ الجودة يعبر بها عن الصحة، وفي جامع الترمذي في (الطب)(2) هذا حديث جيد. . . . .

(1) هذان النصان المتتاليان المنقولان عن ابن حجر، يؤكدان على أن للحافظ ابن حجر كتابين في النكت كما قررته في القسم السابق من الدراسة.

(2)

وهو حديث "أم المنذر" قالت: "دخل علينا رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ومعه علي، ولنا دَوَالٍ معَلّقَة. . . الحديث أخرجه الترمذي في (كتاب الطب - باب ما جاء في الحمية 4/ 382).

وقال: هذا حديث جيد غريب.

قلت: هكذا وقع في ما بين يدي من طبعات الجامع، وفي طبعة أحمد شاكر، وطبعة مع التحفة، وكذا النسخ التي اعتمدها المزي في تحفة الأشراف (13/ 107)، وطبعة حمص. ونسخة دار الفكر وليس فيها لفظ:(جيد حسن)، وأخرجه أبو داود (كتاب الطب - باب في الحمية 2/ 1139) كلهم من طريق فليح بن سليمان عن أيوب بن عبد الرحمن، وعثمان بن عبد الرحمن (عند الترمذي) عن يعقوب بن أبي يعقوب عن أم المنذر، والحديث رجاله ثقات سوى فليح فهو (صدوق كثير الخطأ)، وأيوب:(صدوق) أيضًا.

قال المنذري في مختصر السنن (5/ 347):

". . وفي قوله -أي الترمذي- لا نعرفه إلا من حديث فليح بن سليمان، فيه نظر =

ص: 1255

حسن (1) وكذا قال غيره، لا مغايرة بين جيد وصحيح عندهم (2) إلا أنَّ [الجهبذ](3) منهم لا يعدل عن صحيح إلى جيد إلا لنكتة كأن يرتقي الحديث عنده عن الحسن لذاته، ويتردد في بلوغه الصحيح، فالوصف به أنزل رتبة من الوصف بصحيح، وكذا (القوي)، وأما (الصالح) فقد تقدم في شأن سنن أبي داود أنه شامل للصحيح والحسن لصلاحيتهما للاحتجاج، ويستعمل أيضًا في ضعيف يصلح للاعتبار، و (المجود)(4)

= فقد رواه غير فليح، ذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي.

قلت: لم أقف على من روى ذلك من غير طريق فليح، والحديث حسن إن شاء اللَّه، لاسيما وهو من رواية (فليح) عن (عثمان) و (أيوب)، وهما مدنيان، وقد قال ابن عدي:". . . يروي -أي فليح- عن أهل المدينة أحاديث مستقيمة وغرائب، وقد اعتمده البخاري في صحيحه. . . " الكامل (6/ 2056).

(والدوالي) جع دالية، وهي العِذق من البسر -والعِذْقُ: كل غصن له شعب- يعلق فإذا أرطب أكل. .

انظر النهاية لابن الاثير (2/ 141)، ولسان العرب (10/ 238).

(1)

محاسن الاصطلاح (ص 85).

(2)

وفي (د): عنده.

(3)

من (د)، وفي بقية النسخ: الجيد.

(4)

كلمة (المجوَّد) يطلقها بعض المحدثين أيضًا على (تدليس التسوية) قال السيوطي رحمه الله في التدريب (1/ 226):

". . . وهذه تسوية، والقدماء يسمونه تجويدًا، فيقولون: جوَّده فلان، أي ذكر من فيه من الأجواد، وحذف غيرهم". =

ص: 1256

و (الثابت) يشملان أيضًا الصحيح والحسن.

قال ابن النفيس في مختصره: "الخبر القوي هو (1) ما يعم الصحيح والحسن".

وقال ابن الجزري (2) في الهداية بعد ذكره الحسن:

وَدُوْنَهُ الصّالِحُ إِذْ قَدْ سَكَتَا

عَنْهُ السِجِسْتَانِيْ وَفَات الصِّحَّتَا (3)

وقال الزركشي في نكته: "وقع في عبارة بعضهم: الجيد كالترمذي في (الطب) من جامعه، ومراده الصحيح".

= انظر المنهج الحديث (ص 175).

(1)

في (ب): بما هو.

(2)

وقال في تذكرة العلماء (ق 55/ أ):

"الحديث الصالح: هو الذي يصلح للاستدلال، ولو قيل: إنه الحديث الذي في سنده المتصل: مستور، وهو خال عن علة قادحة لم يكن بعيدًا، وهو ملحق بالصحيح، ومن جملة الحسن، غير أنه لا يحتاج أن يكون له شاهد، ولذا كان عند أبي داود ما لم يصل إلى درجة الصحة، وجاوز أن يكون ضعيفًا بضعف موهن، وهو ما سكت عليه في كتابه. . . ".

قلت: وقول ابن الجزري رحمه الله: "لا يحتاج أن يكون له شاهدا فيه نظر، لأنه قد تقدم قريبًا بيان المصنف لمعنى (الصالح) وأن المعنى الثاني له هو:(صالح للاعتبار)، وهذا معناه: إما يكون هو شاهد ومتابع لغيره أو غيره شاهد ومتابع له، وهو الصحيح.

(3)

الهداية مع الغاية (ق 63/ ب).

ص: 1257

وقال إسحاق (1) بن بشر (2): "قال ابن المبارك: [ليس جودة] (3) الحديث قرب الإسناد، بل (4) جودة الحديث صحة الرجال"، ذكره ابن السمعاني في أدب الاستملاء (5).

ويقع في عبارتهم (6) الثابت (7)، ويكثر ذلك في كلام ابن المنذر (8)، وهل يستلزم ذلك الحكم بالصحة؟ يحتمل أن يتخرج فيه خلاف من (9) خلاف الفقهاء أنّ القاضي لو قال: ثبت عندي بالبينة العادلة كذا، هل (10) يكون حكمًا؟ فيه وجهان: أقربهما نعم! ! لأنه إخبار

(1) هناك ثلاثة يسمون بهذا الاسم وهم:

1 -

إسحاق بن بشر البخاري، قال الذهبي: تركوه. الميزان (1/ 184 - 186).

2 -

وإسحاق من بشر الكاهلي، كذبه أبو بكر بن أبي شيبة، وموسى بن هارون، وأبو زرعة. كما في الميزان (1/ 186).

3 -

وإسحاق بن بشر القرشي: مجهول. كما في ضعفاء العقيلي (1/ 100) ولم يتبين لي أيهم هو؟ ، وقد يكون شخصًا غير هؤلاء؟ ؟

(2)

من الأصل (ص 57)، وكذلك في أصل نكت الزركشي (ق 58/ ب) وفي النسخ: بشير.

(3)

سقطت من (م).

(4)

ليست في الأصل، ولا في النكت.

(5)

أدب الإملاء والاستملاء (ص 57).

(6)

وفي (م): عبارته.

(7)

في (م): الثابتة.

(8)

الأشراف لابن المنذر: (27، 28، 30، 33، 35) وغيرها كثير.

(9)

وفي (م): ومن

(10)

من الأصل (ق 58/ ب)، وفي النسخ: بل.

ص: 1258

عن تحقق الشيء جزمًا، وأصحهما لا، لأنَّ الحكم هو الإلزام، والثبوت ليس بإلزام، والأقرب أن لا يتخرج لأنهم أجروا هذا الخلاف (1) فيما لو قال: صح عندي كذا! ! هل يكون حكمًا؟ ؟ وقد كان الحافظ (2) قطب الدين عبد الكريم الحلبي (3)، والحافظ فتح الدين بن سيد الناس يقولان: "إنَّ الثابت يختص بالحديث الصحيح دون الحسن، ونازعهم محمد بن الحسن بن علي اللخمي المعروف بابن الصيرفي (4)، وصنف في ذلك جزءًا وقفت عليه بخطه.

وقال: "لا يختص به، بل يشمل الحسن أيضًا، لأنّ الحسن يحتج به كما يحتج بالصحيح، وإن كان دونه في القوة، واعترض على نفسه بأن الحفاظ قد استعملوا (5) في مصنفاتهم الثابت الصحيح والصحيح الثابت، فقالوا: هذا حديث صحيح ثابت، وهذا حديث ثابت

(1) وفي الأصل (ق 58/ ب): الحديث.

(2)

في الأصل (ق 58/ ب).

(3)

قطب الدين أبو علي عبد الكريم بن عبد النور بن منير الحلبي الحنفي مفيد الديار المصرية وشيخها الحافظ، توفي سنة (735 هـ).

حسن المحاضرة (1/ 358)، وتذكرة الحفاظ (4/ 1502)، وتاج التراجم (ص 38)، وشذرات الذهب (6/ 110).

(4)

محمد بن الحسن بن عيسى اللخمي، تقي الدين بن الصيرفي (ت 738 هـ). الدرر الكامنة (4/ 43).

(5)

وفي (ب): استدلوا.

ص: 1259

صحيح، ولم يجعلوا الثابت (1) تأكيدًا للحسن، ولا الحسن تأكيدًا للثبوت، فلم يقولوا: هذا حديث حسن ثابت، أو ثابت حسن، وأجاب بأنه لا يلزم من عدم استعمالهم أن لا يجوز، ولا شك أن الثبوت يشمل الصحة [والحسن](2) لأنَّ اللفظ [يحتملهما](3).

وقد قال الدارقطني في سننه (4) -في حديث شهادة الأعرابي بهلال رمضان: "إسناده حسن ثابت".

وقد (5) قال ابن الصلاح في حديث ابن عمر (رضي اللَّه تعالى

(1) هكذا في النسخ، وفي الأصل (ق 58/ ب) الصحيح.

(2)

في (م)، (ب)، (ع): ولا الحسن.

(3)

من (د)، وفي بقية النسخ: يحتملها.

(4)

سنن الدارقطني (2/ 169)، والحديث رواه أيضًا أبو داود "كتاب الصوم - باب شهادة رجلين على رؤية هلال شوال 2/ 754) من حديث رِبعي بن حِراش عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.

ورواه أحمد (5/ 57)، وابن ماجه (كتاب الصيام - باب ما جاء في الشهادة على رؤية الهلال - 1/ 529) من حديث عبيد اللَّه بن أبي عمير بن أنس عن عمومة له. . . الحديث بنحوه.

والحديث سكت عنه أبو داود، والمنذري، وهو حديث صحيح رجاله رجال الصحيح.

مختصر المنذري لسنن أبي داود (3/ 226)، ونيل الأوطار (4/ 211).

(5)

سقطت (قد) من (د).

ص: 1260

عنهما) (1) - في رؤية الهلال: أخرجه أبو داود (2) وهو ثابت، وقال في حديث القلتين (3)، وفي حديث الوضوء في مس الذكر: حسن

(1) سقطت من (د).

(2)

الحديث هو: عن ابن عمر قال:

"تَرَاءَى النَّاسُ الهِلَالَ، فَأَخْبَرْتُ رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنِّي رَأَيْتهُ، فَصَامه وَأَمَر النَّاس بِصيِامِه".

رواه أبو داود في (كتاب الصوم - باب في شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان - 2/ 756)، والدارمي 1/ 337)، والدارقطني (2/ 156)، وابن حبان (ص 221/ من مرارد الظمأن)، والحاكم في مستدركه (1/ 423)، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 212)، كلهم من طريق أبي بكر بن نافع عن نافع عن ابن عمر. والحديث صحيح.

(3)

عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إِذَا كَان المَاءُ قُلَّتَيْنِ لَمْ يَحْمِلِ الخبَثَ".

أخرجه الترمذي (كتاب الطهارة - باب منه آخر - 1/ 97)، وأبو داود في (كتاب الطهارة - باب ما ينجس الماء - 1/ 51)، والنسائي في (كتاب الطهارة - باب التوقيت في الماء - 1/ 175)، وابن ماجه في (كتاب الطهارة وسننها - باب مقدار الماء الذي لا ينجس 1/ 172)، وابن خزيمة (1/ 49)، وابن حبان (2/ 393)، وأحمد (2/ 12)، والشافعي (1/ 19)، والدارقطني (1/ 14)، والحاكم (1/ 133)، والبيهقي (1/ 263)، وغيرهم.

كلهم من طريق محمد بن جعفر بن الزبير أو محمد بن عباد بن جعفر عن عبد اللَّه أو عبيد اللَّه ابني عبد اللَّه بن عمر عن عبد اللَّه بن عمر عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم.

والحديث صحيح. والقلة: هي الجرة العظيمة.

لسان العرب (11/ 565)، والنهاية (4/ 104).

ص: 1261

ثابت، وقد استعمل ابن المنذر في الإشراف هذه العبارة كثيرًا في أول الأبواب فيقول: "ثبت أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فعل كذا أو أمر بكذا أو نهى عن كذا، استعملها في أحاديث كثيرة حسنها الترمذي ولم يخرجها البخاري ولا مسلم كقوله:

"ثبت أنَّ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبي العاص، "وَاتَّخْذِ مُؤَذّنًا لَا يَأخُذُ (عَلَى أَذَانِهِ)(1) أَجْرًا" (2) قال الترمذي فيه: حسن وقال: ثبت أن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: "لَا نِكَاحَ إلَا بَوليّ (3) "

(1) سقطت من (ب).

(2)

أخرجه الترمذي في (كتاب الصلاة - باب ما جاء في كراهية أن يأخذ المؤذن على الأذان أجرًا - 1/ 409) وقال: "حسن صحيح"، وأبو داود (كتاب الصلاة - باب أخذ الأجرة على التأذين 1/ 363) والنسائي (كتاب الأذان - باب اتخاذ المؤذن الذي لا يأخذ على أذانه أجرًا - 2/ 23)، وابن ماجه (كتاب الأذان والسنة فيها - باب السنة في الأذان 1/ 236)، والحاكم (1/ 199)، والبيهقي (1/ 429) فأما الترمذي وابن ماجه فأخرجاه من حديث: أشعث عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص.

وأما البقية فأخرجوه من حديث: أبي العلاء عن مطرف عن عثمان بن أبي العاص.

قال الحاكم: صحيح على شرط مسلم، ولم يخرجاه.

قلت: وهو كما قال.

(3)

أخرجه أبو داود في (كتاب النكاح - باب في الولي - 2/ 568)، =

ص: 1262

وقد حسنة الترمذي قال: "وهذا الذي قلناه في تسمية الثبوت للحسن ينبني (1) على اتحاد حكم الصحيح والحسن في وجوب العمل بهما في الإحكام، فمن نظر إلى حكم الحسن جاز أن يسميه صحيحًا، [مجازًا](2) اعتبارًا بحكمه كما فعل غير واحد من الأئمة [ومن](3) لم يسمه صحيحًا، وهم الأكثرون نظروا إلى حقيقة [إسناد](4) الحسن، فعلى هذا الإشكال وفي جواز تسمية الحسن بالثابت اعتبارًا بحكمه، وهل يسمى الحسن ثابتًا اعتبارًا بإسناده على مذهب الجمهور أنّ درجة متوسطة بين الصحيح والضعيف فيه ثلاث احتمالات، ثالثها: التفصيل بين راو مستور لم تتحقق أهليته، وليس مغفلًا، كثير الخطأ، ولا ظهر منه سبب مفسق، ويكون متن حديثه معروفًا، فلا يسمى حدسه ثابتًا لعدم تحقق الأهلية، وبين راو اشتهر

= والترمذي (كتاب النكاح - باب ما جاء لا نكاح إلا بولي - 3/ 398).

وابن ماجه (1/ 605)، والدارمي (2/ 61)، وأحمد (4/ 394)، والحاكم (2/ 169 - 172) وغيرهم كلهم من حديث أبي موسى وغيره وقد ذكر الحاكم طرقه والصحابة الراوين له، وهو حديث صحيح.

(1)

وفي (ب): بيتني.

(2)

من الأصل (ق 59/ أ)، وفي النسخ: فجاز.

(3)

من الأصل (ق 59/أ)، وقد سقطت من النسخ.

(4)

من (د)، وفي بقية النسخ: إسناده.

ص: 1263

بالصدق والأمانة، وهو يرتفع عن حال من يعد تفرده منكرًا، فيسمى حديثه ثابتًا لوجود الثناء عليه وشهرته، فإنَّ درجات الحسن متفاوتة كما أنَّ درجات الصحيح والضعيف متفاوتة، فإن قلت: قولهم حديث حسن ثابت يقتضي إسنادين: أحدهما (1) حسن والآخر ثابت، كما اقتضى قولهم: حديث حسن صحيح.

قلت: لا يتجه ذلك لجواز أن يكون الثبوت أريد به تأكيد الحسن، وهو المطلوب، أو الصحة فهو محتمل لهما فلا يحكم (2) بالصحة في لفظ الثبوت [إلا](3) بأمر صحيح، وليس في الثبوت صراحة في الصحة، وقال الترمذي في غير حديث:"هذا [إسناد] (4) صحيح" كما يقول: حسن صحيح، وقال الدارقطني في سننه: إسناد صحيح حسن (5)، وقال أيضًا (6): هذا إسناد صحيح ثابت" (7) انتهى.

(1) ليست في الأصل.

(2)

وفي (د): نحكم.

(3)

من (د)، وفي بقية النسخ: لا.

(4)

وفي (د): حديث حسن، وفي الأصل (ق 59/ أ): هذا حديث حسن صحيح.

(5)

مثل قوله وفي (د): حديث: "صيام يوم الشك": هذا إسناد حسن صحيح.

انظر السنن (2/ 157، 166، 167).

(6)

انظر السنن (1/ 108).

(7)

نكت الزركشي (ق 59/أ، ب).

ص: 1264

ونقل الحافظ ابن حجر في أماليه (1) ما روي عن الإمام أحمد أنه قال: "لا أعلم في التسمية في الوضوء حديثًا ثابتًا"(2).

ثم قال: "لا يلزم من نفي الثبوت ثبوت الضعف (3) لاحتمال أن [يراد](4) بالثبوت الصحة فلا ينتفي الحسن، ولا يلزم من

(1) للحافط ابن حجر أمالي عديدة قام بتخريجها، وأملاها محررة متقنة، وقد شرع بالإملاء سنة (808 هـ) منها أمالي كتابه (نتائج الأفكار بتخريج أحاديث الأذكار) طبع منه مجلدن، بتحقيق حمدى عبد المجيد السلفي.

انظر لأمالية بالتفصيل كتاب ابن حجر ودراسة مصنفاته للدكتور/ شاكر محمود عبد المنعم (ص 664 - 666).

(2)

نص الراية (1/ 4) ونصه عن الأثرم قال: سألت أحمد بن حنبل عن التسمية في الوضوء فقال: أحسن ما فيها حديث كثير بن زيد، ولا أعلم فيها حديثًا ثابتًا.

ونصه كما نقله صاحب المغني (1/ 103): "قال أحمد: ليس يثبت في هذا حديث، ولا أعلم له حديثًا له إسناد جيد. . . ".

(3)

قلت: نعم، هذا في الأصل جريًا على ما قرره المحدثون ولكنّ أحمد يقصد بعدم الثبوت هنا: الضعف لا الصحة ولا الحسن ومما يدل على ذلك أن الإمام أحمد نفسه قال: ". . . وأرجو أن يحزئه الوضوء، لأنه ليس فيه حديث أحكم به".

علمًا بأن مجموع طرق الحديث تبلغه درجة (الحسن) فلو كان يقصد الإمام أحمد بالثبوت ثبوت (الحسن) لما نفى وجود حديث يحكم به، ويؤكد ذلك قول الحسن ابن محمد قال:"ضعف أبو عبد اللَّه الحديث في التسمية".

نصب الراية (1/ 4)، والمغني (1/ 301).

(4)

من (د)، وفي بقية النسخ: يرد.

ص: 1265