المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌غضب الرسول من الشفاعة في حدود الله - شرح رياض الصالحين - حطيبة - جـ ٥١

[أحمد حطيبة]

فهرس الكتاب

- ‌ احتمال الأذى والغضب والانتصار لدين الله

- ‌ما جاء في احتمال الأذى

- ‌فضل صلة الرحم

- ‌ما جاء في الغضب إذا نتهكت حرمات الشرع

- ‌غضب الرسول من إطالة الصلاة بالناس

- ‌غضب الرسول مما يذهب الخشوع

- ‌غضب الرسول من الشفاعة في حدود الله

- ‌غضب الرسول لحرمات المساجد

- ‌مراعاة آداب المساجد

- ‌الأسئلة

- ‌موقف المرأة في الصلاة مع محرمها

- ‌الفرق بين الصور الممتهنة وغير الممتهنة

- ‌موضع الدعاء في صلاتي الاستخارة والتوبة

- ‌حد العورة بين المحارم

- ‌وقوع النجاسة في البدن أو الثوب لا تبطل الوضوء

- ‌حكم لبس ما عليه تماثيل وصور

- ‌حكم قول المأموم: سمع الله لمن حمده بعد الرفع من الركوع

- ‌حكم استعمال الفرش التي فيها تصاوير على السرير

- ‌معنى الفترة وحكم أهلها

- ‌معنى إحفاء الشوارب وحكمه

- ‌حكم التسبيح باليد الشمال

- ‌حكم تأخر المأموم عن إمامه بحجة قراءة الفاتحة

- ‌حكم مرور الطفل أمام المصلي

- ‌حكم إظهار المرأة لثديها أمام النساء عند الإرضاع

- ‌حكم تقصير اللحية

الفصل: ‌غضب الرسول من الشفاعة في حدود الله

‌غضب الرسول من الشفاعة في حدود الله

وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها: (أن قريشاً أهمهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟)، هذه امرأة مخزومية من بني مخزوم، وبنو مخزوم قبيلة عظيمة كبيرة من أهل الشرف من العرب من قريش، وكان العرب فيهم أهل شرف وفيهم أهل ضعة، فمثلاً: قبيلة طيء كانت مشهورة باللصوص، لكن قبيلة بني مخزوم كانوا من أعالي الناس، فهذه المرأة التي سرقت هي من بني مخزوم، فلما سرقت عرفوا أن الحد سيقام عليها وتقطع يدها وهي من هذه القبيلة الشريفة، فقالوا: نوسط أحداً يقوم بالشفاعة عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قالوا: (من يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان زيد بن حارثة والد أسامة حب رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً، ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي ربى الاثنين، فـ زيد كان عبداً وأخذه النبي صلى الله عليه وسلم وأعتقه وتبناه، فكان ينسب إليه ويقال: زيد بن محمد حتى نهى الله عز وجل عن ذلك فرجع اسمه زيد بن حارثة رضي الله تبارك وتعالى عنه، وزوج النبي صلى الله عليه وسلم زيداً بـ أم أيمن وأنجبت له أسامة بن زيد بن حارثة رضي الله عنهم.

فلما سرقت المخزومية رأوا أن أسامة له مع النبي صلى الله عليه وسلم علاقة قوية، والنبي صلى الله عليه وسلم يحبه، فإذا جاءه وشفع فإنه سيقبل منه الشفاعة، فذهبوا إلى أسامة، وفعلاً ذهب أسامة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وشفع للمرأة، فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقال:(أتشفع في حد من حدود الله تعالى؟! ثم قام فاختطب صلوات الله وسلامه عليه، ثم قال: إنما أهلك من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد).

أي: إنما أهلك الله السابقين بظلمهم، والظلم ظلمات في الدنيا وفي الآخرة، فيستحق الإنسان العقوبة على ظلمه، وهؤلاء ظلموا وغيروا وبدلوا شرع الله سبحانه، فمن كان فيهم شريفاً وسرق تركوه، ومن كان فيهم ضعيفاً وسرق أقاموا عليه حد الله عز وجل، فأهلكهم الله سبحانه بذلك.

ثم قال صلى الله عليه وسلم: (وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها).

فيقسم النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (وايم الله)، وأصلها: وايمن الله، ايمن جمع يمين وهي أيمان الله، يعني: أن النبي صلى الله عليه وسلم أقسم ورخم فقال: (وايم الله)، بحذف النون في نهايتها فتبقى الميم وهي مضمومة فتظل على ذلك؛ لأن الألف تتبعها والهمزة منقولة.

قوله: (لو أن فاطمة بنت محمد سرقت)، وحاشاها رضي الله عنها.

والمخزومية التي سرقت كان اسمها فاطمة، وهذه فاطمة بنت النبي صلوات الله وسلامه عليه ورضي الله عنها، فيقول: لو أن فاطمة ابنتي أنا -وحاشاها- فعلت ذلك لقطعت يدها، فالنبي صلى الله عليه وسلم لا يجامل ولا يحابي أحداً، وإنما الشرع يقام على الجميع على الشريف وعلى الضعيف، على الإنسان الكبير في قومه، وعلى الحقير في قومه، فهنا غضب رسول الله لما شفع أسامة في حد من حدود الله سبحانه تبارك وتعالى.

ص: 7