المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌البعد والاستتار عند قضاء الحاجة - شرح زاد المستقنع - الشنقيطي - التفريغ - جـ ٧

[محمد بن محمد المختار الشنقيطي]

فهرس الكتاب

- ‌ باب الاستنجاء [1]

- ‌أحكام الاستنجاء

- ‌آداب الخلاء

- ‌التعوذ عند الدخول

- ‌الاستغفار عند الخروج

- ‌تقديم الرجل اليسرى عند دخول الخلاء واليمنى عند الخروج منه

- ‌الاعتماد على الرجل اليسرى عند قضاء الحاجة

- ‌البعد والاستتار عند قضاء الحاجة

- ‌اختيار الموضع الرخو عند قضاء الحاجة

- ‌حكم سلت الذكر بعد البول

- ‌حكم نتر الذكر بعد البول

- ‌التحول عن موضع التخلي عند الاستنجاء

- ‌حكم دخول الخلاء بشيء فيه ذكر الله تعالى

- ‌رفع الثوب قبل الدنو من الأرض عند قضاء الحاجة

- ‌حكم الكلام في الخلاء

- ‌حكم البول في الشقوق ونحوها

- ‌حكم مس الفرج باليمنى

- ‌حكم الاستنجاء والاستجمار باليمين

- ‌حكم استقبال النيرين عند قضاء الحاجة

- ‌حكم استقبال القبلة أو استدبارها عند قضاء الحاجة

- ‌حكم اللبث في موضع قضاء الحاجة

- ‌حكم البول في الطريق والظل النافع

- ‌حكم البول تحت الشجر المثمر

- ‌الأسئلة

- ‌كيفية التسمية لمن توضأ داخل الحمام

- ‌حكم حديث: (الحمد لله الذي أذهب عني الأذى

- ‌الذكر إذا كان التخلي في الصحراء

- ‌التفصيل في قاعدة: القول مقدم على الفعل

- ‌معنى حديث: (فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت

- ‌وجه الاستغفار بعد الخروج من الخلاء

الفصل: ‌البعد والاستتار عند قضاء الحاجة

‌البعد والاستتار عند قضاء الحاجة

قال المصنف رحمه الله: [وبعد في فضاء واستتاره].

أي: يشرع ويسن للإنسان إذا أراد أن يقضي حاجته وكان في فضاء -كالأرض الخلاء التي ليس فيها أحد- البعد؛ لأن الفضاء منكشف، والإنسان إذا جلس في الفضاء يمكن أن يُرى شيء من عورته، ولا يأمن خروج الخارج عليه فجأة، فلذلك شرع له أن يبعد وأن يستتر.

فيشرع له أمران: البعد في المذهب وهو سنة النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث المغيرة: (تنح عني)، وكذلك أيضاً يستتر، فإذا كانت الأرض منبسطة بحث عن حفرة أو شاخص، فإن وجد المطمئن من الأرض كالحفرة نزل فيها وقضى حاجته؛ لأنه أبلغ في الاستتار، ما لم يكن فيها ضرر عليه، أو يخشى من الضرر، أو يأتي إلى شاخص، كأن يأتي إلى هضبة أو تل فيستقبله ويقضي حاجته مستقبلاً إياه؛ لأنه أبلغ في الاستتار، ويُوليِّ قفاه للناس، فإذا فعل ذلك كان أبلغ في استتاره.

(أن يبعد وأن يستتر) قالوا: في الفضاء يبعد؛ لأنه إذا بعد شخصه تعذّر على العين الاطلاع على عورته، ويستتر لئلا يداهمه إنسان فجأة؛ فيكون ذلك أبلغ في تحفظه وصيانة عورته، وقد عُظِّم أمر الاستتار في قضاء الحاجة، ومن تساهل في قضاء حاجته فقضاها بجوار الطرقات على مرأىً من الناس وتساهل في ذلك -ما لم يكن مضطراً- فإنه لا يخلو من الإثم والتبعة، حتى قال بعض العلماء: لو فتن أحد بالنظر إليه حمل إثمه ووزره -والعياذ بالله-؛ لأنه تعاطى السبب لحصول الإثم والوزر، فلا يجوز للإنسان أن يتساهل في العورة، حتى ورد في حديث ابن عباس في الصحيحين في قصة الرجلين اللذين يعذبان، قال فيهما النبي صلى الله عليه وسلم:(إنهما يعذبان، وما يعذبان في كبير: أما أحدهما فكان لا يستنزه من بوله)، وفي رواية:(لا يستتر من بوله)، قال بعض العلماء:(لا يستتر) أي: يتساهل في عورته -والعياذ بالله-، فقالوا: إنها من الأمور التي قد تكون سبباً -على هذا الوجه- في عذاب القبر وفتنة القبر، نسأل الله السلامة والعافية.

وأنبه على مسألة يخطئ فيها كثير من الناس أصلحهم الله، خاصة من الجهلة والعوام: فإنهم يأتون إلى أماكن الوضوء ويكشفون عوراتهم ويستنجون فيها دون حياء من الناس، ولا خوف من الله جل وعلا، فأماكن الوضوء المخصصة للوضوء لا يصلح فيها للإنسان أن يكشف عورته فيؤذي عباد الله، وكذلك أيضاً يتسبب في أذيتهم بنتن البول وريحه، وهذه من الأمور الممقوتة التي لا ينبغي للمسلم أن يفعلها، ومن رئي منه فعل ذلك فإنه يُنصح ويُذكّر ويخوف بالله جل وعلا، ويقال له: اتق الله ولا تؤذِ المسلمين، فإن أماكن الوضوء ليست لقضاء الحاجة؛ لما فيه من أذية الناس بالرائحة والنتن، وقد تضافرت نصوص الشريعة على تحريم الضرر، قال بعض العلماء: يحَرُمُ فعل هذا للضرر، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(لا ضرر ولا ضرار).

ص: 8