المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الرد على شبهة من استدل بقوله تعالى ((ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله)) على جواز المجيء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لطلب الاستغفار - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٤٠٧

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[407]

- ‌ما جاء في القاضي يقضي وهو غضبان

- ‌شرح حديث (لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا يقضي الحكم بين اثنين وهو غضبان)

- ‌الحكم بين أهل الذمة

- ‌شرح أثر ابن عباس قال ((فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم)) فنسخت قال ((فاحكم بينهم بما أنزل الله))

- ‌تراجم رجال إسناد أثر ابن عباس قال ((فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم)) فنسخت قال ((فاحكم بينهم بما أنزل الله))

- ‌شرح حديث (كان بنو النضير إذا قتلوا من بني قريظة أدوا نصف الدية وإذا قتل بنو قريظة من بني النضير أدوا إليهم الدية كاملة، فسوى رسول الله بينهم)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (كان بنو النضير إذا قتلوا من بني قريظة أدوا نصف الدية وإذا قتل بنو قريظة من بني النضير أدوا إليهم الدية كاملة، فسوى رسول الله بينهم)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم إلزام أهل الذمة بحكم القاضي المسلم

- ‌اجتهاد الرأي في القضاء

- ‌شرح حديث معاذ بن جبل في اجتهاد الرأي في القضاء

- ‌تراجم رجال إسناد حديث معاذ بن جبل في اجتهاد الرأي في القضاء

- ‌طريق أخرى لحديث معاذ بن جبل في اجتهاد الرأي في القضاء وترجمة رجال الإسناد

- ‌ما جاء في الصلح

- ‌شرح حديث (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً)

- ‌شرح حديث كعب بن مالك في تصالحه مع ابن أبي حدرد على قضاء نصف دينه

- ‌تراجم رجال إسناد حديث كعب بن مالك في تصالحه مع ابن أبي حدرد على قضاء نصف دينه

- ‌الأسئلة

- ‌حكم اصطلاح الخصمين بعد رفع القضية للقاضي

- ‌حكم التقاضي للدين في المسجد

- ‌حكم رفع الصوت في المسجد للحاجة

- ‌حكم طلب المدين من الدائن إسقاط بعض الدين لأجل تسديد الباقي

- ‌حكم اتخاذ المحامي عند المخاصمة لقوة حجته وحكم مهنة المحاماة

- ‌الرد على شبهة من استدل بقوله تعالى ((ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله)) على جواز المجيء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لطلب الاستغفار

- ‌حكم قول القائل خير يا طير

- ‌حكم قولهم: من حسن الطالع أن يحصل كذا وكذا

الفصل: ‌الرد على شبهة من استدل بقوله تعالى ((ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله)) على جواز المجيء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لطلب الاستغفار

‌الرد على شبهة من استدل بقوله تعالى ((ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله)) على جواز المجيء إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم لطلب الاستغفار

‌السؤال

نرجو منكم توضيح قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ} [النساء:64] الآية، حيث أن بعض المنتسبين لأهل العلم يحملها على ظاهرها من جواز الإتيان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد وفاته، حتى إننا رجعنا إلى كثير من تفاسير المتقدمين فلم نجد أحداً منهم تطرق لهذه القضية، وهي أنها خاصة في حياته لا بعد موته، وأن من سأله بعد موته فهو شرك صريح، والعجب أن ابن كثير رحمه الله ذكر قصة العتبي في هذه الآية ولم يتعقبها لا إسناداً ولا متناً، فزادنا حيرة، فنرجو منكم الرد على هذه الشبهة من جميع النواحي، حتى من الناحية اللغوية إذ إن بعضهم قال: إذ هذه شرطية تفيد العموم مثل: إذ دخلت المسجد فاقرأ قرآناً، فهي عامة في أي وقت، فنرجو منكم ذكر من رد على هذه الشبهة من المتقدمين وبارك الله فيكم؟

‌الجواب

أولاً: الآيات هي في المنافقين، والضمير في قوله:((وَلَوْ أَنَّهُمْ)) عائد على المنافقين؛ لأن سياق الآيات في المنافقين، يقول الله عز وجل:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا * فَكَيْفَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ ثُمَّ جَاءُوكَ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا إِحْسَانًا وَتَوْفِيقًا * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا * وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا} [النساء:60 - 64]، ومعلوم أن هذا إنما هو في حياته صلى الله عليه وسلم، وكونهم يأتون إليه ويتوبون ويطلبون منه أن يستغفر لهم إنما يكون ذلك في حياته عليه الصلاة والسلام، وأما بعد وفاته عليه الصلاة والسلام فلم ينقل عن أحد من أصحابه الكرام رضي الله عنهم وأرضاهم أنه جاء إليه عند قبره وطلب منه أن يستغفر له، وإنما كانوا يأتون إليه في حياته صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا حصل جدب وقحط يطلبون منه الدعاء أن يغيثهم الله فيغيثهم الله، فلما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحصل الجدب في زمن عمر طلب من العباس أن يدعو وقال:(اللهم إنا كنا إذا أجدبنا توسلنا إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا فيسقون).

فلو كان الأمر جائزاً وأنه لا فرق بين الحياة ولا بين الممات لما تركوا الذهاب إليه ولطلبوا منه كما كانوا يطلبون منه في الحياة، فلما عدلوا عن ذلك وصاروا إلى الطلب من الأحياء، واختار عمر رضي الله عنه أقرب قريب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عمه العباس بن عبد المطلب وقوله:(بعم نبينا) يفيد وجه اختيار العباس وهي عمومته للنبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه ما قال: وإنا نتوسل إليك بـ العباس؛ لأن المقصود هو عمومته للنبي صلى الله عليه وسلم وقرابته منه.

وكذلك أيضاً جاء في صحيح البخاري في كتاب المرضى: عن عائشة رضي الله عنها قالت: (وا رأساه قال: ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك) يعني: لو مت قبلي دعوت لك واستغفرت لك، فقوله هذا الكلام يبين بأن دعاءه واستغفاره إنما هو في حال حياته صلى الله عليه وسلم، ولو كان ليس هناك فرق بين الحياة والموت لما كان هناك حاجة إلى أن يقول هذا الكلام؛ لأنه سواءً سبقها بالموت أو سبقته بالموت فإنه يستغفر لها، هذا إذا كان الأمر أنه لا فرق بين الحياة والموت لكنه قال:(لو كان ذاك وأنا حي دعوت لك واستغفرت لك)، وهذا جاء في صحيح البخاري في كتاب المرضى: باب قول المريض: وا رأساه، وهو يدل على أن استغفار النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو في حياته، وبعد وفاته قد عرفنا في الحديث أنه عندما يذاد أناس عن الحوض يقال له:(إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك).

أما قصة العتبي التي أوردها ابن كثير ولم يتعقبها بشيء لا يعول عليها؛ لأنها قصة منام، والمنامات ليست بعبرة ولا يعول عليها، هذا لو ثبتت فكيف وثبوتها فيه شك وفيه نظر.

ص: 27