المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم الاحتجاج على جواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور بوجود قبر النبي في المسجد - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٤٥٠

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[450]

- ‌ما جاء في التعري

- ‌شرح حديث (خذ عليك ثيابك ولا تمشوا عراة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (خذ عليك ثيابك ولا تمشوا عراة)

- ‌شرح حديث (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك)

- ‌الحكم على حديث (لم أرَ من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرَ مني)

- ‌شرح حديث (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل ولا المرأة إلى عرية المرأة)

- ‌شرح حديث (لا يفضين رجل إلى رجل)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (لا يفضين رجل إلى رجل)

- ‌الأسئلة

- ‌حكم البقاء عرياناً في غرفة منفرداً أو في أثناء النوم

- ‌عورة المرأة مع المرأة

- ‌حكم لبس المرأة البنطال بين النساء حال السباحة معهن

- ‌حكم نوم الرجل مع الرجل تحت لحاف واحد

- ‌حد عورة الصغير ذكراً كان أو أنثى

- ‌حرمة التصاق رجل برجل دون ثياب أو تحت لحاف واحد

- ‌حكم خلع المرأة ثيابها في بيت محرم لها منفردة لأجل تغيير الملابس

- ‌حكم خلع المرأة ثيابها في بيت جارتها لقياس فستان مثلاً

- ‌حكم خلع المرأة ثيابها في صالات وقصور الأفراح

- ‌حكم ذهاب المرأة للحمامات العامة

- ‌حكم ذهاب الرجل إلى الحمامات العامة

- ‌حكم الذهاب إلى الحمامات البخارية لغرض التداوي

- ‌حكم سباحة المرأة مع نساء

- ‌دخول حمامات غير محتشمة من خوارم المروءة

- ‌حكم سباحة الرجال بالسراويل دون إزار

- ‌حكم مشاهدة المنافسات الرياضية مع رؤية أفخاذ اللاعبين

- ‌حكم السباحة في مكان -كالبحر- فيه رجال غير متسترين

- ‌حكم الاغتسال بشكل جماعي مع ظهور بعض العورة

- ‌حكم الصلاة في الملابس الرياضية

- ‌حكم إلباس الصغيرة عباءة

- ‌عدم صحة عبارة (النبي عندما ينزل عليه الوحي يكون خارجاً عن طور البشرية)

- ‌حكم الاجتماع لختم القرآن والذبح له

- ‌بيان متى يكون الإنكار باليد

- ‌المقصود بخوارم المروءة

- ‌حكم الاحتجاج على جواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور بوجود قبر النبي في المسجد

- ‌المفاضلة بين صلاة المرأة في بيتها وصلاتها في المسجد

- ‌حكم ذهاب المرأة إلى المسجد وحدها أو مع مجموعة من النساء

- ‌حكم الطهارة بالماء المستعمل

- ‌حكم المسح على الجوربين الرقيقين

- ‌موجب غسل الجنابة

- ‌تقديم بعض صفات الله عز وجل على بعض

- ‌حكم التسمية بعبد الساتر وعبد الستار

- ‌حكم لعن المعين

- ‌حكم إعطاء الولد والده مالاً ليعطيه لأحد الأولياء المزعومين

- ‌عدم إسقاط العمرة النافلة العمرة الواجبة

الفصل: ‌حكم الاحتجاج على جواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور بوجود قبر النبي في المسجد

‌حكم الاحتجاج على جواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور بوجود قبر النبي في المسجد

‌السؤال

يحتج كثير من الناس بجواز الصلاة في المساجد التي فيها قبور بوجود قبر رسول صلى الله عليه وسلم في مسجده، فهو داخل في التوسعة ولاسيما بعد وضع الأبواب والسور، فما الجواب عن هذه الشبهة؟

‌الجواب

لا يجوز الاحتجاج بهذا، وإنما يجب الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي التي يعول عليها، ومن ذلك حديث جندب بن عبد الله البجلي في صحيح مسلم قال: سمعت رسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت بخمس يقول: (إني أبرأ إلى الله أن يكون لي منكم خليل، فإن الله اتخذني خليلاً كما اتخذ إبراهيم خليلاً، ولو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر خليلاً) ثم قال عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك) هذا الكلام الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فيه تأكيد النهي عن اتخاذ القبور مساجد من وجوه متعددة: الأول: قوله: (ألا وإن من كان قبلكم) هذا فيه تنبيه إلى أن هذا فُعل من قبل في الأمم السابقة، وأن على الأمة ألا تقلدها في ذلك ولا تتابعها في ذلك.

الثاني: قوله: (ألا فلا تتخذوا القبور مساجد) وهذا نهي، ثم أكد ذلك بقوله:(فإني أنهاكم عن ذلك) تأكيد بعد تأكيد، وهذا من كمال بيانه عليه الصلاة والسلام وكمال نصحه لأمته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

وكذلك الحديث الذي قاله الرسول صلى الله عليه وسلم وهو في النزع، فقد جاء في الحديث الصحيح عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في مرض موته على وجهه خميصة، فإذا اغتم بها كشفها، فقال وهو كذلك:(لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) فهذه الأدلة هي التي يجب العمل بها.

وأما قبر الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه لم يكن في المسجد، والرسول صلى الله عليه وسلم هو الذي بنى المسجد وليس فيه قبر، وبنى بيوته بجوار المسجد، وكان في بيوته يجامع أهله، وكانت نساؤه تحيض فيها، وهذا يدل على أنها ليست في المسجد، وأنها خارج المسجد، فالمسجد شيء والبيوت شيء آخر.

ولما توفي رسول صلى الله عليه وسلم توفي في بيت عائشة، فالصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم تذاكروا فيما بينهم ماذا يصنعون برسول الله عليه الصلاة والسلام، أين يدفنونه، هل يدفنونه في البقيع أو في أي مكان يدفنونه؟ فروى بعضهم أن النبي عليه الصلاة والسلام قال:(إن الأنبياء يدفنون حيث يموتون) أي: أن المكان الذي يموت فيه النبي يدفن فيه، فمكان موته هو مكان دفنه.

ولما كان عليه الصلاة والسلام قد قبضت روحه في بيت عائشة دفنوه في بيت عائشة، وكان ذلك البيت خارج المسجد، وبقي خارج المسجد في عهد أبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم، وفي زمن معاوية رضي الله عنه عشرين سنة، وكانت مدة الخلفاء الراشدين ثلاثين سنة، ومعاوية كانت خلافته عشرين سنة، إلى سنة ستين، ثم بعد ذلك أيضاً ظل الأمر كذلك سنوات أخرى في عهد الذين جاءوا بعده، ولما جاء زمن الوليد بني المسجد من جديد ووسع فيه ودخلت فيه قبور الرسول صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وعلى هذا فلا يجوز أن يحتج بهذا العمل الذي حصل في زمن بني أمية حيث أدخل القبر في المسجد، بل يجب الاحتجاج بالأحاديث الصحيحة الثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم.

ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم الصلاة فيه بألف صلاة، سواء أدخلوا القبر أو ما أدخلوه، لكن لا يجوز أن يحتج بدخوله والعمل الذي حصل من بني أمية لا يتخذ حجة لأجل أن تبنى المساجد على القبور، أو ليدفن الموتى في المساجد، فإن ذلك لا يجوز، بل الواجب هو العمل بما جاءت به السنة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، والسنة جاءت بالتحذير من ذلك، والرسول صلى الله عليه وسلم حذر منه قبل موته بخمس ليالٍ، وعند موته صلى الله عليه وسلم، وهذا من كمال بيانه وكمال نصحه وشفقته على أمته صلوات الله وسلامه وبركاته عليه.

فالحاصل: أن الصلاة في هذا المسجد بألف صلاة دخل القبر أو ما دخل، ولا يجوز أن نحتج بدخوله في عهد بني أمية ووجوده فيما بعد ذلك على أن الناس يبنون المساجد على القبور أو يدفنون الموتى في المساجد، بل الواجب عليهم أن يمتثلوا ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، وأن يتقوا الله، وتقوى الله عز وجل تكون بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، ومن نواهيه التي نهى عنها في آخر أيامه بل أواخر لحظاته عليه الصلاة والسلام ألا يتخذ الناس القبور مساجد.

والمسجد الذي دفن فيه ميت لا يجوز أن يصلى فيه، وأما إذا صلي فيه فهل تصح الصلاة أو لا تصح؟ هناك خلاف بين أهل العلم، فمنهم من يصححها ومنهم من لا يصححها، ولكن الواجب هو الابتعاد.

ص: 37