المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌شرح حديث (فأمر رسول الله أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة) - شرح سنن أبي داود للعباد - جـ ٥٠٣

[عبد المحسن العباد]

فهرس الكتاب

- ‌[503]

- ‌إذا أقر الرجل بالزنا ولم تقر المرأة

- ‌شرح حديث أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأقر عنده أنه زنى بامرأة سماها له)

- ‌شرح حديث (أن رجلاً من بكر بن ليث أتى النبي فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (أن رجلاً من بكر بن ليث أتى النبي فأقر أنه زنى بامرأة أربع مرات)

- ‌يحذف

- ‌ما جاء في الرجل يصيب من المرأة ما دون الجماع فيتوب قبل أن يأخذه الإمام

- ‌شرح حديث (جاء رجل إلى النبي فقال إني عالجت امرأة من أقصى المدينة فأصبت منها ما دون أن أمسها)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (جاء رجل إلى النبي فقال إني عالجت امرأة من أقصى المدينة فأصبت منها ما دون أن أمسها)

- ‌ما جاء في الأمة تزني ولم تحصن

- ‌شرح حديث (إن زنت الأمة فاجلدوها)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إن زنت الأمة فاجلدوها)

- ‌شرح حديث (إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يعيرها ثلاث مرار)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يعيرها ثلاث مرار)

- ‌شرح حديث (إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يعيرها ثلاث مرار) من طريق أخرى

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (إذا زنت أمة أحدكم فليحدها ولا يعيرها ثلاث مررار) من طريق أخرى

- ‌حكم بيع الأمة بعد الرابعة من زناها

- ‌ما جاء في إقامة الحد على المريض

- ‌شرح حديث (فأمر رسول الله أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (فأمر رسول الله أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة)

- ‌حكم تجزئة الجلد على الأيام إذا كان الزاني مريضاً

- ‌شرح حديث (دعها حتى ينقطع دمها ثم أقم عليها الحد)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث (دعها حتى ينقطع دمها ثم أقم عليها الحد)

- ‌ما جاء في حد القذف

- ‌شرح حديث عائشة (لما نزل عذري قام النبي على المنبر فذكر ذلك وتلا)

- ‌تراجم رجال إسناد حديث عائشة (لما نزل عذري قام النبي على المنبر فذكر ذلك وتلا)

- ‌شرح حديث عائشة من طريق أخرى، وتراجم رجال الإسناد

- ‌الأسئلة

- ‌تصحيح حديث (أقيموا الحدود على إمائكم) لشواهده أخرى

- ‌حكم من قال بانزلاق حسان بن ثابت مع المنافقين في قصة الإفك

- ‌حكم القذف بفاحشة اللواط

- ‌هل طالبت عائشة رضي الله عنها بجلد من قذفها

- ‌حكم المرأة إذا كانت مطاوعة في زنا أحد المحارم بها

- ‌حكم توزيع الأب تركته على أولاده وهو حي

- ‌لا يجب على ولي المرأة أن يخبر الرجل المتقدم أنها زنت إذا تابت

- ‌حكم قطع يد السارق إذا خيف موته لمرضه

الفصل: ‌شرح حديث (فأمر رسول الله أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة)

‌شرح حديث (فأمر رسول الله أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في إقامة الحد على المريض.

حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني حدثنا ابن وهب أخبرني يونس عن ابن شهاب أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه، أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار:(أنه اشتكى رجل منهم حتى أضني فعاد جلدة على عظم، فدخلت عليه جارية لبعضهم فهش لها فوقع عليها، فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبرهم بذلك وقال: استفتوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني قد وقعت على جارية دخلت علي، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما رأينا بأحد من الناس من الضر مثل الذي هو به، لو حملناه إليك لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلد على عظم، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة)].

قوله: [باب إقامة الحد على المريض]، المريض نوعان: مريض مرضاً لا يرجى برؤه، ومريض مرضاً يرجى برؤه، فالذي يرجى برؤه ينتظر حتى يشفى ويقام عليه الحد الذي هو الجلد إذا كان الحد جلداً، وأما إذا كان الحد رجماً أو قتلاً فإنه يقتل؛ لأن العلة من عدم إقامة الحد على المريض حتى لا يؤدي ذلك إلى هلاكه، لكن إذا كان هلاكه حكماً شرعياً كأن يكون رجماً أو قتلاً فإنه يقام عليه الحد، سواء كان مريضاً أو غير مريض؛ لأن الحكم هو إهلاكه والقضاء عليه، وأما إذا كان الحد جلداً، والجلد قد يؤدي إلى الوفاة في حق المريض فيكون قد عوقب بعقوبة لا يستحقها وهي أنه قتل، إذاً: لا يقام عليه الحد في حال مرضه إذا كان مرضه يرجى برؤه، بل يؤخر حتى يبرأ ثم يقام عليه الحد، ولا يقام عليه الحد في مكان المرض؛ لأنه قد يؤدي إلى الهلاك، والحد ليس المقصود منه الهلاك، وإنما هو شيء دون الهلاك.

أما إذا كان لا يرجى برؤه فإنه كما جاء في هذا الحديث الذي أورده أبو داود عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في قصة هذا الرجل، وأنه أمر بأن يؤخذ مائة شمراخ -وهي أغصان القنو التي يعلق فيها التمر- فيضرب بها ضربة واحدة، ومن العلماء من قال: إنها تنشر عليه نشراً بحيث يمس كل شمراخ منها جسده، ومنهم من قال: إنه يضرب ضربة واحدة ويكون بعضها بالملامسة وبعضها بالثقل؛ لأنه لو ضرب بشمراخ أو شمراخين فليس مثل ما لو ضرب بمائة شمراخ متصل بعضها ببعض، فإن قوته وتأثيره أكثر من تأثير الشمراخ الواحد أو الشمراخين، إذاً: تكون العقوبة بالثقل بحيث يضرب بعثكال فيه مائة شمراخ، وتكون هذه المائة في مقابل المائة جلدة؛ وذلك لأنه لا يتحمل أن يقام عليه مائة جلدة كل جلدة على حدة؛ لأن ذلك يؤدي إلى هلاكه، وحكمه هو الجلد وليس الهلاك، ولهذا جاءت الشريعة بالتخفيف عنه.

وفي هذا دليل على أن الحدود لا تسقط؛ لأنها لو كانت تسقط لسقطت عن مثل هذا، ولم يحتج إلى أن يضرب بمائة شمراخ، ولكن لابد من العقوبة، ولابد من إقامة الحد، فهو دليل على أن الحدود لا تسقط وإنما تقام حيث ثبتت أو ثبت الفعل المقتضي للحد.

قوله: [عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف رضي الله عنه أنه أخبره بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأنصار (أنه اشتكى رجل منهم حتى أضني فعاد جلدة على عظم)].

أي: أنهكه المرض، حتى صار جلداً على عظم ليس فيه لحم من شدة إنهاك المرض.

قوله: [(فدخلت عليه جارية لبعضهم فهش لها فوقع عليها)].

يعني: تحرك لها وهش فوقع عليها، وهذا يبين لنا أن ما جاء عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيما يتعلق بالنساء وأنهن فتنة، وأن أضر فتنة على الرجال هي النساء، كما قال عليه الصلاة والسلام:(ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)، وهذا أيضاً دليل على أن المريض والشيخ الكبير لا يتهاون أو يتساهل معه؛ لأنه كما يقولون: لكل ساقطة لاقطة، والناس يتفاوتون، فإذا كان هذا الشخص الذي مرض مرضاً شديداً تحرك لهذه الجارية ووقع عليها وهو جلد على عظم، فهذا يبين مدى عظم المصيبة، ومدى عظم فتنة الرجال بالنساء، وأن الواجب هو الاحتراز والابتعاد، ولهذا جاء تغليظ العقوبة في حق من يقدم على ذلك وقد ذهب وقت نشاطه وشبابه، كما جاء في الحديث:(ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زان، وعائل مستكبر، وملك كذاب)، وقوله:(أشيمط) تصغير أشمط، أي: أنه هرم وكبر، وذهب شبابه، وكونه يزني وهو بهذا الوصف فإنه يدل على زيادة خبث، ولو كان شاباً فأمره يختلف عنه؛ لأن عنده قوة الغريزة والحاجة، وأما هذا فقد ولى وذهب ومع ذلك يتعلق بالنساء، وكذلك العائل المستكبر؛ لأن الاستكبار غالباً لا يأتي إلا مع الغنى، وأما العائل الذي ليس عنده أسباب الكبر فهذا يدل على خبثه، وكذلك الملك الكذاب ليس بحاجة إلى أن يكذب؛ لأنه يستطيع أن يقول الذي يقع على حقيقته ولا يخاف من أحد، وإنما الذي يكذب هو الذي يخاف لأنه ضعيف، وأما من كان في قمة المسئولية فإنه لا يحتاج إلى أن يكذب، فهؤلاء وقعت منهم أمور لا وجه لحصولها منهم، فهو يدل على سوء وخبث.

ومن البلاء الموجود الآن أن المستشفيات تعج بالممرضات، والبيوت تعج بالخادمات، وهن أشد فتنة من الممرضات، وبقاؤهن في البيت أعظم فتنة وأشد خطراً.

قوله: [(فلما دخل عليه رجال قومه يعودونه أخبرهم بذلك وقال: استفتوا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإني قد وقعت على جارية دخلت علي، فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم].

وهذا أيضاً يدل على خطورة الخلوة، حتى لو كان الذي حصلت معه الخلوة في غاية الكبر أو في غاية الضعف.

قوله: [(فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: ما رأينا بأحد من الناس من الضر مثل الذي هو به، لو حملناه إليك لتفسخت عظامه، ما هو إلا جلد على عظم)].

يعني: ما يستطيع أن يتحرك ولا يحرك.

قوله: [(فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا له مائة شمراخ فيضربوه بها ضربة واحدة)].

وهذا -كما ذكرنا- إذا كان غير مرجو البرؤ، أما إذا كان يرجى برؤه وكان مرضه مرضاً عارضاً فإنه يؤجل إلى أن يشفى، وأما إذا كان كذلك فإنه يعمل معه هذا العمل بحيث لا تسقط عنه العقوبة، ولا يعاقب بالعقوبة التي يستحقها شرعاً، وهي الجلد مائة كل جلدة على حدة؛ لأن هذا يؤدي إلى قتله، أما إن كان محصناً فإنه يقتل، ولو كان بهذه المنزلة؛ لأن المقصود هو إهلاكه سواء كان في غاية الصحة أو في غاية السقم إذا كان محصناً.

ص: 20