الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شرح حديث (لبيك وسعديك وأنا فداؤك)
قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل ينادي الرجل فيقول: لبيك.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا يعلى بن عطاء عن أبي همام عبد الله بن يسار أن أبا عبد الرحمن الفهري رضي الله عنه قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حنيناً فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظل الشجرة، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو في فسطاطه، فقلت: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله وبركاته قد حان الرواح؟ قال: أجل! ثم قال: يا بلال قم، فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر، فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال: أسرج لي الفرس، فأخرج سرجاً دفتاه من ليف ليس فيه أشر ولا بطر، فركب وركبنا) وساق الحديث.
قال أبو داود: أبو عبد الرحمن الفهري ليس له إلا هذا الحديث، وهو حديث نبيل جاء به حماد بن سلمة].
أورد أبو داود باباً في الرجل ينادي الرجل فيقول: لبيك، يعني أنه يجيب إذا نودي وقيل له: يا فلان، فيقول لبيك، وقد سبق مثل هذا في باب قول الرجل: جعلني الله فداءك، وهو بمعنى ذاك الحديث المتقدم، في أنه يأتي بقول: لبيك وسعديك، وجعلني الله فداك، أو وأنا فداؤك.
وأورده أبو داود من أجل اشتماله على هذا الجواب، ومن أجل الإجابة على النداء بقوله: لبيك.
فإذاً: لبيك وسعديك، وجعلني الله فداك، أو أنا فداؤك.
يجاب بها أو ببعضها عند النداء، وكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: لبيك وسعديك، وفي هذا الحديث والذي قبله أنه قال: وجعلني الله فداءك.
قال: (شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حنيناً فسرنا في يوم قائظ شديد الحر، فنزلنا تحت ظل الشجرة، فلما زالت الشمس لبست لأمتي وركبت فرسي)].
هذا أبو عبد الرحمن الفهري يحكي أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان في ظل شجرة، وأنه جاء إليه وقد لبس لأمته وركب فرسه، وقال: يا رسول الله الرواح، يعني: الانتقال، والرواح هو الذهاب؛ لأن الغدو يكون في أول النهار والرواح يكون في آخر النهار بعد منتصفه، أي بعد الزوال.
فقال: أجل! ثم دعا بلالاً وكان بلال تحت شجرة، فقام مسرعاً كأن ظله ظل طائر، قيل معناه بأنه ضعيف، وقيل: كان تحت ظل شجرة ظلها قليل غير ظليل فقد كان شيئاً يسيراً يكفي طائراً يستظل به، ومعنى ذلك أن الظل الذي كان يستظل به بلال يسير جداً كظل يستظل به طائر.
مبالغة في قلته.
(فقال: لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال: أسرج لي الفرس، فأخرج سرجاً دفتاه من ليف).
(أسرج لي الفرس)، يعني: اجعل السرج عليه، والسرج هو الغطاء الذي يكون على ظهر الفرس يركب عليه الراكب بدلاً من أن يكون راكباً على الفرس وهو عري ليس عليه سرج.
(دفتاه من ليف).
يعني حاشيتاه وطرفاه من ليف، والليف هو ليف النخل.
(ليس فيه أشر ولا بطر).
يعني: ليس فيه تكبر أو ليس فيه مبالغة كما يحصل من المتكبرين، ولكن ليس معنى ذلك أن كل من يكون غير ذلك فهو متكبر، لكن من شأن أهل التكبر التفاخر والظهور بمظهر فيه غلو ومبالغة.