المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٢٣

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل

يقول الشارح المبارك فوري: في كل من هذه الأجوبة الثلاثة عندي نظر، أما الأول فلأن ظاهر حديث ميمونة وعائشة هو الجمع بينهما وهذا ظاهر، يعني أما في حديث عائشة نص ويتوضأ وضوءه للصلاة، وأما الثاني: فلأن المراد بقوله: {حَتَّىَ تَغْتَسِلُواْ} [(43) سورة النساء] هو الاغتسال الشرعي المأثور عن النبي عليه الصلاة والسلام وفيه الوضوء، وكذلك التطهر.

وأما الثالث: فلأن عدم ذكر الوضوء في بعض أحاديث الغسل ليس بدليل على أنه ليس بواجب في غسل الجنابة، والله أعلم.

يعني كونه يشرح في غسله عليه الصلاة والسلام من الجنابة ثم لا يذكر في نصوص أخرى إما لأن المشروح له الغسل قد علم ذلك فيما قبل، والسنة إذا ثبتت بحديث واحد لا يلزم بيانها في كل مناسبة، كما هو معلوم، فبهذه الأجوبة الثلاثة عن قول ابن العربي في إجابته عن إيجاب أبي ثور للوضوء ومخالفته للإجماع الذي نقلوه.

سم.

عفا الله عنك.

قال -رحمه الله تعالى-:

‌باب: هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل

؟

حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن المقبري عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "قلت: يا رسول الله: إني امرأة أشد ضفر رأسي أفانقظه لغسل الجنابة؟ قال: ((لا إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات من ماء، ثم تفيضي على سائر جسدك الماء فتطهرين)) أو قال: ((فإذا أنتِ قد تطهرتِ)).

قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم أن المرأة إذا اغتسلت من الجنابة فلم تنقض شعرها أن ذلك يجزئها بعد أن تفيض الماء على رأسها.

يقول المؤلف –رحمه الله تعالى-:

"باب: هل تنقض المرأة شعرها عند الغسل؟ " لأن الشعر إذا ظفر ونسج وأدخل بعضه في بعض قد ينبو الماء عن أصوله، قد لا يصل الماء إلى أصوله، والمطلوب في الغسل أن تروى أصول الشعر، ويشرب الشعر الماء على ما تقدم.

ص: 16

يقول: "حدثنا ابن أبي عمر قال: حدثنا سفيان" هو ابن عيينة كما في رواية أبي داود "عن أيوب بن موسى" بن عمرو بن سعيد بن العاص، الأموي، الفقيه، وهو من رجال الكتب الستة "عن سعيد" بن أبي سعيد "المقبري" وهو ثقة أيضاً "عن عبد الله بن رافع" المخزومي المدني، مولى أم سلمة وهو ثقة "عن أم سلمة قالت: قلت: يا رسول الله" أم سلمة هند بنت أبي أمية زوج النبي عليه الصلاة والسلام، "قالت: قلت يا رسول الله إني امرأة أشد ضفر رأسي" أشد يعني: أحكم "ضفر رأسي" يعني نسجه وفتله "ضفر رأسي" يعني شعر رأسها "أفانقضه؟ " أي أفرقه ليصل الماء إلى باطنه "لغسل الجنابة" وفي رواية مسلم: "للحيضة والجنابة" لأن هذا الرواية نحتاجها -رواية مسلم- نحتاجها لمناقشة قول من يقول بالتفريق بين غسل الحيض، أقول: نحتاج رواية مسلم: "للحيضة والجنابة" لمناقشة من يقول بالتفريق بين غسل الحيض فينقض له الشعر، وغسل الجنابة فلا ينقض له "أفانقضه لغسل الجنابة قال: ((لا، إنما يكفيك أن تحثين)) " وفي نسخة: "تحثي" يعني تصبي ((على رأسك الماء ثلاث حثيات)) وتحثي معروف أن (أن) تنصب، تنصب الفعل المضارع وتحثين إلغاء لفعلها، وقد جاء إلغاؤها وإثبات النون معها في شواهد كثيرة، منها قول الشاعر:

أن تقرأنِ على أسماء ويحكما

مني السلام وألا تشعرا أحداً

يعني في صدر البيت ألغاها، ألغى عملها، وفي أخره "وألا تشعرا" أعملها وحذف النون.

((أن تحثين على رأسك ثلاث حثيات من ماء)) بإثبات النون تحثين، كما قرره أهل العلم لغة، يقول ابن مالك في ألفيته:

وبعضهم أهمل (أن) حملاً على

(ما) أختها حيث استحقت عملاً

يعني أهمل (أن) وجعلها لا تنصب الفعل المضارع كما في البيت.

أن تقرأنِ على أسماء. . . . . . . . .

. . . . . . . . .

ص: 17

((على رأسك ثلاث حثيات من ماء)) مع أنه جاء في نسخ أخرى: ((أن تحثي)) بدون نون على الجادة ((ثم تفيضين)) وفي النسخ التي أشير إليها: ((تفيضي)) بحذف النون ((على سائر جسدك فتطهرين))، قال:((إنما يكفيك أن تحثين على رأسك ثلاث حثيات من ماء ثم تفضين)) ليس فيه ذكر للوضوء قبل الغسل ((على سائر جسدك فتطهرين)) لكن قد يقول قائل: إن الحديث جاء إجابة لسؤال، وهو نقض الشعر المضفور يعني المنسوج المدخل بعضه في بعض، فيكون الجواب مطابق للسؤال، وذكر الوضوء قدر زائد على ما جاء في السؤال، وعلى هذا لا يقال: إن مثل هذا بيان ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، هو بيان لشعر الرأس هل ينقض أو لا ينقض؟ وما عدا ذلك ثبت بأدلة أخرى ((فتطهرين)) أو قال:((فإذا أنت قد تطهرت)).

"قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح" ورواه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه، يعني رواه الجماعة ما عدا البخاري، "قال: والعمل على هذا عند أهل العلم أن المرأة إذا اغتسلت من الجنابة فلم تنقض شعرها أن ذلك يجزئها بعد أن تفيض الماء على رأسها".

ص: 18

"المرأة إذا اغتسلت من الجنابة فلم تنقض شعرها أن ذلك يجزئها بعد أن تفيض الماء على رأسها" وهذا هو مذهب الجمهور لا يلزم نقض ضفر الرأس، الضفائر لا تنقض، وقال الحسن وطاووس: يجب النقض في غسل الحيض دون الجنابة، وهو مروي عن أحمد، التفريق بين الحيض والجنابة، واستدل بأمر النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بنقضه، وحمله الجمهور على الندب لرواية مسلم:"للحيضة والجنابة" في حديث أم سلمة، الآن أم سلمة قيل لها: إنما يكفيك أن تحثي على رأسك ثلاث حثيات، يعني لا يلزم نقض الرأس وفي حديث عائشة أمرها النبي عليه الصلاة والسلام بنقض رأسها، هذه سألت عن الجنابة وعائشة الحيض، أشار الصنعاني في سبل السلام أن غسل عائشة كان للإحرام، لما حاضت كان للإحرام فليس إلا غسل تنظيف ومن لازم التنظيف أن ينقض الشعر، يعني من فرق بين غسل الحيض فينقض وغسل الجنابة لا ينقض، قال: حديث عائشة غسل حيض، وحديث أم سلمة أفانقضه لغسل الجنابة؟ الدليل واضح، يعني لو لم ترد رواية مسلم:"للحيضة والجنابة" في حديث أم سلمة لكان هذا القول متجه، لكن لما ورد عرفنا أن الحيض والجنابة حكمه واحد، فكيف أمرت عائشة ولم تؤمر أم سلمة؟ عائشة أمرت لأن الغسل غسل تنظيف للإحرام، وليس بغسل واجب، وأما غسل أم سلمة فهو معروف أنه للواجب، للحيضة والجنابة، قد يقول قائل: لماذا لا يحتاط للواجب أكثر من غيره؟ فإذا قلنا: بنقضه في الغسل المستحب قلنا: بنقضه في الغسل الواجب من باب أولى، وعلى كل حال عائشة رضي الله عنها لا تريد بغسلها رفع الحدث، وإنما تريد التنظف للإحرام، ومعلوم أن الإحرام يسن له الاغتسال ولا يجب، ومن تمام النظافة أن ينقض الشعر ويعتنى به وينظف، منهم من لحظ ملحظ أخر ليفرق بين أمره عليه الصلاة والسلام لعائشة وبين قوله لأم سلمة حين قالت له: إني أشد ضفرة رأسي أفانقضه لغسل الجنابة؟ قال: عائشة فتاة صغيرة شعرها كثيف وأم سلمة كبيرة السن وشعرها خفيف، فالعشر الكثيف ينقض والشعر الخفيف الذي يمكن أن يصل الماء إلى أصوله دون نقض لا يحتاج إلى نقض، يقول بعضهم: إن هذا لا دليل عليه، هذا التفريق لا دليل عليه ولم ينقل أن شعر أم سلمة خفيف وشعر عائشة كثيف، لكن هذا هو

ص: 19

الغالب أن المرأة كلما تقدم بها السن يخف شعرها، ليست مثل الفتاة الصغيرة، أم سلمة كبيرة جداً لما تزوجها النبي عليه الصلاة والسلام بعد أبي سلمة، بينما عائشة مات عنها النبي عليه الصلاة والسلام وعمرها ثمان عشرة سنة، ففرق بين شعر امرأة عجوز كبيرة وبين امرأة صغيرة، وعندي أن هذا الوجه وجيه جداً وإن لم ينص عليه أنما يحتاج إليه في مثل هذا الموقف يعني في للتوفيق بين النصوص نحتاج إلى مثل هذا الكلام، ولو لم ينص عليه، ما يحتاج ينص عليه، لماذا؟ للتوفيق بين النصوص، وأهل العلم يسلكون مسالك أضعف من هذا لرفع التعارض بين النصوص، يعني وجوه الجمع كثيرة جداً عند أهل العلم وعند التعارض، فالحازمي ذكر منها أكثر من خمسين وجهاً في مقدمة الاعتبار، والحافظ العراقي رحمه الله زاد بها على المائة وجه لرفع الاختلاف بين النصوص، وفي تقديري أن هذا من أفضل ما يجمع به بين هذه النصوص؛ لأن التفريق بين غسل الحيض وغسل الجنابة لا شك أنه قوي لو لم ترد رواية مسلم في سؤال أم سلمة "للحيضة والجنابة" فهذا جعل غسل الحيض أو غسل الجنابة مثل غسل الحيض لا فرق، فلم يبقَ وجه للتفريق بينهما إلا أن يقال: إن عائشة أمرت بنقض شعرها لأنها فتاة صغيرة وشعرها كثيف لم يتساقط بعد، أما العجائز فالغالب أن شعرها يكون خفيفاً متمزقاً متساقطاً وهذا ظاهر، ومثل هذا التفريق وإن لم يرد به نص إنما يستفاد منه رفع الاختلاف بين هذه الأحاديث.

سم.

طالب: عفا الله عنك يا شيخ: هل العلة مشقة النقض بمعنى لو جمعت المرأة شعرها بغير الضفائر هل يلزمها أن تنقض الشعر لأنه لم يكن بضفيرة؟

هو الملحوظ في مثل هذا أن تروى أصول الشعر أن يشرب الشعر الماء، فإذا كان يصل بنفسه لا يحتاج إلى نقض، وإذا كان لا يصل إلا بالنقض لا بد من نقضه، ولهذا التفريق بين المرأة الكبيرة والصغيرة إنما هو من أجل النظر إلى الغالب، الغالب أن النساء الصغار الفتيات شعرهن كثيف، فلا يصل الماء إلى أصوله إلا بنقض، والغالب أن النساء كبار السن شعرها خفيف فلا تحتاج إلى نقض، نعم؟

طالب:. . . . . . . . .

لحظة.

طالب:. . . . . . . . .

إيه.

طالب:. . . . . . . . .

لا لا أكثر أكثر.

ص: 20