المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب: ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر: - شرح سنن الترمذي - عبد الكريم الخضير - جـ ٣٥

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌باب: ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر:

على كل حال الأمور بمقاصدها إذا كنت تستطيع أن تؤثر فيهم فجالسهم وادعهم إلى الحق، ومن دل إلى هدى فله مثل أجر فاعله و ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)) أما إذا كنت لا تستطيع التأثير فيهم، وتخشى على نفسك التأثر بهم فإن مثل هذا لا يجوز لك بحال أن تجالسهم.

سم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:

‌باب: ما جاء في صلاة الوسطى أنها العصر:

حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الوسطى صلاة العصر)) هذا حديث حسن صحيح.

حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة عن سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((صلاة الوسطى صلاة العصر)).

وفي الباب عن علي وعائشة وحفصة وأبي هريرة وأبي هاشم بن عتبة.

قال محمد: قال علي بن عبد الله: حديث الحسن عن سمرة حديث صحيح وقد سمع منه.

حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن صحيح، وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم.

وقال زيد بن ثابت وعائشة: "صلاة الوسطى صلاة الظهر" وقال ابن عباس وابن عمر: "صلاة الوسطى صلاة الصبح".

حدثنا أبو موسى محمد بن المثنى قال: حدثنا قريش بن أنس عن حبيب بن الشهيد قال: قال لي محمد بن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة؟ فسألته، فقال: سمعته من سمرة بن جندب.

وأخبرني محمد بن إسماعيل عن علي بن عبد الله عن قريش بن أنس بهذا الحديث.

قال محمد: قال علي: وسماع الحسن من سمرة صحيح، واحتج بهذا الحديث.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:

فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:

ص: 10

"باب: ما جاء في صلاة الوسطى" يعني التي أشير إليها في قوله -جل وعلا-: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [(238) سورة البقرة]"باب: ما جاء في صلاة الوسطى" وبعض النسخ: "في الصلاة الوسطى أنها العصر" وهذا قول جمهور أهل العلم من الصحابة ومن بعدهم "وقد قيل: إنها الظهر" وسيأتي القائل بذلك في كلام الترمذي -رحمه الله تعالى-.

قال رحمه الله: "حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو داود الطيالسي وأبو النضر عن محمد بن طلحة بن مصرف عن زبيد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((صلاة الوسطى صلاة العصر)) " هذا الحديث مخرج في صحيح مسلم، ومع ثبوته مرفوعاً إلى النبي عليه الصلاة والسلام يتعين القول بأن الصلاة الوسطى هي العصر، ولا ينظر إلى غيره، وإن كان قائله من الصحابة ومن غيرهم من الأئمة، فالعبرة بما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يلتفت إلى أحد مع قوله كائناً من كان.

ص: 11

قال رحمه الله: "حدثنا هناد قال: حدثنا عبدة عن سعيد" هو ابن أبي عروبة، وإن قال الشارح المباركفوري أنه ابن المسيب، لكنه وهم في ذلك، وكتب الأطراف تدل على هذا أنه سعيد بن أبي عروبة، "عن قتادة عن الحسن" البصري، وقتادة بن دعامة السدوسي، عن الحسن البصري "عن سمرة بن جندب" الصحابي "عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:((صلاة الوسطى صلاة العصر)) " وهذا الحديث من رواية الحسن عن سمرة، وقد اختلف في رواية الحسن عن سمرة أهل العلم، فمنهم من يقول: إنه لم يسمع منه شيئاً، ومنهم من يقول: سمع منه مطلقاً كما سيأتي في كلام علي ابن المديني الذي نقله الترمذي بواسطة البخاري، ومنهم من يقول: إنه سمع منه حديث العقيقة فقط، وفي صحيح البخاري عن حبيب بن الشهيد قال: قال لي ابن سيرين: سل الحسن ممن سمع حديث العقيقة؟ فقال: سمعته من سمرة، وسيذكره الترمذي رحمه الله فيما بعد موصولاً عنده، وعند البخاري معلق، فدل على أنه سمع منه حديث العقيقة، وإذا ثبت سماعه لحديث واحد عند أهل العلم اطرد، لكن الحسن البصري -رحمه الله تعالى- مشكلته في التدليس كبيرة، فقد يقول: حدثنا فلان ويريد بذلك أنه حدث أهل البلد وهو فيهم، هذا مما يجعل أهل العلم يتوقفون في سماعه من سمرة وإن صرح بسماعه منه حديث العقيقة، ولذا أكثر أهل العلم على أن الحسن لم يسمع منه إلا هذا الحديث، والبخاري تبعاً لشيخه علي بن المديني فيما نقله عنه أنه سمع منه مطلقاً، وهذه هي الجادة أنه إذا سمع منه حديث يكفي، إذا ثبت سماعه له فإنه يثبت له سماعه في كل ما يصرح فيه بالسماع إذا كان مدلساً، وإذا انتفت تهمة التدليس عنه لا يلزم أن يصرح أيضاً، ولو أتى بصيغة عن.

"عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((صلاة الوسطى صلاة العصر)) " لأنها تقع بين صلاتين في النهار، وصلاتين في الليل، الصبح والظهر من صلوات النهار، والمغرب والعشاء من صلاة الليل، والعصر بينهما، وهذا الحديث رواه الإمام أحمد.

ص: 12

"قال أبو عيسى: وفي الباب عن علي" عند البخاري ومسلم "وعبد الله بن مسعود" الذي تقدم قبل هذا الحديث، "وزيد بن ثابت" سيأتي عند الترمذي في التفسير، ورواه أحمد وأبو داود، لكن قالا: هي الظهر، يعني ما جاء عن زيد بن ثابت أنها الظهر، وسيأتي في التفسير من جامع الترمذي أنها العصر، فيكون لزيد في المسألة قولان "وعائشة" عند مسلم وأبي داود والنسائي "وحفصة" عند مالك في الموطأ "وأبي هريرة" عند البيهقي، "وأبي هاشم بن عتبة" يقول المعلق: حديث أبي هاشم بن عتبة ذكره ابن حجر في الإصابة من طريق كهيل بن حرملة، قال: قدم أبو هريرة دمشق فنزل على أبي كلثوم الدوسي، فأتيناه فتذاكرنا الصلاة الوسطى فاختلفنا فيها، فقال أبو هريرة: اختلفنا فيها كما اختلفتم، ونحن بفناء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفينا الرجل الصالح أبو هاشم بن عتبة، فقام فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان جريئاً عليه، ثم خرج إلينا فأخبرنا أنها العصر، وذكره السيوطي في الدر المنثور بنحوه، ونسبه ابن حجر لأبي داود والترمذي والنسائي والبغوي والحاكم، والحاكم أبي أحمد، ونسبه السيوطي لابن سعد والبزار وابن جرير والطبراني والبغوي، قال أحمد شاكر: وقد بحثت عنه في أبي داود والترمذي والنسائي فلم أجده.

ويؤيد ذلك أن الحافظ الهيثمي ذكره في مجمع الزوائد، وقال: رواه الطبراني في الكبير والبزار، وقال: لا نعلم روى أبو هاشم بن عتبة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث وحديثاً آخر، قلت: ورجاله موثقون، فلو كان مروياً في أحد الكتب الستة كما زعم الحافظ ابن حجر لما ذكره الهيثمي في الزوائد؛ لأن مجمع الزوائد في زوائد المعاجم والمسانيد على الكتب الستة، فلو كان الحديث موجوداً في السنن كما قال أحمد شاكر لما أخرجه الهيثمي في الزوائد.

ص: 13

"قال أبو عيسى: قال محمد: قال علي بن عبد الله" محمد هو ابن إسماعيل البخاري، وعلي بن عبد الله هو شيخه علي بن المديني "حديث الحسن عن سمرة بن جندب حديث صحيح، وقد سمع منه"، "قال أبو عيسى: حديث سمرة في صلاة الوسطى حديث حسن" علي بن المديني يقول: صحيح، والترمذي يقول: حسن في هذا الموضع مع أنه صححه في كتاب التفسير، يعني خرجه في كتاب التفسير وصححه.

قال: "وهو قول أكثر العلماء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم" يقول النووي في المجموع: هو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة، يعني كون الصلاة الوسطى هي العصر هو الذي تقتضيه الأحاديث الصحيحة، وإليه ذهب أحمد وأبو حنيفة.

وقال الشوكاني في نيل الأوطار: هو المذهب الذي يتعين المصير إليه، ولا يرتاب في صحته، وعليه تدل النصوص الصحيحة الصريحة، يؤيد ذلك ما جاء في التشديد في صلاة العصر:((من فاتته العصر)) ((من ترك العصر)) ((من صلى البردين)) ((من حافظ على صلاة في أول النهار وصلاة في آخره)) .. إلى آخره، المقصود أن صلاة العصر لها شأن عظيم، مما يدل على عطفها على الصلاة عموماً {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصلاة الوسطى} [(238) سورة البقرة] وهي داخلة في الصلوات إلا أنها هذا من باب عطف الخاص على العام للعناية بشأن الخاص والاهتمام به.

"وقال زيد بن ثابت وعائشة: "صلاة الوسطى صلاة الظهر" ورواه عن زيد بن ثابت أحمد وأبو داود عنه.

"وقال ابن عباس وابن عمر: "صلاة الوسطى صلاة الصبح" صلاة الوسطى صلاة الصبح لأنها مثل العصر، بعد صلاتين ليلتين وقبل صلاتين نهاريتين، يعني كما قيل في صلاة العصر، وجاء فيها من النصوص نظير ما جاء في صلاة العصر، المقصود أن قول ابن عباس وابن عمر الصلاة الوسطى هي صلاة الصبح، وهو مذهب الشافعي ومالك، ومع ذلك لا يقاوم ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من أنها صلاة العصر.

ص: 14