الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد يجري الوصل مجرى الوقف والغالب منه في الشعر للضرورة الداعية إليه قال: 116 - لَمَّا رأَى أنْ لَادَعَه وَلَا شَبَعْ * مَالَ إلَى أَرْطَاةِ حِقْفٍ فَالْطَجَعْ (1) وربما جاء في غير الشعر نحو ثلاثه اربع وكذا جميع الاسماء المعددة تعديداً كما ذكرنا وذلك واجب فيها كما مر وقوله تعالى: (لَكِنَّا هُوَ الله رَبِّي) في قراءة ابن عامر وقوله تعالى (كتابيه) و (حسابيه) وصلاً كما في بعض القراءات وقوله تعالى: (أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ) بإثبات ألف (أنا)
المقصور والممدود
قال: (المقصور: ما آخره الف مفردة كَالْعَصَا والرَّحَى والْمَمْدُودُ مَا كَان بَعْدَهَا فيه هَمْزَة كالكِسَاءِ وَالرِّدَاءِ والْقِيَاسِيُّ مِنَ الْمَقْصُورِ ما يكونُ قَبْلَ آخِرِ نَظِيرِهِ مِنَ الصَّحِيحِ فَتْحَةٌ وَمِنَ الْمَمْدُودِ ما يكُونُ ما قَبْلَه ألِفاً فَالْمُعْتَلُّ اللَاّمِ مِنْ أسْمَاءِ الْمَفَاعِيلِ مِنْ غَيْرِ الثَّلَاثِيِّ الْمُجَرَّدِ مَقْصُورٌ كمُعْطًى ومُشْتَرًى
(1) هذا بيت من الرجز لمنظور بن مرثد الأسَدِي وقد استشهد به كثير من النحاة منهم الزمخشري وابن جنى وابن هشام والمرادي وقبله: يَا رُبَّ أبَّازٍ مِنَ الْعَفرِ صَدَعْ * تَقَّبَّضَ الذِّئْبُ إلَيْهِ وَاجْتَمَعْ والاباز: العداء وفعله ابن من باب ضرب تقول: ابن الظبى يأبن إذا عدا والعفر: جمع اعفر وهو الاببض الذى ليس بشديد البياض.
والصدع: الخفيف اللحم.
وتقبض: انزوى وانضم.
والدعة: خفض العيش والتاء فيه بدل من الفاء الذاهبة في اوله.
والارطاة: واحدة الارطى وهو شجر من شجر الرمل.
والحقف - بكسر الحاء وسكون القاف -: التل المعوج.
والطجع: اصله اضطجع فأبدل الضاد لا ما ويروى (فاطجع) بابدال الضاد طاء ويروى (فاضجع) بابدال الطاء ضادا ويروى (فاضطجع) بابدال الضاد طاء ويروى (فاضجع) بابدال الطاء ضادا ويروى (فاضطجع) على الاصل.
والاستشهاد بالبيت في قوله (الادعه) حيث ابدل التاء هاء في الوصل إجراء له مجرى الوقف.
(*)
لأَنَّ نَظَائِرَهُمَا مُكْرَمٌ وَمُشْتَرَكٌ وَأَسْمَاءِ الزَّمَانِ وَالْمَكَانِ والمصدر مما قياسه مفعل ومفعل كمَغْزًى ومُلهًى لأَنَّ نَظَائِرَهُمَا مَقْتَلٌ وَمُخْرَجٌ وَالْمَصْدَرُ مِنْ فَعِلَ فَهْوَ أفْعَلُ أوْ فَعْلَانُ أوْ فِعْلٌ كالْعَشَى وَالطَّوَى وَالصَّدَى لأن نَظَائِرَهَا
الحول وَالْعَطَشُ والْفَزَعُ وَالْغَرَاءُ شَاذٌّ والأَصْمَعِيُّ يَقْصُرُهُ وجَمْعِ فُعْلَة وَفِعْلَة كَعُرًى وَجِزًى لأنَّ نَظَائِرَهَمَا قُرَبٌ وَقِرَبٌ) أقول: قوله (ألف مفردة) احتراز عن الممدودة لأنها في الأصل ألفان قلبت الثانية همزة ولا حاجة إلى هذا فإن آخر قولك كساء وحمراء ليس ألفاً بلى قد كان ذلك في الأصل ولو نظر إلى الأصل لم يكن نحو الفتى والعصا مقصوراً.
قوله (بعدها فيه) أي: بعد الألف في الآخر فتخلو الصلة عن العائد الى الموصول وإن قلنا إن الضمير في (فيه) لم فسد الحد بنحو جاء وجائية والأولى أن يقال: الممدود ما كان آخره همزة بعد الألف الزائدة لأن نحو مَاءٍ وشاءٍ لا يسمى في الاصطلاح ممدوداً والمقصور القياسي: مقصور يكون له وزن قياسي كما تقول مثلاً: ان كل اسم مفعول من باب الإفعال على وزن مُفْعَل فهذا وزن قياسي فإذا كان اللام حرف علة - أعني الواو والياء - انقلبت ألفاً قوله (ومن الممدود) يعني أن القياسي من الممدود أن يكون ما قبله: أي ما قبل آخر نظيره من الصحيح ألفاً والأولى أن يقال: الممدود القياسي ممدود يكون له وزن قياسي فإذا عرفنا المقصور والممدود اولا كفى في حد المقصور والممدود القياسيين أن نقول: هما مقصور وممدود لهما وزن قياسي والحدان اللذان ذكرهما المصنف لا يدخل فيهما نحو الْكُبْرَى تأنيث الأكبر وحمراء تأنيث الأحمر مع أنهما قياسيان لأن كل مؤنث لأفعل التفضيل مقصور وكل مؤنث لأفعل الذي للألوان والْحُلَى ممدود
والاولى في تسمية المقصورا انه لكونه لامد في آخره وذلك لأنه في مقابلة الممدود يقال: يجوز في الشعر قصر الممدود: أي الإتيان بالألف فقط
وقال بعضهم: سمي مقصوراً لكونه محبوساً ممنوعاً من الحركات من قولهم: (قصرته) أي حبسته ولا يسمى بالمقصور والممدود في الاصطلاح إلا الاسم المتمكن فلا يقال: ان حبسته ولا يسمى بالمقصور والممدود في الاصطلاح إلا الاسم المتمكن فلا يقال: إن إذا ومتى وما ولا مقصورة وأما قولهم: هؤلاء مقصوراً أو ممدوداً فَتَجَوَّز وفصد للفرق بين لغتي هذه اللفظة قوله (من غير الثلاثي المجرد) فمن أفْعَلَ نحو مُعْطًى ومن فَعَّل نحو: مُسَمَّى ومن فاعل نحو مُرَامًى ومن افتعل نحو مشترى ومن انفعل نحو منجلى عنه ومن استفعل نحو مستدعى ومن تفعل نحو مُتَسَلًّى عَنْهُ ومن تفاعل نحو مُتَقَاضًى منه ومن افْعلَّ وافعال مرعوى عنه ومحو اوى له ومن فعلل مُقَوْقًى فيه وكذا كل موضع وزمان من فَعْلَى وافعنلى كسَلْقَى (1) واغْرَنْدَى (2) قوله (وأسماء الزمان والمكان والمصدر) يعني من المعتل اللام وكذا كل ما يذكر بعده من قياسات المقصور والممدود فالزمان والمكان والمصدر من ناقص الثلاثي المجرد مَفْعَل بفتح العين سواء كان من يَفْعُل أو يفعل أو يفْعَلُ كما مر في أسماء الزمان والمكان وأما من غير الثلاثي المجرد فالثلاثة على وزن مفعوله كما مضى في الباب المذكور سواء كان المفعول مُفْعَلاً أو مُفْتَعَلاً أو مستفعلا أو غير ذلك ولم يذكر المصنف إلا مُفْعَلاً قوله (والمصدر من فَعِلَ) أي المصدر المعتل اللام وليس كل مصدر من فَعِلَ الناقص الذي نعته على أحد الثلاثة الأوجه بمقصور ألا ترى إلى قولهم خَزِي يَخْزَى خِزْياً فهو خَزْيَان وَرَوِي يَرْوَى ريا فهو رَيَّان بل يجب أن
(1) انظر (ح 1 ص 55 و 68)(2) انظر (ح 1 ص 113)(*)
يكون مقصوراً إذا كان مفتوح الفاء والعين وإنما شرط أن يكون النعت من المصدر المقصور على الأوزان المذكورة احترازاً عن نحو فَنِيَ يَفْنَى فَنَاء قوله (والْغَرَاءُ شاذ) حكى سيبويه غَرِيَ يَغْرَى (1) غَرَاء وَظَمِيَ يَظْمَى ظماء وقال الأصمعي: هو غَرًى على القياس قوله: (جمع فُعْلَة وَفِعْلَة) أي: إذا كان معتل اللام وذلك لما ذكرنا أن جمع فُعْلَة فُعَل وجمع فِعْلة فِعَل.
ومن المقصور القياسي: كل مؤنث لأفعل التفضيل وكل مؤنث بغير هاء لفَعْلَان الصفة وكل جمع لفعيل بمعنى مفعول إذا تضمن معنى البلاء والآفة وكل مذكر لفعلاء المعتل لامه من الألوان والحِلى والخلق كأحْوَى وحَوَّاء وكل مؤنث بالألف من أنواع المشي كالْقَهْقَرَى (2) والْخَوْزَلَى (3) والْبَشَكَى (4) والْمَرَطى (5) وكل ما يدل على مبالغة المصدر من المكسور فاؤه المشدد عينه
(1) تقول: غرى بالشئ يغرى - كفرح يفرح - غرى وغراء إذا اولع به كما تقول: اغرى به بالبناء للمجهول والذى ذهب إليه المصنف من أو الغراء - بالفتح والمد - مصدر غرى هو ظاهر عبارة سيبويه وهو ما حكاه ابن عصفور وغيره وقد جزم صاحب الصحاح بنه اسم مصدر وليس بمصدر وعلى هذا يكون من الممدود السماعي كالغراء - بالكسر والمد الذى يلصق به الشئ.
(2)
القهقرى: الرجوع الى خلف ومثله القهقرة بالتاء (3) الخوزلى: مشية فيها تثاقل وتبختر كالخيزل والخيزلى قال المتنبي: الا كل ماشية الهيدبا * فدا كل ماشية الخوزلى (4) البشكى: خفة المشى يقال: ناقة بشكى إذا كانت خفيفة المشى كانه من الوصف بالمصدر (5) المرطى: الاسراغ في المشى يقال: مرط يمرط - كنصر ينصر - مرطا
ومروطا ومرطى إذا اسرع (*)
كالرميا (1) ، والخليفى (2)، وروى الكسائي المدفى الخِصَّيصى (3) كما مر في باب المصدر ومما الغالب فيه القصر كل مفرد معتل اللام يجمع على أفعال: كنَدًى وأنداء وقَفاً وأقفاء وجاء غُثاء (4) وأغثاء وروي قَفَاء بالمد مع أن جمعه أقفاء قال: (وَنَحْوُ الإِعْطَاءِ وَالرِّمَاءِ وَالاِشْتِرَاءِ وَالاِحْبِنْطَاء مَمْدُودٌ لأنَّ نَظَائِرَهَا الإِكْرَامُ وَالطِّلَابُ والافتتاح والاحر بحام وأسماء الأصوات المضموم أولها كالعواء والثغاء (5) لأن نظائرهما النباح حِمَارٌ وَقَذَالٌ وأنْدِيَةٌ شاذ والسَّمَاعِيُّ نَحْوُ: الْعَصَا وَالرَّحَى وَالْخَفَاءِ وَالأَبَاءِ (7) مِمَّا لَيْسَ لَهُ نَظِيرٌ يُحْمَلُ عليه)
(1) الرميا: انظر (ح 1 ص 168)(2) الخليفى: انظر (ح 1 ص 168)(3) الخصيصى: مصدر خصه بالشئ يخصه خصا وخصوصا وخصوصية وخصوصية - بفتح الخاء أو ضمها - وخصيصى إذا افرده به دون غيره.
وانظر (ح 1 ص 168)(4) الغثاء: ما يحمله السيل من الزبد والوسخ وغيره والغثاء بالتشديد - مثله وهما ايضا الهالك البالى من ورق الشجر وفى التنزيل (والذى اخرج المرعى فجعله غثاء احوى)(5) العواء: صوت الكلب والذئب.
والثغاء: صوت الغنم والظباء (6) القباء - بالفتح والمد -: نوع من الثياب (7) الاباء - بفتح الهمزة -: اسم جنس جمعى واحدته اباءة - كعباءة - وهو
القصب.
وقد وقع في بعض النسخ (الاناء) بالنون في مكان الاباء وهو خطأ فان الاناء ممدود قياسي لان جمعه آنية - كقذال واقذلة - فيكون نظير كساء واكسية وقباء واقبية (*)
أقول: قوله (ونحو الإعطاء والرِّمَاء) يعني كل مصدر لأفعل وفاعل ناقص غير مُصَدَّر بميم زائدة احترازاً عن نحو المُعْطَى والْمُرَامَى وكل مصدر لافتعل وانفعل واستفعل وافعلَّ وافعالَّ ناقص فهو ممدود كالإعطاء والرماء والاشتراء والانجلاء والاستلقاء والارْعِوَاء والاحْوِيواء وكذا كل مصدر معتل اللام لفعلل على غير فَعْلَلَة نحو: قوقي قِيقَاء وكل مصدر لافعنلى كاحْبَنْطَى وكذا كل صوت معتل اللام مضموم الفاء احترازاً عن نحو الدَّوِيّ وقد ذكرنا في المصادر أن الأصوات على فُعَال أو فَعيل وكذا كل مفرد لأفْعِلة معتل اللام مفتوح الفاء والعين احترازاً عن نحو نَدِيّ وأندية وشذ رَحىً وأرْحِية وقفا المقصور وأقفية وأما قفاء بالمد وأقفية فقياس وشذ أيضاً نَدًى وأندية قال: 117 - فِي لَيْلَةٍ من جمادى ذات أندية لا يُبْصِرُ الْكَلْبُ مِنْ ظَلْمَائِهَا الطُّنُبَا (1)
(1) هذا بيت من بحر البسيط من قصيدة لِمُرَّة بن مِحْكَان وهو من شعراء الحماسة وقد اختار أبو تمام منها ابياتا في باب الاضياف والمديح وقبل البيت الشاهد قوله: يَا رَبَّةَ الْبَيْتِ قُوْمِي غَيْرَ صَاغِرَةٍ * ضُمِّي إلَيْكِ رحَالَ الْقَوْمِ والقربا وبعده بيت الشاهد وبعده قوله لَا يَنْبَحُ الْكَلْبُ فِيهَا غَيْرَ واحِدَةٍ * حَتَّى يلف على خرطمه الذنبا ربة البيت: المراد منها امرأته وقوله (غير صاغرة) اراد غير مستهان بك
وذلك لان اكرام الضيف عنده من اقدس الواجبات والرحال: جمع رحل يريد به متاع الضيفان.
والقرب: جمع قراب مثل كتاب وكتب وهو جفن السيف وانما امرها ان تضم إليها قرب سيوفهم لانهم إذا نزلوا عنده امنوا ان يصيبهم مكروه وقوله (في ليلة من جمادى) اراد في ليلة من ليالي الشتاء وذلك لان الشتاء عندهم زمان الجدب والحاجة والاندية: جمع ندى والندى: البلل.
وقيل ما سقط آخر الليل والطنب: الحبل الذى تشد به الخيمة.
والاستشهاد بالبيت في قوله (اندية) = (*)
وكذا كل مؤنث بغير التاء لافعل الذي للألوان والحلى كأحمر وحمراء قوله (مما ليس له نظير) أي: من ناقص ليس له نظير من الصحيح والحق أن يقال: مما ليس له ضابط ليدخل فيه نحو الْقَرَنبَى (1) والْكُمَّثْرَى والسِّيَرَاء (2) والْخُشَّاء (3) ونحوها (ذو الزيادة) قال: (ذو الزِّيَادَة: حُرُوفُهَا الْيَوْمَ تَنْسَاهُ أوْ سَأَلْتُمُونِيهَا أو السِّمَانَ هَوِيتُ: أي الَّتِي لَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ لِغَيْرِ الإِلْحَاقِ والتَّضْعِيفِ إلَاّ مِنْهَا وَمَعْنَى الإِلْحَاقِ أنَّهَا إنَّمَا زِيْدَتْ لِغَرَضِ جَعْلِ مِثَالٍ عَلَى مِثَالٍ أزْيَدَ مِنْهُ ليعامل معاملته فنحو قَرْدَدٍ مُلْحَقٌ وَنَحْوُ مَقْتَلٍ غَيْرُ مُلْحَقٍ لِمَا ثَبَتَ مِنْ قِيَاسِهَا لِغَيْرِهِ وَنَحْوُ أفْعَلَ وَفَعَّلَ وَفَاعَلَ كذلك لذلك ولمجئ مَصَادِرِهَا مُخَالِفَةً وَلَا يَقَعُ الأَلِفُ لِلإِلْحَاقِ فِي الاسْمِ حَشْواً لِمَا يلزم من تحريكها)
= حيث جمع ندى عليه وذلك شاذ لان أفعله جمع للممدود لا للمقصور ومن الناس من قال: الاندية جمع نداء - بكسر النون - وهو جمع ندى فيكون اندية جمع الجمع وحينئذ يكون قياسا (1) القرنبى: دويبة شبه الخنفساء أو أعظم منها قليلا طويلة الرجال قال جرير:
ترى التيمى يزحف كالقرنبى * إلى تيمية كعصا المليل وفى المثل (القرنبى في عين امها حسنة) .
والمليل: الخبز الذى يخبز في الملة وهى الرماد الحار ويريد من عصا المليل العصا التى يحرك بها الخبز (2) السيراء - بكسر السين وفتح الياء ممدودا وبقصر -: ضرب من البرود وصرب من النبت والجريدة من جرائد النخل (3) الخشاء - بضم الخاء وتشديد الشين ممدودا والخششاء - بضم الخاء والشين الاولى -: العظم الدقيق العارى من الشعر الناتئ خلف الاذن والخشاء - بفتح الخاء وتشديد الشين - الارض التى فيها رمل فقول المؤلف (والخشاء) يحتمل ان يكون بضم الخاء وفتحها (*)
أقول: قيل: سأل تلميذ شيخَه عن حروف الزيادة فقال: سألتمونيها فظن أنه لم يجبه إحالة على ما أجابهم به قبل هذا فقال: ما سألتك إلا هذه النوبة فقال الشيخ: اليوم تنساه فقال: والله لا أنساه فقال: قد أجبتك يا أحمق مرتين وقيل: إن المبرد سأل المازني عنها فأنشد المازني: هَوِيتُ السِّمَانَ فَشَيَّبْنَنِي * وَقَدْ كُنْتُ قِدْماً هَوِيتُ السِّمَانَا فقال: أنا أسألك عن حروف الزيادة وأنت تنشدني الشعر فقال: قد أجبتك مرتين وقد جمع ابن خروف منها نَيِّفاً وعشرين تركيباً محكيًّا وغير محكي قال: وأحسنها لفظاً ومعنى قوله سَأَلْتُ الْحُرُوفَ الزَّائِدَاتِ عَنِ اسْمَهَا فَقَالَتْ وَلَمْ تَبْخَلْ: أمَانٌ وَتَسْهِيلُ وقيل: هم يتساءلون وما سألتَ يهون والْتَمَسْنَ هواي وسألتم هواني
وغير ذلك قوله (أي التي لا تكون الزيادة ألخ) يعني ليس معنى كونها حروف الزيادة أنها لا تكون إلا زائدة إذ ما منها حرف إلا ويكون أصلاً في كثير من المواضع بل المعنى أنه إذا زيد حرف على الكلمة لا يكون ذلك المزيد إلا من هذه الحروف إلا أن يكون المزيد تضعيفاً سواء كان التضعيف للإلحاق أو لغيره كقردد (1) وعبَّرَ فإن الدال والباء ليستا منها فالحرف المضعف به - مع زيادته - يكون من جميع حروف الهجاء: من حروف الزيادة كعلّم وجمَّع ومن غيرها كقطع وسرح وقد يكون ذلك التضعيف الزائد للالحاق كقردد (1) وجلبب ولغيره كعلَّم والذي للإلحاق لا للتضعيف لا يكون إلا من حروف
(1) انظر (ح 1 ص 13)(*)
اليوم تنساه كجدْوَلٍ وَزُرْقُم (1) وَعَنْسَلٍ (2) فلا وجه لقول المصنف (لغير الإلحاق والتضعيف) فإنه يوهم أن يكون الإلحاق بغير التضعيف من غير هذه الحروف وكان يكفي أن يقول: لا تكون الزيادة بغير التضعيف إلا منها فأما الزيادة بالتضعيف سواء كان التضعيف للإلحاق أو لغيره فقد تكون منها وقد لا تكون قوله (ومعنى الإلحاق إلخ) قد تقدم لنا في أبنية الخماسي بيان حقيقة الإلحاق والغرض منه قوله (ونحو مقتل غير ملحق) قد ذكرنا هناك أن ما اطرد زيادته لمعنى لا يجعل زيادته للإلحاق ولو كان نحو مَقْتَلٍ للإلحاق لم يدغم نحو مَرَدّ ومَشَدّ كما لم يدغم نحو أَلَنْدَدٍ وَمَهْدَدٍ (3) قوله (لما ثبت من قياسها لغيره) أي: من قياس زيادة الميم في مثل هذه
المواضع لغير الإلحاق قوله (كذلك لذلك) أي: ليست للإلحاق لكون الزيادة لمعنى غير الإلحاق قوله (ولمجئ مصادرها مخالفة) أما كون إفْعَالٍ وفِعَال وفِيعَال كد حراج فليس بدليل على الإلحاق لأن مخالفة الشئ للشئ في بعض التصرفات تكفي في الدلالة على عدم إلحاقه به ولأن فِعْلالاً في الرباعي ليس بمطرد كما مر في باب المصادر ولو كان أفْعَل وفَاعَل ملحقين بد حرج لم يدغم نحو أعَدَّ وحادّ قوله (ولا يقع الألف للإلحاق في الاسم حشواً) إنما قال: في الاسم احترازا
(1) انظر (ص 252 و 334 من هذا الجزء)(2) انظر (ح 1 ص 59)(3) انظر في كلمة (الندد) ح 1 ص 53 و 252) وفى كلمة (مهدد)(ح 1 ص 14)(*)
عن تفاعل فإنه عنده ملحق بثفعلل كما ذكر قبل وهو ممنوع كما ذكرنا لكون الزيادة مطردة في معنى أعني لكون الفعل بين أكثر من واحد ولثبوت الإدغام في نحو تسارّا وتمادّا قوله (لما يلزم من تحريكها) مضى شرحه في أول الكتاب (1) قال: (وَيُعْرَفُ الزَّائِدُ بالاشْتِقَاقِ وَعَدَم النَّظِيرِ وَغَلَبَةِ الزِّيَادَةِ فِيهِ وَالتَّرْجِيحُ عِنْدَ التَّعَارُضِ وَالاشْتِقَاقُ الْمُحَقَّقُ مُقَدَّمٌ فلذلك حكم بثلاثية (ادلة الزيادة) عنسل وشامل وشمال ولئدل وَرَعْشَنٍ وَفِرْسَنٍ وَبِلَغْنٍ وَحُطَائِطٍ وَدُلَامِصٍ وَقُمَارِصٍ وَهِرْمَاسٍ وزرقم وقنعاس وفرناس وَتَرْنَمُوتٍ) أقول: العَنْسل: الناقة السريعة مشتق من العَسَلان وهو السرعة وقال
بعضهم: هو كَزَيْدَل من الْعَنْس وهو بعيد لمخالفة معنى عنسل معنى عَنْس وهي الناقة الصلبة ولقلة زيادة اللام الشأمَلُ والشَّمَل والشَّمأل بمعنى الشَّمال يقال: شَمَلَتِ الريح: أي هبت شمالاً.
النِّئْدِلُ - بكسر النون والدال وسكون الهمز - والنَّيْدَلَان بفتحهما مع الياء والنَّيْدُلَان بضم العين: الكابوس من النَّدْل وهو الاختلاس كأنه يندل الشخص: أي يختلسه ويأخذه بغتة والهمزة في نِئْدِل زائدة لكونه بمعنى النَّيْدَلان والياء فيه زائدة لكونها مع ثلاثة أصول الرَّعْشَنُ كجعفر: بمعنى المرتعش الفِرْسِنُ: مقدم خف البعير لأنه يفرس: أي يدق البِلَغْن: البلاغة.
الْحُطَائِط: الصغير كأنه حط عن مرتبة العظيم
(1) انظر (ح 1 ص 57)(*)
الدلامص: الدرع البراقة اللينة بمعنى الدَّليص والدِّلاص وقد دَلَصَتِ الدرع: أي لانت الْقُمَارِص: بمعنى القارص الهِرْمَاسُ والفِرْنَاس: الأسد الشديد من الْهَرْس والْفَرْس الزرقم: الأزرق القِنْعَاس: البعير العظيم من الْقَعَس وهو الثبات يقال: عزة قَعْسَاء: أي ثابتة لأن العظيم يثبت ويقل بَرَاحه والْقَعُوس: الشيخ الكبير الهرم التَّرْنَمُوت: تَرَنُّم القوس عند النزع قال
118 -
تُجَاوِبُ الْقَوْسَ بِتَرْنُمُوتِهَا (1)(الاشتقاق من أدلة الزيادة) فقد عرفنا زيادة الأحرف بالاشتقاق المحقق: أي الظاهر القريب على ما ذكرنا في كل واحد ونعني بالاشتقاق كونَ إحدى الكلمتين مأخوذة من الأخرى أو كونهما مأخوذتين من أصل واحد ولم يعرف زيادتها بغلبة
(1) هذا بيت من الرجز المشطور وهو مع بيتين آخرين شريانة ترزم من عنتوتها * تجاوب القوس بِتَرْنَمُوتِهَا * تَسْتَخْرِجُ الْحَبَّةَ مِنْ تَابُوتِهَا * والشريانة - بكسر الشين فتحها -: شجر تتخذ منه القسى وهو من جيد العيدان يزعمون ان عوده لا يكاد يعوج.
وترزم: مضارع من قولك: ارزمت الناقة ارزاما إذا انت وصوتت من غير ان تفتح فاها والعنتوت: الحز في القوس وتجاوب مصدر تشبيهي نصب على انه مفعول مطلق ويروى (تجاوب) بصيغة المضارع والترنموت: الترنم والمراد من الحبة سويداء القلب وجعل القلب تابوتها كما قيل: القلب تابوت الحكمة.
والاستشهاد بالبيت في قوله (ترنموتها) ومعناه الترنم وهذا الاشتقاق يدل على زيادة التاء في آخرها كما يستدل على زيادة التاء في ملكوت وجبروت ورهبوت ورحموت وطاغوت بالملك والجبر والرهبة والرحمة والطغيان.
(*)
الزيادة لأنها ليست من الغوالب في مواضعها المذكورة على ما يجئ ولا بعدم النظير لأن تقدير أصالة الحروف المذكورة لا يوجب ارتكاب وزن نادر فلما ثبت الاشتقاق المحقق لم ينظر إلى غلبة الزيادة وعدم النظير وحكمنا بالاشتقاق قال: (وكَانَ ألَنْدَدٌ أفَنْعَلاً ومعد فعلا لمجئ تَمَعْدَدَ وَلَمْ يُعْتَدَّ
بِتَمَسْكَنَ وَتَمَدْرَعَ وَتَمَنْدَلَ لِوُضُوحِ شُذُوذِهِ وَمَرَاجِلُ فَعَالِلَ لِقَوْلِهِمْ: ثَوْبٌ مُمَرْجَلٌ وضَهْيأٌ فَعْلأً لمجئ ضهياء وفينان فيعالا لمجئ فنن وجرائض فعائلا لمجئ جرواض ومعزى فعلى لِقَوْلِهِمْ مَعْز وَسَنْبَتَةٌ فَعْلَتَةَ لِقَوْلِهِمْ سَنْبٌ وَبُلَهْنِيَة فُعَلْنِيَة مِنْ قَوْلِهِمْ عَيْشٌ أَبْلَهُ وَالْعِرَضْنَةُ فِعَلْنَةَ لأَنَّهُ من الاعتراض واول افعل لمجئ الأَوْلَى وَالأُوَلِ والصَّحِيحُ أنَّهُ مِنْ وول لا من وأل ولا من أول وإنْقَحْلٌ إنْفَعْلاً لأَنَّهُ مِنْ قَحِلَ: أيْ يَبِسَ وأفْعُوَانُ أُفْعُلَاناً لمجئ أفْعًى وَإضْحِيَانٌ إفْعِلَان مِنَ الضُّحَى وَخَنْفَقِيقٌ فَنْعَلِيلاً مِنْ خَفَقَ وَعَفَرْنًى فَعَلْنًى مِنَ الْعَفَرِ) أقول: إنما كان الندد افنعلا لأن ألَنْدَدا ويَلَنْدَدا بمعنى الألدّ وهن مشتقات من اللدَدِ وهو شدة الخصومة ولولا ذلك لقلنا: إن فيه ثلاثة أحرف غالبة زيادتها في مواضعها: الهمزة في الأول مع ثلاثة أصول والنون الثالثة الساكنة والتضعيف فلنا أن نحكم بزيادة اثنين منها: إما الهمزة والنون فهو من لدد وإما النون وأحد الدالين فهو من ألد وإما الهمزة وإحدى الدالين فهو من لند لكنا اخترنا الوجه الأول لما ذكرنا من الاشتقاق الواضح قوله (مَعَدٌّ فَعَلاًّ) هذا مذهب سيبويه واستدل بقول عمر رضي الله تعالى عنه: اخْشَوْشِنُوا وَتَمَعْدَدُوا: أي تشهوا بمعد وهو معد بن عدنان
أبو العرب: أي دعوا التنعم وزي العجم كما ورد في حديث آخر (عليكم باللبسة المَعَدِّية) وقيل: معناه كونوا غلاظاً في أنفسكم بحيث لا يطمع أحد فيكم قال 119 - * رَبَّيْتُهُ حَتَّى إِذَا تَمَعْدَدَا (1) *
أي: غلظ قال سيبويه: لو لم يكن الميم أصلياً لكان تمعدد تمفعل ولم يجئ في كلامهم وخولف سيبويه فقيل: معد مفعل لأنه كثير وَفَعَلٌّ في غاية القلة كالشَّرَبة في اسم موضع والْهَبَيِّ الصغير والْجَرَبَّة العانة من الحمير وأما قوله تمفعل لم يثبت فممنوع لقولهم: تَمَسْكَنَ وَتَمَنْدَلَ وَتَمَدْرَعَ وَتَمَغْفَرَ وهي تمفعل بلا خلاف فكما توهموا في مسكين ومنديل أنهما فِعْلِيل وفي مِدْرَعَة أنها فِعْلَلَة وفي مُغْفُور أنه فُعْلُول للزوم الميم في أوائلها كذلك توهموا في معد أنه فَعَلّ فقيل: تمندل وتمسكن وتدرع وتمغفر [وتمعدد] على أنها تفعلل كتدحرج وهذا كما توهموا أصالة ميم مسيل فجمعوه على مُسْلَان كما جمع قَفيز على قُفْزَان ولو سلم أنهم لم يتوهموا ذلك وبنوا تمدرع وأخواته على أنها تمفعل قلنا: فَعَلٌّ غريب غرابة تمفعل
(1) هذا بيت من الرجز المشطور وهو للعجاج وبعده: وآض نهدا كالحصان اجردا * كَانَ جَزَائِي بالعصا أنْ أجْلَدَا وتمعدد: اراد اشتدو قوى.
وآض: صار.
والنهد: العالي المرتفع.
والاجرد: القصير الشعر.
والاستشهاد بالبيت في قوله (تمعددا) إذ هو على وزان تفعلل لقلة تمفعل فتكون الميم اصلا وإذا كان كذلك كان معد فعلا.
قال ابن جنى: (تمعدد من لفظ معد بن عدنان وانما كان منه لان معنى تمعدد تكلم بكلام معد: أي كبر وخطب هكذا قال أبو على ومنه قول عمر (اخشوشنوا وتمعددوا) وقال احمد ابن يحيى: تمعددوا: أي كونوا على خلق معد) اه (*)
فبجعل مَعَدّ فَعَلاًّ يلزم ارتكاب الوزن الغريب كما يلزم بجعله مَفْعَلاً ارتكاب تمفعل الغريب فلا يترجح أحدهما على الآخر فالأولى تجويز الأمرين
ولسيبويه أن يرجح كونه فَعَلاًّ بكون تمدرع وتمسكن وتمندل وتمغفر قليلة الاستعمال رديئة والمشهور الفصيح تَدَرَّع وتسكن وتندل وتغفر بخلاف شَرَبَّة وَجَرَبَّة وَهَبَيٍّ فإنها لَيْسَتْ برديئة قوله (وَمَراجل فَعَالل) كان ينبغي نظراً إلى غلبة الزيادة أن يحكم بزيادة الميم لكونه في الأول وبعده ثلاثة أصول لكن سيبويه حكم بأصالتها لقول العجَّاج 120 - * بِشِيَةٍ كَشِيَةِ الممرجل (1) *
(1) هذا بيت من الرجز المشطور من ارجوزة طويلة للعجاج يمدح فيها يزيد ابن معاوية واولها: ما بال جارى دمعك المهلل * والشوق شاج للعيون الحذل وقبل بيت الشاهد قوله: تبدلت عين النعاج الخذل * وكل براق الشوى مسرول وانظر اراجيز العجاج (ص 45 طبع لبزج) .
والاستشهاد بالبيت على أن ميم الممرجل أصلية وهو مفعلل فالميم الاولى زائدة للدلالة على المفعول والميم الثانية فاء الكلمة لانها لو كانت زائدة لكان وزن ممرجل ممفعلا وهو مما لا وجود له في كلامهم وهذا مذهب سيبويه في هذه الكلمة وذهب غيره الى ان الممرجل ممفعل وميماه زائدتان ولم يبال بعدم النظير محتجا بانهما كذلك في نحو ممدرع فقد قالوا: تمدرعت الجارية إذا لبست المدرع وهو ضرب من الثياب كالدرع ولكن لما كثر استعمال المدرع والمدرعة ظن ان ميمهما اصلية فاشتقوا منه على ذلك هذا ومذهب سيبويه اولى ان يؤخذ به لان مفعللا كثير وممفعلا لا وجود له الا في الشذوذ.
(ج 2 - 22)(*)
والْمُمَرْجَل: الثوب الذي فيه نقوش على صور الْمَرَاجِل كالْمُرَجَّلِ: أي الذي فيه كصور الرجال قال 121 - * عَلَى إثْرِنَا أذْيَالَ مِرْطٍ مُرَجَّلٍ (1) * ولا يبعد أن يقال: إن الْمِرْجَلَ مِفْعَل (2) ولزوم الميم أوهم أصالتها كما في مسكين فقيل: مُمَرْجَلٌ كما قيل: مُمَسْكَنٌ وأيضاً إنما قال ممرجل خوف اللبس إذ لو قال مرجل لم يعرف اشتقاقه من الْمِرْجَل قوله (ضَهْيَأ فَعْلأَ) هذا مذهب سيبويه وقال الزجاج: هو فَعْيَل لا فعلأ من قولهم: ضاهات بمعنى ضاهيت وقرئ (يضاهئون)(3) و (يضاهون)
(1) هذا عجز بيت لا مرئ القيس من قصيدته المعلقة وصدره قوله: * فَقُمْتُ بِهَا أمْشِي تَجُرُّ وَرَاءَنَا * والرواية المشهورة في عجز البيت على غير ما ذكر المؤلف ففى رواية الزوزنى والاعلم: * على اثرينا ذيل مرط مرحل * وذكر التبريزي الروايتين جميعا وصدر البيت الذى انشدناه مما يستشهد به النحاة على تعدد الحال لمتعدد.
والمرط - بكسر الميم وسكون الراء -: الازار المعلم من الخز والمرحل - بالحاء المهملة -: الذى فيه صور الرحال والاستشاد بالبيت في كلام المؤلف هنا على ان المرجل - بالجيم - الذى فيه صور كصور الرجال وذلك يدل على انه مفعل كمعظم ومكرم فالميم زائدة واصول الكلمة (ر ج ل)(2) المرجل - كمنبر -: المشط والقدر من الحجارة والنحاس وقيل: من النحاس خاصة وقيل: كل ما طبخ فيه (3) هذه كلمة من آية كريمة في سورة التوبة وهى قوله تعالى: (وقالت اليهود
عزير ابن الله وقالت النصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بافواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله انى يؤفكون) (*)
قال: ولم يجئُ في الكلام فَعْيَل إلا هذا وقولهم ضَهْيَد (1) مصنوع والضِّهْيَأ: التي لا تحيض فإنها تضاهي الرجال وكذلك قيل للرملة التي لا تنبت وفَعْلأ وفَعْيَل كلاهما نادران لكن يترجح مذهب سيبويه لشيئين: احدهما ان ضاهيت بالباء أشهر من ضاهأت والثاني أن ضهيأ.
وهو فعلاء بلا خلاف لكونه غير منصرف فالهمزة فيه زائدة وكذا الأول الذي بمعناه قوله (فَيْنَان) يقال: رجل فَيْنَان: أي حسن الشعر طويله وهو منصرف وفيه غالبان في الزيادة غير الألف فإنه لا كلام مع إمكان ثلاثة أصول غيره في زيادته: أحدهما النون إما لأنه تضعيف مع ثلاثة أصول وإما لكون الالف والنون في الآخر مع ثلاثة أصول والثاني الياء مع ثلاثة أصول والواجب الحكم بزيادة الياء بشهادة الاشتقاق لأن الفنن الغصن والشعر كالغصن فقد رجحت بالاشتقاق زيادة الياء وقال الجوهري: هو فَعْلان من الْفَيْن (2) وهو مدفوع بما ذكرناه قوله (وجُرَائض) لو عملنا بالغلبة أو عدم النظير لم نحكم بزيادة الهمزة لأن الهمزة غير أول فلا تكون زيادته غالبة وفُعَالِل موجود كعلا بط لكن جرواضا بمعنى جُرَائض وهو العظيم الضخم من الإبل وليس في جرواض همز فيكون ايضاً همز جرائض زائداً وهما من تركيب جَرِض بريقه: أي غَصَّ [به] لأن الْغَصَص ممّا ينتفخ له
(1) الضهيد: الصلب الشديد (2) قال الجوهرى: (ورجل فينان الشعر: أي حسن الشعر طويله وهو
فعلان) اه.
وقال في اللسان: (وان اخذت قولهم: شعر فينان من الفنن - وهو الغصن - صرفته في حالى النكرة والمعرفة وان اخذته من الفينة - وهو الوقت من الزمان - الحقته بباب فعلان وفعلانة فصرفته في النكرة ولم تصرفه في المعرفة ورجل فينان: حسن الشعر طويله وهو فعلان وانشد ابن برى للعجاج: * إذ انا فينان اناغى الكعبا *) اه (*)
وكذلك معزى فيه غالبان لأن الألف مع ثلاثة أصول والميم كذلك ولو حكمنا بعدم النظير لم نحكم بزيادة واحد منهما لكونه بوزن دِرْهَم لكنه ثبت مَعْز بمعناه فثبت زيادة الألف دون الميم وكذا سَنْبَتَة - وهي حين من الدهر - يقال: مضى سَنْبٌ من الدهر وسنبة وسنبتة ولا منع من الحكم بزيادة نون سنبتة لأن السبْت أيضاً هو الحين من الدهر قوله (بُلَهْنية) لولا الاشتقاق وغلبة الزيادة لم نحكم بزيادة الياء ولولا الاشتقاق لم نحكم بزيادة النون ولكان ملحقا بخبعثن (1) بزيادة اليا فقط لكنه مشتق من قولهم: عيش أبله: أي غاقل عن الرزايا كالرجل الأبله فإنه غافل عن المصائب ولا يبالي بها فيصفو عيشه وبُلَهْنية العيش: خَفْضُه قوله (العِرَضْنَة) العِرَضْنَة والعِرَضْنَى: مشية في اعتراض: أي أخْذٍ على عرض الطريق من النشاط ولولا الاشتقاق لكان كقِمَطْرٍ من غير زيادة قوله (وأولُ أفْعَل) لأن تصريفه على أُولَى وأُول دليل على أنه أفعل التفضيل وليس بفوعل كما قال الكوفيون والصحيح أنه أفعل من تركيب (وَوَل) وإن لم يستعمل في غير هذا اللفظ لامن (أوَلَ) ولا من (وَألَ) لئلا يلزم قلب الهمزة شاذًّا كما ذكرنا في أفعل التفضيل (2)
(1) الخبعثن: الرجل الضخم الشديد والاسد والناعم البدن ومثله الخبعثنة (2) الذى ذكره المؤلف في افعل التفضيل هو قوله في شرح الكافية (ج 2 ص 202) : (اما اول فمذهب البصريين انه افعل ثم اختلفوا على ثلاثة اقوال: جمهور هم على انه من تركيب وول - كددن - ولم يستعمل هذا التركيب الا في اول ومتصرفاته وقال بعضهم اصله (اوال) من وال: أي نجا لان النجاة في السبق وقيل: اصله (ااول) من آل: أي رجع لان كل شئ يرجع الى اوله فهو افعل بمعنى المفعول كاشهر واحمد فقلبت في الوجهين الهمزة واوا = (*)
قوله (إنْقَحْل) هو الشيخ القَحِل: أي اليابس وهو انفعل ولولا الاشتقاق لكان كجرد دحل لأن النون فيه ليس من الغوالب والهمزة في أول الرباعي اصل كالصطبل قوله (وأفْعُوَان أُفْعُلَانَ)(1) إنما ذلك لمجئ فَعْوَة السم وأرض مَفْعَاة ولولا
= قلبا شاذا وقال الكوفيون: هو فوعل من (وال) فقلبت الهمزة الى موضع الفاء وقال بعضهم: فوعل من تركيب (وول) فقلبت الواو الاولى همزة.
وتصريفه كتصريف افعل التفضيل واستعماله بمن مبطلان لكونه فوعلا واما قولهم: اولة واولتان فمن كلام العوام وليس بصحيح وانما لزم قلب واو (اولى) همزة على مذهب جمهور البصريين كما لزم في نحو اواصل على ما يجئ في التصريف وعند من قال هو من (وال) اصل اولى وؤلى قلبت الواو همزة كما في اجوه ثم قلبت الهمزة الثانية الساكنة واوا كما في أو من ولهذا رجع الى اصل الهمزة في قراءة قالون (عاد لؤلى) لانه حذفت الاولى وحركت لام التعريف بحركتها فزال اجتماع الهمزتين فأول كأسبق معنى وتصريفا واستعمالا تقول في تصريفه: الاول الاولان الاولون الاوائل الاولى الاوليان
الاوليات الاول.
وتقول في الاستعمال: زيد اول من غيره وهو اولهم وهو الاول ولما لم يكن لفظ اول مشتقا من شئ مستعمل على القول الصحيح لا مما استعمل منه فعل كأحسن ولا مما استعمل منه اسم كأحنك - خفى فيه معنى الوصفية إذ هي انما تظهر باعتبار المشتق منه واتصاف ذلك المشتق به كأعلم: أي ذو علم اكثر من علم غيره واحنك: أي ذو حنك اشد من حنك غيره وانما تظهر وصفية اول بسبب تأويله بالمشتق وهو اسبق فصار مثل مررت برجل اسد: أي جرئ فلا جرم لم تعتبر وصفيته الا مع ذكر الموصوف قبله ظاهرا نحو يوما اول أو ذكر من التفضيلية بعده ظاهرة إذ هي دليل على ان افعل ليس اسما صريحا كأفكل وايدع فان خلا منهما معا ولم يكن مع اللام والاضافة دخل فيه التنوين مع الجر لخفاء وصفيته كما مر وذلك كقول على رضى الله عنه: احمده اولا بادئا ويقال: ما تركت له اولا ولا آخرا) اه (1) الذى ذكره المؤلف من مجئ (فعوة) بتقديم العين على الواو غير صحيح = (*)
ذلك لجاز ان يكون فعلو ان كعنفوان لان فيه ثلاثة غوالب غير الألف فإنه لا كلام في زيادة إذا امكن ثلاثة أصول غَيْرهُ: النون مع ثلاثة أصول وكذا الواو والهمزة فإن حكمت بزيادة الهمزة مع الواو فهو أفْعُوَال ولم يأت في الأوزان وإن حكمت بزيادة الهمزة مع النون فهو أُفْعُلَان كأُسْتُقَان (1) وأقْحُوَان (2) وأُسْحُوَان (3) وإن حكمت بزيادة الواو والنون فهو فُعْلُوان كعنفوان فقد تردد بين الأُفعلان والفُعْلُوان فحكمنا بأنه أُفْعُلان لشهادة الْفَعْوَة
= والذى جاء هو (فوعة) بتقديم الواو وأفعى مما حدث فيه قلب مكاني.
وكذا الافعوان واصل افعى افوع واصل أفعوان أفوعان قال أبو العلاء: زعم سيبويه ان أكثر ما يستعمل أفعى اسما فيجب على هذا أن تنون افعى والناس يقولونه
يغير تنوين وكلا الوجهين حسن ويدل على انه عندهم كالاسم لا الوصف قولهم في الجمع: الافاعى ولو كان الوصف غالبا عليه لقالوا: فعو في الجمع كما قالوا: اقنى وقنو وإنما هو مقلوب كأنه افوع من فوعة السم وهو حدته وسورته فقلب كما قالوا: عاث وعثا وتفعى الرجل إذا تنكر للقوم كأنه صار كالافعى قال: رأته على فوت الشباب وإنه * تفعى لها إخوانها ونصيرها) اه وقال في اللسان: (وفوعة السم: حدته وحرارته.
قال ابن سيده: وقد قيل: الافعوان منه فوزنه على هذا أفلعان) اه والذى غر ابن الحاجب والرضى أن سيبويه قال: إن وزن أفعى أفعل وان وزن افعوان افعلان (انظر الكتاب ح 2 ص 317، 345) وقد ذكر مثل ذلك الجوهرى في الصحاح (1) الاستقان بضم الهمزة والتاء بينهما سين مهملة ساكنة - كذا وقع في جميع الاصول وقد بحثنا عن هذه الكلمة في كتب اللغة والصرف التى بأيدينا فلم نعثر عليها ولعلها محرفة عن الا ثعبان وهو الوجه الفخم في حسن وبياض ووزنه افعلان (2) الاقحوان: نبت طيب الريح حواليه ورق ابيض ووسطه اصفر وجمعه اقاح وتصغيره اقيحيان (3) الاسحوان: الجميل الطويل والكثير الاكل (*)
والْمَفْعَاة ولا دليل في أفْعى سواء صرفته اولا على أنه أفْعَل إذ يجوز أن يكون المنون ملحقاً بجعفر كعَلْقًى وغير المنون بنحو سَلْمى فقوله (لمجئ أفعى) فيه نظر قوله (إضْحِيَان) يقال: يوم إضحيان: أي مضئ وليلة إضْحِيانة من (ضَحِيَ) أي: ظهر وبرز ولولا الاشتقاق هنا أيضاً لعرفنا بعدم النظير أنه
إفْعِلَان كإسْحِمَان لجبل وإرْبِيَان لنوع من السمك معروف بالروبيان لأن فِعْليَان وإفعيالاً لم يثبتا قوله (خَنْفَقِيق) هو الداهيةُ من الخَفْق وهو الاضطراب لأن فيها اضطراباً وقلقاً لمن وقع فيها وهي أيضاً مضطربة متزلزلة ولولا الاشتقاق لجاز أن يكون التضعيف هو الزائد فقط لكونه غالباً في الزيادة وتكون النون أصلية لأنها ليست من الغوالب فيكون خنفقيق مُلْحَقاً بسلسبيل بزيادة النون والتضعيف قوله (عَفَرْنًى) هو الأسد القوي المعفِّر لفريسته والْعَفَر [بالتحريك] التراب ولولا الاشتقاق لم نحكم إلا بزيادة الألف لأن النون ليست من الغوالب في موضعها وهو ملحق بسفر جل ويقال للناقة: عَفَرْناة قال: (فإنْ رَجَعَ إلَى اشْتِقَاقَيْنِ وَاضِحَيْن كأرْطًى وأوْلَقٍ حَيْثُ قِيلَ: بَعِيرٌ آرِطٌ وراط واديم ماروط وَمَرْطيّ وَرَجُلٌ مَأْلُوقٌ وَمَوْلُوقٌ جَازَ الأَمْرَانِ وكَحَسَّانٍ وَحِمَارِ قبَّانَ حَيْثُ صُرِفَ وَمُنِعَ) أقول: يجوز ان يكون ارطى فعلى لاشتقاق آرط ومأر وط منه والألف للإلحاق لقولهم أرطاة وأن يكون أفعَل بدليل راطٍ ومَرْطِيّ والأَرَطى: من شجر البَرِّ يدبغ بورقه والاونق: الجنون يجوز أن يكون فوعلاً بدليل مألوق وأن يكون أفعل بدليل مولوق وقوله (جاز الامر ان) أي: زيادة أول الحرفين وأصالة الأخير والعكس
قوله (وكحسان وحمار قَبَّان (1)) فإن الأول يرجع إلى الحسن أو إلى الحِسِّ وهما اشتقاقان واضحان لجواز صرفه ومنع صرفه وكذا الثاني يرجع إلى الْقَببِ وهو الضُّمُور أو إلى القَبْن وهو الذهاب في الأرض وهما أيضاً
فيه واضحان لجواز صرفه ومنع صرفه فجواز صرف الكلمتين وترك صرفهما دليل على رجوعهما إلى اشتقاقين واضحين قال: (وَإلَاّ الاكثر التَّرْجِيحُ كَمَلأَكٍ قِيلَ: مَفْعَلٌ مِنَ الأَلُوكَةِ ابْنُ كَيْسَانَ: فَعْألٌ مِنَ الْملْكِ أَبُو عُبَيْدَةَ: مَفْعَلٌ مِنْ لأَكَ: أي أرْسَلَ ومُوسًى مُفْعَلٌ مِنْ أوْسَيْتُ: أيْ حَلَقْتُ والْكُوفِيُّونَ فَعْلَى مِنْ مَاسَ.
وَإنْسَانٌ فِعْلَانٌ مِنْ الأُنْسِ وَقِيلَ: إفْعَانٌ مِنْ نسي لمجئ أُنَيْسِيَان وَتَرَبُوتٌ فَعَلُوتٌ مِنَ التُّرَابِ عِنْدَ سِيْبَويه لأَنَّهُ الذَّلُولُ وَقَالَ في سُبْرُوتٍ: فعْلُولٍ وَقِيلَ: مِنَ السَّبْرِ وقَالَ في تِنْبَالَةٍ: فِعْلَالَة وَقِيلَ: مِنَ النَّبَلِ للِصِّغَارِ لأنه الْقَصِير وَسُرِّيَّةٌ قِيلَ: مِنْ السِّرِّ وقيل: من السراة ومئونة قِيلَ: مِنْ مَانَ يَمُونُ وَقِيلَ: مِنَ الأَوْنِ لأَنَّهَا ثِقَلٌ وَقَالَ الفراء: من الاين وَأَمَّا مَنْجَنِيقٌ فإن اعْتُدَّ بِجَنْقُونَا فَمَنْفَعِيلٌ وَإلَاّ فإنِ اعْتُدَّ بَمَجَانِيقَ فَفَنْعَلِيلٌ وَإلَاّ فإنِ اعْتُدَّ بِسَلْسَبِيلٍ على الاكثر ففعلليل والا ففعلنيل وَمَجَانِيقُ يَحْتَمِلُ الثًَّلَاثَة وَمَنْجَنُونٌ مِثْلُهُ لمجئ مَنْجَنِينٍ إلَاّ في مَنْفَعِيلٍ ولولا مَنْجَنِينٌ لكَانَ فعللولا كعضر فوط وخندريس كمنجنين) اقول ل: قوله (والا) أي: ان لم يكن في الكلمة اشتقاق واضح بل فيها اشتقاق غير واضح كما في تِنْبَالة وتَرَبُوت وسبروت أو فيها اشتقاقان
(1) انظر (ص 248 من هذا الجزء)(*)
أحدهما أوضح من الآخر كما في مَلَك وموسًى وسُريِّة فالأكثر أن في كلا الموضعين الترجيح ففي الأول: أي الذي فيه اشتقاق واحد غير واضح يرجّح بعضهم غلبة
الزيادة أو عدم النظير على ذلك الاشتقاق إن عارضه واحد منهما وبعضهم يعكس ولا منع من تجويز الأمرين وإن لم يعارضه أحدهما فاعتباره أولى فمثال تعارض الاشتقاق البعيد وقلة النظير تِنْبَالَة قال سيبويه: هو فِعْلَالة فإن فِعْلَالاً كثير كسرداح (1) وَتِفْعَالٌ قليل كتِلْقَاءٍ وتِهْوَاءٍ كما ذكرنا في المصادر ورجح بعضهم الاشتقاق البعيد فقال: هو تِفْعَالة من النَّبَل وهو الصغار لأن القصير صغير وكذا في سُبْرُوت (2) رجَّح سيبويه عدم النظير على الاشتقاق فقال هو فعلول كعصفور وليس بفعلوت لندرته والأولى ههنا كما ذهب إليه بعضهم ترجيح الاشتقاق والحكم بكونه فعلوتا ملحقاً بعصفور - وإنْ بدر - بشهادة الاشتقاق الظاهر لأن السبروت الدليل الحاذق الذي سَبَر الطرق وخبرها وهذا اشتقاق واضح غير بعيد حتى يرجح عليه غيره ولم يحضرني مثال تعارض الاشتقاق البعيد وغلبة الزيادة ومثال مالا تعارض لشئ منهما لا لعدم
(1) وقع في جميع اصول الكتاب (كسرواح) بالواو قبل الالف وهو خطأ والصواب ما اثبتناه.
والسرداح ومثله السرتاح: الناقة الكريمة (2) قال في اللسان (س ب رت) : (السيروت: الشئ القليل مال سبروت قليل والسبروتة ايضا: المفلس.
وقال أبو زيد: رجل سبروت وسبريت وامراة سبروتة وسبريتة إذا كانا فقيرين.
والسبروت: الارض الصفصف وفى الصحاح الارض القفر والسبروت الطويل) اه بتصرف.
وقال ايضا.
في مادة (س ب ر) : (والسبرور: الفقير كالسبروت حكاه أبو على وانشد تطعم المعتفين مما لديها * من جناها والعائل السبرورا قال ابن سيده: فأذا صح هذا فتاء سبروت زائدة) اه ولم يعثر فيما بين يدينا من كتب اللغة على ان السبروت بمعنى الدليل الحاذق كما قال المؤلف (*)
النظير ولا للغلبة تَرَبُوت فسيبويه اعتبر الغلبة والاشتقاق البعيد وقال: هو من التراب لأن التَّرَبُوت الذَّلُول وفي التراب معنى الذلة قال تعالى (أَوْ مِسْكِيناً ذَا متربة) وقال بعضهم: التاء بدل من الدال.
وهو من الدرْبَة وهو قريب لو ثبت الإبدال ولو ترك اعتبار الاشتقاق أيضاً لم يكن فَعَلولاً كقَرَبُوس (1) لأن التاء من الغوالب وفي الثاني: أي الذي فيه اشتقاقان أحدهما أوضح من الآخر.
الأَكْثَرُ ترجيح الأوضح وجوّز بعضهم الأمرين وذلك نحو مَلَكٍ وأصله مَلأَكٌ بدليل قوله: 121 - فَلَسْتَ لإنْسِيّ وَلكِنْ لِمَلأَكٍ تَنَزّلَ مِنْ جو السماء يصوب (2)
(1) القربوس: مقدم السرج المنحني (2) نسب البغدادي هذا البيت لعلقمة بن عَبَدَة المعروف بعلقمة الفحل ولعلقمة قصيدة على هذا الوزن والروى ومطلعها قوله: طحا بك قلب فِي الْحِسَانِ طَرُوبُ * بُعَيْدَ الشَّبَابِ عَصْرَ حَانَ مشيب يكلفني ليلى وقد شط وليها * وعادت عواد بيننا وخطوب ولم يرو بيت الشاهد في هذه القصيدة احد ممن جمع ديوان علقمة ولا ممن شرحه ولكن بعض الناشرين لديوان علقمة مع شرح الاعلم زعم ان المفضل زاد في هذه القصيدة ابياتا منها بيت الشاهد وقد رجعنا الى المفضليات والى شرحها لابن الانباري فلم نعثر على هذا البيت فيما رواه احدهما وقال ابن برى - كما في اللسان -: البيت لرجل من عبد الفيس يمدح النعمان وقيل: هولانى وجزة يمدح عبد الله بن الزبير وقيل: هو لعلقمة.
والانسى: واحد الانس ويروى في مكانه (لجني) وهو واحد الجن وقوله (ولكن الملاك) روى في مكانه صاحب اللسان (ولكن ملاكا) وخبر لكن على هذا محذوف: أي ولكن ملاكا انت
وقد يكون ملاكا على هذه الرواية معمول خبر لكن وقد حذف اسمها وخبرها جميعا والاصل ولكنك تشبه ملاكا أو نحو ذلك وجو اسمها وخبرها جميعا والاصل ولكنك تشبه ملاكا أو نحو ذلك وجو السماء: هو الهواء الذى بينها وبين الارض وبصوب: ينزل يريد ان افعالك لا تشبه افعال الانس = (*)
وأيضاً بدليل قولهم في الجمع مَلَائكة ألزموا الواحد التخفيف لكثرة استعماله كما ألزموا يَرَى وأرى فقال الكسائي: هو مَفْعَل من الألوكة وهي الرسالة فالمَلَك رسولٌ من قبله تعالى إلى العباد وكذا ينبغي أن يقول في قولهم (ألِكْنِي إليه) أي كن رسولي إليه: إن أصله أأْلِكْنِي ثم الئِكني ثم خفف بالنقل والحذف لزوماً وقال أبو عبيدة: ملأك مَفْعَل من لأكه أي أرسله فكأنه مَفْعَل بمعنى المصدر جعل بمعنى المفعول لأن المصادر كثيراً ما تجعل بمعنى المفعول قال 122 - * دَارٌ لِسُعْدَى إذْهِ مِنْ هَوَاكَا (1) * أي: مَهْوِيِّكَ و (ألِكْنِي) عنده ليس بمقلوب وَمَلأَك عند الكسائي بمعنى الصفة المشبهة ومذهب أبي عبيدة أولى لسلامته من ارتكاب القلب وقال ابن كيسان: هو فعأل من المِلْك لأنه مالك للامور التي جعلها الله إليه وهو اشتقاق بعيد وفَعْأل قليل لا يرتكب مثله إلا لظهور الاشتقاق كما في شمأل قوله: (موسًى) موسى التي هي موسى الحديد عند البصريين من (أوسيت) أي حلقت وهذا اشتقاق ظاهر وهو مؤنث سماعي كالقِدْرِ والنار والدار قال:
= فلست بولد انسان انما انت ملاك افعاله عظيمة لا يقدر عليها احد.
والاستشهاد بالبيت في قوله (لملاك) حيث يدل على ان اصل الملك ملاك نقلت حركة الهمزة الى الساكن قبلها ثم حذفت الهمزة وذلك كما يقولون في مسألة مسلة ولكنهم
التزموا هذا التخفيف في ملك كما النزموه في ذرية ونبى على المشهور من كلام النحاة وسيأتى في باب تخفيف الهمزة (1) هذا بيت من مشطو الرجز وقلبه: * هَلْ تَعْرِفِ الدَّارَ عَلَى تِبْرَاكَا * وتبراك: موضع ببلاد بنى فقعس والاستشهاد بالبيت هنا في قوله (هواكا) حيث استعمل المصدر بمعنى اسم المفعول كما استعمل الخلق بمعنى المخلوق في قوله تعالى: (هذا خلق الله فأروني ماذا خلق الذين من دونه)(*)
123 -
فإن تكن الموسى جرت فوق بظرها فما خُتِنَتْ إلَاّ ومَصَّانُ قَاعِدُ (1) وهي منصرفة قبل العلمية غير منصرفة معها كعقرب ثم تنصرف بعد التنكير وقال أبو سعيد الاموى: هو مذكر لكونه مُفْعَلاً قال أبو عبيدة: لم يسمع التذكير فيه إلا من الأُمَوي وجوز السيرافي اشتقاقه من (أسْوْت الجرح) أي أصلحته فأصله مؤْسَى بهمز الفاء وقال الفراء: هي فُعْلَى فلا تنصرف في كل حال لكونه كالبشرى وهو عنده من الْمَيْسِ لأن المزين يتبختر وهو اشتقاق بعيد قلبت عنده الياء واواً لانضمام ما قبلها على ما هو مذهب الأخفش (2) في مثله كما يجئ في باب الإعلال وأما موسى اسم رجل فقال أبو عمرو بن العلاء: هو أيضاً مُفْعَل بدليل انصرافه بعد التنكير وفُعْلَى لا ينصرف على كل حال وقال أيضاً: إنَّ مُفْعَلاً أكثر من فُعْلَى فحمل الأعجمي على الأكثر أولى وهو ممنوع لان فعلى يجئ مؤنثا لكل افعل تفضيل ومفعل لا يجئ إلا من باب أفْعَل يُفْعِل فهو عنده لا ينصرف [علماً للعجمة والعلمية وينصرف (3) ] بعد التنكير كعيسى وقال الكسائي:
(1) هذا البيت لاعشى همدان من كلمة له اولها: لعمرك ما أدري وإني لسائل * أبْظْرَاءُ أمْ مَخْتُونَةٌ أُمُّ خَالِدِ وبعده بيت الشاهد وبعده قوله: ترى سَوْأةً مِنْ حَيْثُ أطْلَعَ رَأْسَهُ * تَمُرُّ عَلَيْهَا مرهفات الحدائد وفى بيت الشاهد الاقواء وهو اختلاف حركة الحرف الذى عليه روى القصيدة.
والبيت في هجاء خالد القسرى.
والمصان: الحجام لانه يمص الدماء ويقال: المراد بالمصان ابنها خالد من قولهم: يا ماص بظر امه وعلى الاول يهجوه بان امه متبذلة قليلة الحياء فكنى عن ذلك بانه قد ختنها رجل وعلى الثاني يهجوه بانها لم تخنتن حتى كبر ابنها (2) ليس هذا مذهب الاخفش وحده بل مذهب جميع النحاة (3) هذه الزيادة ساقطة من جمع النسخ المطبوعة وقد اثبتناها وقافا للخطيات (*)
هو فُعْلىً فينبغي أن يكون ألفه للإلحاق بجخدب وإلا وجب منع صرفه بعد التنكير قوله (إنسان) الأولى أن يقال: فعلان وانيسيان شاذ كعُشَيْشِيَان على ما مر في التصغير فهو مشتق من الأنس لأنه يأنس بخلاف الوحش وقيل: هو من الإيناس: إي الابصار كقوله تعالى: (آنَسَ مِن جَانِبِ الطور نَاراً) لانه يؤنس: أي يبصر ولايجتن بخلاف الجن وقيل: إنسيان كإضْحيَان من النسيان إذ أصل الإنسان آدم وقد قال تعالى فيه: (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) ويقويه تصغيره على أنيسيان والاشتقاق من النسيان في غاية البعد وارتكاب شذوذ التصغير كما في لُيَيلية أهون من ادعاء مثل ذلك الاشتقاق قوله (وسُرِّيَّة) الظاهر أنها مشتقة من السِّر وضم السين من تغييرات
النسب الشاذة كدهري وسهلي وهو إما من السِّر بمعنى الخفية لأنها أمة تُخْفَى من الحرة وهذا قول أبي بكر بن السرِيّ وإما من السِّرِّ بمعنى الجماع لأنها لذلك لا للخدمة وهذا قول السيرافي يقال: تَسَرَّرْت جارية وتَسَرَّيْت كتظنيت وقال الأخفش: هي من السرور لأنه يسر بها وقيل: هو من السَّرِيِّ: أي المختار لأنها مختارة على سائر الجواري وقيل: من السَّرَاة وهى اعلى الشئ لأنها تركب سراتها فهي على هذين القولين فُعِّيلة كمُرِّيق وهو الْعُصْفُر وهذا وزن نادر وأيضاً قولهم: (تسرَّرت) براءين - يمنعهما وإن كان تسريت يوافقهما قوله (ومئونة) يقال: هو [من](مَانَه يَمُونه) إذا احتمل مئونته وقام بكفايته وهذا الشتقاق ظاهر واصله مَوُونة بالواو قلبت الواو المضمومة همزة وقيل: هو من الأوْن وهو أحد العِدْلَين لأن المئونة ثقل فهمزته أصلية وأصله مَأْوُنة
كمَكْرُمَة وهو أبعد من الاشتقاق الأول لأن الثقل لازم المئونة في الأغلب وقال الفراء: هو من الأيْن وهو الاغياء وهو أبعد من الاشتقاق الثاني وأصله مأيُنَة نقلت الضمة إلى ما قبلها وقلبت الياء واواً على ما هو أصل الأخفش قوله (فإن اعتد بجَنَقُونا) حكى الفراء (جَنَقْنَاهم) وزعم أن المنجنيق مُوَلَّدة: أي أعجمية وهم إذا اشتقوا من الأعجمي خلَّطوا فيه لأنه ليس من كلامهم فقولهم (جنقونا) وقول الأعرابي (كانت بيننا حروب عُونٌ تفقأ فيها العيون مرة نُجْنَق وأخرى نُرْشَق)(1) من معنى منجنيق لا من لفظه كدَمِث ودِمَثْرٍ (2) وثَرَّة وثَرْثَار وإنما تجنبوا من كونه من تركيب جنق لأن زيادة حرفين في أول اسم غير جارٍ على الفعل كمنطلق قليل نادر عندهم وذلك كإنْقَحْل وكون منجنيق منفعيلاً لشبهة جَنَقُونا مذهبُ المتقدمين
قوله (وإلا) أي: وإن لم يعتد بحنقونا كما ذكرنا فإن اعتد بمجانيق فهو فَنْعَلِيل لأن سقوط النون في الجمع دليل زيادته فإذا ثبت زيادة النون فالميم أصل لئلا يلزم زيادة حرفين في أول اسم غير جار على الفعل قوله (وإلا) أي: وإن لم يعتد بمجانيق فيه نظر وذلك لأنه جمع منجنيق عند عامة العرب فكيف لا يعتد به؟ وفي الجمع لا يحذف من حروف
(1) هذا من كلام اعرابي وقد سئل: كيف كانت حروبكم؟ فقاله والعون: جمع عوان وهى الحرب التى تقدمتها حرب اخرى ونجنق: نرمى بالمجانيق ونرشق: ترمى بالسهام والمجانيق: جمع منجنيق - بفتح الميم وكسرها - ومثله المنجنون وهى القذافة التى ترمى بها الحجارة وهو اعجمي معرب.
وهى مؤنثة قال زفر بن الحرث: لقد تركتني منجنيق ابن بحدل * احيد عن العصفور حين يطير (2) الدمث: السهل الخلق وبابه فرح ودماثة ايضا واصل ذلك من الدمث بمعنى الارض السهلة اللينة التى لا يشق السير عليها والدمثر - كسبطر وعليط وجعفر - بمعناه.
(*)
مفرده الأصول إلا الخامس منها فحذفهم النون بعد الميم دليل على زيادتها وليس مجانيق كجَنَقُونا حتى لا يعتدَّ به لأن ذلك حكاية عن بعض الأعراب ومجانيق متفق عليه وكونه فنعليلاً مذهب سيبويه وإنما حكم بذلك لأنه ثبت له بجمعه على مجانيق زيادة النون وأصالة الميم كما ذَكَرنا ولم يحكم بزيادة النون الثانية أيضاً لوجهين: أحدهما نُدور فنعنيل بخلاف فَنْعَلِيل كَعَنْتَرِيس وهي الناقة الشديدة من الْعتْرَسَة وهي الشدة والثانى أن الأصل أصالة الحروف إلا أن يقوم على زيادتها دليل قاهر قوله (فإنِ اعتُدَّ بِسَلْسَبِيلٍ عَلَى الأَكْثَرِ) يعني إن ثبت في كلامهم فَعْلَلِيل بزيادة الياء فقط وذلك أن أكثر النحاة على أن سلسبيلاً فعلليل وقال الفراء:
بل هو فعفليل وكذا قال في درد بيس وذلك لتجويزه تكرير حرف أصلي مع توسط حرف [أصلي] بينهما كما مر وفي قول المصنف هذا أيضاً نظر وذلك لأن فعلليلاً ثابت وإن لم يثبت أن سلسبيلاً فعلليل وذلك بنحو برقعيد لقصبة في ديار بيعة وَعَلْطَميس (1) للشابة.
ولو لم يجمع منجنيق على مجانيق لكان فعلليلاً سواء ثبت بنحو بَرْقَعيد فعلليل اولا وذلك لأن جَنَقُونا كما قلنا غير معتد به والأصل أن لانحكم بزيادة حرف إلا إذا اضطررنا إليه: إما بالاشتقاق أو بعدم النظير أو بغلبة الزيادة فإن قيل: إذا لزم من الحكم بزيادة حرف وزنٌ غريب ومن الحكم بأصالته وزن [آخر] غريب فالحكم بزيادته أولى لأن ذوات الزوائد أكثر من أبنية الأصول قلت: ذاك ان لم يكن في اللفظ زائد متفق عليه والياء في نحو منجنيق
(1) في القاموس: العلطميس - كزنجبيل -: من النوق الشديدة الغالية والهامة الضخمة الصلعاء والجارية التارة الحسنة القوام والكثير الاكل الشديد البلع (*)
مقطوع بزيادته فمثل هذا البناء على أي تقدير كان من ذوات الزائد فلو لم يثبت مجانيق لكنا نجمع منجنيقا على مناجن بحذف الحرف الاخير كسفارج قوله (وإلا ففعلنيل) يعني إن لم يثبت أن سلسبيلا فَعْلَلِيل بل كان فعفليلاً كما قال الفراء فمنجنيق فعلنيل وفي هذا كما تقدم نظر لأنه وإن لم يثبت كون سلسبيل فعلليلاً بنحو بَرْقَعيد وعَلْطَميس فهو وزن ثابت على كل حال قوله (ففعلنيل) لأن الوجوه العقلية المحتملة سبعة وذلك لأن الميم إما أصلية أو زائدة فإن كانت أصلية فإن كان النونان أيضاً كذلك فهو فعلليل وإن كانا زائدين فهو فنعنيل من مَجَقَ وإن كان الأول أصلاً دون الثاني فهو
فَعْلَنيل من مَنْجَقَ وإن كان العكس فهو فنعليل من مَجْنَقَ وإن كان الميم زائداً فإن كان النونان أصليين فهو مَفْعَلِيل من نَجْنَقَ وإن كان الأول أصلاً دون الثاني فهو مفعنيل من نجق وان كان العكس فهو منفعيل من جنق ومع زيادة الميم لا يجوز ان يكون النونان ايضا زائدين لبقاء الكلمة على اصلين وهما الجيم والقاف والياء زائدة على كل تقدير إذ أمكن اعتبار ثلاثة أصول دونها فمن هذه السبعة الأوجه لا يثبت فعلليل إن لم يثبت سلسبيل على الأكثر على ما ادعى المصنف وقد ذكرنا ما عليه ومنفعيل إذ لا يزاد الميم في الأول مع أربعة أصول بعدها كما يجئ إلا في الجاري على الفعل مع غرابة الوزنين أعني منفعيلاً ومفعليلاً فيبقى بعد الثلاثة: فَنْعَنيل وفَعْلنيل ومَفْعنيل وفَنْعليل والكل نادر إلا فنعليلاً كَعَنْتَرِيس قوله (ومجانِيقُ يحتمل الثلاثة) لأنه إن كانت الميم زائدة فهو مفاعيل لاغير وإن كانت أصلية فهو إما فعاليل أو فعانيل (1) والثاني لم يثبت فهو إما مفاعيل
(1) انت تعلم ان ابن الحاجب رحمه الله قد بنى كلامه في منجنيق على وجهين: الاول ان يعتد بقولهم: جنقونا والثانى ان لا يعتد به وانه حكم على منجنيق على الوجه الاول = (*)
على ما اختاره بعضهم في منجنيق أنه من جنق وإما فَعَاليل على ما اختار سيبويه في منجنيق وأظن أن هذا اللفظ - أعني (ومجانيق يحتمل الثلاثة) - ليس من المتن إذ لا فائدة فيه لأن الجمع يعتبر وزنه بوزن واحده ويتبعه في أصالة الحروف وعدم أصالتها ولا يكون له حكم برأسه ولم يتعرض المصنف في الشرح لهذا اللفظ ولو كان من المتن لشرحه قوله (ومنجنون مثله)[أي مثل] منجنيق في احتمال الأوجه المذكورة وذلك لكون منجنين وهو لغة في منجنون يحتمل الأوجه المذكورة لكونه
كمنجنيق إلا ان احدى اللامين فيه لابد من الحكم بزيادتها إذا حكمت بأصالة الميم والنون الأولى معاً أو بأصالة أحداهما لأن التضعيف لا يكون أصلاً مع ثلاثة أصول دونه أو أربعة كما مر في أول الكتاب ويسقط من الأوجه السبعة فنعنيل وفعلنيل ومفعنيل ويجئ فعلليل وفنعليل ومفعليل ومنفعيل ويستبعد منفعيل كما ذكرنا في منجنيق ولم يجئ جن في منجنين كما جاء جنق في منجنيق حتى يرتكب هذا الوزن المستبعد ومَفْعَليل غريب وفعلليل ثابت
= بأنه على زنة (منفعيل) فأصوله الجيم والنون التى بعدها والقاف والميم والنون الواقعتان في اول الكلمة زائدتان وعلى الوجه الثاني بانه يحتمل (فنعليلا) فالميم والجيم والنون الثانية والقاف اصول والنون الاولى والياء زائدتان ويحتمل (فعلليلا) فالزائد الياء ويحتمل (فعلنيلا) فالنون الثانية والياء زائدتان وعلى هذا يكون قوله (ومجانيق يحتمل الثلاثة) إشارة الى الاوزان المذكورة بعد عدم الاعتداد بجنقونا وعلى هذا يكون (مجانيق) إما على زنة (فعاليل) ان كان مفرده (فنعليلا) أو (فلاليل) ان كان مفرده (فعلليلا) أو يكون على زنة (فلانيل) إن كان مفرده (فعلنيلا) ومن هذا كله يتبين لك ان قول الرضى (أو فعانيل) خطأ والصواب ان يقول (اما فعاليل أو فلا ليل أو فلا نيل) وقوله (لأنه إن كانت الميم زائدة فهو مَفَاعيل لاغير) لا يدخل في شرح هذه العبارة من كلام المصنف ولكنه من تتمة الفروض في هذه الكلمة (ج 2 - 23)(*)
كبر قعيد فمنجنين إما فَعْلَليل ملحق ببرقعيد بتكرير اللام والنونُ الأولى أصلية فيكون كعَرْطَليل والْعَرْطَل والْعَرْطَلِيل: الطويل وإما فَنْعَلِيل ملحق به أيضاً بزيادة النون وتكرير اللام فهو كَخَنْشَلِيل (1) وقد ذكر سيبويه
في منجنون أيضاً مثل هذين الوجهين فقال مرة: هو ملحق بعضر فوط (2) بتكرير النون فيكون رباعيًّا ملحقاً بالخماسي وقال مرة: إنه ملحق بعضر فوط بزيادة النون الأولى وإحدى النونين الأخيرين فهو إذن ثلاثي ملحق بخماسي والأولى الحكم عليه بفَعْلَلُول وعلى منجنيق بفَعْلَلِيل لعدم الدليل على زيادة النون الأولى والأولى الحكم بأصالة الحرف ما لم يمنع منه مانع وأما إحدى النونين الأخيرين فالغلبة دالة على زيادتها وجمع مَنْجَنُون ومنجنين على مناجين كذا يجمعهما عامة العرب سواء كان فنعلولا اوفعللولا لأن حذف إحدى النونين الأخيرين لكونها طرفاً أو قريبة من الطرف أولى من حذف النون التي بعد الميم والظاهر أن الزائد من المكرر هو الثاني كما يجئ إذ لو كان الاول لجاز مناجن ومناجين بالتعويض من المحذوف وترك التعويض (3) كما في سفارج وسفاريج
(1) الخنشليل: المسن ويقال: عجوز خنشليل إذا كانت مسنة وفيها بقية (2) العضر فوط: دويبة (انظر ج 1 ص 9، 51)(3) اعلم ان منجنونا اما ان يكون (فنعلولا) واما ان يكون (فعللولا) ومعنى هذا ان الميم في اولها اصل والواو بين النونين الاخيرتين زائدة والنون التى بعد الميم زائدة على الاول اصلية على الثاني واحدى النونين الاخريين زائدة على الخلاف الانى ذكره في كلام المؤلف ثم اعلم ان مناجين الذى سمع في جمعه لا يقطع بالدلالة على زيادة اولى النونين الاخريين كما لا يقطع بزيادة ثانيتهما وبيان ذلك انك ان فرضت زيادة اولاهما واردت جمعه وجب ان تقول: مناجين بحذف هذه النون الزائدة وقلب الواو ياء لانها مد قبل الاخر الاصلى وان فرضت زيادة الثانية جاز لك ان تقول في الجمع: مناجين.
فتحذف النون الاخيرة والواو التى قبلها ثم تعوض عن المحذوف ياء قبل الاخر فالفرق بين الحالين ان = (*)
قوله (ولولا منجنين لكان فعللولاً) يعني منجنين كمنجنيق فيحتمل جميع ما احتمله منجنيق من الأوزان فلذلك يحتمل منجنون ما احتمله منجنين ولولا منجنين لكان منجنون كعضر فوط وهذا قول فيه ما فيه وذلك أنا بينا أن منجنيناً لا يحتمل إلا فَعْلَليلاً على الصحيح وفنعليلاً على زيادة النون الأولى كما أجاز سيبويه وقد ضعفناه وكذ منجنون فَعْلَلُول على الصحيح وفنعلول على ما اجازه سيبويه وعلى كلا التقديرين هو ملحق بعضر فوط فما معنى قوله (ولولا منجنين لكان فعللولاً) وهو مع وجوده فعللول أيضاً؟ قوله (وخندريس (1) كمنجنين) لا شك في زيادة إحدى النونين الأخيرين في مَنْجَنين وليس ذلك في خندريس ونون خندريس أصل على الصحيح لعدم قيام الدليل على زيادتها ومن قال في منجنين إنه فَنْعَلِيل كعنتريس لم يمتنع أن يقوله في خندريس أيضاً هذا آخر ما ذكره المصنف من حكم الاشتقاق وتقسيمه أن يقال: إن كان في الاسم اشتقاق فهو إما واحد اولا والواحد اما ظاهر اولا والذي فوق الواحد إما أن يكون الجميع ظاهراً أو الجميع غير ظاهر أو بعضه ظاهراً دون الآخر فالواحد الظاهر يحكم به كما في رَعْشَنٍ (2) وبِلَغْنٍ
= الياء على الاول واجبة وهى منقلبة عن الواو وعلى الثاني جائزة وهى زائدة للعوض ومن هنا تعلم ان كلام المؤلف فاسد لانه علل الحكم بزيادة الثانية بالتزامهم مناجين ووجه فساده ان هذا الالتزام لا يقطع باحد الوجهين وانما يكون مرجحا ثم هو يرجح الذى نفاه المؤلف وهو ان الاولى هي الزائدة وهذا بعينه يجرى في منجنين (1) الخندريس: القديم من الحنطة ومن الخمر قال ابن دريد: (احسبه معربا)
(2)
انظر (ح 1 ص 59) وانظر ايضا (ص 333 من هذا الجزء)(*)
والواحد غير الظاهر إن عارضه مرجح آخر من الغلبة أو خروج الكلمة عن الأصول اخْتُلف فيه: هل يحكم به أو بالمرجح [الآخر] ؟ وإن لم يعارضه فهل يحكم بالاشتقاق أو بكون الأصل أصالة الحروف؟ فيه تردد وما فوق الواحد إن كانا ظاهرين احتملهما كأوْلَقٍ وإن كان أحدهما ظاهراً دون الآخر فالأولى ترجيح الظاهر كما في مَؤُونة وسُرِّيَّة وإن كانا خفيين وفيه مرجح آخر فهل يحكم بأحدهما أو بالمرجح الآخر؟ فيه التردد المذكور فإن حكم بهما: فإن استويا احتملهما وإن كان أحدهما أظهر حكم به وإن لم يكن فيه مرجح آخر حكم بهما على الوجه المذكور وإنما قدم الاشتقاق المحقق على الغلبة وعدم النظير وكون الأصل أصالة الحروف لأن المراد بالاشتقاق كما ذكرنا اتصال إحدى الكلمتين بالأخرى كضارب بالضرب أو اتصالهما بأصل كضارب ومضروب بالضرب وهذا الاتصال أمر معنوي محقق لا مَحِيدَ عنه بخلاف الخروج عن الأوزان فإنه ربما تخرج الكلمة عن الأوزان بنظر جماعة من المستقرئين ولا تخرج في نفس الأمر إذ ربما لم يصل إليهم بعض الأوزان وبتقدير الخروج عن جميع الأوزان يجوز أن تكون الكلمة شاذة الوزن وكذا مخالفة غلبة الزيادة لا تؤدي إلى مستحيل بل غاية أمرها الشذوذ ومخالفة الأكثر وكذا مخالفة كون أصل الحروف الأصالة ثم إن فقدنا الاشتقاق ظاهراً أو خفيًّا نظرنا: فإن كان حرف الكلمة الذي هو من حروف (سألتمونيها) من الغوالب في الزيادة كما سيجئ أو كان الحكم بأصالة ذلك الحرف يزيد بناءً في أبنية الرباعي أو الخماسي الأصول أعني المجردة عن الزائد أيُّ الأمرين كان حكمنا بزيادة ذلك الحرف ولا نقول: إن
الأصل أصالة الحرف لأن الأمرين المذكورين مانعان من ذلك الأصل
ولو تعارض الغلبة وعدم النظير رجَّحنا الغلبة كما لو كان الحكم بزيادة الغالب يؤدي إلى وزن مجهول والحكم بأصالته لا يؤدي إلى ذلك حكمنا بزيادة الغالب كما نقول في سُلَحْفِية (1) فُعَلِّية وهو وزن غريب وفُعَلِّلَة كقذ علمة غير (2) غريب وذلك لأنا نقول إذن: هذا الغريب ملحق بسبب هذه الزيادة بذلك الذي هو غير غريب فنقول: إن كان الحكم بأصالة الغالب يؤدي إلى وزن غريب في الرباعي أو الخماسي المجردين عن الزائد والحكم بزيادته يؤدي إلى غريب آخر في ذى الزيادة كتتفل (3) فإن فَعْلُلاً بضم اللام وتَفْعُلاً نادران وكذا قُنْفَخْر (4) فإن فُعْلَلاًّ وَفُنْعَلاًّ غريبان حكمنا بزيادة الغالب لأن الأوزان المزيد فيها أكثر من المجرد إلا المزيد فيه من الخماسي فإنه لا يزيد زيادةً بيِّنة على المجرد من أبنية الخماسي كما تبيَّن قبل لكن المزيد فيه منه لا يلتبس بالمجرد من الزيادة إذ الاسم المجرد لم يأت فوق الخماسي وإن كان الحكمان لا يزيد واحد منهما بناءً غريباً فالحكم بزيادة الغالب واجب لبقاء مرجح الغلبة سليماً من المعارض
(1) انظر (ح 1 ص 261 هـ 3)(2) انظر (ح 1 ص 51)(3) التتفل - بفتح التاء الاولى وسكون الثانية وضم الفاء أو بضمتين بينهما سكون أو بكسر اوله وفتح ثالثه أو بفتح الاول والثالث أو بكسرهما -: الثعلب وقيل: ولده (4) القنفخر - بضم القاف وسكون النون وفتح الفاء وسكون الخاء وبكسر
اوله ايضا -: الفائق في نوعه والتار الناعم واصل البردى ولم يحك في القاموس الا مكسور الاول - كجرد حلو مثله القفاخر - كعلا بط والقفاخرى بزيادة ياء مشددة (*)
وان كان الحكم باصالته يزيد بناءً نادراً دون الحكم بزيادته تعيَّن الحكم بالزيادة أيضاً لتطابق المرجحين على شئ واحد وإن كان الأمر بالعكس: أي الحكم بزيادته يؤدي إلى زيادة بناء غريب دون الحكم بأصالته حكم بزيادة الغالب اللالحاق كما ذكرنا في سلحفية لأنه كأنه فُعَلِّلة لكونه ملحقاً به وإن كان الحكم بأصالة الغالب والحكم بزيادته يزيد كل واحد منهما وزناً نادراً في ذي الزيادة لا في المجرد عنها حكمنا بزيادة الغالب أيضاً لثبوت المرجح بلا معارض فإن كان الحكمان لا يزيد شئ منهما بناءً غريباً في المزيد فيه أو يزيد فيه أحدهما دون الآخر حكمنا بزيادة الغالب لما ذكرنا الآن سواء وأمثلة التقديرات المذكورة لم تحضرني في حال التحرير فعلى ما ذكرنا إذا تعارض الغلبة وعدم انظير يرجح الغلبة كما يجئ في سُلَحْفية ففي تقديم المصنف عدم النظير كما يجئ من كلامه على الغلبة نظر هذا وإن كان الحرف من حروف (سألتمونيها) ليس من الغوالب ولا يؤدي أصالته إلى عدم النظير فلا بدّ من الحكم بأصالته بلا خلاف كما حكمت بأصالة الهاء والميم من درهم ولام سفر جل وميم عَلْطَميس وسينه وهذا الذي ذكرنا كله إذا لم يتعدد الغالب فان تعدد فيجئ حكمه قال: (فإنْ فُقِدَ فَبِخُرُوجِهَا عَنِ الأُصُولِ كَتَاءِ تَتْفُل وتَرْتُبٍ وَنُونِ
(الخروج عن الأوزان المشهورة من أدلة الزيادة) كُنْتَأْلٍ وَكَنَهْبُلٍ بِخِلَافِ كَنَهْوَرٍ وَنُونِ خُنْفَسَاءَ وقُنْفَخْرٍ أوْ بِخُرُوجِ زِنَةٍ اخرى لها: كتاء تتفل وَتُرْتُبٍ مَعَ تَتْفُلٍ وَتَرْتُبٍ ونُونِ قِنْفَخْرٍ وَخُنْفُسَاءَ مَعَ قُنْفَخْرٍ وَخُنْفَسَاءَ وَهَمْزَةِ أَلَنْجَجٍ مَعَ أَلَنْجُوجٍ) أقول: التتفل ولد انثعلب يقال: أمر تَرْتُب: أي راتب ثابت من رَتَبَ
رتوباً: أي ثبت وما كان له أن يعده في المفقود اشتقاقه إذ اشتقاقه ظاهر كما قلنا الكُنْتَأْل بالهمز: القصير الْكَنَهْبُلُ: من أشجار البادية الكَنَهْوَر: العظيم من السحاب القُنْفَخْر: الفائق في نوعه الألْنَجَجُ والألْنْجُوج (1) واليَلَنْجُوج: العود قوله (فإن فقد) أي: الاشتقاق الظاهر والخفي قوله (فبخروجها عن الأصول) أي: يعرف زيادة الحرف بخروج زنة الكلمة بتقدير أصالة الحرف لا بتقدير زيادته عن الأصول: أي الأوزان المشهورة المعروفة هذا وليس مراده بالأصول أوزان الرباعي والخماسي المجردة عن الزوائد بدليل عده ألَنْجُوجاً وخُنْفَسَاء - بفتح الفاء - في الأوزان الأصول وهذه الكلمات التي ذكرها لم يعارض عدم النظير فيها بالغلبة لأن الحروف المذكورة ليس شئ منها من الغوالب إلا همزة ألنجوج ولا تَعَارُض في ألنجوج بين الغلبة وعدم النظير لأن عدم النظير لا يرجح إذا كان يلزم بكلا التقديرين زيادة وزن في المزيد فيه إذ لا يمكن الخلاص من عدم النظير أيضاً في المزيد فيه: حكمت بزيادة الحرف أو بأصالته فالترجيح في هذه الكلمات بعدم النظير على كون الأصل أصالة الحرف
(1) قال في اللسان: (والالنجج واليلنجج: عود الطيب وقيل: هو شجر غيره
يتبخر به قال ابن جنى: ان قيل لك إذا كان الزائد إذا وقع اولا لم يكن للالحاق فكيف الحقوا بالهمزة في (النجج) وبالياء في (يلنجج) والدليل على صحة الالحاق ظهور التضعيف قيل: قد علم انهم لا يلحقون بالزائد من اول الكلمة الا ان يكون معه زائد آخر فلذلك جاز الالحاق جاز الالحاق بالهمزة والباء في (النجج) و (يلنجج) لما نضم الى الهمزة والياء النون ووالالنجوج واليلنجوج كالالنجج واليلنجج: عود بتبخر به به وهو يفنعل وافنعل وقال اللحيا: عو يلنجوج والنجوج والنجج فوصف بجميع ذلك وهو عود طيب الريح) اه (*)
وكان ينبغي أن لا يذكر المصنف ههنا إلا ما يخرج عن الأصول بأحد التقديرين دون الآخر لأنه يذكر بعد هذا ما يخرج عن الأصول بالتقديرين معاً وهو قوله (فإن خرجتا معا) وتتفل وتَرْتُب يخرج عن الأصول بكلا التقديرين إذ ليس في الأوزان الاسمية تَفْعُل وَفَعْلُل وكذا نادران وكذا خُنْفَسَاء لأن فُعْلَلَاء وفنعلاء غريبان وكذا ألنجوج لأن فَعَنْلُولاً وأفَنْعُولاً شاذان قوله (بخلاف كَنَهْور) يعني لو جعلنا نون كُنْتَأْل أصلاً لكان فُعْلَلاًّ وهو نادر بخلاف نون كَنَهْوَر فإنا إذا جعلناه أصلاً كان فَعَلْوَلا ملحقاً - بزيادة الواو - بسفر جل فلا يكون نادراً فلذا جعلنا نونه أصلاً دون نون كنتأل قوله (أو بخروج زنة أخرى لها) أي: إذا كان في كلمة لغتان وبتقدير أصالة حرف من حروف سألتمونيها في إحدى الزنتين لا تخرج تلك الزنة عن الأصول لكن الزنة الأخرى التي لتلك الزنة تخرج عن الأصول بأصالة ذلك الحرف حكمنا بزيادة ذلك الحرف في الزنتين معاً فإن تُتْفَلا بضم التاء الأولى كان يجوز أن يكون كبرثن فلا يخرج عن الأصول بتقدير أصالة التاء لكن
لما خرجت تَتْفُل بفتح التاء عن الأصول بتقدير أصالتها حكمنا بزيادة التاء في تُتْفُل - بضم التاء أيضاً تبعاً للحكم بزيادتها في تَتْفُل - بفتحها وكذا تاء تُرْتُب وكذا نون قِنْفَخْر - بكسر القاف وإن كان يجوز أن يكون فعللا كجرد حل وكذا نون خُنْفُسَاء - بضم الفاء وإن لم يمتنع لولا اللغة الأخرى أن يكون كقُرْفُصاء وكذا همزة أَلَنْجَج وإن جاز أن يكون فَعَنْلَلاً حكمنا بزيادة الحروف المذكورة لثبوت زيادتها في اللغات الأُخَر وألحق الحكم بأصالة نون خنفساء في اللغتين لأن وزن الكلمة على التقديرين من أبنية المزيد فيه إذ الألف
والهمزة من الزيادات اتفاقاً وقد تقدم أن عدم النظير المزيد فيه بالتقديرين معاً ليس لمرجح فعلى هذا لم يعرف زيادة همزة ألَنْجُوج بعدم النظير لأنه مزيد فيه بالاتفاق إذ الواو فيه زائد من غير تردد بل عرفنا زيادة همزته وهمزة ألَنْجَج بشبهة الاشتقاق والغلبة إذ فيهما ثلاثة غوالب: الهمزة والنون والتضعيف ولا يجوز الحكم بزيادتها معاً لئلا يبقي الكلمة على حرفين فحكمنا بزيادة اثنين منها ولا يجوز الحكم بزيادة النون والتضعيف ولا بزيادة الهمزة والتضعيف لأن ألَجَ ولَنَجَ مهملان فحكمنا بزيادة الهمزة والنون فهو من لجَّ كأنه يلج في نشر الرائحة والنجج: ملحق بسفر جل بزيادة الهمزة والنون قال: (فإنْ خَرَجَتَا مَعاً فَزَائِدٌ أيضاً كَنُونِ نَرْجِسٍ وَحِنْطَأْوٍ وَنُونِ جُنْدَبٍ إذَا لَمْ يَثْبُتْ جُخْدَبٌ إلَاّ أن تَشِذَّ الزِّيَادَةُ كَمِيم مَرْزَنْجُوشٍ دُونَ نُونِهَا إذْ لَمْ تُزَدِ الْمِيمُ أوَّلاً خَامِسَةً وَنُونِ بَرْنَاسَاءَ وَأَمَّا كُنَابِيلُ فَمِثْلُ خُزَعْبِيل) أقول: الحِنْطَأو: العظيم البطن والْبَرْنَاساء والبرْنساء: الإنسان يقال:
ما أدري أي البرناساء هو والجندَب: ضرب من الجراد وهو من الجدب واشتقاقه ظاهر فلم يكن لإيراده فيما لا اشتقاق فيه وجه والجخدب: الجراد الأخضر الطويل الرجلين وكُنَابيل: أرض معروفة وهو غير منصرف قوله: (فإن خرجتا معاً) أي: خرجت الزنتان معاً بتقدير أصالة الحرف وزيادته عن الأوزان الأصول حكمنا بالزيادة أيضاً: لما قلنا من كثرة المزيد فيها وقلة المجرد عن الزائد فنقول في نرجس نَفْعِلٌ وإن لم يأت في الأسماء نَفْعَلٌ كما لم يأت فَعْلِلٌ - بكسر اللام - وأما حنطأ فقال السيرافي: الأولى أن يحكم
باصالة جميع جروفه فيكون كجرد حل ومثله كنتأو (1) وسندأو (2) وقند أو (3) وقال الفراء في مثلها: الزائد إما النون وَحْدَها فهو فِنْعَلٌّ وإما النون مع الواو فهو فِنْعَلْوٌ وإما النون مع الهمزة فهو فِنْعَأْلٌ وجَعَلَ النون زائدة على كل حال وقال سيبويه: الواو مع ثلاثة أصول من الغوالب فيحكم بزيادتها وكل واحدة من النون والهمزة رَسِيلَتُهَا (4) فِي الأمثلة المذكورة فيجعل حكمُ إحداهما في الزيادة حكم الواو وإن لم يكونا من الغوالب والحكم بزيادة النون أولى من الحكم بزيادة الهمزة لكون زيادة النون في الوسط أكثر من زيادة الهمزة قال: وإنما لزم الواو الزائدة في الأمثلة المذكورة بعد الهمزة لأن الهمزة تخفى عند الوقف والواو تظهرها فوزنه عند سيبويه فِنْعَلْوٌ وإليه ذهب المصنف إذ لو ذهب إلى ما ذهب إليه السيرافي من أصالة الواو لم يكن يزيد في الأبنية المجردة وزنٌ بتقدير أصالة النون إذ يصير فعللا كجرد حل فعلى ما ذهب إليه ليس عدم النظير بمرجح في هذا الوزن لأنه من ذوات الزوائد بالتقديرين كما قلنا في ألَنْجُوج وخُنْفُسَاء قوله (ونون جُنْدَب إذا لم يثبت جُخْدَب) يعني إذا ثبت جخدب - بفتح الدال
- فلا يخرج جندب بأصالة النون عن الأصول والأولى أن جُنْدَباً فُنْعل ثبت جخدب اولا للاشتقاق لأن الجراد يكون سبب الْجَدْب ولهذا سمي جراداً لجَرْدِهِ وجه الأرض من النبات
(1) قال في القاموس: (والكنتاو - كسند أو: الجمل الشديد والعظيم اللحية الكثها أو الحسنها) اه (2) السنداو: الخفيف وقيل: هو الجرئ المقدم وقيل: هو القصير وقيل: هو الرقيق الجسم مع عرض راس والسنداو من الابل: الفسيح في مشيه (3) القنداو: السئ الخلق والقصير من الرجال والصغير العنق الشديد الراس والجرئ المقدم (4) يريد ان كلا من الهمزة والنون تبع للواو في الحكم (*)
قوله (إلا أن تشذ الزيادة) يعني لو أدى الحكم بزيادة الحرف إلى شذوذ الزيادة لم نحكم بزيادته ولو خرجت الكلمة بأصالته عن الأوزان أيضاً فلا يحكم بزيادة ميم مَرْزَنْجُوش (1) لأن الميم تشذ زيادتها في أول اسم غير جاز إذا كان بعده أربعة أحرف أصول أما في الجاري كَمُدَحْرِج فثابت قوله (دون نونها) أي: النون لا تشذ زيادتها فلما ثبت اصالة الميم وجب زيادة النون لأن الإسم لا يكون فوق الخماسي فهي فَعْلَنْلُولٌ قوله (ونون بَرْنَاساء) أي: أن وزنه فَعْنَالاء وإن كان غريباً غرابة فَعْلَالَاء إذ عدم النظير لا يرجح في المزيد فيه بالتقديرين كما مر في خنفساء ونحوه.
وما يوجد في النسخ (وأما كُنَأبيل (2) فمثل خَزَعْبِيل (3)) الظن أنه وهم: إما من المصنف أو من الناسخ لأن كنابيل بالألف لا بالهمزة والألف في الوسط عنده لا يكون للإلحاق كما تقدم
قال: (فإنْ لَمْ تَخْرُجْ فَبِالْغَلَبَةِ كَالتَّضْعِيفِ فِي مَوْضِعٍ أوْ مَوْضِعَيْنِ مع (الغلبة من ادلة الزيادة) ثَلَاثَةِ أُصُولٍ للإِلْحَاقِ وَغَيْرِهِ كَقَرْدَدٍ ومر مريس وعصبصب وهمرش وعند
(1) قال في اللسان: المرزجوش: نبت وزنه فعللول بوزن عضر فوط والمرزنجوش لغة فيه) اه (2) قال ياقوت في معجم البلدان: (كنابيل بالضم وبعد الالف باء موحدة ثم ياء مثناة من تحت ولام -: موضع عن الخارزنجى وغيره وقال الطرماح بن حكيم وقيل: ابن مقبل.
دعتنا بكهف من كنابيل دعوة * على عجل دهماء والركب رائح وهو من ابنية الكتاب) اه (3) الخزعبيل والخزعبل - باسقاط الياء -: الباطل والفكاهة والمزاح ومن اسماء العجب وقال ابن دريد: الخزعبيل الاحاديث المستظرفة (*)
الاخفش اصله هنمرش كجحمرش لِعَدَمِ فَعَّلِلٍ قَالَ: وَلِذَلِكَ لَمْ يُظْهِرُوا) أقول: اعلم أنهم [إنما] حكموا بزيادة جميع الحروف الغالبة في غير المعلوم اشتقاقه لأنه علم بالاشتقاق زيادة كثير من كل واحد منها فحمل ما جهل اشتقاقه على ما علم فيه ذلك إلحاقاً للفرد المجهول حاله بالأعم الأغلب وقد ذكرنا الكلام على تقديم المصنف المعرفةَ بعدم النظير على المعرفةَ بغلبة الزيادة فلا نعيده القَرْدَد: الأرض المستوية المرمريس: الداهية وهو من الممارسة لأنها تمارس الرجال ففيه معنى الاشتقاق وان كان خفيا والمرمريس ايضا:
الاملس والعصبصب: الشديد وفيه اشتقاق ظاهر لأنه بمعنى عصيب والْهَمَّرِش: العجوز المسنة وهو عند الخيل وسيبويه ملحق بجَحْمَرِش بتضعيف الميم وقال الأخفش: بل هو فَعْلَلِلٌ والأصل هَنْمَرِش وليس فيه حرف زائد قال: النون الساكنة إنما وجب إدغامها في الميم إذا كانتا في كلمتين نحو من مالك وأما في كلمة واحدة نحو أنملة فلا تدغم وكذا لو بنيت من عَمِلَ مثل قِرْطَعْبٍ بزيادة النون قبل الميم قلت: عِنْمَلٌّ بالإظهار لئلا يلتبس بِفِعَّلٍّ لكنه أدغم في هَنْمَرِشٍ لأنه لا يلتبس بِفَعَّلِلٍ لأن فَعَّلِلاً لم يثبت في كلامهم قال: والدليل على أنه ليس مضعف العين للالحاق انا لم بجد من بنات الأربعة شيئاً ملحقاً بجَحْمَرِشٍ قال السيرافي: بل جاء في كلامهم جرو نَخْوَرِشٌ (1) : أي يخرش لكونه قد كبر
(1) تقول: جرونخورش - كجحمرش - إذا تحرك وخدش ويقال: هو الخبث المقاتل ذكره في القاموس مادة (ن خ ر ش) فيدل على ان النون أصلية وذكره مرة اخرى في مادة (خ ر ش) فقال: (كلب نخورش كنفوعل - وهو من أبنية اغفلها سيبويه -: كثير الخرش) اه والقول بزيادة النون هو ما ذهب = (*)