المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌باب الوضوء 29 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ١

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌ ‌باب الوضوء 29 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن

‌باب الوضوء

29 -

عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لولا أن أشُقَّ على أمتي لأمرتهم بالسِّواك مع كِّل وضوء" أخرجه مالك وأحمد والنسائي وصححه ابن خزيمة وذكره البخاري تعليقا (1).

الحديث متفق عليه من حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة، رواه البخاري من حديث مالك (2)، ومسلم من حديث ابن عيينة (3) وهذا لفظه، كلاهما عنه. قال ابن مندة: وإسناده مجمع على صحته، وقال النووي: غلط بعض الكبار فزعم أن البخاري لم يخرجه (4)، وهو في الموطأ موقوف على أبي هريرة (5)، ورفعه (أ) عن مالك الشافعي.

وفي الباب عن زيد بن خالد رواه الترمذي وأبو داود (6)، وعن علي (7) رواه

(أ) في ب: فرفعه.

_________

(1)

مالك باب ما جاء في السواك 64 ح 115، أحمد 2/ 259، ابن خزيمة باب من ذكر الدليل على أن الأمر بالسواك فضيلة لا أمر فريضة 1/ 73 ح 140.البخاري تعليقا 4/ 185، النسائي بلفظ عند كل صلاة. الطهارة الرخصة في السواك بالعشي للصائم 1/ 12، والكبرى 1/ 6.

(2)

البخاري بلفظ (مع كل صلاة) 2/ 374 ح 887.

(3)

مسلم بلفظ (عند كل صلاة) 1/ 220 ح 42 - 252 قلت: فالحديث المتفق عليه بلفظ الصلاة، وليس الوضوء.

(4)

قال النووي: (غلط بعض الأئمة الكبار فزعم أن البخاري لم يروه وجعله من أفراد مسلم) المجموع 1/ 306.

(5)

في الموطأ موقوف على أبي هريرة بلفظ (مع كل وضوء) والمرفوع بدونها. الموطأ 64.

(6)

أبو داود 1/ 40 ح 47، والترمذي 1/ 35 ح 23.

(7)

أخرجه أحمد من حديث علي 1/ 80.

ص: 177

أحمد، وعن أم حبيبة (1) رواه أحمد أيضًا، وعن عبد الله بن عمرو وسهل بن سعد وجابر وأنس رواها (أ) أبو نعيم في كتاب السواك وإسناد (ب) بعضها حسن، وعن ابن الزبير رواه الطبراني (2)، وعن ابن عمر (3) وجعفر بن أبي طالب رواهما الطبراني أيضًا.

ولفظ السواك بكسر السين، قال أهل اللغة: يطلق على الفعل وعلى الآلة وذكر صاحب المحكم (4) أنه يذكر ويؤنث، يقال: ساك فمه يسوكه سوكا، فإن قلت: استاك لم تذكر الفم، وجمع السواك: سوك ككتاب وكتب، وقيل إن السواك مأخوذ من ساك إذا دلك، وقيل: من جاءت الإِبل تتساوك أي تتمايل هزالا، وهو في اصطلاح العلماء: استعمال عود أو نحوه في الأسنان ليذهب الصفرة وغيرها، والسواك سنة وليس بواجب إجماعا (5)، وقد حكي الخلاف عن داود فقال واجب (6)، ولا تفسد (الصلاة)(جـ) بتركه، وعن إسحاق بن راهويه (7) فقال: واجب وتفسد الصلاة بتركه عمدا، وقد أنكرت الرواية عنهما (8). أو مسبوقان بالإجماع، فلا اعتداد (د).

(أ) في جـ: رواه.

(ب) في ب: وإسناده.

(جـ) بهامش الأصل.

(د) زاد في هـ: بقولهما.

_________

(1)

أحمد 6/ 325.

(2)

مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني والبزار وقال: فيه راو لم يسم 2/ 97.

(3)

مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني الكبير والأوسط وقال: فيه سعيد بن راشد وهو ضعيف 2/ 98.

(4)

المحكم 7/ 93.

(5)

نقل كلام الإمام النووي وسبق أن قلنا أنه لا يعتد بخلاف داود. شرح مسلم 1/ 538.

(6)

قال الإمام النووي: وقد أنكر أصحابنا المتأخرون على الشيخ أبي حامد وغيره نقل الوجوب عن داود وقالوا: مذهبه أنه سنة كالجماعة .. شرح مسلم 1/ 538.

(7)

شرح مسلم 1/ 538.

(8)

انظر المجموع فإن النووي أنكر الروايات أما سبق الاجماع فلا يثبت أنهما سبقا بالإجماع لأنه لا يتصور في غير عهد الخلفاء الراشدين.

ص: 178

والحديث صريح في عدم الوجوب، وقوله: لأمرتهم، أي أمر إيجاب، وهو دليل أيضًا على أن الأمر حقيقة في الوجوب، إذ السواك مسنون إجماعا وما ورد من الأمر به فهو محمول على الندب كحديث (أ) أبي أمامة (1) مرفوعًا: تسوكوا فإن السواك مطهرة (ب) للفم.

أخرجه ابن ماجه وفيه علي بن يزيد الألهاني (2)، وهو ضعيف جدا، وحديث العباس مرفوعًا:"تدخلون عليّ قلحا (3)، استاكوا".

رواه البزار (4) في مسنده، وروى (جـ) أحمد في مسنده من حديث تمام عن العباس بلفظ:"ما لي أراكم تأتوني قلحا؟ استاكوا"(5). رواه البيهقي في سننه من حديث ابن عباس: "عليك بالسواك فإنه مطهرة للفم"(6). وفيها أبو علي الصيقل وهو مجهول، قاله ابن السكن وغيره.

وحديث ابن عباس تفرد به الخليل بن قرة، وهو منكر الحديث، كما قال البخاري.

واعلم أن السواك يستحب في جميع الأوقات، ويشتد استحبابه في خمسة

(أ) في هـ: لحديث.

(ب) في هـ: مطهر.

(جـ) في ب وجـ: رواه.

_________

(1)

سنن ابن ماجه 1/ 106 ح 289.

(2)

علي بن يزيد بن أبي زياد الألهاني الدمشقي: ضعيف، قال البخاري: منكر الحديث التقريب 248، الخلاصة 278.

(3)

القلح: بفتح القاف واللام صفرة الأسنان، القاموس 1/ 253.

(4)

كشف الأستار 1/ 243 ح 498، وقال البزار: لا نعلمه بهذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن العباس بهذا الإسناد.

والبيهقي 1/ 36 عن ابن عباس.

(5)

أحمد 1/ 214، ومن حديث ابن عباس أخرجه البيهقي 1/ 36 وليس فيه استاكوا.

(6)

أحمد 2/ 108، بلفظ (فإنه مطيبة للفم).

ص: 179

أوقات أحدها: عند الصلاة سواء كان متطهرا بماء أو تراب أو غير متطهر كمن لم يجد ماء ولا ترابا. الثاني: (أعند الوضوء، الثالث أ): عند قراءة القرآن. الرابع عند الاستيقاظ من النوم. الخامس: عند تغير الفم، وتغيره يكون بأشياء منها: ترك الأكل والشرب، ومنها: أهل ما له رائحة كريهة، ومنها: طول السكوت، ومنها: كثرة الكلام. ومذهب الشافعي (1) أن السواك يكره للصائم بعد زوال الشمس لئلا تزول رائحة الخلوف المستحبة، ويستحب أن يستاك بعود من أراك، وبأي شيء استاك مما يزيل التغيير (ب) كالخرقة الخشنة والسعد والأشنان، والإِصبع إن كانت لينة لم يحصل بها السواك، وإن كانت خشنة ففيها ثلاثة أوجه للشافعية، المشهور: لا تجزئ، والثاي تجزئ، والثالث تجزئ إن لم يجد غيرها، والمستحب أن يستاك بعود متوسط لا شديد اليبس يجرح ولا رطب لا يزيل، ويستاك عرضا لا طول لئلا يدمي لحم أسنانه، وأن يمر السواك أيضًا على طرف أسنانه وكرسي أضراسه، وسقف حلقه إمرارا لطيفا، وأن يبدأ في سواكه بالجانب الأيمن من فمه، ولا بأس باستعمال سواك غيره بإذنه، وأن يعود الصبي السواك ليعتاده.

وفي الحديث دليل على جواز الاجتهاد (2) للنبي صلى الله عليه وسلم فيما لم يرد فيه نص من

(أ) ما بينهما بهامش هـ.

(ب) في ب: التغير.

_________

(1)

شرح مسلم 1/ 538.

(2)

اختلف الأصوليون هل يجوز للنبي صلى الله عليه وسلم الحكم بالاجتهاد فيما لا نص فيه أو لا يجوز.

أ) قال أكثر الأصوليين: يجوز للنبي الاجتهاد مطلقا من غير تقييد.

ب) قال الحنفية: إنه عليه الصلاة والسلام مأمور إذا عرضت له مسألة أن ينتظر الوحي إلا أن يخاف فوت الحادثة ثم الاجتهاد إذا لم يوح إليه.

جـ) قال بعض الأشاعرة والمعتزلة: ليس له الاجتهاد في الأحكام الشرعية، وقال بعضهم: له الاجتهاد في الحروب دون غيرها.

المستصفى 2/ 355. أصول الفقه للخضري 371، التبصرة في أصول الفقه 521.

ص: 180

الله تعالى، وهذا مذهب أكثر الفقهاء وأصحاب الأصول، وفيه بيان ما كان النبي (أ) صلى الله عليه وسلم عليه من الرفق بأمته (ب)، وفيه دليل على فضيلة السواك عند كل صلاة، وفي رواية مسلم:"عند كل صلاة"(1) فإن قيل: من أين أخذ سنيته، وحديث الباب إنما مفهومه رفع وجوبه خشية المشقة ورفع الوجوب أعم من السنة؟ قلت: لما دل الحديث على ما ذكر، وعلم (جـ) مواظبة (د) النبي صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك ليس خاصا به كان مع ذلك مشروعا في (حقنا) للتأسي به، وقد ارتفع الوجوب، فتعين الندب والسنة لأنه صار عادة وطريقة منه صلى الله عليه وسلم والله سبحانه أعلم (2). وأيضًا فلما في تلك الأحاديث من الأمر كان كان فيها ضعف (ز) فبعضها مقو للبعض.

وحديث أبي أيوب: أربع من سنن المرسلين، (الحناء)(ح) والسواك والتعطر والنكاح. رواه أحمد والترمذي (3)، ورواه ابن أبي خيثمة وغيره من

(أ) في هـ: للنبي.

(ب) في هـ: لأمته.

(جـ) زاد في جـ: من.

(د) في ب وهـ.: مواظبته.

(هـ) ما بينهما بهامش هـ.

(و) في ب: صعيف.

(ز) في النسخ: الختان، (والتصحيح من أبي داود والطبراني، وفي البدر والتلخيص: الختان 1: 104 التلخيص 1/ 77.

_________

(1)

1/ 220 ح 42 - 252.

(2)

شرح مسلم مع التصرف 1/ 538 - 539.

(3)

أحمد 5/ 421 والطبراني 4/ 219 ح 4085.

الترمذي 3/ 391 ح 1080، وكلهم ذكروها غير مرتبة.

ص: 181

حديث مليح بن عبد الله عن أبيه عن (1) جده نحوه، ورواه الطبراني (2) من حديث ابن عباس وحديث عائشة (3) عشر من الفطرة فذكر فيها السواك. رواه مسلم، وأبو داود من حديث عمار (4)، وحديث أبي هريرة: الطهارات أربع فذكر فيها (أ) السواك. رواه (ب) البزار ورواه الطبراني (5) من حديث أبي الدرداء، وحديث أم سلمة (6): ما زال جبريل عليه السلام يوصينى بالسواك حتى خشيت أن يدردني (7). رواه الطبراني والبيهقي، ورواه ابن ماجه من حديث أبي أمامة (8)، ورواه الطبراني (9) من حديث سهل بن سعد، ورواه أبو نعيم من حديث جبير بن مطعم وأبو الطفيل وأنس والمطلب بن عبد الله ورواه أحمد (10) من طريق ابن عباس ورواه ابن السكن من حديث عائشة، وحديث عائشة (11): فضل الصلاة التي يستاك لها على التي لا يستاك لها بسبعين ضعفا. رواه أحمد وابن خزيمة والحاكم والدراقطني، وغيرهم، وغر ذلك من الأحاديث فهي قاضية بشرعيته، وإن أفهم بعضها الوجوب فهو مدفوع بحديث الباب فبقى (جـ) السنية.

(أ)، (ب) سقطنا من هـ.

(جـ) في جـ: فبقيت.

_________

(1)

كشف الأستار 1/ 244 ح 500.

(2)

الطبراني 4/ 219 من حديث أبي أيوب.

(3)

أخرجه مسلم من حديث عائشة 1/ 223 ح 56 - 261، وأبو داود 1/ 44 ح 53، الترمذي 4/ 90 ح 2757، ابن ماجه 1/ 107 ح 293، أحمد 6/ 137.

(4)

أبو داود 1/ 45 ح 54، ابن ماجه 1/ 107 ح 294.

(5)

مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني والبزار وقال: فيه معاوية بن يحيى الصدفي وهو ضعيف 5/ 168.

(6)

البيهقي 7/ 49، الطبراني 23/ 251 ح 510 ولفظه: حتى خفت على أضراسي.

(7)

أي يذهب بأسناني، والدرد: سقط الأسنان.

(8)

ابن ماجه 1/ 106 ح 289.

(9)

مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني 2/ 99.

(10)

أحمد من طريق ابن عباس 1/ 237.

(11)

أحمد بمعناه 6/ 272، ابن خزيمة 1/ 71 ح 137، الحاكم 1/ 146.

ص: 182

فائدة: ورد في تعيين ما يستاك به حديث وفد عبد القيس: فأمر لنا بأراك وقال: استاكوا بهذا (1)، وذكر البخاري في تاريخه (2) نحوا من هذا في قصتهم وفي مسند أبي يعلى من حديث ابن مسعود قال:"كنت أجتني لرسول الله صلى الله عليه وسلم سواكا بن أراك"(3)، وروى أبو نعيم في معرفة الصحابة من ترجمة أبي زيد الغافقي (أ) رفعه "الأسوكة ثلاثة: أراك، فإن لم يكن (ب) أراك فعنم أو بطم" (4)، قال راويه: العنم: الزيتون (5)، وروى الطبراني من حديث معاذ رفعه: "نعم السواك الزيتون من شجرة مباركة يطيب الفم ويذهب الحفر، وهو سواكي وسواك الأنبياء قبلي" (6)، وسواك عبد الرحمن بن أبي بكر الذي شق للنبي صلى الله عليه وسلم في مرضه، وقع في البخاري "أنه كان جريدة رطبة" (7)، ووقع في المستدرك "أنه أراك رطب" (8)، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن السواك بعود الريحان، وقال: "إنه يحرك عرق الجذام"، ذكره ابن أبي شامة في مسنده، وهو مرسل ضعيف (9)، وورد في الاستياك بالإِصبع من حديث أنس: يجزئ من السواك الأصابع.

(أ) في جـ: العاملي.

(ب) زاد في هـ: يجد.

_________

(1)

الطبراني الكبير 22/ 68 ح 923، قال الهيثمي: إسناده حسن مجمع الزوائد 2/ 100.

(2)

التاريخ الكبير 9/ 28.

(3)

مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى 9/ 289.

(4)

جمع الجوامع ص 2، 38 ص 10105، وعزاه السيوطى لأبي نعيم في كتاب السواك عن أبي زيد الغافقي. والعنم: شجرة حجازية لها ثمرة القاموس 4/ 156.

والبطم: شجر الحبة الخضراء. القاموس 4/ 81، وهو مثبت بحاشية النسخ إلا ب.

(5)

التلخيص 1/ 82.

(6)

مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني في الأوسط وقال: فيه معلل بن محمد ولم أجد من ذكره 2/ 100.

(7)

البخاري مع الفتح 8/ 144 ح 4451.

(8)

الذي في التلخيص الحبير 1/ 72 ووقع في المستدرك أنه كان من أراك رطب والحديث في المستدرك وليس فيه ذكر للأراك 1/ 145.

(9)

الجامع الصغير 2/ 335، وقال: مرسل ضعيف.

ص: 183

رواه ابن عدي والدارقطني والبيهقي (1)، ومن حديث علي (2) رضي الله عنه أنه دعا بكوز من ماء، فغسل وجهه وكفيه ثلاثا وتمضمض فأدخل بعض أصابعه في فيه رواه أحمد، وقريب منه من حديث عثمان (3). رواه أبو عبيد في كتاب الطهور، وروى (أ) الطبراني في الأوسط (4) من حديث عائشة، قلت: يا رسول الله الرجل يذهب فوه، أيستاك؟ قال: نعم. قلت: كيف يصنع؟ قال: يدخل إصبعه في فيه. وفيه الوليد بن مسلم، ضعفه ابن حبان (5). قال في البدر المنير (6): قد ذكر في السواك زيادة على مائة حديث فواعجبا لسنة يأتي فيها الأحاديث الكثيرة ثم يهملها كثير من الناس بل كثير من الفقهاء، فهذه خيبة عظيمة. قال ابن دقيق العيد: السر في استحباب السواك عند القيام إلى الصلاة أنا مأمورون في كل حالة من أحوال التقرب إلى الله تعالى أن نكون في حال كمال

(أ) في ح: ورواه.

_________

(1)

الكامل 5/ 1971، سنن البيهقي 1/ 40، فيه عبد الحكم القسملي وهو ضعيف قال البخاري: عبد الحكم القسملي عن أنس منكر الحديث، الكامل 5/ 1971، التهذيب 6/ 107.

(2)

أحمد 1/ 58 وفيه مختار بن نافع، قال البخاري: منكر الحديث، قال النسائي: ليس بثقة، الميزان 4/ 80.

(3)

أبو عبيد في الطهور ل 1.

(4)

مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني في الأوسط وقال: فيه عيسى بن عبد الله الأنصاري وهو ضعيف. مجمع 2/ 100، وأخرجه ابن عدي في الكامل في ترجمة عيسى 5/ 1893 قلت: عيسى ضعيف، قال ابن حبان وابن عدي، عامة ما يرويه لا يتابع عليه. المجروحين 2/ 121، الكامل 5/ 1892 - 1893 - الميزان 3/ 316.

(5)

الوليد بن مسلم لم يترجم له ابن حبان في الضعفاء وليس في الرواة وليد بن مسلم ضعيف وترجم صاحب التقريب لاثنين وكلاهما ثقة.

وأظن المؤلف سبق القلم في النقل من التلخيص فإن صاحب التلخيص قال عند ذكر الحديث: رواه من طريق الوليد بن مسلم ثنا عيسى بن عبد الله الأنصاري عن عطاء عنها وقال: لا يروى إلا بهذا الإسناد، قلت: عيسى ضعفه ابن حبان وذكر له ابن عدي هذا الحديث من مناكيره .. التلخيص 1/ 71.

(6)

البدر 1/ 117.

ص: 184

ونظافة إظهارًا لشرف العبادة (1)، وقد روى البزار (2) في مسنده من حديث عليّ ابن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن العبد إذا تسوك ثم قام يصلي قام الملك خلفه، فيستمع (أ) لقراءته، فيدنو منه، أو كلمة نحوها، حتى يضع فاه على فيه فما يخرج من فيه شيء إلا صار في جوف الملك فطهروا أفواهكم (ب) للقرآن". ورجاله رجال الصحيح، وفيه فضيل بن سليمان النميري وهو كان أخرج (جـ) له البخاري ووثقه ابن حبان فقد ضعفه الجمهور (3).

30 -

وعن حُمران أن عثمان رضي الله عنه دعا بوضوء، فغسل كفيه ثلاث مرات ثم مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ واسْتَنثَرَ، ثم غسل وجهه ثلاث مرات، ثم غسل يده اليمنى إلى المِرْفَق ثلاث مرات، ثم اليُسرى مثل ذلك، ثم مسح برأسه، ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين ثلاث مرات، ثم اليسرى مثل ذلك ثم قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ (د) نحو وضوئي هذا" متفق عليه (4).

(أ) في جـ: فيسمع.

(ب) في هـ: أفواههم.

(جـ) في جـ: أخرجه.

(د) في ب: يتوضأ.

_________

(1)

إحكام الأحكام 1/ 2774.

(2)

كشف الأستار 1/ 242، قال البزار: لا نعلمه عن علي بأحسن من هذا الإسناد وقد رواه بعضهم عن أبي عبد الرحمن السلمي عن على موقوفًا، وقال الهيثمي: عند ابن ماجه طرف منه موقوف ابن ماجه= / 106 ح 291.

(3)

قلت: وقد ناقش وضعه ابن حجر في مقدمة فتح البخاري فقال: قال الساجي: كان صدوقا وعنده مناكير. وقال أبو زرعة: لين الحديث، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه وليس بالقوي وقال: روى له الجماعة وليس له في البخاري سوى أحاديث توبع عليها. الثقات لابن حبان 7/ 316. هدي الساري 435.

(4)

اللفظ لمسلم وفيه زيادة "دعا بوضوء فتوضأ" وليس فيه واستنشق. الطهارة باب صفة الوضوء وكماله 1/ 204 - 205 ح 3 - 226، البخاري الوضوء باب الوضوء ثلاثا 1/ 259 ح 159، أبو داود الطهارة باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم -1/ 78 ح 106، النسائي بمعناه المضمضة والاستنشاق 1/ 56، ابن ماجه بمعناه كتاب الطهارة وسننها باب ثواب الطهور 1/ 105 ح 285، أحمد 1/ 59.

ص: 185

وتمام الحديث: فقال: "من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه".

هو حمران بضم الحاء وسكون الميم والراء المهملة، ابن أبان بفتح الهمزة وفتح الباء الموحدة وهو ابن عم صهيب بن سنان من سبي عين التمر، سباه خالد بن الوليد فوجده غلاما كيسا أحمر فوجهه إلى عثمان (1) فأعتقه، صحيح الحديث، حديثه عند أهل المدينة. روى عن عثمان بن عفان وروى عنه عروة بن الزبير ومحمد بن المنكدر وزيد بن أسلم.

الوضوء بفتح الواو اسم الماء وبضمها (أ) الفعل على الأكثر وحكى في كل منهما الاطراد وهو مشتق من الوضاءة لأن المصلي يتنظف به فيصير وضيئا، وهو يحتمل أن يكون اسما للماء المعد للوضوء فلا يصلح احتجاج القائل بأن الماء المستعمل طاهر بحديث جابر "فصب عليَّ من وضوئه"(2) وأن يكون اسما للماء الذي وقع به الفعل وهو ما انفصل عن الأعضاء فيصلح الاحتجاج بالحديث المذكور.

قوله: فغسل كفيه، هذا دليل على أن غسلهما في الوضوء سنة (3) وهو كذلك باتفاق العلماء، وقوله ثم مضمض، ثم: مشعرة بالترتيب على حقيقة وضعها والمضمضة مشعرة بالتحريك (4)، ومنه مضمض النعاس في عينيه، واستعملت هنا لتحريك الماء في الفم، وقيل: المضمضة أن تجعل الماء في الفم،

(أ) في جـ: وبفتحها.

_________

(1)

في التقريب: أنه اشتراه زمن أبي بكر، التقريب 82 الخلاصة 93.

(2)

طرف من حديث جابر قال: عادني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض، وفيه (ثم صب علي من فضل وضوئه) مسلم كتاب الفرائض 3/ 1234 ح 5/ 1616.

(3)

يحسن تقييده في غير القيام من النوم، فإنه اختلف فيه بين الوجوب والاستحباب المغني 1/ 98، والمؤلف هنا نقل من النووي والغريب أن صاحب المهذب ذكر تقييد النوم ومع ذلك يذكر الاتفاق. المجموع 1/ 362، 363.

(4)

القاموس 2/ 357.

ص: 186

ثم تمجه، فعلى هذا لو ابتلع لم يفعل المضمضة، وعند أصحاب الشافعي (1) كمالها أن يجعل الماء في فيه، ثم يديره فيه، ثم يمجه، وأقلها أن يجعل الماء في فيه ولا يشترط إدارته على المشهور عندهم وعند بعضهم يشترط. وأما الاستنشاق فهو إيصال الماء إلى داخل الأنف وجذبه بالنفس إلى أقصاه، ويستحب المبالغة فيهما إلا أن يكون صائما والاستنثار: قال جمهور (أ) أهل اللغة والفقهاء والمحدثين هو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق (2)، وقال ابن الأعرابي وابن قتيبة (3) هو الاستنشاق، والصواب الأول بدليل العطف، وهو مأخوذ من النثرة وهي طرف الأنف، وقال الخطابي (4) وغيره هي الأنف واهور الأول. قال الأزهري (5) روى سلمة عن الفراء أنه يقال: نثر الرجل وانتثر واستنثر (ب) إذا حرك النثرة في الطهارة، ولا كراهة في اجتذاب الماء من دون إعانة اليد وقد حكي عن مالك الكراهة لكونه يشبه فعل الدابة والمستحب أن يكون باليسرى (6) بوب عليه النسائي (7) وأخرجه مقيدا بها من حديث علي. وقوله: ثم غسل وجهه، الوجه: مشتق من المواجهة، والفقهاء اعتبروا هذا الاشتقاق وبنوا عليه أحكاما.

وقوله: ثلاثا، يفيد استحباب هذا العدد في كل ما ذكر فيه (جـ)، وقوله: إلى

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) بهامش هـ.

(جـ) ساقطة من جـ.

_________

(1)

شرح مسلم 1/ 505، المجموع 1/ 369.

(2)

القاموس 2/ 143، النهاية 5/ 15.

(3)

قال ابن الأعرابي: النثرة طرف الأنف ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم في الطهارة: "استنثر"، قال ومعناه استنشق وحرك النثرة. لسان العرب 5/ 193.

(4)

النهاية 5/ 15، اللسان 5/ 191، غريب الحديث للخطابي 1/ 136.

(5)

تهذيب اللغة 15/ 73 ولم أقف عليه بلفظه.

(6)

شرح مسلم 1/ 505، الفتح 1/ 292.

(7)

بوب النسائي بلفظ بأي اليدين يستنثر؟ 1/ 58.

ص: 187

المرافق، المرفق فيه ثلاث لغات: بكسر الميم وفتح الفاء، وبفتح الميم وكسر الفاء كمسجد، وبفتح الميم والفاء كمطلع، وإلى موضوعة للانتهاء، وقد تستعمل بمعنى مع ولكن بين (أأن المراد بها في الآية (1) الثاني فعل النبي صلى الله عليه وسلم في حديث جابر "كان يدير الماء على أ) مرفقيه (2) " أخرجه الدارقطني بسند ضعيف، وأخرج بسند حسن من حديث عثمان في صفة الوضوء:"فغسل يديه إلى المرفقين حتى مسح أطراف العضدين"(3) وفي البزار (4) والطبراني من حديث وائل بن حجر في صفة الوضوء، وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفق، وفي الطحاوي والطبراني من حديث ثعلبة بن عباد عن أبيه مرفوعًا، ثم غسل ذراعيه حتى يسيل الماء على مرفقيه (5). فهذه الأحاديث يقوي بعضها بعضا، قال إسحاق بن (6) راهويه. إلى في الآية يحتمل أن يكون بمعنى الغاية وأن تكون بمعنى مع، فبينت السنة أنها بمعنى مع قال الشافعي في الأم:"لا أعلم مخالفا في إيجاب دخول المرفقين في الوضوء"(7)، وقد خالف في ذلك زفر (8) وهو محجوج على هذا بالإجماع قبله

(أ) ما بينهما بهامش هـ.

_________

(1)

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ

} [المائدة: 6] الآية 6 من سورة المائدة.

(2)

الدارقطني 1/ 83.

فيه القاسم بن محمد بن عقيل الهاشمي الطالبي قال أبو حاتم: متروك، وقال أحمد: ليس بشيء، قال الحافظ: إسناده ضعيف، الفتح 1/ 292.

(3)

الدارقطني 1/ 83.

(4)

كشف الأستار 1/ 140 ح 268، الطبراني الكبير 22/ 49 - 51 ح 118، قال الهيثمي: سعيد بن عبد الجبار قال النسائي: ليس بالقوي وذكره ابن حبان في الثقات وفي سند البزار والطبراني محمد بن حجر وهو ضعيف. مجمع الزوائد 1/ 232.

(5)

شرح معاني الآثار 1/ 37 ومجمع الزوائد 1/ 224، وعزاه إلى الطبراني الكبير.

(6)

الفتح 1/ 292.

(7)

الأم 1/ 22، وكونه لا يعلم مخالفا لا يعتبر إجماعًا.

(8)

البناية في شرح الهداية 1/ 106.

ص: 188

وكذا من قال بقوله من أهل الظاهر، ولم يثبت مثل ذلك عن مالك صريحا، وإنما حكى عنه أشهب كلاما محتملا (1) وقال الزمخشرى (2): لفظ "إلى" يفيد معنى الغاية مطلقا فأما دخولها في الحكم وخروجها فأمر يدور مع الدليل، فقوله تعالى:{ثم أتموا الصيام إلى الليل} (3) دليل عدم الدخول (أ) النهي عن الوصال، وقول القائل: حفظت القرآن عن (ب) أوله إلى آخره، دليل الدخول كون كلامه مسوقا لحفظ جميع القرآن وقوله تعالى:{إلى المرافق} ، لا دليل فيه على أحد الأمرين، قال: فأخذ العلماء بالاحتياط، ووقف زفر مع المتيقن انتهى (4)(5).

وقوله: ثم مسح برأسه، قال القرطبي: الباء للتعدية يجوز حذفها وإثباتها كقولك (جـ): مسحت رأس اليتيم، ومسحت برأسه، وقيل (د) دخلت الباء لتفيد معنى آخر وهو أن الغسل لغة يقتضي مغسولا به والمسح لغة لا يقتضي ممسوحا به (هـ) فلو قال: وامسحوا رؤوسكم لأجزأ المسح باليد بغير ماء، فكأنَّه قال: وامسحوا برؤوسكم الماء وهو من باب القلب، والأصل: وامسحوا رؤوسكم بالماء، والظاهر أنه يجب مسح الرأس جميعه إذ هو اسم للكل، وقال الشافعي (6): احتمل قوله تعالى: {وامسحوا برؤوسكم} جميع الرأس أو بعضه،

(أ) في جـ: لدخول.

(ب) في هـ: من.

(جـ) في جـ: وقد.

(د) في جـ: وقد.

(هـ) ساقطة من جـ.

_________

(1)

الفتح 1/ 292 - البناية 1/ 106.

(2)

المفصل 8/ 14.

(3)

آية 187 سورة البقرة.

(4)

الفتح 1/ 292.

(5)

قال سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز في تعليقه على الفتح، روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم "ثم غسل يديه حتى أشرع في العضد -إلى أن قال ثم غسل رجليه حتى أشرع في الساق" فهذا الحديث صحيح صريح في إدخال الكعبين والمرفقين في المغسول. الفتح 1/ 292.

(6)

الأم 1/ 22.

ص: 189

ودلت السنة أن بعضه يجزئ والفرق بينه وبين قوله تعالى: فامسحوا بوجوهكم في آية التيمم أن المسح فيه بدل عن الغسل (أ) ومسح الرأس أصل وافترقا، ولا يرد كون مسح الخف بدلا عن غسل الرجل لأن الرخصة فيه ثبتت بالإِجماع، والسنة هو ما رواه الشافعي من حديث عطاء "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فحسر العمامة عن رأسه ومسح مقدم رأسه"(1)، وهو مرسل، لكنه اعتضد بمجيئه من وجه آخر موصولا، أخرجه أبو داود من حديث أنس (2)، وفي سنده أبو معقل، لا يعرف حاله، فقد اعتضد كل من المرسل والموصول بالآخر، وحصلت (ب) القوة من الصورة المجموعة (3)، وهذه قاعدة للشافعي في العمل بالمرسل (4).

وفي الباب أيضًا عن عثمان في صفة الوضوء قال: ومسح مقدم رأسه. أخرجه سعيد بن منصور، وفيه خالد بن يزيد بن أبي مالك (5)، مختلف فيه، وصح عن ابن عمر الاكتفاء ببعض الرأس قاله ابن المنذر وغيره (6)، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، والحديث يدل على عدم تكرير المسح.

وقوله: ثم غسل رجله اليمنى إلى الكعبين، وقوله: إلى الكعبين مثلما تقدم في

(أ) في جـ: الأصل.

(ب) في ب وجـ: وجعلت.

_________

(1)

مسند الشافعي 14.

(2)

سنن أبي داود 1/ 102 ح 147.

فيه أبو معقل: مجهول، الخلاصة 460، التقريب 436.

(3)

نقل كلام ابن حجر في الاستدلال لمذهب الشافعي يرحمه الله في إجزاء مسح بعض الرأس. وهي مسألة خلافية. قال الإمام أحمد: ورواية عن مالك أنه يجب مسح جميع الرأس، ورواية أخرى عن الإمام أحمد بالإجزاء رهو مذهب الشافعي وأصحاب الرأي، قال صاحب المغني: والظاهر عن أحمد في حق الرجل وجوب الاستيعاب 1/ 125.

(4)

انظر الرسالة للإمام الشافعي 462 - 465.

(5)

خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك أبو هاشم الدمشقي ضعيف وكان فقيها وقد اتهمه ابن معين، وقال: النسائي ليس بثقة. التقريب 91، الخلاصة 103، ضعفاء العقيلي 2/ 17.

(6)

ولكن حديث عبد الله بن زيد في البخاري وفيه (ثم مسح رأمه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدء بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه) فالعمل به أولى 1/ 9289 ح 185، وسيأتي ح 31.

ص: 190

إلى (أ) المرفقين، والمشهور أن الكعب هو العظم الناشز عند ملتقى (ب) الساق والقدم، وحكى محمد بن الحسن (1) عن أبي حنيفة أنه العظم الذي في ظهر القدم عند معقد الشراك، وروي عن ابن القاسم عن مالك مثله، والأول هو الصحيح الذي يعرفه أهل اللغة، وقد أكثر المتقدمون الرد على من زعم ذلك، ومن أوضح الأدلة على ذلك حديث النعمان بن بشير الصحيح في صفة الصف في الصلاة "فرأيت الرجل منا يلزق كعبه بكعب صاحبه"(2).

وقوله: نحو وضوئي ولم يقل مثل وضوئي، لأن حقيقة مماثلته صلى الله عليه وسلم لا يقدر (جـ) عليها غيره.

وقوله: لا يحدث فيهما (د) نفسه (هـ)، المراد به لا يحدث بشيء من أمور الدنيا، وما لا يتعلق بالصلاة، ولو عرض له حديث فأعرض عنه بمجرد عروضه عفي عن ذلك، وحصلت له هذه الفضيلة إن شاء الله تعالى، لأن هذا ليس من تكليفه، وقد عفي لهذه الأمة عن الخواطر التي تعرض ولا تستقر، وقد أشار إليه بقوله: يحدث إذ هو في معنى يفعل التحديث ولا يكون ذلك إلا مع قصد واعتمال ذكره النووي (3).

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: ملقى.

(جـ) في جـ: لم يقدر.

(د) في جـ: فيها.

(هـ) زاد في جـ: و.

_________

(1)

قال الكاساني: وما روى هشام عن محمد أنه المفصل الذي عند معقد الشراك على ظهر القدم غير، صحيح، وإنما قال محمد في مسألة المحرم إذا لم يجد نعلين أنه بقطع الخف أسفل الكعب فقال: إن الكعب هنا الذي في مفصل القدم، فنقل هشام ذلك إلى الطهارة. بدائع الصنائع 1/ 94.

(2)

أخرجه أبو داود من حديث النعمان (أقبل رسول الله بوجهه على الناس وفيه (فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه، وركبته بركبته، وكعبه بكعبه) كتاب الصلاة باب تسوية الصفوف 1/ 432 ح 662.

(3)

شرح مسلم 1/ 507.

ص: 191

قال المصنف (1) رحمه الله قد ثبت التعبير بمثل (أ) في رواية البخاري (2) في الرقاق ولمسلم (3) أيضًا في حديث حمران من طريق زيد بن أسلم وعلى هذا فالتعبير بنحو (ب من تصرف الرواة لأنها تستعمل بمعنى ب) مثل مجازا ولأدن مثل وإن كانت تقتضي المساواة ظاهرا لكنها تطلق على الغالب فبهذا تلتئم الروايتان ويكون المتروك بحيث لا يخل بالمقصود انتهى. والله أعلم) (جـ).

وفي الحديث دلالة على استحباب الصلاة بعد الوضوء، وأن هذا من أسبابها ولذلك لا يكره في الأوقات المكروهة عند الشافعي (4)، وتحصل الفضيلة بصلاة الفريضة ونحوها، كما تحصل تحية المسجد بها.

والحديث قد صرح فيه بأكمل حالات الوضوء من الترتيب والتثليث فيما عدا المضمضة والاستنشاق ومسح الرأس وتعميم الأعضاء بإفاضة الماء عليها ورتب على ذلك هذه الفضيلة (د المذكورة في تمام الحديث د) وظاهره أنه إذا لم يكن على الصفة المذكورة لم يستحق الفضيلة المذكورة، وأما أنه لا يحصل الوضوء الذي تجزئ به الصلاة المطلقة إلا بهذه الكيفية فلا، وفي ذلك تفصيل.

أما الترتيب ففيه خلف الحنفية (5)، وأما التثليث فغير واجب إجماعا وقد

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) ما بينهما بهامش هـ

(جـ) ما بين القوسين بهامش الأصل.

(د) ما بينهما ساقط من جـ.

_________

(1)

الفتح 2/ 260.

(2)

البخاري 11/ 250 ح 6433.

(3)

مسلم 1/ 207 ح 8 - 229.

(4)

المجموع 1/ 454.

(5)

البناية 1/ 182 فقالوا: سنة.

ص: 192

صرح بذلك في الأحاديث الصحيحة من وضوئه مرتين ومرة (أ) وبعضها بالتثليث، والبعض بخلاف ذلك (1)، وأما المضمضة والاستنشاق فقال بوجوبهما (ب) الهادي والقاسم والمؤيد بالله (2) في الوضوء والغسل، قالوا: لأنهما من الوجه وقد ثبت الأمر بهما بإسناد صحيح أخرجه أبو داود في السنن قال في آخر الحديث: وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما (3)، وقال في رواية ابن جريج بهذا الحديث:"إذا توضأت فتمضمض"(4) وقال الناصر والشافعي (5): إنهما سنة، قالا لقوله:"عصر من سنن المرسلين"(6) قلنا: لم يُرِد السنة الاصطلاحية وإنما أراد بها الطريقة والعادة، ولقوله للأعرابي:"توضأ كما أمرك الله"(7) فأحاله على الآية، وليس فيها ذكر الاستنشاق، وأجيب بأنه يحتمل أن يراد بالأمر ما هو أعم من آية الوضوء فقد أمر الله باتباع نبيه، ولم يحك أحد ممن وصف وضوءه على الاستقصاء أنه ترك الاستنشاق بل ولا المضمضة، وهذا قاض بالوجوب (ويرد على الجواب أن في رواية لأبي داود (8) والدارقطني: "لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله (جـ) فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح برأسه

(أ) الواو ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: بوجوبها.

(جـ) لفظ الجلالة غير موجود في جـ.

_________

(1)

في صحيح البخاري عن ابن عباس أنه قال: توضأ النبي صلى الله عليه وسلم مرة مرة ح 157، وحديث عبد الله بن زيد أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين ح 158، وحديث عثمان في الثلاث.

(2)

البحر الزخار 1/ 61.

(3)

و (4) أبو داود من حديث لقيط بن صبرة 1/ 97 ح 142 ح 144.

(5)

البحر الزخار 1/ 61، المجموع 1/ 373.

(6)

لم أقف على النص إنما فيه عشر من الفطرة وتقدم في حديث 28 قلت: وأورده الحافظ في التلخيص بلفظ عشر من السنة 1/ 77.

(7)

أبو داود 1/ 538 ح 861.

(8)

أبو داود 1/ 536 - 537 ح 858، الدارقطني 1/ 95 - 96 ح 4 البيهقي 1/ 44، ابن ماجه 1/ 156 ح 460.

ص: 193

ورجليه إلى الكعبين وقد ذكره ابن حزم في المحلى) (1)(أ) وذكر ابن المنذر أن الشافعي لم يحتج إلا بكونه لم يعلم خلافا في أن تاركهما لا يعيد، وهذا دليل فقهي (2)، فإنه لا يحفظ ذلك عن أحد من الصحابة ولا التابعين إلا عن عطاء (3)، وثبت عنه أنه رجع عن إيجابه الإِعادة، ذكره ابن المنذر ولم يذكر في هذه الرواية عددا وقد ورد في رواية سفيان عن أبي الزناد ولفظه "وإذا استنثر فليستنثر وترا"، أخرجه الحميدي (4) في مسنده عنه، وأصله لمسلم وفي حديث أبي هريرة "فليستنثر ثلاثا، فإن الشيطان يبيت على خيشومه (5)، (وأخرج أبو داود من حديث المقدام بن معد يكرب الكندي قال: "أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضأ فغسل كفيه ثلاثا ثم تمضمض واستنشق ثلاثا" (6) الحديث. وذكر أبو داود التثليث فيهما في أحاديث متعددة، فليرجع إلى السنن (7)) (ب) وأما مسح الرأس فليس في شيء من الصحيحين ذكر عدد للمسح، وبه قال أكثر العلماء (8)، وقال الشافعي (9) يستحب التثليث في المسح كما في الغسل، واستدل

(أ) بهامش الأصل.

(ب) بهامش الأصل.

_________

(1)

المحلى 2/ 78 ولفظه عن رفاعة بن رافع أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم عقوله يقول: "إنها لا تجوز صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله عز وجل ثم يغسل وجهه ويديه إلى المرفقين ويمسح رأسه ورجليه إلى الكعبين".

(2)

لفظ الفتح "قوي" 1/ 262.

(3)

المجموع: 1/ 373، وقال: وهو واجب وحكاه عن إسحاق وابن أبي ليلى وحماد ومشهور مذهب أحمد.

(4)

في مسند الحميدي من حديث الربيع "ثم يتمضمض ويستنثر ثلاثا" من رواية سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل 1/ 163 - 164 ح 342.

(5)

البخاري 6/ 339 ح 3295، ومسلم 1/ 212 - 213 ح 23/ 238.

(6)

أبو داود 1/ 88 ح 121.

(7)

سنن أبي داود صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 78.

(8)

الفتح 1/ 260.

(9)

الأم 1/ 23.

ص: 194

بظاهر روايةٍ لمسلم (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا، وأجيب بأنه مجمل تبين في الروايات الصحيحة أن المسح لم يتكرر فيحمل على الغالب أو يختص بالمغسول.

قال أبو داود في السنن: أحاديث الصحاح كلها تدل على أن مسح الرأس مرة واحدة (2) وبأن المسح مبني على التخفيف فلا يقاس على الغسل، وبأن العدد لو اعتبر في المسح لصار في سورة الغسل وبالغ أبو عبيد وقال (أ): لا نعلم أحدا من السلف استحب تثليث مسح (ب) الرأس إلا إبراهيم التيمي" (3)، وفيه نظر، فقد نقل عن أنس وعطاء وغيرهما (4)، وقد روى أبو داود (5) من وجهين صحيح أحدهما ابن خزيمة وغيره في حديث عثمان بتثليث الرأس، والزيادة مقبولة من الثقة) (جـ)(6).

فائدة: قوله غفر له ما تقدم من ذنبه، ظاهر الحديث تعم الكبائر لكن العلماء خصوه بالصغائر لوروده مقيدا باستثناء الكبائر في غير هذه الرواية، وهو في حق من له كبائر وصغائر، ومن ليس له إلا صغائر كفرتها، ووقع في رواية البخاري في الرقاق (7) في آخر هذا الحديث: قال النبي صلى الله عليه وسلم "لا تغتروا" أي فتستكثروا

(أ) في جـ: فقال.

(ب) في جـ: مسحة.

(جـ) ما بينهما بهامش ب.

_________

(1)

مسلم 1/ 207 ح 9 - 230.

(2)

قال أبو داود: أحاديث عثمان رضي الله عنه الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة، فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا وقال فيها:"ومسح رأسه" ولم يذكروا عددًا كما ذكروه في غيره. السنن 1/ 80.

(3)

الطهور ولفظه: ولا نعلم من السلف .. ذكر الثلاث في المسح إلا ما كان من إبراهيم فإن هشيما حدثنا أخبرنا العوام عن إبراهيم التيمي أنه كان يمسح رأسه ثلاثا. ل 39 ب.

(4)

ابن أبي شيبة 1/ 15 وذكر أن عطاء حكى أن سعيد بن جبير وزاذان وميسرة إذا توضئوا مسحوا رؤوسهم ثلاثا.

(5)

أبو داود: 1/ 79 - 80، 81 ح 107 - 110، ابن خزيمة 1/ 78 ح 152.

(6)

قال الشيخ عبد العزيز بن باز لكنها رواية شاذة فلا يعتمد عليها، الفتح 1/ 260.

(7)

البخاري مع الفتح 11/ 250 ح 6433.

ص: 195

من الأعمال السيئة بناء على أن الصلاة تكفرها، فإن الصلاة التي تُكَفر بها (أ) الخطايا هي التي يقبل الله، وأنى للعبد بالاطلاع على ذلك!

31 -

وعن علي رضي الله عنه في. صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ومسح برأسه واحدة" .. أخرجه أبو داود (1).

(هو أمير المؤمنين أبو الحسن وأبو تراب علي بن أبي طالب، واسم أبي طالب عبد مناف، عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمه فاطمة بنت أسد بن هاشم، أسلمت وهاجرت، وهو أول من أسلم من الذكور في أكثر الأقوال، وقد اختلف في سنه يومئذ، فقيل: كان له خمس عشرة سنة، وقيل: ست عشرة، وقيل: أربع عشرة، وقيل: ثلاث عشرة، وقيل ثمان سنين، وقيل سبع سنين، وقيل عشر سنين؛ شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد كلها إلا تبوك، فاستخلفه على المدينة، وقال له في ذلك: "ألا ترضى (ب) أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى" (2) كان آدم شديد الأدمة عظيم العينين أقرب إلى القصر من الطول ذا بطن كثير الشعر عظيم اللحية أصلع أبيض الرأس واللحية لم يصفه أحد بالخضاب إلا نادرا، استخلف يوم قتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة خلت من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين، وضربه عبد الرحمن بن ملجم (جـ) المرادي بالكوفة صبيحة الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربعين، ومات بعد ثلاث من ضربته، وقيل:

(أ) في هـ: نكفرها.

(ب) بهامش هـ.

(جـ) زاد في هـ: لعنه الله تعالى.

_________

(1)

أخرجه أبو داود كتاب الطهارة باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 82 ح 111 الترمذي وذكر صفة الوضوء الكاملة، أبواب الطهارة باب ما جاء في وضوء النبي صلى الله عليه وسلم كيف كان 671 - 68 ح 48، النسائي وذكر صفة الوضوء كاملة باب صفة الوضوء 1/ 60، ابن ماجه: كتاب الطهارة باب ما جاء في مسح الرأس 1/ 150 ح 436.

(2)

البخاري 7/ 71 ح 3706.

ص: 196

ضرب ليلة إحدى وعشرين، ومات ليلة الأحد، وقيل: يوم الأحد وغسله ابناه الحسن والحسين وعبد الله بن جعفر، وصلى عليه الحسن ودفن سحرا، وله من العمر ثلاث وستون (أ) وقيل: خمس وستون سنة (ب) وقيل: سبع، وقيل: ثمان وخمسون وكانت خلافته أربع سنين وتسعة أشهر وأياما (بر) روى عنه بنوه الحسن والحسين ومحمد، وعبد الله بن عباس، وعبد الله بن جعفر، وابن المسيب وأبو عبد الرحمن السلمي، وزيد بن وهب، وخلق كثير من الصحابة والتابعين (1)) (د).

وأخرجه النسائي والترمذي بإسناد صحيح بل قال الترمذي: "إنه أصح شيء في الباب"(2) وأخرجه أبو داود (3) من ست طرق وفي بعض طرقه لم يذكر المضمضة والاستنشاق وفي بعضها: ومسح على رأسه حتى الماء يقطر، وقد تقدم الكلام في فقه الحديث.

32 -

وعن عبد الله بن زيد بن عاصم رضي الله عنه في صفة الوضوء، قال:"ومسح صلى الله عليه وسلم برأسه، فَأقْبلَ بيدَيْه وأدبَرَ" متفق عليه.

وفي لفظ: "بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه"(4).

(أ) زاد في هـ وجـ: سنة.

(ب) ساقطة من جـ.

(جـ) زاد في هـ: و.

(د) بهامش الأصل.

_________

(1)

الاستيعاب 8/ 131، الإصابة 7/ 57.

(2)

الترمذي 1/ 64.

(3)

انظر باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 78. وروى من طريق ابن عباس وهو السابع فليحرر.

(4)

أخرجه البخاري واللفظ الأول عند مسلم وبنحوه عند البخاري. واللفظ الثاني عند البخاري بلفظه، وبنحوه عند مسلم، البخاري 1/ 288 ح 185، ومسلم 1/ 210 ح 18 - 235 أبو داود الطهارة باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم -1/ 86 - 87 ح 118.

الترمذي بلفظ: (إن رسول الله مسح رأسه بيديه، فأقبل بهما وأدبر، بدأ مقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، الطهارة ما جاء في مسح الرأس إلخ 1/ 47 ح 32، =

ص: 197

هو أبو محمد عبد الله بن زيد بن عاصم بن عمرو الأنصاري المازني من بني مازن بن النجار، شهد أحدا ولم يشهد بدرا وهو الذي قتل مسيلمة الكذاب وشاركه وحشي، وقتل عبد الله يوم الحرة سنة ثلاث وستين. روى عنه عباد بن تميم وهو ابن أخيه، وابن المسيب، وهذا هو غير عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي سيأتي حديثه في رؤيا الأذان، وقد غلط الحفاظ سفيان بن عيينة لما قال: هو هو (1).

وقوله في الحديث: ومسح برأسه، فأقبل بيديه وأدبر، هذا مستحب باتفاق العلماء فإنه طريق إلى استيعاب الرأس، ووصول الماء إلى جميع أصول (أ) شعره، وهذا إنما يستحب لمن كان له شعر، أما من لا شعر على رأسه لا يستحب له الرد، إذ لا فائدة فيه ولو رد (ب) في هذه الحالة لم يحسب الرد مسحة ثانية، لأن الماء صار مستعملا بالنسبة إلى ما سوى تلك المسحة.

وقوله: بدأ بمقدم رأسه، ظاهر البخاري أنه من الحديث، وليس مدرجا من كلام مالك ففيه حجة على من قال: السنة أن يبدأ بمؤخر رأسه، (جـ أخذا من ظاهر قوله أقبل وأدبر فإن الإِقبال باليد إذا كان مقدما يكون من مؤخر الرأس جـ)، ويرد

(أ) ساقطة في جـ.

(ب) في ب وجـ: رده.

(جـ) ساقطة من جـ.

_________

= النسائي بلفظ (ثم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدم رأسه) باب صفة مسح الرأس 1/ 61. ابن ماجه (بلفظ النسائي) الطهارة باب ما جاء في مسح الرأس 1/ 149 - 150 ح 434.

(1)

الاستيعاب 6/ 209، الإصابة 6/ 91، طبقات ابن سعد 5/ 531.

ص: 198

عليه أن الواو لا تقتضي الترتيب، وقد ذكر البخاري في رواية سليمان بن بلال (أ)"وأدبر بيده وأقبل"(1) فلم يكن في ظاهره حجة، لأن الإِقبال والإِدبار من الأمور الإِضافية، ولم يعين (ب) ما أقبل إليه ولا ما أدبر عَنه، ومخرج الطريقين متحد فهما بمعنى واحد وعينت رواية (2) مالك البداءة بالمقدم، فيحمل قوله: أقبل على أنه من تسميته الفعل، ببدائة أي بدأ بقبل الرأس، وقيل في توجيهه غير ذلك وأصرح من ذلك ما أخرجه أبو داود من حديث المقدام"، قال: فلما بلغ مسح رأسه وضع كفيه على مقدم رأسه فأمرهما حتى بلغ القفا ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه"(3).

33 -

وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما في صفة الوضوء، قال:"ثم مسحَ برأسه، وأدخلَ إصبَعيه السَّباحَتَيْنِ في أُذنيه، ومسح بإبهاميْه ظاهرَ أذنيه" أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة (4).

(أ) في هـ: يسار.

(ب) في جـ: يغير.

_________

(1)

لفظ الرواية (فأدبر به وأقبل) 1/ 303 ح 199.

(2)

مخرج الطريق هو عبد الله بن زيد رضي الله عنه.

(3)

(الذي منه بدأ) أبو داود 1/ 88 ح 122.

(4)

أبو داود الطهارة باب الوضوء ثلاثا 1/ 94 ح 135، النسائي مجملا باب الاعتداء في الوضوء 1/ 75، ابن ماجه مجملا الطهارة باب ما جاء في القصد في الوضوء وكراهية التعدي فيه 1/ 146 ح 422، ابن خزيمة مجملا باب التغليظ في غسل أعضاء الوضوء أكثر من ثلاث والدليل على أن فاعله مسيء ظالم .. إلخ 1/ 89 ح 174، البيهقي الطهارة كراهية الزيادة على ثلاث 1/ 79، هذا الحديث من رواية عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وهم: عمرو، وشعيب، صدوقان انظر كلام الشارح عليهم في 364 ورواية النسائي وأبو داود فيها.

ص: 199

(هو أبو عبد الرحمن، وقيل: أبو محمد عبد الله بن عمرو بن العاص بن وائل السهمي القرشي (أ) يلتقى مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي، أسلم قبل أبيه، وكان أبوه أكبر منه بثلاث عشرة سنة، وقيل: اثنتي عشرة سنة، وكان عابدا عالما حافظا قرأ الكتب واستأذن النبي صلى الله عليه وسلم في أن يكتب حديثه (1)، فأذن له وقال: يا رسول الله: أكتب كل ما أسمع منك في الرضا والغضب؟ قال: نعم، فإني لا أقول إلا حقا" (2)، وقد اختلف في وفاته، فقيل: مات ليالي الحرة في (ب) ذي الحجة سنة ثلاث وستين، وقيل: سنة ثلاث وسبعين وقيل: مات بفلسطين من سنة خمس وستين، وقيل: مات بمكة سنة سبع وستين، وهو ابن اثنتين وسبعين سنة، وقيل: مات بالطائف سنة خمس وخمسين، وقيل: مات بمصر سنة خمس وستين (جـ) روى عنه مسروق وسعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وعروة بن الزبير وحميد بن عبد الرحمن وخلق كثير سواهم) (3)(د).

الحديث يدل على مسح الأذنين في الوضوء، وقد ورد ذلك في أحاديث كثيرة

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: من.

(جـ) زاد في هـ: و.

(د) بهامش الأصل.

_________

= يعلى به عبيد بن أبي أمية الكوفي أبو يوسف الطنافسي ثقة إلا في حديثه عن سفيان فهو ضعيف. التقريب 387، المغني في الضعفاء 1/ 760.

وتابعه الأشجعي عند ابن خزيمة، وهو عبيد الله بن عبد الرحمن الأشجعي أبو عبد الرحمن الكوفي ثقة مأمون أثبت الناس حديثًا في الثوري، التقريب 226 ثقات العجليّ 318، قلت: وهذا من اللطائف أن حديثًا واحدا يرويه ثقة إلا في حديث سفيان ويرويه آخر ثقة ويزداد في سفيان. وللحديث شواهد أخرى استعرضها الشارح.

(1)

أخرج البخاري أن عبد الله بن عمرو كان يكتب وأن أبا هريرة لا يكتب كتاب العلم 1/ 206 ح 113.

(2)

أخرجه أبو داود، كتاب العلم 4/ 60 - ح 3646، أحمد 2/ 162.

(3)

الاستيعاب 1/ 338، الإصابة 6/ 176.

ص: 200

كحديث عمرو بن أمية: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مسح في وضوئه رأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما، وأدخل أصبعيه في صماخي أذنيه" (1) وكحديث المقدام ابن معد يكرب بمثله أخرجه أبو داود والطحاوي، وإسناده حسن.

وفي الباب عن الربيع بنت معوذ (2)، أخرجه أبو داود، وعن أنس (3) عند الدارقطني، والحكام، ومن حديث عبد الله بن زيد في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ فمسح أذنيه بماء غير الماء الذي مسح به الرأس (أ)، أخرجه الحاكم بإسناد ظاهره الصحة (4)، وأخرجه البيهقي بلفظ فأخذ لأذنيه ماء خلال الماء الذي أخذ لرأسه وقال: هذا إسناد (5) صحيح لكن ذكر الشيخ تقي الدين بن

(أ) في جـ: رأسه.

(1)

الحديث بهذا اللفظ من رواية المقدام بن معد يكرب ولم أقف عليه من رواية عمرو بن أمية ولعل المؤلف اختلط عليه النقل فإنه في التلخيص: حديث عمرو بن أمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على أذنيه، وبعده حديث المقدام بن عمرو بن معد يكرب. ولذا قال بمثله ولا يعرف لعمرو بن أمية حديث كحديث المقدام. وحديث المقدام أخرجه أبو داود 1/ 189 ح 123، والطحاوي 1/ 32، وتبع المؤلف في تحسينه ابن حجر في التلخيص وفيه عبد الرحمن بن ميسرة، وهو مقبول لكن العجلي وأبو داود وثقوه، التقريب 210، الخلاصة 235، وله شواهد أخرى ذكرها الشارح.

(2)

وطرفه كان رسول الله يأتينا. . وفيه مسح برأسه مرتين يبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه وبأذنيه كلتيهما ظهورهما وبطونهما. .) أبو داود 1/ 89 ح 126، والترمذي 1/ 48 ح 33 قال أبو عيسى هذا حديث حسن وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسنادا. قال الشيخ شاكر: والحديث صحيح وإنما اقتصر الترمذي على تحسينه ذهابا منه إلى أنه يعارض حديث عبد الله بن زيد ولكنهما عن حادثتين مختلفتين فلا تعارض بينهما حتى يحتاج إلى الترجيح فكان النبي صلى الله عليه وسلم يبدأ بمقدمة رأسه وكان يبدأ بمؤخرة وكلاهما جائز. وقال المباركفوري: حسنه لأن فيه ابن عقيل وهو مختلف فيه وقد حسنه ابن حجر في التلخيص، وقال الذهبي: مستقيم الحديث وابن عقيل مختلف فيه، فهو صدوق في حديثه لين، فحديثه حسن والله أعلم، الترمذي 1/ 48، التلخيص 1/ 101، والتقريب 189، الذهبي على المستدرك 1/ 152.

(3)

الدارقطني باب ما روي من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذنان من الرأس 1/ 106، قال ابن صاعد: هذا بقول الثقفي وغيره يرويه عن أنس عن ابن مسعود من فعله أخرجه الحاكم وفيه: وكان ابن مسعود يأمر بذلك، وقال: زائدة بن قدامة ثقة مأمون قد أسنده عن الثوري وأوقفه غيره 1/ 150.

(4)

الحاكم 1/ 151، وقد صححه من شاهده ووافقه الذهبي.

(5)

أخرجه البيهقي 10/ 65، وقال: إسناده صحيح.

ص: 201

دقيق العيد في الإِمام (1) أنه رأى في رواية ابن المقبري عن ابن (أ) قتيبة عن حرملة الراوي في إسناد الحاكم ولفظه: ومسح رأسه بماء غير فضل يديه (ب) لم يذكر الأذنين.

• قال المصنف (2) رحمه الله: وهو كذا في صحيح ابن حبان (3) عن ابن أسلم عن حرملة، وكذا رواه الترمذي عن علي بن خشرم عن ابن وهب (4)، وقال عبد الحق: ورد الأمر بتجديد الماء للأذنين من حديث نمران بن جارية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتعقبه ابن القطان (5) بأن الذي في رواية ابن (جـ) جارية بلفظ:"خذ (د) للرأس ماء جديدا". رواه الترمذي والطبراني (6)، وفي الموطأ عن نافع عن ابن عمر "أنه كان إذا توضأ يأخذ (5) الماء بإصبعيه لأذنيه (7)، وأخرجه ابن حبان في صحيحه من حديث ابن عباس: "ثم غرف غرفة فمسح

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: يده.

(جـ) ساقطة من جـ.

(د) ساقطة من جـ.

(هـ) في ب: فأخذ.

_________

(1، 2) التلخيص 1/ 90.

(3)

ابن حبان -الإحسان-2/ 207 ح 1082.

(4)

الترمذي 1/ 50 ح 35.

(5)

قال ابن القطان: وقد ورد الأمر بتجديد الماء للأذنين من حديث نمران بن جارية عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو إسناد ضعيف هذا نص ما ذكر وهو شيء لا يوجد أصلا، وهو لم يعزه إلى موضع فيحاكم إليه وأحاديث نمران بن جارية عن أبيه جارية معروفة محصورة يرويها عنه دهثم بن قران وهو ضعيف وهي أربعة أو نحوها. وأما الأمر بتجديد الماء للأذنين فلا وجود له في علمي فأبحث عنه. الوهم والإيهام ل 55.

(6)

في التلخيص: البزار والطبراني. مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني في الكبير 1/ 234، بلفظ "خذوا" وقال: فيه دهثم بن قران ضعفه جماعة وذكره ابن حبان في الثقات وليس في الترمذي رواية لنمران بن جارية بهذا اللفط. تحفة الأشراف 2/ 406 - التلخيص 1/ 90.

(7)

الموطأ 1/ 47.

ص: 202

برأسه وأذنيه، وأدخلهما بالسبابتين وخالفت بإبهاميه إلى ظاهر أذنيه فمسح ظاهرهما وباطنهما" (1)، ولفظ النسائي: "ثم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما (بالسباحتين)(أ) وظاهرهما بإبهاميه" (2) وكذا في ابن ماجه والبيهقي.

وأخرج أبو داود من حديث الربيع "فمسح برأسه ومسح ما أقبل منه وأدبر، وصدغيه وأذنيه مرة واحدة"(3) ومن حديثها أيضًا "مسح برأسه (ب) من فضل ما كان في يده"(4) ومن حديث ابن عباس (5): ومسح برأسه وأذنيه مسحة واحدة، ومن حديث عثمان "فمسح برأسه وأذنيه فغسل بطونهما وظهورهما مرة واحدة"(6) ومن حديث علي "فأخذ بهما (جـ) حفنة من ماء، فضرب بها على وجهه، ثم ألقم إبهاميه ما أقبل من أذنيه، وقال: أخذ قبضة من ماء فصبها على ناصيته، فتركها تسير على وجهه، وقال: ثم مسح رأسه وظهور أذنيه"(7). الحديث. ومن حديث أبي أمامة ذكر وضوء النبي صلى الله عليه وسلم: كان يمسح المأقين، قال (د): وقال: "الأذنان من الرأس"(8) قال سليمان بن حرب:

(أ) في النسخ السبابتين: انظر تخرج الحديث.

(ب) في جـ: رأسه.

(جـ) في جـ: بأحديهما.

(د) بهامش هـ.

_________

(1)

ابن حبان -الإحسان-2/ 208 ح 1083.

(2)

النسائي بدون (ظاهرهما) الأولى 1/ 63، ابن ماجه 1/ 151 ح 439، والبيهقي 1/ 67.

(3)

و (4) 1/ 11 ح 129 - 130.

(5)

لفظ ابن عباس عند ابن خزيمة: وغرف غرفة فمسح رأسه وباطن أذيه وظاهرهما وأدخل إصبعيه فيهما. 1/ 77 ح 148.

(6)

لفظ عثمان عند ابن خزيمة: ومسح بأذنيه ظاهرهما وباطنهما. 1/ 78 - 71 ح 152.

(7)

أبو داود 1/ 84 ح 117.

(8)

أبو داود 1/ 93 ح 134، والترمذي وفيه الأذنان من الرأس 1/ 53 ح 37، وابن ماجه بمعناه 1/ 52 ح 444، وقلت: وقد تكلم أئمة الحديث على هذا الحديث بكلام طويل حاصله ما قال ابن دقيق في كتابه الإمام:

1 -

أن شهر بن حوشب متكلم فيه مر في ح 24،

2 -

أن هذا الحديث مختلف في رفعه ووقفه، أما الاختلاف في الرفع والوقف اختلف فيه على حماد فوقفه ابن حرب عنه ورفعه أبو الربيع، واختلف فيه على مسدد عن حماد، فروي عنه الرفع وروي عنه الوقف رواية الرفع ترجح لأنه أتى بزيادة. قلت: على أن الحديث له طرق عدة يقوي بعضا. =

ص: 203

يقولها (أ) أبو أمامة قال قتيبة: قال حماد (ب): لا أدرى هو (جـ) من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من أبي أمامة يعني قصة الأذنين (د)، أخرج المذكور أبو داود، وحديث الأذنين من الرأس قد روي من طرق، وفي جميعها مقال وأكثر هذه الروايات بأن مسح الأذنين ببقية ماء الرأس، وهو مذهب الأكثر، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد، وقال الشافعي: يؤخذ لهما ماء جديد. قال أصحابه: وكأنه صلى الله عليه وسلم كان يعزل من كل يد إصبعين يمسح بهما الأذنين (1)، وهذا خلاف الظاهر إلا أن (هـ) يقال: إن ما تقدم من حديث عبد الله بن زيد فيه زيادة (2)، فتقبل ويقرب معه التأويل، وسائر الأحاديث غير معارضة له لأنه إنما ذكر فيهما (و) مسح رأسه وأذنيه مجملا غير مبين أنه بماء واحد، وهذا فيه زيادة بيان فالعمل به أولى. والله أعلم.

وقوله في الحديث (ز): السباحتين: السباحة والمسبحة هي الإِصبع التي تلي الإِبهام سميت بذلك لأنها يشار بها عند التسبيح، وهي السبابة أيضًا والمأقين، المأق (3) طرف العين مما يلي الأنف، وإنما كان يمسحهما، لأن العين قلما تخلو من شيء ترميه من كحل ورمص غيره.

(أ) في جـ: بقولها (وفي النسخ: فئولها).

(ب) في جـ: بتقديم حماد على قتيبة، وليس بصحيح.

(جـ) في جـ: هل.

(د) زاد في جـ: و.

(هـ) في جـ: أنه.

(و) في جـ وهـ: فيها.

(ز) في هـ: حديث.

_________

= أخرجه ابن ماجه ورجاله ثقات وصححه الزيلعي وقواه المنذري وابن دقيق العيد وقال ابن حجر: إنه مدرج. وحديث ابن عباس في سنن الدارقطني وأعل بالاضطراب. وحديث أو هريرة في سنن ابن ماجه وفيه عمر بن الحصين وابن علاثه وهما متروكان وحديث أبي موسى أخرجه الدارقطني واختلف في رفعه ووقفه والراجح وقفه، وحديث عائشة وأنس أخرجهما الدارقطني وفيه محمد بن الأزهر كذبه أحمد وضعفه الدارقطني وحديث عائشة فيه عن الحكم ضعيف. التلخيص 1/ 103، ونصب الراية 1/ 19.

(1)

المجموع 1/ 411.

(2)

وهو أخذ لأذنيه ماء خلاف الماء الذي أخذ لرأسه، قال البيهقي: حديث صحيح وقد تقدم.

(3)

قال الخطابي: وفيه ثلاث لغات ماق -مأق مهموز- وموق. سنن أبي داود 1/ 93 النهاية 289.

ص: 204

34 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظَ أحدُكم من منامه فلْيَسْتَنْثِرْ ثلاثا، فإن الشيطان يَبيتُ على خيْشُومِه" متفق عليه" (1).

وله: "إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده في الإِناء حتى يغسلها ثلاثا، فإنه لا يدري أين باتت يده". متفق عليه. وهذا لفظ مسلم (2).

الحديث فيه دلالة على وجوب الاسْتِنْثار، وهو دليل من قال بوجوبه دون المضمضة كأحمد وإسحاق وأبي عبيد وأبي ثور، وقد تقدم الكلام عليهما (أ)، وفي أن الاستنثار هو في معني الاسْتِنْشاق (3)، وظاهر هذا وجوبه عند القيام مطلقا، والظاهر أنه لم يقل به أحد ولكنه مقيد في رواية البخاري في بدء الخلق:"إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه"(4). وعلى هذا فالمراد الأمر به عند إرادة الوضوء، والحكمة فيه (ب)

(أ) في هـ وجـ: عليهم.

(ب) في جـ: منه.

_________

(1)

أخرجه البخاري بزيادة (فتوضأ) بعد (من منامه) كتاب بدء الحلق باب صفة إبليس وجنوده 6/ 339 ح 3295، ومسلم بلفظ (ثلاث مرات. . خياشيمه) الطهارة باب الإيتار في الاستنثار والاستجمار 1/ 212 - 213 ح 23 - 238، النسائي باب الأمر بالاستنثار عند الاستيقاظ من النوم 1/ 58.

(2)

مسلم الطهارة باب جواز الصلوات كلها بوضوء واحد 1/ 233 ح 87 - 278، البخاري الوضوء "باب الاستجمار وترًا 1/ 263 ح 162، أبو داود الطهارة باب في الرجل يدخل يده في الإناء قبل أن يغسلها 1/ 76 ح 103.

الترمذي الطهارة باب ما جاء إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها 1/ 36 ح 24، النسائي تأويل قوله عز وجل {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ} 1/ 12، ابن ماجه نحوه الطهارة باب الرجل يستيقظ من منامه هل يدخل يده في الإِناء قبل أن يغسلها 1/ 138 - 139 ح 393.

(3)

مشهور المذهب أن المضمضة والاستنشاق واجبان في الطهارتين، وقال القاضي: الاستنشاق واجب في الطهارتين رواية واحدة، وبه قال أبو عبيدة وأبو ثور وابن المنذر. المغني 1/ 118.

(4)

البخاري 6/ 339 ح 3295.

ص: 205

التنظيف لما (أ) فيه من المعونة على القراءة لأنه (ب) بتنقية مجري النفس تصح مخارج الحروف ويزداد للمستيقظ طرد الشيطان، والخيشوم (1) أعلى الأنف وقيل: هو الأنف كله، وقيل: هي عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ، وقيل: غير ذلك. قال القاضي (2) عياض (جـ) يحتمل أن يكون على حقيقته فإن الأنف أحد منافذ الجسم التي يتوصل إلى القلب منها بالاشتمام، وليس من منافذ الجسم ما ليس عليه غلق سواه وسوى الأذنين. وفي الحديث "إن الشيطان لا يفتح غلقا" (3) وجاء (د) في التثاؤب الأمر بكظمه من أجل دخول الشيطان حينئذ في الفم. قال: ويحتمل أن تكون على الاستعارة فإن ما ينعقد من الغبار ورطوبة الخياشيم قذارة توافق الشيطان (4) والله أعلم.

وقوله: إذا استيقظ أحدكم. . الحديث: ظاهر هذا وجوب غسل اليد وأنه يحرم غمسها في الإِناء، وقد قال بهذا الظاهر أحمد (5) بن حنبل، وخص الحكم بنوم الليل لقوله:"فإنه لا يدري أين باتت يده".

وفي رواية عنه: الاستحباب في نوم النهار، لأن حقيقة المبيت تكون في الليل، وفي رواية لأبي داود ساق مسلم إسنادها (6): إذا قام أحدكم من الليل، وكذا

(أ) زاد في ب: هو.

(ب) في جـ: لأن.

(جـ) ساقطة من جـ وزاد بعدها و.

(د) ساقطة من هـ.

_________

(1)

انظر القاموس 4/ 107.

(2)

شرح مسلم 1/ 524.

(3)

أخرجه البخاري كتاب بدء الخلق باب خير مال المسلم غنم 6/ 350 ح 3304 مسلم كتاب الأشربة 3/ 1595 ح 97 - 2012.

(4)

شرح مسلم 1/ 524.

(5)

المغني 1/ 98 - 99 وفي رواية الأثرم عن الحديث في المبيت بالليل فأما في النهار فلا بأس.

(6)

مسلم 1/ 233 ح 87 - 278 م، وأبو داود. 1/ 76 ح 103.

ص: 206

الترمذي (1) من وجه آخر صحيح، ولأبي عوانة في رواية (2) ساق مسلم إسنادها أيضًا: إذا قام أحدكم للوضوء حين يصبح"، لكن التعليل يقتضي إلحاق نوم النهار بنوم الليل وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة. قال في شرح المسند (3): يمكن أن تكون الكراهة في نوم الليل أشد لأن احتمال ملامسة النجاسة أقرب لطوله عادة وقال الجمهور (4): بل الأمر محمول على الندب كما في رواية فليغتسل (أ)، والنهي على الكراهة كما في رواية الكتاب، والقرينة لهم على هذا الحمل التعليل بأمر يقتضي الشك لأن الشك لا يقتضي وجوبا (ب) في هذا الحكم استصحابا لأصل الطهارة (5)، واستدل أبو عوانة على عدم الوجوب بوضوئه صلى الله عليه وسلم من الشن المعلق بعد قيامه من النوم (جـ) في حديث ابن عباس (6)، وتعقب بأن قوله: أحدكم يقتضي اختصاصه بغيره (د) صلى الله عليه وسلم، وأجيب بأنه صح عنه صلى الله عليه وسلم غسل يديه قبل إدخالهما في الإِناء حال اليقظة، فاستحبابه بعد (هـ) النوم (جـ) أولى، ويكون تركه

(أ) في هـ وب: فليغسل.

(ب) في جـ: وجوبها.

(جـ) ما بينهما بهامش ب.

(د) في ب لغيره.

(هـ) في جـ: عقيب.

_________

(1)

الترمذي 1/ 36 ح 24.

(2)

أبو عوانة 1/ 263.

(3)

الرافعي شرح مسند الشافعي كما صرح صاحبه الفتح 1/ 263 وصاحب العدة 1/ 108.

(4)

المجموع وحكاه لجمهور العلماء 1/ 263.

(5)

قال الصنعاني في حاشيته على العمدة بعد ذكر هذه القاعدة: وقد تابع الشارح المحقق في هذا التقرير كل ناظر بعده ونقل كلامه ابن حجر وأقره وفيه عندي بحث أن الشارع إذا أمر بأمر وجب امتثاله وإن لم تعلم علته ولا ذكرت فإن أمره مثير للعلم بوجوب ما أمر به لقيام الحجة وتعليله هنا بقوله: لا يدري يحتمل أنه ليس تعليلا للأمر بالغسل بل تعليل لمقدمة مطوية كَأنه قال: فإن جاهل لا يدري أين باتت يده ونحن قد عرفناه بأنها باتت في محل واجب عليه غسلها فهذا الاحتمال ليس ببعيد وهو يخدش في الجزم بعدم الوجوب ونظيره قوله تعالى {إِوَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا} أي بل نحن نعلم ذلك فنأمرها بالاستعداد. 1/ 111.

(6)

أخرجه البخاري كتاب الوضوء باب التخفيف في الوضوء 1/ 238 ح 138.

ص: 207

بيانا للجواز، وهذا في حق المستيقظ، وأما من أراد الوضوء من غير نوم فالغسل مستحب لما مر في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم (1)، ولا يكره الترك لعدم ورود (أ) النهي فيه، وإن كان قد روي عن أبي هريرة "أنه كان يفعله ولا يرى تركه" (2) واتفقوا على أنه لو غمس يده لم يضر الماء (3). وقال إسحاق وداود والطبري (4): بل يتنجس للأمر بإراقته في رواية أخرجها ابن عدي ولكنه حديث ضعيف (5)، ولا تزول الكراهة عند الجمهور بأقل من ثلاث غسلات للتصريح بها في رواية مسلم، وإن كانت رواية مالك أخرجها البخاري:"فليغسل يده قبل أن يدخلها". من دون ذكر عدد، وحديث "لا يغمس": أبين في المراد من حديث: "لا يدخل"، فإن مطلق الإِدخال لا يترتب (ب) عليه كراهة كما إذا كان الإِناء واسعا واغترف منه بآلة من دون أن يلامس (جـ) الماء.

وقوله: في الإِناء، المراد به إناء الوضوء، وكذا قد ورد التصريح بالوضوء في رواية البخاري، قال (د): في وضوئه (6)، أي الإِناء الذي أعد للوضوء ويلتحق (هـ) به إناء الغسل وسائر الآنية استحبابًا من دون كراهة، وخرج بذكر

(أ) في جـ: وجوب.

(ب) في هـ: لا يترب.

(جـ) في هـ: يلمس.

(د) زاد في جـ: و.

(هـ) في جـ: ويلحق.

_________

(1)

في حديث عبد الله بن زيد وعثمان رضي الله عنهم ومرا في الحديث السابق.

(2)

الفتح وعزاه إلى سنن سعيد بن منصور، وقال ابن حجر: بسند صحيح 1/ 264.

(3)

إطلاق الاتفاق فيه نظر، فأما من قالوا: لا يوجب غسلها فلا بأس، وأما من قالوا بالوجوب فيفرق بين الماء الكثير والقليل فيؤثر فيه. المغني 1/ 99.

(4)

الفتح 1/ 263.

(5)

ابن عدي في الكامل بلفظ فإن غمس يده في الإناء من قبل أن يغسلها فيلهريق ذلك الماء 6/ 2371 - 2372، من رواية معلى بن الفضل، وقال ابن عدي: قوله: فيهريق ذلك الماء، منكر لا يحفظ.

(6)

هي رواية مالك في صحيح البخاري وتقدمت في ح 34.

ص: 208

الإِناء البرك والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي.

وقوله: "فإنه لا يدري أين باتت يده"، فيه إشارة إلى أن العلة احتمال النجاسة، فيحمل عليه من شك في يده ولو كان مستيقظا بجامع الاحتمال ويقتضي أن من علم أين باتت يده، كمن لف عليها خرقة فاستيقظ وهي على حالها أن لا كراهة وإن كان (أ) غسلها مستحبا كما في المستيقظ، ومن قال بأن الأمر للتعبد (1) فلا يفرق بين شاك ومتيقن.

وقوله: "أين باتت لِده"، يعني من جسده، قال الشافعي (2): كانوا يستجمرون وبلادهم حارة فربما عرق أحدهم إذا نام فيحتمل أن تطوف يده على المحل أو (ب) على بثرة أو دم حيوان أو قذر غير ذلك.

وفي الحديث الأخذ بالوثيقة، والعمل بالاحتياط في العبادة. والكناية عما يستحيى منه إذا حصل الإفهام بها، وغسل النجاسة ثلاثا استحبابا لأنه أمر بالتثليث عند توهمها فعند تيقنها أولى، واستدل به على التفرقة بين ورود الماء على النجاسة، وورود النجاسة على الماء وهو ظاهر (3)، وعلى أن النجاسة تؤثر في الماء وهو صحيح وإن لم يتغير، وقد استنبط (جـ) قوم منه فوائد منها: أن موضع الاستنجاء مخصوص بالرخصة في جواز الصلاة مع بقاء أثر النجاسة عليه. قاله (د) الخطابي (4): ومنها: إيجاب الوضوء من النوم. قاله ابن عبد البر (5): ومنها:

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في هـ. و.

(جـ) في هـ: استيقظ.

(د) في النسخ: قال، وفي الفتح: قاله، 1/ 265.

_________

(1)

الإمام مالك وانظر قول الصنعاني الذي سقناه.

(2)

شرح مسلم 1/ 519 - الفتح 1/ 264.

(3)

انظر الفتح 1/ 265.

(4)

انظر معالم السنن 1/ 143 - 144، أعلام الحديث 1/ 82، والشارح أخذه من الفتح انظر 1/ 265.

(5)

الاستذكار 1/ 308 - 309.

ص: 209

تقوية من يقول بالوضوء من مس الذكر، حكاه أبو عوانة في صحيحه عن ابن عيينة. ومنها: أن القليل مستعمل بإدخال اليد فيه لمن أراد الوضوء، قاله الخفاف صاحب الخصال من الشافعية (1).

35 -

وعن لَقِيط بن صَبِرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَسْبِغ الوضوء، وخلِّل بيْن الأصابع، وبالغْ في الاسْتِنْشاق إلَّا أن تكون صائما" أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة (2).

ولأبي داود في رواية: "إذا توضأت فمضمض"(3).

هو لقيط (أ) بفتح اللام وكسر القاف، ابن صبرة بفتح الصاد الهملة وكسر الباء الموحدة ابن عبد الله بن المنتفق بضم الميم وسكون النون وفتح التاء الفوقية وكسر الفاء وبعدها قاف، كنيته: أبو رزين صحابي مشهور عداده في أهل الطائف، هكذا نسبه غير واحد من الأئمة، ومنهم من يجعل (ب) لقيط بن عامر غير لقيط بن صبرة وليس بشيء، وعامر هذا المنتسب إليه هو (جـ) أبو المنتفق. روي عنه ابنه عاصم وابن عمر وعمرو بن أوس ووكيع بن عديس، ورزين بفتح الراء وكسر الزاي وبالياء بعدها نون (4).

(أ) زاد في هـ: ابن صبرة.

(ب) في ب: جعل.

(جـ) في جـ: تقدمت "هو" على المنتسب.

_________

(1)

الفتح 1/ 265.

(2)

أبو داود كتاب الطهارة- باب في الاستنثار 1/ 98 ح 142، والترمذي أبواب الطهارة باب ما جاء في تخليل الأصابع بلفظ (إذا توضأت فخلل الأصابع) 1/ 56 ح 38 والنسائي بلفظه وليس فيه وخلل بين الأصابع) كتاب الطهارة المبالغة في الاستنشاق 1/ 142 ح 407، أحمد بمعناه 4/ 33، الحاكم كتاب الطهارة 1/ 148، مسند الشافعي 15، البيهقي كتاب الطهارة باب المبالغة في الاستنشاق إلا أن يكون صائما 1/ 50 ابن حبان- الموارد- كتاب الطهارة باب إسباغ الوضوء 67 - 68 ح 159 ابن الجارود صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم 36 ح 80.

(3)

أبو داود 1/ 100 ح 144.

(4)

الاستيعاب 9/ 287، الإصابة 9/ 14.

ص: 210

الحديث أخرجوه وأحمد والشافعي وابن الجارود وابن حبان والحاكم والبيهقي من طريق إسماعيل بن كثير المكي عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه مطولا ومختصرا، قال الخلال: عن أبي داود عن أحمد: عاصم لم يسمع منه بكثير رواية. انتهى.

ويقال: لم يرو عنه غير إسماعيل وليس بشيء، لأن روى عنه غيره وصححه الترمذي والبغوي وابن القطان، وهذا اللفظ عندهم من رواية وكيع عن الثوري عن إسماعيل بن كثير عن عاصم، وروى الدولابي (1) في حديث الثوري من (أ) جمعه، من طريق ابن مهدي عن الثوري ولفظه:"وبالغ في المضمضة والاستنشاق إلا أن تكون صائما".

وقوله: أسبغ الوضوء، (الإِسباغ في اللغة الإِتمام)(ب)، والمراد بالإِسباغ: الإِيفاء واستكمال الأعضاء والحرص على أن يتوضأ على وجه يصح عند جميع العلماء، ولا يترخص بالاختلاف، ويغسلها ثلاثا، وهذا أتم الوضوء، وقد أجمع (2) العلماء على كراهة الزيادة على الثلاث، فلو شك: هل غسل ثلاثا أو اثنتين جعل ذلك اثنتين، وأتي بثالثة إذ الأصل عدم الغسل، وهذا هو الصواب الذي قاله الجماهير من العلماء،. وقال الشيخ (3) أبو محمد الجويني: يجعل ذلك ثلاثا، ولا يزيد عليها مخافة (جـ) من ارتكاب البدعة، (وقد روى ابن المنذر بإسناد صحيح أن "ابن عمر كان يغسل رجليه في الوضوء سبع

(أ) زاد في جـ: كتاب.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) في جـ: وخاف.

_________

(1)

أبو بشر الدولاني فيما خرج من حديث الثوري .. البدر 1/ 129.

(2)

و (3) المجموع 1/ 432.

ص: 211

مرات" (1)(أ) وكأنه بالغ فيهما دون غيرهما لأنهما محل الأوساخ غالبا، لاعتيادهم المشي حفاة. والله أعلم) (ب).

وقوله: وخلل بين الأصابع، ظاهره أصابع اليدين والرجلين جميعا وقد ورد مصرحا به في حديث ابن عباس:"إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك"(2). قال الرافعي (3) رواه الترمذي. وقال المصنف (4) -رحمه الله تعالى- ورواه أيضًا أحمد وابن ماجه والحاكم (5) وفيه صالح مولى التوأمة، وهو ضعيف، ولكن حسنه البخاري لأنه من رواية موسى بن عقبة عن صالح، وسماع (جـ) موسى منه قبل أن يختلط (6).

وكيفية تخليل أصابع الرجلين أن يخلل بيده اليسرى بالخنصر منها ويبدأ بأسفل الأصابع، وقد روى ذلك أبو داود (7) والترمذي من حديث المستورد بن شداد قال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ يدلك أصابع رجليه بخنصره"، وفي

(أ) في ب: الفاء بدل الواو.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) زاد في جـ: مولى.

_________

(1)

أخرجه الحاكم 1/ 182 وقال: صالح هذا أظنه مولى التوأمة فإن كان فليس من شرط الكتاب إنما أخرجته شاهدا.

(2)

الترمذي أبواب الطهارة باب ما جاء في تخليل الأصابع 1/ 57 ح 39، بلفظ (فخلل بين أصابع)، ابن ماجه بمعناه كتاب الطهارة باب تخليل الأصابع 1/ 153 ح 447. أحمد نحوه 1/ 287.

(3)

التلخيص 1/ 105.

(4)

التلخيص 1/ 105.

(5)

الترمذي 1/ 56 ح 40، وأحمد 4/ 229 (يخلل) بدل (يدلك) وابن ماجه 1/ 152 ح 446، الحاكم 1/ 182.

(6)

صالح بن نبهان المدني مولى التوأمة: صدوق اختلط بأخره ولكن لا بأس برواية القدماء عنه. ضعفه الشارح تبعا لابن حجر وقال في التقريب: صدوق، الكواكب 258، التقريب 15، التلخيص 1/ 105، المغني في الضعفاء 1/ 305.

(7)

أبو داود 1/ 103 ح 148.

ص: 212

رواية لابن ماجه (1): يخلل بدل يدلك، وفي إسناده ابن لهيعة (2) لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو (أ) بن الحارث أخرجه البيهقي وأبو بكر الدولابي والدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن الثلاثة (3)، وأما كونها اليد اليسرى فقال الغزالي (ب) في الوسيط (4)(جـ) مستندهم القياس على الاستنجاء. وفي الباب حديث عثمان أنه خلل أصابع قدميه ثلاثا، وقال:"رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل كما فعلت"(5) رواه الدارقطني.

وقوله: "وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائما"، وإنما كره ذلك للصائم خشية أن ينزل إلى حلقه ما يفطره. وفيه دلالة على أن المبالغة ليست بواجبة، إذ لو كانت واجبة لوجب عليه التحرز ولم يجز له ترك المبالغة وقوله: في رواية أبي داود: "إذا توضأت فمضمض"(6)، فيه دلالة على وجوب المضمضة، وأما المبالغة فلا، ولذلك قال الماوردي: إن المبالغة فيها غير مشروعة لأنه لم يرد فيه الخبر ولكن رواية الدولابي المذكورة واردة عليه، وأما الوجوب ففيه دلالة على وجوبهما (د) وفي ذلك خلاف والناس على أربعة مذاهب، وقد تقدم ذكر الخلاف في وجوبهما في الغسل والوضوء وعدمه، هذان مذهبان والثالث أنهما

(أ) في هـ: عمر.

(ب) في ب: قال العرابي.

(جـ) في جـ: الأوسط.

(د) في ب: وجوبها.

_________

(1)

ابن ماجه 1/ 152 ح 446.

(2)

مر في ح 28.

(3)

أخرجه البيهقي أيضًا في سننه كتاب الطهارة باب كيفية التخليل 1/ 76، فتابع الليث بن سعد وعمرو بن الحارث بن لهيعة وقال ابن القطان: وابن لهيعة ضعيف إلا أنه قد رواه غيره فصح بإسناد صحيح. نصب الراية 1/ 27 التلخيص 1/ 105.

(4)

انظر الوسيط 1/ 385، وذكر كيفية التخليل ولم يذكر مصدره.

(5)

الدارقطني كتاب الطهارة باب ما روي في الحث على المضمضة والاستنشاق 1/ 86.

(6)

1/ 100 ح 144.

ص: 213

واجبان في الغسل دون الوضوء وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري، والمذهب الرابع وجوب الاستنشاق فيهما دون المضمضة فهي سنة فيهما، وهو مذهب أبي ثور وأبي عبيد وداود الظاهري وأبي بكر بن المنذر ورواية عن أحمد واتفق الفقهاء الثلاثة وجماعة على أنه يكفي في غسل الأعضاء في الوضوء والغسل جريان الماء على الأعضاء ولا يشترط الدلك. وقال أكثر الأئمة من أهل البيت علهم السلام ومالك والمزني بل يشترط الدلك. وقال المؤيد بالله: قوة جرى الماء كالدلك (1).

36 -

وعن عثمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم: "كان يخلِّل لحيته في الوضوء" أخرجه الترمذي وصححه ابن خزيمة (2).

(هو أبو عبد الله وأبو عمرو عثمان بن عفان بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي بن كلاب الأموي القرشي، يقال: كان يكنى في الجاهلية أبا عمرو فلما ولدت له رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله اكتنى به، وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة بن حبيب بن عبد شمس، أسلمت، وكان إسلام عثمان في أول الإِسلام على يد أبي بكر قبل دخول النبي صلى الله عليه وسلم دار الأرقم وهاجر إلى الحبشة الهجرتين، ولم يشهد بدرا لأنه تخلف يُمرض رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وضرب له النبي صلى الله عليه وسلم فيها بسهم، ولم يشهد بالحديبية (أ) بيعة الرضوان لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مكة في أمر الصلح، فلما كانت البيعة ضرب النبي صلى الله عليه وسلم يده على يده

(أ) في ب وجـ: الحديبية.

_________

(1)

المجموع 1/ 273 - البحر الزخار 1/ 61.

(2)

الترمذي أبواب الطهارة باب ما جاء في تخليل اللحية 1/ 46 ح 31 بدون في، وقال: حديث حسن صحيح، ابن خزيمة باب تخليل اللحية في الوضوء عند غسل الوجه 1/ 78، وابن ماجه كتاب الطهارة باب ما جاء في تخليل اللحية 1/ 148 ح 430، والحاكم كتاب الطهارة 1/ 149. وقال: هذا إسناد صحيح قد احتجا بجميع رواته غير عامر بن شقيق ولا أعلم في عامر بن شقيق طعنا بوجه من الوجوه.

والدارقطني كتاب الطهارة باب ما روي في الحث على المضمضمة والاستنشاق 1/ 86. والبيهقي كتاب الطهارة باب تخليل اللحية 1/ 54.

ص: 214

وقال: هذه لعثمان (1)، ويسمى ذا النورين لجمعه بين بنتي رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأم كلثوم، استخلف أول يوم من المحرم سنة أربع وعشرين، وقتل: يوم الجمعة لثماني عشرة خلت (أ) من ذي الحجة (ب)، سنة خمس وثلاثين، وقيل: لثلاث عشرة خلت منه، وقيل: لثلاث بقين. قتله الأسود التجيبي بضم التاء فوقها نقطتان وكسر الجيم وسكون الياء بعدها باء موحدة من أهل مصر، وقيل: غيره، ودفن ليلة السبت بالبقيع، وقيل: إن قبره خارج البقيع في أقصاه وله اثنتان وثمانون سنة، وقيل: ثمان وثمانون، وقيل: تسعون وصلى عليه حكيم بن حزام، وقيل: الزبير، وقيل: جبير بن مطعم، وكانت خلافته اثنتي عشرة سنة إلا أياما. روى عنه ابن الزبير، وأنس بن مالك وزيد (جـ) بن خالد الجهني وأبان ابنه وحمران مولاه ومروان بن الحكم وأبو عبد الرحمن السلمي وغيرهم) (2)(د).

وأخرجه الحاكم والدارقطني وابن حبان من رواية عامر بن شقيق عن شقيق (هـ) بن سلمة عن عثمان. وعامر قال البخاري: حديثه حسن، وقال الحاكم: لا نعلم فيه طعنا بوجه من الوجوه. كذا قال. وقد ضعفه يحيى بن معين (3) وأورد له الحاكم شواهد عن أنس وعائشة وعلي وعمار.

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) زاد في جـ: وقيل.

(جـ) في جـ: ويزيد.

(د) بهامش الأصل.

(هـ) في ب: سفيان.

_________

(1)

البخاري في مناقب عثمان 7/ 54 ح 3698.

(2)

الاستيعاب 8/ 27، الإصابة 6/ 391.

(3)

قال الذهبي: وله شاهد صحيح من حديث عمار، وقال ابن حجر: صححه ابن خزيمة وابن حبان. ونقل عن الترمذي في العلل. قال محمد بن إسماعيل: أصح شيء في التخليل عندي حديث عثمان، قلت: إنهم يتكلمون في هذا؟ فقال: هو حسن. وقال في التهذيب بعد الحديث وحسنه ابن الملقن في البدر وقال: عامر بن شقيق بن جمرة الأسدي الكوفي لين الحديث. =

ص: 215

قال (أ) المصنف -رحمه الله تعالى-: وفيه أيضًا عن أم سلمة وأبي أيوب وأبي أمامة وابن عمر وجابر وجرير (ب) وابن أبي أوفى وابن عباس وعبد الله بن عكيرة وأبي الدرداء. وقد تكلم على جميعها إلا حديث عائشة واستوفى ما عليها في التلخيص (1) فليرجع إليه.

وقال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس في تخليل اللحية شيء صحيح، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في تخليل اللحية شيء، وأخرج ابن ماجه والدارقطني والبيهقي وصححه ابن السكن من حديث الأوزاعي عن عبد الواحد بن قيس عن نافع عن ابن عمر قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ عرك عارضيه بعض العرك ثم يشبك لحيته بأصابعه"(2)، وقد علل بالإِرسال والوقف (3)، وعبد الواحد مختلف فيه (4).

(أ) في هـ: وقال.

(ب) بهامش هـ.

_________

= قلت للحديث شواهد قال ابن الملقن في البدر: فهذا اثنا عشر شاهدا لحديث عثمان فكيف لا يكون صحيحا والأئمة قد صححوه الترمذي في جامعه والإِمام ابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وابن الصلاح والبخاري شهد له بأنه حسن وأصح شيء في الباب 1/ 144.

نصب الراية 1/ 23، البدر 1/ 142، 144، الخلاصة 184، التهذيب 5/ 69، سنن الترمذي 1/ 45.

(1)

التلخيص 1/ 99.

(2)

ابن ماجه 1/ 149 ح 432، الدارقطني 1/ 106، البيهقي 1/ 55.

(3)

والحديث له علل:

أولًا: الاختلاف في رفعه ووقفه. وقال الدارقطني: روي عن عبد الواحد بن قيس عن نافع عن ابن عمرو لم يرفعه قال وهو الصواب 1/ 106.

ثانيا: الاختلاف في إرساله ووصله. فقال ابن أبي حاتم: روى هذا الوليد عن الأوزاعي عن عبد الواحد بن يزيد الرقاشي وقتادة قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشبه العلل 1/ 31 ح 58.

(4)

عبد الواحد بن قيس: صدوق له أوهام، وقال الذهبي: سمعت يحيى وذكر عنده عبد الواحد بن قيس الذي يروي عنه الأوزاعي فقال: كان شبه لا شيء وروى الدارمى عن يحيى أنه ثقة. التقريب 222، الخلاصة 247، ضعفاء العقيلي 3/ 51.

ص: 216

وهذا الحديث يدل على مشروعية تخليل اللحية، ولا خلاف فيه. وأما الوجوب فقد اختلف فيه، فمذهب العترة وأبي ثور والظاهرية والحسن بن صالح أنه واجب كقبل نباتها. قال في البحر: لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث أنس: "خلل لحيتك"(1)، ولفظه: قال: "أتاني جبريل فقال: إذا توضأت فخلل لحيتك". وروي عن علي عليه السلام: "ما بال أقوام يغسلون وجوههم قبل أن تنبت اللحية، فإذا نبتت اللحى ضيعوا الوضوء". حكاهما في أصول الأحكام وأخرج أبو داود حديث أنس (2) وفي إسناده الوليد بن زوران (أ)(3)، وهو مجهول الحال، ولفظه "كان إذا توضأ أخد كفا من ماء (ب) فأدخله تحت حنكه فخلل به (جـ) لحيته وقال: هكذا أمرني ربي" وله طرق أخرى ضعيفة (4). وذهب الفريقان إلى أنه غير واجب، لحديث وضوئه صلى الله عليه وسلم في رواية ابن عباس: "ثم أخذ أخرى فجمع بها يديه ثم غسل وجهه" (5) والغرفة الواحدة لا تصل باطن الشعر الكثيف. وأجيب بأن حديث أنس فيه زيادة وهي معمول بها. والحق أن ذلك مع صحة الرواية صحيح وقد عرفت ما فيها والله أعلم.

37 -

وعن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بثُلُثَي مُدِّ فجعل يدلِّك ذراعيه. أخرجه أحمد وصححه ابن خزيمة (6).

(أ) في جـ: وردان، وفي ب، هـ: رزوان.

(ب) في جـ: الماء.

(جـ) في جـ: بين.

_________

(1)

البحر 1/ 60.

(2)

أبو داود 1/ 100 ح 145.

(3)

الوليد بن زوران الرقي، وقيل زوران، لين الحديث، وقال في التلخيص: مجهول الحال. الخلاصة 416، التقريب 370، التلخيص 1/ 97.

(4)

ذكرها في البدر والتلخيص البدر 1/ 143، التلخيص 1/ 97.

(5)

أبو داود 1/ 95 ح 137 - واللفظ له والبخاري بمعناه 1/ 241 ح 140.

(6)

أخرجه أحمد ولم يذكر ثلثي مد 4/ 39، ابن خزيمة باب الرخصة في الوضوء بأقل من قدر المد من الماء 1/ 62 واللفط له وفيه (ذراعه)، والحاكم بزيادة (فتوضأ فجعل يدلك) 1/ 161، وقال على شرط مسلم ووافقه الذهبي، والبيهقي بلفظ الحاكم 1/ 196.

ص: 217

وأخرج أبو داود والنسائي بإسناد حسن من حديث أم عمارة الأنصارية (أن النبي صلى الله عليه وسلم "توضأ (أ) بإناء فيه قدر (ب) ثُلَثَي مُدٍّ" (1) ورواه البيهقي من حديث عبد الله بن زيد.

وروي البيهقي من طريق ابن عدي وضعفه من حديث أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ (ب) بنصْفِ مُدٍّ (2) ورواه البيهقي (3) أيضًا بلفظ بقسط من ماء. وهو ضعيف أيضًا، والقسط: نصف مد.

في هذا المذكور رد على ابن شعبان (4) من المالكية حيث قال: "لا يجزئ أقل من مُدٍّ في الوضوء وصاعٍ في الغُسْل لحديث أنس المتفق عليه"(5) وحكي مثل قوله عن محمد بن الحسن من الحنفية قال صاحب التقريب (جـ): وذكر أصحابنا في كتب الفقه حديثًا آخر أنه توضأ بثلث مد وحديثا آخر "أنه توضأ بما لا يلت الثري"(6) ولا أصل (7) لهما. وقد عرفت من اختلاف هذه

(أ) ما بينهما بهامش ب.

(ب) ساقطة من ب.

(جـ) في جـ: التقرير.

_________

(1)

أبو داود بمعناه، باب ما يجزيء من الماء في الوضوء 1/ 72 ح 94.

والنسائي بمعناه باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء في الوضوء 1/ 50. البيهقي 1/ 196.

(2)

و (3) سنن البيهقي 1/ 196، وقال: فيه الصلت بن دينار لا يعرج بحديثه، الصلت بن دينار الأزدي أبو شعيب المجنون من أهل البصرة تركه أحمد ويحيى، قال الدارمي: ليس بشيء.

المجروحين 1/ 375 - 376 الميزان 2/ 318.

(4)

محمد بن القاسم بن شعبان بن ربيعة ينتهي نسبه إلى عمار بن ياسر رضي الله عنه كان رأس فقهاء المالكية بمصر في وقته وأحفظهم لمذهبه وكان ضعيفا بالعربية وكانت كتبه مليئة بغرائب من أقوات مالك وأقوال شاذة. توفي سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، الديباج المذهب 2/ 194، حسن المحاضرة 1/ 313 - 314.

(5)

البخاري 1/ 304 ح 210 - مسلم 1/ 257 ح 50 - 325.

(6)

التقريب وشرحه طرح التثريب 2/ 91.

(7)

قال النووي: لا أعلم له أصلا. المجموع 2/ 192.

ص: 218

الأحاديث وإمكان الجمع بينها أن ذلك إنما هو تقريب لا تحديد وأن الجميع يقضي بعدم الإِسراف في الوضوء والتخفيف، وذلك يختلف باختلاف الأوقات والأشخاص ونعومة الجسم (أ) وقشافته وعظمه وصغره وقال ابن عبد السلام (1)(ب) الاقتصار في ذلك القدر المروي لمن كان حجم جسمه كبدن النبي صلى الله عليه وسلم وإلا اعتبرت النسبة زيادة ونقصانا وهو حسن، ووافقه في الإِقليد، وقد روي عن تقي الدين السبكي أنه توضأ بثمانية عشر (2) درهما وهو أوقية ونصف، والمستحب الاقتصار على ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:"سيأتي أقوام يستقلون هذا، فمن رغب في سنتي وتمسك بعث معي في حظيرة القدس"(3).

والحديث غريب، ولكنه (جـ) في بعض الأجزاء من رواية أم سعد كذا حكاه الدميري (د) في شرح (هـ) المنهاج (4). وحظيرة القدس (5) بالظاء المشالة (6) الجنة وسيأتي الكلام في تحقيق المد في حديث أنس (و) قريبا إن شاء الله تعالى (7).

(أ) في ب: الجسد.

(ب) زاد في هـ: و.

(جـ) في جـ: ولكن.

(د) في جـ: الترمذي.

(هـ) ساقطة من الأصل.

(و) في هـ: من حديث أنس، وجـ: من أنس.

_________

(1)

قواعد الأحكام 2/ 207.

(2)

طرح التثريب 2/ 91.

(3)

رواه الحافظ في التلخيص، وقال: رواه الحافظ السمعاني في أثناء الجزء من كتاب الانتصار لأصحاب الحديث من حديث أم سعد بلفظ: الوضوء مد والغسل صاع إلخ قال: وفيه عنبسة بن عبد الرحمن: وهو متروك، وأخرجه الشوكاني في الفوائد المجموعة وقال: قال ابن طاهر فيه مجروح. التلخيص 1/ 144، الفوائد 13.

(4)

النجم الوهاج شرح المنهاج لكمال الدين محمد بن موسي الدميري المتوفى سنة 808 شرح منهاج الطالبين للنووي 676، لخصه من شرح السبكي والأسنوي وغيرهم.

(5)

حظيرة القدس: الجنة وهي في الأصل الموضع الذي يحاط عليه لتأوي إليه الغنم والإِبل يقيهما البرد والريح. النهاية 1/ 404.

(6)

المشالة: المعجمة. تذكرة السامع والمتكلم 97.

(7)

حديث 50.

ص: 219

38 -

وعنه رضي الله عنه أنه "رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأخذ لأذُنَيْه ماء خلاف الماء الذي أخذه لرأسه" أخرجه البيهقي (1).

وهو عند مسلم من هذا الوجه بلفظ: "ومسح برأسه بماء غير فضل يديه، وهو المحفوظ".

الضمير في عنه عائد إلى عبد الله (أ) بن زيد بن عاصم.

وقد تقدم الكلام على هذا الحديث في الحديث الخامس وهو حديث عبد الله بن عمرو فليرجع إليه.

39 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إِنَّ أُمَّتِي يأتون يوم القيامة غُرًّا مُحَجَّلين من أثرِ الوُضُوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غُرَّتَهُ فلْيَفْعل" متفق عليه واللفظ لمسلم (2).

قوله: إن أمتي، المراد بالأمة هنا أمة الإِجابة وهم المسلمون، وقد يطلق أمة محمد ويراد بها الدعوة، وليست مرادة هنا، ويأتون أي إلى المحشر أو إلى الحوض ويدل عليه الرواية بأنه يذاد (3) بعضهم عنه، وفي رواية للبخاري يدعون بضم أوله، أي ينادون أو يسمون. وغُرًّا بضم المعجمة وتشديد الراء جمع (ب) أغر أي

(أ) ساقط من جـ.

(ب) بهامش هـ.

_________

(1)

أخرجه البيهقي (يتوضأ فأخذ) كتاب الطهارة باب مسح الأذنين بماء جديد 1/ 65، ومسلم كتاب الطهارة 1/ 211 ح 19 - 236.

أبو داود بلفظه (ومسح رأسه) كتاب الطهارة باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 87 ح 120، والترمذي بلفظ أبي داود، أبواب الطهارة باب ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماء جديدا 1/ 50 ح 35، وأخرجه أحمد 4/ 49 بلفظ (رأسه) والدارمي 1/ 180.

(2)

مسلم كتاب الطهارة باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء 1/ 216 ح 35 - 246 م. البخاري كتاب الرضوء باب فضل الرضوء 1/ 235 ح 136 بلفظ (يدعون).

أحمد بلفظ أثار 2/ 400، والبيهقي نحوه 1/ 57.

(3)

مسلم 1/ 218 ح 39، 249.

ص: 220

ذو غرة وأصل الغرة (1) لمعة بيضاء تكون في جبهة الفرس ثم استعملت في الجمال والشهرة وطيب الذكر، والمراد بها هنا: النور الكائن في وجوه أمة محمد صلى الله عليه وسلم. وغرا منصوب على الحالية، وعلى رواية يدعون يحتمل المفعولية: أي أنهم إذا نودوا على رؤوس الأشهاد نودوا بهذا الوصف وكانوا على هذه الصفة، ومحجلين بالمهملة والجيم من التحجيل (2) وهو بياض يكون في ثلاث قوائم من قوائم الفرس وأصله من الحِجل بكسر المهملة وهو الخلخال والمراد به هنا (أ) النور.

واستدل الحليمي بهذا الحديث على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة وفيه نظر، لأنه ثبت عند البخاري في قصة سارة (3) عليها السلام مع الملك الذي أعطاها هاجر، "أن سارة لما هم الملك بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي". وفي قصة جريج (4) الراهب أيضًا، "أنه قام فتوضأ وصلى ثم كلم الغلام". فالظاهر أن الذي اختصت به هذه الأمة هو (ب) الغرة والتحجيل لا أصل الوضوء. وقد صرح بذلك في رواية لمسلم عن أبي هريرة مرفوعًا قال:"سِيما ليست لأحد غيركم"(5)، وله من حديث حذيفة نحوه (6) والسيما بكسر السين المهملة: العلامة، وقد اعترض (جـ) على الحليمي بحديث: "هذا وضوئي ووضوء

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في جـ: هي.

(جـ) في هـ. أعرض.

_________

(1)

القاموس 2/ 104 - النهاية 3/ 353.

(2)

التحجيل: بياض قوائم الفرس كلها ويكون في رجلين ويد، وفي رجلين فقط وفي رجل فقط ولا يكون في اليدين خاصة إلا مع الرجلين ولا في يد واحدة دون الأخرى لا مع الرجلين- القاموس 3/ 366.

(3)

البخاري كتاب الإكراه باب إذا استكرهت المرأة على الزنا فلا حد عليها 12/ 321 ح 6950.

(4)

البخاري كتاب المظالم باب إذا هدم حائطا فليبن مثله 5/ 126 ح 2482 بلفظ (فتوضأ وصلى ثم أتى الغلام).

(5)

مسلم 1/ 217 ح 27 - 247 م.

(6)

مسلم وطرفه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن حوضي لأبعد من أيلة وفيه قال: "نعم تردون علي غرا محجلين من أثار الوضوء ليست لأحد غيركم" مسلم 1/ 217، 218 ح 38 - 248.

ص: 221

الأنبياء (أ) قبلي" (1) وهو حديث ضعيف لا تقوم به الحجة (ب) ولاحتمال أن يكون الوضوء من خصائص الأنبياء دون أممهم إلا هذه الأمة ومن آثار الوضوء بفتح الواو لأنه الماء ويجوز الضم عند البعض كما تقدم.

وقوله: فليفعل، أي فليطل الغرة والتحجيل واقتصر على أحدهما لدلالته على الآخر نحو {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} (2)، واقتصر على ذكر الغرة وهي مؤنثة دون التحجيل وهو مذكر لأن محل الغرة أشرف الأعضاء وأول ما يقع عليه النظر من الإِنسان. على أن في رواية مسلم من طريق عمارة بن غزية ذكر الأمرين ولفظه:"فليطل غرته وتحجيله"(3). وقال ابن بطال (4): كنى أبو هريرة بالغرة عن (جـ) التحجيل لأن الوجه لا سبيل إلى الزيادة في غسله، وفيما قال نظر لأن الإِطالة ممكنة في الوجه بأن يغسل إلى صفحة العنق مثلًا، ونقل الرافعي عن بعضهم أن الغرة تطلق على كل من الغرة والتحجيل، ثم أن ظاهره أنه بقية الحديث، (أي قوله: فمن استطاع. . الحديث) (د)، لكن رواه أحمد من طريق فليح عن نعيم (5)، وفي آخره قال نعيم: لا أدري قوله: من استطاع إلى آخره من قول النبي صلى الله عليه وسلم -أو من قول أبي هريرة غير رواية نعيم هذه والله أعلم.

(أ) زاد في هـ وجـ: من.

(ب) في جـ: حجة.

(جـ) في هـ: على.

(د) بهامش الأصل وجـ، وساقطة من هـ.

_________

(1)

أخرجه ابن ماجه بلفظ (المرسلين) بدل الأنبياء كتاب الطهارة باب ما جاء في الوضوء مرة ومرتين وثلاثا 1/ 145 ح 420.

والحديث فيه زيد بن الحواري العَمِّي قاضي هراة: ضعيف. التقريب 112، الضعفاء للعقيلي 2/ 74. وفيه عبد الله بن عراوة السدوسي أبو شيبان ضعيف، التقريب 182، الخلاصة 206، المغني في الضعفاء 1/ 347. والحديث له طرق أخرى عن ابن عمر ولا تقوم به حجة.

(2)

الآية 81 من سورة النحل.

(3)

مسلم 1/ 216 ح 34 - 246.

(4)

شرح ابن بطال باب فضل الوضوء.

(5)

أحمد 2/ 334.

ص: 222

واختلف العلماء في القدر المستحب من التطويل في التحجيل فقيل إلى المنكب والركبة، وقد ثبت عن أبي هريرة رواية ورأيا (1) وعن ابن عمر (2) من فعله. أخرجه ابن أبي شيبة وأبو عبيد بإسناد حسن. وقيل: المستحب الزيادة إلى نصف العضد والساق، وقيل إلى فوق ذلك و (أ) قال ابن بطال (3) وطائفة من المالكية لا تستحب الزيادة على الكعب والمرفق، لقوله صلى الله عليه وسلم:"من زاد على هذا فقد أساء وظلم"(4)، وكلامهم معترض من وجوه، ورواية مسلم صريحة في الاستحباب فلا تعارض بالاحتمال. وأما دعواهم اتفاق (ب) العلماء على خلاف مذهب أبي هريرة في ذلك فهي مردودة بما نقلناه (ص) عن ابن عمر وقد صرح باستحبابه جماعة من السلف وأكثر الشافعية (5) والحنفية، وأما تأويلهم الإِطالة المطلوبة بالمداومة على الوضوء فمعترض بأن الراوي أدرى بمعنى ما روي، "كيف وقد صرح برفعه إلى الشارع صلى الله عليه وسلم (د) في الحديث (هـ) يعني ما ترجم له من فضل الوضوء"(6). لأن (و) الفضل الحاصل بالغرة والتحجيل من آثار الزيادة على

(أ) الواو ساقطة من جـ.

(ب) زاد في جـ: مذهب.

(جـ) في جـ: كما نقلناه، وفي هـ: بما قلناه.

(د) زاد في هـ: و.

(هـ) في جـ: حديث.

(و) في جـ: فإن.

_________

(1)

أخرج مسلم في صحيحه عن نعيم بن عبد الله أنه رأى أبا هريرة يتوضأ فغسل وجهه ويديه حتى كاد يبلغ المنكبين ثم غسل رجليه حتى رفع إلى الساقين ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أمتي يأتون يوم القيامة غرا محجلين من أثر الوضوء فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل" 1/ 219 ح 40 - 250.

(2)

الطهور ل 3 ب و 4 أ.

(3)

ابن بطال باب فضل الوضوء.

(4)

أبو داود، وزاد:"أو نقص" 1/ 94 ح 135، النسائي 1/ 75، ابن ماجه 1/ 146 ح 422 ابن خزيمة 1/ 89 ح 174، وقد سبق الكلام عليه في ح 33.

(5)

المجموع 1/ 422 - 424 قلت: حكى الإمام النووي أنه مذهب الشافعية ولا خلاف بين الأصحاب. حاشية رد المختار 1/ 130.

(6)

نقل هذا الكلام من الفتح وقد ترجم الإمام البخاري على هذا الحديث باب فضل الوضوء، والغر المحجلون من آثار الوضوء 1/ 235.

ص: 223

لواجب فكيف الظن بالواجب وقد وردت فيه أحاديث صحيحة صريحة أخرجها مسلم وغيره.

40 -

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبُه التَّيمن في تَنَعُّلِه وتَرَجُّلِه وَطَهوره وفي شأنِه كلِّه" متفق عليه (1).

قوله (أ): يعجبه التيمن، قيل: إنه كان يحب الفأل الحسن، إذ أصحاب اليمين أهل الجنة. وزاد البخاري في كتاب الصلاة عن شعبة (2):"ما استطاع" فنبه على المحافظة في ذلك ما لم يمنع مانع.

وقوله: في تنعله: أي لبس نعله، وترجله: أي ترجيل شعره: وهو تسريحه ودهنه. قال في المشارق (3): رجَّل شعره إذا مشطه بماء أو دهن ليلين ويرسل الثائر ويمد المنقبض. زاد أبو داود (4) عن مسلم بن إبراهيم عن شعبة: وسواكه.

وقوله: وفي شأنه كله: ثبت بالواو في رواية أبي الوقت (ب). قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد (5): هو عام مخصوص، لأن دخول الخلاء والخروج

(أ) في هـ: قولها.

(ب) في جـ: أبي داود الوقت.

_________

(1)

البخاري كتاب الوضوء باب التيمن في الوضوء والغسل 1/ 269 ح 168، والواو في قوله (وفي) أثبتها أبو الوقت في روايته وعليها اعتد صاحب العمدة والأكثر بدون (واو) ومسلم بمعناه كتاب الطهارة باب التيمن في الطهور وغيره 1/ 226 ح 66 - 268، وأبو داود بمعناه كتاب اللباس باب في الانتعال 4/ 378 ح 4140، الترمذي بمعناه الصلاة باب ما يستحب من التيمن في الطهور 6/ 502 ح 608. النسائي بمعناه كتاب الطهارة باب بأي الرجلين يبدأ بالغسل 1/ 67، وابن ماجه كتاب الطهارة باب التيمن في الوضوء 1/ 141 ح 401، أحمد بمعناه 6/ 130، وقوله: "وفي شأنه كله" ذكر الشارح من أوردها في الحديث.

(2)

البخاري 1/ 523 ح 426.

(3)

المشارق 1/ 283.

(4)

أبو داود 4/ 378 ح 4140.

(5)

نقل المؤلف العبارة من الفتح بالنص وإلا فعبارة ابن دقيق العيد (عام يخص فإن دخول الخلاء والخروج من المسجد يبدأ فيهما باليسار وكذلك ما يشابهما) إحكام الأحكام 1/ 215.

ص: 224

من المسجد ونحوهما يبدأ فيهما باليسار، وقد يعترض (أ) عليه بأن التأكيد بكل يقتضي بقاء التعميم ودفع التجوز عن البعض، ويمكن أن يقال: حقيقة الشأن ما كان فعلا مقصودا، وما يستحب فيه التياسر (ب) ليس من الأفعال المقصودة بل هي: إما متروك أو إما غير مقصودة، وهذا على تقدير ثبوت الواو، وأما على تقدير حذفها، وهي رواية الأكثر للبخاري، فالجار متعلق بيعجبه، أي يعجبه التيمن (جـ) في شأنه كله، التيمن (د في تنعله د) إلى آخره أي لا يترك ذلك سفرا ولا حضرا ولا فراغا ولا شغلا ونحو ذلك، وقال الطيبي: هو بدل مما قبله، بدل الكل من الكل لأنه لما ذكر الترجل لتعلقه بالرأس، التنعل لتعلقه بالرجل، والطهور لكونه مفتاح أبواب العبادة فكأنه نبه على جميع الأعضاء فصح البدل. انتهى. ووقع في رواية لمسلم (5) بتقديم (في شأنه كله)(1)، وفي البخاري في الأطعمة من طريق عبد الله بن المبارك عن شعبة أن أشعث شيخه كان يحدث به تارة مقتصرا على قوله: في شأنه كله، وتارة على قوله: في تنعله إلى آخره (2)، وزاد الإِسماعيلي (3) من طريق غندر عن شعبة أن عائشة كانت تُجْمِله تارة وتبينه أخرى، فعلى هذا يكون أصل الحديث ما ذكر من التنعل وغيره، ويؤيده رواية مسلم من طريق أبي الأحوص (4)، وابن ماجه (5) من طريق عمرو بن عبيد كلاهما

(أ) في جـ. اعترض.

(ب) في جـ: التيسر.

(جـ) في حاشية الأصل: الصواب حذف لفظ التيمن.

(د) ما بينهما ساقط من هـ، وزاد بعدها في جـ: كله.

(هـ) في جـ: مسلم.

_________

(1)

مسلم 1/ 226 ح 67 - 268.

(2)

البخاري 9/ 526 في 5380.

(3)

الفتح 1/ 270.

(4)

مسلم 1/ 226 ح 66 - 268.

(5)

ابن ماجه 1/ 141 ح 401.

ص: 225

عن أشعث بدون قوله في شأنه كله، وكأن الرواية المقتصرة على قوله: في شأنه كله من الرواية بالمعنى، ووقع في رواية لمسلم: في طهوره ونعله، بفتح النون وإسكان العين أي هيئة نعله وفي رواية ابن ماهان في مسلم: ونعله بفتح العين (1). وفي الحديث استحباب البداءة بشق الرأس الأيمن في الترجل والغسل والحلق. وقد ثبت البداءة بالأيمن في الحلق أيضًا في البخاري (2).

وفي البخاري أيضًا إزالة النعل باليسرى (3) وفيه "البداءة باليمنى في الوضوء (أ)، وبالشق الأيمن في الغسل"(4)، واستدل أيضًا به على استحباب الصلاة عن يمين (ب) الإِمام وفي ميمنة المسجد، وفي الأكل والشرب باليمين، وقد أورده البخاري في هذه المواضع كلها. قال النووي: قاعدة الشرع المستمرة البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين، ما كان يضدها استحب فيه التياسر. قال: وأجمع العلماء على أن تقديم اليمين في الوضوء سنة، من خالفها فاته الفضل وتم وضوءه انتهى (5). وفي دعوى الإِجماع نظر، إذ خالف في ذلك العترة والإِمامية (6) فقالوا: يجب الترتيب بينهما، وقد نسب المرتضي ذلك إلى الشافعي (7) وهو غلط، والحجة على (جـ) وجوب الترتيب بينهما أنه لم ينقل عن أحد

(أ) في هـ: بالوضوء.

(ب) في ب: على.

(جـ) في جـ: في.

_________

(1)

لم أقف على رواية ابن ماهان في مسلم، والمؤلف تبع ابن حجر في هذا النقل الفتح 1/ 270.

(2)

ثبت في صحيح البخاري الحلق وفي رواية مسلم أنه بدأ بالشق الأيمن. البخاري 1/ 273 ح 171 - مسلم كتاب الحج 2/ 947 خ 323 - 1305.

(3)

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا انتزع فليبدأ بالشمال، لتكن اليمني أولهما تنعل وآخرهما تنزع" البخاري كتاب اللباس باب ينزع نعله اليسرى 10/ 311 ح 5856.

(4)

(ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها) البخاري 1/ 269 ح 167.

(5)

شرح مسلم 1/ 533.

(6)

و (7) البحر الزخار 1/ 59، الفتح 1/ 270.

ص: 226

ممن روى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم أنه رآه توضأ معكوسا أو مقدم اليسرى على اليمني، وفي بعض الروايات أن تلك الصفة وقعت منه بيانا لآية الوضوء فلا يقال: إن ذلك عمل بالأفضل وليس بواجب. وأجيب بأن الآية أجمل فيها اليدان والرجلان ولم يبين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم للأعرابي:"توضأ كما أمرك الله"(1) فهو قرينة على حمل الفعل على الوجه المستحب ولا خلاف في الاستحباب، ولقول علي رضي الله عنه "ما أبالي بيميني (أ) بدأت أم بشمالي إذا أكملت الوضوء" (2) أخرجه الدارقطني. وكذا في أصول الأحكام. قلت ذلك (ب) معارض بالحديث الآتي:"ابدأوا بميامنكم"(3) وهو لم يتكلم عليه بما يقدح، وهو أرجح مما ذكر، فالواجب المصير إليه، وفيه بيان للآية (جـ)، وقد نسب العمراني في البيان القول بوجوب ترتيبها إلى الفقهاء السبعة.

قال المصنف (4): وهو تصحيف من الشيعة، وفي كلام الرافعي (5)(د) لما يوهم أن أحمد قال بوجوبه، ولا نعرف ذلك عنه، بل قال الشيخ الموفق في المغني: لا نعلم في عدم الوجوب خلافا (6) والله أعلم.

(أ) بهامش هـ.

(ب) ساقطة من ب.

(جـ) في جـ: الآية.

(د) في جـ: الشافعي.

_________

(1)

أبو داود 1/ 538 ح 861.

(2)

أخرجه الدارقطني بلفظ (ما أبالي لو بدأت بالشمال قبل اليمين إذا توضأت) وهو منقطع عبد الله بن عمرو بن هند لم يسمع من علي، العلل ومعرفة الرجال 1/ 38، التلخيص 1/ 99.

(3)

إذا توضأتم فأبدأوا بميامنكم سيأتي في ح 41.

(4)

الفتح 1/ 270.

(5)

فتح العزيز 1/ 360، قلت: ولم أر ذكرا للحنابلة عند الكلام على الترتيب.

(6)

قال الموفق: (ولا يجب الترتيب بين اليمنى واليسرى، ولا نعلم فيه خلافا لأن مخرجهما في الكتاب واحد قال الله تعالى {وَأَيْدِيكُمْ} {وَأَرْجُلَكُمْ} والفقهاء يعدون اليدين عضوا والرجلين عضوا ولا يجب الترتيب في العضو الواحد) المغني 1/ 137.

ص: 227

41 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا توضأتم فأبدأوأ بميامنِكُم" أخرجه الأربعة وصححه ابن خزيمة (1).

وأخرجه (أ) أحمد وابن حبان والبيهقي (ب)(جـ)، كلهم من طريق زهير عن الأعمش وعن أبي صالح عنه، زاد ابن حبان والبيهقي والطبراني (جـ):"وإذا لبستم". قال ابن دقيق العيد: هو حقيق بأن يصحح وللنسائي والترمذي من حديث أبي هريرة: "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه" وقد تقدم الكلام على فقه الحديث قريبا.

42 -

وعن المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وسلم: "توضأ فمسح بناصيته وعلى العمامة والحفين". أخرجه مسلم (2).

هو أبو عبد (3) الله، وقيل: أبو عيسى المغيرة بن شعبة بن أبي عامر الثقفي، أسلم عام الخندق، وقدم مهاجرا، وقيل: أول مشاهده الحديبية، نزل الكوفة

(أ) في جـ: وأخرج.

(ب) في ب زيادة: والطبراني.

(جـ) ما بينهما بهامش ب.

_________

(1)

أخرجه ابن ماجه كتاب الطهارة باب التيمن في الوضوء 1/ 141 ح 402. أبو داود بلفظ بأيمانكم وأوله "إذا لبستم" كتاب اللباس باب في الانتعال 4/ 379 ح 4141، أحمد بلفظه 2/ 354، وابن خزيمة كتاب الطهارة باب الأمر بالتيامن في الوضوء 1/ 91 ح 178، وابن حبان- الموارد- كتاب اللباس باب البداءة باليمين في اللباس والوضوء 350 ح 1452، والبيهقي بلفظه، أبي داود كتاب الطهارة باب السنة في البداءة باليمين 1/ 86. والترمذي بلفظ أورده الشارح 4/ 238، 239 ح 1766، النسائي الكبرى الزينة. تحفة الأشراف 9/ 358 أخرجه الأربعة. قلت: ورجاله ثقات.

(2)

أخرجه مسلم كتاب الطهارة بلفظ (وعلى الخفين) 1/ 230 ح 81 - 274، وأخرجه البخاري ولم يذكر المسح على الناصية والعمامة كتاب الوضوء باب المسح على الخفين 1/ 306 ح 203، وأبو داود بمعناه كتاب الطهارة باب المسح على الخفين 1/ 104 ح 150، والترمذي بمعناه أبواب الطهارة باب ما جاء في المسح على الخفين 1/ 170 ح 100، والنسائي نحوه كتاب الطهارة باب المسح على الناصية 1/ 65 وابن ماجه ولم يذكر المسح على الناصية والعمامة كتاب الطهارة باب ما جاء في المسح على الخفين 1/ 181 ح 545.

(3)

الاستيعاب 10/ 187، سير أعلام النبلاء 3/ 21، الإصابة 9/ 269.

ص: 228

ومات بها سنة خمسين وهو ابن سبعين سنة، وهو أميرها لمعاوية بن أبي سفيان.

روى عنه من أولاده: عروة وحمزة ومولاه وراد وأبو بردة بن أبي موسى.

والحديث أخرجه مسلم من رواية حمزة بن المغيرة بن شعبة ولم يخرجه البخاري (1).

قال المصنف (2) -رحمه الله تعالى- ووهم (أ) المنذري فعزاه إلى (ب المتفق، وتبع في ذلك ابن الجوزي (3) فوهم، وقد تعقبه ابن عبد الهادي، وصرح ب) عبد الحق في الجمع بين الصحيحين بأنه من أفراد مسلم. انتهى.

وأقول: لعل من جعله من المتفق هو بالنطر إلى الاتفاق في متن الحديث دون إسناده، فقد أخرج البخاري من حديث عمرو بن أمية عن أبيه: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه. من رواية الأوزاعي. قال البخاري: وتابعه معمر وعن يحيى عن أبي سلمة عن عمرو: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه (4).

وفي الحديث دلالة على جواز الاقتصار على مسح (5) الناصية، وقد قال به زيد بن علي عليه السلام وأبو حنيفة (6)، واختلف العلماء (7) في معنى المسح على

(أ) في ب: وهم.

(ب) ما بينهما بهامش هـ.

_________

(1)

قلت بل أخرجه البخاري من رواية عروة بن المغيرة عن أبيه، والاعتبار بالمخرج 1/ 306، 307 ح 203.

(2)

التلخيص 1/ 69.

(3)

التحقيق 88 ح 141، وابن عبد الهادي وافق ابن الجوزي أنهما أخرجاه، انظر التنقيح 89.

(4)

البخاري 1/ 308 ح 205.

(5)

البحر 1/ 64.

(6)

أبو حنيفة حده بالربع. الهداية 1/ 12، بداية المجتهد 1/ 12.

(7)

المغني 1/ 125.

ص: 229

العمامة فقيل: إنه كمل (أ) عليها بعد مسح الناصية كما في رواية مسلم، وإلى عدم الاقتصار على المسح عليها ذهب الجمهور. وقال الخطابي (1): فرض الله مسح الرأس.

والحديث في مسح العمامة محتمل التأويل فلا يترك المتيقن للمحتمل، قال: وقياسه على مسح الخف بعيد لأنه يشق نزعه بخلافها، وتعقب بأن الذين أجازوا الاقتصار على مسح العمامة شرطوا فيه المشقة في نزعها كما في الخف، وطريقه أن تكون محكمة (ب) كعمائم العرب، وقالوا: عضو يسقط فرضه في التيمم فجاز المسح على حائله كالقدمين، وقالوا: الآية لا تنفي ذلك ولا سيما عند من يحمل المشترك على (معنييه بحمل (جـ) اللفظ على) (د) حقيقته ومجازه لأن من قال: قبلت رأس فلان يصدق ولو كان على حائل، وإلى هذا ذهب الأوزاعي والثوري في رواية عنه وأحمد وأبو إسحاق وأبو ثور والطبري وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهم، وقال: ثبت ذلك عن أبي بكر وعمر وقد صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا"(2) والله أعلم. انتهى كلامه (3).

قال المصنف (4) -رحمه الله تعالى- وحديث المغيرة ذكر البزار أنه رواه عن ستين رجلا. قال: وقد (هـ) لخصت مقاصد طرقه الصحيحة في هذه القطعة وسيأتي الكلام إن شاء الله تعالى في المسح على الخفين.

(أ) في جـ: يكمل.

(ب) في هـ: محنكة.

(جـ) في ب: ويحمل.

(د) بهامش الأصل.

(هـ) في جـ: ولقد.

_________

(1)

معالم السنن 1/ 111.

(2)

أخرجه مسلم من حديث طويل في قصة تركهم صلاة الفجر حتى طلعت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فإن يطيعوا أبا بكر وعمر يرشدوا" كتاب المساجد 2/ 330.

(3)

الفتح 1/ 309، معالم السنن 1/ 111 - 112.

(4)

الفتح 1/ 307.

ص: 230

43 -

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم: "أبْدأوا بما بدأَ اللهُ به" أخرجه النسائي (1).

هكذا بلفظ، الأمر، وهو عند مسلم بلفظ الخبر.

هو أبو عبد الله جابر بن عبد الله بن عمرو بن حرام بالحاء المهملة والراء المهملة المفتوحتين الأنصاري السلمي، من مشاهير الصحابة، وأحد المكثرين من الرواية (أ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد هو وأبوه العقبة الثانية ولم يشهد الأولى وشهد بدرا. وقيل لم يشهدها وشهد بعدها مع النبي صلى الله عليه وسلم ثماني عشرة غزوة. وقدم الشام ومصر، وأبوه أحد النقباء الاثني عشر، وكف بصر جابر في (ب) آخر عمره. روى عنه أبو (جـ) سلمة بن عبد الرحمن ومحمد بن علي الباقر وعطاء بن أبي رباح وأبو الزبير فأكثر ومحمد بن المنكدر وخلق سواهم كثير. مات بالدينة سنة أربع وسبعين، وقيل: سنة سبع وسبعين وقيل: سنة ثمان وسبعين، وصلى عليه أبان بن عثمان (د) وهو أميرها وله أربع وتسعون سنة، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة في قول (2).

(أ) في ب: بالرواية.

(ب) ساقطة من هـ.

(جـ)"أبو" في الأصل فقط.

(د) بهامش الأصل وهـ: ابن عفان.

_________

(1)

أخرجه النسائي المناسك باب القول بعد ركعتي الطواف 5/ 188، وأبو داود بنحوه كتاب المناسك باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم 2/ 455 ح 1905، والترمذي بلفظة تبدأ، كتاب الحج باب ما جاء أنه يبدأ بالصفا قبل المروة 3/ 216 ح 862 وابن ماجه بلفظة نبدأ، كتاب المناسك باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 2/ 1022 ح 3074، وأخرجه مسلم كتاب الحج باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم 2/ 886 - 888 ح 147 - 1218، وأخرجه البيهقي بلفظ مسلم والنسائي 1/ 85.

الدارقطني 2/ 254 بلفظ النسائي، قلت: لفظ ابدأوا عند النسائي والدارقطني. ولفظ "نبدأ" عند النسائي وأبو داود والترمذي وابن ماجه.

(2)

الاستيعاب 2/ 109، سير أعلام النبلاء 3/ 189، الإصابة 2/ 45.

ص: 231

الحديث رواه مسلم (1) بطوله في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال (أ): "ثم خرج من الباب إلى الصفا فلما دنا من الصفا قرأ {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} (2) أبدأ بما بدأ الله به" بلفظ الخبر الفعل المضارع فبدأ بالصفا لأن الله تعالى قدمه في التنزيل فقال: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ. . .} الآية. وذكره (ب) المصنف هنا لأن اللفظ عام والعموم لا يقصر على سببه كما هو المعمول به عند الجمهور، فآية الوضوء مندرجة في ذلك العموم فيجب البداءة بما بدأ الله به فيها من تقديم الوجه إلى آخره، وهذا حجة الجمهور (3) على القول بوجوب الترتيب في الوضوء، فعلى رواية الأمر، الوجوب ظاهر، وعلى رواية الخبر فلأن الظاهر من فعله صلى الله عليه وسلم هو بيان المناسك وقد قال:"خذوا عني مناسككم"(4) فالظاهر (جـ) إنما هو بيان الواجب لا بيان الأفضل والله أعلم. وذهب جماعة منهم أبو حنيفة (5) وأصحابه وابن مسعود (6) -ومالك وغيرهم إلى (د) أن الترتيب ليس بواجب لرواية ابن عباس: "أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل وجهه ويديه ثم رجليه ثم مسح رأسه بفضل وضوئه"(7) هكذا في الانتصار، وروت الربيع بنت معوذ "أنه مسح رأسه بفضل

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في ب: وذكر.

(جـ) في هـ: والظاهر.

(د) ساقطة من هـ.

_________

(1)

مسلم 2/ 886 - 892.

(2)

الآية 158 من سورة البقرة.

(3)

وهو مذهب الشافعي وأبي ثور، وقال الموفق: وهو مذهب أحمد لم أر عنه اختلافا، وحكى رواية أبي الخطاب أنه غير واجب. المغني 1/ 136.

(4)

مسلم 2/ 943 ح 310 - 1297.

(5)

المغني 1/ 136، بداية المجتهد 1/ 16 - 17، الهداية 1/ 13.

(6)

قال الموفق: رواية ابن مسعود لا يعرف لها أصل 1/ 136، قلت: والترتيب في الأعضاء غير الترتيب بين اليمنى واليسرى فالفقهاء يعدون اليدين عضوًا والرجلين عضوًا. المغني 1/ 137.

(7)

قال في التحقيق والتنقيح: وهذا لا يصح وعزاه ابن بهران في تخرج أحاديث البحر الزخار إلى الانتصار 1/ 59.

ص: 232

وضوئه" (1) قلنا: حجتنا أقوى وأصرح، ولعله مسح تبركا بآخر الوضوء أو تسوية لناصيته، قالوا كالغسل. قلنا: الجسد كالعضو الواحد.

44 -

وعنه رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ أدارَ الماء على مِرفقيه"، أخرجه الدارقطني بإسناد ضعيف (2)

وأخرجه البيهقي أيضًا كلاهما من حديث القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد (أ) بن عقيل عن جده عن جابر بلفظ "يدير الماء على المرفق"(3) والقاسم (4) متروك عند أبي حاتم، وقال أبو زرعة (ب): منكر الحديث، وكذا ضعفه (جـ أحمد وابن معين وانفرد ابن حبان بذكره في الثقات (5)، ولم يلتفت إليه في ذلك وقد صرح بضعف جـ) هذا الحديث المنذري وابن الجوزي وابن الصلاح والنووي وغيرهم (6).

قال المصنف (7) رحمه الله -ويغني عنه ما رواه مسلم من حديث أبي هريرة

(أ) ساقطة من هـ، وفي رواية للدارقطني كذلك 1/ 83.

(ب) زاد في جـ عنه.

(جـ) ما بينهما بهامش ب.

_________

(1)

أبو داود 1/ 91 ح 130.

(2)

الدارقطني كتاب الطهارة باب وضوء النبي صلى الله عليه وسلم 1/ 83، والبيهقي كتاب الطهارة باب إدخال المرفقين في الوضوء 1/ 56.

(3)

أخرجه البيهقي بهذا اللفط وبلفظ المتن 1/ 56.

(4)

القاسم بن محمد بن عبد الله بن عقيل الهاشمي، قلت: أورد له الذهبي وابن حجر الاسمين:

1) القاسم بن عبد الله بن محمد بن عقيل الهاشمي. الميزان 3/ 371. اللسان 4/ 460.

2) القاسم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل، قال: مر منسوبا إلى الجد 3/ 379 اللسان 4/ 465. والعقيلي بالاسم الأول 3/ 474، وابن عدي بالاسم الثاني 6/ 2059، قال أبو حاتم: متروك، وقال أبو زرعة: ضعيف. الجرح والتعديل 7/ 119.

(5)

الثقات 5/ 306.

(6)

التلخيص 1/ 69 - والتحقيق 87 - المجموع 1/ 289.

(7)

التلخيص 1/ 69.

ص: 233

أنه توضأ حتى أشرع في العضد ثم قال: "هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ"(1).

وتقدم الكلام على هذا الحكم في حديث عثمان فليرجع إليه.

45 -

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لَا وُضوءَ لمن لَّم يذكر اسم الله عليه". أخرجه أحمد أبو داود وابن ماجه بإسناد ضعيف" (2).

وللترمذي عن سعيد بن زيد وأبي سعيد نحوه (3). قال أحمد: لا يثبت فيه شيء (4).

حديث أبي هريرة أخرجوه من طريق محمد بن موسى المخزومي عن يعقوب بن سلمة، (أعن أبيه (أ) عن أبي هريرة بلفظ:"لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه" ورواه الحاكم من هذا الوجه إلا أنه قال: يعقوب بن أبي سلمة وادعى أنه الماجشون فصحح الحديث لذلك (5) فوهم.

قال المصنف رحمه الله: والصواب أنه الليثي بإسقاط أبي، قال

(أ) ما بينهما ساقط من جـ.

_________

(1)

مسلم 1/ 216 ح 34 - 246.

(2)

أحمد 2/ 418، وأبو داود كتاب الطهارة باب في التسمية على الوضوء 1/ 75 ح 101، وابن ماجه كتاب الطهارة باب ما جاء في التسمية على الوضوء 1/ 140 ح 399، والدارقطني بمعناه، كتاب الطهارة باب التسمية على الوضوء 1/ 71، الحاكم كتاب الطهارة 1/ 146، والبيهقي كتاب الطهارة باب التسمية على الوضوء 1/ 43.

(3)

أبواب الطهارة باب ما جاء في التسمية عند الوضوء 1/ 37 ح 25 - 26 وعند الدارمي في حديث أبي سعيد 1/ 176.

(4)

قال أحمد: لا أعلم في هذا الباب حديثًا له إسناد جيد. سنن الترمذي 1/ 38.

(5)

الحاكم 1/ 146.

ص: 234

البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه ولا لأبيه من أبي هريرة (1)، وأبوه ذكره ابن حبان في الثقات و (أ). قال: ربما أخطأ (2). وهذه عبارة عن ضعفه، فإنه قليل الحديث جدا (3) ولم يرو عنه سوى ولده (4) فإذا كان يخطئ مع قلة ما روى فكيف يوصف بكونه ثقة؟ وله طريق أخرى عند الدارقطني والبيهقي (5) من طريق محمود بن محمد الظفري، وهي ضعيفة (ب) أيضًا بمحمود (6) وشيخه أيضًا أيوب بن النجار.

وقد ورد الأمر بذلك من حديث أبي هريرة، ففي الأوسط للطبراني من طريق علي بن ثابت عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أبا هريرة إذا توضأت فقل: بسم الله، والحمد لله فإن حفظتك لا تزال تكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء"(7). قال: تفرد به عمرو بن أبي سلمة عن إبراهيم بن محمد (8) عنه وسنده واه، وفيه أيضًا من طريق الأعرج عن

(أ) سقطت الواو من جـ.

(ب) في هـ: ضعيف.

_________

(1)

التاريخ الكبير 4/ 76.

(2)

الثقات 4/ 317.

(3)

سلمة الليثي: لا يعرف، وقال ابن حجر: لين الحديث، قال الذهبي: ليس بحجة. الميزان 2/ 194، التقريب 131، الكاشف 1/ 388.

(4)

يعقوب بن سلمة الليثي، مجهول الحديث. قال الإمام البخاري: لا يعرف له سماع من أبيه، المغني في الضعفاء 2/ 758، التقريب 386.

(5)

الدارقطني 1/ 71، والبيهقي 1/ 44.

(6)

محمود بن محمد الظفري. قال الدارقطني: ليس بالقوي، ميزان الاعتدال 4/ 79. وأيوب بن النجار بن زياد الحنفي أبو إسماعيل قاضي اليمامة: ثقة مدلس. التقريب 42، الكاشف 1/ 148.

قلت: وهذه الرواية من طريق أيوب ضعيفة لأنه رواها عن يحيى بن أبي كثير وهو لم يسمع منه إلا حديثًا واحدا وهو "التقى موسي وآدم". التلخيص 1/ 84.

(7)

الطبراني الصغير 1/ 73، ورواه الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني الصغير 1/ 220.

(8)

إبراهيم بن محمد بن ثابت الأنصاري: ذو مناكير وثقه ابن حبان. الميزان 1/ 56، اللسان 1/ 98.

وعمرو بن أبي سلمة أبو حفص التنيسي، صدوق مشهور أثنى عليه غير واحد وقال أبو حاتم: لا يحتج به، وقال العقيلي، في حديثه وهم، وضعفه يحيى بن معين. الميزان 3/ 462، الضعفاء للعقيلي 3/ 272.

ص: 235

أبي هريرة رفعه (1)"إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإِناء حتى يغسلها، ويسمي قبل أن يدخلها". تفرد بهذه الزيادة عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة (2) وهو متروك عن هشام بن عروة عن أبي الزناد عنه.

وأما حديث سعيد بن زيد فرواه الترمذي والبزار وأحمد وابن ماجه والدارقطني، والعقيلي والحاكم (3) من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن أبي ثفال عن رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب عن جدته عن أبيها قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: فذكره، لفظ الترمذي قال: وقال محمد: أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح (4) ولكنه ضعيف (5). قال أبو حاتم وأبو زرعة: أبو ثفال ورباح (أ) مجهولان (6)، وزاد (ب) القطان أن جدة رباح أيضًا لا يعرف اسمها ولا حالها (7) كذا قال: فأما هي فقد عرف اسمها من رواية الحاكم (8)، قال: حدثتني جدتي أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو أنها سمعت

(أ) في ب: أبو رباح وثقال، وكذا في نسخة الأصل ولكنها مصوبة. انظر علل الحديث 1/ 52.

(ب) في هـ بزيادة: ابن.

_________

(1)

مجمع الزوائد وعزاه إلى الطبراني في الأوسط 1/ 220.

(2)

عبد الله بن محمد بن يحيى بن عروة بن الزبير، يقال له: زاذان يروى الموضوعات عن الأثبات لا يحل كتابه حديثه ولا الرواية عنه. المجروحين 2/ 10، 11، ضعفاء العقيلي 20/ 300.

(3)

الترمذي 1/ 37 ح 25، وابن ماجه 1/ 140 ح 398، أحمد 4/ 70، الدارقطني 1/ 71، الحاكم 4/ 60، البزار لم أقف عليه في مسند سعيد بن زيد.

(4)

سنن الترمذي 1/ 39.

(5)

رباح بن عبد الرحمن بن أبي سفيان بن حويطب، قال ابن حجر: مقبول، وذكر الذهبي اسمه ربيح، قال أحمد: ليس بمعروف، وقال البخاري: منكر الحديث. الميزان 2/ 38، التقريب 100.

(6)

عبارة المؤلف نقلها من التلخيص وأما قول أبو حاتم وأبو زرعة: ليس عندنا بذاك الصحيح أبو ثفال مجهول ورباح مجهول. علل الحديث 1/ 52.

(7)

التلخيص 1/ 86.

(8)

الحاكم 4/ 60.

ص: 236

رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسقط منه ذكر أبيها، وكذا البيهقي (1)، وأما حالها فقد ذكرت في الصحابة (2)، وإن لم يثبت لها صحبة فمثلها لا يسأل عن حالها، وأما أبو (أ) ثفال فروى عنه جماعة (3)، وقال البخاري: في حديثه نظر وهذه عادة فيمن يضعفه وذكره ابن حبان في الثقات (4) إلا أنه قال: لست بالمعتمد على ما تفرد به، وكأنه لا يوثقه، وأما رباح فمجهول فتبين ضعف الطريق.

وأما حديث أبي سعيد فقد أخرجه الترمذي (5) وغيره من طريق كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد بلفظ حديث الباب. قال ابن معين: كثير (6) بن زيد ليس بالقوي، وقال أبو زرعة: صدوق فيه لين، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، ليس بالقوي، يكتب حديثه، وربيح قال أبو حاتم: شيخ، وقال الترمذي (7) عن البخاري: منكر الحديث، وقال أحمد: ليس بالمعروف (8)، وقال المروزي: لم يصححه أحمد، وقال: ليس فيه شيء يثبت، فهذه الطريق موضع اجتهاد في الترجيح.

(أ) ساقطة من ب.

_________

(1)

البيهقي 1/ 43.

(2)

أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل لها صحبة، الإِصابة 12/ 112.

(3)

أبو ثفال ثمامة بن وائل بن حصين المري الشاعر، قال ابن حجر: مقبول. الميزان 4/ 508، التقريب 2/ 152، ضعفاء العقيلي 1/ 177.

(4)

ثقات ابن حبان 8/ 157.

(5)

علل الترمذي 112 - 113، أحمد 2/ 41، ابن ماجه 1/ 131 ح 317 الدارمي 1/ 176، والحاكم 1/ 147، والبيهقي 1/ 43.

(6)

كثير بن زيد الأسلمي أبو محمد المديني ولِقال له: ابن صافية وهي أمه، وقال ابن معين: ليس به بأس، وقال ابن عدي: لم أر بحديثه بأسا وأرجو أن لا بأس به. الميزان 3/ 404 التقريب 284، الكامل 6/ 2087، الجرح والتعديل 7/ 151.

(7)

علل الترمذي 113.

(8)

قال أحمد وقد سئل عن التسمية في الوضوء فقال: لا أعلم فيه حديثًا يثبت أقوى شيء فيه حديث كثير زيد عن ربيح، وربيح رجل ليس بمعروف. الكامل 6/ 2087.

ص: 237

وقد روي أيضًا من حديث عائشة وسهل بن سعد وأبي سبرة وأم سبرة وعلي وأنس (1) وفي الجميع مقال، ولكن هذه الروايات يقوي بعضها بعضا فلا تخلو عن قوة، ولذا قال ابن أبي شيبة (2): ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله. وقال البزار: لكنه مؤول ومعناه: أنه لا فضل لوضوء من لم يذكر اسم الله، لا على أنه لا يجوز وضوء من لم يسم.

والحديث يدل على اعتبار التسمية في الوضوء وأنه لا يصح من دونها، وقد اختلف في ذلك بعد الاتفاق على مشروعيتها فمذهب العترة أنها فرض على الذاكر فقط والظاهرية (3) وأحد قولي ابن حنبل بل وعلى الناسي فالظاهرية لظاهر هذا حديث (أ) الباب والعترة له في حق العامد وعدم الشرطية في حق الناسي لحديث أبي هريرة قال: سمعته صلى الله عليه وسلم يقول (ب): "من ذكر الله في أول وضوئه طهر جسده، وإذا لم يذكر اسم الله لم يطهر منه إلا موضع الوضوء". أخرجه الدارقطني والبيهقي (4)(جـ)، وهو ضعيف (بمرادس (5) بن محمد) (د) وبمحمد بن أبان (6) ورواه الدارقطني والبيهقي (جـ) من حديث ابن مسعود بزيادة:"فإذا فرغ من طهوره فليشهد"(5) أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب السماء" (7). وفيه يحيى بن هاشم (و) السمسار وهو

(أ، ب) بهامش هـ.

(جـ) ما بينهما بهامش ب.

(د) في النسخ: مراد بن أبي محمد، وفي هاش الأصل "مرداس" وكذا في الميزان 4/ 88.

(هـ) في هـ: فليتشهد.

(و) في النسخ: هشام، وفي التلخيص والميزان: هاشم، وكذا مثبت بهامش الأصل.

_________

(1)

البيهقي 1/ 43.

(2)

1/ 3.

(3)

البحر الزخار 1/ 58 - المغني 1/ 102.

(4)

الدارقطني نحوه 1/ 74، والبيهقي نحوه 1/ 45 وقال: ضعيف.

(5)

مرداس بن محمد بن عبد الله بن أبي بردة. هو أبو بلال الأشعري ستأتي ترجمته في ح 123.

(6)

محمد بن أبان الواسطي محدث شهير، قال الأزدي: ليس بذاك، وقال ابن حبان. ربما أخطأ. الميزان 3/ 453.

(7)

الدارقطني 1/ 73، وقال: يحيى بن هاشم ضعيف. البيهقي بلفظ (فتحت له أبواب الرحمة) وقال: ضعيف، يحيى بن هاشم متروك الحديث 1/ 44.

ص: 238

متروك (1). قال الإِمام في البحر (2): فجمعنا بين الحديثين فحملنا الحديث الأول على العامد، وهذا على الناسي وذهبت الحنفية والشافعية وربيعة ومالك وأحد قولي الهادي عليه السلام (3) إلى أنها سنة استدلالًا بحديث أبي هريرة الأخير، وقد عرفت ما فيه. وأقوى منه قوله في حديث الأعرابي:"توضأ كما أمرك الله"(4)، ولم يذكر التسمية، وقد مر، وتأولوا حديث الباب بالوضوء الكامل، وإذا عرفت ما تأولناه في الخبرين فالأول أرجح لكثرة المتابعات، وتقوية الطرق بعضها بعضًا. والحديث الثاني ليس في قوته وأيضًا فإنه إذا تعارض الموجب وغيره، يرجح الموجب على المختار، والأول موجب لها، والثاني غير موجب، فيترجح العمل بالأول. وأما حديث "توضأ كما أمرك الله" فإن هذا مثبت لزيادة كحديث المضمضة، والنظر إنما هو في صحة القدر الذي يجب معه العمل فيعمل به، ولكنه قد روى الرافعي (5) زيادة في حديث الباب: لا وضوء كامل. فمع وجود هذه الزيادة وفرض صحتها فلا حجة فيه إلا أنه قال المصنف -رحمه الله تعالى- لم يره هكذا (6) بهذا اللفظ، والله سبحانه أعلم.

46 -

وعن طلحة بن مصرف رضي الله عنه عن أبيه عن جده قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين المضْمضَة والاسْتِنْشاق" أخرجه أبو داود بإسناد ضعيف (7).

(1) يحيى بن هاشم السمسار أبو زكريا الغساني الكوفي، كذبه ابن معين، وقال النسائي: متروك، وقال ابن عدي: كان بغداد يضع الحديث ويسرقه.

الميزان 4/ 412، ضعفاء العقيلي 4/ 432.

(2)

البحر 1/ 58.

(3)

المجموع 1/ 359 - 361، البناية 1/ 133، البحر 1/ 58.

(4)

مر الحديث في ح 30.

(5)

فتح العزيز 1/ 386.

(6)

التلخيص 1/ 87.

(7)

أبو داود بنحوه كتاب الطهارة باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق 1/ 96 ح 139، البيهقي الطهارة باب الفصل بين المضمضة والاستنشاق 1/ 51.

ص: 239

هو أبو محمد -ويقال أبو عبد الله- طلحة بن مصرف بن كعب بن عمرو (1) -ويقال: ابن عمرو بن كعب- اليامي الهمداني الكوفي أحد الأعلام الأثبات من التابعين، روى عن عبد الله بن أبي أوفى وأنس بن مالك، روى عنه ابنه محمد وأبو إسحاق السبيعي وشعبة، وهو ممن فات الثوري من أئمة الكوفة. مات سنة اثنتى عشرة ومائة. مصرف بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الراء المشددة والفاء، واليامي بالياء تحتها نقطتان، والسبيعي بفتح السين المهملة وكسر الباء الموحدة والعين المهملة.

والحديث ضعيف بليث بن أبي سليم، وهو ضعيف، وقال ابن حبان: كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم. تركه يحيى بن القطان وابن مهدي وابن معين وأحمد بن حنبل، وقال النووي في تهذيب الأسماء: اتفق العلماء على ضعفه (2).

وللحديث علة أخرى ذكرها أبو داود عن أحمد قال: كان ابن عيينة ينكره ويقول: إيش بهذا طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده، وكذا حكى عثمان الدارمي عن علي بن المديني، وزاد (أ): سألت عبد الرحمن بن مهدي عن اسم جده فقال: عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو (ب)، كانت له صحبة، وقال الدوري عن ابن معين: المحدثون يقولون: إن جد طلحة رأى النبي صلى الله عليه وسلم وأهل بيته يقولون: ليست له صحبة (3). وقال الخلال عن أبي داود: سمعت رجلا من

(أ) زاد في هـ: و.

(ب) زاد في هـ وب: و.

_________

(1)

التقريب 157 - طبقات ابن سعد 6/ 308، حلية الأولياء 5/ 14، التاريخ الكبير 4/ 346.

(2)

ليث بن أبي سليم بن أبي زنيم الكوفي القرشي مولاهم مولى عتبة أو عنبسة ابن أبي سفيان قال النووي: اتفق العلماء على ضعفه واضطراب حديثه واختلال ضبطه توفي سنة ثلاث وأربعين ومائة.

تهذيب الأسماء 2/ 74، الميزان 3/ 420، التقريب 287، المجروحين 2/ 231.

(3)

التلخيص 1/ 79، وتاريخ ابن معين ولفظه: قال: قيل ليحيى: طلحة بن مصرف، عن أبيه عن جده، رأى جده النبي صلى الله عليه وسلم فقال يحيى: المحدثون يقولون قد رآه وأهل بيت طلحة يقولون: ليست له صحبة.

التاريخ 2/ 278.

ص: 240

ولد طلحة يقول: إن لجده صحبة، وقال ابن أبي حاتم في العلل: سألت أبي عنه فلم يثبته، وقال: إن طلحة هذا يقال: إنه رجل من الأنصار، ومنهم من يقول: طلحة بن مصرف (أقال: ولو كان طلحة بن مصرف أ) لم يختلف فيه (1) وقال ابن القطان: علة الخبر عندي الجهل محال مصرف بن عمرو ووالد طلحة، وصرح بأنه طلحة بن مصرف بن السكن وابن مردويه في كتاب "أولاد المحدثين" ويعقوب بن سفيان في تاريخه وابن أبي خيثمة أيضًا.

والحديث يدل على أنه يندب الفصل بين المضمضة والاستنشاق بأن يؤخذ لكل منهما ماء، وقد ذهب إلى ذلك الناصر وأحد. قولي الشافعي (2) وروي مثل ذلك من حديث علي وعثمان من طريق أبي وائل شقيق بن سلمة قال: شهدت عليا وعثمان توضئا ثلاثا ثلاثا، وأفردا المضمضة والاستنشاق ثم قالا:"هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ" رواه أبو علي بن السكن في صحاحه، وذهب الهادي والشافعي (3) إلى أن الجمع بينهما أفضل، وذلك لما روي في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم، ففي مسند أحمد عن علي رضي الله عنه أنه دعا بماء فغسل وجهه وكفيه ثلاثا وتمضمض فأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثا" (4) وفي ابن ماجه أصرح من هذا بلفظ "فمضمض واستنشق ثلاثا من كف واحد" (5) وأخرج أبو داود حديث الجمع عن علي رضي الله عنه من ست طرق (6)،

(أ) بهامش هـ.

_________

(1)

علل الحديث 1/ 53.

(2)

البحر الزخار 1/ 62، المجموع 1/ 370 - 371.

(3)

البحر الزخار 1/ 62، قال النووي: واختلف نصه واختيار الأصحاب والأفضل من الكيفيتين، فنص في الأم ومختصر المزني أن الجمع أفضل، ونص في البويطي أن الفصل أفضل، والقول بالجمع أكثر في كلام الأصحاب. المجموع 1/ 271.

(4)

مسند أحمد 1/ 158.

(5)

ابن ماجه 1/ 142 ح 404.

(6)

أخرج أبو داود من ح 111 - 117، والسابع من طريق ابن عباس عن علي.

ص: 241

وأخرج أبو داود من حديث عثمان: "ثم أدخلها في الإِناء فتمضمض ثلاثا واستنثر ثلاثا"(1) وحديث عثمان متفق عليه، وحديث عبد الله بن زيد بن عاصم المتفق عليه وسيأتي، وفي رواية لابن حبان "ثلاث مرات من ثلاث حفنات"، وفي لفظ للبخاري "ثلاث مرات من غرفة واحدة"(2). وفي الباب عن ابن عباس "وجمع بين المضمضة والاستنشاق" رواه الدارمي وابن حبان والحاكم (3)، والجواب عن رواية طلحة بن مصرف بأن فيها ما سمعت، ومعارضة بما ذكر قال الإِمام المهدي في البحر (4) قلت: والحق ما ذكره الإِمام يحيى أنه مخير فكلاهما (أ) سنة ثابتة. والله أعلم. وقد عرفت من بعض ما ذكر في الجمع أن الظاهر أن تثليثهما بغرفة واحدة، فلا وجه لاستبعاد الإِمام المهدي لذلك في الغيث مع وروده (5).

47 -

(وعن علي رضي الله عنه في صفة الوضوء": "ثم تمضمض صلى الله عليه وسلم واسْتَنْثَرَ ثلاثًا يمضمض وينثر من الكف الذي يأخذ منه الماء" أخرجه أبو

(أ) في هـ. وكلاهما.

_________

(1)

أبو داود 1/ 80 ح 108.

(2)

البخاري كتاب الوضوء باب الوضوء من النور من حديث عبد الله بن زيد 1/ 33 ح 199.

(3)

الدارمي باب الوضوء مرة مرة 1/ 177، الحاكم 1/ 150، ابن حبان موارد 67/ 153.

(4)

البحر 1/ 62.

(5)

قلت: وحاصل الصور ما يلي:

أولًا: يتمضمض ويستنشق بثلاث غرفات وصورتها: يأخذ غرفة يتمضمض منها ثم يستنشق منها -والثانية- والثالثة كذلك.

يدل عليه حديث عبد الله بن زيد متفق عليه "فمضمض واستنشق من كف واحد فعل ذلك ثلاثا" وفي لفظ "فمضمض واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات"، وفي لفظ "مضمض واستنشق واستنثر من ثلاث غرفات" ورواية ابن حبان "فمضمض واستنشق ثلاث مرات من ثلاث حفنات".

ثانيا: يتمضمض ويستنشق ثلاث مرات بغرفة واحدة يدل عليه رواية ابن ماجة "فمضمض واستنشق ثلاث مرات من غرفة واحدة".

ثالثا: يتمضمض ويستنشق مرة يدل عليه حديث ابن عباس أن النبي جمع بين المضمضة والاستنشاق.

رابعا: يتمضمض ثلاثا ثم يستنشق ثلاثا. يدل عليه حديث علي في رواية أبي حبة "ثم تمضمض ثلاثا واستنشق ثلاثا" ومثله حديث طلحة بن مصرف والله أعلم.

ص: 242

داود والنسائي (1) تقدم الكلام على فقه (أ) الحديث) (ب).

48 -

وعن عبد الله بن زيد بن عاصم (جـ) رضي الله عنه (د) - في صفة الوضوء: "ثم أدخل صلى الله عليه وسلم يده فمضمض واستنشق من كف واحدة يفعل ذلك ثلاثا" متفق عليه (2).

هو عبد الله بن زيد بن عاصم وقد تقدم الكلام عليه.

والحديث يدل على أن الأفضل جمع المضمضة والاستنشاق بماء واحد، وهذا صريح في هذه الرواية، وهي لفظ مسلم، وفي لفظ للبخاري (هـ) "فتمضمض واستنشق ثلاثا بثلاث غرفات" وفي رواية لهما:"من ثلاث غرفات"، والكلام عليه قد تقدم (3).

49 -

وعن أنس رضي الله عنه قال: "رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا وفي قدمه مثل الظفر، لم يصبه الماء، فقال: ارْجِع فأحْسِنْ وُضُوءَكَ" أخرجه أبو داود والنسائي (4).

الحديث أخرجه أبو داود من طريق ابن وهب عن جرير بن حازم وقال: ليس

(أ) زاد في ب: هذا.

(ب) بهامش الأصل وهـ.

(جـ) سقطت من ب وجـ وهـ.

(د) زاد في ب: قال.

(هـ) في ب: البخاري.

_________

(1)

انظر تخريج الحديث في ح 31.

(2)

تقدم تخريج الحديث في ح 32.

(3)

تقدم بيان الغرفات في ح 46.

(4)

لم أقف عليه عند النسائي، أخرجه أبو داود بمعناه كتاب الطهارة باب تفريق الوضوء 1/ 120، 121 ح 173، وأخرجه ابن ماجه كتاب الطهارة باب من توضأ فترك موضعا 1/ 218 ح 665، أحمد بمعناه 3/ 1046، وابن خزيمة بمعناه باب ذكر الدليل على أن المسح على الخفين غير جائز 11/ 85، والدارقطني باب ما روي في فضل الوضوء واستيعاب جميع القدم 1/ 108، والبيهقي كتاب الطهارة باب تفريق الوضوء 1/ 83، وأبو عوانة 1/ 253.

ص: 243

هذا الحديث بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب (1)، (أوأخرج من حديث عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه قال:"ارجع فأحسن وضوءك"(2).

وهو أ) في صحيح مسلم من حديث جابر عن عمر وأبهم المتوضئ ولفظه: فقال: "ارجع فأحسن وضوءك" قال البزار (3): لا نعلم أحدا أسنده عن عمر إلا من هذا الوجه. قال أبو الفضل الهروي: إنما يعرف هذا من حديث ابن لهيعة، ورفعه خطأ، فقد رواه الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن عمر موقوفًا، وكذا روى (ب) هشيم عن عبد الملك عن عطاء عن عبيد بن عمير نحوه في قصة موقوفة. وقال الدارقطني:"تفرد به جرير بن حازم عن قتادة، وهو ثقة"(4).

وأخرجه أبو داود (5) من طريق خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي، وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة قال الأثرم: قلت لأحمد بن حنبل: هذا إسناد جيد قال: نعم. وأعله الترمذي بأن بقية قال عن يحيى: وبقية مدلس لا يزول ضعفه إلا بالتصريح بالتحديث والسماع، لكن في المستدرك (6) تصريح بذلك، فزال الضعف، وأخرج في المستدرك نحوه عن

(أ) ما بينهما بهامش ب.

(ب) في ب: رواه.

_________

(1)

أبو داود 1/ 121.

(2)

أبو داود 1/ 121. ومسلم 1/ 529.

(3)

مسند البزار ما رواه جابر بن عبد الله بن عمر فقد رواه الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن عمر موقوفًا ل 91.

(4)

الدارقطني 1/ 108.

(5)

أبو داود 1/ 121 ح 175.

(6)

قال ابن الملقن: قال شيخنا -يعني العراقي-: في إسناده بقية وفيه مقال قال الشيخ: قلت في المستدرك: لعله وهم من الناسخ فإن هذا الحديث ليس له ذكر فيه وإنما صوابه من المسند يعني لأحمد بن حنبل. وفيه عن بعض أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل أصحاب رسول الله، قلت: بل في المسند 3/ 424 عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. =

ص: 244

بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وأجمل النووي (1) القول في هذا فقال في شرح المهذب: هو حديث ضعيف الإِسناد، وفي إطلاقه نظر لما عرفت من الطرق.

والحديث دليل على وجوب استيعاب جميع أعضاء الوضوء نصا في الرجل وقياسا فيما عداها، وذهب إلى (أ) ذلك الجمهور، والخلاف لأبي حنيفة فقال: يعفى في الوضوء عن قدر الدرهم وفي التيمم عن قدر ربع العضو، هكذا حكى الخلاف الإمام الهدي في البحر (2)، والنووي صرح في شرح مسلم بالاتفاق على أنه لا يعفى عن شيء في الوضوء (3). قال: وفي التيمم ثلاث روايات عن أبي حنيفة، إحداها (ب) يعفى عن أقل (جـ النصف، الثانية أقل من جـ) الدرهم، الثالثة: من الربع فما دونه. هكذا حكى الخلاف (4) والله أعلم.

ودليل الجمهور ما مر ذكره، ولعل مستنده على رواية أقل من الدرهم حديث خالد بن معدان (5)، وهو لا يدل على ذلك، إذ ليس فيه تصريح بأن ما دونه يعفى عنه، وقد استدل بالحديث على وجوب الموالاة في الوضوء، حيث قال: أحسن وضوءك، وأصرح منه أمره أن يعيد الوضوء، ولم يقل اغسل ما تركت، ويجاب عنه: أما حديث أحسن وضوءك فإن من الإِحسان الاستكمال

(أ) في ب: على.

(ب) في ب: أحدهما.

(جـ) ما بينهما بهامش ب.

_________

= قلت: وقد ذكره الحافظ في التلخيص وعزاه إلى المستدرك والمسند. البدر 1/ 154 التلخيص 1/ 96.

(1)

المجموع 1/ 443.

(2)

البحر 1/ 84.

(3)

شرح مسلم 1/ 529.

(4)

شرح مسلم 1/ 529.

(5)

أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء فأمرء النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة) سنن أبي داود 1/ 121 ح 175، ورجاله ثقات كما مر إلا أن بقية يدلس، مر في ح 16 وقد صرح بالسماع عند أحمد 3/ 424.

ص: 245

فلا دلالة على ذلك، وأما الأمر بالإِعادة فلأنه يحتمل أنه أراد التشديد عليه في الإِنكار والتنبيه على أن من ترك شيئًا فكأنه تارك للكل، وفيه ما فيه (1). .

وفي الحديث أيضًا أن الجاهل والناسي حكمهما في الترك حكم العامد، وفيه تعليم الجاهل بالرفق.

وفي قوله: مثل الظفر، الظفر فيه لغات أجودها بضم الظاء والفاء، وبه جاء القرآن العزيز (2)، ويجوز إسكان الفاء، وبكسر الظاء مع إسكان الفاء وكسرهما، وقريء بهما في الشواذ، ويقال أيضًا أظفور ويجمع الظفر على أظفار جمع الجمع أظافير (3).

50 -

وعنه رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضّأ بالمُدِّ ويغتسل بالصَّاعِ إلى خمسةِ أمْداد" متفق عليه (4).

المد رطل وثلث بالبغدادي، والصاع أربعة أمداد، وأبو حنيفة (5) يخالف في هذا المقدار، ولما جاء أبو يوسف (6) إلى المدينة وتناظر مع (أ) مالك في المسألة استدل مالك بصيعان أولاد المهاجرين والأنصار الذين أخذوها من آبائهم، فرجع إليه أبو يوسف.

(أ) ساقطة من هـ.

_________

(1)

وقال الصنعاني: إن قول الراوي أمره أن يعيد الوضوء: أي غسل ما تركه وسماه إعادة باعتبار ظن المتوضيء. السبل 1/ 100، قلت: ولعل هذا بناء على أن الموالاة ليست واجبة.

(2)

قال تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ} الآية [الأنعام: 146].

(3)

شرح مسلم 1/ 529، القاموس 2/ 83.

(4)

أخرجه مسلم بلفظه كتاب الحيض باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة 1/ 258 ح 52 - 326 وأخرجه البخاري وقدم الغسل على الوضوء كتاب الوضوء باب الوضوء بالمد 1/ 304 ح 201، وأخرجه أبو داود بمعناه كتاب الطهارة باب ما يجزيء من الوضوء 1/ 72 ح 95، والنسائي بمعناه كتاب الطهارة باب القدر الذي يكتفي به الرجل من الماء للوضوء 1/ 50، أحمد 3/ 112.

(5)

استدل أبو حنيفة بحديث أنس: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ برطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال، قال الدارقطني: تفرد به موسى بن نصر وهو ضعيف الحديث. الدارقطني 1/ 94، شرح معاني الآثار 1/ 48.

(6)

انظر القصة في نصب الراية 2/ 428 - 429.

ص: 246

وقيل: المد والصاع في الوضوء غير المذكور في الزكاة وهو أن المد رطلان والصاع ثمانية أرطال، لما روى البخاري عن عائشة "أنها كانت تغتسل هي والنبي صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يقال له: الفرق" (1) بفتح الراء، وهو إناء يسع ستة عشر رطلا، وأما سكون الراء فيسع مائة وعشرين رطلا. كذا نقله ابن الصباغ عن الشافعي (2) رحمه الله تعالى.

وظاهر حديث أنس أنه لم يطلع على أنه زاد على خمسة أمداد لأنه جعلها النهاية، والظاهر أن ذلك تقريب لا تحديد، ويدل عليه ما في (أ) رواية أبي داود والنسائي بإسناد حسن من حديث أم عمارة الأنصارية:"أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ بإناء فيه قدر ثلثي مد"(3) ورواه البيهقي (4) من حديث عبد الله بن زيد، (ب والأولى الحمل على استحباب ذلك القدر فإن ب) أكثر من قدر وضوءه صلى الله عليه وسلم من الصحابة قدرهما بذلك، ففي مسلم عن سفينة مثله (5)، ولأحمد وأبي داود بإسناد صحيح عن جابر (6) مثله، وفي الباب عن عائشة وأم سلمة مثله (جـ) وابن عباس وابن عمر وغيرهم وأشار إلى ذلك البخاري في أول كتاب الوضوء بقوله: وكره أهل العلم الإِسراف فيه، وأن يجاوزوا فعل النبي صلى الله عليه وسلم (7).

(أ) في ب: بما.

(ب) ما بينهما ساقطة من هـ.

(جـ) ساقطة من هـ.

_________

(1)

البخاري 1/ 363 ح 250.

(2)

وقاله ابن الأثير 3/ 347 والفرق قيل ثلاثة أصع، وقيل صاعان وحكى أبو عبيد الاتفاق على أنه ثلاثة أصع، وقال النووي. الجماهير. الفتح 1/ 364.

(3)

أبو داود 1/ 72 ح 94، والنسائي 1/ 50.

(4)

البيهقي 1/ 196.

(5)

أنه يتطهر بالمد ويغتسل بالصاع 1/ 258 ح 52 - 326.

(6)

وعن جابر كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع ويتوضأ بالمد. أبو داود 1/ 71 ح 93، وأحمد 3/ 303.

(7)

البخاري 1/ 232.

ص: 247

فائدة: الصاع يذكر ويؤنث، ويقال أيضًا صوع وصواع، وأمداد جمع مد وهو مذكر، وقال بعضهم: جمع مداد، ويؤول عليه قوله صلى الله عليه وسلم:"سبحان الله مداد كلماته"، والمشهور مثل عددها وهذا مثال يراد به التقريب لأن الكلمات لا تدخل في الكيل والوزن وإنما تدخل في العدد.

51 -

وعن عمر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما منكم من أحد يتوضَّأ فَيُسْبِغُ الوضوءَ ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، إلَّا فُتحت له أبوابُ الجنة" أخرجه مسلم (1) والترمذي وزاد: "اللهمَّ اجعلني من التوَّابين واجعلني من المتطَهْرين".

عمر بن الخطاب هو أبو حفص عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزي بن رباح بن عبد الله بن قرظ بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، يجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في كعب وكذلك مع أبي بكر. أسلم سنة ست من النبوة وقيل: سنة خمس بعد أربعين رجلا وإحدى عشرة امرأة، ويقال به تمت الأربعون وظهر الإِسلام يوم إسلامه وسمي الفاروق لذلك وشهد المشاهد كلها مع النبي صلى الله عليه وسلم، كان أبيض تعلوه حمرة وقيل: آدم طوالا أصلع شديد حمرة العينين في عارضه خفة، أعسر يسر يعني يعمل بيديه جميعا يخضب بالحناء والكتم، طعنه أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة مصدر الحاج بالمدينة يوم الأربعاء لأربع بقين من ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين، ودفن يوم الأحد غرة المحرم سنة أربع وعشرين وله من العمر ثلاث وستون سنة (أ)، وقيل: تسع وخمسون، وقيل: ثمان وخمسون وقيل: ست

(أ) ساقطة من ب.

_________

(1)

وبقيته عند مسلم (الثمانية يدخل من أيها شاء) الطهارة باب الذكر المستحب عقب الوضوء 1/ 209 - 210 ح 17 - 234، والترمذي في أبواب الطهارة باب فيما يقال بعد الوضوء 1/ 77 ح 55 وابن ماجه بلفظ مسلم كتاب الطهارة باب ما يقال بعد الوضوء 1/ 159 ح 470، والنسائي بمعناه كتاب الطهارة باب القول بعد الفراغ من الوضوء 1/ 78، أحمد 4/ 146، والبيهقي بمعناه 78، وأبو عوانة 1/ 225.

ص: 248

وخمسون، وقيل: إحدى وستون، وكانت خلافته عشر سنين ونصفا وصلى عليه صهيب ودفن إلى جانب أبي بكر الصديق رضي الله عنهما. روى عنه أبو بكر وباقي العشرة وابنه عبد الله وأبو هريرة وابن عباس وابن الزبير وأنس بن مالك وعلقمة بن وقاص الليثي ومالك بن أوس بن الحدثان وغيرهم من الصحابة والتابعين (1).

الحديث أخرجه مسلم وأبو داود وابن حبان لأن حديث عقبة بن عامر (2) عن عمر، وأخرجه الترمذي من وجه آخر عن عمر وزاد فيه:"اللهم اجعلني من التوابين"(3) الحديث قال: وفي إسناده اضطراب، ولا يصح فيه كثير شيء.

قال المصنف -رحمه الله تعالى-: ورواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض والزيادة التي عنده رواها البزار والطبراني في الأوسط (4) من طريق ثوبان، ولفظه:"من دعا بوضوء فتوضأ فساعة فرغ من وضوئه يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين". ورواه ابن ماجه من حديث أنس (5)، وروى النسائي في عمل اليوم والليلة (6)، والحاكم في المستدرك من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ من توضأ فقال:"سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك، كتب في رق، ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى (أ) يوم القيامة". واختلف في

(أ) في الأصل: إلا، ومصوبة في الهامش.

_________

(1)

حلية الأولياء 1/ 38، الاستيعاب 8/ 242، الإِصابة 7/ 74.

(2)

مسلم 1/ 209 - 210 ح 17 - 234، أبو داود 1/ 118 ح 166.

(3)

الترمذي 1/ 78 ح 55.

(4)

مجمع الزوائد وعزاها إلى الطبراني في الأوسط والكبير وقال في الأوسط: تفرد به مسور بن مورع ولم أجد من ترجمه وفيه أحمد بن سهيل الوراق ذكره ابن حبان في الثقات وفي إسناد الكبير أبو سعيد البقال والأكثر على تضعيفه. ووثقه بعضهم 1/ 239.

(5)

ابن ماجه 1/ 159 ح 469، وقال في الزوائد في زيد العمي: وهو ضعيف تقدم في 39.

(6)

عمل اليوم والليلة 173 ح 81، قال أبو عبد الرحمن: هذا خطأ والصواب موقوف. الحاكم فضائل القرآن، وطرفه من قرأ سورة الكهف 1/ 564.

ص: 249

وقفه ورفعه، وصحح النسائي الموقوف وضعف الحازمي الرواية المرفوعة لأن الطبراني قال في الأوسط (1) لم يرفعه عن شعبة إلا يحيى بن كثير.

وفي الحديث دلالة على استحباب هذا الذكر عقيب الوضوء. قال (2) النووي: قال أصحابنا: وتستحب هذه الأذكار عقيب الغسل أيضًا. والله أعلم.

(عدة أحاديث باب الوضوء أربعة وعشرون حديثًا)(أ).

(أ) بهامش الأصل.

_________

(1)

مجمع الزوائد 1/ 1239.

(2)

شرح مسلم 1/ 519.

ص: 250