المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب المسح على الخفين - البدر التمام شرح بلوغ المرام ت الزبن - جـ ١

[الحسين بن محمد المغربي]

الفصل: ‌باب المسح على الخفين

‌باب المسح على الخفين

52 -

عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم، فتوضأ، فأهْوَيْتُ لأنزِع خُفَّيْه، فقال: دَعْهُمَا، فإني أدخلتهما طاهرتيْنِ، فمسح عليهما (1). متفق عليه.

وللأربعة عنه إلا النسائي: أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح أعلَى الخفِّ وأسفله (2). وفِي إسناده ضعف.

حديث المغيرة أخرجه الشيخان واللفظ المصدر للبخاري، ورواه أبو داود بلفظ:(دع الخفين) وذكر البزار أنه روى عن المغيرة من نحو (أ) ستين طريقا وذكر ابن منده مبها خمسة وأربعين طريقا ورواه الشافعي (3) بلفظ: "قلت: يا رسول الله أمسح (ب) على الخفين؟ قال: نعم، إذا (جـ) أدخلتهما (د) وهما طاهرتان".

(أ) زاد في ب: من.

(ب) في ب، هـ: أتمسح.

(جـ) في النسخ: إني، والتصحيح من مسند الشافعي.

(د) في ب: أدخلتها.

_________

(1)

البخاري بلفظ (في سفر) مكان (فتوضأ) كتاب الوضوء باب إذا أدخل رجليه وهما طاهرتين 1/ 309 ح 206، مسلم بمعناه الطهارة باب المسح على الخفين 1/ 230 ح 79 - 275، وأبو داود بمعناه كتاب الطهارة باب المسح على الخفين 1/ 104 ح 151، وابن ماجه كتاب الطهارة باب ما جاء في المسح على الخفين 2/ 180 ح 545 والنسائي كتاب الطهارة باب المسح على الخفين في السفر 1/ 71.

(2)

أبو داود 1/ 116 ح 165، والترمذي 1/ 162 ح 97، وابن ماجه 1/ 182 ح 550، وأحمد 4/ 251، والدارقطني 1/ 195، والبيهقي 1/ 290، المنتقى 38 ح 84، وسيأتي كلام الشارح عليه في آخر الحديث.

(3)

مسند الشافعي 17.

ص: 251

وقوله: كنت إلخ .. ذكر أن ذلك كان في سفر وصرح به البخاري، وفي المغازي أنه كان في غزوة تبوك (1)، تردد في ذلك من بعض رواته، ولمالك وأحمد وأبي داود من طريق عباد بن زياد عن عروة عن المغيرة أنه كان في غزوة تبوك بلا تردد وأن ذلك كان عند صلاة الفجر (2).

وقوله: فتوضأ (3)، أي بالكيفية المعتبرة لا أنه غسل (أ) رجليه، وقد صرح بذلك البخاري، وذكر أنه كان عليه جبة شامية (4)، ولأبي داود من جباب الشام (5)، وزاد أحمد:"تمضمض واستنشق ثلاث مرات، فذهب يخرج يديه من كميه فكانا ضيقين فأخرجهما من تحت الجبة"(6). ولمسلم من وجه أي "وألقى الجبة على منكبه"(7) ولأحمد: "فغسل يده اليمنى ثلاث مرات"(8) وللبخاري: "ومسح برأسه"(9).

وقوله: فأهويت أي: مددت يدي، قال الأصمعي: أهويت بالشيء إذا أومأت به، وقال غيره: أهويت أي: قصدت الهوي من القيام إلى القعود وقيل: الإِهواء الإِمالة.

(أ) في هـ: اغتسل.

_________

(1)

البخاري 8/ 125 ح 4421.

(2)

الموطأ 48، وأحمد 4/ 251، أبو داود 1/ 103 ح 149.

(3)

و (4) البخاري باب المسح على الخفين 1/ 307 ح 203، وأما رواية "وعليه جبة شامية" فمن طريق مسروق عن المغيرة في كتاب الجهاد 6/ 100 ح 2918.

(5)

"من جباب الروم" أبو داود 1/ 105 ح 151، وكذا في الفتح 1/ 307، وعند أحمد:"جبة شامية" 4/ 251.

(6)

لم أقف على نص عند أحمد بهذا والذي في الفتح (وللمصنف في الجهاد "أنه تمضمض واستنشق وغسل" وجهه زاد أحمد "ثلاث مرات فذهب يخرج يديه من كميه فكانا ضيقين فأخرجهما من تحت الجبة" 1/ 207. وهذا في أحمد: (ثم استنثر قال يعقوب ثم تمضمض ثم غسل وجهه ثلاث مرات ثم أراد أن يغسل ..) 4/ 249.

(7)

مسلم 1/ 230 ح 81 - 273.

(8)

أحمد 4/ 249.

(9)

البخاري كتاب اللباس باب من لبس جبة ضيقة الكمين في السفر 10/ 268 ح 5798.

ص: 252

قال ابن بطال: وفيه خدمة العالم، وأن للخادم أن يقصد إلى ما يعرف من عادة مخدومه قبل أن يأمره.

وفيه الفهم عن الإشارة ورد الجواب عن ما يفهم عنها، لقوله:"دعهما" وقوله: أدخلتما، أَي القدمين طاهرتين. كذا للأكثر (أ). وفي رواية: وهما طاهرتان (1) ولأبي داود: "فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان"(2). وللحميدي (3) في مسنده: قلت: يا رسول الله أيمسح أحدنا على خفيه؟ قال: نعم إذا أدخلتهما وهما طاهرتان (4).

وهذا الحديث يدل على جواز الاكتفاء بالسح على الخفين في السفر (5) إذ القصة فيه، والعلماء مختلفون في ذلك، فقال به خلق كثير من الصحابة ومن بعدهم، فمن الصحابة: علي رضي الله عنه في رواية، وسعد بن أبي وقاص وبلال وعمرو بن أمية الضمري وصفوان بن عسال وحذيفة وبريدة وخزيمة بن ثابت وأبو بكرة وسهل بن سعد وأسامة بن زيد وسلمان وجرير البجلي والمغيرة بن شعبة وعمر في رواية، وابنه وابن عباس وأبو حنيفة والشافعي وغيرهم، فعمر وابنه وعائشة، والليث أطلقوا ذلك من دون تحديد بزمان، وعلي وابن عباس وابن

(أ) في هـ: للأكثرين.

_________

(1)

للكشميهني الفتح 1/ 309.

(2)

سنن أبي داود 1/ 105 ح 151.

(3)

مسند الحميدي 2/ 335 ح 758.

(4)

انظر: الفتح 1/ 309.

(5)

نقل المؤلف من البحر وصاحب البحر رتب، أما المؤلف هنا فلم يرتب، فقال صاحب البحر: قال علي وابن مسعود وابن عباس وسعد بن أبي وقاص والشافعي وأبو حنيفة يجزيء مسح الخفين عن الغسل، وعمر وابنه وعائشة والليث أطلقوا دون تحديد وقت. المسألة الثانية ما هي المدة للمسح؟

قال علي وابن مسعود وابن عباس وعطاء والأوزاعي والثوري وشريح وأبو حنيفة والشافعي وقتوا باليوم والليلة للحضر والثلاث في السفر.

ومالك يجزئ في السفر لا الحضر وعنه العكس، وقيل يجزيء يوم وليلة للمقيم وثلاث للمسافر، وقيل لا يجوز المسح مطلقا.

ص: 253

مسعود وعطاء والنخعي والثوري وشريح وأبو حنيفة والشافعي (1) وقتوا باليوم والليلة في الحضر والثلاث في السفر، وعن مالك يجزيء في السفر لا الحضر، وعنه العكس، وعنه مطلقا، وعنه لا يجزيء مطلقا (2)، والقائلون بذلك جوزوا المسح على الخف؛ وهو نعل من أدم يغطي الكعبين، والجرموق: وهو خف كبير يلبس فوق خف صغير، والجورب: وهو فوق الجرموق يغطي الكعبين أيضا دون النعل وهي تكون دون الكعاب. وله شرطان عندهم، أحدهما أن يلبس الخف على طهارة تامة، فلو غسل رجله اليمنى ثم أدخلها الخف قبل أن يغسل الثانية لم يعتد بهذا اللبس لعدم التمام والمستحاضة لا يعتد بلبسها لضعف طهارتها (3).

الثاني: كون الخف ساترا، قويا، مانعا لنفوذ الماء، غير مخرم، فلا يمسح على ما لم يستر العقبين لما مر، ولا على مخرق يبدو منه محل الفرض، ولا منسوج، إذ لا يمنع الماء، ولا مغصوب، لوجوب نزعه.

ثم اختلفوا في كيفية المسح، فذهب ابن أبي وقاص وعمر بن عبد العزيز والزهري وابن المبارك والشافعي وغيرهم إلى أنه (1) يغمس يديه في الماء، ثم يضع باطن كفه اليسرى تحت عقب الخف، وكفه اليمنى على أطراف أصابعه (4)، ثم يمر اليمنى إلى ساقه واليسرى إلى أطراف أصابعه.

(أ) في ب: أن.

_________

(1)

المجموع 1/ 467.

(2)

بداية المجتهد 1/ 18، وقال ابن عبد البر: والرجال والنساء والمسافر والحاضر في المسح على الخفين سواء يمسح كل واحد منهما ما بدا له من غير توقيت .. وقال: وقد روي عن مالك في رسالته إلى هارون توقيت المسح ولا يثبت ذلك عنه عند أصحابه. الكافي 1/ 176 - 177.

(3)

هذا قول عند الشافعية ورجح ابن قدامة أن الخبر عام فاستوى فيه الرجال والنساء ولا فرق بين من به سلس بول أو مستحاضة وغيرهما لقوله عليه السلام: "يمسح المقيم يوما وليلة والمسافر ثلاثة أيام ولياليهن" ولأن المسح لا يبطل للمبطلات الطهارة المغني 1/ 300، المجموع 1/ 499.

وقد حكى الغزالي في الوسيط الإجماع على قول الشافعية، ولعله لم يبلغه مذهب أحمد.

(4)

البحر الزخار 1/ 68، قلت: ونقل عبارة المهذب المجموع 1/ 501.

ص: 254

وذهب الثوري والنخعي (1) وأبو حنيفة وأحمد إلى أن المستحب مسح أعلى الخف دون أسفله. قال الشافعي (2): ويجزيء ما أتى به بيده أو بعضها أو خشبة أو خرقة، وسواء مسح منه قليلا أو كثيرا، وقال أبو (3) حنيفة: لا يجزيء إلا (أ) قدر ثلاث أصابع بثلاث.

وقال زفر (4): لا يجزيء إلا قدر ثلاث أصابع ولو بإصبع.

وقال أحمد (5): لا يجزئ إلا إذا مسح أكثره وعن الشافعي (6): ويمسح على عقب الخف، وقال المزني: ذلك غير مسنون وحجة هؤلاء حديث المغيرة وغيره من أحاديث الباب المذكورة في هذا وكثير غير ذك، قال الإِمام أحمد: فيه أربعون حديثًا عن الصحابة مرفوعة. قال ابن أبي حاتم: فيه عن أحد وأربعين، وقال ابن عبد البر في الاستذكار (7): روى عن النبي صلى الله عليه وسلم المسح على الخفين نحو أربعين من الصحابة.

ونقل ابن المنذر (8) عن الحسن البصري قال: حدثني سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه (ب) كان يمسح على الخفين وذكر أبو القاسم ابن منده أسماء من رواه في "تذكرته" فبلغ ثمانين صحابيا، وسرد الترمذي (9) منهم جماعة،

(أ) في هـ: إلى.

(ب) ساقطة من ب، جـ، مبينة في الأصل وهـ.

_________

(1)

في البحر "الأوزاعي" بدل "النخعي" 1/ 68، المغني 1/ 199، شرح فتح القدير 1/ 148.

(2)

المجموع 1/ 504.

(3)

شرح فتح القدير 1/ 150.

(4)

شرح القدير 1/ 150.

(5)

المغني 1/ 298.

(6)

البحر 1/ 68، المجموع 1/ 502.

(7)

الاستذكار 1/ 273.

(8)

نصب الراية / 162.

(9)

ذكر عمر وعليا وحذيفة والمغيرة وبلالا وسعدا وأبا أيوب وسلمان وبريدة وعمرو بن أمية وأنسا وسهل سعد ويعلى بن مرة عبادة بن الصامت وأسامة بن شريك وأبا أمامة وجابرا وأسامة بن زيد. السنن 1/ 156.

ص: 255

والبيهقي في "سننه"(1) جماعة، وقال ابن عبد البر (2): بعد أن سرد منهم جماعة: لم يرو غيرهم منهم خلافا إلا الشيء الذي لم يثبت.

وذهب العترة جميعا والإِمامية والخوارج وأبو بكر بن داود (3) إلى أنه لا يجزيء، قالوا: لقوله تعالى {وأرجلكم إلى الكعبين} فعينت الآية مباشرة الرجلين بالماء، وما تقدم في باب الوضوء من حكاية وضوئه وتعليمه وكثير من الأحاديث الصحيحة.

قالوا: وإثبات المسح على الخفين منسوخ بآية المائدة، ويدل على النسخ قصة عمار مع سعد واستشهاد عمر لثمانية عشر رجلا من الصحابة يثبتون رؤية (أ) المسح، واستشهاد علي رضي الله عنه لاثنين وعشرين رجلا من الصحابة بأن المسح كان قبل نزول (ب) المائدة (4). روى ذلك في "الشفا" قال ابن بهران: ولم أر هذه القصة في شيء من كتب الحديث.

وقال ابن عباس: ما مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدها (5).

(أ) في ب، هـ: رواية.

(ب) زاد في ب: آية.

_________

(1)

سنن البيهقي 1/ 272.

(2)

التمهيد 1/ 273 - 274.

(3)

البحر الزخار 1/ 69، المجموع 1/ 461.

(4)

روي عن علي عليه السلام قال: لما كان في ولاية عمر جاء سعد بن أبي وقاص فقال: يا أمير المؤمنين ما لقيت من عمار .. ، وفيه: فقال عمر: أنشد الله امرءا شهد المسح من رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قام، فقام ثمانية عشر رجلا كلهم رأوا الرسول صلى الله عليه وسلم يمسح وعليه جبة شامية ضيقة اليدين، فأخرج يديه من تحتها ثم مسح على خفيه فقال عمر: ما ترى يا أبا الحسن؟ فقال: سلهم قبل المائدة أم بعدها؟ فسألهم فقالوا: ما ندري، فقال علي: أنشد الله امرءا مسلما علم أن المسح كان قبل المائدة لما قام، فقام اثنان وعشرون رجلا تفرق القوم ..).

قال ابن بهران في "جواهر الأخبار والآثار": حكى هذه القصة في الشرح وأصول الأحكام والشفا، ولم أقف عليها في شيء من كتب الحديث 1/ 70.

(5)

لم أقف على هذا الحديث وعزاه ابن بهران إلى أصول الأحكام والشفا 1/ 69.

ص: 256

وروي عن علي: سبق الكتاب الخفين (1) أي عليهما في الحكم، وأجيب عن ذلك بأنه (أ) لا تنافي بين الآية والمسح، وذلك لأن الآية مطلقة أو عامة بالنظر إلى حالة لبس الخف وعدمها، فهو في قوة اغسلوا أرجلكم مع خف وغيره فيكون عاما أو في قوة و (ب) اغسلوا أرجلكم غير مقيد بوقت أو حال، يعني صالحا للحال المعين وغيره (جـ)، وأحاديث المسح إما مخصصة أو مقيدة للإِطلاق، وهو بالنظر إلى حال لبس الخف مع شرائط وزمان مخصوص. ورواية: إنه قبل المائدة معارض بمثله، وهو حديث جرير بن عبد الله البجلي قال: .. ثم توضأ ومسح على خفيه، حتى قال جرير لمن سأله: أقبل المائدة أو بعدها؟ قال: وهل أسلمت إلا بعد المائدة (2)؟.

وأيضًا فإن قصة المسح في غزوة تبوك (3)، وآية المائدة (د) في غزوة المريسيع وهي متقدمة باتفاق، والذي نزل في يوم (هـ) عرفة من (و) سورة المائدة في حج النبي صلى الله عليه وسلم هو قوله تعالى:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (4) الآية وإسلام جرير كان في سنة عشر من شهر رمضان من تلك السنة.

(أ) في ب: بأن.

(ب) في هـ: الواو ساقطة.

(جـ) في جـ: أو غيره.

(د) في ب (حج النبي صلى الله عليه وسلم) مقحم، وقد أشار إلى ذلك الناسخ.

(هـ) ساقطة من هـ.

(و) في هـ: في.

_________

(1)

أخرجه ابن أبي شيبة عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قال علي: (سبق الكتاب الخفين) 1/ 186.

(2)

مسلم 1/ 555 وفيه قول إبراهيم وكان يعجبهم لأن إسلام جرير كان بعد نزول المائدة، أبو داود 1/ 107 ح 154، الترمذي 1/ 155 ح 93، النسائي 1/ 69، ابن ماجة 1/ 181 ح 543، أحمد 4/ 358، الحاكم 1/ 169، الدارقطني 1/ 193، البيهقي 1/ 270، ابن خزيمة 1/ 94.

(3)

تقدمت قصة المغيرة وأنه في غزوة تبوك.

(4)

الآية 3 من سورة المائدة.

ص: 257

واعلم أن مقتضى مذهب من يبني (أ) العام على الخاص مطلقا، (وهو مذهب بعض الشافعية)(ب)، أو من يقول: إن الخاص مخصص للعام سواء تقدم أو تأخر بوقت لا يتسع للعمل وهو المؤيد بالله كما صرح به في شرح التجريد والسيد محمد بن إبراهيم والفقيه سليمان بن ناصر وعبد الله بن زيد، وبه قال الشافعي وأبو الحسين والرازي وبعض الظاهرية هو العمل بحديث المسح سواء كانت آية المائدة متقدمة أو متأخرة، إما تخصيصا كما في حالة تأخر الآية أو نسخا كما إذا كانت الآية متقدمة، وقد مضى الوقت الذي أمكن فيه، ولا يقال إنه نسخ للمعلوم بالمظنون إذ الآية على ما قد عرفت باعتبار عموم الأحوال عامة، ودلالة العموم ظنية، فهو نسخ بعض الأفراد الذي تناوله العام، وهو حال (جـ) لبس الخفين في السفر على الشريطة المتقدمة أو في الحضر كذلك، وأما من يقول بأن (د) العام المتأخر (هـ) ناسخ للخاص المتقدم فيفترق الحال عنده بين أن تكون (و) المائدة متقدمة أو متأخرة، وهو مذهب جمهور الزيدية والحنفية وبعض الشافعية فمع (ز) صحة تقدم المائدة على ما قيل وتأخر رخصة الخفين فالعمل به صحيح، وعلى فرض تقدمه يكون العمل بالآية متيقنا، ومع جهل التاريخ يتوقف في ذلك فيرجع إلى العمل بالآية إذ هو المقطوع به، إلا أنه يلزم على مقتضى ما ذهب إليه أبو طالب والشيخ الحسن الرصاص من أنه مع جهل التاريخ يعمل بالخاص، أن يعمل على احتمال جهل التاريخ بحديث مسح الخفين. قال المنصور بالله: وبقول أبي طالب

(أ) في هـ: يبين، وفي ب: بنى.

(ب) بهامش الأصل.

(جـ) في ب: حالت له.

(د) في جـ: أن.

(هـ) في ب: المتأخرة.

(و) زاد في ب: آية.

(ز) في ب، هـ: مع.

ص: 258

قال به (أ) كثير من الفقهاء والمتكلمين وقال البرماوي (ب) هذا القول المتقدم أنه مذهب الشافعي وأصحابه والحنابلة. وبه قال القاضي عبد الجبار وأبو الحسين وبعض الحنفية. وقال ابن حجر في فتح الباري (1) نقل ابن المنذر عن ابن المبارك قال: ليس في المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف، لأن كل من روي عنه إنكاره فقد روي عنه إثباته. وقال ابن عبد البر: لا أعلم روي عن أحد من السلف إنكاره إلا عن مالك (2)، مع أن الرواية الصحيحة عنه مصرحة بإثباته، وقد أشار الشافعي في الأم (3) إلى إنكار ذلك على (جـ) المالكية، والمعروف المستقر عندهم الآن قولان: الجواز مطلقا، ثانيهما (د) للمسافر دون المقيم، وهذا الثاني مقتضى ما في المدونة (4) وبه جزم ابن الحاجب وصحح الباجي (5) الأول، ونقله عن ابن وهب وعن ابن نافع في المبسوطة (هـ) نحوه، وإن مالكا إنما كان يتوقف منه في خاصة نفسه مع إفتائه بالجواز، وهذا مثل ما صح عن أبي أيوب الصحابي (6). انتهى.

وقال في التلخيص (7) نقلا عن ابن عبد البر، لم يرو (و) خلاف إلا الشيء الذي

(أ) ساقطة من هـ.

(ب) زاد في هـ: في.

(جـ) في جـ: عن.

(د) في جـ: ثانياهما.

(هـ) في جـ: المتوسطة.

(و) في جـ: يرد.

_________

(1)

الفتح 1/ 305.

(2)

التمهيد، وقال له ثلاث روايات نها: إنكار المسح في السفر والحضر وهي أشدها نكارة 1/ 275، في موضع آخر: وهي رواية أنكرها أكثر القائلين بقوله 1/ 272.

(3)

الأم 1/ 27 - 28.

(4)

المدونة 1/ 41.

(5)

المنتقى 1/ 77.

(6)

الفتح 1/ 305.

(7)

التلخيص 1/ 167، والتمهيد 1/ 573.

ص: 259

لم يثبت عن عائشة وابن عباس وأبي هريرة.

قلت (1): قال أحمد: لا يصح حديث أبي هريرة في إنكار المسح، وهو باطل، وروى الدارقطني من حديث عائشة إثبات المسح على الخفين (2) ويؤيد ذلك حديث شريح بن (3) هانئ في سؤاله إياها عن ذلك فقالت له: سل ابن أبي طالب، وفي رواية إنها قالت: لا علم لي بذلك، وأما ما أخرجه ابن أبي شيبة (4) عن حاتم بن إسماعيل عن جعفر (5) بن محمد عن أبيه قال: قال علي: سبق الكتاب الخفين، فهو منقطع لأن جعفرا (أ) لم يدرك عليا، وأما ما روي محمد ابن (ب) مهاجر عن إسماعيل بن أبي أويس عن إبراهيم بن إسماعيل عن داود بن الحصين عن القاسم عن عائشة قالت: لأن أقطع رجلي أحب إليّ (د) أن أمسح على الخفين، فهو باطل عنها، قال ابن حبان: محمد بن مهاجر (د) كان يضع الحديث (6). وأغرب ربيعة فيما حكاه الآجري عن أبي داود قال: جاء زيد بن أسلم فقال: أمسح على الجوربين؟

فقال ربيعة: ما صح أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الجوربين فكيف على خرقتين؟ وقوله: في رواية الأربعة (7) عنه (5) أنَّ النبي صلى (و) الله عليه وسلم مسح أعلى

(أ) في النسخ: محمد، والمثبت هو الصحيح انظر التلخيص 1/ 167، وابن أبي شيبة 1/ 186.

(ب) في هـ: عن.

(جـ) زاد في هـ من.

(د) في جـ: هاجر.

(هـ) ساقطة من جـ.

(و) ساقطة من ب.

_________

(1)

الكلام للحافظ في التلخيص.

(2)

الدارقطني 1/ 194.

(3)

أخرجه مسلم 1/ 566، والبيهقي 1/ 272.

(4)

ابن أبي شيبة 1/ 186.

(5)

جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب: ثقة فقيه، قال الحافظ في جعفر: لم يدرك عليا، التهذيب 2/ 103، ثقات العجلي 98، الكاشف 1/ 186 التلخيص 1/ 167.

(6)

التلخيص 1/ 167.

(7)

الأربعة إلا النسائي، تقدم تخريجه.

ص: 260

الخف وأسفله وفي إسناده ضعف، روي الحديث من طريق ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة، وفي رواية ابن ماجة عن كاتب المغيرة: قال الأثرم عن أحمد أنه (أ) كان يضعفه ويقول: ذكرته لعبد الرحمن بن مهدي فقال: عن ابن المبارك عن ثور حدثت عن رجاء عن كاتب المغيرة -ولم يذكر المغيرة (1)، فالعلة فيه من وجهين (2).

قال المصنف (3) -رحمه الله تعالى- بعد أن ساق كلام جماعة في تضعيفه: وقع في سنن الدارقظني (4) ما يوهم رفع العلة، وهي: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز حدثنا داود بن رشيد عن الوليد بن مسلم عن ثور بن يزيد حدثنا رجاء بن حيوة فذكره.

فهذا ظاهره أن ثورا سمعه من رجاء لم فتزول العلة، ولكن رواه أحمد بن عبيد (ب) الصفار في مسنده عن أحمد بن يحيى الحلواني عن داود بن رشيد فقال: عن رجاء ولم يقل حدثنا رجاء، فهذا اختلاف على داود يمنع من القول بصحة، وصله مع ما تقدم من كلام الأئمة. انتهى.

والحديث حجة من يقول: إنه يمسح أعلى الخف وأسفله وقد تقدم ذلك.

53 -

وعن علي رضي الله عنه قال: لو كان الدِّينُ بالرَّأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه. أخرجه أبو داود بإسناد حسن (5).

(أ) في هـ: أن.

(ب) في هـ: عبيدة.

_________

(1)

و (3) التلخيص 1/ 168.

(2)

أ) عدم سماع ثور من رجاء.

ب) الرواية في الحديث موقوفة على كاتب المغيرة.

(4)

الدارقطني 1/ 194، البيهقي 1/ 290.

(5)

كتاب الطهارة، باب كيف المسح 10/ 114 ح 162.

وأخرجه البيهقي كتاب الطهارة باب الاقتصار بالمسح على ظاهر الخفين 1/ 292.

ص: 261

قال المصنف -رحمه الله تعالى- في التلخيص: إسناده صحيح (1).

والحديث يدل على أن شرعية مسح الخف ليست من العمل بالرأي والقياس، وإنما هي توقيفية، لا تظهر لها مناسبة إلا مجرد التخفيف والتيسير فيوقف منه على ما شرع، وقد شرع المسح على ظاهر الخفين، وهذا معارض بما تقدم من رواية حديث المغيرة. وفيه ما تقدم.

وقد روي أيضًا عن ابن عمر أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله، كذا رواه الشافعي والبيهقي (2).

54 -

وعن صَفوان بن عَسّال رضي الله عنه قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا كنا سفرا أن لا ننْزِع أخفافَنا ثلاثةَ أيْامٍ ولياليهنّ، إلَّا من جَنَابَةٍ، ولكن من غائط وبول ونوم". أخرجه النسائي والترمذي واللفظ له وابن خزيمة وصححاه (3).

هو صفوان بن عسال بفتح العين المهملة وتشديد السين المهملة وباللام، ابن الربض -بفتح الراء المهملة وفتح الباء الموحدة وبالضاد المعجمة- ابن زاهر الرادي، سكن الكوفة وحديثه فيهم، يقال: إن عبد الله (4) بن مسعود روى

(1) رجاله ثقات وصححه الحافظ في التلخيص 1/ 169.

(2)

سنن البيهقي 1/ 291.

(3)

الترمذي الطهارة باب المسح على الخفين للمسافر والمقيم 1/ 158 ح 95.

والنسائي بمعناه الطهارة باب التوقيت في المسح على الخفين 1/ 71، وابن ماجه كتاب الطهارة باب الوضوء من النوم 1/ 161 ح 478، ابن خزيمة بمعناه باب ذكر الدليل على أن الرخصة في المسح على الخفين إنما هي من الحدث 1/ 98 - 99 ح 196، البيهقي بمعناه كتاب الطهارة باب التوقيت في المسح على الخفين 1/ 276، والدارقطني بمعناه 1/ 197، أحمد 4/ 239، والشافعي 17 ابن حبان -موارد- الطهارة باب التوقيت في المسح 72 ح 179، عبد الرزاق في الطهارة باب كم يمسح على الخفين 1/ 250. ابن أبي شيبة في الطهارة في المسح على الخفين 1/ 177، ابن الجارود نحوه باب الوضوء من الغائط والبول والنوم 12 ح 4.

(4)

معجم الطبراني الكبير 8/ 63 - 64 ح 7347.

ص: 262

عنه وروى عنه زر بن حبيش وعبد الله بن سلمة (1).

الحديث رواه أيضًا الشافعي وأحمد وابن ماجه وابن حبان والدارقطني والبيهقي. وقال الترمذي (2) عن البخاري: حديث حسن. وصححه الترمذي (3) والخطابي ومداره عندهم على عاصم بن أبي النجود (4) عن زر بن حبيش عنه، وذكره ابن منده (5) أبو القاسم أنه رواه عن عاصم أكثر من أربعين نفسا وتابع عاصما عليه عبد الوهاب بن بخت وإسماعيل بن أبي خالد وطلحة بن مصرف والمنهال بن عمرو ومحمد بن سوقه وذكر جماعة معه، ومراده أصل الحديث لأنه طويل مشتمل على التوبة والمرء مع من أحب، وغير ذلك لكن حديث طلحة عند الطبراني (6) بإسناد لا بأس به وقد روى الطبراني (7) أيضًا حديث المسح من طريق عبد الكريم بن (أ) أمية عن (ب) حبيب بن أبي ثابت عن زر، وعبد الكريم (8) ضعيف، ورواه من طريق أبي روق عن أبي الغريف عن صفوان بن عسال ولفظه:"لِيَمْسَحْ أحدُم إذا كان مُسافرا على خفيه إذا أدخلهما طاهرين (جـ) ثلاثة أيام ولياليهن، وليمسح المقيم يوما وليلة"(9).

(أ) في هـ: أبي، وأشار إلى أنها مصوبة من التلخيص، وهو الصحيح، انظر الترجمة وباقي النسخ: ابن.

(ب) في جـ: ابن.

(جـ) في هـ: طاهرتين.

_________

(1)

الاستيعاب 5/ 140، الإصابة 5/ 148.

(2)

و (3) سنن الترمذي 1/ 161.

(4)

عاصم بن بهدلة وهو ابن أبي النجود الأسدي مولاهم الكوفي أبو بكر المقرئ، صدوق له أوهام، حجة في القراءة، التقريب 59، الجرح 6/ 340، الكاشف 1/ 49.

(5)

البدر 1/ 256.

(6)

الطبراني الكبير 8/ 64 ح 7348.

(7)

الطبراني الكبير 8/ 65 - 66 ح 7350.

(8)

عبد الكريم بن أبي المخارق أبو أمية، ضعيف، المغني في الضعفاء 2/ 402، ضعفاء العقيلي 3/ 62.

(9)

البيهقي 1/ 276 - الطبراني 8/ 84 ح 7397.

ص: 263

ووقع في الطبراني (1) زيادة في آخر هذا المتن وهي قوله: "أو ريح". ولكن قال: إن وكيعا تفرد بها عن مسعر بن عاصم.

وفي الحديث دلالة على توقيت المسح بالثلاثة الأيام وعلى اشتراط السفر، وقد تقدم حكاية المذاهب.

وفيه دلالة على أنه يختص بالوضوء دون الغسل، وهو مجمع على ذلك، وظاهر لفظ الأمر الوجوب ولكن الإِجماع يصرفه عن مقتضاه فيحمل على الإِباحة أو الندب ولذلك اختلف العلماء القائلون به أيهما أفضل المسح على الخفين أو غسل القدمين.

قال المصنف رحمه الله عن ابن المنذر: والذي اختاره أن المسح أفضل (2) وقال الشيخ محيي الدين (3): صرح جمع من الأصحاب أن الغسل أفضل بشرط أن لا يترك المسح رغبة عن السنة كما قالوه في تفضيل القصر على الإِتمام. وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين متواتر (4). انتهى كلام الحافظ المصنف.

55 -

وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: جعل النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم، يعني في المسح على الحفين. أخرجه مسلم (5).

(1) ليست في الطبراني هذه الزيادة ولكن لعله في الدارقطني كما هو في التلخيص والبدر التلخيص 1/ 158، البدر 1/ 257، الطبراني 8/ 84.

(2)

فتح الباري 1/ 306.

(3)

المجموع 1/ 462.

(4)

قلت: وقد ذكر البزار أنه روى حديث المغيرة عن ستين رجلا وقال الحسن البصري: حدثني سبعون من الصحابة بالمسح على الخفين، وجمع البعض رواة حديث صفوان فجاوزوا الثمانين منهم العشرة، فتح الباري 1/ 306 - 307 - نصب الراية 1/ 162 البدر 1/ 257، واجتهاد السلف على هذه السنة لكي يردوا على المنكرين لهذه السنة التي تيسر على الناس أمور حياتهم. والله أعلم.

(5)

أخرجه مسلم 1/ 566.

النسائي كتاب الطهارة التوقيت في المسح على الخفين للمقيم 1/ 72.

ابن ماجة في كتاب الطهارة باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر 1/ 183 ح 552، أبو يعلى 1/ 229 ح 264، أحمد 1/ 113.

ص: 264

وأخرجه أبو داود والترمذي (1) وابن حبان من حديث شريح بن هانيء قال: أتيت عائشة أسألها عن المسح على (أ) الخفين، فقالت: عليك بابن أبي طالب فاسأله، فإنه كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه، فقال: جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، ويوما وليلة للمقيم.

وفي الحديث دلالة ظاهرة لمذهب الجمهور كالشافعي وأبي حنيفة وأحمد ومن بعدهم من العلماء وجماهير الصحابة والتابعين في توقيته (ب) بما ذكر، ورد على ما روى عن مالك، وهو قول (جـ) قديم للشافعي من جوازه بلا توقيت، وسيأتي حجة ذلك إن شاء الله تعالى.

56 -

وعن ثَوبان رضي الله عنه قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأمرهم أن يمسحوا على العصائب -يعني العمائم- والتساخين -يعني الخفاف رواه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم (2).

هو أبو عبد الله، ويقال: أبو عبد الرحمن ثوبان بفتح الثاء وبالباء الموحدة ابن

(أ) في جـ: عن.

(ب) في هـ: تقويته، ولعله تصحيف.

(جـ) ساقطة من ب.

_________

(1)

لم يخرجه أبو داود والترمذي وقد تبع المصنف الحافظ في التلخيص فإنه عزاه إلى أولئك وأ أقف على ذلك.

التلخيص 1/ 171، تحفة الأشراف 7/ 384.

(2)

أحمد 1/ 277، أبو داود كتاب الطهارة باب المسح على العمامة 1/ 101 ح 146، الحاكم كتاب الطهارة 1/ 169، وقال: على شرط مسلم ووافقه الذهبي، ولكن قال ابن حجر: إن طريق راشد بن سعد عن ثوبان منقطع، وقيل: ليس بمنقطع لأن راشد شهد صفين وثوبان مات سنة أربع وخمسين، وراشد وثقه ابن معين والعجلي وأبو حاتم والنسائي وقال الذهبي: شذ ابن حزم فضعفه، قال الدارقطني يعتبر به لا بأس به الميزان 2/ 35. والحديث له شواهد أخرى من حديث كعب بن عجرة عن بلال "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين والخمار" مسلم 1/ 565 وفي صحيح البخاري عن جعفر بن عمرو عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح على عمامته وخفيه 1/ 308 ح 205 نصب الراية 1/ 165.

ص: 265

بُجْدُد بضم الباء الموحدة وسكون الجيم وضم الدال المهملة الأولى وقيل (أ) ابن جَحْدر بفتح الجيم وسكون الحاء المهملة من السراة، وهي موضع بين مكة واليمن، وقيل: إنه من حمير أصابه سبي"، فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأعتقه، ولم يزل معه سفرا وحضرا إلى أن توفي النبي صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى الشام، فنزل الرملة، ثم انتقل إلى حمص، وتوفي بها سنة أربع وخمسين. روى عنه شداد (ب) وجبير ابن نفير وأبو الأشعث الصنعاني (1)(جـ).

(د ولفظ أبي داود (2) قال: "بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأصابهم البرد فلما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتساخين" د).

والحديث يدل على شرعية المسح على الخفين والعمائم ولكنه كما ذكر من حكاية أبي داود مشروط بالعذر فإن إصابة البرد المذكورة (هـ) في القصة مناسبة للترخيص فيظهر من تعليق الحكم بها باعتبارها لكنه في الخفين قد تبين الكلام والخلاف، وفي المسح على العمائم تقدم الكلام على ذلك من غير عذر وأما مع العذر وهو خشية الضرر فلا كلام في الجواز.

57 -

وعن عمر رضي الله عنه موقوفًا، وأنس مرفوعًا:"إذا توضأ أحدُكم ولبس خفَّيْه فلْيمسَحْ عليهما، ولْيُصَلِّ فيهما، ولا يَخلَعْهُما إن شاء إلا من جنابة" أخرجه الدارقطني والحاكم وصححه (3).

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في هـ: "ابن أوس" بالحاشية.

(جـ) زاد في هـ: وغيرهم.

(د) في الأصل متأخرة وقد أشار إلى تقديمها، وهي ساقطة من ب، هـ.

(هـ) في جـ: المذكور.

_________

(1)

الاستيعاب 2/ 106، الإصابة 2/ 29.

(2)

1/ 101 ح 146.

(3)

حديث الدارقطني: باب في المسح على الخفين من غير توقيت 1/ 203 ح 1، الحاكم بمعناه الطهارة =

ص: 266

الحديث مطلق في الترخيص ولم يوقت ولم يشرط السفر ولا غيره، ولكنه مقيد كا تقدم من التوقيت واشتراط الطهارة قبل اللبس فتنبه.

58 -

وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه رخص للمسافر ثلاثة أيام ولياليهن، وللمقيم يوما وليلة، إذا تطهر فلبس خفيه أن يمسح عليهما. أخرجه الدارقطني وصححه ابن خزيمة (1).

هو أبو بكرة نُفَيْع بن الحارث بضم النون وفتح الفاء وسكون الياء، وقيل: ابن مَسْرُوح بفتح الميم وسكون السين المهملة وضم الراء وبالحاء المهملة، وقيل: بل كان عبدا للحارث بن كلدة الثقفي، فاستلحقه وغلبت عليه كنيته، وأمه اسمها سمية أمة للحارث بن كلدة وهي أم زياد الذي استلحقه معاوية بأبيه، ويقال: إن أبا بكرة تدلى يوم الطائف ببكرة من بعض نواحي الطائف وأسلم، فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي بكرة وأعتقه فهو من مواليه، ونزل البصرة ومات بها سنة

= 1/ 181، البيهقي كتاب الطهارة باب ما ورد في ترك التوقيت 1/ 279 وحديث أنس له طريقان عند الدارقطني 1/ 203 - 204 ح 2، البيهقي 1/ 279. الحاكم = / 181.

أ) عبد الغفار بن داود عن حماد بن سلمة وعبد الغفار بن داود بن مهران أبو صالح الحراني نزيل مصر ثقة فقيه التقريب 216. قال الحاكم: على شرط مسلم ووافقه الذهبي، قال: تفرد به عبد الغفار وهو ثقة، والحديث شاذ، وقول الذهبي تفرد به عبد الغفار ليس بصحيح لمتابعة أسد بن موسى.

ب) أسد بن موسى عن حماد بن سلمة، وأسد بن موسى بن إبراهيم بن الوليد ابن عبد الملك الخليفة الأموي الملقب بأسد السنة قال النسائي: ثقة، قال الذهبي ما علمت به بأسا إلا أن ابن حزم ذكره في الصيد وقال: منكر الحديث وضعفه، وهو تضعيف مردود، وقال ابن حجر: صدوق، وقد ذكر ابن الجوزي الحديث ولم يعله: وقال ابن عبد الهادي: إن إسناده قوي والعلماء استنكروا الحديث للأحاديث الصحيحة المعارضة بالتوقيت للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوم وليلة. والله أعلم.

الميزان 1/ 207، التقريب 31، التحقق 161، والتنقيح 161، الكاشف 1/ 115.

(1)

الدارقطني باب الرخصة على المسح على الخفين 1/ 194 ح 1، وابن خزيمة باب ذكر لحد الصفة للألفاظ المجملة التي ذكرتها والدليل على أن الرخصة في المسح على الخفين للابسها على طهارة 1/ 96، وابن ماجة بنحوه كتاب الطهارة باب ما جاء في التوقيت في المسح للمقيم والمسافر 1/ 184 ح 556.

البيهقي كتاب الطهارة باب التوقيت في المسح على الخفين 1/ 276.

المنتقى لابن الجارود باب المسح على الخفين 39 ح 87، ابن حبان -الموارد- باب التوقيت في المسح 72 ح 184، مسند الشافعي 17.

ص: 267

تسع وأربعين، وقيل سنة (أ) إحدى وخمسين، وقيل: سنة اثنتين وخمسين.

روى عنه ابناه عبد الرحمن، ومسلم، وربعي بن خراش، والأحنف بن قيس، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، والحسن البصري، وقيل: إن الحسن لم يدركه (1).

وأخرجه أيضًا ابن حبان، وابن الجارود، والشافعي، وابن أبي شيبة، والبيهقي، والترمذي في العلل المفرد، وصححه الخطابي أيضًا، ونقل البيهقي (2) أن الشافعي صححه في سنن حرملة. (ب (والحديث حكمه واضح.

وقوله: إذا تطهر فلبس خفيه يعني إذا لبسهما وهو طاهر، فلم يخلعهما عند إرادة الوضوء الثاني، كما تقدم اشتراط ذلك) ب).

59 -

وعن أبي بن عِمارة رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أمسح على الخفين؟ قال: نعم، قال: يوما؟ قال: نعم. قال (جـ): ويومين؟ قال: نعم. قال: وثلاثة أيام (د)؟ قال نعم .. وما شئت. أخرجه أبو داود وقال: ليس بالقوي (3).

(أ) ساقطة من جـ.

(ب) في الأصل متقدمة وأشار إلى تأخيرها بعد قوله: وأخرجه.

(جـ) بالهامش في ب.

(د) ساقطة من جـ.

_________

(1)

الاستيعاب 11/ 157، سير أعلام النبلاء 3/ 5، الإصابة 10/ 183.

(2)

البيهقي 1/ 276.

(3)

أبو داود كتاب الطهارة باب التوقيت في المسح 1/ 109 ح 158، ابن ماجه الطهارة باب ما جاء في المسح بغير توقيت 1/ 184 ح 557 وبه زيادة، الدارقطني باب الرخصة في المسح على الخفين 1/ 198، والحاكم 1/ 170، ابن أبي شيبة الطهارة في المسح على الخفين 1/ 178 سنن البيهقي الطهارة باب ما ورد في ترك التوقيت 1/ 279، شرح معاني الآثار 1/ 179.

ص: 268

هو أبي بن عِمارة بكسر العين المهملة وهو المشهور، وضمها، الأنصاري، صلى النبي صلى الله عليه وسلم في بيت أبيه عِمارة القِبْلَتَيْنِ، أدخله أبو رُزعة في مسند البصريين (أ)، له عنده حديث واحد، وهو مضطرب الإِسناد، ولم يذكره البخاري في التاريخ، وهو غير مشهور.

روى عنه أيوب بن قطن وعبادة بن نسي (1).

وأخرجه ابن ماجه والدارقطني والحاكم في المستدرك، وضعفه البخاري فقال: لا يصح. وقال أبو داود: اختلف في إسناده، وليس بالقوي (2)، وقال أبو زُرعة الدمشقي عن أحمد: رجاله لا يعرفون (3)، وقاد أبو الفتح الأزدي: حديثه ليس بالقائم، وقال ابن حبان: لست أعتمد على إسناد خبره، وقال الدارقطني: لا يثبت (4) وقد اختلف فيه على يحيى (5) بن أيوب اختلافا كثيرا، وقال ابن عبد البر: لا يثبت، وليس له إسناد (ب) قائم (6)، وبالغ ابن الجوزي (7)

(أ) في ب، جـ: المصريين، وهي مصححة في الأصل وهـ "البصريين".

(ب) زاد في جـ: و.

_________

(1)

الاستيعاب 1/ 35، الإصابة 1/ 25.

(2)

السنن 1/ 111.

(3)

التحقيق 159.

(4)

سنن الدارقطني 1/ 198.

(5)

يحيى بن أيوب الغافقي المصري أبو العباسي عالم أهل مصر وفقيههم صدرق ربما أخطأ قال أحمد: سيء الحفظ، قال ابن معين: صالح، قال الدارقطني: في بعض حديثه اضطراب، قال أبو حاتم: محله الصدق يكتب حديثه ولا يحتج به.

التقريب 373، الميزان 4/ 362، هدي الساري 450.

(6)

التمهيد 1/ 277.

(7)

في البدر والتلخيص: الجوزقاني، 2/ 264، التلخيص 1/ 162، ولم أقف عليه في موضوعات ابن الجوزي. قال في البدر:(والصواب أنه لا يذكر في الموضوعات بل في الضعفاء) البدر 2/ 264 - 265 ووجه الضعف أن يحيى بن أيوب راويه واختلف عليه في الرواية اختلافا كبيرا فيروى بعدة صور: =

ص: 269

فذكره في الموضوعات وقد ذهب إلى العمل بهذا الحديث مالك في المشهور وقول قديم للشافعي فيمسح بلا توقيت (1) وقد عرفت ما في الحديث من الضعف فلا يقوى على تخصيص عموم الآية، ولا على معارضة مفهوم أحاديت التوقيت والله سبحانه أعلم.

(اشتمل هذا الباب على ثمانية أحاديث)(أ).

آخر الجزء الأول، ويتلوه إن شاء الله الجزء الثاني وأوله: باب نواقض الوضوء

والحمد لله رب العالمين

(أ) بهامش الأصل، وهـ.

_________

= أ- عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن أبي عن عمارة.

2 -

عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن عبادة بن نسي عن أبي ابن عمارة.

3 -

ويروي أيوب بن قطن عن محمد بن يريد عن عبادة بن نسي.

4 -

عبد الرحمن بن رزين عن محمد عن يزيد عن أيوب عن عبادة بن نسي عن أبي ابن عمارة.

ومن أجل هذا الاختلاف ضعف الحديث.

زيادة على أن رواته مجهولون فقال الدارقطني: وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب اختلافا كبيرًا، وعبد الرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجهولون، وقد نقل الشارح بعض كلام العلماء عليه: والله أعلم. وقال الجوزقاني: هذا حديث منكر ومداره على يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد وأيوب بن قطن عن عبادة عن أبي بن عمارة، وعبد الرحمن ومحمد بن يزيد وأيوب بن قطن مجهولون. الأباطيل والمناكير 1/ 384 - 385 ح 371.

(1)

الاستذكار 1/ 277 - 278.

ص: 270