المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه لا ضمان عليه - شرح صحيح مسلم - حسن أبو الأشبال - جـ ٦٩

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ كتاب القسامة والمحاربين والقصاص والديات - الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المصول عليه لا ضمان عليه

- ‌باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه لا ضمان عليه

- ‌شرح حديث: (أيعض أحدكم كما يعض الفحل لا دية له)

- ‌شرح حديث: (أن رجلاً عض ذراع رجل فجذبه فسقطت ثنيتيه فرفع إلى النبي فأبطله) وذكر رواياته وطرقه

- ‌باب إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها

- ‌شرح حديث: (القصاص القصاص)

- ‌كلام النووي في حديث الباب

- ‌مخالفة مسلم للبخاري في رواية حديث الباب

- ‌معنى قوله: (القصاص القصاص)

- ‌معنى قوله: (والله لا يقتص منها)

- ‌حكم الحلف على الشيء المظنون

- ‌حكم الثناء على كل من لا يخاف عليه الفتنة

- ‌استحباب العفو عن القصاص والشفاعة في ذلك

- ‌بيان أن الخيرة في القصاص والدية لمستحقه لا المستحق عليه

- ‌إثبات القصاص بين الرجل والمرأة

- ‌وجوب القصاص أو الدية في السن

- ‌ما يباح به دم المسلم

- ‌شرح حديث ابن مسعود: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث)

- ‌شرح روايات وطرق حديث الباب

- ‌كلام النووي في شرح حديث الباب: (لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث)

- ‌إثبات قتل الزاني المحصن

- ‌ثبوت القصاص بشرطه

- ‌حكم التارك لدينه المفارق للجماعة

- ‌الأسئلة

- ‌بيان الكفر الاعتقادي والعملي

- ‌حكم من أقسم بغير الله أو بالخروج من دين الإسلام وكفارة ذلك

- ‌كيفية حثي التراب في وجوه المداحين

- ‌حكم ما يفعله بعض الناس من خوارق العادات، وتوبة الساحر

- ‌الحكم على حديث أن النبي عليه الصلاة والسلام كان له جار يهودي يضع القاذورات على بابه

- ‌الحكم على حديث: (قلب القرآن يس)

- ‌حكم العمل في البنوك الربوية في الأقسام التي لا يكون التعامل فيها بتداول المال

- ‌حكم تارك الصلاة

- ‌حكم الشيعة

- ‌الكلام في نسبة كتاب الروح لابن القيم

- ‌معنى قوله: (ليس بحادث)

- ‌حكم المسح على العمامة

- ‌حكم رفع اليدين في التكبير بعد الانتهاء من التشهد الأوسط وهو قاعد لم يقم

- ‌كيفية تحريك السبابة في التشهد

الفصل: ‌باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه لا ضمان عليه

‌باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه لا ضمان عليه

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أما بعد: فمع الباب الرابع من كتاب القسامة: (باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه لا ضمان عليه).

أي: دفع الظالم أو الباغي المعتدي بغير حق على الآخرين، وهو المعروف بالصائل؛ لأن الصائل هو الظالم.

ولو أن واحداً اعتدى عليك في نفسك، أو مالك، أو عرضك، فدفعته فمات من هذه الدفعة، أو أتلفت عضواً من أعضائه، فهل تضمن أنت هذا التلف؟ هذا التلف إما أن يكون حدث في النفس.

بمعنى: أنك لو دفعته قتل من هذه الدفعة.

أو مات من هذه الدفعة، أو كان لا يمكن دفعه إلا بالقتل؛ لأن العلماء مجمعون على أن الصائل لا يدفع بأكثر من الوسيلة المطلوبة في دفعه، فلو أن واحداً اعتدى عليك فدفعته بيدك فاندفع فلا يجوز دفعه بالسوط، وإذا كان يمكن دفعه بالسوط فدفعته بعصا فهذا لا يشرع لك ولا يحل، وإذا كان يمكن الفرار منه بعدم الإتلاف أو بعدم تمكنه من الظلم بأن هربت منه فلا يجوز لك أن تتعرض له؛ لأنك لو عرضت نفسك له فإنما أوقعت نفسك في التهلكة.

فالشاهد من هذا: أن الإسلام يدعو إلى الحفاظ على النفس، والعرض، والمال بأي وسيلة مشروعة متاحة كانت، فلو أن ظالماً أو معتدياً أو صائلاً سطا أو ظلم وبغى على النفس أو المال أو العرض فيجب دفعه بالوسيلة المتاحة التي يمكن بها دفعه، نبدأ بالأقل، ثم الأكثر، ثم الزيادة، ولا يمكن قط أن يأذن الشرع لمن وقع عليه الضرر -أي: للمصول عليه- أن يدفع الصائل بوسيلة هي أعظم من مجرد جرم هذا الصائل، فلو أن واحداً سطا عليك في بيتك في الليل أو في النهار فكان يمكن أن يدفع هذا الصائل بمجرد التخويف فلا يجوز دفعه بالضرب، وإذا كان لا يندفع إلا بالضرب فلا يجوز القتل وغير ذلك.

أما أن يفكر المصول عليه في قتل الصائل أولاً وابتداءً فهذا يجب عليه أن يضمن ما أتلف، سواء أتلف النفس، أو المال، أو أتلف عضواً من أعضائه فإنما لا يضمنه إذا كان لا يمكن الدفع إلا بالقتل، أو ليس بين يدي المصول عليه إلا وسيلة يقتل بها، أو غلب على ظن المصول عليه أنه لا يمكن دفع هذا إلا بالقتل أو الجرح، أو قطع عضو من أعضاء الصائل فإنه حينئذ لا ضمان عليه، لأن هذا الصائل لا يدفع إلا بهذه الوسيلة، وهي المتاحة، ولذلك بوب النووي هنا وقال:(باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه).

فلو أن شخصاً شهر سيفه وغلب على ظنك أنه لا بد أن يقتلك فلا شك حينئذ أنك لو قتلته فإن قتله غير مضمون عليك.

بمعنى: أنك لا تكلف به قصاصاً، ولا دية، لأنه لا يمكن والحالة هذه دفعه إلا بالقتل، إما إذا كان بإمكانك أن تدفعه بغير القتل وهذا معلوم من ظروف وملابسات الواقعة؛ فإنك تضمنه إذا أتلفت روحه.

وكذلك لو قال لك إنسان: مد إلي يدك لأقطع كفك، لا سبيل لك إلا ذلك، فابتدرته لما علمت أنه فاعل ما يهدد به فقطعت يده التي يهدد بها؛ فإن لم يمكنك قطع يده إلا أن تقطع رقبته فلا حرج عليك حينئذ ولا تضمن.

أما إذا صال عليك صائل، وبغى عليك ظالم ثم بمجرد التهديد أو التخويف أو علمه أنك في البيت، بأن سمع صوتك، أو أنك تنحنحت، أو تكلمت، فعلم أن في البيت رجل يكف عن هذه الصيالة فحينئذ اندفع وهرب فلا يجوز لك أن تعدو خلفه فتقتله؛ فإن قتلته فأنت ضامن، لأنه اندفع بأقل من ذلك، واندفع بالفعل، فلم تعديت أنت حد الصيالة حينئذ؟! وهكذا يقول الإمام النووي:(باب الصائل على نفس الإنسان أو عضوه) ولو أن ظالماً ظلمك في نفسك أو في أحد أعضائك إذا دفعه المصول عليه فأتلف نفسه أو عضوه لا ضمان عليه.

ص: 2