المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فضيلة التمسك بالدين في هذا الزمان - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٣

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ذكر الأخبار التي دفعت إلى تأليف الكتاب

- ‌التحذير من التلون في الدين

- ‌لا أسوة في الشر

- ‌فضيلة التمسك بالدين في هذا الزمان

- ‌بشارة النبي عليه الصلاة والسلام للغرباء في آخر الزمان

- ‌حديث: (يحمل هذا العلم من كل خلف عدوله)

- ‌منزلة العلماء وفضلهم على الناس

- ‌حديث (لا يزال على هذا الأمر عصابة)

- ‌حديث (لا تزال طائفة من أمتي)

- ‌حديث (من جاءه الموت وهو يطلب العلم)

- ‌أثر سفيان (أفضل الناس منزلة)

- ‌أثر ربيعة (الناس في حجور علمائهم)

- ‌أثر سلمة بن سعيد (العلماء سرج الأزمنة)

- ‌الالتزام على منهج صحيح من أعظم النعم على العبد

- ‌الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على كل قادر

- ‌الأسئلة

- ‌ما يفعله من دخل المسجد أثناء الخطبة أو الدرس العلمي

- ‌حكم توزيع الإنسان تركته على ورثته قبل وفاته

- ‌حكم صيام الزوجة عن زوجها المتوفى

- ‌ما يجب على الرجل إذا دخل على المرأة وهي تصلي

- ‌الحكم على حديث (سبحانك اللهم وبحمدك)

- ‌حكم قراءة سورة العصر عند الانصراف من المجلس

الفصل: ‌فضيلة التمسك بالدين في هذا الزمان

‌فضيلة التمسك بالدين في هذا الزمان

[وعن أنس بن مالك قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه له أجر خمسين منكم)، حتى أعادها ثلاث مرات].

وهذا الحديث ضعيف، وربما يكون فيه شيء من النكارة؛ لأن الواحد منا مهما عمل ومهما بلغ عمله، فإنه لا يمكن أن يؤدي معشار ما أداه واحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، ولذلك قال في الصحيح:(لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده! لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه).

والحديث الصحيح الذي رواه ابن ماجة والترمذي [وعن أنس رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يأتي على الناس زمان الصابر منهم على دينه كالقابض على الجمر)].

وهو حديث عظيم جداً، إن لم يكن يتناسب مع واقع المسلمين اليوم فهو على أي حال يكاد ينطبق على حالهم غداً؛ لأن النبي عليه الصلاة والسلام يقول:(لا يأتي زمان إلا والذي بعده شر منه)، أي: لا يأتي عليكم زمان ولا يوم ولا عام ولا شهر ولا أسبوع إلا والذي بعده شر منه.

فهذا الحديث فيه إيحاء بفضيلة من تمسك بدينه في هذا الزمان والأزمنة المتعاقبة التي تتلو هذا الزمان، وأن المتمسك القابض على دينه كالقابض على جمرة من نار، والذي يقبض على جمرة من نار يوشك أن تحرقه أو تحرق ثيابه فتخلص إلى جلده، وهكذا القابض على دينه في هذا الزمان، ويكفي أنهم الغرباء، والكثرة الكاثرة غالباً ليست الغريبة، وإنما الغريب هو القليل النادر، ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(بدأ الإسلام غريباً)، أي: بدأ وظهر الإسلام في ثلة مؤمنة عظيمة، لكنها قليلة في وسط قوم وأمة تعج بالفساد والشرك وعبادة الأصنام والأوثان.

ولذلك اتهموا النبي عليه الصلاة والسلام بأنه شاعر، وأنه مجنون، وأنه ساحر، وأنه تعلم هذا من كتب السابقين، وغير ذلك من الشبه، وإن شئت فقل: افتراءات وكذبات قد ورد الرد عليها في كتاب الله عز وجل، إذ إن الله تبارك وتعالى قد رد وذب عن نبيه أيما رد وذب، وهنا إثبات الغرابة في أول أمر الإسلام، ثم بعد ذلك تنقض عرى الإسلام عروة عروة حتى يترك الناس دينهم أو جل دينهم، فإذا قامت فئة فتمسكت بالدين ظاهراً وباطناً أصولاً وفروعاً؛ كانوا هم الغرباء؛ لأنهم يحيون في الناس سنناً قد ماتت عندهم، وفرائض قد أهملوها، ولذلك يقول عنهم المجتمع الكثير: إنهم غرباء، وإنهم شواذ، وإنهم فئة قليلة، لكنها تغلب فئة كثيرة بإذن الله.

ص: 4