المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم تارك الصلاة كسلا وتهاونا - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٣٠

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ كفر تارك الصلاة ومانع الزكاة وإباحة قتالهم

- ‌باب كفر تارك الصلاة ومانع الزكاة وإباحة قتلهم وقتالهم إذا فعلوا ذلك

- ‌حكم تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً

- ‌أهمية الصلاة عند سلف الأمة وحكم تاركها

- ‌حبوط عمل من ترك الصلاة وكفره

- ‌حديث معاذ في رأس الأمر وقوامه وذروة سنامه

- ‌بعث أبي بكر لخالد بن الوليد وأمره له أن يقاتل الناس على شعائر الإسلام الخمس

- ‌حديث معاذ لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن

- ‌حديث بريدة (بكروا بالصلاة يوم الغيم)

- ‌حديث أبي ذر (من ترك الصلاة عامداً فقد برئت منه ذمة الله عز وجل

- ‌حديث (قيل لابن مسعود: إن الله ليكثر ذكر الصلاة)

- ‌أثر أبي الدرداء (لا إيمان لمن لا صلاة له)

- ‌حديث الباقر (لو مات هذا مات على غير دين محمد صلى الله عليه وسلم

- ‌أثر ابن مسعود (من أقام الصلاة ولم يؤد الزكاة فلا صلاة له)

- ‌أثر حذيفة في الإنكار على من لا يتم الركوع والسجود

- ‌أثر ابن المبارك في تكفير من قال أصلي غداً

- ‌حديث عبد الله بن عمرو: (من حافظ عليها كانت له نوراً)

- ‌تعقيب المصنف على الأحاديث والآثار المتعلقة بترك الصلاة والتهاون بها

- ‌الأسئلة

- ‌حكم عصير الفواكه المخلوط المسمى بـ (الكوكتيل)

- ‌حكم من لا يصلي إلا الجمعة فقط

- ‌وجه دلالة الألف واللام في كلمة (الكفر) على الكفر المخرج من الملة

- ‌ضرورة إقامة الحجة على من وقع في الكفر قبل تكفيره

- ‌حكم تكرار صلاة الفجر بعد خروج وقتها

- ‌حكم صيام الإثنين أو الخميس مع موافقتهما لعيد من أعياد النصارى

- ‌حكم صلاة من أخطأ في الفاتحة أو غيرها وفتح عليه

الفصل: ‌حكم تارك الصلاة كسلا وتهاونا

‌حكم تارك الصلاة كسلاً وتهاوناً

وقع النزاع فيما يتعلق بحكم تارك الصلاة كسلاً أو تهاوناً، فمنهم من قال: تارك الصلاة كسلاً أو تهاوناً ليس بكافر؛ لأنه لا يستوي مع من جحد.

والرد عليه أن الكفر أنواع، وإن شمل الجميع اسم الكفر: فالجاحد كافر، وتارك الصلاة عند جميع أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام بغير تفصيل كافر، وإن كان كفر الاثنين مختلفاً، لكن يجمعهم اسم الكافر.

والكافر إنما يطلق في هذه القضية عند أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام على كفر الخروج، أي: كفر الخروج من الملة، يقول عبد الله بن شقيق العقيلي رحمه الله: ما كان الصحابة رضي الله عنهم يعدون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة.

ولا يمكن أن يُتصور أن هذا القول محمول على الكفر العملي؛ لأن الكفر العملي في كل الواجبات والمحرمات، وليس بابه الصلاة فحسب، وإنما بابه هذه المباني كلها، والواجبات الشرعية والمنهيات الشرعية.

فلا يتصور أن عبد الله بن شقيق إنما أراد أنه ليس شيء عند الصحابة يكفر به صاحبه كفراً عملياً من الإسلام إلا الصلاة، هذا الكلام غير متصور نهائياً، ولا يستقيم مع فقه الصحابة رضي الله عنهم، والعجيب أنه لم يرد عن واحد من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام خلاف ذلك، فالصحابة مجمعون على أن تارك الصلاة يكفر بهذا الترك كفراً يخرجه عن الملة، وأنا حرصت أن أقول: كفراً يخرجه عن الملة، لا أسميه اعتقادياً ولا عملياً حتى أبينه، وإن كانت الصلاة من المسائل العملية في الدين، إلا أن الكفر كما يقع في القول والاعتقاد، يقع كذلك في الفعل، فأسباب الكفر: إما الاعتقاد؛ وهو استحلال ما حرمه الله، أو تحريم ما أحله الله.

وإما القول الذي يكفر به صاحبه، سواء كان تهاوناً بدين الله واستخفافاً واستهزاء بدين الله، أو لعباً ولهواً وهزءاً بشيء من أحكام الشرع وهو عالم مختار غير مكره، على تفصيل بين أهل العلم في هذه الفرعيات، فيما يتعلق بمسائل الإيمان والكفر.

فأقول: إن الكفر يكون بالعمل كذلك، وكذا الصلاة قد ثبت أنها من أصول الإيمان؛ ولذلك الإمام البخاري وغيره من أهل العلم لما ذكروا حديث شعب الإيمان ذكروا بعض شعب الإيمان، فقالوا: باب الصلاة من الإيمان باب الزكاة من الإيمان باب الصيام من الإيمان.

ونقل الإمام الحميدي وغيره: أن من ترك الخمس فهو كافر بإجماع المسلمين.

أي: شعائر الإسلام الخمس.

والصحابة رضي الله عنهم مجمعون على كفر تارك الصلاة كفراً يخرجه من الملة، وإن كانت الصلاة متعلقة بعمل الجوارح، يقول الله تعالى:{وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [البقرة:143]، وبإجماع المفسرين أن الإيمان هنا هو الصلاة.

إذاً: الصلاة متعلقة بالإيمان، بل هي جزء من الإيمان، والذي يترجح لدي هذا المذهب؛ لأن الإجماع المعتبر الذي لا خلاف عليه هو إجماع الصحابة رضي الله عنهم، ووقع نزاع في الإجماع بعد الصحابة، والراجح ثبوته، لكن الذي لا خلاف عليه هو إجماع الصحابة، فإذا أجمعوا أن تارك الصلاة كافر؛ فلا أقل من أن يكون هذا هو المنهج الحق في هذه المسألة، وهو الرأي الذي يترجح لدي.

وقال بعضهم: تارك الصلاة تهاوناً وكسلاً يفسق بهذا، يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: لا بد من التفريق بين خلل في طاعة الله عز وجل فيما يتعلق بمبادئ الإسلام، وبين سائر الذنوب والمعاصي.

قال ذلك هو يرد على من قال: لا يكفر المرء إلا بالاستحلال، فيثبت أن الكفر يكون بالعمل وبالقول دون ذكر للاستحلال، فيقول شيخ الإسلام ابن تيمية: وإن كانت الصلاة تؤدى بالجوارح فصاحبها إنما يكفر بتركها؛ لأنه ليس كل عمل لا يأتيه المكلف لا يكفر به.

فمن الأعمال ما يكفر بها صاحبها، ومن الأعمال ما لا يكفر بها صاحبها، فيضع ضابطاً لذلك ويقول: إذا كان الفعل متعلقاً بالإيمان فتركه كفر كالصلاة، وإذا كان الفعل متعلقاً بسائر المعاصي، كالزنا وشرب الخمر والسرقة وغيرها؛ فلا يكفر صاحبها بذلك، إلا إذا أتاها مستحلاً لها؛ فيفرق بين المسائل المتعلقة بأصل الإيمان وإن كانت تؤدى بالجوارح، وبين المسائل التي لا تعلق لها بأصل الإيمان.

والإمام ابن بطة إنما سار هنا على المذهب الأول، وهو تكفير تارك الصلاة.

ويقول بعضهم: إن تارك الصلاة إنما يؤخذ ويعزر ويحبس ويستتاب ثلاثة أيام، فإن تاب وإلا قتل، وأنا لا أتصور قط أن واحداً يحبس حتى يصلي، ويشهر على رقبته السيف ثلاثة أيام وهو يقول: أنا لا أصلي كسلاً، ثم يقدم للإعدام أو للمشنقة أو لضرب عنقه وهو يقول أيضاً: لا أصلي، وإن كنت أعتقد أن الله أوجب الصلاة؛ هذا لا يمكن أن يتصور قط.

ص: 3