المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حكم من قال: لم ترك الله العباد يشركون ويجحدون وهو قادر على هدايتهم - شرح كتاب الإبانة من أصول الديانة - جـ ٤٢

[حسن أبو الأشبال الزهيري]

فهرس الكتاب

- ‌ ما جاء من الآثار في كراهة الخوض والكلام في القدر

- ‌الأحاديث والآثار في كراهة الخوض والكلام في القدر

- ‌الكتاب والسنة يخرجان من مشكاة واحدة

- ‌بيان ما يجوز فيه ذكر النجوم وما لا يجوز فيه ذكر النجوم

- ‌بيان ما يجوز فيه أن يقال عن الصحابة إذا ذكروا وما يجب الإمساك عنه عند ذكرهم

- ‌ما يجوز الكلام فيه في القدر وما لا يجوز الكلام فيه

- ‌حكم من قال: (لم خلق الله إبليس وهو يعلم أنه سيعصيه)

- ‌حكم مقولة: لم جعل الله لإبليس وذريته سلطاناً أن يأتوا بني آدم

- ‌حكم من قال: لم سلط الله الكفار على الرسل والمؤمنين وهو قادر على إبادتهم

- ‌حكم من قال: لم مكن الله لأعدائه في البلاد بالقوة والعتاد وأمر أولياءه أن يقاتلوهم

- ‌الحكمة من خلق الله سبحانه للحيات والأفاعي والعقارب والهوام والسباع

- ‌حكم من قال: لم ترك الله العباد يشركون ويجحدون وهو قادر على هدايتهم

- ‌الأسئلة

- ‌حكم الاستثناء في الإيمان

- ‌الفرق بين الشيطان والعفريت

- ‌حكم زواج الإنسان من الجن

الفصل: ‌حكم من قال: لم ترك الله العباد يشركون ويجحدون وهو قادر على هدايتهم

‌حكم من قال: لم ترك الله العباد يشركون ويجحدون وهو قادر على هدايتهم

قال: [وكذلك يسأل السائل يقول: لم ترك الله العباد حتى يجحدوا ويشركوا به ويعصوه؟] لم جعل الله تعالى العباد يقعون في الشرك والجحود، وبيد الله تعالى أن يجعلهم مؤمنين، أليس ذلك في مقدور الله؟ بلى، لكن لم جعل الله تعالى الشرك والكفر في العباد مع أنه قادر على أن يجعل كل الخلق به مؤمنين، ولم خلق الله تعالى الشرك أصلاً وجعل له أهلاً وهو قادر على أن يمنع قلوبهم أن تدخلها شهوة شيء من معصيته أو محبة شيء من مخالفته، وهو القادر على أن يبغض للخلق أجمعين معصيته ومخالفته، وقادر على أن يهلك من هم بمعصيته مع همته، وهو قادر على أن يجعلهم كلهم على أفضل عمل عبد من أوليائه فلم لم يفعل الله ذلك؟ قال:[فمن تفكر في نفسه فظن أن الله لم يعدل؛ حيث لم يمنع المشركين من أن يشركوا به، ولم يمنع القلوب أن يدخلهم حب شيء من معصيته، ولم يهد العباد كلهم؛ فقد كفر، ومن قال: إن الله أراد هداية الخلق وطاعتهم له، وأراد ألا يعصيه أحد ولا يكفر أحد فلم يقدر على ذلك؛ فقد كفر، ومن قال: إن الله قدر على هداية الخلق وعصمتهم من معصيته ومخالفته فلم يفعل ذلك وهو جور من فعله؛ فقد كفر، وهذا مما يجب الإيمان به والتسليم له، وترك الخوض فيه والمسألة عنه، وهو أن يعلم العبد أن الله عز وجل خلق الكفار، وأمرهم بالإيمان، وحال بينهم وبين الإيمان، وخلق العصاة، وأمرهم بالطاعة، وجعل حب المعاصي في قلوبهم، فعصوه بنعمته وخالفوه بما أطاعهم من قوته، وحال بينهم وبين ما أمرهم به، وهو يعذبهم على ذلك، وهم مع ذلك ملومون غير معذورين، والله عز وجل عدل في فعله ذلك بهم وغير ظالم لهم، ولله الحجة على الناس جميعاً، له الخلق والأمر تبارك وتعالى: {لا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} [الأنبياء:23].

فهذا من علم القدر الذي لا يحل البحث عنه ولا الكلام فيه ولا التفكر فيه، وبكل ذلك مما قد ذكرته وما أنا ذاكره إن شاء الله نزل القرآن وجاءت السنة، وأجمع المسلمون من أهل التوحيد عليه، لا يرد ذلك ولا ينكره إلا قدري خبيث مشئوم، قد زاغ قلبه وألحد في دين الله وكفر بالله، وسأذكر الآيات في ذلك من كتاب الله عز وجل الذي {لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} [فصلت:42]]، وكذلك من سنة النبي صلى الله عليه وسلم وهذا موعدنا في الدرس القادم بمشيئة الله.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

ص: 12