المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الخامس: شيوخه الذين ثقفوه بالثقافة العلمية واللغوية والدينية - البراهين الإسلامية في رد الشبهة الفارسية

[عبد اللطيف آل الشيخ]

الفصل: ‌الفصل الخامس: شيوخه الذين ثقفوه بالثقافة العلمية واللغوية والدينية

معاهد العلم فدخل في مدينة العلم واستقر في دار من دوره فهذا الأزهر الشريف تعقد في جنباته وأروقته حلقات التفسير والحديث والأصول وعلوم القرآن وعلوم الحديث والفقه وأصوله، وعلوم العربية من النحو والصرف والبلاغة وغير ذلك وها هم كبار العلماء متوفرون ليلا ونهارا لإمداد الطلاب بمزيد من العلم والعرفان وها هي المكتبات العامة بنفائس الكتب وذخائر المراجع فصار العلم سلوته في غربته والكتاب جليسه في وحدته والعلماء أنيسه في وحشته فصار يتردد بين بيته والأزهر الشريف فيجد في البيت أباه وعمه وخاله فدرس على جملة من علماء نجد منه جده لأمه الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وخاله الشيخ عبد الرحمن.

وتزوج في مصر وطالت إقامته فيها حتى بلغت واحدا وثلاثين عاما قضاها كلها في العلم تعلما وبحثا ومراجعة ومذاكرة حتى صار من جملة العلماء الكبار وأوعيته الواسعة ولا شك أنه تثقف هذه الثقافة الغزيرة على أيدي رجالا مخلصين حتى استطاعوا أن يكونوا هذه الشخصية الفذة.

ص: 30

‌الفصل الثالث: ذكر مؤلفاته

مؤلفاته الفذة

ومع انشغاله بالمهام والأعمال الكبيرة ومع حصول هذه الفتنة العمياء الصماء ومع اختطاف المنية له وهو في منتهى قوته ونشاطه وإنتاجه فقد شارك مشاركة كبيرة في المؤلفات إلا أنها في الرد على المبطلين ودحض شبه المنحرفين ففتن السياسة وفتن الإلحاد لم تعطه الفرصة لإتمام شرح النونية وإتمام شرح الكبائر وإخراج كتب أخرى تعالج علوما غريبة أو تقرب مسائل بعيدة.

ولذا مؤلفاته رحمه الله هي:

1-

منهاج التأسيس في الرد على داود بن جرجس.

2-

مصباح الظلام في الرد على من كذب على الشيخ الإمام.

3-

البراهين الإسلامية في الرد على الشبهة الفارسية. وهو الذي نحققه الآن.

4-

الرد على عبد المحسن الصحافي.

5-

عيون الرسائل والمسائل على أن له مجموع رسائل وفتاوى تبلغ إلى ست وسبعين رسالة وقد جمعها الشيخ سليمان بن سمحان.

ص: 38

‌الفصل الرابع: تلاميذه الذين تلقوا العلم عنه

تلاميذه

ومن تلاميذه الذين تلقوا العلم عنه:

1-

ابنه العلامة الشيخ عبد الله 2-أخوه الشيخ إسحق

3-

الشيخ حسن بن حسين آل الشيخ 4-الشيخ سليمان بن كمان

5-

الشيخ محمد بن محمود 6-الشيخ حمد بن فارس

7-

الشيخ صعب التويجري 8-الشيخ محمد بن عمر بن سليم

9-

الشيخ عبد الرحمن بن محمد المانع 10-الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم

11-

الشيخ إبراهيم بن عبد الملك آلا لشيخ 12-الشيخ علي بن عيسى

13-

الشيخ أحمد بن عيسى 14-الشيخ عثمان بن عيسى السبيعي

15-

الشيخ محمد بن إبراهيم بن يوسف 16-الشيخ عمر بن يوسف

17-

الشيخ صالح بن فرناس 18-الشيخ صالح الشهري

19-

الشيخ عبد العزيز بن عبد الجبار 20-الشيخ عبد العزيز العديان

21-

الشيخ عبد الله الوهيبي 22-الشيخ عبد الله الخرجي

23-

الشيخ عبد الله بن جريس

وكثير من حملة العلم الكبار هم تلاميذه والآخذون عنه لانفراده في زمنه.

ص: 39

وفاته وثناء أهل الفضل عليه

توفي رحمه الله في مدينة الرياض في اليوم الرابع عشر من شهر ذي القعدة عام ثلاثة وتسعين ومائتين وألف للهجرة النبوية 1293هـ وله من العمر يومئذ ثمانية وستون -68- عاما سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين سبحان الحي الذي لا يموت ولا يزول وصلى الله على خير خلقه محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 40

‌الفصل الخامس: شيوخه الذين ثقفوه بالثقافة العلمية واللغوية والدينية

3-

شيوخه:

وممن لهم اليد البيضاء في تثقيفه العلماء النجديون الذين هاجروا إلى مصر في تلك المأساة التركية الباشية مثل:

1-

جده لأمه الشيخ عبد الله بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب.

2-

وخاله الشيخ عبد الرحمن بن عبد الله بن محمد.

3-

ووالده الشيخ عبد الرحمن بن حسن.

4-

الشيخ أحمد بن حسن بن رشيد المشهور بالحنبلي.

كل هؤلاء من النجديين الذين تلقى عنهم في مصر يلقنونه العقيدة الصحيحة ويدرسونه علوم السلف الصالح ويجد في الأزهر بقية من البحث وتدقيق المناقشة واستيعاب ما في المتون والشروح عند حملة ذلك من العلماء الأجلاء ومن هؤلاء العلماء:

ص: 30

1-

الشيخ العلامة محمد بن محمود الجزائري.

2-

والشيخ العالم الفرضي المعروف إبراهيم الباجوري شيخ الجامع

الأزهر آنذاك.

3-

والشيخ العالم مصطفى الأزهري.

4-

والشيخ أحمد الصعيدي.

وغير هؤلاء المذكورين من كبار علماء مصر والمغرب المقيمين في الأزهر ونال إجازات كثيرة من جلة العلماء الأفذاذ وأجيز في مسلسلات الحديث المشهور وعرف آنذاك في الأزهر الشريف بالعالم النجدي وكانت له مجادلات ومناظرات في كتب السلف ومعتقداتهم وقد أشار إليه مؤرخ الجبروتي في تاريخه.

ص: 31

عودته إلى نجد

فلما طهرت نجد من الجيش العثماني المحتل ونادى داعي العودة في ربي نجد مستنهضا الهمم في استعادة مجد الدعوة وبناء كيان الدولة الإسلامية السعودية من جديد وكان ذلك المنادي أحد القادة الكبار الإمام تركي بن عبد الله بن مؤسس الدولة الأولى محمد بن سعود، وكان الشيخ عبد اللطيف ووالده الإمام الشيخ عبد الرحمن بن حسن والد المترجم له أول من سارع في الخطو إلى نجد فتقدم أبوه عبد الرحمن بن حسن وتأخر الشيخ عبد اللطيف عنه مدة من الزمن كان مشغولا فيها بطلب العلم واستجلاء الأمر واستيضاح السبيل ثم خرج إلى نجد عام أربعة وستين ومائتين وألف بعد استشهاد الإمام تركي بن عبد الله في حادث اغتيال لئم فتولى السلطة بعده الإمام العادل والزعيم الكبير فيصل بن تركي خرج الشيخ عبد اللطيف من مصر متوجها إلى نجد عن طريق مكة المكرمة.

قال صاحب كتاب علماء نجد خلال ستة قرون (الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن بن صالح البسام) :حدثني وجيه الحجاز الشيخ محمد بن حسين بن عمر بن عبد الله نصيف قال: بينما الشيخ عبد اللطيف يطوف بالكعبة بعد انصرافه من القاهرة إلى نجد إذ بصر به أمير مكة الشريف محمد بن عون وهو في بيته المطل على الحرم ومعه عبد الله بن محمد بن عون وهو يومئذ قائم مقام مكة المكرمة، فأرسلا إليه أحد خدامهما يطلبان منه المجيئ إليهما فلما فرغ

ص: 33

الشيخ من طوافه وصلاته ذهب إليهما وكان قد تعارف معهما في مصر فقابلاه بالحفاوة والإكرام وعاتباه على عدم نزوله عندهما فاعتذر إليهما الشيخ عبد اللطيف بقوله: إني خشيت من إمارة مكة أن تردني إلى مصر فطمأناه وتحدثا معه عن صفة خروجه من مصر فقال: اشتقنا إلى بلادنا ووجدنا السبيل إلى الخروج ميسرا فأكرماه بما يليق بمقامه ثم توادعوا لقرب سفر الشيخ إلى نجد.

وكان قدومه الرياض -العاصمة الجديدة للمملكة السعودية- عام أربعة وستين ومائتين وألف للهجرة 1264هـ وصاحب السلطة المطلقة يومئذ الإمام فيصل بن تركي في بلاد نجد وأبوه الشيخ عبد الرحمن بن حسن هو المرجع في الشؤون الإسلامية والشرعية.

وكان الشيخ عبد الرحمن قد دخل العقد الثامن من عمره واحتاج إلى مساعد قوي يعينه على مهامه الكبيرة الكثيرة وأعماله الجليلة. وكان في مقدمة مستقبليه والمرحبين إيابه يوم قدومه الرياض علما الجهاد ومجددا الدعوة في عصرها الثاني الإمام فيصل ابن الإمام تركي وأبوه الشيخ عبد الرحمن بن حسن ووالده آنذاك رئيس العلماء ومفتي الديار، فاستقر الشيخ المترجم له في مدينة الرياض بعد رحلة شاقة قطعها متنكرا من مصر حتى مدينة الرياض وقد تعرض في تلك الرحلة لمشاق كبيرة وجرت له حوادث طريقه ساعد على تجسيمها وتضخيمها لهجته المصرية التي هي غير مألوفة في نجد ولباسه التنكري الذي أراد منه أن يخلص من سفه جهال البادية وقطاع الطرق المنتشرين في طريقه.

وعندما استقر به المقام في الرياض اتخذ من المسجد الكبير المعروف بمسجد الشيخ (عبد الله) مدرسة كبيرة لتدريس مختلف الفنون والعلوم لا سيما تلك العلوم التي لم يشتهر نعليمها في نجد سابقا مثل علوم البلاغة وقواعد الفقه والأصول والتجويد بالإضافة إلى العلوم الأخرى التي كانت معرفة في نجد، وقد عرف حينذاك بسعة الأفق في العلوم وقوة الحافظة والقدرة على التعبير.

ص: 34

رحلته إلى الأحساء

عندما دانت الأحساء ونواحيها فلإمام فيصل بن تركي وكانت إذاك مدينة حضرية مزدحمة بالعلماء والأدباء رأى الإمام فيصل أن يبعث ذلك العالم الجليل إليها للقيام بمهمة نشر العقيدة السلفية التي يتردد في قبولها فئة خاصة من العلماء هناك ويرون في مذهب الخلف غنى وعلما أكثر مما في مذهب السلفي وهناك تجرد الشيخ عبد اللطيف لمناظرتهم ومذاكرتهم وتقرير عقيدة السلف بينهم فاستجاب له معضمهم والتقت قوة الفكر بقوة المعتقد فزلزلت العقائد المشوهة وانتشر مذهب السلف أيما انتشار وانتفع بوجوده في الأحساء كثير من العلماء وسمعوا منه وتلقوا عنه علوما لم تكن معروفة في غير الأزهر.

مهام وظائفه

التي شغلها بعد عودته من الأحساء

ثم عاد الشيخ عبد اللطيف إلى مدينة الرياض ليكون مستشارا ومفتيا ومساعدا لوالده الذي بلغ من الكبر حد العجز عن تولي تلك الشؤون فكان عضدا للإمام فيصل ومفتيا له ولم يعرف أن الإمام فيصل خرج في غزوة إلا كان الشيخ عبد اللطيف في رفقته ويصحبه عدد من طلبة العلم ومجموعة من الكتب في الفنون المختلفة.

وكان الشيخ عبد اللطيف ينتهز الفرصة في تلك الرحلات فيعظ ويذكر وينشر الدعوة ويعلم الجاهل ويرشد الضال ويتعرف على طبيعة البلاد وسكانها فيمد إمام المسلمين بالرأي والمشاورة.

وله صفات ذاتية وفكرية مميزة، فهو أكثر علما ممن سبقه من آل الشيخ باستثناء والده وجده العظيم محمد بن عبد الوهاب، ومن أبرز صفاته الجسدية أنه كان ضخم الجثة قوي البنية سليم الأعضاء والحواس أبيض مشربا بحمرة كث اللحية مستدير الوجه جهوري الصوت حاد البصر، وكان جميل الخط

ص: 35

واضح العبارة فصيح اللسان تغلب على لغته الدارجة اللهجة المصرية الخفيفة.

وكان يحب -أحيانا- أن يحافظ على زيه الأزهري، فكثير ما يلذ له أن يلبس العمامة والثوب الفضفاض وكان مهيب الطلعة جسورا في قول الحق وكان ذكر الله وتلاوة القرآن ديدنه يتفانى في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويحب أن ينصح غيره ويستمع إلى نصيحة غيره وكان يحرر الرسائل الكثيرة المشتملة على المعاني والنصائح القيمة يوجهها إلى العلماء والقضاة والأمراء والملوك وكانت بعض رسائله العامة ونصائحه تتلى في المساجد على العامة بعد أداء فريضة الصلاة في كل مناسبة تجد أو تحدث.

وكان الشيخ عبد اللطيف مع علمه الغزير وفضله الكبير سياسيا داهية خبير بشؤون المجتمع وعندما وقعت الفتنة العمياء بين أولاد الإمام فيصل عبد الله الفيصل وسعود الفيصل بعد وفاة والدهما سعى المؤلف إلى إخمادها ولذلك لم يستقر له قرار ولم يهنأ له بال حتى هدأت تلك الفتنة وانجابت تلك الغمة وبذل رحمه الله من ذاته ورأيه في إخمادها ما جعل كل مواطن يذر فضله ويعترف له بالفضل والقدرة وحسن التصرف ولقد طال أمد تلك الفتنة العمياء وامتد زمانها فكانت مليئة بالحزن والأسى والفزع لكنه رحمه الله وقف منها موقف الشرف الذي شهد له بالزعامة والإخلاص والوطنية ويؤخذ من كتاباته التي سجلها في هذه الفترة ومن مجادلاته لغيره من العلماء حول تلك الفتنة أنه كان ينظر إليها من زاوية تختلف عن كل رؤية يراها البسطاء وضعفاء الهمم.

وقد كانت نظرته العميقة الشاملة لتلك الفتنة أنها ليست بين أميرين فحسب وإنما كانت أبعد عمقا وأكثر اتساعا فقد كانت تستهدف دك حصون الدعوة وسحق الكيان المتماسك الذي أسسه السادة من آل سعود وكان المؤلف رحمه الله يرى أن الخوف كل الخوف ليس من نزاع الأميرين وإنما يرقب بحذر تحرك الأعداء التقليديين والأعداء الدخلاء المتربصين الجاثمين

ص: 36

على الحدود، لهذا كان يرى أن أيا من ذينك الأميرين استطاع الغلبة وقيادة السفينة وأصبح قادرا على الولاية فإنه أحق من صاحبه لا سيما قد كان كل منهما متحمسا للدعوة وللحفاظ على ذلك التراث العظيم الذي تركه فيصل وقد جاء في إحدى رسائله لمن لامه على هذا المسلك قوله: أما ما صدر في حقي من الغيبة والقدح والاعتراض والمسبة ونسبتي إلى الهوى والعصبية فتلك أعراض انتهكت في ذات الله أعدها لديه جلا وعلى ليوم فقري وفاقتي وليس الكلام فيها وإنما المقصود بيان ما أشكل على الخواص والمنتسبين من طريقتي من تلك الفتنة العمياء الصماء إلى أن قال: فوقاني الله شر تلك الفتنة ولطف بنا وإنما الكلام في بيان ما نراه ونعقده في أمر الولاية بعد الغلبة والقهر فهي تنفذ بها الأحكام وتوجب الطاعة في المعروف كما عليه كافة أهل العلم على تقادم الأعصار ومر الدهور.

ص: 37