الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [
التكاثر: 8]
467 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي سَمِينَةَ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ، عَنِ الزُّبَيْرِ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ: {ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ} [التكاثر: 8] قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ: وَأَيُّ نَعِيمٍ وَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ؟ ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إنَّهُ سَيَكُونُ " فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا فِيهِ قَوْلَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ عَلَيْهِ: أَيُّ نَعِيمٍ؟ أَيْ: مَا هُمْ فِيهِ وَإِنَّمَا هُمَا الْأَسْوَدَانِ وَجَوَابُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إيَّاهُمْ عِنْدَ ذَلِكَ: " إنَّهُ سَيَكُونُ " أَيْ سَيَكُونُ لَكُمْ عَيْشٌ سِوَى الْأَسْوَدَيْنِ فَتُسْأَلُونَ عَنْهُ
⦗ص: 408⦘
فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الَّذِي يُسْأَلُونَ عَنْهُ ، هُوَ الْفَضْلُ عَنِ الْأَسْوَدَيْنِ مِمَّا يَتَجَاوَزُ مَا تَقُومُ أَنْفُسُهُمْ بِهِ ، وَأَنَّهُمْ غَيْرُ مَسْئُولِينَ عَمَّا لَا تَقُومُ أَنْفُسُهُمْ إلَّا بِهِ. وَوَجَدْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ مَرْوِيًّا عَنْهُ عليه السلام فِي غَيْرِ هَذَا الْحَدِيثِ
468 -
كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ مَرْزُوقٍ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَا حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا حَشْرَجُ بْنُ نَبَاتَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو نَصِيرَةَ، عَنْ أَبِي عَسِيبٍ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلًا فَمَرَّ بِأَبِي بَكْرٍ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ ، ثُمَّ مَرَّ بِعُمَرَ فَدَعَاهُ فَخَرَجَ إلَيْهِ ، ثُمَّ انْطَلَقَ يَمْشِي وَنَحْنُ مَعَهُ حَتَّى دَخَلَ بَعْضَ حَوَائِطِ الْأَنْصَارِ فَقَالَ:" أَطْعِمْنَا بُسْرًا " فَأَتَاهُمْ بِعِذْقٍ فَأَكَلُوا مِنْهُ وَأَتَاهُمْ بِمَاءٍ فَشَرِبُوا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام: " هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ " فَقَالَ عُمَرُ: إنَّا لَمَسْئُولُونَ عَنْ هَذَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ قَالَ: " نَعَمْ إلَّا مِنْ ثَلَاثٍ: كِسْرَةٍ يَسُدُّ بِهَا الرَّجُلُ جُوعَهُ، وَخِرْقَةٍ يُوَارِي بِهَا عَوْرَتَهُ، وَحَجَرٍ يَدْخُلُ فِيهِ مِنَ الْحَرِّ وَالْبَرْدِ "
469 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، حَدَّثَنَا حَشْرَجُ بْنُ نَبَاتَةَ، ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَزَادَ فَأَخَذَ عُمَرُ الْعِذْقَ فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ حَتَّى تَنَاثَرَ الْبُسْرُ ، ثُمَّ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنَّا لَمَسْئُولُونَ عَنْ هَذَا؟
⦗ص: 409⦘
فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ تِبْيَانُ مَا ذَكَرْنَا ; لِأَنَّ فِيهِ أَنَّهُمْ مَسْئُولُونَ عَنِ الْبُسْرِ الَّذِي أَكَلُوهُ وَعَنِ الْمَاءِ الَّذِي شَرِبُوهُ ; لِأَنَّهُمَا فَضْلٌ عَنِ الْكِسْرَةِ الَّتِي يَسُدُّونَ بِهَا جُوعَهُمْ ، وَعَنِ الْخِرْقَةِ الَّتِي يُوَارُونَ بِهَا عَوْرَاتِهِمْ ، وَعَنِ الْحَجَرِ الَّذِي يَقِيهِمْ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ
470 -
كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ، أَخْبَرَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَمَّارِ بْنِ أَبِي عَمَّارٍ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَتَانَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَطْعَمْنَاهُ رُطَبًا وَسَقَيْنَاهُ مَاءً فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم " هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ "
471 -
كَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ، عَنْ عَمَّارٍ، سَمِعْتُ جَابِرًا، يَقُولُ: جَاءَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى بَيْتِنَا فَذَكَرَ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّ أَبَا الْوَلِيدِ شَكَّ فَقَالَ أَطْعَمْنَاهُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا
472 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، وَحَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ الْأَشْيَبُ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ،
⦗ص: 410⦘
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي سَاعَةٍ لَا يَخْرُجُ فِيهَا وَلَا يَلْقَاهُ فِيهَا أَحَدٌ فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ: " مَا أَخْرَجَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ " قَالَ: خَرَجْتُ لِلِقَاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَالنَّظَرِ فِي وَجْهِهِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ فَلَمْ يَلْبَثْ أَنْ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ: " مَا أَخْرَجَكَ يَا عُمَرُ؟ " قَالَ: الْجُوعُ، قَالَ " وَأَنَا وَجَدْتُ بَعْضَ الَّذِي تَجِدُ انْطَلِقْ بِنَا إلَى أَبِي الْهَيْثَمِ بْنِ التَّيْهَانِ " وَذَكَرَ الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَقَالَ فِيهِ:" فَإِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ " هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو أُمَيَّةَ وَهُوَ لِسِيَاقَتِهِ
473 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ
⦗ص: 411⦘
فَجَلَسَ ، ثُمَّ إنَّ أَبَا بَكْرٍ جَاءَ فَجَلَسَ إلَى النَّبِيِّ عليه السلام قَالَ:" مَا أَخْرَجَكَ هَذِهِ السَّاعَةَ؟ قَالَ: الْجُوعُ، قَالَ: " يَا أَبَا بَكْرٍ ، وَأَنَا مَا أَخْرَجَنِي إلَّا الْجُوعُ " ثُمَّ جَاءَ عُمَرُ فَقَالَ مِثْلَ ذَلِكَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام:" انْطَلِقُوا بِنَا إلَى مَنْزِلِ أَبِي الْهَيْثَمِ " فَلَمْ يُوَافِقُوهُ وَأَذِنَتْ لَهُمُ امْرَأَتُهُ فَلَمْ يَلْبَثُوا إلَّا قَلِيلًا حَتَّى جَاءَ أَبُو الْهَيْثَمِ فَصَرَمَ لَهُمْ مِنْ نَخْلَةٍ عِذْقًا فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ فَجَلَعُوا يَأْكُلُونَ مِنَ الرُّطَبِ وَالْبُسْرِ ، ثُمَّ شَرِبُوا مِنَ الْمَاءِ وَأَمَرَ أَنْ تُذْبَحَ لَهُمْ شَاةٌ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَا تَذْبَحْ ذَاتَ دَرٍّ " فَذَبَحَ لَهُمْ ثُمَّ أُتُوا بِاللَّحْمِ فَأَكَلُوا مِنَ الرُّطَبِ وَاللَّحْمِ حَتَّى شَبِعُوا فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا وَإِنَّ هَذَا مِنَ النَّعِيمِ الَّذِي تُسْأَلُونَ عَنْهُ " فَلَمَّا انْصَرَفَ النَّبِيُّ عليه السلام قَالَ لِأَبِي الْهَيْثَمِ: " إذَا أَتَانَا رَقِيقٌ فَأْتِنَا حَتَّى نَأْمُرَ لَكَ بِخَادِمٍ " فَلَبِثَ مَا شَاءَ اللهُ ، ثُمَّ أُتِيَ بِسَبْيٍ، فَأَتَاهُ أَبُو الْهَيْثَمِ فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ عليه السلام:" اخْتَرْ مِنْهُمْ أَيَّهُمْ شِئْتَ " قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ، خِرْ لِي قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:" الْمُسْتَشَارُ مُؤْتَمَنٌ " مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا ، قَالَ:" خُذْ هَذَا وَاسْتَوْصِ بِهِ خَيْرًا فَإِنِّي رَأَيْتُهُ يُصَلِّي وَإِنِّي نُهِيتُ عَنِ الْمُصَلِّينَ " فَانْطَلَقَ بِهِ أَبُو الْهَيْثَمِ فَلَمَّا أَتَى أَهْلَهُ قَالَ: إنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَوْصَانِي بِكَ خَيْرًا فَأَنْتَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى
474 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سِنَانٍ، حَدَّثَنَا عِيسَى بْنُ سُلَيْمَانَ، حَدَّثَنَا خَلَفُ بْنُ خَلِيفَةَ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ عليه السلام خَرَجَ يَوْمًا فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ: " مَا أَخْرَجَكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ؟ " قَالَا: الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللهِ ، قَالَ:" وَأَنَا وَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ أَخْرَجَنِي الَّذِي أَخْرَجَكُمَا فَقُومَا " فَقَامَا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ فَلَمْ يَكُنِ الرَّجُلُ ثَمَّتَ وَإِذَا امْرَأَتُهُ فَلَمَّا نَظَرَتْ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ قَالَتْ مَرْحَبًا وَأَهْلًا قَالَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم " أَيْنَ فُلَانٌ؟ " قَالَتِ: انْطَلَقَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا الْمَاءَ ، قَالَ: فَبَيْنَا هُمْ كَذَلِكَ إذْ جَاءَ الْأَنْصَارِيُّ وَعَلَيْهِ قِرْبَةٌ مِنْ مَاءٍ، فَلَمَّا نَظَرَ إلَى النَّبِيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَإِلَى صَاحِبَيْهِ كَبَّرَ ، ثُمَّ قَالَ: اللهُ أَكْبَرُ مَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّي الْيَوْمَ، فَعَلَّقَ الْقِرْبَةَ بِكُرْنَافَةٍ فَانْطَلَقَ فَجَاءَ بِعِذْقٍ فِيهِ تَمْرٌ وَرُطَبٌ وَبُسْرٌ فَوَضَعَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ ; فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" لَوْلَا اجْتَنَيْتَهُ " قَالَ: تَخَيَّرُوا عَلَى أَعْيُنِكُمْ يَا رَسُولَ اللهِ ، ثُمَّ أَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:" إيَّاكَ وَالْحَلُوبَ " فَذَبَحَ لَهُمْ شَاةً فَأَكَلُوا فَلَمَّا شَبِعُوا قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذِهِ النِّعْمَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ ، ثُمَّ
⦗ص: 413⦘
لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَبْتُمْ هَذَا النَّعِيمَ " فَقَدِ اتَّفَقَتْ بِحَمْدِ اللهِ وَنِعْمَتِهِ هَذِهِ الْآثَارُ الَّتِي رَوَيْنَاهَا عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي هَذَا الْبَابِ وَائْتَلَفَتْ مَعَانِيهَا وَانْتَفَى عَنْهَا الِاخْتِلَافُ وَالتَّضَادُّ. وَاللهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ