الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ عليه السلام مِنْ قَوْلِهِ: " فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ
".
477 -
حَدَّثَنَا يُونُسُ، وَالرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، قَالَا أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ، مَوْلَى عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ ، عَنْ عَمْرٍو، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:" فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ " فَتَأَمَّلْنَا هَذَا لِنَقِفَ عَلَى الْمَعْنَى الَّذِي أُرِيدَ بِهِ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْكِتَابِ مِنْ شَرِيعَتِهِمْ أَنَّهُمْ إذَا نَامُوا فِي لَيْلِهِمْ حَرُمَ عَلَيْهِمْ بِذَلِكَ فِي بَقِيَّتِهِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الصَّائِمِ مِنْ إتْيَانِ النِّسَاءِ وَمِنَ الْأَكْلِ وَمِنَ الشُّرْبِ إلَى خُرُوجِهِمْ مِنْ صَوْمِ غَدِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ ، وَكَذَلِكَ كَانَ أَهْلُ الْإِسْلَامِ فِي صَدْرِ الْإِسْلَامِ حَتَّى نَسَخَ اللهُ ذَلِكَ بِمَا نَسَخَهُ مِنْ كِتَابِهِ. وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ
478 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا بَكَّارٌ، حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ، حَدَّثَنَا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، قَالَ: أُحِيلَتِ الصَّلَاةُ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ، وَالصِّيَامُ
⦗ص: 418⦘
ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ فَذَكَرَ أَحْوَالَ الصَّلَاةِ الثَّلَاثَةَ ثُمَّ قَالَ وَأَمَّا أَحْوَالُ الصِّيَامِ فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ الْمَدِينَةَ فَصَامَ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَصَامَ يَوْمَ عَاشُورَاءَ فَصَامَهَا كَذَا سِتَّةَ عَشَرَ شَهْرًا أَوْ سَبْعَةَ عَشَرَ شَهْرًا ثُمَّ أَنْزَلَ اللهُ {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: 183] إلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ} [البقرة: 184] وَكَانَ مَنْ شَاءَ صَامَ وَمَنْ شَاءَ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَأَجْزَأَ ذَلِكَ عَنْهُ حَتَّى أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: 185] . إلَى قَوْلِهِ: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] وَإِلَى قَوْلِهِ: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185] فَفَرَضَهُ اللهُ وَأَثْبَتَ صِيَامَهُ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ وَرَخَّصَ فِيهِ لِلْمَرِيضِ وَالْمُسَافِرِ وَثَبَتَ الْإِطْعَامُ لِلشَّيْخِ الَّذِي لَا يَسْتَطِيعُ صِيَامَهُ، وَكَانُوا يَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ وَيَأْتُونَ النِّسَاءَ فَإِذَا نَامُوا امْتَنَعُوا مِنْ ذَلِكَ فَجَاءَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ قَدْ ظَلَّ يَوْمَهُ يَعْمَلُ فَجَاءَ فَصَلَّى الْعِشَاءَ وَوَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ فَأَصْبَحَ صَائِمًا فَرَآهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ آخِرِ النَّهَارِ وَقَدْ أَجْهَدَ فَقَالَ:" إنِّي أَرَاكَ قَدْ أُجْهِدْتَ " فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ ظَلِلْتُ يَوْمِي أَعْمَلُ فَجِئْتُ صَلَاةَ الْعِشَاءِ فَنِمْتُ قَبْلَ أَنْ أَطْعَمَ وَجَاءَ عُمَرُ وَقَدْ أَصَابَ مِنَ النِّسَاءِ فَنَزَلَتْ هَذَا الْآيَةُ {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إلَى نِسَائِكُمْ} [البقرة: 187] إلَى قَوْلِهِ: {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] "
479 -
وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ الطَّالْقَانِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنَا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ يُقَالُ لَهُ صِرْمَةُ بْنُ مَالِكٍ وَكَانَ شَيْخًا
⦗ص: 420⦘
كَبِيرًا جَاءَ إلَى أَهْلِهِ عِشَاءً ، وَهُوَ صَائِمٌ وَكَانُوا إذَا نَامَ أَحَدُهُمْ قَبْلَ أَنْ يَطْعَمَ لَمْ يَأْكُلْ شَيْئًا إلَى مِثْلِهَا وَالْمَرْأَةُ إذَا نَامَتْ لَمْ يَكُنْ زَوْجُهَا يَقْرَبُهَا حَتَّى جَاءَ مِثْلُهَا فَلَمَّا جَاءَ صِرْمَةُ إلَى أَهْلِهِ فَدَعَا بِعَشَائِهِ فَقَالُوا: أَمْهِلْ حَتَّى نَتَّخِذَ لَكَ طَعَامًا سَخِينًا تُفْطِرُ عَلَيْهِ فَوَضَعَ الشَّيْخُ رَأْسَهُ فَنَامَ فَجَاءُوا بِطَعَامِهِ فَقَالَ كُنْتُ نَائِمًا فَلَمْ يَطْعَمْهُ فَبَاتَ لَيْلَتَهُ فَلَصِقَ ظَهْرًا لِبَطْنٍ فَلَمَّا أَصْبَحَ أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام فَأَخْبَرَهُ فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] فَرَخَّصَ لَهُمْ أَنْ يَأْكُلُوا مِنْ أَوَّلِ اللَّيْلِ إلَى آخِرِهِ وَجَاءَ عُمَرُ فَأَتَى أَهْلَهُ فَقَالَتْ إنَّهَا نَامَتْ فَظَنَّ عُمَرُ رضي الله عنه أَنَّهَا اعْتَلَّتْ عَلَيْهِ فَوَاقَعَهَا فَأُخْبِرَ أَنَّهَا كَانَتْ نَامَتْ فَذَكَرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَنَزَلَتْ فِيهِ {عَلِمَ اللهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتَانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنْكُمْ} [البقرة: 187] الْآيَةَ "
⦗ص: 421⦘
فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّ مَعْنَى مَا رَوَيْنَا فِي حَدِيثِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ هُوَ أَنَّ صَوْمَنَا جَائِزٌ لَنَا أَنْ نَأْكُلَ فِي لَيَالِيهِ ، وَإِنْ كُنَّا قَدْ نِمْنَا فِيهَا بِخِلَافِ صَوْمِ أَهْلِ الْكِتَابِ الَّذِينَ إذَا نَامُوا فِي لَيَالِي صَوْمِهِمْ لَمْ يَأْكُلُوا فِيهِ حَتَّى يَمْضِيَ غَدُ تِلْكَ اللَّيْلَةِ