الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْهُ، عليه السلام مِمَّا كَانَ مِنْهُ فِي عَبْدِ اللهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ رَأْسِ الْمُنَافِقِينَ بَعْدَ مَوْتِهِ مِنْ صَلَاتِهِ عَلَيْهِ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ كَانَ مِنْهُ فِيهِ
68 -
حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، وَإِبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ صَالِحٍ، حَدَّثَنِي اللَّيْثُ، حَدَّثَنِي عُقَيْلُ بْنُ خَالِدٍ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، أَخْبَرَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُتْبَةَ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنْ عُمَرَ، أَنَّهُ قَالَ: لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ دُعِيَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ عليه السلام وَثَبْتُ إلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ ، وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا ، وَكَذَا كَذَا ، وَكَذَا أُعَدِّدُ عَلَيْهِ قَوْلَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ:" أَخِّرْ عَنِّي يَا عُمَرُ " فَلَمَّا أَكْثَرْتُ عَلَيْهِ قَالَ: " إنِّي خُيِّرْتُ فَاخْتَرْتُ ، وَلَوْ أَعْلَمُ أَنِّي لَوْ زِدْتُ عَلَى السَّبْعِينَ غُفِرَ لَهُ زِدْتُ عَلَيْهَا " قَالَ: فَصَلَّى عَلَيْهِ، هَكَذَا حَدَّثَنَاهُ يَزِيدُ، وَابْنُ أَبِي دَاوُدَ. خَاصَّةً فِي حَدِيثِهِ، ثُمَّ انْصَرَفَ فَلَمْ يَمْكُثْ إلَّا يَسِيرًا حَتَّى نَزَلَتِ الْآيَتَانِ مِنْ بَرَاءَةٌ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى
⦗ص: 71⦘
أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] إلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَهُمْ فَاسِقُونَ} [التوبة: 84]
69 -
حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُدَ، وَأَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ بْنِ مُوسَى، جَمِيعًا قَالَا: حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنِي عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ أُبَيٍّ لَمَّا تُوُفِّيَ جَاءَ ابْنُهُ إلَى رَسُولِ اللهِ عليه السلام فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَعْطِنِي قَمِيصَكَ أُكَفِّنْهُ بِهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ وَاسْتَغْفِرْ لَهُ فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ ، ثُمَّ قَالَ:" آذِنِّي بِهِ أُصَلِّ عَلَيْهِ " ، فَآذَنَهُ فَلَمَّا أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ جَذَبَهُ عُمَرُ وَقَالَ أَلَيْسَ اللهُ قَدْ نَهَاكَ أَنْ
⦗ص: 72⦘
تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ؟ فَقَالَ: " أَنَا بَيْنَ خِيرَتَيْنِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] " فَنَزَلَتْ {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] فَتَرَكَ الصَّلَاةَ عَلَيْهِمْ
70 -
حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ عَبْدُ اللهِ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ أَنْ يُعْطِيَهُ قَمِيصَهُ يُكَفِّنُ فِيهِ أَبَاهُ فَأَعْطَاهُ ، ثُمَّ سَأَلَهُ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِيُصَلِّيَ عَلَيْهِ فَقَامَ عُمَرُ فَأَخَذَ بِثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " إنَّمَا خَيَّرَنِي اللهُ فَقَالَ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً} [التوبة: 80] وَسَأَزِيدُهُ عَلَى سَبْعِينَ "، فَقَالَ: إنَّهُ مُنَافِقٌ فَصَلَّى عَلَيْهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ هَذَا قَوْلُ عُمَرَ لِرَسُولِ اللهِ عليه السلام: أَتُصَلِّي عَلَيْهِ ، وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَى الْمُنَافِقِينَ فِي حَدِيثِ
⦗ص: 73⦘
يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَفِي حَدِيثِ أَبِي أُسَامَةَ ، وَقَدْ نَهَاكَ اللهُ أَنْ تُصَلِّيَ عَلَيْهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي رَوَيْنَاهُ قَبْلَهُ وَمَكَانُ ذَلِكَ فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَتُصَلِّي عَلَيْهِ ، وَقَدْ قَالَ يَوْمَ كَذَا ، وَكَذَا كَذَا ، وَكَذَا ، وَالَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ هَذَا أَوْلَى عِنْدَنَا مِمَّا فِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ ; لِأَنَّ مُحَالًا أَنْ يَكُونَ اللهُ تَعَالَى يَنْهَى نَبِيَّهُ عَنْ شَيْءٍ ، ثُمَّ يَفْعَلُ ذَلِكَ الشَّيْءَ وَلَا نَرَى هَذَا إلَّا وَهْمًا مِنْ بَعْضِ رُوَاةِ هَذَا الْحَدِيثِ وَاللهُ أَعْلَمُ
71 -
وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ دَاوُدَ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى، عَنْ مُجَالِدٍ، عَنِ الشَّعْبِيِّ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: أَوْصَى رَأْسُ الْمُنَافِقِينَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَأَنْ يُكَفِّنَهُ فِي قَمِيصِهِ فَلَمَّا مَاتَ كَفَّنَهُ فِي قَمِيصِهِ وَصَلَّى عَلَيْهِ وَقَامَ عَلَى قَبْرِهِ فَأَنْزَلَ اللهُ: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ} [التوبة: 84] قُلْتُ: ظَنَّ عُمَرُ أَنَّ فِي قَوْلِهِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] الْآيَةُ نَهْيًا عَنِ الصَّلَاةِ عَلَيْهِمْ فَأَعْلَمَهُ النَّبِيُّ عليه السلام أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِنَهْيٍ وَلَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ
⦗ص: 74⦘
تَعَالَى: {وَلَا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ} [التوبة: 84] نَزَلَ بَعْدُ وَهَذَا بَيِّنٌ فِي الْخَبَرِ وَمِمَّا يُؤَكِّدُ هَذَا وَأَنَّ الْأَمْرَ عَلَى خِلَافِ مَا ظَنَّهُ أَبُو جَعْفَرٍ
72 -
مَا رَوَاهُ يَعْقُوبُ بْنُ شَيْبَةَ ، عَنْ سُنَيْدِ بْنِ دَاوُدَ، عَنْ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، قَالَ: لَمَّا تُوُفِّيَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ الْحُبَابُ وَكَانَ مِنْ صَالِحِي أَصْحَابِهِ فَقَالَ يَا رَسُولِ اللهِ إنَّ أَبَا الْحُبَابِ قَدْ مَاتَ فَأَعْطِهِ قَمِيصَكَ الَّذِي يَلِي جِلْدَكَ أُكَفِّنُهُ فِيهِ وَصَلِّ عَلَيْهِ فَقَالَ عُمَرُ: أَتُصَلِّي عَلَى هَذَا وَقَدْ نَهَى الله عَنْهُ؟ قَالَ: " وَأَيْنَ النَّهْيُ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ " فَقَرَأَ عَلَيْهِ: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] إلَى قَوْلِهِ: {اللهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] قَالَ: " وَأَيْنَ النَّهْيُ تَرَى نَهْيًا "، فَأَعْطَاهُ قَمِيصَهُ وَصَلَّى عَلَيْهِ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَفِيمَا رَوَيْنَا مِنْ هَذِهِ الْآثَارِ صَلَاةُ رَسُولِ اللهِ عليه السلام عَلَى ابْنِ أُبَيٍّ ، وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ
73 -
كَمَا حَدَّثَنَا عَبْدُ الْغَنِيِّ بْنُ رِفَاعَةَ بْنِ أَبِي عَقِيلٍ أَبُو جَعْفَرٍ اللَّخْمِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، سَمِعَ جَابِرًا، يَقُولُ: " أَتَى النَّبِيُّ عليه السلام ابْنَ أُبَيٍّ بَعْدَ مَا أُدْخِلَ
⦗ص: 75⦘
حُفْرَتَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ فَوَضَعَهُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ وَنَفَثَ عَلَيْهِ مِنْ رِيقِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ صَلَّى الله عَلَيْهِ " وَاللهُ أَعْلَمُ
74 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ الْمُرَادِيُّ، حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بْنِ أَبِي زَائِدَةَ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ لَمَّا مَاتَ عَبْدُ اللهِ بْنُ أُبَيٍّ جَاءَ ابْنُهُ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّكَ إنْ لَمْ تَشْهَدْهُ لَمْ نَزَلْ نُعَيَّرُ بِهِ فَأَتَاهُ ، وَقَدْ أُدْخِلَ فِي حُفْرَتِهِ فَقَالَ " أَفَلَا قَبْلَ أَنْ تُدْخِلُوهُ " قَالَ: فَأُخْرِجَ مِنْ حُفْرَتِهِ فَتَفَلَ عَلَيْهِ مِنْ قَرْنِهِ إلَى قَدَمِهِ وَأَلْبَسَهُ قَمِيصَهُ
75 -
وَكَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قَاسِمٍ الْكُوفِيُّ، حَدَّثَنَا أَسْبَاطُ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، مِثْلَهُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذَا مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ صَلَّى عَلَيْهِ وَلَا شَهِدَهُ وَلَا أَتَاهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا هُوَ أَشْبَهُ بِأَفْعَالِهِ كَانَتْ فِيمَنْ سِوَاهُ مِنَ النَّاسِ ; أَنَّ صَلَاتَهُ عَلَى
⦗ص: 76⦘
مَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَتْ لِمَا يَفْعَلُ اللهُ لِمَنْ صَلَّاهَا عَلَيْهِ
76 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى النَّيْسَابُورِيُّ، حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ حَكِيمٍ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ ثَابِتٍ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ عليه السلام قَالَ:" لَا أَعْرِفَنَّ أَحَدًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مَاتَ إلَّا آذَنْتُمُونِي لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فَإِنَّ صَلَاتِي عَلَيْهِمْ رَحْمَةٌ "
77 -
وَمَا حَدَّثَنَا فَهْدٌ، حَدَّثَنَا يَحْيَى الْحِمَّانِيُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبِيِّ عليه السلام أَنَّهُ دَخَلَ الْمَقْبَرَةَ فَصَلَّى عَلَى رَجُلٍ بَعْدَ مَا دُفِنَ، فَقَالَ:" مُلِئَتْ هَذِهِ الْمَقْبَرَةُ نُورًا بَعْدَ أَنْ كَانَتْ مُظْلِمَةً عَلَيْهِمْ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِذَا كَانَتْ صَلَاتُهُ لِمَنْ كَانَ يُصَلِّي عَلَيْهِ إنَّمَا كَانَتْ لِمَنْ ذَكَرَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَلَمْ يَكُنْ ابْنُ أُبَيٍّ مِمَّنْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ اسْتَحَالَ أَنْ
⦗ص: 77⦘
يَكُونَ صَلَّى عَلَيْهِ ، وَقَدْ تَرَكَ عليه السلام الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ غَلَّ مِنَ الْغَنَائِمِ وَهُوَ مِمَّنْ كَانَ غَزَا مَعَهُ لِقِتَالِ أَعْدَائِهِ مِمَّنْ لَا يَعْلَمُهُ لَحِقَهُ ذَمٌّ مِنْ فِعْلٍ كَانَ مِنْهُ سِوَى ذَلِكَ وَأَبَاحَ غَيْرُهُ مِمَّنْ كَانَ مَعَهُ الصَّلَاةَ عَلَيْهِ
78 -
كَمَا حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، قَالَ: أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حِبَّانَ، عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ الْجُهَنِيِّ، قَالَ: كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ عليه السلام بِخَيْبَرَ فَمَاتَ رَجُلٌ مِنْ أَشْجَعَ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام وَقَالَ: " صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ فَنَظَرُوا فِي مَتَاعِهِ فَوَجَدُوا فِيهِ خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ لَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ "
79 -
وَكَمَا قَدْ حَدَّثَنَا الْمُزَنِيُّ أَيْضًا حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ، قَالَ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ سَعِيدٌ، يَقُولُ: سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ يَحْيَى، يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي عَمْرَةَ، عَنْ زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ، أَنَّ رَجُلًا تُوُفِّيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ أَشْجَعَ يَوْمَ خَيْبَرَ ، وَأَنَّهُمْ ذَكَرُوهُ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَزَعَمَ أَنَّهُ قَالَ لَهُمْ:" صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ "، فَتَغَيَّرَتْ وُجُوهُ النَّاسِ لِذَلِكَ فَزَعَمَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ عليه السلام قَالَ:" إنَّ صَاحِبَكُمْ قَدْ غَلَّ فِي سَبِيلِ اللهِ " قَالَ: فَفَتَّشْنَا مَتَاعَهُ فَوَجَدْنَا خَرَزًا مِنْ خَرَزِ يَهُودَ وَاللهِ مَا يُسَاوِي دِرْهَمَيْنِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَإِذَا كَانَ مِنْ سُنَّتِهِ أَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ غَلَّ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ; لِأَنَّهُ بِغُلُولِهِ غَيْرُ مُسْتَحَقٍّ لِلْمَدْحِ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ وَلَا مُسْتَحَقٌّ لِسُؤَالِهِ لَهُ رَبَّهُ مَا يَسْأَلُهُ لَهُ فِي صَلَاتِهِ عَلَيْهِ مِمَّنْ هُوَ بَرِيءٌ مِنْ مِثْلِ ذَلِكَ كَانَتْ صَلَاتُهُ عَلَى الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ قَدْ أَخْبَرَهُ اللهُ بِكُفْرِهِمْ أَبْعَدَ وَبِتَرْكِهَا عَلَيْهِمْ أَحَقُّ ، وَكَذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنْهُ فِي تَرْكِهِ الصَّلَاةَ عَلَى مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ مِمَّنْ كَانَ يَنْتَحِلُ الْإِسْلَامَ
80 -
كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا ابْنُ مَعْبَدٍ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ، وَشَرِيكٌ، وَزُهَيْرٌ، عَنْ سِمَاكُ بْنُ حَرْبٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ، " أَنَّ رَجُلًا نَحَرَ نَفْسَهُ بِمِشْقَصٍ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ النَّبِيُّ عليه السلام " وَإِذَا كَانَ لَمْ يُصَلِّ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لِمَا كَانَ مِنْهُ مِنْ قَتْلِ نَفْسِهِ كَانَ بِأَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ حَرَّمَهُ عَلَيْهِ صلى الله عليه وسلم وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَعَلَى نَفْسِهِ فَوْقَ ذَلِكَ أَحْرَى وَبِتَرْكِهِ إيَّاهُ عَلَيْهِ أَوْلَى ، وَقَدْ كَانَتْ سُنَّتُهُ فِيمَنْ كَانَ يَمُوتُ مِنْ أُمَّتِهِ فَيُدْعَى لِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ أَنْ يَعْتَبِرَ فِي أَمْرِهِ مِنْ أَحْوَالِهِ
81 -
مَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ، وَيُونُسُ بْنُ يَزِيدَ وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، وَلَمْ يَذْكُرِ ابْنَ أَبِي ذِئْبٍ، ثُمَّ اجْتَمَعَا جَمِيعًا فَقَالَا: عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ الْمَيِّتِ عَلَيْهِ الدَّيْنُ، فَيَسْأَلُ:" مَا تَرَكَ لِدَيْنِهِ مِنْ قَضَاءٍ؟ " فَإِنْ حُدِّثَ أَنَّهُ تَرَكَ وَفَاءً صَلَّى عَلَيْهِ، وَإِلَّا قَالَ:" صَلُّوا عَلَى صَاحِبِكُمْ " فَلَمَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ الْفُتُوحَ قَالَ: " أَنَا أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فَمَنْ تُوُفِّيَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَلَيَّ قَضَاؤُهُ وَمَنْ تَرَكَ مَالًا فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ "
⦗ص: 80⦘
قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِذَا كَانَ لَا يُصَلِّي عَلَى الْمَدِينِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ مِنَ الْمَوْتَى ; لِأَنَّهُمْ مَحْبُوسُونَ عَنِ الْجَنَّةِ بِدُيُونِهِمُ الَّتِي عَلَيْهِمْ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِمَّا
82 -
قَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، أَخْبَرَنَا مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ الْأَنْصَارِيِّ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إنْ قُتِلْتُ فِي سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ مُدْبِرٍ يُكَفِّرُ اللهُ عَنِّي خَطَايَايَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " نَعَمْ " فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ نَادَاهُ أَوْ أَمَرَ بِهِ فَنُودِيَ فَقَالَ: " كَيْفَ قُلْتَ؟ " وَأَعَادَ عَلَيْهِ الْقَوْلَ فَقَالَ: " نَعَمْ إلَّا الدَّيْنَ كَذَلِكَ قَالَ لِي جِبْرِيلُ عليه السلام "
83 -
وَمِمَّا قَدْ حَدَّثَنَاهُ الْمُزَنِيُّ، حَدَّثَنَا الشَّافِعِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ عليه السلام فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ إنْ ضَرَبْتُ بِسَيْفِي هَذَا فِي سَبِيلِ اللهِ صَابِرًا مُحْتَسِبًا مُقْبِلًا غَيْرَ
⦗ص: 81⦘
مُدْبِرٍ أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ فَقَالَ: " نَعَمْ " فَلَمَّا أَدْبَرَ قَالَ: " تَعَالَ هَذَا جِبْرِيلُ يَقُولُ: إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَيْكَ دَيْنٌ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَمَعْنَى قَوْلِهِ: أَتُكَفَّرُ عَنِّي خَطَايَايَ؟ أَيْ: أَدْخُلُ الْجَنَّةَ؟ فَأَجَابَهُ بِمَا أَجَابَهُ بِهِ فِي ذَلِكَ كَانَ بِأَنْ لَا يُصَلِّيَ عَلَى مَنْ هُوَ مَحْبُوسٌ عَنِ الْجَنَّةِ بِمَا هُوَ أَغْلَظُ مِنَ الدَّيْنِ أَحْرَى