المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الكلام على النوع: السابع: المؤول، والثامن: المفهوم، والتاسع والعاشر: المطلق والمقيد، والحادي عشر والثاني عشر: الناسخ والمنسوخ، والثالث عشر والرابع عشر: المعمول به مدة معينة، وما عمل به واحد، والفصل والوصل، ومن أنواع هذا العلم: الأسماء، والمبهمات - شرح مقدمة التفسير (من النقاية) للسيوطي - جـ ٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌الكلام على النوع: السابع: المؤول، والثامن: المفهوم، والتاسع والعاشر: المطلق والمقيد، والحادي عشر والثاني عشر: الناسخ والمنسوخ، والثالث عشر والرابع عشر: المعمول به مدة معينة، وما عمل به واحد، والفصل والوصل، ومن أنواع هذا العلم: الأسماء، والمبهمات

‌مقدمة التفسير للسيوطي (4)

‌الكلام على النوع: السابع: المؤول، والثامن: المفهوم، والتاسع والعاشر: المطلق والمقيد، والحادي عشر والثاني عشر: الناسخ والمنسوخ، والثالث عشر والرابع عشر: المعمول به مدة معينة، وما عمل به واحد، والفصل والوصل، ومن أنواع هذا العلم: الأسماء، والمبهمات

الشيخ/ عبد الكريم بن عبد الله الخضير

ويفرق المؤلف بينهما من وجه آخر أو من وجوه:

يقول: "الفرق بينهما: أن الأول حقيقة، والثاني مجاز"، إيش معنى حقيقة؟ يعني تناول اللفظ مطابق له في العام المخصوص، في العام المخصوص {وَالْعَصْرِ* إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} [(1 - 2) سورة العصر] الأصل {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ} جميع الناس، فلفظ استعمل فيما وضع له ليتناول جميع الناس، نعم لكن جاء التخصيص بالاستثناء {إِنَّ الْإِنسَانَ لَفِي خُسْرٍ* إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا} [(2 - 3) سورة العصر] فدخله المخصص بالاستثناء، فهو لفظ استعمل فيما وضع له بينما قوله: الناس في قوله: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ} [(173) سورة آل عمران] وفي {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [(173) سورة آل عمران] هل هذا اللفظ استعمل فيما وضع له أصلاً ليشمل جميع الناس؟ لا، لم يستعمل فيما وضع له، وهذه حقيقة المجاز عند من يقول به، والمؤلف يقول به.

ص: 1

"الثاني: قرينته عقلية"، بينما الأول قرينته لفظية، الأول قرينة لفظية والثاني قرينته عقلية، يعني ما جاء شيء يبين لنا أن الناس في قوله:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [(173) سورة آل عمران] شخص واحد، لكن الواقع يدل على هذا، والعقل يحيل أن يأتي جميع الناس ليقولوا للنبي عليه الصلاة والسلام:"إن الناس قد جمعوا لكم"، لكن ماذا عن التخصيص بالعقل؟ التخصيص بالعقل؟ هم يذكرون من المخصصات العقل، ما يحيله العقل لا يدخل في العموم، أو نقول: إن ما يخصصه العقل في العام الذي أريد به الخصوص؟ {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [(25) سورة الأحقاف] هل دمرت السماوات والأرض؟ ما دمرت السماوات والأرض، {وَأُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [(23) سورة النمل] هل أوتيت مثلما أوتي سليمان عليه السلام؟ لا، هل نقول: إن هذا من العام المخصوص؟ هم يذكرون هذا في المخصصات، أو هو في الأصل لم يدخل في مراد المتكلم فيكون من العام الذي أريد به الخصوص، يعني هل العقل مخصص؟

يذكر في كتب الأصول على أساس أنه مخصص، لكن إذا قلنا: إن المتكلم أراد دخول جميع الأفراد ثم أخرجها بالعقل نعم من العام المخصوص، وإذا قلنا: إن المتكلم لم يرد جميع الأفراد {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ} [(25) سورة الأحقاف] ما أراد السماوات والأرض، {أُوتِيَتْ مِن كُلِّ شَيْءٍ} [(23) سورة النمل] لم يرد نظير ما أوتيه سليمان عليه السلام، فهذا حينئذ يكون من العام الذي أريد به الخصوص، ويطرد قول المؤلف:"قرينته عقلية".

ص: 2

"ويجوز أن يراد به واحد بخلاف الأول"، يجوز أن يراد بالعام الذي أريد به الخصوص واحد، كما قالوا في قوله -جل وعلا-:{الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [(173) سورة آل عمران] واحد، لكن في العام المخصوص الذي يتناول جميع الأفراد المندرجة تحت اللفظ العام ثم خص منها وأخرج منها بالنص الخاص، جميع الأفراد عدا واحد، أو لا بد أن يبقى من الأفراد ما يمكن أن ينطبق عليه اللفظ وهو أقل الجمع؛ لأنه قال هنا:"ويجوز أن يراد به واحد"، يعني في العام الذي أريد به الخصوص هذا ظاهر، لكن الأول العام المخصوص هل يجوز أن يستثنى جميع الأفراد إلا واحد؟ أو لا بد أن يبقى الأكثر كما يقول بعضهم؟ أو أقل الجمع كما يقوله آخرون؟ وهل يمكن استثناء أكثر من النصف؟ نعم، لو قلت: عندي عشرة إلا تسعة، كلام صحيح وإلا ليس بصحيح؟ عند الفقهاء نعم، المسألة خلافية كثير منهم لا يجيز استثناء أكثر من النصف، إيش معنى هذا؟ عبث، فيستثنى القليل من الكثير، ونظير ما عندنا الآن يقول:"يجوز أن يراد به –يعني العام الذي أريد به الخصوص– واحد" ومثاله ظاهر، العام المخصوص يقول: لا يجوز أن يستثنى منه الجميع إلا واحد، بل لا بد أن يبقى أقل ما يصدق عليه اللفظ وهو أقل الجمع.

"الرابع -المبحث الرابع- ما خص بالسنة وهو جائز وواقع كثيراً، متواترها وآحادها"، ما خص بالسنة وهو جائز وواقع، وسواءً متواترها وآحادها، يستوي في ذلك متواترها وآحادها، بمعنى أن الكتاب يخص بالسنة، بالمتواتر القطعي وبالآحاد الظني، فيخص القطعي الذي هو القرآن بالمتواتر من السنة وبالظني منها.

ص: 3

النسخ: نسخ الكتاب بالسنة الجمهور لا يجيزونه، نسخ الكتاب بالسنة لا يجيزه الجمهور لماذا؟ لأن الأضعف عندهم لا ينسخ الأقوى، وأجازه أهل التحقيق من أهل العلم؛ لأنه كله وحي، نعم، هنا يريد أن يبين أن النسخ يختلف عن التخصيص، لماذا؟ لأن النسخ رفع كلي للحكم، رفع للحكم بالكلية، التخصيص رفع جزئي، التخصيص رفع جزئي كالتقييد، بينما النسخ رفع كلي، إلغاء، رفع للحكم بالكلية، يعني كأن الحكم المنسوخ ما نزل، ولا يمكن أن يقاوم هذا النص على قول الأكثر إلا بنص يكون في مستواه، هذا رفع جزئي وليس برفع كلي يتسامح فيه ما لا يتسامح في الرفع الكلي، ولذا قالوا: تخص، يخص القرآن بالسنة بمتواترها وآحادها، بمتواترها وآحادها، وعرفنا الفرق بين النسخ والتخصيص، ويتسامح في التخصيص، بل خصصوا بما هو أضعف من ذلك، بما هو أضعف من ذلك، تحريم الميتة {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ} [(3) سورة المائدة] يشمل .. ، عام يشمل جميع أفراد الميتة، خص منه بالسنة:((أحلت لنا ميتتان ودمان)).

ص: 4

العكس، الخامس: ما خص أو ما خص منه السنة، القرآن يخصص السنة، يقول:"وهو عزيز" يعني نادر، أن يوجد اللفظ العام بالسنة والمخصص بالقرآن، بخلاف العكس، العكس كثير، العام بالسنة والخاص بالقرآن، ثم بعد ذلك جاء بالحصر، ولا يسلم له الحصر، لا يسلم له حصره، قال:"ولم يوجد إلا قوله تعالى: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ} [(29) سورة التوبة] " هذا لفظ خاص من الكتاب يخص به عموم قوله عليه الصلاة والسلام: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا: لا إله إلا الله)) الغاية: قول لا إله إلا الله، بمعنى أنه جميع الناس لا بد أن يقولوا لا إله إلا الله وإلا فيقاتلوا، خص من ذلك من يؤدي الجزية، فالنص العام بالسنة والخاص بالكتاب، {وَمِنْ أَصْوَافِهَا} [(80) سورة النحل] ما قطع من الميتة .. ، ما قطع من الحية أو من البهيمة فهو ميت، ما أبين من حي فهو ميت، وما قطع من الميتة .. ، من البهيمة فهو ميت، هذا الحديث وإن كان عاد فيه كلام لأهل العلم لكن يبقى أنه مثال يشمل جميع ما يقطع وما يبان من الحيوان الحي، فيكون حكمه حينئذ حكم الميتة، يستثنى من ذلك الصوف، الظفر، القرن، الأشياء التي لا تحلها الحياة، ولذا يختلف أهل العلم هل الشعر والظفر في حكم المتصل أو في حكم المنفصل؟ في حكم المتصل أو في حكم المنفصل؟ المسالة خلافية بين أهل العلم من أرادها يراجع قواعد ابن رجب.

إذا جز الصوف أو الشعر من البهيمة وهي حية هل نقول: إنه في حكم الميت؟ هل نقول: نجس؟ أو نقول: هذا مخصص {وَمِنْ أَصْوَافِهَا} ؟ {مِنْ أَصْوَافِهَا} هو لفظ خاص بالأصواف، وإن كان له جهة عموم؛ لأنه جمع مضاف يشمل جميع الأصواف، يعني ما قطع منها ما جز منها وهي حية وما جز منها بعد السلخ، وما جز منها بعد موتها، يشمل جميع ذلك، ففيه جهة عموم "وما أبين من حي فهو ميت" هذا أيضاً فيه جهة عموم، ولو قلنا: إنه من العموم والخصوص الوجهي ما بعد، وتفصيل مثل هذه الأمثلة يطول.

ص: 5

{الْعَامِلِينَ عَلَيْهَا} [(60) سورة التوبة] هذا خاص بالعاملين، يشمل جميع من يعمل على الصدقة، سواءً كان غنياً أو فقيراً، فهو مخصص لحديث:((لا تحل الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب)) فالغني إذا كان الوصف المدخل له في أهل الزكاة العمل فيها جاء النص الخاص بالكتاب مخرج له من عموم الحديث.

{حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} [(238) سورة البقرة] مع قوله عليه الصلاة والسلام: ((لا صلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس)) عموم الحديث الثاني يشمل صلاة الفجر، لكن {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} مخرج لصلوات الفرض، فـ {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} خاص على حد زعم المؤلف، وإن كان لا يسلم من نقاش، و ((لا صلاة بعد العصر)) عام عنده، و ((لا صلاة بعد الصبح)) عام، و"ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا" هذا عام يشمل جميع الصلوات، يخصص بالفرائض كما هنا {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} لكن من جهة أخرى {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ} بعمومه يتناول الفرض والنفل.

ص: 6