الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأظهر من المعنيين، الشجاع؛ لأن هذه أخص أوصاف الأسد، أضعف الاحتمالات الأبخر، فأنت أحياناً الأصل أن تستعمل هذا اللفظ فيما هو في أظهر معانيه، في أظهر معانيه هذا الأصل، وأرجح معانيه، لكن قد تضطر إلى أن تعمل بالمرجوح لدليل يقتضي ذلك، لدليل يقتضي ذلك.
الشارح الذي هو نفس المؤلف –السيوطي- مثل بقوله -جل وعلا-: {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} [(47) سورة الذاريات]{وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ} وقال: الأيدي القوة؛ لأنه يستحيل حمله على ظاهره من اليد الجارحة، مستحيل، التنزيه يقتضي ذلك، وهذا على مذهبه، الذي جرى عليه وهو مذهب الأشعرية، فأنت محتاج إلى أن تصرف اللفظ عن ظاهره إلى الاحتمال المرجوح لدليل يقتضي ذلك وهو التنزيه، ومن هنا أوتي المبتدعة، من هنا دخل الخلل عليهم، اعتقاد التشبيه في الإثبات، اعتقاد التشبيه في الإثبات، {لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [(75) سورة ص] هل يمكن تأويل مثل هذا النص؟ المثنى نص ما يحتمل، هل يستطيع أن يقول قائل: بقوتي أو بنعمتي؟ ما يمكن، نعم، ما يمكن؛ لأن التثنية نص في الموضوع، لا يمكن تأويلها، فهم يفرون من إثبات ما أثبته الله سبحانه وتعالى لنفسه دفعاً أو طلباً للتنزيه بناءً على حد زعمهم أن الإثبات يقتضي التشبيه، وإذا قلنا: إذا أثبتنا ما أثبته الله -جل وعلا- لنفسه وأثبته له رسوله عليه الصلاة والسلام على ما يليق بجلاله وعظتمه، إيش المانع من ذلك؟ نقول: له يد تليق بجلاله، له يد تليق بجلاله، له عين تليق بجلاله، له سمع، له بصر، له .. ، المقصود أن المبتدعة دخل عليهم الخلل من هذا الباب، ولذا التأويل مذموم عند أهل العلم، مذموم عند أهل العلم إلا إذا دل الدليل على إرادته.
المعول في فهم النصوص على فهم السلف، نعم، قد يقول قائل: لماذا لا تؤولون اليد بالقوة مثلما أولتم المعية بالعلم؟ لماذا لا تقولون هذا؟ نقول: الذي أوَّل المعية بالعلم هم السلف، ونحن ملزمون بفهمهم، فالذي يتفق عليه السلف لا مندوحة لنا عنه، أما ما يختلف فيه السلف للمتأخر أن ينظر إذا كان له سلف من سلف هذه الأمة، أما ما يتفقون عليه فالمعول على اتفاقهم.
الثامن: المفهوم:
"الثامن: المفهوم: وهو يقابل المنطوق" هناك الخاص يقابل للعام، وهنا المفهوم يقابل المنطوق، والمراد بالمنطوق دلالة اللفظ في محل النطق، والمفهوم: دلالة اللفظ لا في محل النطق، المفهوم، اللفظ يستدل منه من وجوه، قد يستنبط الحكم من لفظه، وقد يستنبط الحكم من مفهومه، فمثلاً ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) منطوقه: أن الماء إذا بلغ هذا المقدار لا ينجس بملاقاة النجاسة، هذا منطوقه، مفهومه: أنه إذا لم يبلغ هذا المقدار نعم، مفهومه: أنه إذا لم يبلغ هذا المقدار فإنه يحمل الخبث، هذا مفهوم إيش؟ مخالفة وإلا موافقة؟ الآن عندنا الماء إذا بلغ هذا المقدار وهو القلتين لم يحمل الخبث، مفهومه أنه إذا لما يبلغ هذا المقدار فإنه يحمل الخبث، له مفهوم آخر أنه إذا بلغ ثلاث قلال، أو أربع قلال لم يحمل الخبث، فعندنا هنا منطوق وهو أن الماء إذا بلغ هذا القدر القلتين لم يحمل الخبث، عندنا أكثر من مفهوم، المفهوم الأول: أنه إذا بلغ ثلاث قلال لم يحمل الخبث، نعم، هذا مفهوم إيش؟ موافقة، المفهوم الثاني: مفهوم المخالفة وهو أنه إذا لم يبلغ هذا القدر فإنه يحمل الخبث.
الفرق بين المفهومين: مفهوم الموافقة يوافق المنطوق في الحكم، مفهوم الموافقة يوافق المنطوق في الحكم، فالحكم لم يحمل الخبث إذا بلغ المقدار لم يحمل الخبث إذا زاد على هذا المقدار فهو مفهوم، كله لم يحمل، نعم، إذاً مفهوم موافقة، مفهوم المخالفة يحمل، اختلف مع المنطوق في الحكم.
نأتي إلى المثال الذي هو من أوضح الأمثلة، {فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} [(23) سورة الإسراء]{فَلَا تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ} هل له مفهوم مخالفة؟ هل له مفهوم مخالفة؟ نعم؛ لأن هذا أقل ما يتصور من الإساءة لهما، أقل ما يتصور، ولو كان هناك شيء أقل من أف يعني كلام لا يسمع منه إلا الهواء، يخرج من بين الشفتين، وهذا حرام، هل له مفهوم موافقة؟ له مفهوم موافقة، لا تقل لهما كلام أشد من هذا، نعم، إذا نهيت عن قول (أف) ألا تنهى من باب أولى عن قول (لا)، ألا تنهى من باب أولى عن السب والشتم، ألا تنهى من باب أولى عن الضرب، نعم، بلى، هذا كله مفهوم موافقة.
ويلزم الظاهرية من باب الإلزام الذين لا يقولون بالمفهوم، وهذا المفهوم يسمونه قياس إيش؟ قياس الأولى، قياس الأولى وبعضهم يقول: قياس جلي.
قياس الأولى، الذين لا يقولون بالقياس، يقولون: الأُف حرام، والضرب إيش؟ الذين لا يقولون بالقياس، لا يثبتون القياس.
طالب:. . . . . . . . .
يقولون: ما في شيء.
طالب: يقولون: لا يؤخذ النهي عنه من هذه الآية.
من أين يؤخذ؟ من أي شيء يؤخذ؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه مفهوم هذا، يبقى أن أخذه منها مفهوم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هم يُلزمون بهذا، يلزمون بهذا القول، يلزمهم، يرد على أصولهم بلا شك.
"مفهوم موافقة يوافق المنطوق في الحكم" وعرفنا مثاله، "ومخالفة يخالف المنطوق في الحكم"، وله أقسام مفهوم المخالفة:
منه مفهوم الصفة، مفهوم الصفة {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] التبين والتثبت في الخبر معلق بوصف، إذا انتفى هذا الوصف، انتفى التبين والتثبت، نعم، {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ} مفهومه أنه إن جاءنا عدل نعم أننا لا نتبين نقبل خبر العدل، وهذا المفهوم يوافقه منطوق نصوص أخرى، {وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ} [(2) سورة الطلاق].
مفهوم شرط: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَاّ تَعْدِلُواْ فَوَاحِدَةً} [(3) سورة النساء]، مفهومه أنكم إن تأكدتم من القدرة على العدل فانكحوا ما طاب لكم من النساء، هذا مفهوم الشرط، فيكون الجواز مرتبط بالشرط بتحقق الشرط، فإذا خفتم بمعنى أنه غلب على الظن أنكم لن تتمكنوا من العدل، نعم، والمسألة مسألة غلبة ظن وليس المراد اليقين، يعني ما نقول: إنه لا يعدد إلا من تيقن أنه سيعدل مع قوله -جل وعلا-: {وَلَن تَسْتَطِيعُواْ أَن تَعْدِلُواْ بَيْنَ النِّسَاء وَلَوْ حَرَصْتُمْ} [(129) سورة النساء]، المسألة مسألة غلبة ظن.
وغاية: غاية، مفهوم الغاية، {أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ} [(187) سورة البقرة]، غاية الصيام إلى الليل، مفهومه أنه بعد حلول هذا الوقت بغروب الشمس لا صيام، إلى الليل يعني في الليل لا صيام هذا المفهوم، وجاء في الحديث:((إذا أقبل الليل من ها هنا، وأدبر من ها هنا فقد أفطر الصائم)) خلاص، الليل ليس محل للصيام؛ لأن الحكم معلق بغاية، معلق بغاية، هناك أحكام معلقة بغاية مرتبطة بآخر الزمان، نعم، فمثلاً قبول التوبة معلق بغاية قبول الجزية معلقة بغاية، لكن هذه الغاية في آخر الزمان.
عدد: كثيراً ما تسمعون: "العدد لا مفهوم له"، العدد لا مفهوم له، لكن العدد له مفهوم هذا الأصل، لكن يقول أهل العلم .. ، كثيراً ما يقولون: إن العدد لا مفهوم له يعني فيما يتحدثون عنه؛ لأن مفهومه معارض بمنطوق، يعني {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً} [(4) سورة النور]، {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ} [(2) سورة النور]، أليس لهذا مفهوم؟ أن العدد مطلوب بالدقة مائة، مفهومه أنه لا يزاد عن المائة ولا ينقص من المائة، لكن قد يلغى مفهوم العدد كما يلغى مفهوم غير العدد {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} [(80) سورة التوبة]، {إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ} هل معنى هذا أنك لو استغفرت واحد وسبعين مرة يغفر لهم؟
طالب: لا.
لماذا؟ لأن هذا المفهوم معارض بمنطوق، وإلا فالأصل أن المفهوم معتبر، لكن إذا عورض المفهوم العدد بمنطوق لا يعتبر، كما أنه إذا عورض غيره من المفهومات بمنطوق المنطوق مقدم على المفهوم، يعني {لَا تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} [(130) سورة آل عمران]، {رَبَائِبُكُمُ اللَاّتِي فِي حُجُورِكُم} [(23) سورة النساء]، هل المفهوم مراد؟ نعم، ليس بمراد، لماذا؟ {لَا تَأْكُلُواْ الرِّبَا أَضْعَافًا مُّضَاعَفَةً} لأن جاء النهي عن الربا بدون أضعاف، من غير اقتران بأضعاف، فهذا المفهوم معارض بمنطوقات.