المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الحادي عشر والثاني عشر: الناسخ والمنسوخ: - شرح مقدمة التفسير (من النقاية) للسيوطي - جـ ٤

[عبد الكريم الخضير]

الفصل: ‌الحادي عشر والثاني عشر: الناسخ والمنسوخ:

الصورة الثالثة: الاتفاق في الحكم دون السبب: ومثل به المؤلف كفارة القتل وكفارة الظهار، جاءت الرقبة مطلقة في كفارة الظهار، وجاءت مقيدة في كفارة القتل، بكونها مؤمنة، اتفقا في الحكم واختلفا في السبب، الحكم وجوب العتق، والسبب هذا قتل وهذا ظهار اختلف، فيحمل المطلق على المقيد عند الأكثر، فالرقبة المراد عتقها في جميع الكفارات لا بد أن تكون مؤمنة للاتفاق في الحكم مع كفارة القتل.

العكس إذا اختلفا في الحكم واتفقا في السبب كاليد في آية الوضوء واليد في آية؟

طالب: السرقة.

لا السرقة انتهينا منها، التيمم، اليد في آية الوضوء مقيدة، واليد في آية التيمم مطلقة، وحينئذ لا يحمل المطلق على المقيد عند الأكثر خلافاً للشافعية.

‌الحادي عشر والثاني عشر: الناسخ والمنسوخ:

"الحادي عشر والثاني عشر" هناك مسائل شائكة فيها إشكالات كثيرة في هذه المباحث الوقت لا يستوعب في شرحها، وإحنا التزمنا أن نكمل الكتاب، وإلا هي مسائل مهمة ونافعة وبسطها يحتاجه طالب العلم، لكن على أن نفي بما التزمنا به.

"الحادي عشر والثاني عشر: الناسخ والمنسوخ، كل منسوخ فناسخه بعده إلا آية العدة" الناسخ والمنسوخ، الناسخ اسم الفاعل والمنسوخ اسم المفعول من النسخ، والنسخ رفع الحكم الشرعي الثابت بدليل شرعي، بحكم شرعي آخر ثابت بنص، متراخٍ عن الأول، فالنسخ رفع للحكم بالكلية بنص، فالنسخ من خواص النصوص، التخصيص لا يختص بالنصوص، النسخ يختص بالنصوص.

"وكل منسوخ فناسخه بعده" يعني في ترتيب المصحف وإلا في النزول نحتاج إلى هذا الكلام؟ ما نحتاج إلى هذا الكلام؛ لأنه من شرط الناسخ أن يكون متأخراً عن المنسوخ، لكن كلامه منصب على الترتيب في المصحف، "كل منسوخ فناسخه بعده إلا آية العدة"{وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ} [(240) سورة البقرة]، هذه الآية نسختها آية:{يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [(234) سورة البقرة]، وهي قبلها في ترتيب المصحف، كانت العدة حول كامل ثم نسخت بأربعة أشهر وعشر، هذه عدة المتوفى عنها.

ص: 14

"والنسخ يكون للحكم والتلاوة" للحكم والتلاوة يعني آية تتلى، تنزل على النبي عليه الصلاة والسلام فيتلوها ويتلوها الصحابة، ويعرف أنها من القرآن ثم بعد ذلك يرتفع حكمها وتلاوتها، مثل آية الرضاع، كان فيما أنزل الله تعالى:"عشر رضعات معلومات" فنسخن بخمس معلومات، هذه رفع حكمها وتلاوتها، "ولأحدهما" للتلاوة دون الحكم، للتلاوة فقط والحكم باقٍ كآية الرجم:"الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة"، هذه رفعت تلاوتها وأما حكمها فهو باقٍ ومجمع عليه، أعني رجم الزاني المحصن.

"وعكسه رفع الحكم دون التلاوة، وهو كثير" رفع الحكم دون التلاوة مع بقاء التلاوة كثير.

قد يقول قائل: ما الفائدة من النسخ، والله سبحانه وتعالى يعلم المصالح، وما سيؤول إليه الأمر؟ لماذا لا يقرر الحكم الأخير من البداية؟

نقول: الحكم المناسب في وقت نزول المنسوخ نعم هو ما يقرره النص المنسوخ، يعني يصلح هذا الحكم لهذا الظرف، لكن بعد وقت هذا الحكم لا يصلح لهذا الظرف، نعم، فمثلاً آية إقرار شرب الخمر مثلاً في بداية الأمر، والتساهل فيه ثم التدريج في نسخه، يعني في مثل قوله -جل وعلا-:{لَا تَقْرَبُواْ الصَّلَاةَ وَأَنتُمْ سُكَارَى} [(43) سورة النساء]، هذا نهي عن قربان الصلاة وقت السكر، لكن هذه الآية نسخت {فَاجْتَنِبُوهُ} [(90) سورة المائدة] فالمناسب في أول الأمر أن يؤتى بالتدريج، يكون النسخ تدريجي؛ لأنهم ألفوا هذا الداء، ألفوه ويصعب اجتثاثه منهم، نعم، لكن لما جاء الظرف المناسب منع بالكلية.

ص: 15