الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النوع الحادي عشر
إخباره صلى الله عليه وسلم عن الأشياء التي أراد بها تعليم بعض أمته.
3715 -
أَخبَرنا أَبُو يَعْلَى، حَدثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي بَكْرٍ الْمُقَدَّمِيُّ، حَدثنا يَحْيَى الْقَطَّانُ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الْحَكَمِ، عَنِ ابْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ:"إِنَّا لَا تَحِلُّ لَنَا الصَّدَقَةُ وَمَوْلَى الْقَوْمِ مِنْ أَنْفُسِهِمْ". [3293]
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَدْ أَمَرَ اللهُ تَعَالَى جِبْرِيلَ لَيْلَةَ الإِسْرَاءِ أَنْ يُعَلِّمَ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم مَا يَجِبُ أَنْ يَعْلَمَهُ كَمَا قَالَ: {عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى وَهُوَ بِالأُفُقِ الأَعْلَى} [النجم: 5 - 7] يُرِيدُ بِهِ جِبْرِيلَ عليه السلام. {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم: 8] يُرِيدُ بِهِ جِبْرِيلَ. {فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى} [النجم: 9] يُرِيدُ بِهِ جِبْرِيلَ. {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} [النجم: 10] بِجِبْرِيلَ. {مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى} [النجم: 11] يُرِيدُ بِهِ رَبَّهُ بِقَلْبِهِ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ الشَّرِيفِ، وَرَأَى جِبْرِيلَ فِي حُلَّةٍ مِنْ يَاقُوتٍ، قَدْ مَلأَ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، عَلَى مَا فِي خَبَرِ ابْنِ مَسْعُودٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ. [59]
ذِكْرُ تِعْدَادِ عَائِشَةَ قَوْلَ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ مِنْ أَعْظَمِ الْفِرْيَةِ
.
3733 -
أَخبَرنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ مَخْلَدٍ، حَدثنا أَبُو الرَّبِيعِ، حَدثنا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ رَبِّهِ بْنِ سَعِيدٍ، أَنَّ دَاوُدَ بْنَ أَبِي هِنْدٍ حَدَّثَهُ، عَنْ مَسْرُوقِ بْنِ الأَجْدَعِ، أَنَّهُ سَمِعَ عَائِشَةَ، تَقُولُ: أَعْظَمُ الْفِرْيَةِ عَلَى اللهِ مَنْ قَالَ: إِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم كَتَمَ شَيْئًا مِنَ الْوَحْيِ، وَإِنَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم يَعْلَمُ مَا فِي غَدٍ. قِيلَ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ، وَمَا رَآهُ؟ قَالَتْ: لَا، إِنَّمَا ذَلِكَ جِبْرِيلُ، رَآهُ مَرَّتَيْنِ فِي صُورَتِهِ: مَرَّةً مَلأَ الأُفُقَ، وَمَرَّةً سَادًّا أُفُقَ السَّمَاءِ.
قَالَ أَبُو حَاتِمٍ: قَدْ يَتَوَهَّمُ مَنْ لَمْ يُحْكِمْ صِنَاعَةَ الْحَدِيثِ أَنَّ هَذَيْنِ الْخَبَرَيْنِ مُتَضَادَّانِ، وَلَيْسَا كَذَلِكَ، إِذِ اللهُ جَلَّ وَعَلَا فَضَّلَ رَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الأَنْبِيَاءِ، حَتَّى كَانَ جِبْرِيلُ مِنْ رَبِّهِ أَدْنَى مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ، وَمُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم يُعَلِّمُهُ جِبْرِيلُ حِينَئِذٍ، فَرَآهُ صلى الله عليه وسلم بِقَلْبِهِ كَمَا شَاءَ.
وَخَبَرُ عَائِشَةَ وَتَأْوِيلُهَا أَنَّهُ لَا يُدْرِكُهُ، تُرِيدُ بِهِ فِي النَّوْمِ وَلَا فِي الْيَقَظَةِ، وَقَوْلُهُ:{لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ} [الأنعام: 103] فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ، يُرَى فِي الْقِيَامَةِ وَلَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ إِذَا رَأَتْهُ، لأَنَّ الإِدْرَاكَ هُوَ الإِحَاطَةُ، وَالرُّؤْيَةُ هِيَ النَّظَرُ، وَاللهُ يُرَى وَلَا يُدْرَكُ كُنْهُهُ، لأَنَّ الإِدْرَاكَ يَقَعُ عَلَى الْمَخْلُوقِينَ، وَالنَّظَرُ يَكُونُ مِنَ الْعَبْدِ لِرَبِّهِ، وَخَبَرُ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ، فَإِنَّمَا مَعْنَاهُ: لَا تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ فِي الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ، إِلَاّ مَنْ يَتَفَضَّلُ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادِهِ بِأَنْ يَجْعَلَهُ أَهْلاً لِذَلِكَ. وَاسْمُ "الدُّنْيَا" قَدْ يَقَعُ عَلَى الأَرَضِينَ وَالسَّمَاوَاتِ وَمَا بَيْنَهُمَا، لأَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ بِدَايَاتٌ خَلَقَهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا لِتُكْتَسَبَ فِيهَا الطَّاعَاتُ لِلآخِرَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ الْبِدَايَةِ، فَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَأَى رَبَّهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ "الدُّنْيَا"، لأَنَّهُ كَانَ مِنْهُ أَدْنَى مِنْ قَابِ قَوْسَيْنِ حَتَّى يَكُونَ خَبَرُ عَائِشَةَ أَنَّهُ لَمْ يَرَهُ صلى الله عليه وسلم فِي الدُّنْيَا، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخَبَرَيْنِ تَضَادٌّ أَوْ تَهَاتُرٌ. [60]