المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مقدمة … ملخص البحث عني علماء الحديث خلال القرون الثلاثة الأولى بتدوين التاريخ - التاريخ عند ابن أبي شيبة

[سليمان بن سليم الله الرحيلي]

الفصل: ‌ ‌مقدمة … ملخص البحث عني علماء الحديث خلال القرون الثلاثة الأولى بتدوين التاريخ

‌مقدمة

ملخص البحث

عني علماء الحديث خلال القرون الثلاثة الأولى بتدوين التاريخ وذكر مروياته، وعلى رأسهم أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (ت 235 هـ) صاحب المصنف، سواء من خلال أبوابه كالمغازي والجهاد والفضائل أم من خلال كتبه الأخرى كالتاريخ والجمل وصفين والفتوح التي وصلتنا مضمومة للمصنف عدا الفتوح فهو مفقود.

ويتناول هذا البحث التعريف – باختصار - بأهمية المصادر الحديثية في دراسة التاريخ ثم التعريف بالمصنف وملامح عصره وذكر مؤلفاته، ثم يفصّل في دراسة التاريخ ومعرفة منهجه وموارده فيه، وفروعه عنده، مثل المعارك والفتوح وتواريخ المدن والأقاليم وتراجم الأعلام وآداب الحرب ومعاملة أهل الذمة، مع مقارنة بالمصادر التاريخية المبكرة ما أمكن، والإشارة إلى بعض ما انفرد به أو حفظه من الروايات التاريخية التي فقدت مصادرها أو انخرمت من الموجود منها.

والله ولي التوفيق.

ص: 560

مقدمة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه وسلم.

تمثل كتب المصنفات والصحاح والسنن مصدراً مهماً من مصادر التاريخ الإسلامي المبكر، فهي لا تخلو من ذكر فتح أو غزوة أو سرية أو وصف متوقف أو حادثة أو مكان أو قول خليفة أو قائد أو والٍ ترجمت له، فتزيد من التفصيل المذكور عنه في المصادر التاريخية أو تذكر صوره أخرى له موافقة فتدعمه أو فيها زيادة فتجليه أو مغايرة فتعيد النظر في دراسته والموقف منه، ولذلك فإن عدم الرجوع إليها في الموضوعات التاريخية المشتملة عليها يعد قصوراً منهجيا في عدم استيفاء مادتها، ويبقى نتائج دراستها ناقصة. وإذا كانت كتب الصحاح عنيت أخيراً باهتمام المؤرخين والرجوع إليها، ودراسة منهجها في إيراد الحوادث التاريخية، فإن كثيراً من المصادر الحديثية الأخرى مازالت تحتاج إلى الاهتمام نفسه من قبل المؤرخين المحدَثين، فهي مظان كبيرة لجوانب عديدة من الأحداث التاريخية المختلفة.

إن غياب المصدر الحديثي في الدراسات التاريخية الحديثة يعد قصوراً منهجياً لا مبرر له، وقد آن الأوان لردم ما اتسع من الفجوة وإعادة التلازم والتراحم الذي كان قائماً بين هذين العلمين في صدر الدولة الإسلامية.

وقد ورد أصل الحادثة وذكرها بإجمال عند أصحاب المصنفات وجاء ذكرها بالتفصيل عند المؤرخين وقد يعود ذلك إلى أن الأولين يشترطون علواً ودقة في الإِسناد أكثر من المؤرخين، وهو ما ظل يراعيه أصحاب الصحاح وتساهل فيه المؤرخون.

ص: 561

تم إن طبيعة الاختصاص اقتضت التفصيل عند المؤرخين واقتضت الإيجاز عند الآخرين.

وكان أبو بكر بن أبي شيبة (ت 235 هـ) علماً من أعلام المصنفين في الحديث، وشيخاً لِلإمامين البخاري ومسلم، وأحد رواة الصحيحين الثقاة سواء في المرويات التي أشير لها في البحث أو غيرها. وقد روىَ عنه البخاري في عدة مواضع ولا سيما في كتاب المغازي.

ولكن قليلاً من أهل الاختصاص في التاريخ بل كثير من القراء يعرفونه مؤرخاً ومن ثم كانت مؤلفاته التاريخية المبكرة والثقة في مؤلفها وقيمة المنهج الذي اتبعه منها مصدراً مهماً لبعض المصادر التاريخية المشهورة كالبلاذري والطبري والخطيب البغدادي.

وإذا كان بعضهم سبق ابن أبي شيبة بذكر روايات تلك الحوادث أو أنها جاءت في مصادر أخرى فإن سبقه بها الكثيرين أيضاً، والثقة فيه تحتم الإفادة الكبيرة من مروياته فيها.

ولذا فإن عرض كثير من المرويات والأخبار الواردة في المصادر الأخرى على ما أورد ابن أبي شيبة، كل في موضوعه ومقارنتها سيثري الدراسة التاريخية في مجالاتها لا من حيث القيمة المصدرية لمادتها فحسب وإنما من حيث المضمون والنتائج لها.

وعند مقارنة أهميتها التاريخية نجد أن حجم مادة الغزوات عنده يوازي تقريباً ما ورد عنها عند ابن سعد على الرغم من أن هناك غزوات لم يرو فيها ابن أبي شيبة شيئاً.

فإذا أدركنا اختلافه في طرق الإِسناد والمتن في كثير من المواضيع التاريخية عنِ الآخرين ولا سيما المؤرخين فإن ذلك يثرى البحث فيها، ويتيح مجالا واسعاً للمقارنة بينهما.

ص: 562