المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ذكر شجرة طوبى لقوله تعالى {طوبى لهم وحسن مآب} [ - صفة الجنة لأبي نعيم الأصبهاني - جـ ٢

[أبو نعيم الأصبهاني]

فهرس الكتاب

- ‌ذِكْرُ تُرْبَةِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ عَدَدِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ

- ‌صِفَةُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ مَسَافَةِ مَا بَيْنَ الْمِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ وَسَعَتِهَا

- ‌ذِكْرُ الْيَوْمِ الَّذِي يُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ حَلَقِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ حَجَبَةِ الْجَنَّةِ وَخُزَّانِهَا

- ‌ذِكْرُ مِفْتَاحِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ رِيحِ الْجَنَّةِ

- ‌صِفَةُ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ أَسَامِي الْجَنَّةِ

- ‌صِفَةُ نَعِيمِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَدُورِهَا

- ‌بَابُ صِفَةِ أَرْضِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ نَهَارِ الْجَنَّةِ وَنُورِهَا

- ‌ذِكْرُ سُرُجِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ رَفْعِ النَّوْمِ عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ بُكَرِ الْجَنَّةِ وَعَشِيِّهَا

- ‌ذِكْرُ عَدَدِ دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ

- ‌صِفَةُ دَرَجِ الْجَنَّةِ

- ‌صِفَةُ حِيطَانِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ عَدَدِ صُفُوفِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ مَا أُعْطِيَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنَ الصُّورَةِ الْحَسَنَةِ الْفَاضِلَةِ وَتَمَامِ الْخِلْقَةِ وَالْجُثَّةِ الْكَامِلَةِ

- ‌ذِكْرُ أَسْنَانِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَمِيلَادِهِمْ وَقَامَتِهِمْ

- ‌صِفَةُ رِجَالِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌صِفَةُ أَسَاوِيرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌صِفَةُ كَلَامِ أَهْلِ الْجَنَّةِ

- ‌ذِكْرُ إِسْمَاعِ الرَّبِّ تَعَالَى كَلَامَ الْقُرْآنِ أَهْلَ الْجَنَّةِ وَاسْتِمَاعِهِمْ مِنْهُ تَعَالَى

- ‌ذِكْرُ قِرَاءَةِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْقُرْآنَ

- ‌ذِكْرُ قَوْلِ سُكَّانِ الْجَنَّةِ عِنْدَ اسْتِقْرَارِهِمْ فِيهَا

- ‌ذَكِرُ مَا أَخْبَرَ مِنْ أَنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفْسَ

- ‌ذِكْرُ سُرُورِهِ بِتَعْجِيلِ شَهْوَتِهِ إِذَا اشْتَهَى فِي الْجَنَّةِ شَهْوَةً

- ‌ذِكْرُ مَا يُسْتَقْبَلُونَ بِهِ مِنَ الْكَرَامَاتِ عِنْدَ مَصِيرِهِمْ إِلَى الْجَنَّةِ وَدُخُولِهَا

- ‌ذِكْرُ غَايَةِ أَمَانِيِّ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَشَهْوَتِهِمْ

- ‌ذِكْرُ مَا يُعْطَوْنَ مِنْ شِدَّةِ السُّرُورِ وَغَايَةِ الْفَرَحِ عِنْدَ دُخُولِهَا

- ‌ذِكْرُ مَعْرِفَتِهِمْ مَنَازِلَهُمْ فِي الْجَنَّةِ وَتَهَدِّيهِمْ إِلَيْهَا

- ‌ذِكْرُ مَا يُنَادَوْنَ بِهِ حِينَ دُخُولِهَا مِنَ الْبِشَارَةِ الْعَظِيمَةِ وَالْمَوَاهِبِ السَّنِيَّةِ

- ‌ذِكْرُ تَطْهِيرِهِمْ بِانْتِزَاعِ الْغِلِّ مِنْ صُدُورِهِمْ ، وَانْسِلَالِ السَّخَائِمِ مِنْ قُلُوبِهِمْ

- ‌ذِكْرُ مُقَارَنَةِ الصَّالِحِينَ بِأَشْكَالِهِمْ مِنَ الصَّالِحِينَ فِي الْجَنَّةِ وَإِلْحَاقِ الْمُوَحِّدِينَ مِنْ ذَرَارِيِّهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ بِهِمْ

- ‌ذِكْرُ مَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ وَالْأَنْهَارِ

- ‌صِفَةُ جَرْيِ أَنْهَارِهَا وَأَنَّهَا سَابِحَةٌ تَجْرِي فِي غَيْرِ أُخْدُودٍ

- ‌ذِكْرُ نَهْرٍ مِنَ الْأَنْهَارِ يُنْبِتُ الْجَوَارِي الْأَبْكَارَ

- ‌ذِكْرُ مَا أُعْطِيَ أَهْلُ الْجَنَّةِ مِنَ الْقُوَّةِ عَلَى الْأَكْلِ وَالشَّهْوَةِ لَهُ

- ‌ذِكْرُ أَصْنَافِ لُحُومِ الطَّيْرِ وَأَنْوَاعِ اللُّحْمَانِ لِقَوْلِهِ جَلَّ وَعَلَا {وَلَحْمِ طَيْرٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [

- ‌ذِكْرُ ثِمَارِ الْجَنَّةِ وَتَشَابُهِ أَلْوَانِهَا وَأَجْنَاسِهَا وَاخْتِلَافِ طُعُومِهَا وَلَذَاذَتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {كُلَّمَا رُزِقُوا مِنْهَا مِنْ ثَمَرَةٍ رِزْقًا} [

- ‌ذِكْرُ نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ وَأَنَّهُنَّ يَعُدْنَ أَبْكَارًا، لِقَوْلِهِ عز وجل {إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا} [

- ‌ذِكْرُ مَضَارِبِ أَهْلِهَا وَخِيَمِهِمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ} [

- ‌ذِكْرُ الْغِرَاسِ وَالزِّرَاعَةِ لِقَوْلِهِ {وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ} [

- ‌ذِكْرُ أَشْجَارِهَا وَبَسَاتِينِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ، وَظِلٍّ مَمْدُودٍ} [

- ‌ذِكْرُ شَجَرَةِ طُوبَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {طُوبَى لَهُمْ وَحَسَنُ مَآبٍ} [

- ‌ذِكْرُ قُصُورِهَا وَمَسَاكِنِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً} [

- ‌ذِكْرُ أَسْوَاقِهَا {فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [

- ‌ذِكْرُ تَزَاوُرِ أَهْلِهَا بَعْضِهِمْ بَعْضًا

- ‌ذِكْرُ مَطَايَا أَهْلِهَا وَمَرْكِبِهِمْ وَخُيُولِهِمْ لِقَوْلِهِ {وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [

- ‌ذِكْرُ حُبُورِ أَهْلِهَا وَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى الْغِنَاءِ وَالطَّرَبِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {فَهُمْ فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ} [

- ‌ذِكْرُ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى

- ‌ذِكْرُ الْفِرْدَوْسِ وَأَنْهَارِ أَعْلَى الْجَنَّةِ وَأَوْسَطِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ} [

- ‌ذِكْرُ خُزَّانِهَا وَقَهَارِمَةِ سُكَّانِهَا

- ‌صِفَةُ الْجَنَّاتِ وَفَضْلُ دَرَجَاتِهَا، وَذِكْرُ مَا يُعْطِي اللَّهُ تَعَالَى آخِرَ مَنْ يَدْخُلُهَا مِنَ النَّعِيمِ وَالْحُبُورِ

- ‌ذِكْرُ أَسَفَلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلًا وَمَقَامًا

الفصل: ‌ذكر شجرة طوبى لقوله تعالى {طوبى لهم وحسن مآب} [

‌ذِكْرُ شَجَرَةِ طُوبَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى {طُوبَى لَهُمْ وَحَسَنُ مَآبٍ} [

الرعد: 29]

ص: 241

409 -

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ الطَّلْحِيُّ، ثنا أَبُو حَسَنٍ الْوَادِعِيُّ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا يَعْقُوبُ الْقُمِّيُّ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي الْمُغِيرَةِ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ، قَالَ: " طُوبَى شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، كُلُّ شَجَرَةِ الْجَنَّةِ مِنْهَا، أَغْصَانُهَا مِنْ وَرَاءِ سُورِ الْجَنَّةِ

ص: 241

410 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عَلِيٍّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ قُتَيْبَةَ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ زَيْدٍ الْخَرَّازُ، ثنا ضَمْرَةُ، ثنا ابْنُ شَوْذَبٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي بَرَّةَ ، عَنْ مُجَاهِدٍ، فِي قَوْلِهِ {طُوبَى لَهُمْ} [الرعد: 29] قَالَ: " شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ، حِمْلُهَا أَمْثَالُ ثُدِيِّ النِّسَاءِ، فِيهِ حُلَلُ أَهْلِ الْجَنَّةِ

ص: 241

411 -

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ حُبَيْشٍ، ثنا إِبْرَاهِيمُ بْنُ شَرِيكٍ، ثنا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، ثنا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ، وَكَانَ مِنْ خِيَارِ النَّاسِ، قَالَ: حَدَّثَنِي إِدْرِيسُ بْنُ سِنَانٍ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: ثُمَّ لَقِيتُ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ابْنِ فَاطِمَةَ فَحَدَّثَنِي قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وآله وسلم: إِنَّ فِي الْجَنَّةِ شَجَرَةً يُقَالُ لَهَا طُوبَى، لَوْ سُخِّرَ الْجَوَادُ الرَّاكِبُ أَنْ يَسِيرَ فِي ظِلِّهَا لَسَارَ فِيهَا مِائَةَ عَامٍ، قَبْلَ أَنْ يَقْطَعَ وَرَقَهَا، وَبُسْرُهَا بُرُودٌ خُضْرٌ وَزَهْرُهَا رِيَاطٌ صُفْرٌ وَأَمْنَاؤُهَا سُنْدُسٌ وَإِسْتَبْرَقٌ، وَثَمَرُهَا حُلَلٌ أَحْمَرُ، وَصَمْغُهَا زَنْجَبِيلٌ وَعَسَلٌ، وَبَطْحَاؤُهَا يَاقُوتٌ أَحْمَرُ، وَزُمُرُّدٌ أَخْضَرُ، وَتُرَابُهَا مِسْكٌ وَعَنْبَرٌ، وَكَافُورٌ أَصْفَرُ، وَحَشِيشُهَا زَعْفَرَانٌ مُونِعٌ وَالْأَلَنْجُوجُ تَتَأَجَّجَانِ مِنْ غَيْرِ وَقُودٍ يَنْفَجِرُ مِنْ أَصْلِهَا أَنْهَارُ السَّلْسَبِيلِ، وَالْمَعِينُ وَالرَّحِيقُ، وَظِلُّهَا مَجْلِسٌ مِنْ مَجَالِسِ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَأْلَفُونَهُ،

⦗ص: 243⦘

وَمُتَحَدَّثٌ لِجَمْعِهِمْ، فَبَيْنَا هُمْ يَوْمًا يَتَحَدَّثُونَ فِي ظِلِّهَا إِذْ جَاءَتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ يَقُودُونَ نُجُبًا بُخْتًا جُبِلَتْ مِنَ الْيَاقُوتِ لَمْ يُنْفَخْ فِيهَا الرُّوحُ، مَزْمُومَةً بِسَلَاسِلَ مِنْ ذَهَبٍ، كَأَنَّ وُجُوهَهَا الْمَصَابِيحُ نَضَارَةً، وَحُسْنًا، وَوَبَرُهَا خَزٌّ وَمِرْعِزَّى أَبْيَضُ مُخْتَلِطَانِ حُسْنًا وَبَهَاءً، ذُلُلٌ مِنْ غَيْرِ مَهَانَةٍ، نُجُبٌ مِنْ غَيْرِ رِيَاضَةٍ عَلَيْهَا رِحَالُ أَلْوَاحِهَا مِنَ الدُّرِّ، وَالْيَاقُوتِ مُفَضَّضَةً بِاللُّؤْلُؤِ وَالْمَرْجَانِ صَفَائِحُهَا مِنَ الذَّهَبِ الْأَحْمَرِ مُلْبَسَةً بِالْعَبْقَرِيِّ، وَالْأُرْجُوَانِ، فَأَنَاخُوا لَهُمْ تِلْكَ

⦗ص: 244⦘

النَّجَائِبَ، ثُمَّ قَالُوا لَهُمْ: إِنَّ رَبَّكُمْ يُقْرِئُكُمُ السَّلَامَ، وَيَسْتَزِيرُكُمْ لِتَنْظُرُوا إِلَيْهِ، وَيَنْظُرَ إِلَيْكُمْ وَتُحَيُّونَهُ وَيُحَيِّيكُمْ وَيُكَلِّمُكُمْ وَتُكَلِّمُونَهُ، وَيَزِيدُكُمْ مِنْ سَعَتِهِ وَفَضْلِهِ إِنَّهُ ذُو رَحْمَةٍ وَاسِعَةٍ وَفَضْلٍ عَظِيمٍ، فَيَتَجَوَّلُ كُلُّ رَجُلٍ مِنْهُمْ عَلَى رَاحِلَتِهِ، ثُمَّ انْطَلَقُوا صَفًّا وَاحِدًا مُعْتَدِلًا لَا يَفُوتُ مِنْهُ شَيْءٌ شَيْئًا، وَلَا يَفُوتُ أُذُنَ النَّاقَةِ أُذُنُ صَاحِبَتِهَا، وَلَا بِرْكَةَ نَاقَتِهِ بِرْكَةُ صَاحِبَتِهَا، وَلَا يَمُرُّونَ بِشَجَرَةٍ مِنْ أَشْجَارِ الْجَنَّةِ إِلَّا أَتْحَفَتْهُمْ بِثَمَرَتِهَا، وَزَحَلَتْ لَهُمْ عَنْ طَرِيقِهِمْ، كَرَاهِيَةَ أَنْ يَنْثَلِمَ صَفُّهُمْ، وَيُفَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَرَفِيقِهِ، فَلَمَّا دُفِعُوا إِلَى الْجَبَّارِ تَعَالَى سَفَرَ لَهُمْ عَنْ وَجْهِهِ الْكَرِيمِ، وَتَجَلَّى لَهُمْ فِي عَظَمَتِهِ الْعَظِيمَةِ تَحِيَّتُهُمُ السَّلَامُ، قَالُوا: رَبَّنَا أَنْتَ السَّلَامُ وَمِنْكَ السَّلَامُ وَلَكَ حَقُّ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ: إِنِّي السَّلَامُ وَمِنِّي السَّلَامُ وَلِي حَقُّ الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، فَمَرْحَبًا بِعِبَادِيَ الَّذِينَ حَفِظُوا وَصِيَّتِي وَرَعَوْا عَهْدِي

⦗ص: 245⦘

وَخَافُونِي بِالْغَيْبِ، وَكَانُوا مِنِّي عَلَى كُلِّ حَالٍ مُشْفِقِينَ مُنْتَصِحِينَ، قَالُوا: أَمَا وَعِزَّتِكَ وَعَظَمَتِكَ وَجَلَالِكَ وَعُلُوِّ مَكَانِكَ مَا قَدَرْنَاكَ حَقَّ قَدْرِكَ وَمَا أَدَّيْنَا إِلَيْكَ كُلَّ حَقِّكَ، فَأْذَنْ لَنَا بِالسُّجُودِ لَكَ. فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تبارك وتعالى: إِنِّي قَدْ وَضَعْتُ عَنْكُمْ مُؤْنَةَ الْعِبَادَةِ، وَأَرَحْتُ لَكُمْ أَبْدَانَكُمْ فَطَالَمَا أَنْصَبْتُمْ لِيَ الْأَبْدَانَ، وَأَعْنَيْتُمْ لِيَ الْوُجُوهَ، فَالْآنَ أَفْضَيْتُمْ إِلَى رَوْحِي، وَرَحْمَتِي وَكَرَامَتِي، فَسَلُونِي مَا شِئْتُمْ وَتَمَنَّوْا عَلَيَّ أُعْطِكُمْ أَمَانِيَكُمْ، فَإِنِّي لَنْ أَجْزِيَكُمُ الْيَوْمَ بِقَدْرِ أَعْمَالِكُمْ، وَلَكِنْ بِقَدْرِ رَحْمَتِي وَكَرَامَتِي وَطَوْلِي وَجَلَالِي وَعُلُوِّ مَكَانِي وَعَظَمَةِ شَأْنِي، فَمَا يَزَالُونَ فِي الْأَمَانِيِّ وَالْعَطَايَا، وَالْمَوَاهِبِ حَتَّى إِنَّ الْمُقَصِّرَ مِنْهُمْ فِي أُمْنِيَّتِهِ لَيَتَمَنَّى مِثْلَ جَمِيعِ الدُّنْيَا مُنْذُ خَلَقَهَا

⦗ص: 246⦘

اللَّهُ عز وجل إِلَى يَوْمِ أَفْنَاهَا، فَقَالَ لَهُمْ رَبُّهُمْ تبارك وتعالى: لَقَدْ قَصَّرْتُمْ فِي أَمَانِيكُمْ، وَرَضِيتُمْ بِدُونِ مَا يَحِقُّ لَكُمْ، فَقَدْ أَوْجَبْتُ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَتَمَنَّيْتُمْ، وَأَلْحَقْتُ بِكُمْ ذُرِّيَّتَكُمْ، وَزِدْتُكُمْ مَا قَصُرَتْ عَنْهُ أَمَانِيكُمْ، وَانْظُرُوا إِلَى مَوَاهِبِ رَبِّكُمْ عز وجل الَّذِي وَهَبَ لَكُمْ، فَإِذَا بِقِبَابٍ فِي الرَّفِيعِ الْأَعْلَى، وَغُرَفٍ مَبْنِيَّةٍ مِنَ الدُّرِّ، وَالْمَرْجَانِ، أَبْوَابُهَا مِنْ ذَهَبٍ وَسُرُرُهَا مِنْ يَاقُوتٍ، وَفُرُشُهَا مِنْ سُنْدُسٍ، وَإِسْتَبْرَقٍ، وَمَنَابِرُهَا مِنْ نُورٍ يَثُورُ مِنْ أَبْوَابِهَا، وَعِرَاصُهَا نُورٌ شُعَاعُ الشَّمْسِ عِنْدَهُ مِثْلُ الْكَوْكَبِ الدُّرِّيِّ فِي النَّهَارِ الْمُضِيءِ، وَإِذَا بِقُصُورٍ شَامِخَةٍ فِي أَعْلَى عِلِّيِّينَ يُزْهِرُ نُورُهَا، فَلَوْلَا أَنَّهُ مُسَخَّرٌ لَالْتَمَعَ الْبَصَرُ، فَمَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الْقُصُورِ مِنَ الْيَاقُوتِ الْأَبْيَضِ فَهُوَ مَفْرُوشٌ مِنَ الْعَبْقَرِيِّ الْأَحْمَرِ، وَمَا كَانَ مِنْهَا مِنَ الْيَاقُوتِ الْأَصْفَرِ، فَهُوَ مَفْرُوشٌ بِالْأُرْجُوَانِ الْأَصْفَرِ، مُمَوَّهٌ بِالزُّمُرُّدِ الْأَخْضَرِ، وَالذَّهَبِ الْأَحْمَرِ، وَالْفِضَّةِ الْبَيْضَاءِ، قَوَاعِدُهَا وَأَرْكَانُهَا مِنَ الْجَوْهَرِ، وَشُرُفُهَا قِبَابٌ مِنَ اللُّؤْلُؤِ،

⦗ص: 247⦘

وَبُرُوجُهَا غُرَفٌ مِنَ الْمَرْجَانِ، فَلَمَّا أَبْصَرُوا إِلَى مَا أَعْطَاهُمْ رَبُّهُمْ تبارك وتعالى قُرِّبَتْ لَهُمْ بَرَاذِينُ مِنَ الْيَاقُوتِ الْأَبْيَضِ مَنْفُوخٌ فِيهَا الرُّوحُ يَجْنُبُهَا الْوِلْدَانُ الْمُخَلَّدُونَ بِيَدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَكَمَةُ بِرْذَوْنٍ، تِلْكَ الْبَرَاذِينُ وَلُجُمُهَا وَأَعِنَّتُهَا مِنْ فِضَّةٍ بَيْضَاءَ مَنْظُومَةٍ بِالدُّرِّ وَالْيَاقُوتِ، سُرُجُهَا مَوْضُونَةٌ مَفْرُوشَةٌ بِالسُّنْدُسِ، وَالْإِسْتَبْرَقِ فَانْطَلَقَتْ بِهِمْ تِلْكَ الْبَرَاذِينُ تَزُفُّ بِهِمْ وَتُنَظِّرُ بِهِمْ رِيَاضَ الْجَنَّةِ، فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَى مَنَازِلِهِمْ، وَجَدُوا الْمَلَائِكَةَ قُعُودًا عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ يَنْتَظِرُونَهُمْ لِيَزُورُوهُمْ وَيُصَافِحُوهُمْ، وَيُهَنِّئُوهُمْ بِكَرَامَةِ رَبِّهِمْ عز وجل،، فَلَمَّا دَخَلُوا قُصُورَهُمْ، وَجَدُوا فِيهَا جَمِيعَ مَا تَطَوَّلَ بِهِ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ عز وجل، مِمَّا سَأَلُوا وَتَمَنَّوْا وَإِذَا عَلَى بَابِ كُلِّ قَصْرٍ مِنْ تِلْكِ

⦗ص: 248⦘

الْقُصُورِ أَرْبَعُ جِنَانٍ ذَوَاتَا أَفْنَانٍ، وَجَنَّتَانِ مُدْهَامَّتَانِ فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ، وَفِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ، وَحُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ، فَلَمَّا تَبَوَّؤُوا مَنَازِلَهُمْ، وَاسْتَقَرَّ قَرَارُهُمْ قَالَ لَهُمْ تبارك وتعالى: هَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدْتُكُمْ حَقًّا؟ قَالُوا: نَعَمْ وَرَبِّنَا. قَالَ: هَلْ رَضِيتُمْ بِثَوَابِ رَبِّكُمْ عز وجل؟ قَالُوا: نَعَمْ رَبَّنَا رَضِينَا قَالَ: رِضَائِي أَحَلَّكُمْ دَارِي، وَنَظَرْتُمْ إِلَى وَجْهِي وَصَافَحْتُمْ مَلَائِكَتِي هَنِيئًا هَنِيئًا لَكُمْ عَطَائِي غَيْرَ مَجْذُوذٍ، لَيْسَ فِيهِ تَنْغِيصٌ، وَلَا تَصْدِيدٌ فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالُوا:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ، الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ} [فاطر: 35]

ص: 242

ذِكْرُ السُّرُرِ وَالْكِلَالِ وَالْأَرَائِكِ وَالْحِجَالِ قَوْلُهُ تَعَالَى {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15] وَقَوْلُهُ تَعَالَى {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} [الكهف: 31]

ص: 249

412 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو يُوسُفَ الْقَاضِي، ثنا حُصَيْنُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {عَلَى سُرُرٍ مَوْضُونَةٍ} [الواقعة: 15] قَالَ: " الْمَرْمُولَةُ بِالذَّهَبِ وَالْأَرَائِكُ: السُّرُرُ فِي الْحِجَالِ

ص: 249

(

) - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، ثنا أَبُو الْأَحْوَصِ، عَنْ حُصَيْنٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ فِي قَوْلِهِ {عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِئُونَ} قَالَ: " {الْأَرَائِكُ} [الكهف: 31] : السُّرُرُ عَلَيْهَا الْحِجَالُ. قَالَ: {الْمَوْضُونَةُ} الْمَرْمُولَةُ بِالذَّهَبِ

ص: 250

413 -

حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ، ثنا الْمِقْدَامُ بْنُ دَاوُدَ، ثنا أَسَدٌ، ثنا هُشَيْمٌ، ثنا أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، فِي قَوْلِهِ تَعَالَى عز وجل {مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ} [الرحمن: 76] قَالَ: " الرَّفْرَفُ: رِيَاضُ الْجَنَّةِ وَالْعَبْقَرِيُّ: الزَّرَابِيُّ

ص: 250