الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُقَدّمَة
…
صَلَاة التَّوْبَة وَالْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة بهَا
فِي الْفِقْه الإسلامي
تأليف
الدكتور عبد الله بن عبد الْعَزِيز الجبرين
الْأُسْتَاذ المشارك بكلية المعلمين بالرياض
بسم الله الرحمن الرحيم
تمهيد
إِن الْحَمد لله نحمده، ونستعينه وَنَسْتَغْفِرهُ، ونستهديه، ونعوذ بِاللَّه من شرور أَنْفُسنَا وَمن سيئات أَعمالنَا، من يهده الله فَلَا مضل لَهُ، وَمن يضلل فَلَا هادي لَهُ، وَأشْهد أَن لَا اله إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ، وَأشْهد أَن مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله.
أما بعد:
فإنّ من رَحْمَة الله تَعَالَى بِهَذِهِ الْأمة أَن فتح لَهَا بَاب التَّوْبَة، فَلَا تَنْقَطِع حَتَّى تبلغ الرّوح الْحُلْقُوم أَو ينزل الْعَذَاب أَو تطلع الشَّمْس من مغْرِبهَا4، وَلم يُوجب عَلَيْهَا سبحانه وتعالى لقبُول هَذِه التَّوْبَة مَا أوجبه على بعض من سبقها من الْأُمَم، فقد كَانَ من الآصار الَّتِي حملت على من قبلنَا اشْتِرَاط قتل النَّفس فِي
1 سُورَة آل عمرَان: 102.
2سُورَة النِّسَاء: 1.
3 سُورَة الْأَحْزَاب: (70، 71) .
4 سَيَأْتِي الْكَلَام على هَذِه الْمسَائِل بِشَيْء من التَّفْصِيل فِي المبحث الثَّانِي، وَسَيَأْتِي الْكَلَام على شُرُوط التَّوْبَة الْعَامَّة فِي المبحث الثَّالِث.
قبُول التَّوْبَة قَالَ الله تَعَالَى: {وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخَاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بَارِئِكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} 1.
وَمن رَحمته تَعَالَى بِهَذِهِ الْأمة كَذَلِك أَن شرع لَهُم عبَادَة من أفضل الْعِبَادَات، يتوسل بهَا العَبْد المذنب إِلَى ربه 2، رَجَاء قبُول تَوْبَته، وَهِي "صَلَاة التَّوْبَة "3 4.
ونظراً إِلَى أَن هَذِه الْعِبَادَة الْعَظِيمَة وَالسّنة الثَّابِتَة قد هجرها أَكثر الْمُسلمين، حَتَّى كَادَت تندثر بَينهم، وَرُبمَا استعاضوا عَنْهَا بِأُمُور لم ترد فِي الشَّرْع، ونظراً إِلَى أَن مسَائِل هَذِه الْمَوْضُوع لم تنتظم فِي رِسَالَة مُسْتَقلَّة، أَحْبَبْت أَن أجمع هَذِه الْمسَائِل فِي بحث مُسْتَقل.
وَقد اشْتَمَل هَذَا الْبَحْث على أَرْبَعَة مبَاحث، وخاتمة:
المبحث الأول: مَشْرُوعِيَّة صَلَاة التَّوْبَة وسببها:
وَفِيه مَسْأَلَتَانِ:
الْمَسْأَلَة الأولى: مشروعيتها.
الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة: سَببهَا.
المبحث الثَّانِي: وَقت صَلَاة التَّوْبَة.
المبحث الثَّالِث: مَحل صَلَاة التَّوْبَة.
المبحث الرَّابِع: صفة صَلَاة التَّوْبَة.
أما الخاتمة فتشتمل على خُلَاصَة مَا انْتهى إِلَيْهِ هَذَا الْبَحْث.
وَصلى الله على نَبينَا مُحَمَّد وعَلى آله وَصَحبه أَجْمَعِينَ.
1 سُورَة الْبَقَرَة: 54. وَينظر تَفْسِير ابْن كثير 1/130-132، وأضواء الْبَيَان 1/327.
2 ينظر شرح الطَّيِّبِيّ لمشكاة المصابيح 3/180.
3 قَالَ الشَّيْخ عبد الرَّحْمَن بن قَاسم فِي الإحكام 1/321 عِنْد شَرحه لحَدِيث أبي بكر الصّديق فِي صَلَاة التَّوْبَة، قَالَ:"وَفِيه اسْتِيفَاء وُجُوه الطَّاعَة فِي التَّوْبَة، لِأَنَّهُ نَدم، فَتطهر، ثمَّ صلى، تمّ اسْتغْفر، وَإِذا أَتَى بذلك على أكمل الْوُجُوه غفر الله لَهُ بوعده الصَّادِق". وَسَيَأْتِي تَخْرِيج حَدِيث أبي بكر رضي الله عنه قَرِيبا.