المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌الباء- في: أ- (الباء) الأصل فيها أن تفيد معنى القسم بل - ظاهرة التقارض في النحو العربي - جـ ٥٩

[أحمد محمد عبد الله]

الفصل: ‌ ‌الباء- في: أ- (الباء) الأصل فيها أن تفيد معنى القسم بل

‌الباء- في:

أ- (الباء) الأصل فيها أن تفيد معنى القسم بل هي أصل أحرفه، ولذا خصت بجواز ذكر الفعل معها نحو: أقسم بالله لتفعلن ودخولها على الضمير نحو: بك لأفعلن غير أن (الباء) قد تقترض من (في) معنى الظرفية يدل على ذلك الشواهد الكثيرة منها قوله تعالى: {وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ وَبِاللَّيْلِ} (الصافات: 37، 38) . أي وفى الليل ونحو {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ} (آل عمران: 123) . أي في بدر ونحو {إِلَاّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَرٍ} (القمر: 36) . أي في سحر ونحو {وَمَا كُنْتَ بِجَانِبِ الْغَرْبِيّ} (القصص: 44) . أي في جانب الغربي، ونحو:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً} (يونس: 87) . أي في مصر، ونحو قول زهير:

بها العِينُ والآرام يَمْشِين خِلْفَة

وأطْلاؤها ينهضن من كل مجثم

وقال ذي الرُّمَّه:

أذو زوجة بالمصر أو ذو خصومة

أراك لها بالبصرة العام ثاويا

أي فيها العين والآرام وأذو زوجة في المصر 1.

ب- وقد تقترض (في) معنى) الباء) وذلك نحو قول زيد الخير بن مهلهل:

ويركب يوم الروع منَّا فوارسٌ

بصيرون في طعن الأباهر والكلى

أي بصيرون بطعن الأباهر، وقال بعضهم إن (في) بمعنى (الباء) في قوله تعالى:{جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَمِنَ الأَنْعَامِ أَزْوَاجاً يَذْرَأُكُمْ فِيهِ} (الشورى:11) . وقد جعلها ابن هشام للتعليل موافقاً الزمخشري في ذلك 2.

ص: 269

‌الباء- عن:

أ- (الباء) تفيد القسم في أظهر معانيها كما تقدم ولكنها في بعض أحوالها قد تأتي في الأسلوب مفيدة معنى (المجاوزة) مقترضة هذا المعنى من (عن) نحو قوله تعالى: {سَأَلَ

1راجع معاني الحروف للرماني: 36. والمقرب: ا:204. وشرح التصريح: 2: 14.

2المغني: 141-224.

ص: 269

سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ} (المعارج: ا) أي عن عذاب واقع، ونحو:{فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيراً} (الفرقان: 56) أي فاسأل عنه خبيراً، ونحو:{يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} (الحديد: 12) أي بين أيديهم وعن أيمانهم، ونحو:{وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّمَاءُ بِالْغَمَامِ} (الفرقان: 25) أي يوم تشقق السماء عن الغمام. غير أن الزمخشري جعل (الباء) في هذه الآية بمنزلتها في شققت السنام بالشفرة. على أن الغمام جعل كالآلة التي يشق بها، قال: ونظيره قوله تعالى: {السَّمَاءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ} (المزمل: 18) .

ومن مجيء (الباء) بمعنى _ (عن) نظماً قول علقمة بن عبده:

فإن تسألوني بالنساء فإنني

بصير بأدواء النساء طبيب

أي فإن تسألوني عن النساء.

وقول عنتره:

هلا سألت الخيل يا ابنة مالك

إن كنت جاهلة بما لم تعلمي

أراد: عما لم تعلمي.

وقول النابغة الجعدي:

سألتني بأناس هلكوا

شرب الدهر عليهم وأكل

أي سألتني عن أناس.

وقول النابغة الذبياني:

كأن رحلي وقد زال النَّهار بنا

بذي الجليل على مستأنس وحَد

أي وقد زال النهار عنا.

فالباء في كل ما تقدم تفيد معنى المجاوزة على سبيل الاقتراض من (عن)1.

ص: 270