المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومقتضى قوله بالصحة بالنظر إلى مجموع العقود يلزم منه أن - عقود التأمين حقيقتها وحكمها

[حمد بن حماد الحماد]

الفصل: ومقتضى قوله بالصحة بالنظر إلى مجموع العقود يلزم منه أن

ومقتضى قوله بالصحة بالنظر إلى مجموع العقود يلزم منه أن العقد الباطل في ذاته إذا انضم إليه غيره مما يشبه في البطلان صار بهذا الانضمام صحيحاً وهو لازم باطل لا وجه له عند أحد من فقهاء المسلمين.

على أن دعوى زوال احتمال الغرر من مجموع العقود مغالطة ظاهرة فشركات التأمين لا يمكن أن تعرف مجموع ما سوف تأخذ وما تعطى وإنما تستعين بالإحصائيات لمعرفة صورة تقريبية وهذا لا ينفي عنها عنصر الاحتمالية

هذا وهناك أحداث وأخطار غير متوقعة تقلب كل توقعات المُؤَمنين فكيف يقال إنه يعتمد على أسس إحصائية تنفي عنه الاحتمال؟ وحاصل ما تقدم أن الغرر الكبير في عقود التأمين موجود رغم كل ما قالوه حتى بالنسبة لمجموع العقود وهذا يقتضي بطلانها على أية حال.

وأما بالنسبة للمُؤَمن له فالغرر متحقق لديه وقت العقد في أنه لا يدرى ماذا سيعطى وماذا سيأخذ وهذا كاف للحكم ببطلانه.. ودعوى أن القسط في مقابل الأمان دعوى غير صحيحة ذلك أن عقد التأمين مذكور فيه أن القسط في مقابل مبلغ والتأمين هكذا يقول شراح القانون1.

وأما الأمان فلا يقدر عليه إلا الله وشركات التأمين لا تستطيع أن تضمن عدم وقوع الخطر وإنما تعوض عن بعض آثاره بعد وقوعه.

وقول الزرقا: "لم يبق بالنسبة إليه- أي المُؤَمن له- فرق بين وقوع الخطر وعدمه

الخ " مغالطة ظاهرة وهل يعقل ذلك فيمن يُؤَمن على حياته أو على أعضائه؟ أيستوي عنده أن يفقد حياته وأعضاءه أو أن يبقى حياً معافى؟ لا يستويان فكل هذا إنما هو تحايل ومغالطة لنفي الغرر من عقود التأمين وهو متحقق فيها على أية حال.

ومن خلال النظر إلى أركان هذا العقد وشروطه كما تقدم تصويره لا يراودنا أدنى شك في بطلانه.. ولا اعتبار بعد ذلك لأي دعاوى تتعلق في أمر خارج عن هذه الأركان والشروط لأن العبرة في الحكم على العقود إنما هو بالنظر إلى ما تضمنته من أركان وشروط.

1 انظر الوسيط 7/ 1139.

ص: 78

ثانيا:‌

‌ الربا:

عقد التأمين يتضمن الربا بنوعيه أما النسيئة فدائماً وأما الفضل فغالباً وذلك أنه عندما يضع الخطر المُؤَمن منه وتسلم شركة التأمين مبلغ التأمين المتعاقد عليه فإنه لا يخلو في الغالب

ص: 78

من أن يكون أقل أو أكثر مما دفعه المُؤَمن له وفي هذه الحالة يتحقق ربا الفضل بسبب عدم تساوى البد لين وكذا ربا النسيئة لتأخر أحد البد لين وإن كان المبلغ مساوياً- وهذا نادر- تحقق ربا النسيئة لتأخر أحد البد لين لأن عقود التأمين لا تخرج عن الصرف إذ هي نقد بنقد وهذا واضح من تعريفه حيث أن المُؤَمن يلتزم بدفع مبلغ من المال في نظير قسط مالي وعقد الصرف يشترط فيه التقابض مطلقاً سواء اتحد الجنس أو اختلف ويشترط أيضاً التماثل عند اتحاد الجنس وهذا كله متحقق بين مبلغ التأمين وقسطه وبهذا يتبين أن عقود التأمين تشتمل على نوعي الربا.

والنصوص الواردة في طلب التماثل والتقابض في مبادلة المال الربوي بجنسه متواترة وقد أجمع المسلمون على مدلولها1.

شبه المخالفين في تضمن التأمين للربا والرد عليها:

ا- كما ادعوا في باب الغرر أن عقود التأمين من قبيل التعاون الذي يغتفر فيه الغرر ادعوا هنا أيضاً أن التأمين من أساسه قائم على فكرة التعاون على جبر المصائب فيغتفر ما فيه من ربا أو شبهة ربا 2. وهي دعوى مردودة كما تقدم فعقود التأمين ليست من قبيل التعاون وإنما هي عقود معاوضة وتجارة فلا يمكن حملها على تصرفات التبرع والإرفاق التي يغتفر فيها ما لا يغتفر في عقود المماكسة التي يقصد منها الربح.

2-

حاول بعضهم أن يحصر شبهة الربا في بعض صور التأمين وهو ما يحصل في التأمين على الحياة حيث يشترط فائدة ربوية علاوة على مبلغ الأقساط التي يستفيدها إذا ظل حياً بعد مدة العقد ومن ثم يحكم على هذا الشرط وحده دون الحكم على نظام التأمين في ذاته ولذا يقترح الزرقا إلغاء شرط الفائدة في هذه الصورة من التأمين بحيث يرد مبلغ الأقساط بعينه دون فائدة3.

والجواب عن هذا أن جوهر عقد التأمين لا يخلو من شبهة الربا حتى لو خلا من مثل هذا الشرط فإنه وإن انتفى التفاضل فإن النَسَاء متحقق على أية حال.

1 انظر طرفا من ذلك من فقه السنة ص 100 وما بعدها.

2 انظر نظام التأمين لمصطفى الزرقا ص 25 وأصول الفقه الإسلامي ص 404 وما بعدها.

3 انظر أصول الفقه الإسلامي ص 406.

ص: 79