المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الفصل: ‌ وحكى بعضهم:

أخي المسلم: أولئك هم المؤمنون حقًا! خرجوا من الدنيا بأعمالهم التي لطالمَّا عمَّروا بها حياتهم .. طاعات وصالحات .. وذكر لله تعالى ..

وهكذا أخي يُخْتَم لكل إنسان بجنس ما اشتغل به من الأعمال في الدنيا!

أخي: قد رأيت حال الصالحين .. وكيف يخرجون من الدنيا .. وأمَّا أهل الأعمال السَّيئة! فيخرجون من الدنيا على أسوأ الخواتم!

*‌

‌ قال عبد العزيز بن أبي روَّاد رحمه الله:

حضرت رجلاً عند الموت يُلقَّن لا إله إلا الله فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول! ! ومات على ذلك!

قال: فسألت عنه فإذا هو مُدْمن خمر! فكان عبد العزيز يقول: اتقوا الذنوب فإنها هي التي أوقعته!

*‌

‌ وحكى بعضهم:

قيل لرجل: يا فلان قل: لا إله إلا الله. فقال. اشرب واسقني!

قال الإمام القرطبي: حُكي عن بعض السماسرة قالوا له عند الموت: قل: لا إله إلا الله. فجعل يقول: ثلاثة ونصف أربعة ونصف! غَلَبتْ عليه السمسرة!

قال القرطبي: (ومثل هذا في الناس كثير ممن غَلَب عليه الاشتغال بالدنيا والهم بها أو سبب من أسبابها! ).أخي: تلك هي الأعمال السيئة! تهلك أصحابها في الحياة الدنيا وفي الآخرة!

قال الإمام ابن رجب: (إنَّ دسائس السوء الخفية توجب سوء الخاتمة! ).

أخي في الله: ألا تعجب معي ممَّن يلعب ويمرح! وهو لا يدري

ص: 13

على أي حال سيختم له؟ ! خاتمة حسنة .. أو خاتمة سيئة!

أخي: (الخاتمة! ) يا لله من قضاء أُخفي عنا! بل زاده خفاءً غشاوة الأعين .. وغفلة القلوب ..

أخي: أين ذهب قلبك المذكِّر؟ ! أين ذهب الفؤاد النَّاهي؟ ! أين شردت النَّفس الآبقة؟ !

أخي: أمالَك في أهل الخواتم السِّيئة عبرة ومتَّعظ؟ !

أخي: ماذا قدَّمتَ من الأعمال الصالحة حتى تكون من أهل الخواتم الحسنة؟ !

أخي: لا تنس أنك سترقد تلك الرَّقدة التي لن تقوم منها إلا محمولاً على أعناق الرجال إلى تلك الحفرة المظلمة (القبر! )

دخل عبد العزيز بن أبي روَّاد على المغيرة بن الحكم في مرضه الذي مات فيه، فقال له: أوصني.

فقال: (اعمل لهذا المضجع! ).

أخي المسلم: التوبة الصادقة أول الطريق إلى الخاتمة الحسنة فماذا عملت فيها؟ !

أخي: لا تقولنَّ سأتوب غدًا أو بعد غدٍ! فالموت أسرع من غدٍ ومن بعد غدٍ! فإذا نزل والأعمال صالحة .. كانت الخاتمة الحسنة .. وإذا نزل والأعمال سيئة! كانت الخاتمة السيئة! ! قال الحسن البصري رحمه الله: لما هبط إبليس قال: بعزَّتك لا أفارق بابن آدم ما دام الروح في جسده! قال الله تعالى: (وعزَّتي لا أحجب التوبة عن ابن آدم ما لم تغرغر نفسه! ).

أخي: يا حسرة من خرج من الدنيا يغبر توبة! ويا بُؤس من لم يقدم توبة نصوحًا بين يدي يومه ذاك!

ص: 14

قبلَ المماتِ وقبلَ حَبْس الأَلْسُنِ

قَدِّم لنفسِكَ توبةً مَرْجُوَّةً

بادرْ بها غَلْقَ النُّفوس فإنَّها

ذُخْرٌ وغُنْمٌ للمُنيب المُحْسِنِ

أخي: التوبة

التوبة .. فإنها مفتاح الفلاح .. وسر الخواتم السعيدة لأهل الرَّباح ..

أخي في الله: وإياك وهذه الأشواك فإنها سد منيع بينك وبين حسن الخاتمة! المعاصي .. طُول الأمَل .. الغَفْلة .. سَوْفَ .. حب الدُّنيا.

أخي: عليك بعلامات طريق الخاتمة الحسنة .. فإنه طريق سار فيه الصالحون قبلك .. فانظر أخي لنفسك أين أنت؟ !

هل أنت سائر في طريق أهل الخواتم الحسنة؟ أم أنت سائر في طريق أهل الخواتم السِّيئة والأعمال الرَّديِّة؟ !

أخي: أتُريدُ أن تعرف طريق أهل الخواتم الحسنة؟ ! فانظر أخي هذا هو الطريق وهذه هي علاماته:

* إخلاص التَّوحيد لله تعالى ..

* إفراده تبارك وتعالى بالعبادة والطاعة والقَصْد ..

* المتابعة الصادقة للرسول صلى الله عليه وسلم ..

* تزيكة النَّفس وتطهيرها من دنس المعاصي والذنوب ..

* التوبة الصادقة النصُوح ..

* التَّجافي عن دار الغرور والرَّغبة في ثواب الله تعالى ونعيمه الباقي ..

* الإكثار من الطاعات حتى تلوح علاماتها وتظهر آثارها ..

* بعض المعاصي وأهلها وحب الطاعات وأهلها ..

* المداومة على الطاعات حتى الممات ..

ص: 15

أخي: ذاك هو الطريق .. وتلك هي الجنَّة! أتَفِر عنها أخي إلى طريق لا يوصلك إليها ..

أخي: اعمل لدارك الأخرى .. وسل الله دومًا الإعانة والتثبيت، تجده قريبًا منك .. سامعًا لصوتك ..

وقل معي أخي: اللهم أَنْعِمَ علينا بطاعة حتى الممات .. وأكرم وجوهنا بحسن الخواتم في ساعة الحسرات .. وآنس وحشتنا في وحدة القبور والظلمات .. واجعل مآبنا إلى ظل عرشك ووارف الجنات .. آمين .. آمين .. آمين ..

والحمد لله تعالى بلا انقطاع .. والصلاة والسلام على نبيِّه وآله وصحبه والأتباع ..

* * * *

ص: 16