المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌من كلام العلماء في الذكر - غيث القلوب ذكر الله تعالى

[أزهري أحمد محمود]

الفصل: ‌من كلام العلماء في الذكر

تظل تُفزع في الرَّوعات سَاكنَها

فما يسوغُ له لينٌ ولا جَذَلُ

المرءُ يشقَى بما يسعَى لوَارثِه

والقبرُ وارثُ ما يسعى له الرجلُ

‌من كلام العلماء في الذِّكر

أخي المسلم:

هذا باقةٌ من كلام العلماء الربانيين، الذين عرفوا شرف الذِّكر ومقامه الرفيع .. وهي عباراتٌ منتقاة، تجد منها أريح كلام العارفين ونفحات الصادقين، فتأمَّل فيها تأمُّل مستفيدٍ، واجعلها في سويداء قلبك؛ فإنك لن تعدم منها نفعًا.

قال ابن مسعود رضي الله عنه: «إنَّ الله قسَّم بينكم أخلاقكم كما قسَّم بينكم أرزاقكم، إنَّ الله يعطي المال من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلَاّ من يحب، فإذا أحبَّ الله عبدًا أعطاه الإيمان؛ فمن منَّ بالمال أن ينفقه، وخاف العدو أن يجاهده، وهاب الليل أن يكابده؛ فيكثر من قوله: "لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله"» .

وقال كعب بن مالك رضي الله عنه: «من أكثر ذكر الله برئ من النفاق» .

وقال عبيد بن عمير رحمه الله: «إنَّ أعظمكم هذا الليل أن تكابدوه، وبخلتم على المال أن تنفقوه، وجبنتم عن العدوِّ أن

ص: 21

تقاتلوه، فأكثروا من ذكر الله عز وجل».

وقال الحسن البصري رحمه الله: «تفقَّدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذِّكر، وقراءة القرآن، فإن وجدتم وإلَاّ فاعلموا أن الطريق مُغلق! » .

وقال ذو النون رحمه الله: «ما طابت الدنيا إلا بذكره، ولا طابت الآخرة إلا بعفوه، ولا طابت الجنة إلا برؤيته» .

وقال عون بن عبد الله رحمه الله: «إنَّ البقاع لينادي بعضها بعضًا: يا جارتاه، أمرَّ بك اليوم أحدٌ يذكر الله؟ فقائلة: نعم، وقائلة: لا» .

وقال أبو خلاد المصري رحمه الله: «من دخل في الإسلام دخل في حصن، ومن دخل المسجد فقد دخل في حصنَين، ومن جلس في حلقة يذكر الله عز وجل فيها؛ فقد دخل في بيته حصونًا» .

وقال مالك بن دينار رحمه الله: «ما تنعَّم المتنعِّمون بمثل ذكر الله» .

وقال فتح الموصلي رحمه الله: «المحب لا يجد مع حبِّ الله للدنيا لذَّة، ولا يغفل عن ذكر الله طرفة عين! » .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: «إنَّ في الدنيا جنة من لم يدخلها لا يدخل جنة الآخرة! » .

وقال ابن القيم رحمه الله: «

ولا ريب أنَّ القلب يصدأ كما يصدأ النحاس والفضة وغيرهما وجلاؤه بالذِّكر؛ فإنه يجلوه حتى

ص: 22

يدعه كالمرآة البيضاء، فإذا تُرك صدئ. وصدأ القلب بأمرين: بالغفلة والذنب. وجلاؤه بشيئين: بالاستغفار والذِّكر».

وقال أيضًا: «فمن كانت الغفلة أغلب أوقاته؛ كان الصدأ متراكمًا على قلبه، وصدأه بحسب غفلته، وإذا صدئ القلب لم تنطبع فيه صور المعلومات على ما هي عليه؛ فيرى الباطل في صورة الحقِّ، والحقَّ في صورة الباطل، لأنه لَمَّا تراكم عليه الصدأ أظلم؛ فلم تظهر فيه صورة الحقائق كما هي عليه، فإذا تراكم عليه الصدأ واسودَّ وركبه الران؛ فَسَدَ تصوره وإدراكه، فلا يقبل حقًّا ولا يُنكر باطلاً، وهذا أعظم عقوبات القلوب، وأصل ذلك من الغفلة واتباع الهوى؛ فإنهما يطمسان نور القلب، ويعميان بصره» .

قال تعالى: {وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} [الكهف: 28].

وفي هذا الكلام النفيس يخبرك ابن القيم رحمه الله، بحقيقة الداء، والذي من نتائجه الحرمان من ذكر الله تعالى، وحرمان نور القلب! فافهم ذلك ولا تكن غافلاً عن هذه المعاني النفيسة.

وقال أيضًا: «وذكر العبد لربِّه محفوفٌ بذكرين من ربِّه له: ذكر قبله، به صار العبد ذاكرًا له، وذكر بعده، به صار العبد مذكورًا، كما قال تعالى: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ} [البقرة: 152]» .

وقال أيضًا: «

وهو رُوح الأعمال الصالحة؛ فإذا خلا العمل عن الذِّكر كان كالجسد الذي لا رُوح فيه، والله أعلم».

قال ابن عباس رضي الله عنهما في قوله تعالى: {اذْكُرُوا اللهَ

ص: 23