الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإيَّاك أن تفوتك هذه البضاعة وأنت قادر عليها؛ فإنها إذا فاتتك فأنت يومها من أغبن الخلق وأسوأهم صفقة!
فاربح أخي هذا الربح الغالي، واغتنم هذا الكنز النادر، ذكر الله تعالى، عسى أن تكون من أهل الفلاح.
الذِّكر أنيس الذاكرين
أخي المسلم:
ذكر الله تعالى غاية الصالحين ومنتهى أمل الصادقين، من لزمه فهو في أنس دائمٍ وخيرٍ عميم!
إذا نزلت بهم النوازل فهو حصنهم، وإذا أحاطت بهم المصائب فهو كهفهم.
قال ابن القيم:
أخي:
تلك هي سمات الذِّكر التي يجدها الذاكرون ويستنشقون عبيرها ويفوزون ببركاتها، فأعظم الناس أنسًا أكثرهم ذكرًا لله تعالى .. وأي أنس أعظم من الأنس بذكر الله تعالى؟ ! فذكر الله تعالى هو
راحة النفوس وحلاوة القلوب، ومن تشبَّث به فقد تشبَّث بعمل جليل وفضل كبير.
عن عبد الله بن بسر رضي الله عنه أنَّ أعرابيًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ؛ فأنبئني بشيءٍ أتشبَّث به، قال:«لا يزال لسانك رطبًا من ذكر الله عز وجل» (1).
فإنَّ هذه الوصية النبوية الغالية تكشف لك فضل الذِّكر ومنزلته السامية، وهي ثمرة يفوز بها الذاكرون.
أخي المسلم:
اجعل من ذِكر الله تعالى أنيسك وجليسك؛ فإنك إن فعلت ذلك كان ذكر الله أنيسك في قبرك غدًا، كما هو أنيسك في دنياك اليوم.
قال ابن القيم:
«إنَّ الذِّكر نورٌ للذاكر في الدنيا ونورٌ له في قبره ونورٌ له في معاده، يسعى بين يديه على الصراط، فما استنارت القلوب والقبور بمثل ذكر الله تعالى، قال الله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِنْهَا
…
}» [الأنعام: 122] ..
فالأول هو المؤمن استنار بالإيمان بالله، ومحبته ومعرفته وذكره، والآخر هو الغافل عن الله تعالى، المعرض عن ذِكره ومحبته .. إنَّ لذَّة
(1) رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم صحيح ابن ماجه للألباني (3861).
ذكر الله تعالى فوق كلِّ لذَّة! » ..
وهي لذَّةٌ يجدها أولئك الذين عمرت قلوبهم به، وأنست نفوسهم بملازمته؛ . فاعلم أخي أنَّ لذَّة ذكر الله إذا تذوَّقها القلب فلن يُطيق فراقها، ولن يجد نعمةً أنعم منها!
قال مالك بن دينار: «ما تنعَّم المتنعمون بمثل ذكر الله تعالى! » .
وقال ذو النون: «ما طابت الدنيا إلَاّ بذكره، ولا طابت الآخرة إلَاّ بعفوه! » .
وقال الحسن البصري: «تفقَّدوا الحلاوة في ثلاثة أشياء: في الصلاة، وفي الذِّكر، وقراءة القرآن .. فإن وجدتم وإلَاّ فاعلموا أنَّ الباب مغلق! » .
أخي المسلم:
اجعل من ذِكر الله تعالى راحتك إذا ضعضعتك الحياة، ومفزعك إذا أصابتك سهامها، وسلواك إذا أحزنتك؛ فإنك لن تجد لقلبك دواءً أشفى من ذكر الله تعالى، ولن تجد أسعد للنفس من ذِكر الله تعالى .. ومهما التمس الناس من أسباب الترفيه ليُروِّحوا عن النفوس فلن يجدوا أروحَ لها من ذِكر الله تعالى!
وقد عرف الصالحون هذا الطريق فسلكوه؛ فاستقامت لهم القلوب وصلحت الجوارح.
قال فتح الموصلي: «المحبُّ لا يجد مع حبِّ الله للدنيا لذَّة، ولا يغفل عن ذكر الله طرفة عين! » .