الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ج هذه المبايعة حرام وهي حيلة على الربا لأن حقيقة الأمر أن الرجل أقرضك قيمة السيارة بربا ولكنه اشتراها شراء صوريا غير مقصود، والحيل على محارم الله لا تقلبها حلالا، بل تزيدها خبثا إلى خبثها وقبحاً إلى قبحها وتلحق الرجل بمشابهة اليهود الذين يستحلون محارم الله بأدنى الحيل. . وقد قال النبي، صلى الله عليه وسلم، فيما صح عنه ((قاتل الله اليهود لَّما حُرمت عليهم شحومها أذابوها ــ أي أذابوا الشحوم ــ ثم باعوها وأكلوا ثمنها)) ، وقصة أصحاب السبت يقرؤها كل مؤمن في كتاب الله عز وجل.
فأهل القرية التي كانت حاضرة البحر حرم الله عليهم صيد الحيتان يوم السبت وابتلاهم بها فكانت الحيتان تأتي يوم السبت شُرَّعا على وجه الماء من كثرتها وفي غير يوم السبت لا تأتيهم، فلما طال عليهم الأمد ورأوا أنه لا بد لهم من صيد السمك تحايلوا على ذلك فوضعوا شباكا يوم الجمعة في الماء فإذا كانت يوم السبت وجاءت الحيتان وقعت في هذه الشباك ثم أتوا يوم الأحد وأخذوها من الشباك، فماذا كنت عقوبتهم..؟ قال الله عز وجل (ولقد علمتم الذين اعتدوا منكم في السبت فقلنا لهم كونوا قردة خاسئين. فجعلناها نكالاً لما بين يديها وما خلفها وموعظة للمتقين) .
وانني بهذه المناسبة أنصح اخواني المسلمين عن التحايل على محارم الله وليعلموا أن العبرة في العقود بمقاصدها لقول النبي صلى الله عليه وسلم ((إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل إمرىء ما نوى)) وإذا كان هذا الرجل صديقاً لصاحبه حقيقة فما أحسن أن يقرضه ثمنها قرضاً حسناً لا ربا فيه ويكون في ذلك من المحسنين والله تعالى يقول في كتابه (إن الله يحب المحسنين) .
وإني أنصح هذا الأخ الصديق الذي عامل هذه المعاملة أن يُسقط الربا الذي أضافه إلى قيمة السيارة وأن يقتصر على ثمنها الذي اشتريت به.
الشيخ ابن عثيمين
***
حكم بيع السلع بالتقسيط لمن لا يملكها ملكا حقيقيا
س لقد لوحظ أن بعض الشركات يأتي إليها الشخص وهو بحاجة إلى شراء أثاث أو سيارة أو منزل أو غير ذلك ــ وهي غير مملوكة لدى الشركة ــ فتقوم الشركة بشراء هذه الحاجة ثم بيعها على هذا الشخص بالتقسيط مع أخذ الفوائد عليها. . أو تكلفه بشرائها ثم تقوم الشركة بتسديد المبلغ حسب الفواتير وتأخذ على هذا الشخص فائدة. . فما الحكم في ذلك؟
ج من المعلوم أن من استقرض مئة ألف ريال (100000) ليوفيها على أقساط مع زيادة8 لكل قسط وتزيد هذه النسبة كلما امتد الأجل أو لا تزيد، أن هذا من الربا ربا النسيئة والفضل.
وأنه يزداد قبحاً إذا كان كلما امتد الأجل ازدادت النسبة وهذا من ربا الجاهلية الذي قال الله فيه
(ياأيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون واتقوا النار التي أعدت للكافرين وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون) .
ومن المعلوم أن التحيل على هذه المعاملة تحيل على محارم الله ومكر وخداع لمن يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور.
ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يقلبها حلالاً بمجرد صورة ظاهرها الحلال ومقصودها الحرام. ومن المعلوم أن التحيل على محارم الله لا يزيدها إلا قبحاً لأن المتحيل عليها يقع في محذورين المحذور الأول الخداع والمكر والتلاعب بأحكام الله عز وجل. المحذور الثاني مفسدة ذلك المحرم الذي تحيل إلى الوصول إليه لأنها قد تحققت بتلك الحيلة.
ومن المعلوم أن تحيل على محارم الله تعالى وقوع فيما ارتكبه اليهود فيكون المتحيل مشابهاً لهم في ذلك وهذا جاء في الحديث ((لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل)) .
ومن المعلوم للمتأمل المتجرد عن الهوى أن من قال لشخص يريد سيارة. اذهب إلى المعرض وتختر السيارة التي تريد وأنا أشتريه من المعرض ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.
أو قال لشخص يريد أرضاً اذهب إلى المخطط وتخير الأرض التي تريد وأنا أشتريه من المخطط ثم أبيعها عليك مؤجلة بأقساط.
أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة ويحتاج إلى حديد اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الحديد يعجبك وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.
أو قال لشخص يريد أن يعمر عمارة ويحتاج إلى أسمنت اذهب إلى المتجر الفلاني وتخير الأسمنت الذي تريد وأنا أشتريه ثم أبيعه عليك مؤجلاً بأقساط.
أقول من المعلوم للمتأمل المنصف المتجرد عن هوى النفس أن التعامل على هذا الوجه من التحيل على الربا وذلك لأن التاجر الذي اشترى السلعة لم يقصد شراءها ولم يكن ذلك يدور في فكره ولم يكن اشتراها لطالبها من أجل الإحسان المحض إليه وإنما اشتراها من أجل الزيادة التي يحصل عليها منه في مقابلة التأجيل ولهذا كلما امتد الأجل كثرت الزيادة فهو في الحقيقة كقول القائل أقرضك ثمن هذه الأشياء بزيادة ربوية مقابل التأجيل ولكنه أدخل بينهما سلعة كما ثبت عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه سئل عن رجل باع من رجل حريرة بمئة ثم اشتراها بخمسين فقال دراهم بدراهم متفاضلة دخلت بينهما حريرة. قال ابن القيم رحمه الله 5 103 من تهذيب السنن وهذا الربا تحريمه تابع لمعناه وحقيقته فلا يزول بتبدل الاسم بصورة البيع اهـ.
وأنت لو قارنت مسألة العينة بهذه المسألة لوجدت هذه المسألة أقرب إلى التحيل على الربا من مسألة العينة في بعض صورها فإن العينة كما قال الفقهاء أن يبيع سلعة على شخص بثمن مؤجل