المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌سبب حمل بعض النواهي على الكراهة لا التحريم - فتاوى الشبكة الإسلامية - جـ ٢٣

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌الخطأ في الشريعة والقانون

- ‌أوامر النبي صلى الله عليه وسلم بين الوجوب والاستحباب

- ‌بيان قاعدة: الأصل في العبادات التوقيف والأصل في العادات الإباحة

- ‌اجتهد فأصاب.. واجتهد فأخطأ

- ‌سبب حمل بعض النواهي على الكراهة لا التحريم

- ‌متى تصرف صيغة النهي تصرف إلى الكراهة أو التنزيه

- ‌التحدث مع الأجنبيات لغير حاجة يدخل تحت قاعدة: ما يؤدي إلى حرام فهو حرام

- ‌ما ثبت خلاف القياس هل يقاس عليه غيره

- ‌أحكام المصلحة بالإضافة إلى شهادة الشرع

- ‌شروط من يريد الاجتهاد في الأحكام الفقهية

- ‌الفقه وأصوله قرينان

- ‌مدى صحة قاعدة (العقد شريعة المتعاقدين)

- ‌دليل حجية الإجماع والاستحسان والاجتهاد

- ‌الفرق بين خطاب التكليف وخطاب الوضع

- ‌كيفية ربط قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) بالمعاملات المالية

- ‌تقديم الكتاب على السنة والسنة على الإجماع

- ‌تقييد المطلق وتخصيص العام في الشرع

- ‌أمثلة على قاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح

- ‌من صور معاملة المرء بنقيض قصده في الشرع

- ‌ضوابط الضرورة المبيحة للمحظور

- ‌من يجب عليه الاجتهاد ومن لا يجب عليه

- ‌الاستحسان في اللغة والاصطلاح

- ‌ايضاح حول صور مستثناة من قاعدة: الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد

- ‌الأمر في القرآن الكريم

- ‌مذاهب العلماء في العذر بالجهل والنسيان

- ‌مسائل حول الأحكام التي أنيطت بالعرف

- ‌تعريف: أصول الفقه، وأصول الحديث

- ‌مفهوم العدد

- ‌ضابط: ما أبيح سدا للذريعة

- ‌فروق بين العام والخاص والمقيد والمطلق والمجمل

- ‌لا يخلو زمان من مجتهد يقوم لله بالحجة على خلقه

- ‌كتاب من أصول المذهب الحنفي

- ‌إيضاح مسألة الترك

- ‌تعريف مفهوم الموافقة والمخالفة وأمثلة عنهما

- ‌مسألة الخوض في القواعد التي لا ينبني عليها عمل

- ‌الحرام لا يحرم الحلال

- ‌القياس.. معناه.. أركانه.. وحجيته

- ‌العام والمطلق والتخصيص والتقييد

- ‌معنى قاعدة (يختار أهون الشرين)

- ‌الفهم.. معناه.. ومراتبه

- ‌تنوع دلالات الخبر المنفي

- ‌إيضاح حول قاعدة: إذا اجتمع الحلال والحرام

- ‌كتب في أصول الفقه

- ‌ما يفعل عند تعارض الأدلة

- ‌هل تقدم المصلحة على النص

- ‌الواجب عند الأصوليين وأحاديث نبوية حول أهل الجنة

- ‌التحريم إذا ربط بعلة هل ينتفي بانتفائها

- ‌واقعة العين والرخصة الشرعية

- ‌جعفر الصادق والقياس

- ‌حجية القياس ووجه ذم بعض السلف له

- ‌المجمل والمبين والمطلق والمقيد

- ‌رفع الحرج وأدلته الشرعية

- ‌معيار الموازنة بين المصلحة والمفسدة

- ‌الاستصلاح عند الأصوليين

- ‌الاجتهاد الجماعي.. شروطه..ضوابطه ومجالاته

- ‌الفرق بين الأصل والفرع

- ‌شرح قاعدة (الحكم يدور مع علته وجودا وعدما)

- ‌العبادات والمصالح المرسلة

- ‌المصلحة المرسلة والعبادات

- ‌تعريف حاجيات الإنسان

- ‌المصلحة المرسلة لا تشمل العبادات

- ‌الفرق بين التحريم وعدم الجواز

- ‌مسائل بنيت على القياس

- ‌شرح قاعدة (المشغول لا يشغل)

- ‌لكل حكم شرعي علة وحكمة

- ‌(الولاية الخاصة أقوى من الولاية العامة) علاقتها بمقاصد الشريعة

- ‌معيار التوسع في سد الذرائع

- ‌العرف له اعتبار في الأحكام الشرعية

- ‌بحث في القاعدة الأصولية: الأمر للوجوب إلا أن تصرفه قرينة

- ‌قضاء الفرض بعد فوات وقته لعذر

- ‌المقصود بـ (الأحوط، الوجوب، الجواز)

- ‌الفرق بين (قياس مع الفارق) و (على خلاف القياس)

- ‌الفكر الأصولي

- ‌معنى (على خلاف القياس)

- ‌القياس في العبادات.. رؤية فقهية

- ‌فتاوى روعيت فيها المصلحة المرسلة في فقه المعاملات والأسرة

- ‌الاستصحاب وصوره

- ‌أنواع الإكراه الفعلي

- ‌العلة في قياس قضاء الحج على قضاء الدين

- ‌حصول الإجماع في عصر الصحابة ومن بعدهم

- ‌شرع من قبلنا هل هو شرع لنا

- ‌سد الذرائع والحيل

- ‌الاستحسان في تعريف الأصوليين

- ‌فتوى الصحابي

- ‌مؤلفات ومراجع في أصول الفقه

- ‌معنى قول الأصوليين (عام يراد به الخصوص)

- ‌أهمية القياس ودوره في استنباط الأحكام الشرعية

- ‌درء الحدود بالشبهات

- ‌هل يقدح في الإجماع مخالفة عالم أو اثنين

- ‌تعريفات أصولية

- ‌تصح العبادة ممن يؤديها بدون خلل وإن لم يميز بين الركن والشرط والواجب والمستحب

- ‌الفرض والمستحب والسنة المؤكدة

- ‌مظان وجود القواعد التي بنى عليها أهل العلم مذاهبهم

- ‌كيفية البحث عن مسائل وأوجه الاستدلال في الشريعة

- ‌عمل أهل المدينة وتطبيفه في مذهب الإمام مالك

- ‌سد الذرائع في مذهب الإمام مالك

- ‌مقاصد الشريعة

- ‌المصلحة المرسلة وشروطها

- ‌مصادر التلقي والتشريع

- ‌هل يلزم وجود دليل لكل مكروه ومسنون

- ‌ثمار الإجماع على مسألة فيها نص قطعي الدلالة والثبوت

- ‌سد الذرائع في الكتاب والسنة ومذاهب الأئمة

- ‌شرح قاعدة \"الوسائل لها أحكام المقاصد

- ‌معنى القرآن قطعي الثبوت قطعي الدلالة

- ‌الكليات الخمس بيانها وترتيبها

- ‌الإجماع.. تعريفه.. وشروطه

- ‌إيضاحات حول حمل المطلق على المقيد

- ‌شرح قاعدة (جلب المصالح ودرء المفاسد)

- ‌المصالح التحسينية.. تعريفها.. وحكمها

- ‌معنى قاعدة "الدفع أقوى من الرفع

- ‌القول بالوجوب يحتاج لقرينة

- ‌المصلحة العامة تقدم على المصلحة الخاصة

- ‌معنى السبر والتقسيم، وأمثلة عن ذلك

- ‌الفرق بين الفقه وأصول الفقه

- ‌العرف.. معناه.. أقسامه.. وشروط اعتباره

- ‌لا تعارض بين قاعدة "اليقين لا يزول بالشك" والحديثين المذكورين

- ‌شرح قاعدة (ألا يعود اعتبارها على الأصل بالإبطال)

- ‌فتاوى حول إمكانية الاجتهاد في الفقه في العصر الراهن

- ‌حكم العمل بالأثر الموقوف

- ‌الأصل بناء الأحكام على الغالب

- ‌الاجتهاد.. شروطه وضوابطه

- ‌العلة المنصوصة والعلة المستنبطة

- ‌المراد بالمصالح المرسلة

- ‌معنى المصالح المرسلة وسد الذرائع

- ‌الإجماع.. معناه.. منزلته.. وإمكانية تطبيقه حاليا

- ‌معنى (الضرورات تبيح المحظورات)

- ‌القواعد الخمس التي اتفق عليها علماء الفقه والأصول وفروعها

- ‌مصادر القواعد الفقهية

- ‌العام والخاص.. معناهما.. وأقسامهما

- ‌الإجماع أحد مصادر التشريع

- ‌الاجتهاد موجود ومعتبر بضوابطه

الفصل: ‌سبب حمل بعض النواهي على الكراهة لا التحريم

‌سبب حمل بعض النواهي على الكراهة لا التحريم

[السُّؤَالُ]

ـ[لماذا يحمل النهي في الآداب ـ مثل آداب الطعام والخلاء إلخ ـ على الكراهة وليس على التحريم؟.]ـ

[الفَتْوَى]

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل في النهي أنه للتحريم حتى تأتي قرينة تصرفه عن التحريم إلى الكراهة، قال ابن عبد البر رحمه الله: النهي حكمه إذا ورد أن يتلقى باستعمال ترك ما نهى عنه والامتناع منه، وأن النهي محمول على الحظر والتحريم والمنع حتى يصحبه دليل من فحوى القصة والخطاب، أو دليل من غير ذلك يخرجه من هذا الباب إلى باب الإرشاد والندب. انتهى.

وقد جعل كثير من العلماء كون النهي في باب الأدب قرينة صارفة له من التحريم إلى الكراهة، وذلك لأن كثيرا من النواهي في هذا الباب قد انعقد الإجماع على أنها ليست للتحريم، وكثير منها حمله الجمهورعلى التنزيه، فطرد هذا الفريق من العلماء القاعدة وأجروا النهي في هذا الباب مجرى واحدا فحملوه على الكراهة والتنزيه، وعللوا ذلك بأن ما كان من باب حسن العشرة والمخالقة بالتي هي أحسن، أو من باب التصرف فيما يملكه الإنسان، أو من باب حسن الهيئة ونحو ذلك ممّا ليس حكمه تعبديا محضا يناسب حمله على الكراهة، وممّن رجح هذا القول العلامة ابن عثيمين، فقد قال رحمه الله: سلك بعض العلماء مسلكا جيدا وهو أن الأوامر تنقسم إلى قسمين:

• أوامر تعبدية.

• وأوامر تأديبية، من باب الآداب ومكارم الأخلاق.

فما قصد به التعبد فالأمر فيه للوجوب، والنهي للتحريم، لأن الله خلقنا لعبادته، وما قصد به التأدب فإن الأمر فيها أمرإرشاد لا إلزام، والنهي فيها للكراهة لا للتحريم، إلا إذا ورد ما يدل على الوجوب فهو للوجوب. انتهى.

وقد نص كثير من العلماء على مثل هذا في ثنايا كلامهم ممّا يدل على أن هذه القاعدة مستعملة بكثرة وأنها ممّا قد يتبين به وجه التفريق بين أنواع النواهي، ومن ذلك قول الحافظ في الفتح: في كلامه على باب النهي عن الاستنجاء باليمين، قوله: باب النهي عن الاستنجاء باليمين أي باليد اليمني وعبر بالنهي إشارة إلى أنه لم يظهر له، هل هو للتحريم أو للتنزيه؟ أو أن القرينة الصارفه للنهي عن التحريم لم تظهر له وهي أن ذلك أدب من الآداب، وبكونه للتنزيه قال الجمهور، وذهب أهل الظاهر إلى أنه للتحريم. انتهى.

وقال النووي رحمه الله في كلامه على حكم القران بين التمرتين: واختلفوا فى أن هذا النهى على التحريم أو على الكراهة والأدب، فنقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنه للتحريم، وعن غيرهم أنه للكراهة والأدب، والصواب التفصيل، فإن كان الطعام مشتركا بينهم فالقران حرام إلا برضاهم، وإن كان الطعام لنفسه وقد ضيفهم به، فلا يحرم عليه القران، ثم إن كان فى الطعام قلة فحسن ألا يقرن لتساويهم، وإن كان كثيرا بحيث يفضل عنهم فلا بأس بقرانه، لكن الأدب مطلقا التأدب فى الأكل وترك الشره. انتهى.

وهو واضح جدا في التفريق بين نوعي النهي، وأن ما كان للأدب فإنه يحمل على الكراهة، وأن وجه ذلك ما فيه من حسن العشرة والإحسان إلى الأصحاب، ونرى حافظ المغرب وهو أبو عمر ابن عبد البر ـ والذي قدمنا كلامه في أن النهي ظاهر في التحريم حتى تأتي القرينة ـ يفرق بين ما كان من باب الآداب وغيره، ويبين وجه الفرق، فقال رحمه الله: ونهيه صلى الله عليه وسلم عن المشي في نعل واحدة نهي أدب لا نهي تحريم، والأصل في هذا الباب أن كل ما كان في ملكك فنهيت عن شيء من تصرفه والعمل به فإنما هو نهي أدب، لأنه ملكك تتصرف فيه كيف شئت ولكن التصرف على سنته لا تتعدى، وهذا باب مطرد ما لم يكن ملكك حيوانا، فتنهى عن أذاه، فإن أذى المسلم في غير حقه حرام، وأما النهي عما ليس في ملكك إذا نهيت عن تملكه أواستباحته إلا على صفة ما في نكاح أو بيع أو صيد أو نحو ذلك، فالنهي عنه نهي تحريم فافهم. انتهى.

وإلى هذا المذهب يشير كلام الشافعي رحمه الله وهو واضع علم الأصول، فقد قال في رسالته ما لفظه: ولم يكن أمْرُه أن يأكل مِن بين يديه ولا يأكل من رأس الطعام إذا كان مباحاً له أن يأكل ما بين يديه وجميعَ الطعام: إلَاّ أدَبًا في الأكل من بين يديه، لأنه أجملُ به عند مُوَاكِلِه وأبعَدُ له من قُبْح الطَّعْمَة والنَّهَم وأَمَره ألا يأكل من رأس الطعام، لأن البركة تنزل منه له على النظر له في أن يُبارَك له بَرَكَةً دائِمة يدوم نزولها له وهو يبيحُ له إذا أكل ما حوْلَ رأس الطعام أن يأكل رأسه.

وإذا أباح له المَمَرَّ على ظهر الطريق فالممرُّعليه إذْ كان مُباحاً، لأنه لا مالِكَ له يمنع الممر عليه فيحرُم بمنعه: فإنما نهاه لمعنى يُثْبِت نظراً له فإنه قال: فَإِنَّهَا مَأْوَى الهَوَامِّ وَطُرُقُ الحَيَّاتِ.

على النظر له لا على أن التعريس محرَّم وقد ينهى عنه إذا كانت الطريق مُتَضايقاً مسْلوكا.

وبهذا يتبين لك أن هذا التفريق بين النوعين من النواهي جار في كلام كثير من العلماء وأن وجه هذا التفريق هو ما عرفناك سابقا من المعنى الذي اقتضى حمل كثير من النواهي الواردة في باب الأدب على الكراهة.

والله أعلم.

[تَارِيخُ الْفَتْوَى]

10 رمضان 1430

ص: 5