الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الرد الشافي على اعتراض المغرضين حول قتل المقاتلة من يهود بني قريظة
[السُّؤَالُ]
ـ[1-بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين.
شاهدت في قناة تلفزونية فرنسية آرتي ARTE فيلم وثائقي حول حياة الرسول عليه الصلاة والسلام وعرف من أقوال بعض المحدثين أن في حيا ة الرسول عليه الصلاة والسلام قتل (برفع القاف) 900 يهوديا بعد حصار وانتصار المسلمين في وقت واحد وأسر نساءهم وأسر أبناءهم كغنيمة حرب. هل من صحة في ذلك؟]ـ
[الفَتْوَى]
الحمد لله والصلاة السلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد عاهد النبي صلى الله عليه وسلم يهود بني قريظة، لكنهم نقضوا العهد وتمالؤوا مع المشركين في غزوة الخندق، فلما رد الله كيد الأحزاب ورجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بيته، ونزع عنه لباس الحرب، أتاه جبريل عليه السلام، وأمره أن يسير إلى بني قريظة.
ففي الصحيحين -وهذا لفظ مسلم-"فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق وضع السلاح فاغتسل، فأتاه جبريل وهو ينفض رأسه من الغبار فقال: وضعت السلاح؟! والله ما وضعناه، اخرج إليهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين؟ فأشار إلى بني قريظة، فقاتلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم فيهم إلى سعد (بن معاذ) قال: فإني أحكم فيهم أن تقتل المقاتلة، وأن تسبى الذرية والنساء، وتقسم الأموال" وفي مسند الإمام أحمد "فحاصرهم خمساً وعشرين ليلة" وقد سار جبريل عليه السلام مع موكب من الملائكة لقتال بني قريظة، كما في صحيح البخاري وغيره عن أنس قال:(كأني أنظر إلى الغبار ساطعاً في زقاق بني غنم موكب جبريل صلوات الله عليه، حين سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بني قريظة) وقد اختلف في عدد من قتل من رجال بني قريظة، قال الحافظ ابن حجر في الفتح:(فعن ابن إسحاق أنهم كانوا ستمائة، وبه جزم أبو عمر (ابن عبد البر) في ترجمة سعد بن معاذ، وعن ابن عائذ في مرسل قتادة "كانوا سبعمائة".
وقال السهيلي: المكثر يقول: إنهم ما بين الثمانمائة إلى التسعمائة. وفي حديث جابر عن الترمذي، والنسائي وابن حبان بإسناد صحيح أنهم كانوا أربعمائة مقاتل، فيحتمل في طريق الجمع أن يقال: إن الباقين كانوا أتباعاً، وقد حكى ابن إسحاق أنه قيل إنهم كانوا تسعمائة. انتهى كلام الحافظ.
وقد يتكئ بعض النصارى أو اليهود على هذه الواقعة ليتهموا الإسلام بالوحشية أو الدموية، فخير جواب لهؤلاء أن يذكَّروا بما في كتابهم المقدس من وقائع تم فيها قتل بني إسرائيل للآلاف من أعدائهم.
ففي سفر صموئيل 102/18 (وفي الحديث عن داود عليه السلام: (واجتاز نهر الأردن حتى قدم إلى حيلام، فالتقى الجيشان في حرب ضروس، وما لبث الآراميون أن اندحروا أمام الإسرائليين، فقتلت قوات رجال داود سبع مائة مركبة وأربعين ألف فارس) وفي سفر التثنية 20/10-18 (وحين تتقدمون لمحاربة مدينة فادعوها للصلح أولا، فإن أجابتكم إلى الصلح واستسلمت لكم، فكل الشعب الساكن فيها يصبح عبيداً لكم، وإن أبت الصلح وحاربتكم فحاصروها. فإذا أسقطها الرب إلهكم في أيديكم، فاقتلوا جميع ذكورها بحد السيف.
وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة من أسلاب فاغنموها لأنفسكم، وتمتعوا بغنائم أعدائكم التي وهبها الرب إلهكم لكم. هكذا تفعلون بكل المدن النائية عنكم التي ليست من مدن الأمم القاطنة هنا. أما مدن الشعوب التي يهبها الرب إلهكم لكم ميراثاً فلا تستبقوا فيها نسمة حية، بل دمروها عن بكرة أبيها، كمدن الحثيين والآموريين والكنعانيين والفرزيين والحيويون واليبوسيون
…
ولكن هذا ما تفعلونه بهم: اهدموا مذابحهم، وحطموا أصنامهم، وقطعوا سواريهم وأحرقوا تماثيلهم.
وقد قدر العلامة رحمة الله الهندي في كتابه (إظهار الحق) أهل هذه القبائل بما يزيد على المليون والنصف، بناء على الإحصاءات الواردة في العهد القديم.
ومما لا يخفى أن العهد القديم يقدسه اليهود والنصارى معاً، وفيه عشرات الوقائع المشابهة لما ذكرنا.
وعليه، فلا مجال لاعتراضهم على ما جاءت به شريعة الإسلام من قتل الكافرين المعاندين وناقضي العهود، مع امتياز هذه الشريعة السمحة بالكف عن قتل النساء والصبيان والرهبان، ومن لا قدرة له على القتال، ولا رأي له فيه.
والله أعلم.
[تَارِيخُ الْفَتْوَى]
19 ذو الحجة 1422