المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌2 - يحرم تجسس الزوج على زوجته بحجة الغيرة عليها ولضمان حسن سلوكها - فتاوى د حسام عفانة - جـ ١٥

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌1 - زنا المحارم من أعظم الكبائر

- ‌2 - يحرم تجسس الزوج على زوجته بحجة الغيرة عليها ولضمان حسن سلوكها

- ‌3 - يحرم تزويج شاتم الرب والدين حتى يتوب

- ‌4 - مسابقة ملكة الجمال أمر محرم شرعا ومناف لقيمنا وأخلاقنا

- ‌5 - الضوابط الشرعية لممارسة المرأة الألعاب الرياضية

- ‌6 - النقاب من الدين وليس من العادات كما زعم شيخ الأزهر

- ‌7 - أخطاء شائعة متعلقة بعدة الوفاة

- ‌8 - الجندر فكرة تغريبية

- ‌9 - وثيقة حقوق المرأة الفلسطينية

- ‌10 - ضوابط في أسماء المواليد

- ‌11 - التابعة من الجن

- ‌12 - حكم تولي المرأة القضاء الشرعي

- ‌13 - العيدية

- ‌14 - الحملة الفرنسية على الحجاب

- ‌15 - الاحتياط في باب المحرمات واجب

- ‌16 - الزواج قسمة ونصيب

- ‌17 - لفظ " الاختلاط " ليس دخيلا على التراث الإسلامي

- ‌18 - تغطية المرأة لرأسها جزء من حجابها

- ‌19 - يستحب الإشهاد على الرجعة

- ‌20 - حكم تصوير الفتيات بالجوال وتداول صورهن

- ‌21 - طلاق قبل الدخول

- ‌22 - حكم الزواج بنية الطلاق

- ‌23 - إنصاف الابن الذي يعمل في تجارة أبيه دون إخوته

- ‌24 - يجوز زواج الزانيين إذا تابا توبة صادقة

- ‌25 - حق الزوجة بمسكن مستقل

- ‌26 - النساء أولى بالحضانة من الرجال

- ‌27 - رضاع الكبير

- ‌28 - حكم الدراسة في مدرسة تمنع الفتاة من ارتداء الجلباب

- ‌29 - حكم قبول الزواج من موظف بنك ربوي

- ‌30 - حكم سفر الطالبة لدولة أوربية وإقامتها فيها منفردة

- ‌31 - اختلاف قيمة مؤخر المهر

- ‌32 - طاعة الزوجة لزوجها قبل الزفاف

- ‌33 - إعلان البراءة من شخص

- ‌34 - حكم الزواج العرفي

- ‌35 - عم الزوج ليس من محارم الزوجة

- ‌36 - القتل على خلفية شرف العائلة والأخذ بالثأر

- ‌37 - الطلاق المعلق وحكم الرجوع عنه

- ‌38 - عدة الوفاة واجبة على الزوجة وإن كانت عجوزا

- ‌39 - المعتدة عدة وفاة لا تسافر إلى الحج

- ‌40 - تحمل الزوج مصاريف علاج الزوجة

- ‌41 - تحريم الزوجة زوجها على نفسها لغو

- ‌42 - الحمل والإجهاض

- ‌43 - الرجعة في الطلاق

- ‌44 - حدود طاعة الوالدين

- ‌45 - التبرج من كبائر الذنوب وعقوبة المتبرجات

- ‌46 - الستر على الزوجة الزانية

- ‌47 - ميراث القاتل خطأ

- ‌48 - حقوق الزوجة على زوجها

- ‌49 - قراءة الفتحة عند الخطبة ليست عقد زواج

- ‌50 - القواعد من النساء

- ‌51 - يحرم تقبيل المرأة الأجنبية

- ‌52 - تأجير الأرحام محرم شرعا

- ‌53 - الحجاب الشرعي

- ‌54 - اللعان

- ‌55 - حرية المرأة في تصرفها بمالها

- ‌56 - الطلاق

- ‌57 - حكم تصدق الزوجة من مال الزوج

- ‌58 - العدة

- ‌59 - الحضانة

- ‌60 - النكاح

- ‌61 - حق الأولاد

- ‌62 - نفقة الزوجة

- ‌63 - كفارة الظهار

- ‌64 - دية المرأة

- ‌65 - أموال اليتامى

- ‌66 - الطلاق

- ‌67 - حكم نشر أسرار المعاشرة الزوجية

- ‌68 - التعدد

- ‌69 - الطلاق

- ‌70 - الخلوة

- ‌71 - الحمل والإجهاض

- ‌72 - عرض الأزياء

- ‌73 - النكاح

- ‌74 - النكاح

- ‌75 - الميراث

- ‌76 - أماكن محرمة

- ‌77 - اللباس والزينة

- ‌78 - اللباس والزينة

- ‌79 - مسائل طبية

- ‌80 - النزاعات والخلافات

- ‌81 - الطلاق

- ‌82 - الخطبة

- ‌83 - النكاح

- ‌84 - النكاح

- ‌85 - حقوق الزوجين

- ‌86 - الطلاق

- ‌87 - الطلاق

- ‌88 - الحضانة

- ‌89 - الطلاق

- ‌90 - الطلاق

- ‌91 - النكاح

- ‌92 - الميراث

- ‌93 - المهر

- ‌94 - حقوق الزوجين

- ‌95 - النكاح

- ‌96 - النكاح

- ‌97 - الاختلاط

- ‌98 - مصافحة المرأة الأجنبية حرام شرعا

- ‌99 - الخلوة

- ‌100 - تدريب رجل للفتيات

- ‌101 - ذهاب المرأة إلى نوادي اللياقة البدنية

- ‌102 - المحارم

- ‌103 - المحارم

- ‌104 - المحارم

- ‌105 - مسائل طبية

- ‌106 - الحمل والإجهاض

- ‌107 - تحنيط الجنين

- ‌108 - حق الأولاد

- ‌109 - حق الأولاد

- ‌110 - حقوق الزوجين

- ‌111 - حقوق الزوجين

- ‌112 - اللباس والزينة

- ‌113 - انتساب الزوجة إلى زوجها

- ‌114 - حقوق الزوجين

- ‌115 - الضرب وسيلة مشروعة للتربية

- ‌116 - اللباس والزينة

- ‌117 - النزاعات والخلافات

- ‌118 - النزاعات والخلافات

- ‌119 - الرحلات

- ‌120 - الخطبة

- ‌121 - مسائل طبية

- ‌122 - الحمل والإجهاض

- ‌123 - الحمل والإجهاض

- ‌124 - اللباس والزينة

- ‌125 - مسائل طبية

- ‌126 - اللباس والزينة

- ‌127 - المحارم

- ‌128 - كشف أسرار البيوت

- ‌129 - الديوث

- ‌130 - تدريب رجل للفتيات

- ‌131 - الاختلاط

- ‌132 - الاختلاط

- ‌133 - المنكرات في الحفلات

- ‌134 - الموسيقى

- ‌135 - الميراث

- ‌136 - الميراث

- ‌137 - اللباس والزينة

- ‌138 - النكاح

- ‌139 - النكاح

- ‌140 - النكاح

- ‌141 - النكاح

- ‌142 - النكاح

- ‌143 - حقوق الزوجين

- ‌144 - الطلاق

- ‌145 - الحداد

- ‌146 - حقوق الزوجين

- ‌147 - حقوق الزوجين

- ‌148 - المنكرات في الحفلات

- ‌149 - حقوق الزوجين

- ‌150 - الحجاب الشرعي

- ‌151 - الحمل والإجهاض

- ‌152 - الحمل والإجهاض

- ‌153 - حقوق الزوجين

- ‌154 - حقوق الزوجين

- ‌155 - حقوق الزوجين

- ‌156 - حكم قص الشعر للنساء

- ‌157 - رقص النساء

- ‌158 - علاج الطبيب للمرأة

- ‌159 - مصافحة المرأة الأجنبية حرام شرعا

- ‌160 - الميراث

- ‌161 - حق الأولاد

- ‌162 - حق الأولاد

- ‌163 - حق الأولاد

- ‌164 - الميراث

- ‌165 - أموال اليتامى

- ‌166 - الميراث

- ‌167 - الحمل والإجهاض

- ‌168 - صلة الأرحام

- ‌169 - الحمل والإجهاض

- ‌170 - النكاح

- ‌171 - المحارم

- ‌172 - المحارم

- ‌173 - ما هو النمص

- ‌174 - علاج الطبيب للمرأة

- ‌175 - تقليم الأظفار

- ‌176 - التدخين

- ‌177 - الحمل والإجهاض

- ‌178 - الحمل والإجهاض

- ‌179 - المنكرات في الحفلات

- ‌180 - لا يجوز هجر المسلم إلا لسبب شرعي

- ‌181 - السحر والحسد

- ‌182 - السحر والحسد

- ‌183 - النكاح

- ‌184 - حقوق الزوجين

- ‌185 - حقوق الزوجين

- ‌186 - النكاح

- ‌187 - مسائل طبية

- ‌188 - النكاح

- ‌189 - الحجاب الشرعي

- ‌190 - دية المرأة نصف دية الرجل

- ‌191 - القتل على خلفية شرف العائلة

- ‌192 - المنكرات في الحفلات

- ‌193 - الحداد

- ‌194 - الحمل والإجهاض

- ‌195 - الميراث

- ‌196 - النكاح

- ‌197 - النكاح

- ‌198 - النكاح

- ‌199 - حقوق الزوجين

- ‌200 - الحمل والإجهاض

- ‌201 - يحرم تمزيق الملابس عند الحزن والغضب

- ‌202 - العدة

- ‌203 - العدة

- ‌204 - حقوق الزوجين

- ‌205 - نظام الاحوال الشخصية

- ‌206 - الخطبة

- ‌207 - الخطبة

- ‌208 - التوقف عن الإنجاب بسبب مرض الثلاسيميا

- ‌209 - حكم استعمال الجدول الصيني لتحديد جنس الجنين

- ‌210 - حكم حمل العروس للمصحف الشريف للتبرك به أثناء ما يسمى "جلوة العروس

الفصل: ‌2 - يحرم تجسس الزوج على زوجته بحجة الغيرة عليها ولضمان حسن سلوكها

‌2 - يحرم تجسس الزوج على زوجته بحجة الغيرة عليها ولضمان حسن سلوكها

تقول السائلة: قام زوجي بتركيب آلة تسجيل على هاتف البيت لتسجيل مكالماتي، كما أنه يقوم بمراقبة هاتفي النقال باستمرار ولما فاتحته بالموضوع زعم أن ما فعله للمحافظة على أسرته وأنه شديد الغيرة على زوجته، فما حكم ذلك، أفيدونا؟

الجواب: لا بد من بيان معنى التجسس أولاً فهو اللغة تتبع الأخبار، يقال: جس الأخبار وتجسسها: إذا تتبعها، ومنه الجاسوس، لأنه يتتبع الأخبار ويفحص عن بواطن الأمور، والتجسس تعتريه أحكام ثلاثةٌ الحرمة والوجوب والإباحة. فالتجسس على المسلمين في الأصل حرامٌ منهيٌ عنه، لقوله تعالى:{يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} سورة الحجرات الآية 12. ولأن فيه تتبع عورات المسلمين ومعايبهم والاستكشاف عما ستروه

قال ابن وهب: والستر واجبٌ إلا عن الإمام والوالي وأحد الشهود الأربعة في الزنا. وقد يكون التجسس واجباً، فقد نقل عن ابن الماجشون المالكي أنه قال: اللصوص وقطاع الطريق أرى أن يُطلبوا في مظانهم ويُعان عليهم حتى يقتلوا أو ينفوا من الأرض بالهرب. وطلبهم لا يكون إلا بالتجسس عليهم وتتبع أخبارهم. ويباح في الحرب بين المسلمين وغيرهم بعثُ الجواسيس لتعرف أخبار جيش الكفار من عدد وعتاد وأين يقيمون وما إلى ذلك. وكذلك يباح التجسس إذا رُفع إلى الحاكم أن في بيت فلان خمراً، فإن شهد على ذلك شهود كُشف عن حال صاحب البيت، فإن كان مشهوراً بما شُهد عليه أُخذ، وإن كان مستوراً فلا يُكشف عنه. وقد سُئل الإمام مالك عن الشرطي يأتيه رجلٌ يدعوه إلى ناس في بيت اجتمعوا فيه على شراب، فقال: إن كان في بيت لا يُعلم ذلك منه فلا يتتبعه، وإن كان معلوماً بذلك يتتبعه. وللمحتسب أن يكشف على مرتكبي المعاصي؛ لأن قاعدة ولاية الحسبة: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الموسوعة الفقهية الكويتية 10/162 بتصرف. ومما يدل على حرمة التجسس وتتبع عورات المسلمين قوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثماً مُّبِيناً} سورة الأحزاب الآية 58. وثبت في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إياكم والظن، فإن الظنَ أكذبُ الحديث، ولا تحسسوا ولا تجسسوا ولا تنافسوا، ولا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخواناً كما أمركم، المسلم أخو المسلم، لا يظلمه، ولا يخذله ولا يحقره، التقوى هاهنا التقوى ها هنا - ويشير إلى صدره - بحسب امرئٍ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام: دمه، وعرضه، وماله، إن الله لا ينظر إلى أجسادكم، ولا إلى صوركم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم) رواه مسلم. قال الحافظ ابن حجر العسقلاني: [قوله: (إياكم والظن) قال الخطابي وغيره: ليس المراد ترك العمل بالظن الذي تناط به الأحكام غالباً، بل المراد ترك تحقيق الظن الذي يضر بالمظنون به، وكذا ما يقع في القلب بغير دليل، وذلك أن أوائل الظنون إنما هي خواطر لا يمكن دفعها، وما لا يقدر عليه لا يكلف به، ويؤيده حديث (تجاوز الله للأمة عما حدثت به أنفسها)

وقال القرطبي: المراد بالظن هنا التهمة التي لا سبب لها كمن يتهم رجلاً بالفاحشة من غير أن يظهر عليه ما يقتضيها، ولذلك عطف عليه قوله:(ولا تجسسوا) وذلك أن الشخص يقع له خاطر التهمة فيريد أن يتحقق فيتجسس ويبحث ويستمع، فنهى عن ذلك، وهذا الحديث يوافق قوله تعالى:{اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} ، فدل سياق الآية على الأمر بصون عرض المسلم غاية الصيانة لتقدم النهي عن الخوض فيه بالظن، فإن قال الظان أبحث لأتحقق، قيل له {وَلَا تَجَسَّسُوا} فإن قال تحققت من غير تجسس، قيل له {وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا} ] فتح الباري 10/591. وعن أبي برزة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الإيمانُ قلبَه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في بيته) رواه أبو داود وقال العلامة الألباني حديث حسن صحيح، كما في صحيح سنن أبي داود 3/923. وعن ابن مسعود رضي الله عنه: أنه أُتِيَ برجلٍ فقيل له: هذا فلان تقطر لحيته خمراً، فقال: إنا قد نهينا عن التجسس، ولكن إن يظهر لنا شيءٌ نأخذ به. قال الإمام النووي في رياض الصالحين: حديث حسن صحيح، رواه أبو داود بإسناد على شرط البخاري ومسلم. وغير ذلك من النصوص. وقد اعتبر العلماء التجسس المحرم على المسلمين من كبائر الذنوب، قال ابن حجر الهيتمي المكي معلقاً على قوله تعالى:{وَلا تَجَسَّسُوا} : [وعلى كلٍ ففي الآية النهي الأكيد عن البحث عن أمور الناس المستورة وتتبع عوراتهم] الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/14. وقال أيضاً عند حديثه عن كبيرة التسمع إلى حديث قومٍ يكرهون الإطلاع عليه: [أخرج البخاري وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (

ومن استمع إلى حديث قومٍ وهم له كارهون صب في أذنيه الآنك - أي بالمد وضم النون: الرصاص المذاب - يوم القيامة..)

عَدُّ هذا هو صريح هذا الحديث وهو ظاهر وإن لم أرَ من ذكره لأن صب الرصاص المذاب في الأذنين يوم القيامة وعيدٌ شديدٌ جداً، ثم رأيت بعضهم ذكره ومر في مبحث الغيبة معنى قوله تعالى:{ولا تجسسوا} ، وقوله صلى الله عليه وسلم:(ولا تجسسوا ولا تحسسوا) ، قيل هما مترادفان ومعناهما طلب معرفة الأخبار، وقيل مختلفان فهو بالحاء أن تسمعها بنفسك وبالجيم أن تفحص عنها بغيرك، وقيل بالحاء استماع حديث القوم وبالجيم البحث عن العورات؛ ومن ذلك وغيره عُلم أنه ليس للإنسان أن يسترق السمع من دار غيره، وأن لا يستنشق ولا يمس ثوب إنسان ليسمع أو يشم أو يجد منكراً، وأن لا يستخبر من صغار دار أو جيرانها؛ ليعلم ما يجري في بيت جاره.] الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/357. إذا تقرر هذا فإنه يحرم شرعاً على الزوج أن يتجسس على زوجته ما دامت ملتزمة بالأحكام الشرعية، لأن الأصل فيها هو السلامة من المعاصي والآثام، ولأن التجسس على الزوجة يعتبر من باب إساءة الظن وقد قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثمٌ وَلا تَجَسَّسُوا} سورة الحجرات الآية 12. ولأن التجسس على الزوجة يؤدي إلى الفساد والإفساد، كما ورد في الحديث عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنك إن اتبعت عورات المسلمين أفسدتهم، أو كدت أن تفسدهم) رواه أبو داود وابن حبان وصححه العلامة الألباني في صحيح الترغيب 2/293. ومما يدل على حرمة التجسس على الزوجة وتتبع العورات أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يطرق الرجل أهله طُروقاً - قال أهل اللغة الطُروق بالضم المجيء بالليل من سفرٍ أو من غيره على غفلة - وقد بوبَّ الإمام البخاري في صحيحه" باب لا يطرق أهله ليلاً إذا أطال الغيبة مخافة أن يتخونهم أو يلتمس عثراتهم"، ثم روى بإسناده عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلاً) ، وفي رواية عند مسلم عن جابر قال: (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلاً يتخونهم أو يلتمس عثراتهم) ، قال الإمام الشوكاني: [قوله (يتخونهم أو يطلب عثراتهم)

والتخون أن يظن وقوع الخيانة له من أهله، وعثراتهم بفتح المهملة والمثلثة جمع عثرة: وهي الزلة. ووقع في حديث جابر عند أحمد والترمذي بلفظ: (لا تلجوا على المغيبات فإن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم) ] نيل الأوطار 6/240-241. وأما تبرير الزوج بأن يتجسس على زوجته من باب الغيرة، فهذه الغيرة مذمومة، وقد ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن من الغيرة ما يحب الله ومنها ما يبغض الله، فأما الغيرة التي يحبها الله فالغيرة في الريبة، وأما الغيرة التي يبغضها الله فالغيرة في غير الريبة) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان وحسنه العلامة الألباني في صحيح الجامع 1/442. والغيرة من غير ريبة نوع من الإفراط، وأما التفريط في الغيرة فهو من لا يغار على زوجته ومحارمه مع وجود الريبة، فهذا ينطبق عليه وصف الديوث الوارد في الحديث، والدياثة من كبائر الذنوب كما قال ابن حجر المكي في الزواجر عن اقتراف الكبائر 2/109-111.

وخلاصة الأمر أنه يحرم شرعاً على الزوج أو الزوجة أن يتجسس كل واحد منهما على الآخر بدون موجب، وإن التجسس وسوء ظن أحد الزوجين بالآخر، يؤدي إلى الدمار، وخراب البيوت، وإفساد الحياة الزوجية ويفقدهما الشعور بالثقة والسكن المشار إليه في قوله تعالى:{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} سورة الروم الآية 21.

ص: 2