الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والأضحية عن الميت. فهذه الأمور تعتبر من بر الوالدين والإحسان لهما بعد وفاتهما.
وخلاصة الأمر أن الحديث الذي أشار إليه السائل مختلف فيه وإن سلمنا بصحته فالمراد من الصلاة على الوالدين الدعاء لهما وليس المقصود الصلاة المعروفة.
معنى الحديث (ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم)
يقول السائل: إنه قرأ في كتاب عن صلاة الاستخارة حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم ونصه: (ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه، ورجل آتى سفيهاً ماله وقد قال الله عز وجل: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم}) وأن مؤلف الكتاب شرح الحديث على أن من ذكروا في الحديث لا يستجاب دعاؤهم إذا استخاروا، فهل الحديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وما قولكم في معنى الحديث؟
الجواب: هذا الحديث أخرجه الحاكم في المستدرك وقال: [هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه] ووافقه الذهبي وصححه العلامة الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة المجلد الرابع حديث رقم 1805.
ومعنى الحديث أن الثلاثة المذكورين لا يستجاب دعاؤهم في الحالات التي ذكروا فيها: أما الأول فرجل كان متزوجاً من امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، فإذا دعا عليها فلا يستجاب له، لأنه كان قادراً على طلاقها بعد أن لم يصلح حالها ولم ترجع عن أخلاقها السيئة، فلما رضي بسوء أخلاقها فلا يستجاب له إذا دعا عليها بعد ذلك. وأما الثاني: فرجل كان له على رجلٍ مال فلم يشهد عليه أي أنه داين غيره مالاً بدون أن يوثق الدين وبدون الإشهاد عليه فأنكره المدين فصاحب الدين قصر في حفظ حقه فإذا دعا على المدين فلا يستجاب له. وأما الثالث فرجل آتى سفيهاً ماله مخالفاً قول الله عز وجل: {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم} ثم دعا على ذلك السفيه الذي بدد المال فحينئذ لا
يستجاب دعاؤه عليه.
قال الإمام الطحاوي في شرح الحديث [ثم تأملنا معنى هذا الحديث فوجدنا الله عز وجل قد علَّم عباده أشياء يستدفعون بها أضدادها، فكان من ذلك تحذيره لهم أن لا يدفعوا إلى السفهاء أموالهم؛ رحمة لهم، وطلباً منه لبقاء نعمه عليهم، وعلَّمهم أن يشهدوا في مدايناتهم؛ ليكون ذلك حفظاً لأموال الطالبين منهم، ولأديان المطلوبين منهم، وعلَّمهم الطلاق الذي يستعملونه عند حاجتهم إليه، فكان من ترك منهم ما علَّمه الله إياه حتى وقع في ضد ما يريد مخالفاً لما أمره الله عز وجل به؛ فلم يجب دعاءه لخلافه إياه، وكان من سوى من ذكرنا في هذا الحديث ممن ليس بعاصٍ لربه مرجواً له إجابة الدعوة فيما يدعوه، وهم الذين دخلوا في قوله عز وجل: {وقال ربكم ادعوني أستجب لكم}، وحذرهم على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم من الاستعجال في إجابة الدعاء.] مشكل الآثار نقلاً عن شبكة الإنترنت.
وقال العلامة المناوي في شرح الحديث: [(ثلاثة يدعون الله عز وجل فلا يستجاب لهم رجل كانت تحته امرأة سيئة الخُلق) بالضم (فلم يطلقها) فإذا دعا عليها لا يستجيب له لأنه المعذب نفسه بمعاشرتها وهو في سعة من فراقها (ورجل كان له على رجل مال فلم يشهد عليه) فأنكره فإذا دعا لا يستجاب له لأنه المفرط المقصر بعدم امتثال قوله تعالى {وأشهدوا شهيدين من رجالكم} (ورجل آتى سفيهاً) أي محجوراً عليه بسفه (ماله) أي شيئاً من ماله مع علمه بالحجر عليه فإذا دعا عليه لا يستجاب له لأنه المضيع لماله فلا عذر له (وقد قال الله تعالى: ولا تؤتوا السفهاء أموالكم).] فيض القدير شرح الجامع الصغير 3/ 441 - 442.
ولا يصح حمل الحديث على عموم الأحوال فيقال إن الله تعالى لا يستجيب دعاء الثلاثة المذكورين مطلقاً بل لا بد من حمل الحديث على الحالات الخاصة المذكورة فيه وهؤلاء الثلاثة لا يستجاب دعاؤهم لأنهم خالفوا ما أرشدهم الله إليه فمن المعلوم
أن الله شرع الطلاق إذا سدت كل الطرق للإصلاح بين الزوجين فإذا كان عند الرجل زوجة سيئة الأخلاق وحاول إصلاحها ولكن بدون فائدة واستمرت على سوء أخلاقها فلم يطلقها فيكون قد قصَّر في حق نفسه ولم يستجب لقول الله تعالى {وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعاً حَكِيماً} سورة النساء الآية 130.
ومن داين غيره مالاً فلم يشهد على ذلك، فقد قصر في حفظ ماله ومن المعلوم أن الله قد شرع كتابة الدين والإشهاد عليه حفظاً للحقوق وقد نزلت في ذلك أطول آية في القرآن الكريم حيث يقول الله سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإِنْ كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الْأُخْرَى وَلَا يَأْبَ الشُّهَدَاءُ إِذَا مَا دُعُوا وَلَا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلَّا تَرْتَابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمَانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُءَاثِمٌ
قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) سورة البقرة الآيتان 282 - 283.
ففي هاتين الآيتين دلالة واضحة على مشروعية كتابة الدين وتوثيقه والإشهاد عليه. قال الإمام ابن العربي المالكي: [قوله تعالى: (فَاكْتُبُوهُ) يريد أن يكون صكاً
ليستذكر به عند أجله لما يتوقع من الغفلة في المدة التي بين المعاملة وبين حلول الأجل والنسيان موكل بالإنسان والشيطان ربما حمل على الإنكار والعوارض من موت وغيره تطرأ فشُرِع الكتاب والإشهاد] أحكام القرآن 1/ 247.
وقال الضحاك: [إن ذهب حقه - أي الدائن - لم يؤجر وإن دعا عليه لم يُجب؛ لأنه ترك حق الله تعالى وأمره]. ومن المعلوم اليوم أن كثيراً من الخلافات المالية التي تحدث بين الناس تعود أسبابها إلى عدم الكتابة والتوثيق في العقود فيقع النزاع والخلاف ويحدث الإنكار ونحو ذلك. وبناءً على الآية الكريمة السابقة قال جمهور أهل العلم إن كتابة الدين وتوثيقه والإشهاد عليه أمر مندوب إليه وقال بعض العلماء بوجوب ذلك أخذاً بظاهر الآية وهو قول وجيه له حظ من النظر وينبغي حمل الناس عليه في هذا الزمان قطعاً لأكل حقوق الآخرين بالباطل وسداً لأبواب النزاع والخصومات ولما نرى في مجتمعنا من نزاع وشقاق وخلاف بسبب عدم توثيق الديون والعقود وكتابتها فكم من المنازعات حدثت بين المؤجر والمستأجر بسبب عدم كتابة عقد الإجارة وكم من خصومات حصلت بين الشركاء لاختلافهم في قضية ما ويعود ذلك لعدم كتابة اتفاق الشراكة وهكذا الحال في كل المعاملات التي لم توثق. لذا فإني أنصح كل متعاقدين في أي من العقود الشرعية أن يوثقا العقد بجميع شروطه وتفصيلاته الصغيرة قبل الكبيرة، قال الله تعالى:(ولا تَسْأَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيرًا أَوْ كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ). قال ابن العربي المالكي: [هذا تأكيد من الله تعالى في الإشهاد بالدين تنبيهاً لمن كسل فقال: هذا قليل لا أحتاج إلى كتبه والإشهاد عليه. لأن أمر الله تعالى فيه والتحضيض عليه واحد والقليل والكثير في ذلك سواء] أحكام القرآن 1/ 257.
وأما من يؤتي المال للسفيه المحجور عليه فيضيعه فقد خالف قول الله تعالى {ولا تؤتوا السفهاء أموالكم التي جعل الله لكم قياماً وارزقوهم فيها واكسوهم وقولوا لهم قولاً
معروفاً} سورة النساء الآية 5.
وقال الإمام البيضاوي: [نهى الأولياء عن أن يؤتوا الذين لا رشد لهم أموالهم فيضيعوها وإنما أضاف الأموال إلى الأولياء لأنها في تصرفهم وتحت ولايتهم وهو الملائم للآيات المتقدمة والمتأخرة] تفسير البيضاوي نقلاً عن شبكة الإنترنت.
وخلاصة الأمر أن الثلاثة المذكورين في الحديث لا يستجاب دعاؤهم في الحالات التي تلبسوا بها لأنهم خالفوا ما شرعه الله عز وجل بخصوص هذه الحالات، وليس معنى الحديث أنه لا يستجاب لهم مطلقاً.
تم َّ الكتاب بحمد الله تعالى
الفهرس
الموضوع
…
الصفحة
مقدمة
…
5
العقيدة والتفسير
…
9
11
13
22
الصلاة
…
29
31
34
37
42
50
54
57
61
65
69
74
78
الصيام
…
83
قضاء رمضان
…
85
حكم الأكل والشرب أثناء أذان الفجر
…
87
تعجيل صدقة الفطر
…
90
اعتكاف المرأة في العشر الأواخر من رمضان
…
94
الأضحية
…
97
شروط الأضحية توقيفية
…
99
الاختلاف في وقت عيد الأضحى
…
105
الزكاة
…
111
زكاة البضاعة الكاسدة
…
112
النذور
…
117
نذر المعصية
…
119
المعاملات
…
127
يحرم العمل في المحلات التي تقدم الخمور
…
129
برنامج توفير محرم
…
132
شحن البلفونات من كهرباء المسجد
…
136
الشهادة على العقد
…
139
بيع الطعام قبل القبض
…
143
تبرع المضارب بضمان رأس المال
…
148
يحرم شراء بيت السكن بالربا
…
152
الإقالة
…
156
الظفر بالحق
…
160
التصرف في المال الموقوف للمسجد
…
164
مسائل في التعامل بالشيكات
…
168
هل البضاعة المباعة لا ترد ولا تستبدل؟
…
172
سرقة الأدوية والتلاعب بها
…
175
الأسرة والمجتمع
…
179
تلقيح صناعي محرم
…
181
نفقة علاج الزوجة واجبة على زوجها
…
185
يحرم تقبيل المرأة الأجنبية
…
188
تحريم الزوجة زوجَها على نفسها
…
192
سفر المعتدة عدة وفاة إلى الحج
…
196
الزواج العرفي
…
200
الرجوع عن الطلاق المعلق
…
205
الأخذ بالثأر والقتل على خلفية شرف العائلة
…
209
عدة الوفاة واجبة على المرأة العجوز
…
214
عم الزوج أجنبي على زوجته
…
218
حكم البراءة من الأشخاص
…
222
طاعة الزوج بعد العقد وقبل الزفاف
…
227
متفرقات
…
233
حديث السبعة الذين لا يظلهم الله بظله يوم القيامة غير ثابت
…
235
شهادة البدوي على الحضري
…
239
الأعمال العلمية للمؤلف الأستاذ الدكتور. حسام الدين عفانة
1.
الحقيقة والمجاز في الكتاب والسنة وعلاقتهما بالأحكام الشرعية (رسالة الماجستير)
2.
بيان معاني البديع في أصول الفقه (رسالة الدكتوراه)
3.
الأدلة الشرعية على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية (كتاب)
4.
أحكام العقيقة في الشريعة الإسلامية (كتاب)
5.
يسألونك الجزء الأول (كتاب)
6.
يسألونك الجزء الثاني (كتاب)
7.
بيع المرابحة للآمر بالشراء على ضوء تجربة شركة بيت المال الفلسطيني العربي (كتاب)
8.
صلاة الغائب دراسة فقهية مقارنة (كتاب)
9.
يسألونك الجزء الثالث (كتاب)
10.
يسألونك الجزء الرابع (كتاب)
11.
يسألونك الجزء الخامس (كتاب)
12.
المفصل في أحكام الأضحية (كتاب)
13.
شرح الورقات في أصول الفقه لجلال الدين المحلي (دراسة وتعليق وتحقيق)
14.
فهارس مخطوطات مؤسسة إحياء التراث الإسلامي 12 جزءاً بالاشتراك (صدر الأول منها)
15.
الفتاوى الشرعية (1) بالاشتراك (هيئة الرقابة الشرعية لشركة بيت المال الفلسطيني العربي)
16.
الفتاوى الشرعية (2) بالاشتراك (هيئة الرقابة الشرعية لشركة بيت المال الفلسطيني العربي)
17.
الشيخ العلامة مرعي الكرمي وكتابه دليل الطالب (بحث)
18.
الزواج المبكر (بحث)
19.
الإجهاض (بحث)
20.
مسائل مهمات في فقه الصوم والتراويح والقراءة على الأموات (كتاب)
21.
مختصر كتاب جلباب المرأة المسلمة للعلامة المحدث الألباني (كتاب)
22.
إتباع لا ابتداع (كتاب)
23.
بذل المجهود في تحرير أسئلة تغير النقود للغزي التمرتاشي (دراسة وتعليق وتحقيق)
24.
يسألونك الجزء السادس (كتاب)
25.
رسالة إنقاذ الهالكين للعلامة محمد البركوي (دراسة وتعليق وتحقيق)
26.
الخصال المكفرة للذنوب (يتضمن تحقيق مخطوط للخطيب الشربيني)(كتاب)
27.
أحاديث الطائفة الظاهرة وتحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين (كتاب)
28.
التنجيم (بحث بالاشتراك)
29.
الحسابات الفلكية (بحث بالاشتراك)
30.
يسألونك الجزء السابع (كتاب)
31.
المفصل في أحكام العقيقة (كتاب)
32.
يسألونك الجزء الثامن (كتاب)
33.
يسألونك الجزء التاسع (كتاب)
34.
فهرس المخطوطات المصورة الجزء الثاني (الفقه الشافعي)(كتاب)
35.
فقه التاجر المسلم وآدابه (كتاب)
36.
يسألونك الجزء العاشر (كتاب)
37.
يسألونك الجزء الحادي عشر (هذا الكتاب)
موقع الأستاذ الدكتور حسام الدين على شبكة الانترنت: www.yasaloonak.net
وعنوان البريد الإلكتروني:
fatawa@yasaloonak.net.