المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المصحف المطبوع بطريقة برايل للمكفوفين - فتاوى يسألونك - جـ ١١

[حسام الدين عفانة]

فهرس الكتاب

- ‌الجزء الحادي عشر

- ‌مقدمة

- ‌العقيدة والتفسير

- ‌استعمال مصطلح العقيدة

- ‌حقوق المصطفى صلى الله عليه وسلم على الأمة المسلمة

- ‌الدفاع عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومقاطعة الذين اعتدوا على مقامه الشريف

- ‌صيانة الأوراق المكتوب فيها ذكر الله عز وجل

- ‌حكم الاستهزاء بالصلاة وبالمصلين

- ‌المصحف المطبوع بطريقة برايل للمكفوفين

- ‌المناهي اللفظية

- ‌الصلاة

- ‌النفاس والاستحاضة

- ‌حكم الصلاة جماعة قبل جماعة الإمام الراتب

- ‌وقت الانتظار بين الأذان والإقامة في صلاة المغرب

- ‌وقوف الصبيان في الصف الأول في صلاة الجماعة

- ‌هل الأسير والمعتقل لهما حكم المسافر

- ‌عدم اتصال الصفوف للعجز عن ذلك

- ‌يجوز تسمية المسجد باسم شخص معين

- ‌حكم الغسل من تغسيل الميت

- ‌ألفاظ تستعمل عند التعزية

- ‌العيد والصيام والحج

- ‌من أحكام العيد

- ‌هدي النبي صلى الله عليه وسلم في شهر شعبان

- ‌إذا توفي قاصد الحج قبل أن يؤدي المناسك فهل يُحج عنه

- ‌المعاملات

- ‌متى تعتبر مصاريف القروض رباً

- ‌الضوابط الشرعية للتعامل بالأسهم

- ‌حكم غرامات شركة الكهرباء

- ‌أثر اختلاف قيمة العملة على المهور

- ‌حكم تصرف الشريك بدون إذن شريكه

- ‌حكم استئجار الحلي الذهبية

- ‌حكم الشرط الجزائي في العقود التي تتضمن التزاماً مالياً في الذمة

- ‌رد السلعة المعيبة

- ‌عقود الصيانة

- ‌عرض الملابس النسائية على المجسمات

- ‌التجارة بالألعاب النارية

- ‌انتزاع الملكية الخاصة وتحويلها إلى ملكية عامة

- ‌إتلاف المنتجات الزراعية احتجاجاً على إغلاق المعابر

- ‌تزوير الشهادات

- ‌مصرف المال الحرام

- ‌الأسرة والمجتمع

- ‌حكم الزواج من موظف في بنك ربوي

- ‌سفر الطالبة للدراسة بدون محرم

- ‌الجنايات

- ‌الضمان في حوادث السيارات

- ‌ما يلزم في القتل خطأ

- ‌دية المرأة الحامل ودية الجنين

- ‌حرمة دم المسلم أعظم عند الله من هدم الكعبة المشرفة

- ‌متفرقات

- ‌مخالفات الدكتور الترابي وانحرافاته

- ‌الضوابط الشرعية لجواز نقل الأعضاء البشرية

- ‌حكم سرقة البحوث العلمية

- ‌الضوابط الشرعية لتنفيذ وصية الميت

- ‌حديث (سؤر المؤمن شفاء) ليس ثابتاً عن الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌(تعلموا السحر ولا تعملوا به) حديث باطل

- ‌معنى الحديث (إن من البر بعد البر أن تصلي لهما - الوالدان - مع صلاتك)

- ‌معنى الحديث (ثلاثة يدعون فلا يستجاب لهم)

الفصل: ‌المصحف المطبوع بطريقة برايل للمكفوفين

يتعرض لعقاب الله عز وجل كما قال تعالى: {وقد نزل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره إنكم إذا مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً} سورة النساء الآية 140.

وخلاصة الأمر أن الاستهزاء بالصلاة وبشعائر الدين بشكل عام يعتبر كفراً ناقضاً للإيمان ومخرجاً من الملة على أي شكل كان قال شيخ الإسلام ابن تيمية [الاستهزاء بالقلب والانتقاص يُنافي الإيمان الذي في القلب منافاة الضد ضده، والاستهزاء باللسان يُنافي الإيمان الظاهر باللسان كذلك] الصارم المسلول على شاتم الرسول ص 370.

‌المصحف المطبوع بطريقة برايل للمكفوفين

يقول السائل: المصحف المطبوع بطريقة برايل للمكفوفين هل له حكم المصحف المعروف ولقد حاولنا السؤال عن هذه المسألة وكانت الإجابة تأتينا في اتجاهين الأول بأنه لا ينطبق عليه أحكام المصحف العادي لأنه لم يكتب بالرسم العثماني لذلك فهو يحمل حكم التفسير أو القرآن المترجم. والقول الثاني هو بما أن الكفيف يقرأ ما في هذا المصحف قراءة سليمة ودون إنقاص لأي معنى من معاني القرآن فإنه يحمل نفس الأحكام فما رأي فضيلتكم في ذلك وجزاكم الله كل الخير. جمعية أصدقاء الكفيف فلسطين.

الجواب: لا شك أن تعظيم كتاب الله أمر واجب في حق كل مسلم ومن وقر القرآن الكريم فقد وقر الله سبحانه وتعالى ومن استخف بالقرآن فقد استخف بالله تعالى: (وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ) وقد ورد عن عمر رضي الله عنه أنه قال: (عظموا القرآن) تفسير القرطبي 1/ 29.

وقال الإمام النووي: [أجمع المسلمون على وجوب صيانة المصحف واحترامه] التبيان في آداب حملة القرآن ص 108. وقد ذكر العلماء جملة من الآداب التي ينبغي للمسلم أن

ص: 34

يتحلى بها عند التعامل مع القرآن الكريم. راجعها في كتاب التبيان في آداب حملة القرآن للإمام النووي ففيه فوائد كثيرة.

إذا تقرر هذا فنعود لإجابة السؤال فأقول بعد تقليب أوجه النظر في هذه النازلة وتخريجها على قواعد الشرع المقررة فإني أرى أن المصحف المكتوب بطريقة (برايل) للمكفوفين يأخذ حكم المصحف من حيث وجوب تعظيمه وحرمة الاستخفاف به وكذا حرمة امتهانه لأنه مكتوب بحروف وإن كانت غير الحروف العربية إلا أنها حروف خاصة بالمكفوفين فلذا تراهم يقرأونه كما يقرأ المبصرون ويضاف إلى ذلك أنه لا يكتب في مصحف المكفوفين إلا كلام الله عز وجل ولا يكتب فيه تفسير أو شرح وكذلك فإنك لو سألت مكفوفاً بيده نسخة منه، عن هذا الذي في يده، لأجابك بأنه يحمل مصحفاً، فالأولى إلحاقه بالمصحف، وتعليل هذا الحكم أن الأصل في التعامل مع المصحف هو الاحترام والتقدير والمصحف المطبوع بطريقة برايل يسمى مصحفاً كما جاء في السؤال وإن كان ذلك خاص بالمكفوفين. وبناءً على اعتباره مصحفاً تثبت للمصحف المطبوع بطريقة برايل أحكام المصحف من حيث التأدب معه وحرمة امتهانه بأي شكل من الأشكال ولكن يجوز مسه لغير المتوضئ لأن الراجح من أقوال أهل العلم جواز مس المصحف لمن كان على غير طهارة وهو قول جماعة من أهل العلم كالمزني صاحب الشافعي وداود وابن حزم من أهل الظاهر والشوكاني وغيرهم، وإن كان مذهب أكثر أهل العلم هو المنع من ذلك، وقول المجيزين هذا قول قوي ولهم أدلتهم وأهمها:

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (المؤمن لا ينجس) رواه البخاري ومسلم وفي رواية في صحيح البخاري (إن المسلم).

وكذلك فإن هؤلاء العلماء قد أجابوا عن أدلة المانعين لمس المصحف إلا على طهارة كقوله تعالى {لا يمسه إلا المطهرون} سورة الواقعة الآية 79، بأن الآية الكريمة ليست في محل النزاع لأن المراد بها اللوح المحفوظ والمطهرون هم الملائكة.

ص: 35

كما احتج المانعون بما ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لا يمس القرآن إلا طاهر) رواه الدارقطني ومالك والطبراني وغيرهم وقال عنه العلامة الألباني: [وجملة القول: أن الحديث طرقه كلها لا تخلو من ضعف، ولكنه ضعف يسير إذ ليس في شيء منها من اتهم بكذب، وإنما العلة الإرسال أو سوء الحفظ، ومن المقرر في علم المصطلح أن الطرق يقوي بعضها بعضاً إذا لم يكن فيها متهم كما قرره النووي في تقريبه ثم السيوطي في شرحه، وعليه فالنفس تطمئن لصحة هذا الحديث لا سيما وقد احتج به إمام السنة أحمد بن حنبل كما سبق، وصححه أيضاً صاحبه الإمام إسحق بن راهويه] إرواء الغليل 1/ 160 - 162.

وقد أجابوا عن الاستدلال بالحديث السابق بأن الصحيح أن كلمة طاهر لفظ مشترك يطلق على المؤمن وعلى الطاهر من الحدث الأكبر وعلى الطاهر من الحدث الأصغر وعلى من ليس على بدنه نجاسة وصرفه إلى واحدٍ من هذه المعاني يحتاج إلى دليل، ولا دليل على ذلك فلا يسلم الاحتجاج به على منع غير المتوضئ من مس المصحف قال الشوكاني [والحديث يدل على أنه لا يجوز مس المصحف إلا لمن كان طاهرًا ولكن الطاهر يطلق بالاشتراك على المؤمن والطاهر من الحدث الأكبر والأصغر ومن ليس على بدنه نجاسة

ولو سلم صدق اسم الطاهر على من ليس بمحدث حدثاً أكبر أو أصغر فقد عرفت أن الراجح كون المشترك مجملاً في معانيه فلا يعين حتى يبين. وقد دل الدليل ههنا أن المراد به غيره لحديث (المؤمن لا ينجس) ولو سلم عدم وجود دليل يمنع من إرادته لكان تعيينه لمحل النزاع ترجيحاً بلا مرجح وتعيينه لجميعها استعمالاً للمشترك في جميع معانيه وفيه الخلاف ولو سلم رجحان القول بجواز الاستعمال للمشترك في جميع معانيه لما صح لوجود المانع وهو حديث (المؤمن لا ينجس).

قال السيد العلامة محمد بن إبراهيم الوزير: إن إطلاق اسم النجس على المؤمن الذي

ص: 36

ليس بطاهر من الجنابة أو الحيض أو الحدث الأصغر لا يصح لا حقيقة ولا مجازاً ولا لغة صرح بذلك في جواب سؤال ورد عليه فإن ثبت هذا فالمؤمن طاهر دائماً فلا يتناوله الحديث سواء كان جنباً أو حائضاً أو محدثاً أو على بدنه نجاسة] نيل الأوطار 1/ 243 - 244.

وبهذه المناسبة أود أن أذكر بعض الأشياء الحديثة التي لها تعلق بالمصحف: فمنها C D الأسطوانة المدمجة التي يسجل عليها القرآن الكريم فلا شك أن ما نسمعه من C D الأسطوانة المدمجة من الكلام بصوت القارىء هو القرآن الكريم ولكن هذه الأسطوانة المدمجة C D لا تأخذ نفس الحكم المتعلق بالقرآن الكريم من حيث أنه لا يجوز مسه إلا على طهارة كما هو مذهب أكثر أهل العلم بالنسبة لمس المصحف فيجوز مس C D الأسطوانة المدمجة لأن القرآن المخزن عليها ليس مخزناً بالحروف وإنما هو مخزن حسب النظام الثنائي الذي يعطي كل حرف شيفرة معينة والشيفرة مكونة من 8 خانات

إلخ ما يقوله أهل الاختصاص. ومع أن هذه الإسطوانات لا تلحق بالمصحف إلا أني أرى أنه لا يجوز امتهانها ورميها في محال القاذورات وخاصة إذا كتب عليها كلام يشير إلى أنها تحتوي على القرآن الكريم كما هو معروف ومشاهد.

ومنها أيضاً الشريط المسجل فلا أرى إلحاقه بالمصحف لأن ما هو موجود عليه ليس حروفاً ولكنه عبارة عن حفظ صوت الآدمي عن طريق ترتيب اتجاه المجالات المغناطيسية، فلذا لا يأخذ حكم المصحف ولكن لا يجوز امتهانه ورميه في محال القاذورات وخاصة إذا كتب عليه كلام يشير إلى أنه يحتوي على القرآن الكريم كما هو معروف ومشاهد حيث يكتب على الأشرطة أسماء السور وأسماء القراء.

ومنها أيضاً أجهزة الهاتف المحمول التي يخزن عليها القرآن الكريم فلا تأخذ حكم المصحف من حيث أنه لا يجوز مسها إلا على طهارة كما هو مذهب أكثر أهل العلم

ص: 37

بالنسبة لمس المصحف ولكنني أرى أنه إذا كانت كلمات القرآن ظاهرة على شاشتها فلا يجوز دخول الحمام بها لأن في ذلك نوع امتهان للمصحف. وأما إذا لم يكن شيء من القرآن مكتوب على شاشتها فلا بأس بدخول الحمام بها لأن ما فيها ليس حروف القرآن وإنما القرآن محفوظ فيها حسب النظام الثنائي الذي يعطي كل حرف شيفرة معينة والشيفرة مكونة من 8 خانات

إلخ ما يقوله أهل الاختصاص مثلما سبق في الإسطوانات. وهذه المسألة أشبه بدخول الانسان الحافظ لكتاب الله للحمام مع أن القرآن الكريم في جوفه!

وقد أفتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالسعودية بمثل ذلك كما نقله د. عمر بن محمد السبيل رحمه الله حيث قال [إذا سجل القرآن الكريم على أشرطة بمختلف أنواعها كأشرطة الكاسيت أو الفيديو، أو أقراص الدسك التي تستخدم في الكمبيوتر، أو نحوها، فإنه يجوز مسها للمحدث حدثًا أكبر أو أصغر فيما يظهر، وذلك لأن هذه الأشرطة ونحوها لا تسمى مصحفًا، لأنه لا يمكن قراءة القرآن منها مباشرة، وإنما يستمع للقرآن منها، أو يقرأ بواسطة آلاتها الخاصة بتشغيلها، لذا فإن هذه الأشرطة لا تأخذ حكم القرآن الكريم في تحريم مسه على غير طهارة، وبهذا أفتى أعضاء اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بالمملكة العربية السعودية برئاسة شيخنا العلامة عبد العزيز بن باز دون أن يعللوا للحكم، ونص الفتوى: (لا حرج في حمل أو لمس الشريط المسجل عليه القرآن لمن عليه جنابة ونحوها وبالله التوفيق]

وخلاصة الأمر أن مصحف برايل الخاص بالمكفوفين يلحق بالمصحف في أحكامه من حيث صيانته واحترامه وحرمة امتهانه

وأما C D الأسطوانة المدمجة التي يسجل عليها القرآن الكريم فلا تلحق بالمصحف وكذا الشريط المسجل عليه القرآن الكريم ولا الهاتف المحمول المخزن عليه القرآن الكريم لا تلحق بالمصحف بشكل عام.

ص: 38